دليل الكتب والمؤلفين ودور النشر والفعاليات الثقافيّة ، اقتباسات و مقتطفات من الكتب ، أقوال المؤلفين ، اقتباسات ومقاطع من الكتب مصنّفة حسب التخصص ، نصوص وصور من الكتب ، وملخصات فيديو للكتب ومراجعات وتقييمات 2026
تنبيه: متصفحك لا يدعم التثبيت على الشاشة الرئيسية.
×
❞ قلم حمرتها
حاولت أن أكون بخير ، مرات كثيرة ولكن لم أستطع ، بكل مرِّة أنقاد إلى الفراغ الذي يتسع ويأبى لروحي السلام ، أحاول النسيان وذاكرتي تنفتق كلَّ مرة مثل جرح يأبى أن يندمل ، فلا يوجد جدار ولا زاوية إلا وكان به أثرٌ من قلم حمرتها، أنا من وضع من أثره على كل جدارٍ وزاوية ، حتى الكؤوس كنت أضعها بحافظة زجاجية أتأملها بين الحين والآخر ، قلم حمرتها الذي لم يبق من إلا القليل كان موضوعاً على مرآتها التي كانت تشبه زوج الإوز ، وقفت أمامه أعاتبه ، أواسيه على مصابه ، أشكو إليه ، أحمله وأعتصره ، ألومه على خداعه لي مرة وأودُّ لو أستطيع حرقه لأنه خدعني في المرة الثانية، هكذا يمرُّ الليل ولا شيء يسكت سكونه سوى دمعة محترقة تنزل على طرف المرآة ، فإما أن ترسلني لعالم الجنون أو تقذف بروحي إلى تلك اللعبة التي كان من المفترض أن يعضَّ عليها صغيرنا ويسيل عليها من لعابه ، بين قلم حمرتها وتلك اللعبة أسقط منهاراً وتراودني نفسي بأن أحضر سكيناً وأقطع أوردتي حتى أرحل إليهما ، ربّما تكون لحظة بين اللذة والألم وربما ينفتح باب إليهما ، رجفان قلبي يمنعني ويحملني إلى ما تبقى من الماضي الذي أراه كل يوم بمخيلتي ، وأنام صريعاً بين تذكر ضحكتها وآخر أنفاسها الباردة على وجهي ، دوت صافرة سيارة الإسعاف وخلفها سيارة متهالكة تسير رغم كلِّ ألمها وتقدمها في العمر ، تحاول بكلِّ قوتها اللحاق بسيارة الإسعاف لحين وصلها باب المستشفى الذي شهد أول لقاء لنا ، كان الوقت متأخراً ليلتها ولم أستطع النوم بالرغم من أنها ليست مناوبتي ، حتى أتت تلك الأضواء من بعيد واقتربت من باب الإسعاف ، وبدأ المسعفون عملهم على وجه السرعة وأدخلوها على السرير المتحرك ، ووراءهم والداها وهم بحالة من البكاء ، ويستنجدون بكل من يروه بطريقهم لعله يستطيع إعادتها للحياة ، أما أنا فلم أكن سوى طبيب للكلى وليس لي علاقة بمثل هذه الحالات ، ولكن عندما رأيت وجهها الشاحب وشعرها الحريري الذي كان يغطي وجهها بقسوة ، يدها التي تهادت على حافة السرير كأنها يدٌ غارقة تودُّ أن ينقذها أحد ، وصوت أنين أمها جعلني لا أبدو كطبيب يداوي الكلى ، بل صرت من دون وعيٍّ ولا إدراك ، فأمسكت بالسرير وبدأت أدفع مسرعاً نحو غرفة العناية المشددة ، أصيح على الممرضات وطبيب الإسعاف وكأنها تخصني لأبعد الحدود ، ربما تصرفت حينها لدافعٍ إنساني ، وقادتني مشاعري نحو هذا التصرف ، فأنا غير مخول لهذا العمل ، وربما أعاقب على هذا ، وبين الصوتين، صوتي وصوت والدتها أتى الطبيب المختص ، وأخرجني من الغرفة بكل فظاظة ، بقيت منتظراً على الباب أرقب ما الذي سوف يحدث ، لمَ يحدث هذا وأنا طبيب اختصاصي الكلى وليس الإسعاف ، ما الذي أفعله أمام باب مريض لا أعرفه ، وبكلِّ يومٍ يمرُّ العشرات من المرضى ولا أعيرهم هذا الاهتمام ، فلي مجال محدد ولا اقترب منهم ، ممسكاً بقلم حمرتها وأنا أحاوره ، هل مرضتْ وضعف قلبها لتخدعني أيها المسكين ، أم أن الزمن رتب هذا اللقاء وأنت بريء من كل اتهاماتي لك ، فضلت الوقوف من بعيد وأنا أنتظر ذلك الطبيب الفظ ، أحاول معرفة مصيرها ، وبعد ربع ساعة خرج وأخبرهم بشيء لم أعرفه فقد كنت بعيداً ، ولكن نظرات والديها أخبراني بأنَّ حالتها قد استقرت ، أما فضولي المبالغ فيه فقد دفعني لأن أذهب لذلك الطبيب وأسأله عن حالها ، رغم معرفتي بفظاظته ، عندها رمقني بعينيه الناعسة ، وقال : ليس لك علاقة بها ، ليست مريضتك لتسأل عنها وتابع مسيره ، فتوقفت بمنتصف الممر وأنا بحالة من الصدمة من هذا التصرف ... انعكاس صورتي على مرآتها وصورتها الخالدة وهي تحوط كتفي بذراعيها الناعمتين وموضع قبلتها على كتفي أصاب قلبي بوخز عنيف ، شعور الألم هذا يجعل الراحة تتدفق وتنسل لداخل روحي ، فربما شعرت بما شعرت ، تألمت مثلما تألمت فالحب بعد الألم أكثر حناناً وأشدُّ وقعاً في النفس ، وربما مواقف الآلام توثق الحب وتجمعه بأشد الناس بعداً حتى وإن كنتَ قد فقدت اللقاء بيوم من الأيام ، وخزة آخرى تنخر قلبي وكأنها تلك الصخرة العنيدة التي سقطت على ظفر قدمي الصغير ، الذي تلون وأصبح أزرق قاتم ، وموجة البكاء التي نزلت علي جعلتها تأتي وتقف بقرب جسدي النحيل وتواسي ألمي بأن أظافرها كلها زرقاء ولا تبكي ، وأنا ظفرٌ واحدٌ وكلُّ هذا البكاء ، ضحكتها واستهزاؤها بي جعلني أدمج الضحك مع البكاء ، شقاوة أفعالها رغم صغر سنها دفعني لأن آلف الحياة أما قطعة الحلوى التي دفعتها بفمي مع موجة الضحك والبكاء وكادت أن تخنقني ليتها استمرت إلى الأبد ولم تستبدل بقلم حمرة أكاد أموت عندما أراه في نهايته ، كلانا كان وحيداً دون شريك في الحياة وربما جمعتنا سندوتشات الزعتر والجبنة أكثر من اجتماعنا مع والدينا ، جلسات اللعب في الطين والحجارة، وتلك البيوت التي بنيناها سوية ، وكم كنت أضغط على أظافري حتى تصبح بنفسجية مثل أظافرها ولكن لم تكن لتتلون بل تعود لطبيعتها ، البيت الصغير الذي بنيته لها من حجارة الطريق وأهديته لها ووعدتها بأني سوف ابني لها عمارة كبيرة ونعيش سوية لم أتصور بأن جدرانها سوف تبقى وحيدة وكلُّ واحدٍ منها سوف يحكي للآخر حكاية عنها ....كلُّ تلك الذكريات والآلام سُجنت بقلبي ووضع عليها بابٌ حديدي لم ينكن لينكسر لولا رؤيتها يوماً وأنا لا أعلم أني أراها فشعرها الذي غطى وجهها وظلمني لساعة من الزمن ، كان أضعف من الاستمرار بفعلته ، فألم حبي لها ساقني لأن آتي رغماً عني وأنظر إليها وأعرفها...إنها هي بكل تفاصيلها لم تتغير ، وعهد الفراق الذي قطعته على نفسها كسره الزمن ، قد تكون الحياة عادت إلى ذاتي حينها ، فالتي ابتعدت ورفضت القرب مني ساقها الزمن إلي ، وتلك الحجارة التي بنيتها لم تتهدم برفضها لي لأول مرة ، كبرنا سوية ، وقلبها سكن قلبي ، ولم يسمح لأحد سواها بأن ينزل به ، وهكذا استمر قلبي ينبض بها ، ويزداد دون كلمات ، إلى الليلة التي استمرت ألف ليلة فقد قررتُ خطبتها واشتريت لها الخاتم وتقدمت لها ، فما كان منها إلا رفضتني ليس لأنها لا تحبني ، بل لأن أحمر شفاهها يريد الاستمرار وقالت لن أقدر الزواج منك ، ورحلت مبتعدة تاكة كل حمم الدنيا بقلبي ، وغابت عني حتى أهلها ابتعدوا هم أيضاً لمكان لا أعرفه ، توقفت الحياة عن الحياة ، وبتُّ أعيش جسداً لا روحاً ، مكاناً لا زمن ، فأنا قطعة جسدٍ تتحرك لا أكثر ، إلي اليوم الذي رأيتها وعادت عقارب الزمن إلى العمل ، في اليوم التالي دخلت إليها عرفتها وعرفتني ، معرفة الربيع بزهره ، ومرَّ شريط حياتنا بلحظة واحدة ، وليت الزمن يتوقف ، حتى أطيل نظراتي ، أطيل حبي ، أطيل روحي أكثر وأكثر ، أستطيع النطق ، حتى هذا كان مسجوناً مكبلاً ، حتى خرجت وفكرت بأخذ مكان سكنها من الإضبارة الاي كان عليهم ملؤها.. مجرد أسبوع واحد ، سبع سنين ، سبعة قرون ، سبع أراضين كلها تعاقبت على قلبي الذي اشتاق لها ، ذهبت للغرفة الانفرداية وأخرجت ذلك الخاتم وذهبت لبيت أهلها وطلبت يدها ، وعندما وافقت ودخلت جنتها ، كأني ولدت من جديد ولم أعش سوى لحظة واحدة ، بكل ثمرها وقصورها كان حكماً عليَّ بأن أنظر إليها دون أن آكل منها ، كلُّ هذا الشوق وجنتك وهي ملك لك لا تقدر لمسها ، تقبلت حالي ورضيت بالذي قُسم لي ، فعقوبة لمسها الخروج منها ، استمر حبي وشوقي لها ، إلى اليوم الذي انهارت أسوارها وفاض شوقها وارتميت بكوثرها ، فتبرعمت أول زهرة لنا وغدت روح بداخل روحها ، هي تعلم أن انهيار أسوار جنتها يعني موتها ، ولكن فضلت موتها على وقوفي خارجها ، قلم حمرتها الذي بات بآخره لم تعد تضع منه ، لا حاجة إليه ، هي بضع نبضات لا أكثر واللون الأرجواني يزداد ويتسع لبقية جسدها ، أَمن العدل أن تموت كلُّها ، وتنهدم أسوارها لأبقى وحيداً مع قلم حمرة انتهى من خداعه لي وتستمر دائرة حوارنا كلَّ ليلة ، على سريرٍ باردٍ لا أعرف أين مكانه ، بل من الذين معي ، فأنا لا أعرف أحد ، ولا أريد إلا أن يأتي ذلك الممرض ويعطيني تلك الحبوب ويسمح لي بأن أتحرك قليلاً وأحاور قلم حمرتها.....
تأليف : إبراهيم الصعب. ❝ ⏤Ibraheem Alsaab
❞ قلم حمرتها
حاولت أن أكون بخير ، مرات كثيرة ولكن لم أستطع ، بكل مرِّة أنقاد إلى الفراغ الذي يتسع ويأبى لروحي السلام ، أحاول النسيان وذاكرتي تنفتق كلَّ مرة مثل جرح يأبى أن يندمل ، فلا يوجد جدار ولا زاوية إلا وكان به أثرٌ من قلم حمرتها، أنا من وضع من أثره على كل جدارٍ وزاوية ، حتى الكؤوس كنت أضعها بحافظة زجاجية أتأملها بين الحين والآخر ، قلم حمرتها الذي لم يبق من إلا القليل كان موضوعاً على مرآتها التي كانت تشبه زوج الإوز ، وقفت أمامه أعاتبه ، أواسيه على مصابه ، أشكو إليه ، أحمله وأعتصره ، ألومه على خداعه لي مرة وأودُّ لو أستطيع حرقه لأنه خدعني في المرة الثانية، هكذا يمرُّ الليل ولا شيء يسكت سكونه سوى دمعة محترقة تنزل على طرف المرآة ، فإما أن ترسلني لعالم الجنون أو تقذف بروحي إلى تلك اللعبة التي كان من المفترض أن يعضَّ عليها صغيرنا ويسيل عليها من لعابه ، بين قلم حمرتها وتلك اللعبة أسقط منهاراً وتراودني نفسي بأن أحضر سكيناً وأقطع أوردتي حتى أرحل إليهما ، ربّما تكون لحظة بين اللذة والألم وربما ينفتح باب إليهما ، رجفان قلبي يمنعني ويحملني إلى ما تبقى من الماضي الذي أراه كل يوم بمخيلتي ، وأنام صريعاً بين تذكر ضحكتها وآخر أنفاسها الباردة على وجهي ، دوت صافرة سيارة الإسعاف وخلفها سيارة متهالكة تسير رغم كلِّ ألمها وتقدمها في العمر ، تحاول بكلِّ قوتها اللحاق بسيارة الإسعاف لحين وصلها باب المستشفى الذي شهد أول لقاء لنا ، كان الوقت متأخراً ليلتها ولم أستطع النوم بالرغم من أنها ليست مناوبتي ، حتى أتت تلك الأضواء من بعيد واقتربت من باب الإسعاف ، وبدأ المسعفون عملهم على وجه السرعة وأدخلوها على السرير المتحرك ، ووراءهم والداها وهم بحالة من البكاء ، ويستنجدون بكل من يروه بطريقهم لعله يستطيع إعادتها للحياة ، أما أنا فلم أكن سوى طبيب للكلى وليس لي علاقة بمثل هذه الحالات ، ولكن عندما رأيت وجهها الشاحب وشعرها الحريري الذي كان يغطي وجهها بقسوة ، يدها التي تهادت على حافة السرير كأنها يدٌ غارقة تودُّ أن ينقذها أحد ، وصوت أنين أمها جعلني لا أبدو كطبيب يداوي الكلى ، بل صرت من دون وعيٍّ ولا إدراك ، فأمسكت بالسرير وبدأت أدفع مسرعاً نحو غرفة العناية المشددة ، أصيح على الممرضات وطبيب الإسعاف وكأنها تخصني لأبعد الحدود ، ربما تصرفت حينها لدافعٍ إنساني ، وقادتني مشاعري نحو هذا التصرف ، فأنا غير مخول لهذا العمل ، وربما أعاقب على هذا ، وبين الصوتين، صوتي وصوت والدتها أتى الطبيب المختص ، وأخرجني من الغرفة بكل فظاظة ، بقيت منتظراً على الباب أرقب ما الذي سوف يحدث ، لمَ يحدث هذا وأنا طبيب اختصاصي الكلى وليس الإسعاف ، ما الذي أفعله أمام باب مريض لا أعرفه ، وبكلِّ يومٍ يمرُّ العشرات من المرضى ولا أعيرهم هذا الاهتمام ، فلي مجال محدد ولا اقترب منهم ، ممسكاً بقلم حمرتها وأنا أحاوره ، هل مرضتْ وضعف قلبها لتخدعني أيها المسكين ، أم أن الزمن رتب هذا اللقاء وأنت بريء من كل اتهاماتي لك ، فضلت الوقوف من بعيد وأنا أنتظر ذلك الطبيب الفظ ، أحاول معرفة مصيرها ، وبعد ربع ساعة خرج وأخبرهم بشيء لم أعرفه فقد كنت بعيداً ، ولكن نظرات والديها أخبراني بأنَّ حالتها قد استقرت ، أما فضولي المبالغ فيه فقد دفعني لأن أذهب لذلك الطبيب وأسأله عن حالها ، رغم معرفتي بفظاظته ، عندها رمقني بعينيه الناعسة ، وقال : ليس لك علاقة بها ، ليست مريضتك لتسأل عنها وتابع مسيره ، فتوقفت بمنتصف الممر وأنا بحالة من الصدمة من هذا التصرف .. انعكاس صورتي على مرآتها وصورتها الخالدة وهي تحوط كتفي بذراعيها الناعمتين وموضع قبلتها على كتفي أصاب قلبي بوخز عنيف ، شعور الألم هذا يجعل الراحة تتدفق وتنسل لداخل روحي ، فربما شعرت بما شعرت ، تألمت مثلما تألمت فالحب بعد الألم أكثر حناناً وأشدُّ وقعاً في النفس ، وربما مواقف الآلام توثق الحب وتجمعه بأشد الناس بعداً حتى وإن كنتَ قد فقدت اللقاء بيوم من الأيام ، وخزة آخرى تنخر قلبي وكأنها تلك الصخرة العنيدة التي سقطت على ظفر قدمي الصغير ، الذي تلون وأصبح أزرق قاتم ، وموجة البكاء التي نزلت علي جعلتها تأتي وتقف بقرب جسدي النحيل وتواسي ألمي بأن أظافرها كلها زرقاء ولا تبكي ، وأنا ظفرٌ واحدٌ وكلُّ هذا البكاء ، ضحكتها واستهزاؤها بي جعلني أدمج الضحك مع البكاء ، شقاوة أفعالها رغم صغر سنها دفعني لأن آلف الحياة أما قطعة الحلوى التي دفعتها بفمي مع موجة الضحك والبكاء وكادت أن تخنقني ليتها استمرت إلى الأبد ولم تستبدل بقلم حمرة أكاد أموت عندما أراه في نهايته ، كلانا كان وحيداً دون شريك في الحياة وربما جمعتنا سندوتشات الزعتر والجبنة أكثر من اجتماعنا مع والدينا ، جلسات اللعب في الطين والحجارة، وتلك البيوت التي بنيناها سوية ، وكم كنت أضغط على أظافري حتى تصبح بنفسجية مثل أظافرها ولكن لم تكن لتتلون بل تعود لطبيعتها ، البيت الصغير الذي بنيته لها من حجارة الطريق وأهديته لها ووعدتها بأني سوف ابني لها عمارة كبيرة ونعيش سوية لم أتصور بأن جدرانها سوف تبقى وحيدة وكلُّ واحدٍ منها سوف يحكي للآخر حكاية عنها ..كلُّ تلك الذكريات والآلام سُجنت بقلبي ووضع عليها بابٌ حديدي لم ينكن لينكسر لولا رؤيتها يوماً وأنا لا أعلم أني أراها فشعرها الذي غطى وجهها وظلمني لساعة من الزمن ، كان أضعف من الاستمرار بفعلته ، فألم حبي لها ساقني لأن آتي رغماً عني وأنظر إليها وأعرفها..إنها هي بكل تفاصيلها لم تتغير ، وعهد الفراق الذي قطعته على نفسها كسره الزمن ، قد تكون الحياة عادت إلى ذاتي حينها ، فالتي ابتعدت ورفضت القرب مني ساقها الزمن إلي ، وتلك الحجارة التي بنيتها لم تتهدم برفضها لي لأول مرة ، كبرنا سوية ، وقلبها سكن قلبي ، ولم يسمح لأحد سواها بأن ينزل به ، وهكذا استمر قلبي ينبض بها ، ويزداد دون كلمات ، إلى الليلة التي استمرت ألف ليلة فقد قررتُ خطبتها واشتريت لها الخاتم وتقدمت لها ، فما كان منها إلا رفضتني ليس لأنها لا تحبني ، بل لأن أحمر شفاهها يريد الاستمرار وقالت لن أقدر الزواج منك ، ورحلت مبتعدة تاكة كل حمم الدنيا بقلبي ، وغابت عني حتى أهلها ابتعدوا هم أيضاً لمكان لا أعرفه ، توقفت الحياة عن الحياة ، وبتُّ أعيش جسداً لا روحاً ، مكاناً لا زمن ، فأنا قطعة جسدٍ تتحرك لا أكثر ، إلي اليوم الذي رأيتها وعادت عقارب الزمن إلى العمل ، في اليوم التالي دخلت إليها عرفتها وعرفتني ، معرفة الربيع بزهره ، ومرَّ شريط حياتنا بلحظة واحدة ، وليت الزمن يتوقف ، حتى أطيل نظراتي ، أطيل حبي ، أطيل روحي أكثر وأكثر ، أستطيع النطق ، حتى هذا كان مسجوناً مكبلاً ، حتى خرجت وفكرت بأخذ مكان سكنها من الإضبارة الاي كان عليهم ملؤها. مجرد أسبوع واحد ، سبع سنين ، سبعة قرون ، سبع أراضين كلها تعاقبت على قلبي الذي اشتاق لها ، ذهبت للغرفة الانفرداية وأخرجت ذلك الخاتم وذهبت لبيت أهلها وطلبت يدها ، وعندما وافقت ودخلت جنتها ، كأني ولدت من جديد ولم أعش سوى لحظة واحدة ، بكل ثمرها وقصورها كان حكماً عليَّ بأن أنظر إليها دون أن آكل منها ، كلُّ هذا الشوق وجنتك وهي ملك لك لا تقدر لمسها ، تقبلت حالي ورضيت بالذي قُسم لي ، فعقوبة لمسها الخروج منها ، استمر حبي وشوقي لها ، إلى اليوم الذي انهارت أسوارها وفاض شوقها وارتميت بكوثرها ، فتبرعمت أول زهرة لنا وغدت روح بداخل روحها ، هي تعلم أن انهيار أسوار جنتها يعني موتها ، ولكن فضلت موتها على وقوفي خارجها ، قلم حمرتها الذي بات بآخره لم تعد تضع منه ، لا حاجة إليه ، هي بضع نبضات لا أكثر واللون الأرجواني يزداد ويتسع لبقية جسدها ، أَمن العدل أن تموت كلُّها ، وتنهدم أسوارها لأبقى وحيداً مع قلم حمرة انتهى من خداعه لي وتستمر دائرة حوارنا كلَّ ليلة ، على سريرٍ باردٍ لا أعرف أين مكانه ، بل من الذين معي ، فأنا لا أعرف أحد ، ولا أريد إلا أن يأتي ذلك الممرض ويعطيني تلك الحبوب ويسمح لي بأن أتحرك قليلاً وأحاور قلم حمرتها...
تأليف : إبراهيم الصعب. ❝
❞ لم يكن لي ذنب فيما حدث ، فأنا لست تلك الشمس التي أخذت ظلها ، ولست شجرة الكرز التي أسقطت الريح زهرها ، فأنا لست سوى روح معذبة تأمل اللقاء والموعد كل يوم ، الموعد الذي آمل أن يأتي دوره على صحيفة المواعيد ، فهل للحب أن يأخذ موعداً مسبقاً فيصبح دون خير فيه ، دعيه كالموت سيدتي .. كالميلاد يأتي من دون ميعاد ، فلا تجعلي للحب موعداً فيموت قلبي قبل موعده. ❝
من كتابي وجدانيات الروح. ❝ ⏤Ibraheem Alsaab
❞ لم يكن لي ذنب فيما حدث ، فأنا لست تلك الشمس التي أخذت ظلها ، ولست شجرة الكرز التي أسقطت الريح زهرها ، فأنا لست سوى روح معذبة تأمل اللقاء والموعد كل يوم ، الموعد الذي آمل أن يأتي دوره على صحيفة المواعيد ، فهل للحب أن يأخذ موعداً مسبقاً فيصبح دون خير فيه ، دعيه كالموت سيدتي . كالميلاد يأتي من دون ميعاد ، فلا تجعلي للحب موعداً فيموت قلبي قبل موعده. ❝
من كتابي وجدانيات الروح. ❝
❞ إنَّ أيَّ علاقة بين زوجين اثنين يحكمها العطاء ، فإن كان العطاء هو الجسد يعيشان حياة الفطرة لا أكثر ، وإن كان لأحدهما قلب فيعيش حياة الياسمين المعذب ، يفوح عطره في الليل ويختفي في النهار ، وإن كان كان العطاء هو الروح والجسد يعيشان حياة الجنة على ظهر الأرض. ❝ ⏤Ibraheem Alsaab
❞ إنَّ أيَّ علاقة بين زوجين اثنين يحكمها العطاء ، فإن كان العطاء هو الجسد يعيشان حياة الفطرة لا أكثر ، وإن كان لأحدهما قلب فيعيش حياة الياسمين المعذب ، يفوح عطره في الليل ويختفي في النهار ، وإن كان كان العطاء هو الروح والجسد يعيشان حياة الجنة على ظهر الأرض. ❝