❞ \"قناع وراءه كذبة\"🎭
لا تدري أي القناعين يرتديه الشخص الذي أمامك، ليس كل مَن حولك يحبك بصدق ويتمنى لكَ الخير، وراء كل قناع وراءه ضغينة لك ولكنه أمامك يمثل أنه يحبك، الخبيث لا يؤتمن حتى في صداقته يا صديقي.
مِن المحتمل أنك لا ترى نوايا الآخرين ولكنهم سُمٌ مستتر، لا تأمن لأحد كل الأمان؛ هناك وجوه متقلبة تتمنى لكَ أن تقع لعلَّها تغلق عليك الحفرة لأنها لا تريدك، وبداخلهم مكرٌ دفين وراء مظاهر يكسوها رياءٌ لا تُدركه أنت، فلا يغرنَّكَ قناعهم المزيف، ولا يَعمي عيناك نواياهم الغامضة.
ولكن لا تنسَ أن ليس كل الناس سواسية؛ هناكَ أيضًا مَن كان حبهم لكَ صادقًا.
للكاتبة: فاطمة عبدالرحيم📌. ❝ ⏤فاطمة عبدالرحيم
❞ ˝قناع وراءه كذبة˝🎭
لا تدري أي القناعين يرتديه الشخص الذي أمامك، ليس كل مَن حولك يحبك بصدق ويتمنى لكَ الخير، وراء كل قناع وراءه ضغينة لك ولكنه أمامك يمثل أنه يحبك، الخبيث لا يؤتمن حتى في صداقته يا صديقي.
مِن المحتمل أنك لا ترى نوايا الآخرين ولكنهم سُمٌ مستتر، لا تأمن لأحد كل الأمان؛ هناك وجوه متقلبة تتمنى لكَ أن تقع لعلَّها تغلق عليك الحفرة لأنها لا تريدك، وبداخلهم مكرٌ دفين وراء مظاهر يكسوها رياءٌ لا تُدركه أنت، فلا يغرنَّكَ قناعهم المزيف، ولا يَعمي عيناك نواياهم الغامضة.
ولكن لا تنسَ أن ليس كل الناس سواسية؛ هناكَ أيضًا مَن كان حبهم لكَ صادقًا.
للكاتبة: فاطمة عبدالرحيم📌. ❝
❞ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4)
قوله تعالى : إذ قال يوسف لأبيه ياأبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين قوله تعالى : إذ قال يوسف إذ في موضع نصب على الظرف ; أي اذكر لهم حين قال يوسف . وقراءة العامة بضم السين . وقرأ طلحة بن مصرف " يؤسف " بالهمزة وكسر السين . وحكى أبو زيد : " يؤسف " بالهمزة وفتح السين . ولم ينصرف لأنه أعجمي ; وقيل : هو عربي .
وسئل أبو الحسن الأقطع - وكان حكيما - عن " يوسف " فقال : الأسف في اللغة الحزن ; والأسيف العبد ، وقد اجتمعا في يوسف ; فلذلك سمي يوسف .
" لأبيه يا أبت " بكسر التاء قراءة أبي عمرو وعاصم ونافع وحمزة والكسائي ، وهي عند البصريين علامة التأنيث أدخلت على الأب في النداء خاصة بدلا من ياء الإضافة ، وقد تدخل علامة التأنيث على المذكر فيقال : رجل نكحة وهزأة ; قال النحاس : إذا قلت يا أبت بكسر التاء فالتاء عند سيبويه بدل من ياء الإضافة ; ولا يجوز على قوله الوقف إلا بالهاء ، وله على قوله دلائل : منها - أن قولك : " يا أبه " يؤدي عن معنى " يا أبي " ; وأنه لا يقال : يا أبت إلا في المعرفة ; ولا يقال : جاءني أبت ، ولا تستعمل العرب هذا إلا في النداء خاصة ، ولا يقال : " يا أبتي " لأن التاء بدل من الياء فلا يجمع بينهما . وزعم الفراء أنه إذا قال : " يا أبت " فكسر دل على الياء لا غير ; لأن الياء في النية . وزعم أبو إسحاق أن هذا خطأ ، والحق ما قال ، كيف تكون الياء في النية وليس يقال : " يا أبتي " ؟ وقرأ أبو جعفر والأعرج وعبد الله بن عامر " يا أبت " بفتح التاء ; قال البصريون : أرادوا " يا أبتي " بالياء ، ثم أبدلت الياء ألفا فصارت " يا أبتا " فحذفت الألف وبقيت الفتحة على التاء . وقيل : الأصل الكسر ، ثم أبدل من الكسرة فتحة ، كما يبدل من الياء ألف فيقال : يا غلاما أقبل . وأجاز الفراء " يا أبت " بضم التاء .
إني رأيت أحد عشر كوكبا ليس بين النحويين اختلاف أنه يقال : جاءني أحد عشر ، ورأيت ومررت بأحد عشر ، وكذلك ثلاثة عشر وتسعة عشر وما بينهما ; جعلوا الاسمين اسما واحدا وأعربوهما بأخف الحركات . قال السهيلي : أسماء هذه الكواكب جاء ذكرها مسندا ; رواه الحارث بن أبي أسامة قال : جاء بستانة - وهو رجل من أهل الكتاب - فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الأحد عشر كوكبا الذي رأى يوسف فقال : ( الحرثان والطارق والذيال وقابس والمصبح والضروح وذو الكنفات وذو القرع والفليق ووثاب والعمودان ; رآها يوسف - عليه السلام - تسجد له ) . قال ابن عباس وقتادة : الكواكب إخوته ، والشمس أمه ، والقمر أبوه . وقال قتادة أيضا : الشمس خالته ، لأن أمه كانت قد ماتت ، وكانت خالته تحت أبيه .
" رأيتهم " توكيد . وقال : رأيتهم لي ساجدين فجاء مذكرا ; فالقول عند الخليل وسيبويه أنه لما أخبر عن هذه الأشياء بالطاعة والسجود وهما من أفعال من يعقل أخبر عنها كما يخبر عمن يعقل . وقد تقدم هذا المعنى في قوله : وتراهم ينظرون إليك . والعرب تجمع ما لا يعقل جمع من يعقل إذا أنزلوه منزلته ، وإن كان خارجا عن الأصل .. ❝ ⏤محمد رشيد رضا
❞ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4)
قوله تعالى : إذ قال يوسف لأبيه ياأبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين قوله تعالى : إذ قال يوسف إذ في موضع نصب على الظرف ; أي اذكر لهم حين قال يوسف . وقراءة العامة بضم السين . وقرأ طلحة بن مصرف ˝ يؤسف ˝ بالهمزة وكسر السين . وحكى أبو زيد : ˝ يؤسف ˝ بالهمزة وفتح السين . ولم ينصرف لأنه أعجمي ; وقيل : هو عربي .
وسئل أبو الحسن الأقطع - وكان حكيما - عن ˝ يوسف ˝ فقال : الأسف في اللغة الحزن ; والأسيف العبد ، وقد اجتمعا في يوسف ; فلذلك سمي يوسف .
˝ لأبيه يا أبت ˝ بكسر التاء قراءة أبي عمرو وعاصم ونافع وحمزة والكسائي ، وهي عند البصريين علامة التأنيث أدخلت على الأب في النداء خاصة بدلا من ياء الإضافة ، وقد تدخل علامة التأنيث على المذكر فيقال : رجل نكحة وهزأة ; قال النحاس : إذا قلت يا أبت بكسر التاء فالتاء عند سيبويه بدل من ياء الإضافة ; ولا يجوز على قوله الوقف إلا بالهاء ، وله على قوله دلائل : منها - أن قولك : ˝ يا أبه ˝ يؤدي عن معنى ˝ يا أبي ˝ ; وأنه لا يقال : يا أبت إلا في المعرفة ; ولا يقال : جاءني أبت ، ولا تستعمل العرب هذا إلا في النداء خاصة ، ولا يقال : ˝ يا أبتي ˝ لأن التاء بدل من الياء فلا يجمع بينهما . وزعم الفراء أنه إذا قال : ˝ يا أبت ˝ فكسر دل على الياء لا غير ; لأن الياء في النية . وزعم أبو إسحاق أن هذا خطأ ، والحق ما قال ، كيف تكون الياء في النية وليس يقال : ˝ يا أبتي ˝ ؟ وقرأ أبو جعفر والأعرج وعبد الله بن عامر ˝ يا أبت ˝ بفتح التاء ; قال البصريون : أرادوا ˝ يا أبتي ˝ بالياء ، ثم أبدلت الياء ألفا فصارت ˝ يا أبتا ˝ فحذفت الألف وبقيت الفتحة على التاء . وقيل : الأصل الكسر ، ثم أبدل من الكسرة فتحة ، كما يبدل من الياء ألف فيقال : يا غلاما أقبل . وأجاز الفراء ˝ يا أبت ˝ بضم التاء .
إني رأيت أحد عشر كوكبا ليس بين النحويين اختلاف أنه يقال : جاءني أحد عشر ، ورأيت ومررت بأحد عشر ، وكذلك ثلاثة عشر وتسعة عشر وما بينهما ; جعلوا الاسمين اسما واحدا وأعربوهما بأخف الحركات . قال السهيلي : أسماء هذه الكواكب جاء ذكرها مسندا ; رواه الحارث بن أبي أسامة قال : جاء بستانة - وهو رجل من أهل الكتاب - فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الأحد عشر كوكبا الذي رأى يوسف فقال : ( الحرثان والطارق والذيال وقابس والمصبح والضروح وذو الكنفات وذو القرع والفليق ووثاب والعمودان ; رآها يوسف - عليه السلام - تسجد له ) . قال ابن عباس وقتادة : الكواكب إخوته ، والشمس أمه ، والقمر أبوه . وقال قتادة أيضا : الشمس خالته ، لأن أمه كانت قد ماتت ، وكانت خالته تحت أبيه .
˝ رأيتهم ˝ توكيد . وقال : رأيتهم لي ساجدين فجاء مذكرا ; فالقول عند الخليل وسيبويه أنه لما أخبر عن هذه الأشياء بالطاعة والسجود وهما من أفعال من يعقل أخبر عنها كما يخبر عمن يعقل . وقد تقدم هذا المعنى في قوله : وتراهم ينظرون إليك . والعرب تجمع ما لا يعقل جمع من يعقل إذا أنزلوه منزلته ، وإن كان خارجا عن الأصل. ❝
❞ أفرغ الرجل كأس الخمر الرديئة في جوفه و شرع يبكي و يتمتم نادماَ .. تُبت إليك يا رب .. لا أعود إلى شربها أبداً أعاهدك و أستغفرك ..
و بعد لحظات كان يملأ كأساً أخرى ليلقيها في جوفه ليعود فيستفغر باكيا مغمغماً .. سامحني يا رب .. هذه اخر مرة .. تبت إليك و رجعت إليك و أنبت إليك ..
ثم ما تلبث الغفلة أن تسيطر عليه و يعاوده ضعفه فيغالبه فيغلبه فينكب على كأس أخرى .. ثم يعود فيقف تائباً باكياً بالباب .
ذلك هو الشيخ مبروك .. و كانوا يسمونه " الشيخ " من باب السخرية بحاله .
ستون سنة و لكن هيكله المضعضع يوحي بأنه جاوز المائة .. جاء إلى الدنيا لقيطاً ملقى على الرصيف في لفة و قضى صباه في ملجأ للأيتام ثم في سجن للأحداث .
لم يدع منكراً إلا قارفه و لا مخاضة أو حال إلا انغرس فيها .
كان يخرج من سجن ليدخل سجناً و يخرج من تخشيبة ليلقى في تخشيبة و انتهى حاله إلى ان أصبح حارساً في قرافة ..
ينام و يأكل و يشرب و يسكن مع الموتى .. يحرس القبور نهاراً ثم يعود فينبشها ليلا ليبيع الجثث لطلبة الطب في مقابل جنيهات قليلة يسكر بها .
ذلك هو " الشيخ مبروك " صاحب ملف السوابق الحافل . و لكنه طراز خاص من المجرمين ..كان مجرما " غلباناً " دائم البكاء دائم الندم منكسر الوجه إلى الأرض يلازمه الشعور بأنه حشرة و بأنه لا يستحق شعاع الشمس الذي يطلعه الله عليه و لا نسمة الهواء التي يتنفسها و لا اللقمة الجافة التي يأكلها .
و لم يكن يرتكب ذنباً إلا كانت وراءه ضرورة ملحة تدفعه .. و حياته كلها كانت محاولة مستمرة للاستقامة دون جدوي . فهو يغالب طبعه و طبعه يغلبه . و يغالب ضعفه و ضعفه يغلبه . ثم يبكي في النهاية و يشعر بالخزي و الهوان . و يحاول أن ينسي ذلك الهوان بالشرب فيزداد بالشرب هوانا .
يشعر دائماً ان الله يراه .. و لا يدري من أين يأتيه ذلك الشعور .. و لا كيف يفعل ما يفعل أمام عين الله التي لا تنام .
شعوره الدائم الذي لا يفارقه هو الإشمئزاز من نفسه . و هو شعور ملازم له كالتنفس لا خلاص منه .. و كأنه صرصور غارق في مستنقع من الصمف كلما حاول الخلاص ازداد غرقا . لا ينجيه من الموت يأسا إلا إيمانه بأن ذنوبه مهما عظمت فإن عفو الله اعظم ..
و إن الله لا تنفعه طاعتنا و لا تضره ذنوبنا .. فهو غني بنفسه عن العالمين .. و هو الذي وسع كل شيء رحمة و علما .. و هو الوهاب الذي لا يحتاج لأحد .
لا يكف عن البكاء .
و لا يكف عن الوقوف بباب الرحمة و إن كان يشعر بأن يديه ملطختان بالآثام .. يعرف الناس تاريخه ويسخرون منه و لكنهم يعطفون عليه .. و البعض يقول له .. ادع لنا يا شيخ مبروك فيقول لهم .. يدعو لكم الشيخ مبروك .. و لكن لا أنا شيخ و لا أنا مبروك و يبكي و يمد يده المرتجفة تحت جلبابه ليخرج الزجاجة فيشربها ممزوجة بدموعه ثم يمضي يحث الخطى لائذاً بالجدران منكس الوجه إلى الارض ليختفي في ظلمة المقابر .. و هو يستغفر و يطلب العفو .
و اليوم كان على الشيخ مبروك أن يفتح حوش الحاج إبراهيم للمرة الخامسة ليلتقي الإبن الخامس للحاج .. تلك القصة التي كانت تتكرر كل عام .. كلما أنجب الحاج إبنا شق له لحداً .
و كان قلب الشيخ مبروك ينفطر حزناً على ذلك الأب الواله الغارق في دموعه .
قال الحاج و هو يبكي :
ذلك هو إبني الخامس .. بنتي الوحيده أصابها شلل الأطفال من شهور و أصبحت كسيحة تتحرك على كرسي بعجلات .. و بالأمس قال الطبيب .. إنه لا فائدة .. تآكلت جذور الأعصاب و لم يعد ينفع طب و لا دواء .. عن قريب نشق لها لحداً آخرا يا شيخ مبروك .. عن قريب آتي بها إليك محمولة .. يا رب رجمتك .
و ألقى الرجل بنفسه على صدر الشيخ مبروك وراح يبكي و ينهنه كطفل يتيم .
قال الحاج في دموعه :
أدع لها بالشفاء يا شيخ مبروك .. لعل الله يشفيها بدعوتك ..
قال الشيخ مبروك و الخزي يملأ نبراته :
أنت اولى بالدعوة يا حاج .. أنت حجيت بيت الله .. و زرت النبي .. أما أنا فحجي كان إلي السجون و زياراتى للملاجئ و الأحداث و حظى من تقوى الله هو ما تري .. فكيف أجرؤ أن أرفع وجهى إليه بدعاء .
فعاد الحاج يقول باكيا :
بُحَّ صوتي بالدعاء و جاهدت نفسي صلاة و صوما فما استمعت السماء لدعائي ..
ادع لها انت يا شيخ مبروك فالله رب قلوب .. بحق الله ادع لها ولاتخيب رجاء اب ملكوم .
فرفع الشيخ مبروك يديه إلي السماء واجماً خزيان وتوجه إلي الله بتظرات خجلى وتمتم بدعوى مخضلة بالدمع متهدجة بالانكسار:
يا رب اشفها لا شاف سواك و عافها فلا معاف سواك .. و بكى الرجلان كما لم يبكيا منذ وُلِدا .
و في اليوم التالي شهدت القرافة الحاج ابراهيم يبحث عن الشيخ مبروك .. و يفتش عنه كالمجنون و هويقول لكل من يلقاه :أين الشيخ مبروك ؟ .. أين الشيخ مبروك دلوني على مكانه .. بنتي شفيت من الشلل .. قامت من كرسيها و مشت وحدها و قال الدكتور هي معجزة.أين الشيخ مبروك .. أين أجد الشيخ مبروك .
و لكن الشيخ مبروك كان قد مات و لقى ربه في فجر ذلك اليوم و دفن حيث لفظ أنفاسه و هو يتمتم باكياً كعادته كلما وضع خده لينام .
رب اغفر لي فمن يغفر الذنوب إلا انت .
رب إن ذنوبي و إن كثرت فانها لن تضرك و طاعاتي و ان كثرت فانها لن تنفعك فانت الغني عن العالمين .
رب مهما عظمت ذنوبي فان عفوك أعظم و مهما كبرت آثامي فان إحسانك أكبر .
سبحانك وسعت كل شيء رحمة و علما .. فارحم ضعفي وعجزي وفاقتي و انت القائل : " وَ خُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا " (28) النساء
رب اقبلني من المنكسرين الخائفين المشفقين الوجلين ..
يا رب انت الرب و انا العبد .. انت الوجود و انا العدم .. سبحانك لا أملك من نفسي شيئا و لا املك لنفسي شيئا.رب اسلمت نفسي اليك .. و أسلمت ضعفي اليك .. و أسلمت حقيقتي اليك .. و اسلمت ارادتى اليك .. و أسلمت روحى إليك .. لا حول و لا قوة إلا بكك .. بك أحيا و بك أموت و بك أُبعَث .. و بك أنال المغفرة و بك أدخل الجنة .
و طلع فجر ذلك اليوم معه آخر أنفاس الشيخ مبروك يسلمها إلي ربه .
و انتهت قصة رجل من الخطائين كان أقرب إلي الله من كثير من الطائعين من أهل الغرور بطاعتهم .
رجل غفر الله له لأنه عرف مقامه .. و كانت حياته كلها إنحناءً و إنكساراً و دخولاً من الباب الضيق .
قصة / المبروك
من كتاب / نقطة الغليان
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ أفرغ الرجل كأس الخمر الرديئة في جوفه و شرع يبكي و يتمتم نادماَ . تُبت إليك يا رب . لا أعود إلى شربها أبداً أعاهدك و أستغفرك .
و بعد لحظات كان يملأ كأساً أخرى ليلقيها في جوفه ليعود فيستفغر باكيا مغمغماً . سامحني يا رب . هذه اخر مرة . تبت إليك و رجعت إليك و أنبت إليك .
ثم ما تلبث الغفلة أن تسيطر عليه و يعاوده ضعفه فيغالبه فيغلبه فينكب على كأس أخرى . ثم يعود فيقف تائباً باكياً بالباب .
ذلك هو الشيخ مبروك . و كانوا يسمونه ˝ الشيخ ˝ من باب السخرية بحاله .
ستون سنة و لكن هيكله المضعضع يوحي بأنه جاوز المائة . جاء إلى الدنيا لقيطاً ملقى على الرصيف في لفة و قضى صباه في ملجأ للأيتام ثم في سجن للأحداث .
لم يدع منكراً إلا قارفه و لا مخاضة أو حال إلا انغرس فيها .
كان يخرج من سجن ليدخل سجناً و يخرج من تخشيبة ليلقى في تخشيبة و انتهى حاله إلى ان أصبح حارساً في قرافة .
ينام و يأكل و يشرب و يسكن مع الموتى . يحرس القبور نهاراً ثم يعود فينبشها ليلا ليبيع الجثث لطلبة الطب في مقابل جنيهات قليلة يسكر بها .
ذلك هو ˝ الشيخ مبروك ˝ صاحب ملف السوابق الحافل . و لكنه طراز خاص من المجرمين .كان مجرما ˝ غلباناً ˝ دائم البكاء دائم الندم منكسر الوجه إلى الأرض يلازمه الشعور بأنه حشرة و بأنه لا يستحق شعاع الشمس الذي يطلعه الله عليه و لا نسمة الهواء التي يتنفسها و لا اللقمة الجافة التي يأكلها .
و لم يكن يرتكب ذنباً إلا كانت وراءه ضرورة ملحة تدفعه . و حياته كلها كانت محاولة مستمرة للاستقامة دون جدوي . فهو يغالب طبعه و طبعه يغلبه . و يغالب ضعفه و ضعفه يغلبه . ثم يبكي في النهاية و يشعر بالخزي و الهوان . و يحاول أن ينسي ذلك الهوان بالشرب فيزداد بالشرب هوانا .
يشعر دائماً ان الله يراه . و لا يدري من أين يأتيه ذلك الشعور . و لا كيف يفعل ما يفعل أمام عين الله التي لا تنام .
شعوره الدائم الذي لا يفارقه هو الإشمئزاز من نفسه . و هو شعور ملازم له كالتنفس لا خلاص منه . و كأنه صرصور غارق في مستنقع من الصمف كلما حاول الخلاص ازداد غرقا . لا ينجيه من الموت يأسا إلا إيمانه بأن ذنوبه مهما عظمت فإن عفو الله اعظم .
و إن الله لا تنفعه طاعتنا و لا تضره ذنوبنا . فهو غني بنفسه عن العالمين . و هو الذي وسع كل شيء رحمة و علما . و هو الوهاب الذي لا يحتاج لأحد .
لا يكف عن البكاء .
و لا يكف عن الوقوف بباب الرحمة و إن كان يشعر بأن يديه ملطختان بالآثام . يعرف الناس تاريخه ويسخرون منه و لكنهم يعطفون عليه . و البعض يقول له . ادع لنا يا شيخ مبروك فيقول لهم . يدعو لكم الشيخ مبروك . و لكن لا أنا شيخ و لا أنا مبروك و يبكي و يمد يده المرتجفة تحت جلبابه ليخرج الزجاجة فيشربها ممزوجة بدموعه ثم يمضي يحث الخطى لائذاً بالجدران منكس الوجه إلى الارض ليختفي في ظلمة المقابر . و هو يستغفر و يطلب العفو .
و اليوم كان على الشيخ مبروك أن يفتح حوش الحاج إبراهيم للمرة الخامسة ليلتقي الإبن الخامس للحاج . تلك القصة التي كانت تتكرر كل عام . كلما أنجب الحاج إبنا شق له لحداً .
و كان قلب الشيخ مبروك ينفطر حزناً على ذلك الأب الواله الغارق في دموعه .
قال الحاج و هو يبكي :
ذلك هو إبني الخامس . بنتي الوحيده أصابها شلل الأطفال من شهور و أصبحت كسيحة تتحرك على كرسي بعجلات . و بالأمس قال الطبيب . إنه لا فائدة . تآكلت جذور الأعصاب و لم يعد ينفع طب و لا دواء . عن قريب نشق لها لحداً آخرا يا شيخ مبروك . عن قريب آتي بها إليك محمولة . يا رب رجمتك .
و ألقى الرجل بنفسه على صدر الشيخ مبروك وراح يبكي و ينهنه كطفل يتيم .
قال الحاج في دموعه :
أدع لها بالشفاء يا شيخ مبروك . لعل الله يشفيها بدعوتك .
قال الشيخ مبروك و الخزي يملأ نبراته :
أنت اولى بالدعوة يا حاج . أنت حجيت بيت الله . و زرت النبي . أما أنا فحجي كان إلي السجون و زياراتى للملاجئ و الأحداث و حظى من تقوى الله هو ما تري . فكيف أجرؤ أن أرفع وجهى إليه بدعاء .
فعاد الحاج يقول باكيا :
بُحَّ صوتي بالدعاء و جاهدت نفسي صلاة و صوما فما استمعت السماء لدعائي .
ادع لها انت يا شيخ مبروك فالله رب قلوب . بحق الله ادع لها ولاتخيب رجاء اب ملكوم .
فرفع الشيخ مبروك يديه إلي السماء واجماً خزيان وتوجه إلي الله بتظرات خجلى وتمتم بدعوى مخضلة بالدمع متهدجة بالانكسار:
يا رب اشفها لا شاف سواك و عافها فلا معاف سواك . و بكى الرجلان كما لم يبكيا منذ وُلِدا .
و في اليوم التالي شهدت القرافة الحاج ابراهيم يبحث عن الشيخ مبروك . و يفتش عنه كالمجنون و هويقول لكل من يلقاه :أين الشيخ مبروك ؟ . أين الشيخ مبروك دلوني على مكانه . بنتي شفيت من الشلل . قامت من كرسيها و مشت وحدها و قال الدكتور هي معجزة.أين الشيخ مبروك . أين أجد الشيخ مبروك .
و لكن الشيخ مبروك كان قد مات و لقى ربه في فجر ذلك اليوم و دفن حيث لفظ أنفاسه و هو يتمتم باكياً كعادته كلما وضع خده لينام .
رب اغفر لي فمن يغفر الذنوب إلا انت .
رب إن ذنوبي و إن كثرت فانها لن تضرك و طاعاتي و ان كثرت فانها لن تنفعك فانت الغني عن العالمين .
رب مهما عظمت ذنوبي فان عفوك أعظم و مهما كبرت آثامي فان إحسانك أكبر .
سبحانك وسعت كل شيء رحمة و علما . فارحم ضعفي وعجزي وفاقتي و انت القائل : ˝ وَ خُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ˝ (28) النساء
رب اقبلني من المنكسرين الخائفين المشفقين الوجلين .
يا رب انت الرب و انا العبد . انت الوجود و انا العدم . سبحانك لا أملك من نفسي شيئا و لا املك لنفسي شيئا.رب اسلمت نفسي اليك . و أسلمت ضعفي اليك . و أسلمت حقيقتي اليك . و اسلمت ارادتى اليك . و أسلمت روحى إليك . لا حول و لا قوة إلا بكك . بك أحيا و بك أموت و بك أُبعَث . و بك أنال المغفرة و بك أدخل الجنة .
و طلع فجر ذلك اليوم معه آخر أنفاس الشيخ مبروك يسلمها إلي ربه .
و انتهت قصة رجل من الخطائين كان أقرب إلي الله من كثير من الطائعين من أهل الغرور بطاعتهم .
رجل غفر الله له لأنه عرف مقامه . و كانت حياته كلها إنحناءً و إنكساراً و دخولاً من الباب الضيق .
قصة / المبروك
من كتاب / نقطة الغليان
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝
تلك الجروح الوبيلة التي كانت سببًا في تدميري، أنا فقط من قمت بالتئامها، لا أحد يساعدني على التعافي، ولكن أنا من أساعد نفسي، أجدني مكبولةً وسط الدجن، ولا أجد من يكامحني ويدعمني؛ فأنا فقط من أدعم نفسي، وأجعل جروحي تلتئم، أعيش بين الغوائل، يجعلونني معدومة الثقة في الآخرين، معزوة عن العالم، أتمنى لو أجد من يُساندني على التئام جروحي، ذلك الشخص الذي يجعل الأمل يتلألأ داخل قلبي، أمسك يدي وأداويها؛ فلا أجد من يداوي جروحي غيري، أتمنى لو تزول تلك الجروح ولا احتاج لأحدٍ يداوي جرحي؛ فأنا لا أريد أن يشعرني أحدهم بالشفقة، ويجعلني أتألم بتلك النظرات، فنظرات الشفقة تؤلم أكثر من الألم، أتمنى لو ينتهي كل هذا، وأعود كما كنت.
گ/إنجي محمد\"بنت الأزهر\". ❝ ⏤گ/انجى محمد \"أنجين\"
❞*التئام جروحي*
تلك الجروح الوبيلة التي كانت سببًا في تدميري، أنا فقط من قمت بالتئامها، لا أحد يساعدني على التعافي، ولكن أنا من أساعد نفسي، أجدني مكبولةً وسط الدجن، ولا أجد من يكامحني ويدعمني؛ فأنا فقط من أدعم نفسي، وأجعل جروحي تلتئم، أعيش بين الغوائل، يجعلونني معدومة الثقة في الآخرين، معزوة عن العالم، أتمنى لو أجد من يُساندني على التئام جروحي، ذلك الشخص الذي يجعل الأمل يتلألأ داخل قلبي، أمسك يدي وأداويها؛ فلا أجد من يداوي جروحي غيري، أتمنى لو تزول تلك الجروح ولا احتاج لأحدٍ يداوي جرحي؛ فأنا لا أريد أن يشعرني أحدهم بالشفقة، ويجعلني أتألم بتلك النظرات، فنظرات الشفقة تؤلم أكثر من الألم، أتمنى لو ينتهي كل هذا، وأعود كما كنت.