█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ عمل يسير وأجر كبير
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
فضل الله على خلقه
عباد الله: ربنا كريم، ومن أسمائه تعالى المنان، يمن على عباده ، ومن أسمائه البر، والبر واسع العطاء، ومن أسمائه الوهاب يعطي بلا سؤال، ومن أسمائه الشكور فيعطي الأجر الكثير على العمل القليل، وهو كريم وهاب يهب واسع الفضل والعطاء بلا حدود ، وهذا الكرم من الله يدفع المؤمن إلى المزيد والمزيد من العمل؛ لأنه إذا علم بأن ربه بهذه الأسماء وهذه الصفات فالعبد يتحفز للعمل.
جاء رجل إلى النبي ﷺ مقنع بالحديد على مشارف المعركة، فقال: يا رسول الله أسلم أو أقاتل؟ ولم يكن الرجل قد أسلم، فقال: أسلم ثم قاتلفأسلم ثم قاتل فقتل فقال النبي ﷺ: عمل قليلاً وأجر كثيراً، فإنه ليس بينه وبين الجنة إلا هذه الشهادة وهذه الشهادة، الشهادة الأولى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والشهادة الثانية هذا القتل الذي حصل في المعركة فدخل الجنة ولم يسجد لله سجدة؛ لأنه لما أسلم كان أول واجب عليه حضور هذه المعركة.
التجارة الرابحة مع الله
عباد الله: بيننا وبين الله تجارة، والتجارة مع الله ما فيها خسارة، والتجارة مع الله أرباحها مضاعفة، هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍسورة الصف10، وهذه المضاعفات إلى عشرة، إلى مائة، إلى سبعمائة، إلى أكثر من ذلك، والله يضاعف لمن يشاء، أعمال قليلة من جهة الجهد والوقت، والأجر عظيم، وقد خرج النبي ﷺ بعد أن صلى الفجر وقعد وقام ليدخل بيته فوجد جويرية رضي الله عنها من بعد الفجر جالسة كما هي، سألها: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟قالت: نعم، قال: لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليومطيلة الوقت هذا الماضي لوزنتهن، سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته، كم تأخذ حتى تقولها ثلاثاً يا عبد الله؟
يا مسلم: الدنيا لأربعة نفر عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يصل فيه رحمه، ويعرف حق الله من جهة الزكاة، والواجبات الأخرى كفارات، نفقات، يعرف حق الله، والآخر رزقه الله علماً، ولم يرزقه مالاً لكنه قال: لو أن لي مال فلان لعملت بعمله فهما في الأجر سواء، عجيب هذا ما عنده مال، وما الذي فعله؟ نية حسنة، وقال بلسانه: لو أن لي مال فلان لعملت بعمله، بنيت المساجد، ورتبت لمحفظي القرآن الرواتب، وجعلت للأسر والعوائل هذه الرواتب الشهرية، ونشرت علماً، ودعوة ونحو ذلك من الأعمال الصالحة، قال: فهما في الأجر سواء، يعني من جهة الأصل، أما من جهة المضاعفة فلا شك أن الفاعل يمتاز بميزة، لكن من جهة الأصل أصل الأجر قبل المضاعفة، هما سواء ما الذي رفعه هذه الرفعة، ما الذي أعطاه هذا الأجر؟ حسن نيته، ليست قضية عسيرة، وشاقة، ولا تأخذ وقتاً، لكنها جمع القلب والرجاء من الله .
إن بالمدينة رجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا وهم معكم شركوكم في الأجر، لماذا؟ قال: حبسهم العذر؛ لأنهم فعلاً عندهم صدق نية، لو كانوا مستطيعين لخرجوا، الحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماء والأرضكم تأخذ من الجهد؟ كم تأخذ من الوقت؟ الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه يتنافس عليها بضع وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أولاً، عبد قالها مرة مؤتجراً مخلصاً يبتغي وجه الله، تنافس عليها أكثر من ثلاثين ملكاً أيهم يكتبها أولاً، ما هذا الكرم ما هذا الشرف، الله يرسل ملائكته من أجلنا، لتكتب أعمالنا، وترفع أقوالنا، إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُسورة فاطر10.
عباد الله: ماذا يأخذ من الوقت والجهد أن يقول الإنسان بعد الوضوء: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، لكن ماذا له؟ تفتح أبواب الجنة الثمانية من أيها شاء دخل، تفتح أبواب الجنة الثمانية، الجنة التي عرضها السماوات والأرض، الثمانية كلها تفتح لأجل أنه قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله بعد الوضوء، ما أكرمه ما أوهبه، ما أبره، ما أمنه سبحانه.
عباد الله: عندما يقول نبينا ﷺ: من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم ذنبه، كلمة (آمين) كم تأخذ لتقال؟ كم ثانية؟ آمين المد الطبيعي حركتين (آ) (مين) ست حركات، كم تأخذ حتى تقال؟ من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه، على كلمة واحدة إذا قال الإمام في الأرض: آمين، قالت الملائكة في السماء: آمين، ومن وافق تأمينه تأمين الملائكة، لكن بعض الناس يشرد ذهنه فيفوته أجر عظيم، أو لا يقولها في الوقت الذي من السنة أن تقال فيه، أو يمد أكثر أو يقصر أكثر، من وافق تأمينه تأمين الملائكة.
يا مسلمون: والله إنها أعمال يسيرة وأجور عظيمة، وهكذا نجد أن النبي ﷺ يعلمنا أن بقيام ليلة القدر، اللهم بلغنا ليلة القدر، اللهم بلغنا رمضان، اللهم منَّ علينا ببلوغ رمضان، وأن نصوم ونقوم ونعبد كما تحب وترضى، قيام ليلة واحدة، الليلة كم يعني؟ عشر ساعات؟ إحدى عشر ساعة؟ اثنا عشر ساعة؟ ثم تقوم بعد صلاة العشاء، قيام ليلة ولا يشترط أن تقوم كل الليل، قيام ليلة أكثر من أجر عبادة ثلاثة وثمانين سنة، هل هناك كرم بعد هذا.
عباد الله: صيام يوم واحد، يوم عاشوراء يكفر سنة، ويوم عرفة يكفر سنتين، والصيام كم ساعة؟ اثنا عشر ساعة، ثلاثة عشر ساعة، يكفر سنتين، إذا كان هذا في صيام النافلة عاشوراء وعرفة، يا ترى رمضان الواجب الفرض الركن كم يكفر.
أيها المسلمون: بالوضوء تخرج الخطايا حتى تخرج آخر خطيئة مع آخر قطرة ماء، لمن نوى واحتسب، وأتقن الوضوء، وكذلك نجد أنه إذا قعد بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس، وبعد ارتفاعها صلى ركعتين، بعد الفجر إلى طلوع الشمس كم الوقت؟ كم ستجلس؟ ساعة ونصف، أجر حجة أجر عمرة تامة تامة تامة..
يا مسلم: عندما تذهب وأنت هنا إلى الحرم لتصلي فريضة واحدة كم يأخذ منك من الوقت والجهد؟ لكن يكتب الله لك بها مائة ألف صلاة من الصلاة في المساجد الأخرى، مائة ألف، وفي النبوي ألف، وصلاة ركعتين في مسجد قباء تعدل عمرة، الله أكبر، صلاة ركعتين كم تأخذ من الوقت في مسجد قباء تعدل عمرة، تشد الرحال إلى المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى، فإذا صرت في المدينة كان قباء بجانبك.
أيها المسلمون: عندما يقول ربنا : فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُسورة الزلزلة7، يعني: أن هذه الذرة الهباء الصغيرة جداً لا تضيع، حتى هذه لا تضيع، ولذلك لما جاءت مسكينة أو مسكين إلى عائشة وكان عندها عنقود عنب فأخذت حبات من العنب وأعطتها للمسكين حبات قليلة، تعجبت بعض النسوة عندها، فقالت عائشة لهن: تتعجبن تضحكن كم في هذه الحبات من مثاقيل الذر.
وهكذا سعد الصحابي لما جاء سائل وأعطاه تمرتين، وقبض يده، قال له: إن في التمرتين مثاقيل ذر كثيرة.
اللهم إنا نسألك أن توفقنا إلى ما تحب وترضى، وأن ترزقنا الاستمساك بالعروة الوثقى، أكرمنا يا كريم، ومن علينا يا منان، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله أشهد أن لا إله إلا الله وسبحان الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله والرحمة المهداة الشافع المشفع يوم الدين، وحامل لواء الحمد في العالمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وذريته وخلفائه وأزواجه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم صل وسلم وبارك وزد على عبدك ونبيك إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين سيدنا وحبيبنا وأسوتنا وقدوتنا، صل عليه وسلم صلاة تامة إلى يوم الدين.
عباد الله:
أسس وقواعد التجارة مع الله
الله يعامل عباده على أسس، التجارة مع الله لها شروط فيها بنود، فيها عقد، ومن أدرك شروط العقد حاز الأرباح العظيمة من وراء هذا العقد:
أولاً: لا أجر بلا توحيد، فإذا كان العبد موحداً لله نال الأجور العظيمة؛ لأن الأساس موجود، فالبناء عليه سهل، ويتصاعد بسرعة، فإذا كان أساسك قوياً كان البنيان عالياً مرتفعاً، ولذلك مهما عمل الكافر والمشرك من الأعمال الخيرية ليس له مقابل عليها في الآخرة يأخذه في الدنيا الآن، أولاد، صحة، منصب، شهرة، مال، يأخذه في الدنيا، حتى الكافر لو عمل أعمال خيرية يعطيه، لكن لا يعطيه في الآخرة؛ لأن سلعة الله غالية، والجنة لا يعطيها لكافر ولا مشرك، لا للشرك الأكبر ولا الأصغر ولا الخفي، اجتنبوا الشرك، يوم القيامة الكافر مهما كان عنده من أعمال خيرية، وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًاسورة الفرقان23، وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍسورة النور39 كسراب.
ثانياً: لا أجر بلا عمل، فالذين لا يعملون بماذا سيؤجرون، والأعمال منها أعمال قلب ومنها أعمال جوارح، وينبغي التفطن لهذا؛ لأن أعمال القلب فيها أجور عظيمة، الخشية، والإخلاص، والحياء من الله، والتوكل عليه، والخوف منه، ورجاء ثوابه، أعمال القلب عظيمة، وكذلك أعمال الجوارح، وهذه دليل على صحة هذه.
أيها المسلمون: إن من قواعد التعامل بين الله وخلقه أن الله يضاعف الأجر، والمضاعفة قال بعض العلماء: من خصائص هذه الأمة، يعني لم يكن العالمين في الأمم من قبلنا مثلنا في المضاعفة إلى مائة إلى سبعمائة إلى أضعاف أخرى، وهذا من منة الله علينا، احمد ربك أنه جعلك في هذه الأمة، ولم تكن في أمم سابقة، شرف وفخر أن نكون من أمة محمد بن عبد الله ﷺ فلا ذوبان في أعمال الكفار، وشخصيات الكفار، وأنظمة الكفار، نحن أمة مستقلة لنا تاريخ، لنا قائد، لنا كتاب، لنا دستور، لنا شخصية مستقلة واضحة بعقيدتها، وأخلاقها، وعباداتها.
أيها المسلمون: إنه لا بد من الإخلاص في العمل، ولو حصل رياء أو سمعة ذهب العمل، بل إنه جاء في الحديث أن من سمَّع سمَّع الله به يوم القيامة مسامع خلقه، وصغره وحقره؛ لأنه في الدنيا كان يريد الهالات الإعلامية، كان يريد الفخر، كان يريد الاستعلاء على العباد، كان يريد الشهرة، ما كان يريد وجه الله، فلا بد من الحذر من محبطات الأعمال؛ كالمن، والعجب، والرياء، ومنقصات الأعمال، مثل من اتخذ كلباً دون حاجة نقص من أجره كل يوم قيراطين.
كلما كان العمل أكثر نفعاً كلما كان أكثر أجراً، فالأعمال متعدية النفع؛ كالعلم، والدعوة إلى الله أجورها كبيرة جداً.
التحسر على فوات الأجر لو فاتتك جماعة المسجد، مثلاً التحسر على فوات الأجر يمكن أن ينتج أجراً؛ لأنه دليل الصدق.
الفاعل المباشر لا شك أنه أعظم أجراً ممن نوى فقط، ولكن من رحمة الله وكرم الله، أنه ينزل العاجز منزلة الفاعل في الأجر مع أنه ما عمل، لماذا؟ لأنه كان له عادة، ولذلك إذا مرض العبد أو سافر كتب له من الأجر مثلما كان يعمل صحيحاً مقيماً، فمن رحمة الله وكرم الله أنه نزَّل العاجز منزلة الفاعل على حسب عادته التي كان عليها قبل أن يصاب بالعجز.
هذه التعويضات، لا تعويضات وقوانين الأرض هذه أعظم بكثير يا مسلم، يا عبد الله: المسلم يؤجر على الفعل والترك، حتى من كف شره عن الناس له أجر، فالترك لله يؤجر عليه وليس فقط الفعل لله، يؤجر على المباحات بحسن النية، لكن ليس هذا كل عمل المسلم أن يقول: أنام بنية الاستعانة، وآكل بنية الاستعانة على العبادة، وأستروح بنية الاستعانة، بقية العبادة، الاسترواحات بالنية الحسنة لها أجر، لكن بقي الشيء الذي من أجله استروحت لا تنسه.
كلما اشتدت المشقة عظم الأجر، لكن المشقة لا تتقصد، فالإنسان إذا كان عنده طريق صعب وطريق سهل إلى مكة لا يذهب من الطريق الصعب، الأجر لا يكتب على مشقة متعمدة منك، لكن إذا حصلت المشقة فذهبت إلى مكة فازدحم الطريق فأخذ وقتاً مضاعفاً قدر من الله عند ذلك يضاعف الأجر أجرك على قدر نصبك.
والأعمال الموافقة للسنة أجرها أكبر من أعمال أطول أو أشق، فمثلاً قصر الصلاة للمسافر أكثر أجراً من إتمامه لها، مع أن هذه اثنتين وهذه أربع، تخفيف سنة الفجر أكثر أجراً من تطويلها لماذا؟ لأنها سنة محمد ﷺ، بينما نجد من السنة في صلاة الفجر يوم الجمعة قراءة السجدة والإنسان وتأخذ وقتاً وجهداً، فإذن الشأن هو اتباع السنة سواءً ازدادت المشقة أو نقصت، المشي في الظلمات إلى المساجد الفجر والعشاء فيه أجر لمشقة الظلمة، ولا تزيلها الكهرباء كما قال العلماء، ولله الحمد، الأجر ما زال موجوداً في مشيك للفجر والعشاء حتى في هذا الزمان.
أيها المسلمون: الأكل من الأضحية والصدقة بالباقي أفضل من الصدقة بكل الأضحية؛ لأن من السنة الأكل من الأضحية ولو لقيمات، وهكذا نجد أن تكفير السيئات منصب على الصغائر؛ لأن الكبائر تحتاج إلى توبة خاصة، ونجده في كل حديث في غفر له يعني الصغائر، ولذلك لا بد من الانتباه للكبائر.
تعدد الأعمال وتعدد الأجور
ماذا تريد يا عبد الله من أنواع الأجور والميزات فهو موجود، تريد مغفرة الذنوب هناك أعمال لها، تريد نيل محبة الله هناك أعمال لها، تريد مرافقة النبي ﷺ والقرب منه فالذي يكفل يتيماً ويعول أرملة يكون بالقرب من النبي ﷺ في الجنة.
ثم ماذا تريد يا عبد الله من أنواع الأجور والميزات فهو موجود، تريد مغفرة الذنوب هناك أعمال لها، تريد نيل محبة الله هناك أعمال لها، تريد مرافقة النبي ﷺ والقرب منه فالذي يكفل يتيماً ويعول أرملة يكون بالقرب من النبي ﷺ في الجنة، هلا رأيت قضية استعراض النساء لاختيار الأجمل، من كظم غيظاً أنت تكون في الطريق في السيارة يعاكسك شخص، من كظم غيظاً ولو شاء أن ينفذه أنفذه ما عنده عجز يخيره الله من الحور العين يوم القيامة ما شاء، تكظم غيظاً عن خادم، عن سائق، عن مخطئ، عن إنسان تجاوز عليك، كظم غيظاً، هذه قضية اختيار الأجمل من النساء، تريد رفع المنزلة تواضع لله، تريد طول العمر وسعة الرزق صل رحمك، تريد أن تكون في حراسة الله صل الفجر، تريد أن تصلي عليك الملائكة صل على النبي ﷺ، انتظر في المسجد من المغرب إلى العشاء، رابط من صلاة إلى صلاة، الملائكة طيلة الوقت وأنت جالس تستغفر لك، تريد قصراً في الجنة اقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌسورة الإخلاص1عشر مرات يبنى لك قصر في الجنة، وهكذا تريد السلامة من حر النار والموقف أنظر معسراً، تريد العتق من النار ذب عن عرض أخيك في مجلس، كل شيء بمقابل، ما في أشياء تضيع عند الله فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُسورة الزلزلة8.
اللهم بارك لنا في القرآن العظيم، واجعلنا من أهله يا رب العالمين، اللهم اغفر لنا الذنوب والسيئات، وكفر عنا الزلات، وضاعف لنا الحسنات، اللهم إنا نسألك أن تجعل أعمالنا خالصة لوجهك يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك في يومنا هذا رحمة تلم بها شعثنا، وتغفر بها ذنبنا، وترفع بها شاهدنا، وتثقل بها موازيننا، وتغفر بها لموتانا، وتشفي بها مرضانا، وتهدي بها ضالنا، اللهم آمنا في الأوطان والدور وأصلح الأئمة وولاة الأمور، اللهم إنا نسألك المغفرة لنا ولوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب، اللهم إنا نسألك في ساعتنا هذه أن تخرجنا من ذنوبنا كيوم ولدتنا أمهاتنا، لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا كرباً إلا نفسته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا عيباً إلا سترته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، يا أرحم الراحمين يا أكرم الأكرمين بلغنا رمضان وأعتقنا فيه من النيران، وأعنا فيه على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
1 - رواه البخاري2808
2 - رواه مسلم2726
3 - رواه ابن ماجه4228
4 - رواه البخاري4423
5 - رواه مسلم223
6 - رواه البخاري780 ومسلم410
7 - رواه الترمذي586
8 - رواه البخاري2996
9 - رواه بمعناه مسلم 1211
10 - رواه الترمذي2021 . ❝
❞ لا أنسى تلك الليلة منذ سنوات وأنا في رحلتي في أدغال أفريقيا الإستوائية أشق النيل العريض في سفينة نيلية وقد تجاوزنا الملكال ودخلنا منطقة يكثر فيها البعوض وينبسط فيها النيل على شكل مستنقعات على مدى البصر .
والسفينة تتهادى على سطح الماء في جو لزج شديد الرطوبة ويقع مريضاً بالملاريا كل من على السفينة حتى الربان .. وأنا أبتلع أقراص الكاموكين بانتظام خوفًا من الإصابة بالحمى .
وذات ليلة خطر لي أن أصعد على سطح السفينة لأشاهد أفريقيا الإستوائية في الليل .
ودهنت وجهي وذراعي بطارد البعوض وتسللت إلى السطح وكان ما رأيته شيئاً كالحلم .
كانت آلاف الأشجار تضيء وتنطفئ وكأنها أشجار الميلاد يلهو بها الأطفال وقد غطوها بآلاف القناديل الكهربائية الصغيرة يضيئونها ويطفئونها معًا .
ومسحت على عيني من الدهشة .. وعدت أنظر .
كان ما أرى حقيقة لا خيالًا .
كانت الأشجار تومض بالفعل كأنها مغطاة بآلاف الكهارب ثم تنطفئ .
وأخبرني الربان أن ما رأيت في تلك الليلة كان هو الحقيقة بعينها .. وأن تلك الأشجار تغطيها آلاف من حشرات الحباحب المضيئة وأنها تضيء معًا لتجذب البعوض بضوئها ثم تأكله وتعود فتنطفئ من جديد .. وأن هذه سُنّة الطبيعة .. كلما تكاثرت فيها حشرة اصطنع لها الله حشرة مضادة تأكلها ليحفظ للمخلوقات توازنها فلا يطغى واحد على الآخر إلا بحساب .
وظللت أذكر تلك الليلة .
وظللت أذكر ذلك الحديث .
وكل يوم يجتمع لديّ المزيد من الأدلة بأن الكون هو بالفعل مسرح للتوازن العظيم في كل شيء .. وأن كل شيء قد قُدِّر فيه تقديرًا دقيقًا .
لو كانت الكرة الأرضية أصغر حجمًا مما هي لضغطت جاذبيتها ولأفلت الهواء من جوها وتبعثر في الفضاء ولتبخر الماء وتبدد ولأصبحت جرداء مثل القمر لا ماء ولا هواء ولا جو ولاستحالت الحياة .
ولو كانت أكبر حجمًا مما هي لازدادت قوتها الجاذبة ولأصبحت الحركة على سطحها أكثر مشقة ولازداد وزن كل منا أضعافًا ولأصبح جسده عبئًا ثقيلًا لا يمكن حمله .
ولو أنها دارت حول نفسها بسرعة أقل كسرعة القمر مثلًا لاستطال النهار إلى 14 يومًا والليل إلى 14 ليلة ولتقلب الجو من حر مهلك بطول أسبوعين إلى صقيع قاتل بطول أسبوعين ولأصبحت الحياة مستحيلة .
وبالمثل لو أن الأرض اقتربت في فلكها من الشمس مثل حال الزهرة لأهلكتنا الحرارة .. ولو أنها ابتعدت في مدارها مثل زحل والمشتري لأهلكنا البرد .
وأكثر من هذا فنحن نعلم أنها تدور بزاوية ميل قدرها 33 درجة الأمر الذي تنشأ عنه المواسم وتنتج عنه صلاحية أكثر مناطق الأرض للزراعة والسكن .
ولو كانت قشرة الأرض أكثر سُمكًا لامتصت الأكسجين, ولما وجدنا حاجتنا من هذا الغاز الثمين .
ولو كانت البحار أعمق لامتصت المياه الزائدة ثاني أكسيد الكربون ولما وجد النبات كفايته ليعيش ويتنفس .
ولو كان الغلاف الهوائي أقل كثافة لأحرقتنا النيازك والشهب المتساقطة بدلًا من أن تستهلك هذه الشهب وتتفتت في أثناء اختراقها للغلاف الهوائي الكثيف كما يحدث حاليًا .
ولو زادت نسبة الأكسجين عما هي عليه حاليّاً في الجو لازدادت القابلية للاحتراق و لتحولت الحرائق البسيطة إلى انفجارات هائلة .
ولو انخفضت لاستحال نشاطنا إلى خمول .
ولولا أن الثلج أقل كثافة من الماء لما طفا على السطح ولما حفظ أعماق البحار دافئة وصالحة لحياة الأسماك والأحياء البحرية .
ولولا مظلة الأوزون المنصوبة في الفضاء فوق الأرض والتي تمنع وصول الأشعة فوق البنفسجية إلى الأرض إلا بنسب ضئيلة .. لأهلكتنا هذه الأشعة القاتلة .
فإذا جئنا إلى تشريح الإنسان نفسه فسوف نرى المعجز والملغز من أمر هذا التوازن الدقيق المحسوب .. فكل عنصر له في الدم نسبة ومقدار .. الصوديوم .. البوتاسيوم .. الكالسيوم .. السكر .. الكوليسترول .. البولينا .
وأي اختلال في هذه النسب ولو بمقادير ضئيلة يكون معناه المرض .. فإذا تفاقم الاختلال فهو العجز والموت .
والجسم مسلح بوسائل آلية تعمل في تلقائية على حفظ هذا التوازن طوال الحياة .
بل إن قلوية الدم لها ضوابط لحفظها .
وحموضة البول لها ضوابط لحفظها .
ودرجة الحرارة المكيفة دائمًا عند 37 مئوية، من ورائها عمليات فسيولوجية وكيميائية ثابتة متزنة عن هذا المستوى .
وكذلك ضغط الدم .
وتوتر العضلات .
ونبض القلب .
ونظام الإمتصاص والإخراج .
ونظام الاحتراق الكيميائي في فرن الكبد .
ثم الاتزان العصبي بين عوامل التهدئة والإثارة .
ثم عملية التنظيم التي تقوم بها الهرمونات والإنزيمات بين التعجيل والإبطاء للعمليات الكيميائية والحيوية .
معجزة فنية من معجزات التوازن والاتساق والهارموني يعرفها كل طبيب وكل دارس للفسيولوجيا والتشريح والكيمياء العضوية .
(( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرا ))
(الفرقان – 2)
ولن تنتهي الأمثلة في علم النبات و الحيوان و الطب و الفلك , مجلدات و مجلدات .و كل صفحة سوف تؤيد وتؤكد هذا التوازن المحكم والإنضباط العظيم في عالم الخلق والمخلوقات .
والقول بأن كل هذا الاتساق والنظام حدث صدفة واتفاقًا هو السذاجة بعينها . كقولنا إن انفجارًا في مطبعة أدى إلى أن تصطف الحروف على هيئة قاموس محكم .
والكيميائي المغرور الذي قال .. آتوني بالهواء والماء والطين وظروف نشأة الحياة الأولى وأنا أصنع لكم إنسانًا .. هذا الكيميائي قد قرر احتجاجه سلفًا لكل العناصر والظروف .. وهو اعتراف بالعجز عن تقليد صنعة الخالق الذي خلق كل شيء وخلق ظروفه أيضًا .
ولو أنا آتيناه بكل هذه العناصر وكل تلك الظروف .. ولو أنه فرضًا وجدلًا استطاع أن يخلق إنساناً ... فإنه لن يقول .. صنعته الصدفة ... بل إنه سوف يقول .. صنعته أنا .
والكلام عن القرد الذي يجلس على آلة كاتبة لمدى اللانهاية من الزمان ليدق لانهاية من الإمكانيات .. وكيف أنه لا بد يوماً ما أن يدق بالصدقة بيتاً لشكسبير أو جملة مفيدة .. هو كلام مردود عليه .
فسوف نسلم جدلاً وفرضاً بأن هذا حدث في الطبيعة وبأنه حدث صدفة واتفاقاً وبعد ملايين الملايين من التباديل والتوافيق بين العناصر ...تكونت بالصدفة في مياه المستنقعات كمية من الحامض النووي DNA الذي يستطيع أن يكرر نفسه .
لكن ...كيف تطورت هذه الكمية من الحامض العضوي إلى الحياة التي نراها ؟
سوف نعود فنقول بالصدفة أمكن تشكيل البروتوبلازم .
ثم بصدفة أخرى تشكلت الخلية .
ثم بصدفة ثالثة تشعبت إلى نوعين خلية نباتية وخلية حيوانية .
ثم نتسلق شجرة الحياة درجة درجة ومعنا هذا المفتاح السحري .
كلما أعيتنا الحيلة في فهم شيء قلنا إنه حدث صدفة .
هل هذا معقول .. ؟!
بالصدفة تستدل الطيور والأسماك المهاجرة على أوطانها على بعد آلاف الأميال وعبر الصحارى والبحار .
بالصدفة يكسر الكتكوت البيضة عند أضعف نقطة فيها ليخرج .
بالصدفة تلتئم الجروح وتخيط شفراتها بنفسها بدون جراح .
بالصدفة يدرك عباد الشمس أن الشمس هي مصدر حياته فيتبعها .
بالصدفة تصنع أشجار الصحارى لنفسها بذوراً مجنحة لتطير عبر الصحارى إلى حيث ظروف إنبات وري وأمطار أحسن .
بالصدفة اكتشف النبات قنبلته الخضراء ( الكلوروفيل) واستخدامها في توليد طاقة حياته .
بالصدفة صنعت البعوضة لبيضها أكياساً للطفو (بدون معونة أرشميدس) .
والنحلة التي أقامت مجتمعاً ونظاماً ومارست العمارة وفنون الكيمياء المعقدة التي تحول بها الرحيق إلى عسل وشمع .
وحشرة الترميت التي اكتشفت القوانين الأولية لتكيف الهواء فأقامت بيوتًا مكيفة وطبقت في مجتمعها نظاماً صارماً للطبقات .
والحشرات الملونة التي اكتشفت أصول وفن مكياج التنكر والتخفي .
هل كل هذا جاء صدفة .
وإذا سلمنا بصدفة واحدة في البداية .فكيف يقبل العقل سلسلة متلاحقة من المصادفات والخبطات العشوائية .
إنها السذاجة بعينها التي لا تحدث إلا في الأفلام الهزلية الرخيصة .
وقد وجد الفكر المادي نفسه في مأزق أمام هذه السذاجة فبدأ يحاول التخلص من كلمة صدفة ليفترض فرضاً آخر ..
فقال إن كل هذه الحياة المذهلة بألوانها وتصانيفها بدأت من حالة ضرورة .. مثل الضرورة التي تدفعك إلى الطعام ساعة الجوع . ثم بتعقد الظروف والبيئات والحاجات فنشأت كل هذه الألوان .
وهو مجرد لعب بالألفاظ .
فمكان الصدفة وضعوا كلمة (( تعقد الضرورة )) .
وهي في نظرهم تتعقد تلقائيّاً .. وتنمو من نغمة واحدة إلى سمفونية تلقائياً .
كيف ؟
كيف ينمو الحدث الواحد إلى قصة محبوكة بدون عقل مؤلف ؟
ومَن الذي أقام الضرورة أصلاً ؟
وكيف تقوم الضرورة مِن لا ضرورة ؟
إنها استمالة العقل الخبيث المكابر ليتجنب صوت الفطرة الذي يفرض نفسه فرضاً ليقول إن هناك خالقاً مدبراً هو اليد الهادية و عصا المايسترو التي تقود هذه المعزوفة الجميلة الرائعة .
هذا التوازن العظيم والاتساق المذهل والتوافق والتلاحم والانسجام الذي يتألف من ملايين الدقائق والتفاصيل يصرخ بأن هناك مبدعاً لهذه البدائع وأنه إله قادر جامع لكل الكمالات قريب من مخلوقاته قرب دمها من أجسادها .. معتني بها عناية الأب الحنون مستجيباً لحاجاتها سميعاً لآهاتها بصيراً بحالاتها .. وأنه الله الذي وصفته لنا الأديان بأسمائه الحسنى ولا سواه .. وليس القانون الأصم الذي تقول به العلوم المادية البكماء .. ولا إله أرسطو المنعزلين .. ولا إله أفلاطون القابع في عالم المُثُل .. ولا هو الوجود المادي بكليته كما تصور إسبينواز وأتباع الوجود .
و إنما هو :
الأحد .
الذي ليس كمثله شيء .
المتعالي على كل ما نعرف من حالات و صور و أشكال و زمان و مكان .
ظاهر بأفعاله خفي بذاته .. لا تراه الأبصار و يرى كل الأبصار .. بل إن كل الأبصار ترى به و بنوره و بما أودع فيها من قدرة .
و العقل العلمي لا يعترف بهذه الكلمات الصوفية و يريد أن يرى الله ليعترف به .. فإذا قلنا له إن الله ليس محدوداً ليقع في مدى الأبصار .. و إنه اللانهاية و إنه الغيب .
يقول لنا العلم . إنه لهذا لا يعترف به . و إنه ليس من العلم الإيمان بالغيب و إن مجال العلم هو المحسوس , يبدأ من المحسوس و ينتهي إلى المحسوس .
فنقول للعلم .. كذبت .
إن نصف العلم الآن أصبح غيباً .
العلم يلاحظ و يدون الملاحظات .. يلاحظ أن صعود الجبل أشق من النزول منه .. و إن رفع حجر على الظهر أصعب من رفع عصاً .. و أن الطير إذا مات وقع على الأرض . و أن التفاحة تقع هي الأخرى من شجرتها على الأرض .. و أن القمر يدور معلقاً في السماء .
و هي ملاحظات لا تبدو بينها علقة .
و لكن حينما يكتشف نيوتن الجاذبية ترتبط كل هذه الملاحظات لتصبح شواهد دالة على هذه الجاذبية .. وقوع التفاحة من شجرتها وصعوبة تسلق الجبل و صعوبة رفع الحجر .. و تعلق القمر بالسماء .
إنها نظرية فسرت لنا الواقع .
و مع ذلك فهذه الجاذبية غيب لا أحد يعرف كنهها .. لم ير أحد الأعمدة التي ترفع السماوات بما فيها من نجوم و كواكب .
و نيوتن نفسه و هو صاحب النظرية يقول في خطاب إلى صديقه بنتلى :
إنه لأمر غير مفهوم أن نجد مادة لا حياة فيها و لا إحساس تؤثر على مادة أخرى و تجذبها مع أنه لا توجد بينهم أي علاقة .
فها هي ذي نظرية علمية نتداولها و نؤمن بها و نعتبرها علماً .. و هي غيب في غيب .
و الإلكترون .
و الموجة الكلاسيكية .
و الذرة .
و النترون .
لم نر منها شيئاً و مع ذلك نؤمن بوجودها اكتفاء بآثارها . و نقيم عليها علوماً متخصصة و نبني لها المعامل و المختبرات .. و هي غيب في غيب .. بالنسبة لحواسنا .
و العلم لم يعرف ماهية أي شيء على الإطلاق .
و نحن لا نعرف إلا أسماء . لا نعرف إلا مسميات .. نحن لا نتبادل مصطلحات دون أن نعرف لها كنهاً .
و الله حينما علم آدم الأسماء فقط و لم يعلمه المسميات .
((و عَلَّمَ آدَمَ الأسْماءَ كُلَّهَا))
(31 – البقرة)
و هذه هي حدود العلم .
و غاية مطمع العلم أن يتعرف على العلاقات و المقادير . و لكنه لا يستطيع أن يرى جوهر أي شيء أو ماهيته أو كنهه . هو دائماً يتعرف على الأشياء من ظواهرها و يتحسسها من خارجها .
و مع ذلك فهو يحتضن بنظرياته كل الماهيات و يفترض الفروض و يتصور مسائل هي بالنسبة لأدواته محض غيب و تخمين .
نحن في عصر العلم الغيبي .. والضرب في متاهات الفروض .
و ليس للعلم الآن أن يحتج على الغيبيات بعد أن غرق إلى أذنيه في الغيبيات .
و أولى بنا أن نؤمن بعالم الغيب . خالقنا البر الكريم . الذي نرى آثاره في كل لمحة عين و كل نبضة قلب و كل سبحة تأمل .
هذا أمر أولى بنا من الغرق في الفروض .
مقال / التوازن العظيم .
من كتاب/ رحلتي من الشك إلى الإيمان
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله) . ❝
❞ صحيح إن قربك من ربنا بيحميك في المطلق من الشيطان وبيبقى الغلاف الآمن اللي بيمنع عنك شره، لكنك ورغم كده محتاج برضه تكون حذر من شياطين الإنس اللي شرهم مالوش حدود، ولغتهم الدايمة هي الخبث، واللؤم، والأذية بدون سبب.. ربنا يحمينا من شر الناس، ويبعدنا عن أذاهم الظاهر والمستخبي.
بقلم/فاطمه سامي|طوما| . ❝
❞ أحمد قوليلهم حاجة بالمزيكة يمكن يفهموا .. ماعندكيش مزيكة تهز المخ بدل ماتهز الوسط جانيت الموسيقى اللي أنت طالبها دي تعوز الف عازف .. تعوز اوركسترا أحمد ابدًا .. تعوز أودان .. وهم ماعندهمش ودان إنما عندهم سنان . ❝
❞ عم مطاوع يكاد ينكفئ وهو يقدم المشروبات للزبائن، مما يجعلهم يهبون فزعًا حتى يُعينوه قبل أن يهوي على الأرض.
بالقرب من مدخل المقهى يوجد مذياع محفوظ داخل صندوق خشبي موضوع على لوح خشبي مُثبَّت على الحائط، لا يُشغِّله عم مطاوع إلا عندما يحين موعد إذاعة حفل أم كلثوم؛ يعشقها بجنون، أكثر الأوقات استمتاعًا بالسِّت عندما يخلو المقهى من بعض الغرباء الذين يجلسون فيه انتظارًا لوصول القطار أو إقلاعه، عندما يُودِّعون قريبًا أو صديقًا لهم، فيختلي بي عم مطاوع، ليحكي بصوتٍ خافت بعض الجرائم التي حدثت في الماضي البعيد، أصغيتُ له جيدًا عندما حدثني، في هدأة الليل، عن جريمة قتلٍ قد وقعت في الماضي بالقرب من المقهى، وأنَّ مَن قاموا بها ظلوا بضعة أيام يترددون على المقهى ليترصدوا القتيل، قصَّ عليَّ أنه كلما اقترب منهم , و هو يحمل صينية الشاي، كفُّوا عن الحديث بعد أن يُشير أحدُهم بيده أن يصمتوا، وحين يبتعد عنهم تُعاوِد وجوهُهم الاقتراب مرة أخرى كضباعٍ تفترس مِيتة، وفي اليوم الموعود رأى واحدًا منهم وهو يُخرج فَرْدًا روسيًّا، ويطلق مقذوفًا ناريًّا في رأس القتيل، فيفلقها فلقتين، فتتناثر قِطع صغيرة من لحمه تسيل منها الدماء، ويهرب إلى داخل محطة القطار، ويجري بين قضبانها، وبينما ينظر إلى الخلف خوفًا من الإيقاع به، فجأة ظهر قطار بضاعة ألجمه، ظل متجمدًا في مكانه كالمصلوب، فدهسه على الفور ، يمضغ عم مطاوع ريقه ثُمَّ يكمل، إن التحريات كشفت أن القتيل من مدينة فرشوط، وقد لجأ إلى مدينتنا بعد أن قتل ابن عمه بسبب استلاب الأخير منه عشرة أسهم من أرضه، فضربه بالفأس، فشجَّ رأسه نصفين كالبطيخة، وقد حُكم عليه غيابيًّا بالأشغال الشاقة المؤبدة، وهو في مدينتنا منذ خمسة عشر عامًا. بعدما صمت برهة، تنهد وضرب كفيه أخماسًا في أسداس وقال: ˝يا ولدي، من قتل يُقتَل ولو بعد حين˝ . ❝