█ عم مطاوع يكاد ينكفئ وهو يقدم المشروبات للزبائن مما يجعلهم يهبون فزعًا حتى يُعينوه قبل أن يهوي الأرض بالقرب من مدخل المقهى يوجد مذياع محفوظ داخل صندوق خشبي موضوع لوح مُثبَّت الحائط لا يُشغِّله إلا عندما يحين موعد إذاعة حفل أم كلثوم؛ يعشقها بجنون أكثر الأوقات استمتاعًا بالسِّت يخلو بعض الغرباء الذين يجلسون فيه انتظارًا لوصول القطار أو إقلاعه يُودِّعون قريبًا صديقًا لهم فيختلي بي ليحكي بصوتٍ خافت الجرائم التي حدثت الماضي البعيد أصغيتُ له جيدًا حدثني هدأة الليل عن جريمة قتلٍ قد وقعت بالقرب وأنَّ مَن قاموا بها ظلوا بضعة أيام يترددون ليترصدوا القتيل قصَّ عليَّ أنه كلما اقترب منهم , هو يحمل صينية الشاي كفُّوا الحديث بعد يُشير أحدُهم بيده يصمتوا وحين يبتعد عنهم تُعاوِد وجوهُهم الاقتراب مرة أخرى كضباعٍ تفترس مِيتة وفي اليوم الموعود رأى واحدًا يُخرج فَرْدًا روسيًّا ويطلق مقذوفًا ناريًّا رأس فيفلقها فلقتين فتتناثر قِطع صغيرة لحمه تسيل منها الدماء ويهرب إلى محطة ويجري بين قضبانها وبينما ينظر الخلف خوفًا الإيقاع به كتاب أعطني الناي مجاناً PDF اونلاين 2024 رواية نسج الخيال إن اشتملت واقع أيضا يتحدث فيها الكاتب بلسان الراوي الأنا ( مظلوم عبد الجابر ) المدرس الذي ولد نفس العام قرر حاكم البلاد استعداده الذهاب الكنيست الإسرائيلي طلبا للصلح الأربعين عاما بدون زواج يحكي قصته والتي تجدها بمثابة تأريخ للعصر الحالي بكل ما الاغتراب يعيشه الشباب أرض وطنهم والبطالة والرشوة والمحسوبية والفساد وانعدام الرؤية والضبابية ثورة 25 يناير المجيدة والاحباط وتراجع الأحلام والآمال والمستقبل الرمادي والغربة يلجأ إليها هروبا الفساد مصر والأصعب حالة الوطن الضائع المنهوب والاحساس الدائم بعدم الرضا الواقع المفروض بل بالتنصل منه رغم حبهم الشديد للبلد تأخر سن الزواج تردي مستوى التعليم كل هذا تجده " شكل حكاية مفعمة بالحنين للماضي برومانسيته وعذوبته وطهارته والتحسر الحاضر سوداويته والخوف المستقبل المجهول وتمنيه صورة أفضل شيء حيث لنا علاقته بحبيبته وفراقهما وتعرفه صديقته الحالية المتزوجة والضياع بينهما فقط يتمنى حبيبة وليست مجرد زوجة تؤنس وحدته وتشاركه الامه واقعية بالرومانسية مناقشتها لكل قضايا المجتمع السوداوي نعيشه الآن فالبطل يبحث الحب ينتهي الحال بوفائه لحبيبته المتوفية فنرى معايشة لأوجاع انسانية عديدة خرج الخاصة للرؤية العامة شديدة العذوبة والسلاسة ورغم أنها بالألم يكتنفها الأمل بالنهاية هكذا يرى
❞ قل لي: كيف تقهر.. هذي الأقانيم الثلاثة كيف تُقهر؟
قلتُ لها:
- عندما ألقت رباب القصيدة تفاعل الحاضرون معها، حازت تصفيقًا حادًّا، وجنتاها تبللتا بالعَبَرَاتِ.
كانت تستمتع بسماع صوت عبد الحليم، وتعشق فيروز. أما أنا فكنت أستمتع بأغاني أم كلثوم وحليم ونجاة. كان بعض الزملاء والزميلات المقربين منا يشبهون علاقتنا بعلاقة علي سليم البدري وزُهرة سليمان غانم، في المسلسل الرائع ˝ليالي الحلمية˝.
ربــاب، هي من تذهب معي إلى محال الملابس، فتختار لي على ذوقها، لون القمصان التي تتماشى مع لون البنطلونات، كنت لا أمتلك هذه الميزة. كانت تستشيرني في شكل الحذاء ولونه، أتمتع بشهادة الكثير في اختياري للون الحذاء وتصميمه، ذهبت معها لشراء حذاء من محل ˝السمالوطي˝، حاولت مرة أن أمسك قدمها وأدخل الحذاء فيه، احمرَّ وجهها، رفضت خجلًا، لاحظت ذلك سيدة مهندمة، تقترب من نهاية العقد السادس، يبدو من جِلستها بالقرب من مكتب، أنها صاحبة المحل، أو ربما زبونة، ابتسمت لنا، ولمَّا شعرت بخجل ربــاب، التفتت بعينيها بعيدًا عنا. ونحن خارجان من المحال، ابتسمت لها مرة أخرى وأشارت إليها أن تقترب منها، ولما دنت ربــاب منها أومأت السيدة برأسها ونصحتها، وهي تشير إليَّ، ولمَّا خرجنا من المحل سألتها:
- ماذا قالت لكِ هذه السيدة؟
ابتسمت وهي تخبرني،
قالت لي:
- حافظي عليه؛ إنه هدية السماء لـكِ . ❝
❞ في الشتاء، الهدوء يلفُّ المقهى بعباءة الصمت، ولا تسمع في هدأة الليل إلا خربشة الحشرات، ولا يخرق السكون غير أبواق القطارات جيئةً وذهابًا، تنعق كما تنعق البوم.
يتكئ عم مطاوع على حافات المقاعد ليصل إلى مكان الراديو؛ ليديره فموعد الست قد أوشك. تغني لنا السيدة أم كلثوم أغنية ˝هو صحيح الهوى غلاب˝ من كلمات الشاعر بيرم التونسي وألحان الأستاذ محمد القصبجي، هكذا أعلن مذيع الحفل.
من أجمل أغاني كوكب الشرق التي سمعتُها وطربت لها، كلما سمعتُها أثارت فيَّ الاشتياق، وذكرى الماضي، ولوعة الحب . ❝
❞ اعتدتُ الجلوس في ˝مقهى الشرق˝، مقهى قديم يقع في شارع الجلاء بوسط المدينة، وذلك كلما داهمتني الأحزان، أشعر بأُلفة في الأماكن القديمة، أتشمَّم عَبقَ تاريخها، ألتمسُ الطمأنينة فيها، أستعيد الماضي، وهذا حال كثير من الناس، كلما تملَّكهم الإحباط من الحاضر يستحضرون عبق الماضي عبر الأماكن العتيقة.
المقهى عمره تجاوز الخمسين عامًا، يبدو ذلك من جدرانه المُشبعة بالرطوبة، وبعض قطع الجير المنهارة من السقف المرتفع أربعة أمتار وربما خمسة، تتوسطه مروحة تُصدِر هديرًا مزعجًا، لا يزال صاحب المقهى يستخدم المقاعد المصنوعة معظمها من الخوص والغاب، والتي كادت تبلى، أصرَّ على بقائه كما كان في الماضي، مُعلَّقٌ على أحد جدرانه بروازٌ بداخله منقوشة المعوذتان، ورفٌّ خشبي عليه أنواع المشروبات الساخنة، وبجانب الحائط المقابل مرصوصة على الأرض أنواع من الجوزة المختلفة، متلألئة كفتيات يعرضن أجسادهن خلف فاترينات، مساحة المقهى كبيرة تقريبًا، ثلاثة أمتار عرضها في عشرة أمتار طولها، بوفيه رخامي يصبُّ عليه الأسطى المياه الساخنة داخل الأكواب، توجد ثلاجة تبتعد مسافة خطوات عن البوفيه في الجانب المقابل له، تحوي بداخلها المشروبات الباردة؛ اشتراها المعلم صابر بعدما داهم البلاد صيف لافح في العقد الأخير . ❝