سجن العمر كتاب للأديب المصري توفيق الحكيم
هذه الصفحات ليست مجرد سرد وتاريخ لحياة. . . إنها تعليل وتفسير لحياة. . . إنى أرفع فيها الغطاء عن جهازى الآدمى لأفحص تركيب ذلك «المحرك» الذي نسميه الطبيعة أو الطبع. هذا المحرك المتحكم في قدرتى، الموجه لمصيري... من أي شئ صنع؟ . . . من أي الأجزاء شكل وركب؟ لنبدأ إذن من البداية: من يوم وجدت على هذه الأرض كما يوجد كل مخلوق حي، بالميلاد من أب وأم.
وما دمنا لا نستطيع أن نختار والدينا. . . ما دمنا لا نستطيع أن نختار الأجزاء التي منها نصنع، فلنفحص إذن هذه الأجزاء التي منها تكونا فحصا دقيقا صادقّا ولا نتحرج من الخروج قليلاً - كما اعتدناه في بلادنا - من وضع الأهل والآباء داخل قوالب جامدة وأطر ثابتة لصور الكمال والورع والصلاح إلى حد يحول دون أي تحليل إنساني. . . لا بد إذن من بعض الشجاعة والصراحة لنعرف على الأقل شيئًا عن تركيب طبعنا؛ هذا الطبع الذي يسجننا طول العمر...