كيف تقرا كتابا
منقول من engzketab.com ، مساهمة من: على الجوهرى معظم إبداعنا التعليمي والمال المنفق والجهد المبذول على تعليم القراءة يكون خلال الصفوف الستة للمرحلة الابتدائية. وبعد هذه المرحلة لا يوجد سوى تدريب رسمي قليل لحمل التلاميذ إلى مستويات ومهارات أعلى من ذلك وقد ناقش ((جيمس مارسل)) ذلك قائلًا: "هل يتعلم تلاميذ المدارس لغتهم الأم بشكل فعال؟ نعم ولا؛ فإنه حتى الصف الخامس أو السادس الابتدائي تكون القراءة بمجملها قد عُلِمَت بشكل فعال، ثم يتوقف تعليم القراءة عند هذا الحد وكأن الشخص يصل إلى الحدود الطبيعية في الكفاءة عندما يصل للصف السادس الابتدائي! وهذا ليس صحيحًا؛ فكثير من التجارب قد أثبتت أن بالتعليم المناسب يمكن للصغار، بل والراشدين أيضًا أن يطوروا من قدراتهم في القراءة. وبسبب هذا القصور؛ نجد أن الكثير من خريجي الجامعات يقرأون بشكل رديء وغير كفء ويمكن للخريج أن يقرأ قطعة بسيطة من الأدب ويستمتع بها، ولكن ضعه أمام عمل اقتصادي أو مقطع يتطلب دراسة نقدية؛ وسيضيع". ومن هنا نشأت الحاجة لهذا الكتاب لنتعلم كيف نقرأ بشكل أفضل.
مستويات القراءة الثالث
القراءة التحليلية تكون أكثر تعقيدًا وفاعليةً من المستويين السابقين. وإذا كانت القراءة التفحصية هي أفضل وأشمل قراءة ممكنة خلال وقت محدد، فإن القراءة التحليلية هي أفضل وأتم قراءة ممكنة خلال وقت غير محدد. وإذا كنت تقرأ من أجل الفهم؛ فالقراءة التحليلية هي المناسبة لك، بينما ليست ضرورية؛ إذا كانت قراءتك من أجل المعلومات أو التسلية وهي تتكون من عدة مراحل:
المرحلة الأولى: تتضمن القواعد اللازمة لإيجاد ما يبحثه الكتاب، فمثلًا لابد أن تعرف نوع الكتاب الذي تقرأه وفي الغالب ستعرف ذلك من الخطوة السابقة في القراءة التصفحية، كما لابد أن تستطيع التعبير عن موضوع الكتاب الرئيسي بأكبر إيجاز ممكن، ولابد أن تكون قادرًا على تلخيص الكتاب من خلال توضيح الأجزاء الرئيسية فيه ومعرفة علاقتها ببعضها البعض وكيفية تأثير الترتيب الذي وُضِعَت به في بناء هيكل الكتاب؛ فالكتاب الجيد كالمنزل الجيد الذي يتم إنشائه من خلال الترتيب المنظم لأجزائه. وفي الأخير، لابد أن تكون قادرًا على معرفة المسائل التي يعالجها الكتاب، وذلك من خلال استنباط الاسئلة التي يحاول الكاتب الاجابة عنها.
وبعد تطبيق هذه القواعد الأربعة تكون قد انتهيت من المرحلة الأولى من القراءة التحليلية وهي المرحلة التي تبين تركيب الكتاب وهيكله. أما المرحلة الثانية، فتهتم بتفسير محتوى الكتاب وتتكون من أربعة قواعد أيضًا تبدأ بالتوصل إلى تفاهم مع الكاتب، عن طريق إيجاد الكلمات الهامة في الكتاب ومحاولة فهم معناها الذي يقصده الكاتب؛ فكل كلمة يمكن استخدامها بعدة معانٍ. وإذا أساء القارئ فهم ما يقصده الكاتب؛ فإن هذا سيعيق التواصل بينهما، ويجب أن تؤشر على الجمل الأكثر أهمية في الكتاب، وتقرأها بتأنٍ؛ لتكتشف ما تعرضه من رسائل، وتتطلب تلك القاعدة معرفة جيدة بقواعد اللغة والنحو والصرف؛ حتى تستطيع فهم الجملة على حقيقتها.بعد ذلك، قم بتحديد رسالة الكتاب من خلال استيعاب ما يناقشه. وفي الأخير، تحديد المسائل التي نجح الكاتب في حلها وما المعضلات التي فشل في حلها.
المرحلة الثالثة للقراءة التحليلية تتضمن قواعد في نقد الكتاب كوسيلة لنقل المعرفة ومنها قواعد عامة في الإتيكيت الفكري كأن لا تبدأ في نقد الكتاب أو إبداء الاتفاق أو الاختلاف مع أفكاره حتى تفهمه بشكل كامل وإذا اختلفت مع وجهة نظر الكاتب فأذكر أسباب هذا الاختلاف بهدوء وموضوعية ودون الشعور وكأنك في معركة مع الكاتب لابد أن تنتصر فيها سواء كنت على صواب أو على خطأ. فلو قرأت الكتاب بهذه الروح؛ ستجد أن كل ما تفعله هو محاولة اصطياد الأخطاء فيه. كل المطلوب منك أن تقرأ الكتاب وأنت مهيأ للاتفاق أو الاختلاف معه وأيًا كان الموقف الذي ستتخذه، يجب أن يكون دافعه الحقيقة فقط. يجب كذلك أن تتأكد من أن نقدك لا ينتج عن سوء فهم لما يقوله الكاتب وأن تتمتع بالمرونة اللازمة لتغيير رأيك إذا شعرت بكونه خاطئًا وأن تعرض أسباب جيدة لأي حكم نقدي تقوم به.
كذلك هناك قواعد خاصة بالنقد، من خلالها يمكن للقارئ التعبير عن اختلافه مع الكاتب بشكل مهذب كأن يقول القارئ أنه فهم وجهة نظر الكاتب، لكنه لا يتفق معها لسبب أو أكثر كأن تكون معلومات الكاتب غير صحيحة (مع ذكر أمثلة على تلك المعلومات)، أو معلومات الكاتب ناقصة (مع ذكر أمثلة على تلك المعلومات)، أو أن الكاتب أساء الفهم؛ فوضع فرضيات خاطئة نتج عنها نتائج خاطئة (مع ذكر أمثلة على تلك الفرضيات)، أو أن حجج الكاتب غير منطقية (مع ذكر أمثلة على تلك الحجج)، أو أن تحليل الكاتب غير مكتمل (مع ذكر أمثلة على نقاط الضعف في التحليل).
مستويات القراءة الرابعة
القراءة المرجعية هي الأكثر تعقيدًا من بين كل القراءات؛ حيث تلقي عبئًا كبيرًا على القارئ، حتى لو كان النص الذي يقرأه سهلًا وغير معقد. وتستخدم القراءة المرجعية عند مطالعة عدة كتب للبحث في موضوع معين، وهي ليست مجرد مقارنة بين النصوص؛ فالقارئ يفترض به أن يخرج منها قادرًا على أن يحلل الموضوع بشكل يمكنه من إدراك أمور قد لا تكون موجودة في أي من الكتب التي قرأها.
وأهم خطوة في هذا المستوى هو تحديد مجموعة الكتب التي يجب قراءتها لفهم الموضوع من وسط الآلاف من الكتب. ويتم ذلك عن طريق القراءة التفحصية، وبعد تحديد مجموعة الكتب يتم قراءتهم عن طريق القراءة المرجعية، لا القراءة التحليلية؛ فالقراءة التحليلية خاصة بقراءة كتاب واحد لا مجموعة كتب، كما يمكنك الاستعانة بـِ "السينتوبيكون" وهو فهرس موضوعات يذكر أسماء الكتب التي تناولت كل موضوع.
وتتكون القراءة المرجعية من عدة خطوات تبدأ بإنشاء قائمة كتب عن الموضوع الذي تريد بحثه عن طريق الاستعانة بأمناء المكتبات أو أي وسائل مساعدة أخرى، ثم تقرأ كتب القائمة قراءة تفحصية لتحديد مجموعة الكتب التي تهتم حقًا بالموضوع الذي تريد بحثه. بعد ذلك، حدد المقاطع الوثيقة الصلة بالموضوع في كل كتاب عن طريق قراءة الكتاب قراءة تفحصية مرة ثانية، وتذكر أن هدفك ليس الفهم الكلي للكتاب، بل فهم الجزء المتعلق بالموضوع الذي تريد بحثه، ثم قم بوضع مفاهيم وتعابير محددة لكل الكتب؛ لأن كل كاتب له تعبيرات ومفاهيم مختلفة؛ لذا يجب أن توحدها في عقلك منعًا للتشتت، فمثلًا لو قررت استخدام كلمة "تنور" ووجدت في أحد الكتب كلمة "تبصر" لذا ترجمها في عقلك وفي ملاحظاتك المكتوبة عن الكتاب إلى "تنور" وإذا وجدت في كتاب آخر كلمة "تعلم" ترجمها أيضًا إلى "تنور" وهكذا تكون وحدت المصطلحات بين الكتب المختلفة، ثم قم تحديد الأسئلة التي تريد الاستفسار عنها في هذا الموضوع وتبين إجابة كل كتاب عنها. بعد ذلك، قم بتحديد الأسئلة التي اتفق الكتّاب في إجابتها، والأسئلة التي اختلفوا في إجابتها وضعها على هيئة مناقشات. في النهاية، تحليل تلك المناقشات بموضوعية، وهكذا ستستطيع فهم الموضوع من معظم جوانبه.
ومن الجدير بالذكر أن مستويات القراءة السابقة خاصة بالكتب التفسيرية وليس الكتب التخيلية كالقصص أو الشعر.