❞ نص الرسالة الشهيرة التي من أبي الاحرار الزبيري الى الشيخ الأحمر، من كتاب مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر.
\"بسم الله الرحمن الرحيم: ولدي الحبيب الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر أحييك وأقبلك وأتلهف إليك لهفة الظمآن إلى الماء العذب .
إليك هذه التحية الحارة الخاطفة مع الأخوة الأبناء القادمين إليك وعندهم كل شيء من أخبارنا وأفكارنا مما لا تتسع له هذه الرسالة.
يا بني الكريم : إنك لأن تحمل أثقال جبال اليمن وسهولها ووديانها وإن هيكلك النحيل امتحنه القدر فحمله الأمانة الكبرى نحو الشعب والبلاد وأملي عظيم أنك تحمل ما حملت وتؤدي ما فرض الله عليك أداءه.
إنك الذي ترجح كفة النجاة لوطنك كله وليس هذا مبالغة ولا ثناء وإنما هو مسئولية نوجه نظرك إليها.
وإننا معك يا بني أتمنى أن أمزق روحي لك فداء وعونا وإنني والله لأفزع أحيانا عندما أتصور البلاد خالية منك ومن نفر قليل من زملائك المشايخ الأحرار ولكن فزعي أعظم لو تصورت أن تتلكأ أو تتردد.
إن المطلوب منك أن تقول نعم وأن تقول لا بكل قوتك ورجولتك وستغير حينئذ مجرى التاريخ , إذا كنت لا تعرف قوتك فنحن نعرفها وترتفع رؤوسنا إلى السماء والأعداء يعرفونها وتررعد فرائصهم ... لا تصدق تواضعك وهدوء نفسك الوديعة المسالمة إن االدنيا مشحونة بالأحقاد والشرور والتربص والنوايا الشريرة.
ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه يهدم
ومن لا يظلم الناس يظلم
وسلام الله عليك ..
من والدك / محمد محمود الزبيري .. ❝ ⏤د. عبدالله راجح شارب الحايطي
❞ نص الرسالة الشهيرة التي من أبي الاحرار الزبيري الى الشيخ الأحمر، من كتاب مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر.
˝بسم الله الرحمن الرحيم: ولدي الحبيب الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر أحييك وأقبلك وأتلهف إليك لهفة الظمآن إلى الماء العذب .
إليك هذه التحية الحارة الخاطفة مع الأخوة الأبناء القادمين إليك وعندهم كل شيء من أخبارنا وأفكارنا مما لا تتسع له هذه الرسالة.
يا بني الكريم : إنك لأن تحمل أثقال جبال اليمن وسهولها ووديانها وإن هيكلك النحيل امتحنه القدر فحمله الأمانة الكبرى نحو الشعب والبلاد وأملي عظيم أنك تحمل ما حملت وتؤدي ما فرض الله عليك أداءه.
إنك الذي ترجح كفة النجاة لوطنك كله وليس هذا مبالغة ولا ثناء وإنما هو مسئولية نوجه نظرك إليها.
وإننا معك يا بني أتمنى أن أمزق روحي لك فداء وعونا وإنني والله لأفزع أحيانا عندما أتصور البلاد خالية منك ومن نفر قليل من زملائك المشايخ الأحرار ولكن فزعي أعظم لو تصورت أن تتلكأ أو تتردد.
إن المطلوب منك أن تقول نعم وأن تقول لا بكل قوتك ورجولتك وستغير حينئذ مجرى التاريخ , إذا كنت لا تعرف قوتك فنحن نعرفها وترتفع رؤوسنا إلى السماء والأعداء يعرفونها وتررعد فرائصهم .. لا تصدق تواضعك وهدوء نفسك الوديعة المسالمة إن االدنيا مشحونة بالأحقاد والشرور والتربص والنوايا الشريرة.
❞ فمن آمن بالله فكأنما قال له: امتحنِّي!
وكيف تراك إذا كنت بطلا من الأبطال مع قائد الجيش،
أما تفرض عليك شجاعتك أن تقول للقائد:
امتحني وارم بي حيث شئت!
وإذا رمى بك فرجعت مثخنا بالجراح ونالك البتر والتشويه،
أتراها أوصافا لمصائبك،
أم ثناء على شجاعتك. ❝ ⏤مصطفى صادق الرافعي
❞ فمن آمن بالله فكأنما قال له: امتحنِّي!
وكيف تراك إذا كنت بطلا من الأبطال مع قائد الجيش،
أما تفرض عليك شجاعتك أن تقول للقائد:
امتحني وارم بي حيث شئت!
وإذا رمى بك فرجعت مثخنا بالجراح ونالك البتر والتشويه،
أتراها أوصافا لمصائبك،
أم ثناء على شجاعتك. ❝
❞ وكان ﷺ عند مقدمه إلى المدينة يُصلِّي إلى قبلة بيت المقدس ، ويُحِبُّ أن يُصرف إلى الكعبة ، وقال لجبريل ( وَدِدْتُ أَنْ يَصْرِفَ اللَّهُ وَجْهِي عَنْ قِبْلَةِ اليَهُودِ ، فقال: إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَادْعُ رَبَّكَ وَاسْأَلْهُ ) ، فَجَعَلَ ﷺ يُقَلِّبُ وجهه في السماء يرجُو ذلِكَ حتى أنزل الله عليه { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَهَا فَوَلِ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الحَرَامِ } ، وذلك بعد ستة عشر شهراً من مَقْدَمِهِ المَدِينَةَ قبل وقعة بدر بشهرين ، وكان للَّهِ في جعل القبلة إلى بيت المقدس ، ثم تحويلها إلى الكعبة حكم عظيمة ، ومِحنَةٌ للمسلمين ، والمشركين ، واليهود ، والمنافقين ، فأما المسلمون فقالوا سمعنا وأطعنا، وأما المشرِكُونَ ، فقالوا : كما رجع إلى قبلتنا يُوشِكُ أن يَرْجَعَ إلى ديننا ، وما رجع إليها إلا أنه الحق ، وأما اليهود فقالوا : خالف قبلة الأنبياء قبله ، ولو كان نبياً ، لكان يُصلِّي إلى قبلة الأنبياء ، وأما المنافقون فقالوا : ما يدري محمد أين يتوجه إن كانت الأولى حقاً ، فقد تركها ، وإن كانت الثانية هي الحق ، فقد كان على باطل ، وكثرت أقاويل السفهاء من الناس ، وكانت كما قال الله تعالى { وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ } ،وكانت محنة من الله امتحن بها عباده ، ليرى من يتبع الرسول منهم ممن يَنْقَلِبُ على عَقِبَيه. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وكان ﷺ عند مقدمه إلى المدينة يُصلِّي إلى قبلة بيت المقدس ، ويُحِبُّ أن يُصرف إلى الكعبة ، وقال لجبريل ( وَدِدْتُ أَنْ يَصْرِفَ اللَّهُ وَجْهِي عَنْ قِبْلَةِ اليَهُودِ ، فقال: إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَادْعُ رَبَّكَ وَاسْأَلْهُ ) ، فَجَعَلَ ﷺ يُقَلِّبُ وجهه في السماء يرجُو ذلِكَ حتى أنزل الله عليه ﴿ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَهَا فَوَلِ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الحَرَامِ ﴾ ، وذلك بعد ستة عشر شهراً من مَقْدَمِهِ المَدِينَةَ قبل وقعة بدر بشهرين ، وكان للَّهِ في جعل القبلة إلى بيت المقدس ، ثم تحويلها إلى الكعبة حكم عظيمة ، ومِحنَةٌ للمسلمين ، والمشركين ، واليهود ، والمنافقين ، فأما المسلمون فقالوا سمعنا وأطعنا، وأما المشرِكُونَ ، فقالوا : كما رجع إلى قبلتنا يُوشِكُ أن يَرْجَعَ إلى ديننا ، وما رجع إليها إلا أنه الحق ، وأما اليهود فقالوا : خالف قبلة الأنبياء قبله ، ولو كان نبياً ، لكان يُصلِّي إلى قبلة الأنبياء ، وأما المنافقون فقالوا : ما يدري محمد أين يتوجه إن كانت الأولى حقاً ، فقد تركها ، وإن كانت الثانية هي الحق ، فقد كان على باطل ، وكثرت أقاويل السفهاء من الناس ، وكانت كما قال الله تعالى ﴿ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ﴾ ،وكانت محنة من الله امتحن بها عباده ، ليرى من يتبع الرسول منهم ممن يَنْقَلِبُ على عَقِبَيه. ❝
❞ لما اعلن سيدنا ابراهيم (عليه السلام) براءته من أبيه ومن قومه، لإصرارهم على الشرك، ورفضهم اتباعه ليسلك بهم سبُل الرشاد، مفارقهم مهاجرا الى اللّٰه تعالى، سأل ربه سبحانه أن يعوضه بالذرية الصالحة الطاهرة، المعينه له على إقامه شعائر الدين المطيعة لأمر الله تعالى، المتبعة سبيلِه، الحريصة على مرضاته [ وَقَالَ إِنّيِ ذَاهِبٌ إِلَى رَبّي سَيَهْدِينِ، رّبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ] واستجاب اللّٰه تعالى لدعوته؛ فوهبه على كبر السن أبناءً صالحين فقال [ الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ ليِ عَلَى الْـكِبَرِ إِسْمَاعَيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبّيِ لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ ] وقد اصطفى اللّٰه تعالى سيدنا ابراهيم (عليه السلام) ليكون خليله، وجعله إماما للناس يُقتدى، به وكان أعظم ما امتحن به سيدنا ابراهيم (عليه السلام) في طاعته لأوامر اللّٰه تعالى وتصديقه لقضاء لقضائِه وتسليمه لحُكمه؛ ما كان من قصَّة قيامه بتنفيذ أمره تعالى له بذَبح ابنه البِكرِ إسماعيل، وتقديمه قربانا للّٰه سبحانه، راضيَ النفس، مطمئنَّ الضمير، غير ساخطٍ ولا نادمٍ ولا متذمر، وإنَّها لمحنةٌ ما مرَّ بمثلها أحدٌ من العالمين من غير سيدنا إبراهيم (عليه السلام).. ❝ ⏤محمد كمال الصفتي
❞ لما اعلن سيدنا ابراهيم (عليه السلام) براءته من أبيه ومن قومه، لإصرارهم على الشرك، ورفضهم اتباعه ليسلك بهم سبُل الرشاد، مفارقهم مهاجرا الى اللّٰه تعالى، سأل ربه سبحانه أن يعوضه بالذرية الصالحة الطاهرة، المعينه له على إقامه شعائر الدين المطيعة لأمر الله تعالى، المتبعة سبيلِه، الحريصة على مرضاته [ وَقَالَ إِنّيِ ذَاهِبٌ إِلَى رَبّي سَيَهْدِينِ، رّبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ] واستجاب اللّٰه تعالى لدعوته؛ فوهبه على كبر السن أبناءً صالحين فقال [ الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ ليِ عَلَى الْـكِبَرِ إِسْمَاعَيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبّيِ لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ ] وقد اصطفى اللّٰه تعالى سيدنا ابراهيم (عليه السلام) ليكون خليله، وجعله إماما للناس يُقتدى، به وكان أعظم ما امتحن به سيدنا ابراهيم (عليه السلام) في طاعته لأوامر اللّٰه تعالى وتصديقه لقضاء لقضائِه وتسليمه لحُكمه؛ ما كان من قصَّة قيامه بتنفيذ أمره تعالى له بذَبح ابنه البِكرِ إسماعيل، وتقديمه قربانا للّٰه سبحانه، راضيَ النفس، مطمئنَّ الضمير، غير ساخطٍ ولا نادمٍ ولا متذمر، وإنَّها لمحنةٌ ما مرَّ بمثلها أحدٌ من العالمين من غير سيدنا إبراهيم (عليه السلام). ❝
❞ إلهي ..
إنك ترى نفسي و لا يراها سواك .
تراها كالبيت الكبير الذي تصدعت منه الجدران و تهاوت السقوف و انكفأت الموائد .
بيتاً مهجوراً يتعاوى فيه الذئاب و يلهو فيه القردة و تغرد العصافير .
ساعةً تتلألأ فيه الأنوار و تموج فيه أشعة القمر .
و ساعةً أخرى مظلماً مطموساً محطم المصابيح تسرح فيه العناكب .
مرةً تحنو عليه يد الربيع فتتفتح الزهور على نوافذه و تصدح البلابل و تغزل الديدان الحرير و تفرز النحلات الطنانة العسل.
و مرةً أخرى يأتي عليه الزلزال فلا يكاد يخلف جداراً قائماً لولا ذلك الحبل الممدود الذي ينزل بالنجدة من سماوات رحمتك .
حبل لا إله إلا أنت سبحانك .
أنت الفاعل سبحانك و أنت مجري الأقدار و الأحكام .. و أنت الذي امتحنت و قويت و أضعفت و سترت و كشفت .. و ما أنا إلا السلب و العدم .. و كل توفيق لي كان منك و كل هداية لي كانت بفضلك و كل نور كان من نورك .. ما أنا إلا العين و المحل و كل ما جرى علي من استحقاقي و كل ما أظهرت فيّ كان بعدلك و رحمتك .. ما كان لي من الأمر شيء .
و هل لنا من الأمر شيء !؟
مولاي .. يقولون إن أكبر الخطايا هي خطايا العارفين .. و لكني أسألك يارب أين العارف أو الجاهل الذي استطاع أن يسلم من الفتنة دون رحمة منك .. و أنت الذي سويت نفوسنا و خلقتها و وصفتها بأنها
( لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي ) .
و أين من له الحول و القوة بدونك .. و هذا جبريل يقول لنبيك لا حول من معصية إلا بعصمة الله و لا قوة على طاعة الله إلا بتمكين الله .
و هل استعصم الذين استعصموا إلا بعصمتك و هل تاب الذين تابوا إلا بتوبتك .. و هل استغفروا إلا بمغفرتك .
إلهي .. لقد تنفست أول ما تنفست بك و نطقت بك و سمعت بك و أبصرت بك و مشيت بك و اهتديت بك .. و ضللت عندما خرجت عن أمرك .
سألتك يارب بعبوديتي أن ترفع عني غضبك .. فها أنا ذا و قد خلعت عن نفسي كل الدعاوي و تبرأت من كل حوْل و طوْل و لبست الذل في رحاب قدرتك .
إنك لن تضيعني و أنا عبدك .
لن تضيع عبداً ذل لربوبيتك و خشع لجلالك .
و كيف يضيع عبد عند مولىً رحيم فكيف إذا كان هذا المولى هو أرحم الراحمين .
ربّ اجذبني إليك بحبلك الممدود لأخرج من ظلمتي إلى نورك و من عدميتي إلى وجودك و من هواني إلى عزتك .. فأنت العزيز حقاً الذي لن تضرك ذنوبي و لن تنفعك حسناتي .
إن كل ذنوبنا يارب لن تنقص من ملكك .
و كل حسناتنا لن تزيد من سلطانك .
فأنت أنت المتعال على كل ما خلقت المستغني عن كل ما صنعت .
و أنت القائل :
هؤلاء في الجنة و لا أبالي و هؤلاء في النار و لا أبالي .
و أنت القائل على لسان نبيك :
( ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم )
فها أنا أدعوك فلا أكف عن الدعاء .. فأنا المحتاج.. أنا المشكلة .. و أنا المسألة .
أنا العدم و أنت الوجود فلا تضيعني .
عاوني يارب على أن اتخطى نفسي إلى نفسي .. أتخطى نفسي الأمارة الطامعة في حيازة الدنيا إلى نفسي الطامعة فيك في جوارك و رحمتك و نورك و وجهك .
لقد جربت حيازة كل شيء فما ازددت إلا فقراً و كلما طاوعت رغائبي ازدادت جوعاً و إلحاحاً و تنوعاً .
حينما طاوعت شهوتي إلى المال ازددت بالغنى طمعاً و حرصاً و حينما طاوعت شهوتي إلى النساء ازددت بالإشباع عطشاً و تطلعاً إلى التلوين و التغيير .. و كأنما أشرب من ماء مالح فأزداد على الشرب ظمأً على ظمأ .
و ما حسبته حرية كان عبودية و خضوعاً للحيوان المختفي تحت جلدي ثم هبوطاً إلى درك الآلية المادية و إلى سجن الضرورات و ظلمة الحشوة الطينية و غلظتها .
كنت أسقط و أنا أحسب أني أحلق و أرفرف .
و خدعني شيطاني حينما غلف هذه الرغبات بالشعر و زوقها بالخيال الكاذب و زينها بالعطور و زفها في أبهة الكلمات و بخور العواطف ، و لكن صحوة الندم كانت توقظني المرة بعد المرة على اللاشيء و الخواء .
إلهي .. لم تعد الدنيا و لا نفسي الطامعة في الدنيا و لا العلوم التي تسخر لي هذه الدنيا و لا الكلمات التي احتال بها على هذه الدنيا .. مرادي و لا بضاعتي .
و إنما أنت وحدك مرادي و مقصودي و مطلوبي فعاوني بك عليك و خلصني بك من سواك و أخرجني بنورك من عبوديتي لغيرك فكل طلب لغيرك خسار .
أنت أنت وحدك .. و ما أرتضي مشوار هذه الدنيا إلا لدلالة هذا المشوار عليك و ما يبهرني الجمال إلا لصدوره عنك و ما أقصد الخير و لا العدل و الحرية و لا الحق إلا لأنها تجليات و أحكام أسمائك الحسنى يامن تسميت بأنك الحق .
و لكن تلك هجرة لا أقدر عليها بدونك و نظرة لا أقوى عليها بغير معونتك .. فعاوني و اشدد أزري .. فحسبي النية و المبادرة فذلك جهد الفقير .. فليس أفقر مني .. و هل بعد العدم فقر .. و قد جئت إلى الدنيا معدماً و أخرج منها معدماً و أجوزها معدماً .. زادي منك و قوتي منك و رؤيتي منك و نوري منك .
و اليوم جاءت الهجرة الكبرى التي أعبر فيها بحار الدنيا دون أن أبتل و أخوض نارها دون أن أحترق .. فكيف السبيل إلى ذلك دون يدك مضمومة إلى يدي .
و هل يدي إلا من صنع يدك ؟ .. و هل يدي إلا من يدك ؟!
و هل هناك إلا يد واحدة ؟
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .
سبحانك لا أرى لي يداً .
سبحانك لا أرى سواك .
لا إله إلا الله .
لا إله إلا الله حقاً و صدقاً .
و ذاتك هي واحدة الحسن .
الحسن كله منها .
و الحب كله لها .
و يدك هي واحدة المشيئة .
الفعل كله منها و القوة كلها بها و إن تعددت الأيدي في الظاهر و ظن الظانون تعدد المشيئات .. و إن تعدد المحبون و تعددت المحبوبات .. ما يركع الكل إلا على بابك و ما يلثم الكل إلا أعتابك .. مؤمنون و كفرة .. و إن ظن الكافر أنه يلثم ديناراً أو يقبل خداً فإنما هي أيادي رحمتك أو أيادي لعنتك هي ما يلثم و يقبل دون أن يدري .
و إنما هي أسماء و أفعال و أوصاف .
و المسمى واحد .
و الفاعل واحد .
و الموصوف واحد .
لا إله إلا هو .
لا إله إلا الله .
الحمد له في الأول و الآخر .
رفعت الأقلام و طويت الصحف و انتهت الكلمات
. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ إلهي .
إنك ترى نفسي و لا يراها سواك .
تراها كالبيت الكبير الذي تصدعت منه الجدران و تهاوت السقوف و انكفأت الموائد .
بيتاً مهجوراً يتعاوى فيه الذئاب و يلهو فيه القردة و تغرد العصافير .
ساعةً تتلألأ فيه الأنوار و تموج فيه أشعة القمر .
و ساعةً أخرى مظلماً مطموساً محطم المصابيح تسرح فيه العناكب .
مرةً تحنو عليه يد الربيع فتتفتح الزهور على نوافذه و تصدح البلابل و تغزل الديدان الحرير و تفرز النحلات الطنانة العسل.
و مرةً أخرى يأتي عليه الزلزال فلا يكاد يخلف جداراً قائماً لولا ذلك الحبل الممدود الذي ينزل بالنجدة من سماوات رحمتك .
حبل لا إله إلا أنت سبحانك .
أنت الفاعل سبحانك و أنت مجري الأقدار و الأحكام . و أنت الذي امتحنت و قويت و أضعفت و سترت و كشفت . و ما أنا إلا السلب و العدم . و كل توفيق لي كان منك و كل هداية لي كانت بفضلك و كل نور كان من نورك . ما أنا إلا العين و المحل و كل ما جرى علي من استحقاقي و كل ما أظهرت فيّ كان بعدلك و رحمتك . ما كان لي من الأمر شيء .
و هل لنا من الأمر شيء !؟
مولاي . يقولون إن أكبر الخطايا هي خطايا العارفين . و لكني أسألك يارب أين العارف أو الجاهل الذي استطاع أن يسلم من الفتنة دون رحمة منك . و أنت الذي سويت نفوسنا و خلقتها و وصفتها بأنها
( لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي ) .
و أين من له الحول و القوة بدونك . و هذا جبريل يقول لنبيك لا حول من معصية إلا بعصمة الله و لا قوة على طاعة الله إلا بتمكين الله .
و هل استعصم الذين استعصموا إلا بعصمتك و هل تاب الذين تابوا إلا بتوبتك . و هل استغفروا إلا بمغفرتك .
إلهي . لقد تنفست أول ما تنفست بك و نطقت بك و سمعت بك و أبصرت بك و مشيت بك و اهتديت بك . و ضللت عندما خرجت عن أمرك .
سألتك يارب بعبوديتي أن ترفع عني غضبك . فها أنا ذا و قد خلعت عن نفسي كل الدعاوي و تبرأت من كل حوْل و طوْل و لبست الذل في رحاب قدرتك .
إنك لن تضيعني و أنا عبدك .
لن تضيع عبداً ذل لربوبيتك و خشع لجلالك .
و كيف يضيع عبد عند مولىً رحيم فكيف إذا كان هذا المولى هو أرحم الراحمين .
ربّ اجذبني إليك بحبلك الممدود لأخرج من ظلمتي إلى نورك و من عدميتي إلى وجودك و من هواني إلى عزتك . فأنت العزيز حقاً الذي لن تضرك ذنوبي و لن تنفعك حسناتي .
إن كل ذنوبنا يارب لن تنقص من ملكك .
و كل حسناتنا لن تزيد من سلطانك .
فأنت أنت المتعال على كل ما خلقت المستغني عن كل ما صنعت .
و أنت القائل :
هؤلاء في الجنة و لا أبالي و هؤلاء في النار و لا أبالي .
و أنت القائل على لسان نبيك :
( ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم )
فها أنا أدعوك فلا أكف عن الدعاء . فأنا المحتاج. أنا المشكلة . و أنا المسألة .
أنا العدم و أنت الوجود فلا تضيعني .
عاوني يارب على أن اتخطى نفسي إلى نفسي . أتخطى نفسي الأمارة الطامعة في حيازة الدنيا إلى نفسي الطامعة فيك في جوارك و رحمتك و نورك و وجهك .
لقد جربت حيازة كل شيء فما ازددت إلا فقراً و كلما طاوعت رغائبي ازدادت جوعاً و إلحاحاً و تنوعاً .
حينما طاوعت شهوتي إلى المال ازددت بالغنى طمعاً و حرصاً و حينما طاوعت شهوتي إلى النساء ازددت بالإشباع عطشاً و تطلعاً إلى التلوين و التغيير . و كأنما أشرب من ماء مالح فأزداد على الشرب ظمأً على ظمأ .
و ما حسبته حرية كان عبودية و خضوعاً للحيوان المختفي تحت جلدي ثم هبوطاً إلى درك الآلية المادية و إلى سجن الضرورات و ظلمة الحشوة الطينية و غلظتها .
كنت أسقط و أنا أحسب أني أحلق و أرفرف .
و خدعني شيطاني حينما غلف هذه الرغبات بالشعر و زوقها بالخيال الكاذب و زينها بالعطور و زفها في أبهة الكلمات و بخور العواطف ، و لكن صحوة الندم كانت توقظني المرة بعد المرة على اللاشيء و الخواء .
إلهي . لم تعد الدنيا و لا نفسي الطامعة في الدنيا و لا العلوم التي تسخر لي هذه الدنيا و لا الكلمات التي احتال بها على هذه الدنيا . مرادي و لا بضاعتي .
و إنما أنت وحدك مرادي و مقصودي و مطلوبي فعاوني بك عليك و خلصني بك من سواك و أخرجني بنورك من عبوديتي لغيرك فكل طلب لغيرك خسار .
أنت أنت وحدك . و ما أرتضي مشوار هذه الدنيا إلا لدلالة هذا المشوار عليك و ما يبهرني الجمال إلا لصدوره عنك و ما أقصد الخير و لا العدل و الحرية و لا الحق إلا لأنها تجليات و أحكام أسمائك الحسنى يامن تسميت بأنك الحق .
و لكن تلك هجرة لا أقدر عليها بدونك و نظرة لا أقوى عليها بغير معونتك . فعاوني و اشدد أزري . فحسبي النية و المبادرة فذلك جهد الفقير . فليس أفقر مني . و هل بعد العدم فقر . و قد جئت إلى الدنيا معدماً و أخرج منها معدماً و أجوزها معدماً . زادي منك و قوتي منك و رؤيتي منك و نوري منك .
و اليوم جاءت الهجرة الكبرى التي أعبر فيها بحار الدنيا دون أن أبتل و أخوض نارها دون أن أحترق . فكيف السبيل إلى ذلك دون يدك مضمومة إلى يدي .
و هل يدي إلا من صنع يدك ؟ . و هل يدي إلا من يدك ؟!
و هل هناك إلا يد واحدة ؟
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .
سبحانك لا أرى لي يداً .
سبحانك لا أرى سواك .
لا إله إلا الله .
لا إله إلا الله حقاً و صدقاً .
و ذاتك هي واحدة الحسن .
الحسن كله منها .
و الحب كله لها .
و يدك هي واحدة المشيئة .
الفعل كله منها و القوة كلها بها و إن تعددت الأيدي في الظاهر و ظن الظانون تعدد المشيئات . و إن تعدد المحبون و تعددت المحبوبات . ما يركع الكل إلا على بابك و ما يلثم الكل إلا أعتابك . مؤمنون و كفرة . و إن ظن الكافر أنه يلثم ديناراً أو يقبل خداً فإنما هي أيادي رحمتك أو أيادي لعنتك هي ما يلثم و يقبل دون أن يدري .
و إنما هي أسماء و أفعال و أوصاف .
و المسمى واحد .
و الفاعل واحد .
و الموصوف واحد .
لا إله إلا هو .
لا إله إلا الله .
الحمد له في الأول و الآخر .
رفعت الأقلام و طويت الصحف و انتهت الكلمات. ❝