█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ فلما انصَرَف رَسُولُ اللهِ ﷺ إلى المدينة ، لم يكن إلا أن وضع سلاحه ، فجاءه جبريل ، فقال : أوضعت السلاح ، والله إن الملائكة لم تضع أسلحتها ؟! فانهض بمن معك إلى بني قريظة ، فإني سائر أمامك أزلزل بهم حصونهم وأقذف في قلوبهم الرعب ، فسار جبريل في موكبه من الملائكة ، ورسول الله ﷺ على أثره في موكبه من المهاجرين والأنصار ، وقال ﷺ لأصحابه يومئذ ( لا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُم العَصْرَ إِلَّا في بني قُرَيْظَةَ ) ، فبادروا إلى امتثال أمره ونهضوا من فورهم ، فأدركتهم العصر في الطريق ، فقال بعضهم : لا نصليها إلا في بني قريظة كما أمرنا ، فصلوها بعد عشاء الآخرة ، وقال بعضُهم : لم يُرِدْ ﷺ منا ذلك ، وإنما أراد سُرعة الخروج ، فَصَلَّوْها في الطريق ، فلم يُعنف واحدة من الطائفتين ، وأعطى رسول الله ﷺ الراية علي بن أبي طالب ، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم ، ونازل حصون بني قريظة ، وحصرهم خمساً وعشرين ليلة ، ولما اشتد عليهم الحِصَارُ ، عرض عليهم رئيسهم كعب بن أسد ثلاث خصال🔸️إما أن يُسْلِمُوا ويدخُلوا مع محمد في دينه🔸️وإما أن يقتلوا ذراريهم ، ويخرجوا إليه بالسيوف مُصلتة يناجِزُونه حتى يظفروا به ، ️أو يُقتلوا عن آخرهم🔸️وإما أن يهجموا على رسول الله ﷺ وأصحابه ويكبسوهم يوم السبت ، لأنهم قد أمِنُوا أن يُقاتلوهم فيه ، فأبوا عليه أن يُجِيبُوهُ إلى واحدة منهن ، فبعثوا إليه أن أرسل إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر نستشيره ، فلما رأوه ، قاموا في وجهه يبكون ، وقالوا : يا أبا لُبابة ! كيف ترى لنا أن ننزل على حكم محمد ؟ فقال : نعم ، وأشار بيده إلى حلقه يقول : إنه الذبح ، ثم عَلِمَ مِن فوره أنه قد خان الله ورسوله ، فمضى على وجهه ، ولم يَرْجع إلى رسول الله ﷺ حتى أتى مسجد المدينة ، فربط نفسه بسارية المسجد ، وحلف ألا يحله إلا رسول الله ﷺ بيده ، وأنه لا يدخل أرض بني قريظة أبداً ، فلما بلغ رسول الله ﷺ ذلك ، قال ( دَعُوهُ حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ ) ، ثم تاب الله عليه ، وحله رسول الله ﷺ بيده ، ثم إنهم نزلوا على حكم رسول الله ﷺ فقامت إليه الأوس ، فقالوا : يا رَسُولَ الله ! قد فعلت في بني قَيْنُقاع ما قد عَلِمْتَ وهم حلفاء إخواننا الخزرج ، وهؤلاء موالينا ، فأحسن فيهم فقال ﷺ ( أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَحْكُم فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْكُم؟ ) قالوا : بلى قال ( فَذَاكَ إلى سَعْدِ بْنِ مُعَاذ ) قالوا : قد رضينا ، فأرسل إلى سعد بن معاذ وكان في المدينة لم يخرج معهم لجُرح به ، فأُرْكِبَ حماراً وجاء إلى رسول الله ﷺ فجعلوا يقولون له وهم كَنَفتَاهُ ، يا سَعْدًا أجمل إلى مواليك ، فأحسن فيهم ، فإن رسول الله ﷺ قد حكمك في فِيهِم لِتُحْسِنَ فيهم ، وهو ساكت لا يرجع إليهم شيئاً ، فلما أكثروا عليه ، قال : لقد آن لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم ، فلما سَمِعُوا ذلِكَ رجع بعضهم إلى المدينة ، فنعى إليهم القوم ، فلما انتهى سعد إلى النبي ﷺ قال ﷺ للصحابة ( قُومُوا إِلَى سَيِّدكُم ) فلما أنزلوه ، قالوا : يا سعدا إن هؤلاء القوم قد نزلوا على حكمك ، قال : وحكمي نافذ عليهم ؟ قالوا : نعم ، قال : وعلى المسلمين ؟ قالوا : نعم ، قال : على من ها هنا وأعرض بوجهه ، وأشار إلى ناحية رسول الله ﷺ إجلالاً له وتعظيماً؟ قال ﷺ ( نعم ، وعَليَّ ) قال : فإني أحكم فيهم أن يُقتل الرِّجَالُ ، وتُسْبَى الذَّرِّيَّةُ ، وتُقسم الأموال ، فقال رسول الله ﷺ ( لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَات ) ، وأسلم منهم تلك الليلة نفر قبل النزول ، وهرب عمرو بن سعد ، فانطلق فلم يُعلم أين ذهب ، وكان قد أبي الدخول معهم في نقض العهد ، فلما حكم فيهم بذلك ، أمر رسول الله ﷺ بقتل كُلِّ من جرت عليه الموسى منهم ، ومن لم يُنبتُ اُلحق بالذرية ، فحفر لهم خنادق في سوق المدينة ، وضُرِبَتْ أعناقهم ، وكانوا ما بين الستمئة إلى السبعمئة ، ولم يقتل من النساء أحد سوى امرأة واحدة كانت طَرَحَتْ على رأس سويد بن الصامت رُحى ، فقتلته ، وجعل يُذهب بهم إلى الخنادق أرسالاً أرسالاً ، فقالوا لرئيسهم كعب بن أسد يا كعب ما تراه يُصنع بنا ؟ فقال : أفي كل موطن لا تعقِلُونَ ؟ أما ترون الداعي لا يَنزِعُ ، والذاهب منكم لا يرجعُ ، هو والله القتل ، فهذا كُلُّه في يهود المدينة ، وكانت غزوة كل طائفة منهم عَقِبَ كُلِّ غزوة من الغزوات الكبار ، فغزوة بني قينقاع عقب بدر ، وغزوة بني النضير عقب غزوة أُحد ، وغزوة بني قريظة عقب الخندق . ❝