📘 ❞ أبو هريرة راوية الإسلام وسيد الحفاظ الأثبات ❝ كتاب ــ عبد الستار الشيخ الدمشقي اصدار 2003

التراجم والأعلام - 📖 ❞ كتاب أبو هريرة راوية الإسلام وسيد الحفاظ الأثبات ❝ ــ عبد الستار الشيخ الدمشقي 📖

█ _ عبد الستار الشيخ الدمشقي 2003 حصريا كتاب أبو هريرة راوية الإسلام وسيد الحفاظ الأثبات عن دار القلم للنشر والتوزيع 2024 الأثبات: هُرَيْرَة الرحمن بن صخر الدوسي (21 ق هـ 602 م 59 679م ) صحابي محدث وفقيه وحافظ أسلم سنة 7 ولزم النبي محمداً وحفظ الحديث عنه حتى أصبح أكثر الصحابة روايةً وحفظًا للحديث النبوي لسعة حفظ أبي التفّ حوله العديد من والتابعين طلبة الذين قدّر البخاري عددهم بأنهم جاوزوا الثمانمائة ممن رووا كما يعد واحدًا أعلام قُرّاء الحجاز حيث تلقّى القرآن محمد وعرضه كعب وأخذ هرمز تولى ولاية البحرين عهد الخليفة عمر الخطاب كمل إمارة المدينة 40 41 وبعدها لزم المنورة يُعلّم الناس ويُفتيهم أمور دينهم وفاته نشأ مساكن قبيلته «دوس» الأزديّة بأرض اليمن يتيمًا ولما بلغته دعوة الطفيل عمرو إلى أجاب الدعوة وأسلم ثم هاجر أول وهو ابن ثمان وعشرين مع نفر قومه قبيلة دوس اليمانية وقت غزوة خيبر ولكن اختُلف أأدرك القتال وشارك فيه أم بلغ بعدما فرغوا قال البر: «أسلم عام وشهدها رسول الله صلى عليه وسلم» خدمة للنبي وأهل بيته ومن وصول المسجد أهل الصفة لم يكن لهم مأوى ولا ورد أنه أمضى أربع سنين معيّة وورد أنهم ثلاث انقطع فيها الدنيا ليلازم عاش حياة المساكين يدور معه بيوت نسائه ويخدمه ويغزو ويحجّ فشهد فتح مكة وأصبح أعلم بحديثه فكان السابقون كعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير يسألونه لمعرفتهم ملازمة فتمكّن تلك الفترة استيعاب قدر كبير أحاديث وأفعاله ساعده ذلك قُدرته الكبيرة الحفظ امتاز بالجراءة سؤال أشياء لا يسأله عنها غيره وقد أوكل له بعض الأعمال كحفظ أموال زكاة رمضان بعثه مؤذّنًا العلاء الحضرمي حين بعث واليًا في الخلفاء الراشدين وبعد وفاة شارك بكر الصديق حروب الردة الفتح الإسلامي لفارس ثم استعمله فقدم ولايته عليها بعشرة آلاف فاتهمه الأموال فأنكر اغتصابه لتلك وقال بأنها نتاج خيله ومن تجارته الغلال وما تجمّع أُعطيات فتقصّى عُمر الأمر فتبيّن صدق مقولة أراد بعدئذ يُعيد فأبى وامتنع بعد أقام يُحدّث طلاب ويُفتي فقد روى زياد مينا أنه: «كان عباس وابن وأبو سعيد وجابر أشباه يُفتون بالمدينة ويُحدّثون وسلم لدن توفي عثمان أن توفوا» كذلك حزم «الإحكام أصول الأحكام»: «المتوسطون فيما روي عنهم الفتاوى العاص سلمة أنس موسى الزبير سعد وقاص سلمان جابر معاذ الصديق» لم بمعزل عما أحداث مناصرة المدافعين عفان يوم الدار ما حفظه الأمويون لأبي ورغم حُسن علاقته بالأمويين إلا عنّف مروان الحكم ولم وقتها لممانعته دفن الحسن علي طالب جده هريرة: «تدخل يعنيك ولكنك تريد رضا الغائب» يعني بذلك معاوية وفاته مقبرة البقيع دُفن تعددت الروايات تاريخ فقال هشام عروة أبا وعائشة توفيا 57 وأيّد هذا التاريخ المديني ويحيى بكير وخليفة خياط بينما الهيثم عدي بأنه 58 الواقدي عبيد الضرير مات وزاد عمره يومها كان 78 وأن هو عائشة وعلى شوال نفس السنة كانت وادي العقيق وحمل بعدها الوليد عتبة أمير وقتئذ صلاة العصر وشيعه الخدري ودُفن بالبقيع أوصى حضره الموت فقال: «إذا مت فلا تنوحوا عليّ تضربوا فسطاطا تتبعوني بمجمرة وأسرعوا بي» قبل دارًا ذي الحليفة تصدق بها مواليه كتب عتبه سفيان يُنبأه بموت فكتب إليه يأمره بأن يحصي ورثة يمنحهم عشرة درهم يُحسن جوارهم يرد ذكر لأسرة زوجة اسمها «بسرة بنت غزوان» الولد ابنه المحرر وعبد وبلال هريرة؛ وابنة للتابعي المسيب أما صفة الشكلية رجلاً آدم بعيد بين المنكبين أفرق الثنيتين ذا ضفيرتين يميل المُزاح رُوي يرى الصبية يلعبون الليل لعبة الغراب فيتسلل بينهم وهم يشعرون يلقي بنفسه ويضرب برجليه الأرض يريد يضحكهم فيفزع الصبيان منه ويفرون ههنا وههنا يتضاحكون روايته النبوي مروياته لزم منذ وساعدته سعة عدد الأحاديث النبوية الذهبي ترجمته كتابه «سير النبلاء» بلغت مسند بقي مخلد 5374 حديث اتفق ومسلم 326 منها وانفرد بـ 93 حديثًا 98 أحصى المحقق شعيب الأرناؤوط تحقيقه لمسند أحمد 3870 جمع إسحاق إبراهيم حرب العسكري القرن الثالث الهجري وتوجد نسخة محفوظة مكتبة كوبريللي بتركيا الطبراني مُسندًا مصنف لذا التف الكثيرون 800 رجل وامرأة شهد معاصروه بأوّليته أحفظ نظرًا لتدوين لما يحفظه يكتب وقرأه أخذ الأعرج اختبر ومروان يومئذ دعا وسأله يُحدّثه وأمر كاتبه يجلس خلف ستار يسمعه فجعل أرسل فترة يسأل يقارن بما كتبه فما وجده غيّر حرفًا حرف عندئذ مروان: «تعلم أنا قد كتبنا حديثك أجمع؟» «وقد فعلت؟» قال: «نعم» «فاقرأه علي» فقرأه «أما إنكم حفظتم وإن تطعني تمحه» فمحاه «ارو روينا» الجرح والتعديل أبو وعاء العلم —النبي محمد نقل قوله «أبو العلم» عمر: «كنت ألزمنا لرسول وأعلمنا بحديثه» كعب: «ما رأيت رجلا يقرأ التوراة هريرة» الشافعي: دهره» نعيم عنه: لأخبار ودعا يحبّبه المؤمنين وكان إسلامه الحديبيّة وخيبر قدم مهاجرًا وسكن الصّفة» وقد اهتم علماء الجرح والتعديل بتصنيف أصح أسانيد فعدّها أسانيده جاء الزُهري الزناد عون وأيوب سيرين الجماعة كُتُبهم اعتبر أصحها طريق حماد زيد أيوب سليمان داود: «أصح الأسانيد كلها يحيى كثير المُحدّث شاكر رُوِيَ طرق مالك وسفيان عيينة ومعمر إسماعيل حكيم عبيدة معمر همام منبه التعجُّب كثرة رواياته لم يتقبّل إكثار الرواية كالخليفة الثاني الذي «لتتركن أو لألحقنك دوس» لرؤية ضرورة الإقلال رواية زمان خلافته مخافة انشغال بالحديث ومع سمح بالتحديث يطلبه معنا كنا بيت فلان؟» «نعم علمت لأي شيء سألتني» «ولم سألتك؟» فردّ قائلاً: «إن يومئذ: كذب متعمدًا فليتبوأ مقعده النار» فاذهب فحدّث» وهي إجازة دخل يومًا فقالت متعجبة: «أكثرت يا الله!» «إي والله أماه؛ تشغلني المرآة المكحلة الدهن» عائشة: «لعله» وبلغ لحديث: «من الجنازة يصلي فله قيراط شهدها تدفن قيراطان قيل: القيراطان؟ مثل الجبلين العظيمين أصغرهما أحد» «أكثر علينا فأخذه يسألها فصدّقته له: الانتقاد فقط جموع بل محل ريبة العوام سأل أحدهم طلحة «يا أرأيت اليماني أهو بحديث منكم؟ نسمع نسمعها منكم يقول يقل؟» يكون سمع أشك سأحدثك ذلك: إنا بيوتات وغنم وعمل نأتي طرفي النهار مسكينًا ضيفًا باب يده نشك تجد أحدًا خير يقل» أزعجت الانتقادات لكثرة رواياته «إنكم تقولون إن يكثر وتقولون للمهاجرين والأنصار يحدثون مثله! إخواني المهاجرين يشغلهم الصفق بالأسواق الأنصار عمل أموالهم؛ وكنت امرأ مساكين ألزم ملء بطني فأحضر يغيبون وأعي ينسون يحدثه إنه لن يبسط أحد ثوبه أقضي جميع مقالتي يجمع وعى أقول فبسطت نمرة إذا قضى مقالته جمعتها صدري نسيت مقالة شيء» تكن معاصريه التابعين يأخذون ببعض حديثه يزيد هارون شعبة يقول: يدلس» المغيرة ومنصور النخعي أصحابه كانوا جنة نار التراجم والأعلام مجاناً PDF اونلاين علم العلم يتناول سير الأعلام عبر العصور المختلفة دقيق يبحث أحوال الشخصيات والأفراد تركوا آثارا المجتمع ويتناول كافة طبقات الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء والقادة والعلماء شتى المجالات والفقهاء والأدباء والشعراء والفلاسفة وغيرهم ويهتم بذكر حياتهم الشخصية ومواقفهم وأثرهم الحياة وتأثيرهم ويعتبر عموما فرعا فروع اهتم المسلمون بعلم اهتماما كبيرا بدأت العناية بهذا عندهم الرسول بزمن يسير حرص العلماء حماية وصيانة المصدر مصادر التشريع حرصوا صيانته الكذب والتزوير والغش والتلفيق والدس فنشأ كقاعدة تلقّي الأخبار وبالأخص يتعلق أولا الآثار المروية وباقي خصوصا والناس روى مسلم صحيحه مجاهد «جاء بشير العدوي يحدث ويقول: يأذن لحديثه ينظر مالي أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك تسمع؟ عباس: مرة سمعنا ابتدرته أبصارنا وأصغينا بآذاننا فلما ركب الصعب والذلول نأخذ نعرف » واستمر العمل هذه القاعدة معرفة الرجال ناقلي بسبب حال نقلة وذلك ينبني المعرفة قبول والتعبد لله تعالى رد والحذر اعتبارها ديناً وروى «لم يكونوا يسألون الإسناد وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر فيؤخذ حديثهم وينظر البدع يؤخذ حديثهم» وجاءت عبارات الأئمة بيان أهمية الرواة صريحة وواضحة الأهمية بمكان البحث نواح تفصيلية الراوي ونواح استنتاجية (تُستنتج وطريقته التحديث) مباحث العلم: ميلاد وتاريخ طلبه للعلم وممن سِنِيِّ هم الشيوخ (من منهم حدث سماعاً دلس شيئاً عنه) مدة ملازمته لكلّ شيخ شيوخه وكيف ذاك وكم والآثار ذلك؛ وهل الضعفاء والمجاهيل؟ ورحلاته العلمية حدّث به؛ ومتى يحدِّث؟ كتابه؛ سماعٌ عرض؛ المستملون والوراقون استخدمهم؟) إقبال الحاضرين عنده؟ هي الأوهام التي وقع والسَّقطات أُخذت عليه؟ أخلاق وعبادته ومهنته؛ يأخذ أجراً التحديث؟ عسِراً التحديث سمحاً بعلمه متساهلاً ؟ وتفرّع وانبثق علوم كثيرة متعلّقة الباب تفرّدته به الأمة الإسلامية باقي الأمم وعلم مصطلح ناحية العدالة والتوثيق والضبط العلل وغيرها أقسام التراجم هنالك تقسيمات متنوعة لعلم والكتب العديدة المؤلفة فمنها: التراجم الطبقات التراجم الحروف الوفيات القرون البلدان وقسّمهم البعض الآخر أبواب مختلفة منها: التراجم المتعلقة معيّن المتعلّقة بمذهب بفنّ بشخص الترجمة الذاتية أسهب التأليف الأبواب يكاد يخلوا وصنّفت عشرات الكتب وهذا ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل وتراجم ومذكرات فيشمل الكثير حول المجال

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
أبو هريرة راوية الإسلام وسيد الحفاظ الأثبات
كتاب

أبو هريرة راوية الإسلام وسيد الحفاظ الأثبات

ــ عبد الستار الشيخ الدمشقي

صدر 2003م عن دار القلم للنشر والتوزيع
أبو هريرة راوية الإسلام وسيد الحفاظ الأثبات
كتاب

أبو هريرة راوية الإسلام وسيد الحفاظ الأثبات

ــ عبد الستار الشيخ الدمشقي

صدر 2003م عن دار القلم للنشر والتوزيع
عن كتاب أبو هريرة راوية الإسلام وسيد الحفاظ الأثبات:
أبو هُرَيْرَة عبد الرحمن بن صخر الدوسي (21 ق هـ/ 602 م - 59 هـ/679م،) صحابي محدث وفقيه وحافظ أسلم سنة 7 هـ، ولزم النبي محمداً، وحفظ الحديث عنه، حتى أصبح أكثر الصحابة روايةً وحفظًا للحديث النبوي. لسعة حفظ أبي هريرة، التفّ حوله العديد من الصحابة والتابعين من طلبة الحديث النبوي الذين قدّر البخاري عددهم بأنهم جاوزوا الثمانمائة ممن رووا عن أبي هريرة. كما يعد أبو هريرة واحدًا من أعلام قُرّاء الحجاز، حيث تلقّى القرآن عن النبي محمد، وعرضه على أبي بن كعب، وأخذ عنه عبد الرحمن بن هرمز. تولى أبو هريرة ولاية البحرين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، كمل تولى إمارة المدينة من سنة 40 هـ حتى سنة 41 هـ. وبعدها لزم المدينة المنورة يُعلّم الناس الحديث النبوي، ويُفتيهم في أمور دينهم، حتى وفاته سنة 59 هـ.

نشأ أبو هريرة في مساكن قبيلته «دوس» الأزديّة بأرض اليمن يتيمًا، ولما بلغته دعوة الطفيل بن عمرو الدوسي إلى الإسلام أجاب الدعوة، وأسلم،

ثم هاجر في أول سنة 7 هـ، وهو ابن ثمان وعشرين سنة مع نفر من قومه من قبيلة دوس اليمانية، إلى المدينة المنورة وقت غزوة خيبر، ولكن اختُلف أأدرك القتال وشارك فيه، أم بلغ المدينة بعدما فرغوا من القتال،، قال ابن عبد البر: «أسلم أبو هريرة عام خيبر، وشهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم».

خدمة أبي هريرة للنبي محمد وأهل بيته
ومن وقت وصول أبي هريرة إلى المدينة، لزم المسجد النبوي في أهل الصفة الذين لم يكن لهم مأوى ولا أهل، ورد أنه أمضى أربع سنين في معيّة النبي محمد، وورد أنهم ثلاث، انقطع فيها عن الدنيا ليلازم النبي محمد، عاش فيها حياة المساكين، يدور معه في بيوت نسائه ويخدمه ويغزو معه ويحجّ، فشهد معه فتح مكة، وأصبح أعلم الناس بحديثه، فكان السابقون من الصحابة كعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير يسألونه عن الحديث، لمعرفتهم ملازمة أبي هريرة للنبي محمد، فتمكّن أبو هريرة في تلك الفترة من استيعاب قدر كبير من أحاديث النبي محمد وأفعاله، ساعده على ذلك قُدرته الكبيرة على الحفظ. امتاز أبو هريرة في تلك الفترة بالجراءة على سؤال النبي محمد عن أشياء لا يسأله عنها غيره، وقد أوكل النبي محمد له بعض الأعمال كحفظ أموال زكاة رمضان، كما بعثه النبي محمد مؤذّنًا مع العلاء بن الحضرمي حين بعث النبي محمد العلاء واليًا على البحرين.

في عهد الخلفاء الراشدين
وبعد وفاة النبي محمد، شارك أبو هريرة في عهد أبي بكر الصديق في حروب الردة، كما شارك في الفتح الإسلامي لفارس في عهد عمر بن الخطاب، ثم استعمله عمر واليًا على البحرين، فقدم من ولايته عليها إلى المدينة بعشرة آلاف، فاتهمه عمر في تلك الأموال، فأنكر أبو هريرة اغتصابه لتلك الأموال، وقال له بأنها نتاج خيله، ومن تجارته في الغلال، وما تجمّع له من أُعطيات. فتقصّى عُمر الأمر، فتبيّن له صدق مقولة أبي هريرة. أراد عُمر بعدئذ أنه يُعيد أبي هريرة إلى ولايته على البحرين، فأبى أبو هريرة، وامتنع. بعد ولايته تلك، أقام أبو هريرة في المدينة المنورة يُحدّث طلاب الحديث، ويُفتي الناس في أمور دينهم، فقد روى زياد بن مينا أنه: «كان ابن عباس وابن عمر وأبو سعيد وأبو هريرة وجابر مع أشباه لهم، يُفتون بالمدينة، ويُحدّثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من لدن توفي عثمان إلى أن توفوا»، كذلك قال ابن حزم في كتاب «الإحكام في أصول الأحكام»: «المتوسطون فيما روي عنهم من الفتاوى عثمان، أبو هريرة، عبد الله بن عمرو بن العاص، أم سلمة، أنس، أبو سعيد، أبو موسى، عبد الله بن الزبير، سعد بن أبي وقاص، سلمان، جابر، معاذ، أبو بكر الصديق».

لم يكن أبو هريرة بمعزل عما يدور حوله من أحداث، فقد شارك أبو هريرة في مناصرة المدافعين عن عثمان بن عفان يوم الدار، وهو ما حفظه الأمويون لأبي هريرة. ورغم حُسن علاقته بالأمويين، إلا أنه عنّف مروان بن الحكم ولم يكن وقتها واليًا على المدينة المنورة لممانعته دفن الحسن بن علي بن أبي طالب مع جده النبي محمد، حيث قال له أبو هريرة: «تدخل فيما لا يعنيك ولكنك تريد رضا الغائب»، يعني أبو هريرة بذلك معاوية.

وفاته

مقبرة البقيع حيث دُفن أبو هريرة.
تعددت الروايات في تاريخ وفاة أبي هريرة، فقال هشام بن عروة أن أبا هريرة وعائشة توفيا سنة 57 هـ، وأيّد هذا التاريخ علي بن المديني ويحيى بن بكير وخليفة بن خياط، بينما قال الهيثم بن عدي بأنه توفي سنة 58 هـ، فيما قال الواقدي وأبو عبيد وأبو عمر الضرير أنه مات سنة 59 هـ، وزاد الواقدي أن عمره يومها كان 78 سنة، وأن أبا هريرة هو من صلى على عائشة في رمضان سنة 58 هـ، وعلى أم سلمة في شوال سنة 59 هـ، ثم توفي بعد ذلك في نفس السنة. كانت وفاة أبي هريرة في وادي العقيق، وحمل بعدها إلى المدينة، حيث صلى عليه الوليد بن عتبة أمير المدينة المنورة وقتئذ بعد صلاة العصر، وشيعه عبد الله بن عمر وأبو سعيد الخدري، ودُفن بالبقيع. وقد أوصى أبو هريرة حين حضره الموت، فقال: «إذا مت فلا تنوحوا عليّ، لا تضربوا عليّ فسطاطا، ولا تتبعوني بمجمرة، وأسرعوا بي». كما كانت له قبل وفاته دارًا في ذي الحليفة، تصدق بها على مواليه. وقد كتب الوليد بن عتبه إلى الخليفة معاوية بن أبي سفيان يُنبأه بموت أبي هريرة، فكتب معاوية إليه يأمره بأن يحصي ورثة أبي هريرة، وأن يمنحهم عشرة آلاف درهم، وأن يُحسن جوارهم.

لم يرد ذكر لأسرة أبي هريرة أكثر من أنه كانت له زوجة اسمها «بسرة بنت غزوان»، ومن الولد ابنه المحرر وهو ممن رووا عنه الحديث النبوي، وعبد الرحمن بن أبي هريرة، وبلال بن أبي هريرة؛ وابنة كانت زوجة للتابعي سعيد بن المسيب. أما صفة أبي هريرة الشكلية، فقد كان أبو هريرة رجلاً آدم، بعيد ما بين المنكبين، أفرق الثنيتين، ذا ضفيرتين، يميل إلى المُزاح، فقد رُوي أنه كان يرى الصبية يلعبون في الليل لعبة الغراب، فيتسلل بينهم، وهم لا يشعرون، حتى يلقي بنفسه بينهم، ويضرب برجليه الأرض، يريد بذلك أن يضحكهم، فيفزع الصبيان منه، ويفرون ههنا وههنا، يتضاحكون.

روايته للحديث النبوي
مروياته
لزم أبو هريرة النبي محمد منذ أن أسلم سنة 7 هـ، وساعدته سعة حفظه على استيعاب عدد كبير من الأحاديث النبوية ذكر الذهبي في ترجمته لأبي هريرة في كتابه «سير أعلام النبلاء» أن أحاديث أبي هريرة بلغت في مسند بقي بن مخلد 5374 حديث، اتفق البخاري ومسلم على 326 حديث منها، وانفرد البخاري بـ 93 حديثًا، ومسلم بـ 98 حديثًا، كما أحصى له المحقق شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لمسند أحمد 3870 حديثًا. وقد جمع أبو إسحاق إبراهيم بن حرب العسكري في القرن الثالث الهجري مسند أبي هريرة، وتوجد نسخة منه محفوظة في مكتبة كوبريللي بتركيا، كما جمع الطبراني مُسندًا لأبي هريرة في مصنف.

لذا، فقد التف حوله الكثيرون ممن طلبة الحديث النبي قدّر البخاري عددهم بأنهم جاوزوا 800 رجل وامرأة رووا عن أبي هريرة. وقد شهد لأبي هريرة معاصروه بأوّليته في سعة الحفظ، بينما ذكر أبو هريرة أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان أحفظ منه، نظرًا لتدوين عبد الله لما كان يحفظه من أحاديث، بينما لم يكن أبو هريرة يكتب. كما حفظ أبو هريرة القرآن، وقرأه على أبي بن كعب، وقد أخذ عنه الأعرج. وقد اختبر مروان بن الحكم حفظ أبي هريرة، ومروان يومئذ واليًا على المدينة، بأن دعا أبا هريرة، وسأله أن يُحدّثه، وأمر مروان كاتبه أن يجلس خلف ستار يكتب ما يسمعه. فجعل أبو هريرة يُحدّث مروان. ثم أرسل مروان بعد فترة يسأل أبي هريرة أن يُحدّثه، وأمر كاتبه بأن يقارن بما كتبه، فما وجده غيّر حرفًا عن حرف، عندئذ قال له مروان: «تعلم أنا قد كتبنا حديثك أجمع؟»، فقال أبو هريرة: «وقد فعلت؟»، قال: «نعم»، قال: «فاقرأه علي»، فقرأه. فقال أبو هريرة: «أما إنكم قد حفظتم، وإن تطعني تمحه»، فمحاه مروان، وقال أبو هريرة: «ارو كما روينا».

الجرح والتعديل
أبو هريرة وعاء من العلم
—النبي محمد
نقل أبو سعيد الخدري عن النبي محمد قوله عن أبي هريرة: «أبو هريرة وعاء من العلم»، وقال له ابن عمر: «كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمنا بحديثه»، وقال كعب: «ما رأيت رجلا لم يقرأ التوراة أعلم بما في التوراة من أبي هريرة»، وقال الشافعي: «أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره»، وقال أبو نعيم عنه: «كان أحفظ الصحابة لأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعا له بأن يحبّبه إلى المؤمنين، وكان إسلامه بين الحديبيّة وخيبر. قدم المدينة مهاجرًا، وسكن الصّفة»،

وقد اهتم علماء الجرح والتعديل بتصنيف أصح أسانيد أحاديث أبي هريرة، فعدّها الذهبي أن أصح أسانيده ما جاء عن الزُهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، وما جاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، وما جاء عن ابن عون وأيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، وقد روى له الجماعة في كُتُبهم. بينما اعتبر علي بن المديني أن أصحها ما جاء من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، وقال سليمان بن داود: «أصح الأسانيد كلها يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة»، أما المُحدّث أحمد محمد شاكر فقد اعتبر أصح ما رُوِيَ عن أبي هريرة ما جاء من طرق مالك وسفيان بن عيينة ومعمر عن الزُهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، وما جاء عن حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، وما جاء عن إسماعيل بن أبي حكيم عن عبيدة بن سفيان الحضرمي عن أبي هريرة، وما جاء عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة.

التعجُّب من كثرة رواياته
لم يتقبّل بعض الصحابة إكثار أبي هريرة الرواية للحديث النبوي كالخليفة الثاني عمر بن الخطاب الذي قال لأبي هريرة: «لتتركن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لألحقنك بأرض دوس»، لرؤية عمر ضرورة الإقلال في رواية الحديث عن النبي محمد في زمان خلافته، مخافة انشغال الناس بالحديث عن القرآن، ومع هذا فقد سمح عمر لأبي هريرة بالتحديث بعد أن أرسل يطلبه، وقال له عمر: «كنت معنا يوم كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت فلان؟»، فقال أبو هريرة: «نعم، وقد علمت لأي شيء سألتني»، فقال عمر: «ولم سألتك؟»، فردّ أبو هريرة قائلاً: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ: من كذب علي متعمدًا، فليتبوأ مقعده من النار»، فقال عمر: «أما لا، فاذهب فحدّث»، وهي إجازة من عمر لأبي هريرة بالتحديث. كما رُوي أن أبا هريرة دخل يومًا على عائشة بنت أبي بكر، فقالت له متعجبة: «أكثرت يا أبا هريرة عن رسول الله!»، فقال أبو هريرة: «إي والله يا أماه؛ ما كانت تشغلني عنه المرآة، ولا المكحلة، ولا الدهن»، فقالت عائشة: «لعله». وبلغ ابن عمر رواية أبي هريرة لحديث: «من شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط. ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان. قيل: وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين أصغرهما مثل أحد»، فقال ابن عمر: «أكثر علينا أبو هريرة»، فأخذه أبو هريرة إلى عائشة، يسألها عن الحديث، فصدّقته، فما كان من ابن عمر إلا أن قال له: «كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلمنا بحديثه». ولم يكن هذا الانتقاد فقط بين جموع الصحابة، بل وكان محل ريبة بعض العوام الذين سأل أحدهم طلحة بن عبيد الله يومًا، فقال: «يا أبا محمد، أرأيت هذا اليماني - يعني أبا هريرة - أهو أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم منكم؟. نسمع منه أشياء لا نسمعها منكم، أم هو يقول على رسول الله ما لم يقل؟»، فردّ طلحة قائلاً: «أما أن يكون سمع ما لم نسمع، فلا أشك، سأحدثك عن ذلك: إنا كنا أهل بيوتات وغنم وعمل، كنا نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار، وكان مسكينًا ضيفًا على باب رسول الله، يده مع يده، فلا نشك أنه سمع ما لم نسمع، ولا تجد أحدًا فيه خير يقول على رسول الله ما لم يقل».

وقد أزعجت أبي هريرة تلك الانتقادات لكثرة رواياته، فقال: «إنكم تقولون إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون ما للمهاجرين والأنصار لا يحدثون مثله! وإن إخواني المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وكان إخواني من الأنصار يشغلهم عمل أموالهم؛ وكنت امرأ مسكينًا من مساكين الصفة، ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني، فأحضر حين يغيبون، وأعي حين ينسون، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث يحدثه يومًا، إنه لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضي جميع مقالتي، ثم يجمع إليه ثوبه، إلا وعى ما أقول. فبسطت نمرة علي، حتى إذا قضى مقالته، جمعتها إلى صدري. فما نسيت من مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك من شيء».

لم تكن تلك الانتقادات على كثرة رواية الأحاديث فقط بين معاصريه. فقد كان بعض التابعين لا يأخذون ببعض حديثه، فقد روى يزيد بن هارون أنه سمع شعبة يقول: «كان أبو هريرة يدلس». كما روى المغيرة ومنصور عن إبراهيم النخعي أنه قال بأن أصحابه ما كانوا يأخذون من حديث أبي هريرة إلا ما كان حديث جنة أو نار.
الترتيب:

#3K

0 مشاهدة هذا اليوم

#84K

8 مشاهدة هذا الشهر

#36K

7K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 699.
المتجر أماكن الشراء
عبد الستار الشيخ الدمشقي ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
دار القلم للنشر والتوزيع 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية
نتيجة البحث