📘 ❞ الإمام الأوزاعي شيخ الإسلام وعالم أهل الشام ❝ كتاب ــ عبد الستار الشيخ الدمشقي اصدار 2006

التراجم والأعلام - 📖 ❞ كتاب الإمام الأوزاعي شيخ الإسلام وعالم أهل الشام ❝ ــ عبد الستار الشيخ الدمشقي 📖

█ _ عبد الستار الشيخ الدمشقي 2006 حصريا كتاب الإمام الأوزاعي شيخ الإسلام وعالم أهل الشام عن دار القلم للنشر والتوزيع 2024 الشام: الإمام الحافظ إمام بيروت وسائر الشَّام والمغرب والأندلُس أبو عمرو عبدُ الرحمٰن بن يُحمد فقيه ومُحدّث وأحد تابعي التابعين وإمام زمانه أُضيف إلى ألقابه لقب العيش المُشترك لُبنان العصر الحديث لِما مثَّلته مواقفه عصره من تسامح مع المسيحيين واليهود ولُقِّب بِشفيع النصارى لِموقفه الحازم مُواجهة والي والخليفة العبَّاسي جعفر المنصور اللذان عزما إجلاء أهالي جبل لبنان بعد أن ثارت جماعة منهم وتمرَّدت العبَّاسيين وشقَّت عصا الطاعة فرفض هؤلاء كُلُّهم طالما أنَّ فئةً فقط كانت ووقف بوجه الخِلافة بِعناد مُذكرًا السُلطة بالعدل بين الناس وأنَّ خطأ فئة لا يستوجب مُعاقبة الجماعة فأُبطل هذا القرار وسلم تعسُّف وحفظوا لِلأوزاعي جميله على الأرجح وُلد بعلبك وعاش فترة صباه قرية الكرك البقاعيَّة يتيمًا فقيرًا ثُمَّ انتقل أُمِّه وكان قبل ذلك قد عاش عائلته دمشق وتنقَّل حلب وحماة وقنسرين وسواها أُطلق عليه اسم «الأوزاعي» نسبةً «الأوزاع» وهي قبيلة يمنيَّة حميريَّة بطن ذي الكلاع قحطان نزل أفرادٌ منها قرب باب الفراديس وقد المنطقة التي نزلوا فيها لم يذكر المُؤرخون والفُقهاء والعُلماء شيئًا والد باستثناء ما أشار إليه نفسه ولا والدته أو أخواله غير أنَّهم أشاروا كان له عمٌّ واحد والثَّابت أنَّهُ تزوَّج أكثر مرَّة ورُزق بِثلاث بنات وصبيٍّ حفيدين بناته بِحسب الظاهر عاش عهدين سياسيين هامين فشهد نهاية الدولة الأموية وقيام العباسية وعاصر الخُلفاء: الوليد الملك وسليمان وعمر العزيز ويزيد وهشام والوليد يزيد وإبراهيم ومروان محمد وأبو العباس السفاح وكانت الفترة عاشها تزخر بِالعلم والقُرَّاء والمُحدثين ومن أبرز عُلماء تلك الأئمَّة: مالك أنس وجعفر الصادق وسفيان الثوري والحسن البصري ومحمد سيرين حنيفة النعمان والليث سعد وسواهم المُتفوقين علميًّا وفقهيًّا وجُرأةً الكثير أفتى وهو الثالثة عشرة عمره مسائل فقهيَّة بينما السابعة عقائديَّة مؤمنًا أشد الإيمان بالقاعدة الإسلامية «الرحلة طلب العلم» لذا تنقل مُدن وفي اليمامة والبصرة والمدينة المنورة وبيت المقدس وحجَّ مرة لِذلك فقد تعمَّق العُلوم الدينيَّة والشرعيَّة بِشكلٍ لافتٍ لِلنظر أمَّا فيما يختص بالقضاء رفض منصب القضاء العصرين الأُموي والعبَّاسي فلمَّا وُلي زمن جلس مجلسًا واحدًا استعفى إيمانًا منه بِأنَّ مسؤوليَّة إسلاميَّة ضخمة يُمكن لِأي إنسان يتحمَّل وزر مسؤوليَّتها وكان كبار الأئمَّة المُدافعين والسُنَّة النبويَّة سيَّما تزايد البدع والجدل والانحراف القُرآن [4] كما حريصًا الجهاد والرباط والدفاع المظلومين وعن الحق استقراره ثغر بدافع الرباط ورد الاعتداءات ديار وكانت قضاها سني حياته المُنتجة والغزيرة ففيها طوَّر مذهبه وانتشر كافَّة أنحاء وانتقل المغرب لِيكون خامس مذاهب السنة والجماعة لكن يُكتب لمذهبه البقاء فاندثر يهتم تلامذته بتدوينه والحفاظ فحل مكانه المذهب الحنفي والشافعي والمالكي والأندلس توفي سنة 157 هـ جنازته كبيرة وقيل شارك ممن المسلمين قسمًا أشهر إسلامه يومها دُفن «حنتوس» جنوب وشُيِّد قبره مقام ومسجد عُرف بِمسجد ومع مُرور السنوات تغيَّر القرية حتَّى أصبحت تُعرف بـ«الأوزاعي» وشكَّلت جُزء الكُبرى مرور الزمن تقديرًا لإنجازات ورمزيَّته أُنشأت كُليَّة لِلدراسات الإسلاميَّة المدينة سُميت اسمه: وتمَّ إصدار طابع بريدي تذكاري 2009م وزارة الاتصالات موافقة مجلس الوزراء وتبنَّت بلديَّة اقتراح المؤرخ الدكتور حسان حلاق بتسمية ساحة سوق الطويلة وسط التجاري بساحة وبإعادة ترميم زاويته القائمة ذات الساحة منذ اليوم كانت منزلة عند معاصريه عالية خاصة أمره فيهم أعز أمر السلطان كذلك أثنى علماء وفقهاء شخص فقال ابن سعد: «كان ثقة خيّرًا فاضلاً مأمونًا كثير العلم والحديث والفقه حُجّة» وقال الرحمن مهدي: «إنما زمانهم أربعة حماد زيد بالبصرة والثوري بالكوفة ومالك بالحجاز والأوزاعي بالشام» الشافعي: «ما رأيت رجلاً أشبه فقهه بحديثه الأوزاعي» مسلم: اجتهادًا العبادة إسحاق الفزاري: «ذاك رجل شأنه عجبًا يسأل الشيء عندنا فيه الأثر فيرد والله الجواب هو يقدم يؤخر» أيضًا: احدا تواضعًا أرحم بالناس وان الرجل ليناديه فيقول لبيك» مثل رجلين فأما فكان عامة وأما ولو خيرت لهذه الأمة لاخترت لها سفيان عيينة: إمام» (يعني زمانه) حبان عنه: «أحد أئمة الدنيا فقهًا وعلمًا وورعًا وحفظًا وفضلاً وعبادة وضبطًا زهادة» عيسى يونس: حافظًا» أنس: «الأوزاعي يقتدى به» صدقة الله: أحدًا أحلم أكمل أجمل حمل موسى يسار: أنظر أنقى للغل حفص الفلاس: «الأئمة خمسة بالشام بالحرمين وشعبة وحماد بالبصرة» يحيى معين: «العلماء والأوزاعي» بقية الوليد: «أنا الممتحن بلأوزاعي فمن ذكره بخير عرفنا أنه صاحب سُنَّة طعن بدعة» راهويه: «إذا اجتمع فهو سنة» فسر الذهبي قوله بأنه يقصد بذلك اجتماعهم رأي مسألة غالبًا كما دلّت بعض الروايات علوّ روى أحمد حنبل أنه: «دخل فلما خرجا قال مالك: أحدهما علمًا صاحبه يصلح للإمامة والآخر للإمامة» علّق عليها بقوله: «يعني وأردف قائلاً: «لم يكن لمالك رأي» الله المبارك: «لو قيل لي: اختر الأوزاعي؛ لأنه أرفق الرجلين» ورُوي بلغ بمكة مقدم فخرج حتى لقيه بذي طوى الختلي: «رأيت شيخًا راكبًا جمل وآخر يقوده يسوقه وهما يقولان أوسعوا للشيخ فقلت: الراكب؟ قيل: قلت: القائد؟ السائق؟ مالك» عدّ الجرح والتعديل أبي حاتم العلماء النُقّاد الذين نقدوا رواة وأسسوا لعلم الرجال إلا كتب التراجم تخل الانتقادات لشخص فهذا إبراهيم الحربي تقول مالك؟» قال: «حديث صحيح ورأي ضعيف» «فالأوزاعي؟» ضعيف «فالشافعي؟» صحيح» «ففلان؟» «لا حديث» فسّره البيهقي «قوله حديث يريد به يحتج الرواية لكنه مسائله بحديث عساه يقف حاله ثم بالمراسيل والمقاطيع وذلك بيّن كتبه» مذهبه نبغ تحصيل العلوم إنه للفتيا 113 يومئذ خمس وعشرين ومنذئذ حوله طلاب وأفتى لديه الهقل زياد «أفتى سبعين ألف وسُئل يومًا فقال: ليس عندي خبر» يعني فتواه الأخرى بناها أخبار عنده تشكّل مذهب الفقهي المستقل الذي عمل فقهاء أدخل القاضي زرعة عثمان الثقفي الشافعي يهب لمن يحفظ «مختصر المزني» مائة دينار فبدأ الانحسار إلا بقي شائعًا المائة الرابعة الهجرة أما الأندلس دخلها يد صعصعة سلام وظلّ اللخمي فساد اندثر تمامًا الحكم الربضي ورغم اندثار تزال المسائل الفقهية أمهات الكتب أما منهجه يتضح مما رواه مكحول الشامي قوله: «القرآن أحوج السُنّة القرآن» حيث استنبط القول أهمية دور تفسير نصوص القرآن وتفصيل مُجمله وتخصيص عام بما ثبت إفتاءه بحرمان الولد القاتل الميراث عملاً بحديث: يرث شيئًا» لجأ تعارضت الآثار الواردة المسألة الواحدة ترجيح الرأي كمسألة رفع اليدين الركوع وعند الرفع تناظر مكة رأى الزُهري سالم أبيه النبي صلى يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا ركع وبعدما السجدتين» احتج الهاشمي ليلى البراء عازب «أن رسول قريب أذنيه يعود» فغضب للثوري: «أتعارض ضعيف؟» فاحمرّ وجه للأوزاعي: «لعلك كرهت قلت؟» الأوزاعي: «نعم» «قم بنا نتلاعن الركن أينا الحق» فسكت يرى بإجماع الصحابة كرأيه يجوز شراء شيء الأرض الموقوفة فتحها «أجمع عمر وأصحاب لما ظهروا إقرار القرى قراهم بأيديهم أرضهم يعمرونها ويؤدون خراجها ويرون لأحد أيديهم طوعًا كرهًا وكرهوا اتفاق وأصحابه الأرضين المحبوسة آخر هذه تباع تورث قوة جهاد تظهر المشركين» بوجوب العدة المرأة خلا بها العقد وإن يُصبها طلقها محتجًا بقضاء الخلفاء الراشدين وزيد وابن عمر: تجب كل زوجها يمسها» يره لقوله تعالى: Ra bracket png يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا Aya 49 La عمل أيضًا مصادر تشريعه يصح أقوال يجد قول الصحابي يخالفه صحابي تعددت أقوالهم تخيّر يخرج عنها مجموعها اجتهد كفتواه بأن أقل إقامة لاحتساب صلاة سفر إثنى عشر علق المرتضي كتابه «البحر الزخار الجامع لمذاهب الأمصار» «ولا يعرف مستند شرعي وإنما اجتهاده نفسه» بأس بإصلاح اللحن والخطأ الحديث» أكّده «أعربوا فإن القوم كانوا عربًا» أخذ بالقياس كقوله الصائم لو أفطر بالأكل والشرب وجب يجب المفطر بالجماع والكفارة وعمل بسد الذرائع زكاة الغنم تسقط إن باعها صاحبها يحول الحول فرارًا الزكاة خوفًا يتعمد الأثرياء اللجوء لإسقاط زكاتهم والأعلام مجاناً PDF اونلاين علم يتناول سير حياة الأعلام عبر العصور المختلفة دقيق يبحث أحوال الشخصيات والأفراد تركوا آثارا المجتمع ويتناول كافة طبقات الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء والقادة والعلماء شتى المجالات والفقهاء والأدباء والشعراء والفلاسفة وغيرهم ويهتم بذكر حياتهم الشخصية ومواقفهم وأثرهم الحياة وتأثيرهم ويعتبر عموما فرعا فروع التاريخ اهتم المسلمون بعلم اهتماما كبيرا بدأت العناية بهذا عندهم عهد الرسول بزمن يسير حرص حماية وصيانة المصدر الثاني التشريع النبوي حرصوا صيانته الكذب والتزوير والغش والتلفيق والدس فنشأ كقاعدة تلقّي الأخبار وبالأخص يتعلق بالحديث أولا المروية والتابعين وباقي خصوصا والناس روى مسلم صحيحه مجاهد «جاء بشير العدوي عباس فجعل يحدث ويقول: يأذن لحديثه ينظر يا مالي أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك تسمع؟ عباس: إنا كنا سمعنا رجلا يقول ابتدرته أبصارنا وأصغينا بآذاننا ركب الصعب والذلول نأخذ نعرف » واستمر العمل القاعدة ضرورة معرفة ناقلي بسبب حال نقلة النبوية ينبني المعرفة قبول والتعبد لله تعالى رد والحذر اعتبارها ديناً وروى يكونوا يسألون الإسناد وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر فيؤخذ حديثهم وينظر فلا يؤخذ حديثهم» وجاءت عبارات الأئمة بيان الرواة صريحة وواضحة الأهمية بمكان البحث نواح تفصيلية الراوي ونواح استنتاجية (تُستنتج حديثه وطريقته التحديث) مباحث العلم: تاريخ ميلاد وتاريخ طلبه للعلم وممن سمع سِنِيِّ هم الشيوخ عنهم (من حدث عنه سماعاً دلس شيئاً أرسل عنه) وما مدة ملازمته لكلّ شيوخه وكيف ذاك وكم الأحاديث والآثار ذلك؛ وهل الضعفاء والمجاهيل؟ ورحلاته العلمية حدّث به؛ ومتى يحدِّث؟ حفظه أم كتابه؛ سماعٌ عرض؛ المستملون والوراقون استخدمهم؟) إقبال عدد الحاضرين عنده؟ هي الأوهام وقع والسَّقطات أُخذت عليه؟ أخلاق وعبادته ومهنته؛ يأخذ أجراً التحديث؟ عسِراً التحديث سمحاً بعلمه متساهلاً ؟ وتفرّع وانبثق علوم كثيرة متعلّقة الباب تفرّدته باقي الأمم وعلم مصطلح ناحية العدالة والتوثيق والضبط العلل وغيرها أقسام التراجم هنالك تقسيمات متنوعة والكتب العديدة المؤلفة فمنها: التراجم الطبقات التراجم الحروف الوفيات القرون البلدان وقسّمهم البعض الآخر أبواب مختلفة منها: التراجم المتعلقة معيّن المتعلّقة بمذهب بفنّ بشخص الترجمة الذاتية وقد أسهب التأليف الأبواب يكاد يخلوا وصنّفت عشرات وهذا ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل وتراجم ومذكرات فيشمل حول المجال

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
الإمام الأوزاعي شيخ الإسلام وعالم أهل الشام
كتاب

الإمام الأوزاعي شيخ الإسلام وعالم أهل الشام

ــ عبد الستار الشيخ الدمشقي

صدر 2006م عن دار القلم للنشر والتوزيع
الإمام الأوزاعي شيخ الإسلام وعالم أهل الشام
كتاب

الإمام الأوزاعي شيخ الإسلام وعالم أهل الشام

ــ عبد الستار الشيخ الدمشقي

صدر 2006م عن دار القلم للنشر والتوزيع
عن كتاب الإمام الأوزاعي شيخ الإسلام وعالم أهل الشام:

الإمام الحافظ إمام بيروت وسائر الشَّام والمغرب والأندلُس أبو عمرو عبدُ الرحمٰن بن عمرو بن يُحمد الأوزاعي، فقيه ومُحدّث وأحد تابعي التابعين وإمام أهل الشام في زمانه. أُضيف إلى ألقابه لقب إمام العيش المُشترك في لُبنان في العصر الحديث، لِما مثَّلته مواقفه في عصره من تسامح مع المسيحيين واليهود من أهل الشَّام، ولُقِّب بِشفيع النصارى لِموقفه الحازم في مُواجهة والي الشَّام والخليفة العبَّاسي أبو جعفر المنصور، اللذان عزما على إجلاء أهالي جبل لبنان المسيحيين بعد أن ثارت جماعة منهم وتمرَّدت على العبَّاسيين وشقَّت عصا الطاعة، فرفض الأوزاعي إجلاء هؤلاء كُلُّهم طالما أنَّ فئةً منهم فقط كانت من ثارت، ووقف بوجه الخِلافة بِعناد مُذكرًا أهل السُلطة بالعدل بين الناس وأنَّ خطأ فئة لا يستوجب مُعاقبة الجماعة، فأُبطل هذا القرار، وسلم أهالي جبل لُبنان من تعسُّف السُلطة، وحفظوا لِلأوزاعي جميله.

على الأرجح وُلد الأوزاعي في بعلبك، وعاش فترة من صباه في قرية الكرك البقاعيَّة يتيمًا فقيرًا، ثُمَّ انتقل مع أُمِّه إلى بيروت. وكان قبل ذلك قد عاش مع عائلته في دمشق، وتنقَّل بين حلب وحماة وقنسرين وسواها. أُطلق عليه اسم «الأوزاعي» نسبةً إلى «الأوزاع» وهي قبيلة يمنيَّة حميريَّة من بطن ذي الكلاع من قحطان.

نزل أفرادٌ منها في دمشق قرب باب الفراديس، وقد أُطلق على المنطقة التي نزلوا فيها اسم قرية «الأوزاع». لم يذكر المُؤرخون والفُقهاء والعُلماء شيئًا عن والد الإمام الأوزاعي باستثناء ما أشار إليه الإمام نفسه، ولا عن والدته أو أخواله، غير أنَّهم أشاروا إلى أنَّ كان له عمٌّ واحد، والثَّابت أنَّهُ تزوَّج أكثر من مرَّة، ورُزق بِثلاث بنات وصبيٍّ واحد، وكان له حفيدين من بناته بِحسب الظاهر.

عاش الأوزاعي في عهدين سياسيين هامين، فشهد نهاية الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية، وعاصر من الخُلفاء: الوليد بن عبد الملك، وسليمان بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز، ويزيد بن عبد الملك، وهشام بن عبد الملك، والوليد بن يزيد، ويزيد بن الوليد، وإبراهيم بن الوليد، ومروان بن محمد، وأبو العباس السفاح، وأبو جعفر المنصور.

وكانت الفترة التي عاشها الإمام الأوزاعي تزخر بِالعلم والعُلماء والفُقهاء والقُرَّاء والمُحدثين، ومن أبرز عُلماء تلك الفترة الأئمَّة: مالك بن أنس، وجعفر الصادق، وسفيان الثوري، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وأبو حنيفة النعمان، والليث بن سعد، وسواهم. وكان الأوزاعي من المُتفوقين علميًّا وفقهيًّا وجُرأةً على الكثير من عُلماء عصره، وقد أفتى وهو في الثالثة عشرة من عمره في مسائل فقهيَّة، بينما أفتى وهو في السابعة عشرة من عمره في مسائل عقائديَّة.

وكان الأوزاعي مؤمنًا أشد الإيمان بالقاعدة الإسلامية «الرحلة في طلب العلم»، لذا تنقل في مُدن الشَّام وفي اليمامة والبصرة والمدينة المنورة وبيت المقدس، وحجَّ أكثر من مرة، لِذلك فقد تعمَّق في العُلوم الدينيَّة والشرعيَّة بِشكلٍ لافتٍ لِلنظر. أمَّا فيما يختص بالقضاء فقد رفض الأوزاعي منصب القضاء في العصرين الأُموي والعبَّاسي، فلمَّا وُلي زمن يزيد بن الوليد جلس مجلسًا واحدًا ثُمَّ استعفى، إيمانًا منه بِأنَّ القضاء مسؤوليَّة إسلاميَّة ضخمة لا يُمكن لِأي إنسان أن يتحمَّل وزر مسؤوليَّتها.

وكان الأوزاعي من كبار الأئمَّة المُدافعين عن الإسلام والسُنَّة النبويَّة، لا سيَّما في فترة تزايد البدع والجدل والانحراف عن القُرآن والسُنَّة،[4] كما كان حريصًا على الجهاد والرباط والدفاع عن المظلومين وعن الحق، وكان استقراره في ثغر بيروت بدافع الرباط ورد الاعتداءات عن ديار الإسلام، وكانت الفترة التي قضاها في بيروت أكثر سني حياته المُنتجة والغزيرة، ففيها طوَّر مذهبه، وانتشر في كافَّة أنحاء الشَّام وانتقل إلى المغرب والأندلُس، لِيكون خامس مذاهب أهل السنة والجماعة، لكن لم يُكتب لمذهبه البقاء، فاندثر بعد أن لم يهتم تلامذته بتدوينه والحفاظ عليه، فحل مكانه المذهب الحنفي والشافعي في الشَّام والمالكي في المغرب والأندلس.

توفي الأوزاعي في بيروت سنة 157 هـ، وكانت جنازته كبيرة وقيل أن من شارك فيها من المسيحيين واليهود كان أكثر ممن شارك من المسلمين، وأنَّ قسمًا من هؤلاء أشهر إسلامه يومها. دُفن الأوزاعي في قرية «حنتوس» جنوب بيروت، وشُيِّد على قبره مقام ومسجد عُرف بِمسجد الإمام الأوزاعي، ومع مُرور السنوات تغيَّر اسم القرية حتَّى أصبحت تُعرف بـ«الأوزاعي»، وشكَّلت جُزء من بيروت الكُبرى مع مرور الزمن.

تقديرًا لإنجازات الإمام الأوزاعي ورمزيَّته في بيروت، أُنشأت كُليَّة لِلدراسات الإسلاميَّة في المدينة سُميت على اسمه: كُليَّة الإمام الأوزاعي لِلدراسات الإسلاميَّة، وتمَّ إصدار طابع بريدي تذكاري سنة 2009م عن وزارة الاتصالات في لُبنان بعد موافقة مجلس الوزراء، وتبنَّت بلديَّة بيروت اقتراح المؤرخ الدكتور حسان حلاق بتسمية ساحة سوق الطويلة في وسط بيروت التجاري بساحة الإمام الأوزاعي، وبإعادة ترميم زاويته القائمة في ذات الساحة منذ عصره حتَّى اليوم.

كانت منزلة الأوزاعي عند معاصريه عالية خاصة في الشام التي كان أمره فيهم أعز من أمر السلطان. كذلك أثنى الكثير من علماء وفقهاء المسلمين على شخص الأوزاعي، فقال ابن سعد: «كان ثقة، خيّرًا، فاضلاً، مأمونًا كثير العلم والحديث والفقه، حُجّة»، وقال عبد الرحمن بن مهدي: «إنما الناس في زمانهم أربعة حماد بن زيد بالبصرة، والثوري بالكوفة، ومالك بالحجاز، والأوزاعي بالشام»، وقال الشافعي: «ما رأيت رجلاً أشبه فقهه بحديثه من الأوزاعي»، وقال الوليد بن مسلم: «ما رأيت أكثر اجتهادًا في العبادة من الأوزاعي»، وقال أبو إسحاق الفزاري: «ذاك رجل كان شأنه عجبًا، كان يسأل عن الشيء عندنا فيه الأثر، فيرد - والله - الجواب، كما هو في الأثر، لا يقدم منه ولا يؤخر»، وقال أيضًا: «ما رأيت احدا كان أشد تواضعًا من الأوزاعي ولا أرحم بالناس منه وان كان الرجل ليناديه فيقول لبيك» وقال أيضًا: «ما رأيت مثل رجلين الأوزاعي والثوري. فأما الأوزاعي فكان رجل عامة، وأما الثوري فكان رجل خاصة نفسه. ولو خيرت لهذه الأمة لاخترت لها الأوزاعي»، وقال سفيان بن عيينة: «كان الأوزاعي إمام» (يعني إمام زمانه)، وقال ابن حبان عنه: «أحد أئمة الدنيا فقهًا وعلمًا وورعًا وحفظًا وفضلاً وعبادة وضبطًا مع زهادة»، وقال عيسى بن يونس: «كان الأوزاعي حافظًا»، وقال مالك بن أنس: «الأوزاعي إمام يقتدى به»، وقال صدقة بن عبد الله: «ما رأيت أحدًا أحلم ولا أكمل ولا أجمل فيما حمل من الأوزاعي» وقال موسى بن يسار: «ما رأيت أحدًا أنظر، ولا أنقى للغل عن الإسلام من الأوزاعي» وقال أبو حفص الفلاس: «الأئمة خمسة الأوزاعي بالشام والثوري بالكوفة ومالك بالحرمين وشعبة وحماد بن زيد بالبصرة» وقال يحيى بن معين: «العلماء أربعة، الثوري وأبو حنيفة ومالك والأوزاعي» وقال بقية بن الوليد: «أنا الممتحن الناس بلأوزاعي، فمن ذكره بخير عرفنا أنه صاحب سُنَّة، ومن طعن عليه عرفنا أنه صاحب بدعة»، وقال إسحاق بن راهويه: «إذا اجتمع الثوري والأوزاعي ومالك على أمر فهو سنة»، فسر الذهبي قوله بأنه يقصد بذلك أن اجتماعهم على رأي في مسألة فهو الحق غالبًا.

كما دلّت بعض الروايات على علوّ منزلة الأوزاعي عند علماء عصره، فقد روى أحمد بن حنبل أنه: «دخل سفيان الثوري والأوزاعي على مالك، فلما خرجا قال مالك: أحدهما أكثر علمًا من صاحبه، ولا يصلح للإمامة، والآخر يصلح للإمامة»، علّق عليها الذهبي بقوله: «يعني الأوزاعي للإمامة»، وأردف ابن حنبل قائلاً: «لم يكن لمالك في سفيان رأي». كما قال عبد الله بن المبارك: «لو قيل لي: اختر لهذه الأمة، لاخترت سفيان الثوري والأوزاعي، ولو قيل لي: اختر أحدهما، لاخترت الأوزاعي؛ لأنه أرفق الرجلين». ورُوي أنه بلغ سفيان الثوري وهو بمكة مقدم الأوزاعي، فخرج حتى لقيه بذي طوى، وقال الختلي: «رأيت شيخًا راكبًا على جمل، وآخر يقوده، وآخر يسوقه، وهما يقولان أوسعوا للشيخ. فقلت: من الراكب؟، قيل: الأوزاعي. قلت: من القائد؟، قيل: سفيان الثوري، قلت: فمن السائق؟ قيل: مالك». كما عدّ شيخ الجرح والتعديل ابن أبي حاتم الأوزاعي من العلماء النُقّاد الذين نقدوا رواة الحديث، وأسسوا لعلم الرجال.

إلا أن كتب التراجم لم تخل من بعض الانتقادات لشخص الأوزاعي، فهذا إبراهيم الحربي يسأل أحمد بن حنبل قائلاً: «ما تقول في مالك؟» قال: «حديث صحيح، ورأي ضعيف»، قال: «فالأوزاعي؟»، قال: «حديث ضعيف، ورأي ضعيف»، قال: «فالشافعي؟»، قال: «حديث صحيح، ورأي صحيح»، قال: «ففلان؟» قال: «لا رأي، ولا حديث». فسّره البيهقي بقوله: «قوله في الأوزاعي حديث ضعيف، يريد به بعض ما يحتج به، لا أنه ضعيف في الرواية. والأوزاعي ثقة في نفسه، لكنه قد يحتج في بعض مسائله بحديث من عساه لم يقف على حاله، ثم يحتج بالمراسيل والمقاطيع، وذلك بيّن في كتبه».

مذهبه

نبغ الأوزاعي في تحصيل العلوم، حتى إنه جلس للفتيا سنة 113 هـ، وهو يومئذ ابن خمس وعشرين سنة. ومنذئذ اجتمع حوله طلاب العلم وأفتى فيما ورد لديه من مسائل حتى أن الهقل بن زياد قال: «أفتى الأوزاعي في سبعين ألف مسألة، وسُئل يومًا عن مسألة، فقال: ليس عندي فيه خبر»، يعني بذلك أن فتواه الأخرى بناها على أخبار عنده. تشكّل بذلك مذهب الأوزاعي الفقهي المستقل الذي عمل به فقهاء الشام والمغرب والأندلس إلى أن أدخل القاضي أبو زرعة محمد بن عثمان الثقفي الدمشقي مذهب الشافعي إلى دمشق، وكان يهب لمن يحفظ «مختصر المزني» مائة دينار، فبدأ في الانحسار، إلا أنه بقي شائعًا في الشام حتى المائة الرابعة من الهجرة. أما الأندلس، فقد دخلها مذهب الأوزاعي على يد صعصعة بن سلام الدمشقي، وظلّ أهل الأندلس على مذهبه إلى أن أدخل زياد بن عبد الرحمن اللخمي مذهب مالك إلى الأندلس، فساد فيها حتى اندثر مذهب الأوزاعي تمامًا من الأندلس في زمن الحكم الربضي. ورغم اندثار مذهب الأوزاعي إلا أنه لا تزال له بعض المسائل الفقهية في أمهات الكتب.

أما عن منهجه في مذهبه، فهو يتضح مما رواه الأوزاعي عن مكحول الشامي في قوله: «القرآن أحوج إلى السُنّة من السُنّة إلى القرآن». حيث استنبط الأوزاعي من هذا القول أهمية دور السُنّة في تفسير نصوص القرآن، وتفصيل مُجمله، وتخصيص عام القرآن بما ثبت لديه من الحديث مثل إفتاءه بحرمان الولد القاتل من الميراث عملاً بحديث: «لا يرث القاتل شيئًا».

لجأ الأوزاعي في بعض المسائل الفقهية التي تعارضت فيها الآثار الواردة في المسألة الواحدة إلى ترجيح الرأي كمسألة رفع اليدين عند الركوع وعند الرفع منه التي تناظر فيها الأوزاعي وسفيان الثوري في مكة حيث رأى الأوزاعي ترجيح حديث الزُهري عن سالم عن أبيه قوله: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وإذا ركع، وبعدما يرفع، ولا يرفع يديه بين السجدتين» فيما احتج الثوري بحديث يزيد بن أبي زياد الهاشمي عن ابن أبي ليلى عن البراء بن عازب قوله: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه، ثم لا يعود». فغضب الأوزاعي وقال للثوري: «أتعارض حديث الزُهري بحديث يزيد بن أبي زياد، وهو رجل ضعيف؟» فاحمرّ وجه الثوري وقال للأوزاعي: «لعلك كرهت ما قلت؟»، قال الأوزاعي: «نعم»، ثم قال الأوزاعي: «قم بنا حتى نتلاعن عند الركن أينا على الحق»، فسكت الثوري.

كما كان الأوزاعي يرى في فقهه بإجماع الصحابة كرأيه بأنه لا يجوز شراء شيء من الأرض الموقوفة على المسلمين بعد فتحها، فقال الأوزاعي: «أجمع رأي عمر وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما ظهروا على الشام على إقرار أهل القرى في قراهم على ما كان بأيديهم من أرضهم يعمرونها، ويؤدون خراجها إلى المسلمين. ويرون أنه لا يصلح لأحد من المسلمين شراء ما في أيديهم من الأرض طوعًا ولا كرهًا، وكرهوا ذلك مما كان من اتفاق عمر وأصحابه في الأرضين المحبوسة على آخر هذه الأمة من المسلمين لا تباع ولا تورث، قوة على جهاد من لم تظهر عليه بعد من المشركين». كما رأى الأوزاعي بوجوب العدة على المرأة إذا خلا بها الرجل بعد العقد عليها وإن لم يُصبها، ثم طلقها، محتجًا بقضاء الخلفاء الراشدين وزيد وابن عمر: «أن العدة تجب على كل من خلا بها زوجها، وإن لم يمسها» وهو ما لم يره الشافعي لقوله تعالى: Ra bracket.png يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا Aya-49.png La bracket.png.

عمل الأوزاعي أيضًا في مصادر تشريعه بما يصح لديه من أقوال الصحابة ما لم يجد في قول الصحابي ما يخالفه من قول صحابي آخر، وإن تعددت أقوالهم في المسألة الواحدة تخيّر بما لا يخرج عنها في مجموعها. كما اجتهد الأوزاعي أيضًا في بعض المسائل كفتواه بأن أقل إقامة لاحتساب الصلاة صلاة سفر إثنى عشر يومًا، وهو ما علق عليه ابن المرتضي في كتابه «البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار» بقوله: «ولا يعرف له مستند شرعي، وإنما هو اجتهاده من نفسه». وفي قول الأوزاعي: «لا بأس بإصلاح اللحن والخطأ في الحديث»، وهو ما أكّده بقوله: «أعربوا الحديث، فإن القوم كانوا عربًا». كذلك أخذ الأوزاعي بالقياس في بعض المسائل كقوله بأن الصائم لو أفطر بالأكل والشرب، فقد وجب عليه ما يجب على المفطر بالجماع من القضاء والكفارة. وعمل أيضًا بسد الذرائع مثل إفتاءه بأن زكاة الغنم لا تسقط إن باعها صاحبها قبل أن يحول عليها الحول فرارًا من الزكاة، خوفًا من أن يتعمد الأثرياء اللجوء إلى ذلك لإسقاط زكاتهم.


الترتيب:

#2K

0 مشاهدة هذا اليوم

#28K

20 مشاهدة هذا الشهر

#10K

18K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 427.
المتجر أماكن الشراء
عبد الستار الشيخ الدمشقي ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
دار القلم للنشر والتوزيع 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية
نتيجة البحث