█ _ مصطفى محمود 0 حصريا كتاب ❞ لغز الموت ❝ عن دار المعارف 2024 الموت: لمصطفى يناقش فيه من خلال رؤية علمية وفلسفية ويرى أن والحياة وجهان لعملة واحدة فنحن نموت كل يوم؛ حيث تموت ملايين الخلايا داخل أجسامنا دون نشعر بها ويسمى ذلك بالموت الأصغر وينقسم الكتاب إلى فصول مثل اللغز والخيط والزمن والروح فكر وثقافة مجاناً PDF اونلاين الثقافة تعني صقل النفس والمنطق والفطانة المثقف يقوم نفسه بتعلم أمور جديدة كما هو حال القلم عندما يتم بريه هذا القسم يشمل العديدة الكتب المتميزة الفكر والثقافة تتعدّد المعاني التي ترمي إليها اللغة العربية فهي ترجِع أصلها الفعل الثلاثي ثقُفَ الذي يعني الذكاء والفطنة وسرعة التعلم والحذق والتهذيب وتسوية الشيء وإقامة اعوجاجه والعلم والفنون والتعليم والمعارف
❞ لأن الحياةً ليست تعادُلية ، ولكنها شد وجذب وصراع بين نقيضين ، ومحاولة عاجزة للتوفيق بينهما في تراكيب واهية هي في ذاتها حاجة للتركيب بينها مرة ومرة ومرات ..
بدون نهاية وبدون نجاح وبدون الوصول لأي تعادلية . ❝
❞ الحب الذي هو أعمق من كل حب لا يفجره في القلب الإ التصوف والشعور الديني.. لأن الدين هو الذي يعيد الإنسان إلى النبع الذي صدر منه
ويأخذ بالإنسان الساقط في الزمان والمكان ليرفعه إلى سماوات الأبدية
ولا يرفعه إلى هذه السموات إلا الحب.. منتهى الحب يفنى به العابد عن نفسه وعن الدنيا شوقا الى خالقه.
وما حب الإنسان للمرأة.. وماحب الإنسان للفن.. وما حب الإنسان للجمال.. إلا خطوات الدليل الخفي الذي يقودنا إلى الله... إلى المحبوب الوحيد الذي يستحق الحب.. إنها محطات سفر للمحطة النهائية
محطة الوصول . ❝
❞ "الموت يسترق الخطى كاللص تحت جنح الليل .. ويمشي على رؤوسنا فتبيض له شعراتنا .. شعرة .. شعرة .. دون أن نحس .. لأن دبيبه و هو يمشي هو دبيب الحياة نفسها.
إن أوراق الشجر تتساقط و لكن الشجرة تظل مائلة للعيان دائمة الخضرة دائمة الازدهار .. تظل هكذا حتى بعاصفة تخلعها من جذورها وتلقي بها في عرض الطريق..
و حينئذ فقط يبدو منظرها قاتماً يبعث على التشاؤم .. تبدو فروعها معروفة عارية .. و جذورها نخرة .. و أوراقها مصفرة..
لقد انتهت ! .. لم تعد شجرة .. أصبحت شيئاً آخر .. أصبحت خشباً..
و هذا ما يحدث .. حينما نشاهد الإنسان و هو يسقط جثة هامدة.
إنه يبدو شيئاً آخر و يبدو الحادث الذي حدث فجأة .. حادثاً غريباً بلا مقدمات..
لقد انتهى الإنسان كله فجأة . ❝
❞ إن الفرق بين العبودية و الحرية هو خيط رفيع . خيط رفيع يرقص عليه الإنسان .. و يتأرجح.
إذا سقط في داخل نفسه ضاع في أحلام اليقظة و الرؤيا و الأماني.
و إذا سقط في العالم ضاع في دوامة الزمن الآلي .. و جرفه الروتين و العرف و التقاليد .. و ابتلعه
المجتمع فى جوفه.
و إذا فتح عينيه و نظر إلى العالم حوله فإنه يستطيع النجاة بحريته , و يستطيع أن يقفز على الحبل
خطوات واسعة إلى الأمام . ❝
❞ السياق الزمنى فى النوم غريب ..
إنه زمن آخر غير زمن الساعة ، فالحلم قد يحتوى على أحداث سنة كاملة بتفاصيلها من حب إلى زواج إلى طلاق إلى جريمة و مع هذا لا يستغرق بحسـاب السـاعة أكثر من ثانيـة ..
و العكس يحدث أحياناً ، فتمر على النائم عشر ساعات و فى ظنهِ أن عقرب الساعة لم يتحرك إلا دقائق معدودة ..
الزمن يتخلص من قيود الساعة أثناء النوم .. و يخضع لتقدير آخر هو تقدير المُخَيَّلَة التى تُوَسِّع و تُضَيِّق فيه على حسب ازدحامها بالحوادث و الرغبات ..
إنه من صِناعة النائم و خَلْقِهِ .. فهو ذاتى صِرف . ❝
❞ كل العواطف والنزوات والمخاوف والامال وشطحات الخيال والفكر والفن والاخلاق.. كل هذه القيم العظيمه تدين للموت بوجودها.اعطنى اى مثل اخلاقى. وانا اكشف عن الموت فيه الشجاعه قيمتها انها تتحدى الموت والاصرار قيمته في انه يواجه الموت وهكذا كل مثل اخلاقى قوته في ان يواجه مقاومه وهو ينهار وينهار مضمونه حينما لا تكون هناك مقاومه في مواجتهه . ❝
❞ أنت حينما تنام .. تتحول إلى شجرة
هناك زر كهربائي في المخ ينطفئ في لحظة النوم .. فيسود الظلام و تسود الغيبوبة .. و تمر الشخصية بحالة
غرق و يتحول الإنسان إلى شجرة .. إلى نبات بدائي .. إلى شيء تستمر فيه الحياة على شكل وظائف
.. دورة الدم تجري .. النفس يتردد .. الخلايا تفرز .. الأمعاء
تهضم .. كل هذا يتم بطريقة تلقائية و
الجسد ممدد بلا حراك .. تماماً مثل نبات مغروس في الأرض تجري فيه العصارة و تنمو الخلايا و تتنفس
من أكسوجين الجو
.
إنها لحظة غريبة يسقط فيها الجسد في هوة التعب و العجز .
و يستحيل عليه التعبير عن روحه و معنوياته الراقية فيأخذ إجازة .. و يعود ملايين السنين إلى الوراء ..
ليعيش بطريقة بدائية كما كان يعيش النبات .. حياة مريحة لا تكلف جهداً
..
إن سر الموت يكمن في لغز النوم .. لأن النوم هو نصف الطريق إلى الموت , نصف الإنسان الراقي يموت
أثناء النوم .. شخصيته تموت .. عقله يموت .. و يتحول إلى كائن منحط مثل الإسفنج و الطحلب
يتنفس و ينمو بلا وعي .. و كأنه فقد الروح .
إنه يقطع نصف الطريق إلى التراب .. و يعود مليون سنة إلى الخلف ..
يعود عقله الواعي إلى ينبوعه الباطن . و تعود شخصيته الواعية إلى ينبوعها الطبيعي الذي يعمل في غيبوبة
كما تعمل العصارة في لحاء الشجر .. و يلتقي الإنسان بخاماته الطبيعية .. بجسده و ترابه و مادته و الجزء
اللاوعي من وجوده
..
إن الشعراء يقولون أن لحظات النهار سطحية لأن ألوان النهار البراقة تخطف الانتباه .. و لحظات الليل
عميقة لأن الليل يهتك هذا الستار البراق و يفك أغلال الانتباه فيغوص في أعماق الأشياء ..
و أنا أقول أن لحظة النعاس هي أعمق اللحظات لأنها تهتك ستاراً آخر و هو ستار الألفة .
النعاس يمحو الألفة بيني و بين الأشياء فتبدو غريبة مدهشة مما يدعوني أحياناً إلى التساؤل .. و أنا أنظر
حولي في غرفة نومي بين النوم و اليقظة .. و أهمس : أنا فين ؟
إني لا أتعرف على سريري .. و لا أتعرف على دولابي .. و تسقط الألفة تماماً بيني و بين غرفتي فتبدو
غريبة ..
و هذه اللحظة عميقة .. لأن العقل يخرج فيها من إطار ظروفه و يتحرر من الألفة تماماً بيني و بين غرفتي
فتبدو غريبة ..
و هذه اللحظة لحظة عميقة .. لأن العقل يخرج فيها من إطار ظروفه و يتحرر من الألفة و التعود و
الأحكام العادية و ينظر حوله من جديد .. ليصدر أحكاماً جديدة أكثر تحرراً .. و إلهاماً .
و الأنبياء كانوا يتلقون إلهامهم في هذه اللحظة .. و كأن الوحي يأتيهم بين النعاس و الغيبوبة
..
و نيوتن اكتشف قانون الجاذبية في هذه اللحظة .. و هو ينظر بعين نعسانة إلى تفاحة تسقط من الشجرة
.. لقد أحس أن سقوط التفاحة أمر غير مألوف .. و أن التفاحة لا يمكن أن تسقط على الأرض .. و إنما
الأرض هي التي يجب أن تجذبها ..
و كل المخترعين و المؤلفين و الشعراء و المفكرين .. تفتقت أذهانهم في هذه اللحظة .. لأنها اللحظة
الحرجة التي سقط فيها المألوف .. و المعتاد .. و لمعت الحياة بالدهشة .. و برق العقل بأسئلة جديدة تماماً
.. لم يكن ليلقيها لو كان في كامل يقظته .. و كامل ارتباطه بالأشياء
..
و الفرق بين النبي .. و العبقري .. في تلك اللحظة هي مساحة الرؤيا التي تنكشف لكل واحد .
النبي يشبه جهاز تلفزيون به مليون صمام .. مساحة الرؤيا فيه شاسعة .. و قدرة استقباله كبيرة .. فهو
يستطيع أن يستقبل صوراً من المريخ على شاشة بانورامية عريضة لأنه مؤيد بوسائل إلهية
.
و العبقري هو جهاز ترانزيستور صغير يكاد يستمع إلى محطة القاهرة بالسعودية .. لأنه يعتمد على
اجتهاد الخاطر الذي قد يخطئ و قد يصيب ..
و لكن الاثنين يسبحان جنباً إلى جنب في بحر الحقائق
و النوم في حقيقته يقظة عميقة .. تتيقظ فيه الوظائف
الأصلية .. فتنتظم دورة الدم .. و ينتظم التنفس .. و ينتظم الهضم .. و الإمتصاص و الإفراز و يتوقف الهدم .. و يبدأ النمو و البناء و يقل الإحتراق الذي يحدث في النهار
و تتيقظ رغبات أكثر أصالة من رغبات النهار .. الغرائز كلها تتيقظ و تعمل .. و تنشر نشاطها في الأحلام .. و تفضح نزواتها على مسرح رمزي مبهم لا يستطيع فك رموزه و طلاسمه إلا صاحبه
و يدخل النوم بعد هذا في مرحلة أعمق .. هي النوم الثقيل .. و هي مرحلة تخلو من الإحساس تماماً.. و تخلو من الأحلام أيضاً.. مرحلة من الظلام .. و العدم .. و هوّة بعيدة الغور .. و مساحة مشطوبة من الحياة .. ليس فيها وعي و لا زمن .. و لا مكان .. العشر ساعات تمر فيها كلمح الطرف بين غمضة العين و انتباهتها .. بدون إحساس بالمدة .. و كأن خيط العمر انقطع فجأة .. كما يحدث حينما نقطع أشرطة التسجيل ثم
نوصلها من جديد ليستمر سياق الكلام كما نريد ..
السياق الزمني في النوم غريب
إنه زمن آخر غير زمن الساعة .. فالحلم قد يحتوي على أحداث سنة كاملة بتفاصيلها من حب إلى زواج إلى طلاق إلى جريمة و مع هذا لا يستغرق بحساب الساعة أكثر من ثانية ..
و العكس يحدث أحياناً فتمر على النائم عشر ساعات و في ظنه أن عقرب الساعة لم يتحرك إلا دقائق معدودة ..
الزمن يتخلص من قيود الساعة أثناء النوم .. و يخضع لتقدير آخر هو تقدير المخيلة التي توسع و تضيق فيه على حسب ازدحامها بالحوادث و الرغبات .. إنه من صناعة النائم و خلقه .. فهو ذاتي صرف ..
النائم كالفنان الذي يؤلف قصة .. يخلق زمن القصة كما يريد .. و يعيش في قمقم خرافي من أوهامه .. يتمطى فيه و يصرخ بالرغبة التي يحبها .. في حرية مطلقة تصل إلى حد العبث ..
ومعظم أحلامنا عبث في عبث .. و أمنيات مستحيلة .. و لكننا نعيشها كما نريدها ونحن نائمون ..
و النوم أرخص أنواع الحياة من حيث الكلفة .. فمقدار السكر و الأكسجين الذي يحتاجه النائم ليستمر في الحياة أقل بكثير من المقدار الذي يحتاجه في اليقظة .
و الإنسان الذي يعيش مائة سنة بين نوم و يقظة يستطيع أن يعيش ثلاثمائة سنة إذا عمل على حسابه أن ينامها كلها ..
و مادة النوم رخيصة .. لأن الإنسان يقترب فيه من التراب .. ويعود إلى الآلية الكيميائية المتأصلة في خلاياه من بداية الحياة ...
. ❝