█ _ مصطفى محمود 1998 حصريا كتاب الروح والجسد عن دار المعارف 2024 والجسد: هو من تأليف الدكتور تحدث فيه طرفان نقيضان يتصارعان وبينهما يعيش الإنسان كبد تحلق به علياء المعاني السامية ويقيده الجسد الفاني بأغلال محكمة شهوات ورغبات هذا الصراع الذي تكلم رجال الدين والفلاسفة والمفكرون والمتصوفون “السعادة الحقة هي حالة عميقة حالات السكينة تقل فيها الحاجة إلى الكلام وتنعدم الرغبة الثرثرة رؤية داخلية مبهجة واحساس بالصلح مع النفس والدنيا والله واقتناع عميق بالعدالة الكامنة الوجود كله وقبول لجميع الآلام رضى وابتسام” ********* “اللهم اجعل مكالمتي معك وحدك فأنت تعلم ولا تظلم تتبدل عندك الأقوال والأحكام تضيع محبة” ******** “للصمت المفعم بالشعور حكم أقوى الكلمات” ********* “لابدّ احترام المسافة التي تحفظ لكل فرد مجاله الخاص وكينونته الخاصة كإنسان مستقل له الحق أن يطوي ضلوعه شيء” ************ “وصف القرآن العلاقة السوية بين الرجل والمرأة بأنها المودة والرحمة ولم يسمها حبا وجعل الحب وقفا علاقة الانسان بالله لأنه وحده جامع الكمالات الجدير بالحب والتحميد وجاءت لفظة القران حب الله وحب الرسول مرة واحدة المرأة لسان النسوة الخاطئات حينما تكلمن امرأة العزيز وفتاها (شغفها حبا) وهو رفضه يوسف واستعصم منه واستعان بربه وآثر عليه السجن عدة سنين” ********* “وللصمت الكلمات وله إشعاع قدرته الفعل والتأثير والمحب الصامت يستطيع ينقل لغته وحبه الآخر إذا كان نفس المستوى رهافة الحس وإذا قادراً السمع بلا أذن والكلام نطق” *********** “اللهم لي صمت الجبل يحمل أحشائه البركان صامت ويحمل باطنه الزلزال هادئ جوفه الذهب والبلاتين والماس ويبدو متواضعاً بفرش نفسه للفقراء والبسطاء اللهم مكالماتي محبّة” ******** “الله لا يتركنا ندعي اي شيء إلا ويمتحننا بأن يضعنا امام مخاطر الكلمة ومخاطر التبعة فيطالبنا بثمن الصدق كنا صادقين يمتحننا ظاهرنا وباطننا ويمتحن جواهرنا وقلوبنا وأفعالنا” ************ “بل تكاد تكون قاعدة القلب يصحو بالألم والنفس تشف وترهف بالمعاناة” ************ “كنا عائدين أداء الواجب قال صديقي: ـ أنعيش كذب دائم ؟ ألا يوجد صدق قلت له: بل نحن نصدق دائما ولكنه محدود, صدق لحظتها كلماتنا عمرها عمر الرسم علي الماء والنقش الرمال وهي العادة صادقة حدود العمر القصير فيما ندر وبعد ذلك بعد ذلك تتغير الظروف وتتبدل الملابسات وتمتحن العواطف والأقوال والأعمال وتبتلي النفوس جواهرها وتتقلب القلوب ويأتي الليل النهار فنحن أرض تدور أليس كذلك يصمد للامتحان باق؟ أحيانا ولكن الباقي تعيا حمله والذي يحب حاول يعبر يخرج كلاما عبيطا أو عبارات معني ومثل يكون أغلب الأحوال أزمة الصدر وعطشا خلف الضلوع ارتواء حل له إني أتمني تحبني الحب أبدا لم؟ لأن تحب تسامح إنها تري نفسها قد أعطت روحها فلا أقل تأخذ روحي والذين يحبون هم قاتل ومقتول وأنا أحب أكون أحدهما الرائع الإشراك بعينه وعبادة المخلوق دون الخالق, وهذا ما قاله الإمام الغزالي الواحدة استغراقا وصبابة إنه السقوط الشرك ولهذا أباح الإسلام تعدد الزوجات ليحول الاستئثار وحتي التوحيد لله وهل تظن أنك تختار قدرك يمكن يداهمك النوع برغم أنفك, فلا تملك فكاكا؟ مصيبة وكارثة وأسرا وسجنا وأغلالا يكتبه عبد غضب ولعنه وأضله وأرجو المغضوب عليهم الضالين أعرف معبودي أضل عنه وأنه الأجمل كل جميل مهوي الأفئدة وسكن الأرواح وماذا للمرأة المثلي عندك؟ لها عندي والصحبة الطيبة أكثر غل قيد أسر وإنما ضيافة كريمة يستضيف منا مدي أيام الدنيا الشقية ويعاونه تحملها سوف أعيش وأفرح فيك وأراك بإذن الأسر والغل والقيد غريقا لشوشتك أذيال حتي تتوب تعذيبنا تبت ولا داعي للبلاء اللهم تدخلنا تجربة تكتب حبك يتنافي الناس؟ يدعو الناس وبلا قيود عبودية سعار الغرام وضرام الشهوات يغنيك غرام بشري؟ نعم استطعت أفهم النظر وجهه ومعني هالك عشق الهالكين الهلاك معهم وأن حبه الخلاص والعتق والحرية وكيف تنظر وجهه؟ أستشفه صدح الطيور وفي نور الفجر, في جناح الفراش بصمة الاصبع عطر الوردة العدل المستتر وراء الألم والحكمة الخافية العذاب وأشعر استسرار وإبهام الموت وطلسم القدر أحس الحقائق تلقي عقلي لغة عبارة تسعفني ساعة الخطر الوضوح الرائع يتجلي لحظة الأزمة الإحساس الحميم بالصحبة والونس وحدي, وفيما لطائف الأسرار العبد وربه مما يكتب يقال أهناك يقال؟ مطلق نعرفه؟ نعرفه نكابده إحساسك بذاتك مكابدة وليست معرفة ومع ذلك, فهي أعلي جميع درجة اليقين ذاتك أمر يرقي إليه شك يتوضح كما تتوضح سائر والحقائق العليا كلها مكابدات معارف والمتصوفة يسمون حضورا وحضرة نصل هذه الحضرة بالاجتهاد؟ نستطيع يساعدنا هو دخلت الحضرة؟ أنا أبعد الشرف, أنا حالي مثل حالك حال المرحوم دفناه اليوم الخاطئين الذين يتقلبون والنهار ولكني أحاول مجرد محاولة ” ********** “إن السعادة فى معناها الوحيد الممكن هى الصلح الظاهر والباطن بين ونفسه وبين والآخريين الله فينسكب منهما كأنهما وحدة ويصبح الفرد وكأنه الكل وكأنما تغنى وتتكلم ” فكر وثقافة مجاناً PDF اونلاين الثقافة تعني صقل والمنطق والفطانة حيث المثقف يقوم بتعلم أمور جديدة القلم عندما يتم بريه هذا القسم يشمل العديدة الكتب المتميزة الفكر والثقافة تتعدّد ترمي إليها اللغة العربية فهي ترجِع أصلها الثلاثي ثقُفَ يعني الذكاء والفطنة وسرعة التعلم والحذق والتهذيب وتسوية الشيء وإقامة اعوجاجه والعلم والفنون والتعليم والمعارف
❞ نعم إن الأمر صدق وحق.. ولا شيء يستحق البكاء من الإنسان أكثر من خطيئته ولا شيء يستحق أن يتمزق له القلب أكثر من أن يخطئ وهو يعلم أنه يخطئ ويتردى وهو يعلم أنه يتردى، إنه لأفضل له أن يتمزق ألف قطعة كل قطعة تتألم وتتعذب ولا يرتكب الخطأ ولو علمنا لما طلبنا من الله ساعة السجود إلا طلباً واحداً.. ألا تخطئ . ❝
❞ الله لا يتركنا ندعي اي شيء إلا ويمتحننا فيه ... بأن يضعنا امام مخاطر الكلمة ومخاطر التبعة .. فيطالبنا بثمن الصدق إن كنا صادقين .. والله يمتحننا في ظاهرنا وباطننا ويمتحن جواهرنا وقلوبنا وأفعالنا . ❝
❞ طرفان نقيضان يتصارعان وبينهما يعيش الإنسان في كبد تحلق به الروح في علياء المعاني السامية ويقيده الجسد الفاني بأغلال محكمة من شهوات ورغبات.. هذا الصراع الذي تكلم فيه رجال الدين والفلاسفة والمفكرون والمتصوفون . ❝
❞ هي قادمة من لندن منذ أيام بعد سياحة قصيرة... ذهبت وعلى وجهها براءة وفي خطوتها حياء.. وعادت متنمرة متحفزة تتدلى من شفتيها سيجارة تنفث دخانها متواصلا كمدخنة , وقد وضعت ساقاً على ساق وراحت تحملق في وجهي في صرامة وحدة ..
كنت في عجب من التغير السريع ..
أين ذهبت الأنوثة الفياضة والملامح اللذيذة الهشة مثل غزل البنات التي كانت تتلون بحمرة الخجل لأقل خاطر
أنا أمام شيخ غفر
سألت في توجس لعلي أكتشف السر ..
ترى , كيف رأيت لندن ؟
جاء ردها كطلقات مدفع رشاش
رأيت الجنة .. إنهم هناك يعيشون في الجنة.. حرية .. حرية .. حرية في كل شيء .. البنت هناك تفعل ما تشاء كما تشاء .. تخرج وقتما تريد تعود وقتما تريد .. أو لا تعود .. إذا حلا لها أن لاتعود .. تعانق فتاها أمام الجميع , وتقبله أمام الجميع , وتختلي به ويختلي بها , وتفعل به ويفعل بها كل ما يلذ لهما دون خوف من أن تتلصص عيون الآخرين لتعرف ماذا يجري تحت الملاءة .. العسكري يحرس المنظر الجميل من الفضوليين ويحمي الخلوة بقوة القانون .. الأهل يباركون هذه الحرية الجنسية ولا يدسّون أنفهم فيها ، لا أحد يسأل .. هل هو زوجك .. هل هو خطيبك .. متى نقول مبروك .. كل واحد في حاله .. كل واحد له لذته وخلوته وصاحبته..
هذه هي الحياة .. هذا هو التقدم .. هذه هي الجنة ..
كنت أستمع في دهشة .. وأذكر زيارتي أنا الآخر للندن وكيف أعجبت بها .. ولكن لسبب آخر مختلف تماما .. فقد أعجبني فيها النظام والجدية والعمل والإنتاج والديمقراطية... ولم ألق بالا لظاهرة الهيبيز والتحلل الجنسي.. فقد رأيت فيها في ذلك الوقت مظهرا لتداعي إمبراطورية عظيمة وعرضا من أعراض تصدعها .. ولو أن شباب بريطانيا بدا بهذه الصورة الرخوة المنحلة لما قام لبريطانيا بتاء تحت الشمس , ولما استطاعت أن تقتحم بأساطيلها البحار السبعة .. قصة ميلاد وموت الإمبراطوريات كما تعلمناها من التاريخ.. تبدأ بالعصامية والفقر والصبر والكفاح وتنتهي بالشيخوخة في الترف والإنحلال .. قصة لا يمل التاريخ من تكرارها على أسماعنا .. وأفقت من ذكرياتي وتأملاتي على صوت صاحبتنا يصفعني من جديد..
هيه . متى تتقدمون أيها الرجال .. وتخلعون عنكم ثياب الرجعية والتخلف وتعاملون المرأة كآدمية لها الحق في أن تستمتع .. متى نعيش أحرارا ؟
قلت وأنا مازلت مندهشاً من هذا التحفز في نبراتها
ولكنك على ما اعلم حرة .. أنت حرة .. في إمكانك أن تفعلي ما تشائين .. ليس في رفقتك شرطي وليس في يدك أغلال .. ولست رهن تحقيق أو اعتقال .. وإذا قررت بينك وبين نفسك أن تفوزي بمتعة فأنت تحصلين عليها في غفلة من الجميع وبرغم أنفهم
فصاحت بحدة
ولماذا لا أستمتع علنا أمام الكل ؟ لماذا لا تكون الأحضان والقبلات مثل التموين المشروع نتبادلها دون خوف ؟ لماذا لا تكون الحرية الجنسية في بطاقة تمويننا ؟ مثل السكر والزيت والشاي حقا مقررا لا نقاش فيه ولا عيب ولا حرام ؟
لبثت لحظة أمسك رأسي محملقا في هذه التي عرفتها عذراء مثل فتافيت السكر .. كيف تتكلم في ضراوة مثل الغولة ؟
وأعجب ما في الأمر .. أنها كانت تتكلم في زهو و خيلاء .. وكأنما تحمل إلى العالم بشارة جديدة أو نظرية عميقة أو مذهبا فلسفيا
قلت لها
ولكن هذا مذهب القرود .. وهو امر قديم جدا لا تقدم فيه ولا تقدمية .. فالقرود يتناكحون ويتلاقحون ويتعانقون في الأقفاص ونحن نصفق لهم ونبارك حريتهم ونلقي إليهم بالموز والسوداني.. هذه نظرية لا يحتاج اكتشافها رحلة إلى لندن وإنما تكفي رحلة إلى جبلاية القرود .. لقد كلفت نفسك مشوارا طويلا دون مقتضى
قالت في غيظ ..
سوف تعود إلى كلامك الفارغ
والحقيقة أنني كنت في حيرة من كل هذا الغل الذي جرى به الحوار.. فليس بيننا ثأر قديم على ما أعلم وإن كنت أدعو إلى العفة .. فإني لا أفعل ذلك لحسابي الخاص.. وإنما هي حقيقة وخبرة وممارسة ومعاناة وخلاصة عمر.. أحاول أن أوصل ثمرتها إلى الآخرين.. وأطرح أمامهم رأيا حرا وليس في المسألة تحد
وجاءني صوتها عنيداً مكابراً
على العموم إذا كنت أتفادى الصدام معكم إلى الآن .. وإذا كنت أخضع أحيانا لتقاليدكم البالية أيها الرجال .. فإنما أفعل هذا إشفاقا عليكم لأنكم مساكين.. إشفاقا على الأب والأخ والصديق
أخيرا قالت كلمة حق .. فنحن فعلا مساكين .. ومع مثل هذه العقلية النسائية سنكون جيلا مسكينا من الرجال
وليست جنة أبداً تلك الخلوة التي تجمعنا مع مثل هذه العينة من النساء ولو كانت في هايدبارك في لندن تحت أشجار الزيزفون يفعل كل منا بالآخر ما يلذ له ..
فهؤلاء لسن نساء .. إنما غيلان
ونظرت إلى وجهها المتنمر ورحت أبحث عن فتافيت السكر التي كانت تلمس شغاف القلب .. فوجدت وجها تبخرت منه الأنثى وبقي شيء متصلب لا يصلح لأن يكون وجها لأنثى ولا وجها لرجل .. ولا حتى سحنة لشيخ الغفر!
من كتاب / الروح والجسد
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله) . ❝
❞ وقديما قالوا إن البيوت السعيدة لا صوت لها.. ولا أحد يتخذ منها مادة للكلام ولا أحد يروي عنها قصة أو يكتب رواية أو ينتج فيلما.. وفي روايات الحب التقليدية يسدل الستار دوما عندما يصل الحبيب والحبيبة إلى المأذون، لأن المؤلف يتصور حينئد أن الكلام انتهى.. وأنه لم يعد هناك ما يقال لأن السعادة بدأت والسعادة عنوانها الصمت..
- فأين هي تلك البيوت السعيدة الآن؟
- ما أقلها!
. ❝
❞ النملة التي تسكن شق الحائط وتتجول في عالم صغير لا يزيد عن دائرة قطرها نصف متر وتعمل طول الحياة عملًا واحدًا لا يتغير هو نقل فتافيت الخبز من الأرض إلى بيتها تتصور أن الكون كله هو هذا الشق الصغير وأن الحياة لا غاية لها إلا هذه الفتفوتة من الخبز ثم لا شيء وراء ذلك.. وهي معذورة في هذا التصور فهذا أقصى مدى تذهب إليه حواسها.
أما الإنسان فيعلم أن الشق هو مجرد شرخ في حائط والحائط لإحدى الغرف و الغرفة في إحدى الشقق والشقة هي واحدة من عشرات مثلها في عمارة والعمارة واحدة من عمارات في حي والحي واحد من عدة أحياء بالقاهرة والقاهرة عاصمة جمهورية و هذه بدورها مجرد قُطر من عدة أقطار في قارة كبيرة اسمها أفريقيا ومثلها أربع قارات أخرى على كرة سابحة في الفضاء اسمها الكرة الأرضية.. والكرة الأرضية بدورها واحدة من تسعة كواكب تدور حول الشمس في مجموعة كوكبية.. والمجموعة كلها بشمسها تدور هي الأخرى في الفضاء حول مجرة من مائة ألف مليون شمس.
وغيرها مائة ألف مليون مجرة أخرى تسبح بشموسها في فضاء لا أحد يعرف له شكلًا.. وكل هذا يؤلف ما يعرف بالسماء الأولى أو السماء الدنيا وهي مجرد واحدة من سبع سماوات لم تطلع عليها عين ولم تطأها قدم ومن فوقها يستوي الإله الخالق على عرشه يُدبّر كل هذه الأكوان ويُهيمن عليها من أكبر مجرة إلى أصغر ذرة.
كل هذا يعلمه الإنسان على وجه الحقيقة.. ومع ذلك فما أكثر الناس أشباه النمل الذين يعيشون سُجناء محصورين كل واحد مُنغلِق داخل شق نفسه يتحرك داخل دائرة محدودة من عدة أمتار ويدور داخل حلقة مفرغة من الهموم الذاتية تبدأ وتنتهي عند الحصول على كسرة خبز ومضاجعة امرأة ثم لا شيء وراء ذلك.. رغم ما وهب الله ذلك الإنسان من علم وخيال واختراع وأدوات وحيلة وذكاء ورغم ما كشف له من غوامض ذلك الكون الفسيح المذهل.
أكثر الناس بالرغم من ذلك قواقع و سلاحف ونمل كل واحد يغلق على نفسه قوقعته أو درقته أو يختبيء داخل جحر مظلم ضيق من الأحقاد والأضغان والأطماع والمآرب.
نرى الذي يموت من الغيرة وقد نَسي أن العالم مليء بالنساء ونسي أن هناك غير النساء عشرات اللذّات والأهداف الأخرى الجميلة.. ولكنه سجن نفسه بجهله و غبائه داخل امرأة واحدة وداخل جحر نملة واحدة إلتصق بها كما يلتصق بقطرة عسل لا يعرف لنفسه فكاكًا.
و نرى آخر مغلولًا داخل رغبة أكّالة في الانتقام والثأر يصحو وينام ويقوم في قمقم من الكوابيس لا يعرف لنفسه خلاصًا ولا يُفكّر إلا في الكيفية التي ينقض بها على غريمه لينهش لحمه ويشرب دمه.
ونرى آخر قد تكوم تحت الأغطية وغاب في محاولة حيوانية لاستدرار اللذة مثل قرد الجبلاية الذي يمارس العادة السرية أمام أنثاه.
و نرى آخر قد غرق في دوامة من الأفكار السوداوية أغلق على نفسه زنزانة من الكآبة واليأس والخمول.
ونرى آخر قد أسر نفسه داخل موقف الرفض والسخط والتبرم والضيق بكل شيء.
ولكن العالم واسع فسيح.
وإمكانيات العمل والسعادة لا حد لها وفُرص الاكتشاف لكل ما هو جديد ومذهل ومدهش تتجدد كل لحظة بلا نهاية.
وقد مشى الإنسان على تراب القمر.
ونزلت السفن على كوكب الزهرة.
وارتحلت الكاميرات التليفزيونية إلى المريخ.
فلماذا يسجن الإنسان نفسه داخل شق في الحائط مثل النملة ويعض على أسنانه من الغيظ أو يحك جلده بحثًا عن لذة أو يطوي ضلوعه على ثأر.
ولماذا يسرق الناس بعضهم بعضًا ولماذا تغتصب الأمم بعضها بعضًا والخيرات حولها بلا حدود والأرزاق مطمورة في الأرض تحت أقدام من يبحث عنها.
ولماذا اليأس وصورة الكون البديع بما فيها من جمال ونظام وحكمة وتخطيط موزون تُوحي بإله عادل لا يخطيء ميزانه.. كريم لا يكف عن العطاء.
لماذا لا نخرج من جحورنا.. ونكسر قوقعاتنا ونطل برؤوسنا لنتفرج على الدنيا ونتأمل.
لماذا لا نخرج من همومنا الذاتية لنحمل هموم الوطن الأكبر ثم نتخطى الوطن إلى الإنسانية الكبرى.. ثم نتخطى الإنسانية إلى الطبيعة وما وراءها ثم إلى الله الذي جئنا من غيبه المغيب ومصيرنا إلى غيبه المغيب.
لماذا ننسى أن لنا أجنحة فنجرب أن نطير ونكتفي بأن نلتصق بالجحور في جبن ونغوص في الوحل و غرق في الطين ونُسلّم قيادتنا للخنزير في داخلنا.
لماذا نُسلّم أنفسنا للعادة والآلية والروتين المكرر وننسى أننا أحرار فعلًا.
لماذا أكثرنا نمل وصراصير ..
. ❝
❞ إن السعادة فى معناها الوحيد الممكن هى الصلح بين الظاهر والباطن
بين الإنسان ونفسه وبين الإنسان والآخرين وبين الإنسان وبين الله
فينسكب كل منهما فى الآخر كأنهما وحدة
ويصبح الفرد منا وكأنه الكل .. وكأنما الطيور تغنى له وتتكلم لغته . ❝
❞ وللصمت المفعم بالشعور حكم أقوى من حكم الكلمات.. وله إشعاع وله قدرته الخاصة على الفعل والتأثير..
والمحب الصامت يستطيع أن ينقل لغته وحبه إلى الآخر.. إذا كان الآخر على نفس المستوى من رهافة الحس-وإذا كان هو الآخر قادراً على السمع بلا أذن والكلام بلا نطق . ❝
❞ نعم إن الأمر صدق وحق.. ولا شيء يستحق البكاء من الإنسان أكثر من خطيئته ولا شيء يستحق أن يتمزق له القلب أكثر من أن يخطئ وهو يعلم أنه يخطئ ويتردى وهو يعلم أنه يتردى، إنه لأفضل له أن يتمزق ألف قطعة كل قطعة تتألم وتتعذب ولا يرتكب الخطأ ولو علمنا لما طلبنا من الله ساعة السجود إلا طلباً واحداً.. ألا تخطئ . ❝