█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ نُكمل وإياكم سرد الأحكام الفقهية التي إستنبطها علمائنا ومشايخنا الأفاضل من غزوة خيبر ...
🔸️منها : أن أهل الذمة إذا خالفوا شيئاً مما شُرِطَ عليهم ، لم يبق لهم ذمة ، وحلت دماؤهم وأموالهم🔸️ومنها : جواز نسخ الأمر قبل فعله ، فإن النبي ﷺ أمرهم بكسر القدور ، ثم نسخه عنهم بالأمر بِغَسْلِها🔸️ومنها : أن ما لا يُؤكل لحمه لا يظهر بالزكاة لا جلده ولا لحمه ، وأن ذبيحته بمنزلة موته ، وأن الزكاة إنما تعمل في مأكول اللحم🔸️ومنها : أن من أخذ من الغنيمة شيئاً قبل قسمتها لم يملكه ، وإن كان دون حقه ، وأنه إنما يملكه بالقسمة ، ولهذا قال ﷺ في صاحب الشملة التي غلها ( إنَّها تَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَاراً ) ، وقال لصاحب الشراك الذي غله ( شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ )🔸️ومنها : أن الإمام مخيّر في أرض العنوة بين قسمتها وتركها ، وقسم بعضها ، وتَرْكِ بعضها🔸️ومنها : جواز التفاؤل بل استحبابه بما يراه أو يسمعه مما هو من أسباب ظهور الإسلام وإعلامه كما تفاءل النبي ﷺ برؤية المساحي والفؤوس والمكاتل مع أهل خيبر ، فإن ذلك فأل في خرابها🔸️ومنها : جواز إجلاء أهل الذمة من دار الإسلام إذا استغني عنهم ، كما قال النبي ﷺ ( نُقِرُّكُم مَا أَقَرَّكُم الله ) ، وقالﷺ لكبيرهم ( كَيْفَ بكَ إِذا رَقَصَتْ بِكَ رَاحِلَتُكَ نَحْوَ الشَّامِ يَوْماً ثُمَّ يَوْماً ) ، وأجلاهم عمر بعد موته🔸️ومنها : جواز عِتق الرجل أمته ، وجعل عتقها صداقاً لها ، ويجعلها زوجته بغير إذنها ، ولا شهود ، ولا ولي غيره ، ولا لفظ ولا إنكاح ولا تزويج ، كما فعل ﷺ بصفيّة . ❝
❞ الأمة التي يكون من الرعيل الأول فيها أبو بكر العربي، وبلال الحبشي، وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي، وإخوانهم الكرام، والتي تتوالى أجيالها على هذا النسق الرائع... الجنسية فيها العقيدة، والوطن فيها هو دار الإسلام، والحاكم فيها هو الله، والدستور فيها هو القرآن . ❝
❞ وطن المسلم الذي يحن إليه ويدافع عنه ليس قطعة أرض ، وجنسية المسلم التي يعرف بها ليست جنسية حكم ، وعشيرة المسلم التي يأوي إليها ويدفع عنها ليست قرابة دم ، وراية المسلم التي يعتز بها ويستشهد تحتها ليست راية قوم ، وانتصار المسلم الذي يهفوا إليه ويشكر الله عليه ليس غلبة جيش ، إنما هو كما قال الله عنه :
{ إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا } [سورة النصر ]
إنه النصر تحت راية العقيدة دون سائر الرايات ، والجهاد لنصرة دين الله وشريعته لا لأي هدف من الأهداف ، والذياد عن ˝ دار الإسلام ˝ بشروطها تلك لا أية دار ، والتجرد بعد هذا كله لله ، لا لمغنم ولا لسمعة ولا حمية لأرض أو قوم ، أو ذود عن أهل أو ولد إلا لحمايتهم من الفتنة عن دين الله . ❝
❞ ما نخطه هنا هو رحلة تاريخية ثقافية فكرية في مسرح تاريخ المسلمين منذ أن انطلق في شبه الجزيرة العربية، ليشمل شعوبًا وقبائل ودول وإمبراطوريات من حدود الصين شرقًا وحتى حدود فرنسا غربًا. إنها رحلة عصف ثقافي ننوي أن تكون مُسلّية وغزيرة بالمعلومات وتختصر الزمن منذ القرن الأول الهجري/السابع الميلادي وحتى القرن الرابع عشر/العشرين.
سوف نتناول في هذا السفر ثلاثة محاور رئيسة، لعلها تراود أذهان الكثيرين ممن لهم دراية بموضوع تاريخ الحضارة الإسلامية على امتداد جغرافيتها ومواقع تأثيرها ومظاهر إبداعها وما قدمته للبشرية. المحور الأول حول النظرة السائدة عند الجميع -في الشرق والغرب- بأن العرب ما قبل الإسلام كانوا من البدو والأعراب ولم يكونوا أهل مدنية عبر تاريخهم الطويل، فقد كانوا مجرد قبائل وتجمعات عشائرية تعيش في الصحاري والفلوات ولم تكن عندهم دول أو ممالك ونظم سياسية في ظل الإمبراطوريتن العظيمتين، فارس والروم. هذه النظرة السطحية في قراءة تاريخ العرب روج لها أيضًا الحركات الإسلاموية في القرن العشرين ليظهروا عظمة الإسلام الذي جعل من أولئك البدو أمة عظيمة اجتاحت الإمبراطوريات العظمى والممالك الكبرى من شرق الهند وحتى غرب أوروبا. ولكن من أجل بيان عظمة الإسلام لا يتطلب بالمرة إزالة تاريخ العرب ونعته بالبداوة وعدم التحضر. فعظمة الإسلام، بنبيه سيد الرسل محمد بن عبد الله (ص) والقرآن رسالته المقدسة الذي نزل عليه، لا تعني أن ما قبله كان مظلمًا وعصرًا ذا جاهلية في كل مظاهره. بل عكس هذه الرؤية هو الصحيح، فالأمة التي تستطيع أن تحمل عظمة الإسلام وينزل عليها ذلك الكتاب العظيم الذي لو أنزله الله ˝على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله˝، فالعرب كان لهم من القدرة على تحمل مسؤولية الرسالة العظيمة ولا بد أن يكونوا بمستوى الاستطاعة، فـ ˝لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها˝.
المحور الثاني هو ما أشاعه المستشرقون، وتبناه الكثيرون من الحداثيين في شرقنا، أنه حتى وإن كان للمسلمين مظاهر حضارية فإنها لم تكن بمستوى حضارة الغرب، فقد كانوا ناقلين لإنجازات وإبداعات حضارة اليونان ولم يضيفوا لها أي إبداعات أخرى. فهم بالأحرى كانوا مجرد مترجمين استنسخوا حضارة مَن كانوا قبلهم ونقلوها إلى من جاء بعدهم ومن هم أهل لها، كأن لسان حال الغرب، ومن لف حولهم من الحداثيين: ˝إنما هي بضاعتنا رُدَّت إلينا˝. فجزى الله العرب والمسلمين خيرًا بأنهم حفظوها ونقلوها إلينا، وإن أضافوا لها بعض هوامشهم فما على الغرب إلا إزالتها وإرجاعها إلى نصوصها الأصلية، ˝فما رعوها حق رعايتها˝ لأنهم ليسوا بذلك المستوى الحضاري والعلمي والفكري والثقافي، فيخطوا على نصوصها ما لا ينفع ولا يفيد لأهلها من الأوروبيين المتحضرين. نقل الحداثيون تلك المفاهيم وغرسوها في عقول النخب الثقافية عندنا، حتى أصبحنا نرددها كأنها جزء من الحقيقة التي يشوبها شك. في حين أن المستشرقين يعلونها علانية أن ما يقومون به في دراساتهم، التي ينعتونها بالموضوعية لكنها في طبيعتها -كما يصرح المستشرق نولدكه في عام 1887 أن ˝نظرته التي تُعليِ من شأن الشعوب الشرقية˝- كما يقول كارل بيكر.. إنهم يدرسون الشرق لكنهم يظهارون نفورهم الفعلي من الشرق، فالإسلام عندهم بدعة مسيحية مارقة، وإن هنالك إيحاء مضمرا بدونيته، وحتى صوفيته فيها قصور معوّق، وإن حضارتهم، للأسف، حضارة لم تتطور، فكل شيء في هذا الكيان الديني للإسلام، من توحيد وعاطفة صوفية وفن وشعر، يُضمر في داخله عداء متأصل لفكرة التجسد الإلهي، ولهذا يستوجب رفضه. نجد هذه الأفكار والمفاهيم الآن رنانة يرددها من نطلق عليها في هذا الكتاب: (الحداثيون الجدد)، الذين يملؤون البرامج التليفزيونية وصفحات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. فكل من ينتقد الحضارة الإسلامية أو يحط من الإسلام ورسوله دائمًا ما يجد من يفسح المجال له في الإعلام ومن يطبلون له على أنه (المفكر)، ولا ندري كيف يمكن لأي إنسان أن يصبح مفكرًا. المضحك المبكي هو أنك إذا كنت (مفكرًا) أو إذا كنت (مكفرًا) سوف تحظى بالشهرة!
المحور الثالث هو الرأي الذي ساد في حقبة ما بعد انتصار الثورة الإيرانية بأن النظام الإسلامي الذي قام في إيران في 1979 هو أول حُكم شيعي في التاريخ من بعد حكم أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب. فعلى طول فترة الحضارة الإسلامية -كما يدعي البعض- لم يكن للشيعة دور لا في السياسة ولا الحكم ولم يكن لهم تأثير في مجريات شؤون المسلمين طوال أربعة عشر قرنًا، وعليه لم يكن لهم إسهام في الحضارة الإسلامية. فقد كانوا في عزلة، لأن عامة المسلمين السنة نعتوهم بالروافض وعاشوا في أوطانهم مواطنين من الدرجة الثانية -إن صح التعبير. هذه الرؤية حول التاريخ بعيدة عن الحقيقة، فالحضارة الإسلامية شارك فيها جميع المسلمين وغير المسلمين، بمدارسهم المتعددة ومذاهبهم الكثيرة وطوائف المتباينة، حتى أن الحكم السياسي تناوب عليه جميع القوميات والإثنيات والشعوب، فلم تكن الدول وصناعة القرار السياسي فيها للعرب أو للسُّنة وحدهم، فلم يجعل الله الحكم دُولَا بينهم. فقد قامت دول للفرس والترك والأفريقيين وحتى للمغول والمماليك، فكيف لم تسنح للشيعة الفرصة طوال أربعة عشر قرنًا من تداول الحكم فيها؟ وإن كان هذا صحيحا فهذا إجحاف بقدراتهم. ولكن سوف نبين أن للشيعة -كما كان لبقية الطوائف- دولا وممالك وإمبراطوريات عديدة قامت في خلال تاريخ الحضارة الإسلامية.
وفي الختام سوف نعرج على أهم معالم الحضارة الإسلامية من علمائها وفلاسفتها ومفكريها وفنانيها ومبدعيها، منذ فجر الإسلام وحتى بداية القرن العشرين. فلم يتوقف العطاء بسقوط بغداد والأندلس، بل استمر في مواطن بعيدة عن مراكز الصراع العسكري والهزائم الكبرى في قلب العالم الإسلامي. فامتداد جغرافية العالم الإسلامي واسعة جدًا من أن تؤثر عليها بعض الهزائم هنا وهناك. وكما أن حروب الإفرنج -التي يطلق عليها الأوروبيون الحروب الصليبية- لم توقف عطاء الحضارة الإسلامية، فإن الهزائم أمام المغول التتار والأوروبيين لم تُنهِ مداد تلك الحضارة الواسعة النطاق في العالم. وهذا المداد لحضارتنا لم يشمل بعض المعارف والعلوم فحسب، بل جميعها قاطبة، من الفلسفة والطب والهندسة والرياضيات والجغرافية والعلوم الطبيعية والفلكية والفيزياء والكيمياء وغيرها.
لقد أرخ المسلمون وأبناء الملل والنحل في داخل دار الإسلام إبداعاتهم وقاموا بنقل تاريخ وثقافات الشعوب التي تعاملوا معها وعرفوها. وكل هذا المعارف التي جرى تدوينها لم تكن حصرًا عليهم بل كانت للعالمين جميعًا. فالبحث العلمي لم يقم على مبدأ الربح والخسارة كما هو الآن في النظام الرأسمالي الحديث، بحيث يسجل كل باحث براءة اختراعه باسمه ليحصل على الموارد المالية من جراء منفعتها. العلوم في حضارتنا قائمة على مبدأ أخلاقي وهو أنها للناس عامة وليست حكرًا لأحد أو مجموعة أو شركة، فليس هنالك من أرباح تجنى عن طريق البحث العلمي في شتى مجالاته. العلماء إنما يكتشفون من خلال بحثهم العلمي سنن الكون وقوانين الطبيعة وأسرار الحياة التي أبدعها الله في خلقه؛ فالدافع هنا إنساني قائم على جلب الخير للبشرية، على عكس الحضارة الحديثة التي أصبحت العلوم فيها منافع فردية ليصبح، الدافع لها شخصي قائم على الجشع والحصول على المنفعة المادية، لأن صاحبها يعتبر أن ما اكتشفه من أسرار الخلق هو ملكه الشخصي، ولسان حاله يقول: ˝إنما أوتيته على علم عندي˝، وليس ما خوله الله إليه من نعمة وفتح له قلبه وسهل له الطرق والوسائل ليتوصل إلى تلك المعارف. فقيمة البحث العلمي في حضارة المسلمين هي عامة للبشرية جمعاء، وهي قيمة أخلاقية مغايرة عن الحضارة الغربية المعاصرة التي أدخلت الجشع الشخصي كدافع للبحث العلمي، ووضعت القوانين والشرائع لتحمي حقوق احتكار الإبداعات العلمية والفكرية والثقافية.
ومن هذا المنطلق احترم المسلمون إبداعات الحضارات التي سبقتهم ونسبوها لأصحابها ووقروا علماء من سبقوهم وبجلوا مفكريهم. ولهذا نعت المسلمون أرسطوطاليس بـالمعلم الأول، ولم يجدوا في ذلك حرجًا، ونسبوا الرياضيات للشعوب التي جاءت قبلهم، وسموا الأشياء بأسمائها التي استعملتها الثقافات التي سبقتهم. فلم يعربوا المصطلحات العلمية والفلسفية ولا أسماء المخترعات والأدوات التي أنتجتها الحضارات السابقة ولم ينسبوها لأنفسهم.
وفي هذا المحور، سوف نعرج على موضوع الحضارة اليونانية التي نسبها الغرب إلى نفسه، وأنها كانت الجذور -أو البذور- التي نبتت شجرتهم، مع العلم أن حضارة اليونان، تاريخيًا، هي جزء من الحضارات التي قامت في شرق المتوسط حصرًا، فلا يمكن فصلها عن حضارات بلاد الرافدين والشام ومصر؛ فلم يتوجه الإسكندر المقدوني ليفتح بلاد أوروبا، بل كان نصب عينه الشرق، من مصر وحتى الهند. وما يُعرف بالثقافة الهلنستية، التي أقامها الإسكندر المقدوني ومن ورث حكمه من الجنرالات من بعده، هي مشتقة من حضارات الشرق، نبعت من ضمن الثقافات الشرقية، فلم تكن أوروبية المنشأ والجوهر والمحتوى. لم تُعطى للحضارة الهلنستية (الجنسية الرومانية) -إذا جاز التعبير- إلا بعد احتلال الروم ممالك بلاد اليونان في الشرق، وسيطرتهم على مواطنهم في الأناضول وبلاد الشام وشمال أفريقيا. فكانت الإمبراطورية الرومانية وريثة الحضارة اليونانية الشرقية، ولم يسعَ الروم إلى تغيير تلك الثقافة الهلنستية الشرقية الأصل وجعلها لاتينية، بل ساعدوا على ترسيخها بتلك النفحة الشرق أوسطية. فجذور الحضارة الرومانية ذات الجذور اليونانية هي شرقية بامتياز. وهذا واضح وجلي عندما استعارت الحضارة الرومانية دينها من الشرق، فآمنت بالمسيحية التي هي عقيدة سامية نشأت وترعرعت في بلاد الرافدين ومصر واليمن من قبل الساميين في بلاد كنعان. فالفكر الديني للإمبراطورية الرومانية هو دين شرقي تبناه قياصرة الروم وأصبح يشكل أساس ثقافتهم وهويتهم. وعلى هذا الأساس، فإن ثقافة الروم وعلومهم وفنونهم وعقيدتهم شرق أوسطية. وعندما اكتشف الأوروبيون، ورثة الإمبراطورية الرومانية المقدسة، التراث اليوناني الذي كان عربي الهوية واللغة، فإنهم . ❝
❞ والذين يبحثون عن مبررات للجهاد الإسلامي في حماية ˝ الوطن الإسلامي ˝ يغضون من شأن ˝ المنهج ˝ ويعتبرونه أقل من ˝ الوطن ˝ وهذه ليست نظرة الإسلام إلى هذه الاعتبارات ، إنها نظرة مستحدثة غريبة على الحس الإسلامي ، فالعقيدة والمنهج الذي تتمثل فيه والمجتمع الذي يسود فيه هذا المنهج هي الاعتبارات الوحيدة في الحس الإسلامي ، أما الأرض - بذاتها - فلا اعتبار لها ولا وزن ! وكل قيمة للأرض في التصور الإسلامي إنما هي مستمدة من سيادة منهج الله وسلطانه فيها ، وبهذا تكون محضن العقيدة وحقل المنهج و ˝ دار الإسلام ˝ ونقطة الانطلاق لتحرير ˝ الإنسان ˝ .
وحقيقة إن حماية ˝ دار الإسلام ˝ حماية للعقيدة والمنهج والمجتمع الذي يسود فيه المنهج . . ولكنها ليست الهدف النهائي ، وليست حمايتها هي الغاية الأخيرة لحركة الجهاد الإسلامي ، إنما حمايتها هي الوسيلة لقيام مملكة الله فيها ، ثم لاتخاذها قاعدة انطلاق إلى الأرض كلها وإلى النوع الإنساني بجملته ، فالنوع الإنساني هو موضوع هذا الدين والأرض هي مجاله الكبير . ❝