❞ من لطيف معاني الآيات الكريمة: أهل النار أطلقوا العنان لشهواتهم، فكان مصيرهم: {وحيل بينهم وبين ما يشتهون}. وأهل الجنة ألجموا شهواتهم، فكانت الجائزة: {ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم}. فاللهم ألهمنا رشدنا. واكتب لنا عظيم فضلك. ❝ ⏤Ibrahim Osama
❞ من لطيف معاني الآيات الكريمة:
أهل النار أطلقوا العنان لشهواتهم، فكان مصيرهم: ﴿وحيل بينهم وبين ما يشتهون﴾.
وأهل الجنة ألجموا شهواتهم، فكانت الجائزة: ﴿ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم﴾.
❞ سألت نفسي عن أسعد لحظة عشتها .. ؟؟ ومـر بخاطري شريط طويل من المَشاهِد .. لحظة رأيت أول قصة تُنشر لي، ولحظة تخرجت من كلية الطب، ولحظة حصلت على جائزة الدولة في الأدب .. ونشوة الحــب الأول و السفـر الأول والخروج إلى العالَم الكبير متجوِلًا بين ربوع غابات إفريقيا العذراء، وطائراً إلى ألمانيا وإيطاليا والنمسا وسويسرا وإنجلترا وفرنسا وأمريكا .. ولحظت قبضت أول ألف جنيه .. ولحظة وضعت أول لبنة في المركز الإسلامي بالدقي .. إستعرضت كل هذه المَشاهد وقلت في سِري .. لا .. ليست هذه .. بل هي لحظة أخرى ذات مساء من عشرين عامًا إختلط فيها الفرح بالدمع بالشكر بالبهجة بالحبور حينما سجَدتُ لله فشعرت أن كل شيء في بدني يسجد .. عظامي تسجد .. أحشائي تسجد .. عقلي يسجد .. ضميري يسجد .. روحي تسجد .. حينما سَكَت داخلي القلق، وكَفَّ الإحتجاج، ورأيت الحكمة في العذاب فارتضيته، ورأيت كل فعل الله خير، وكل تصريفه عدل، وكل قضائه رحمة، وكل بلائه حب .. لحظتها أحسست وأنا أسجد أني أعود إلى وطني الحقيقي الذي جئت منه وأدركت هويّتي وانتسابي وعرفت مَن أنا .. وأنه لا أنا .. بل هو .. ولا غيره .. إنتهى الكِبر وتبخر العِناد وسَكَن التمرد وانجابت غشاوات الظلمة وكأنما كنت أختنق تحت الماء ثم أخرجت رأسي فجأة من اللُجّة لأرى النور وأشاهد الدنيا وآخذ شهيقًا عميقًا وأتنفس بحرية وانطلاق .. وأي حرية .. وأي انطلاق .. يا إلهي .. لكأنما كنت مبعَدًا منفيّاً .. مطرودًا أو سجينًا مكبلًا معتقلًا في الأصفاد ثم فُكَ سجني .. وكأنما كنت أدور كالدابة على عينيها .. حجاب ثم رُفِع الحجاب . نعم .. لحظتها فقط تحررت . نعم .. تلك كانت الحرية الحقّة .. حينما بلغت غاية العبودية لله .. وفككت عن يديَّ القيود التي تقيدني بالدنيا وآلهتها المزَيفة .. المال والمجد والشهرة والجاه والسلطة واللذة و الغَلَبة والقوة .. وشعرت أني لم أعد محتاجًا لأحد ولا لشيء لأني أصبحت في كنَف مَلِك الملوك الذي يملك كل شيء . كنت كفَرخْ الطَير الذي عاد إلى حضن أمه .. كانت لحظة ولكن بطول الأبَد .. تأبدت في الشعور وفي الوجدان وألقَت بظلِها على ما بقيَ من عمر ولكنها لم تتكرر .. فما أكثر ما سجدت بعد ذلك دون أن أبلغ هذا التَجَرُد والخُلوص .. وما أكثر ما حاولت دون جدوى .. فما تأتي تلك اللحظات بجهد العبد .. بل بفضل الرب .. وإنما هو الذي يتقرب إلينا وهو الذي يتحبب إلينا .. وما نتعرف عليه إلا به .. وما نعبده لحظة تمام العِبادة إلا بمعونته .. وما ندخل عليه إلا بإذنه .. فهو العزيز المنيع الجناب الذي لا يُدخَل إليه بالدعاوَى و الأقاويل . ولقد عرفت آنذاك أن تلك هي السعادة الحقّة .. وتلك هي جنة الأرض .. التي لا يساويها أي كسب مادي أو معنوي . يقول الله لنبيه عليه الصلاة والسلام .. { واسجد واقترب } العَلَق – 19 . صدق الله العظيم .. وما كل ساجدٍ بمقترِب إلا إذا خلع النعلين .. فألقى بالدنيا وراءه ثم ألقى بنفسه خلفها .. ودخل مسَلِّم القلب .. عريان المشاعر .. خاشع الفؤاد .. ساجد الأعضاء .. حينئذٍ يكون القرب .. وتكون السجدة . ولَكَم أتمنى أن اعاوِد تلك السجدة ... أو تعاودني تلك السجدة .. ويتفضَل عليَّ الله بالقرب، ويأذن لي بالعبادة حق العبادة .. وأقول في نفسي أحيانًا .. لعلّي لم أعد أخلَع النعلين كما يجب وكما يليق بجلال المقام الأسمَى .. ولعل الدنيا عادت فأخذتني في دوامتها، وعاد الحجاب فانسدَل على العينين، وعادت البشرية فناءت بثقلها وكثافتها على النفس الكليلة .. ولكني لا أكُف عن الأمل .. وأسأل الله أن يشفع الأمل بالعمل .. سبحانه وَسِعَتْ رحمته كل شيء . ************** من كتاب / السؤال الحائر للدكتور / مصطفى محمود ( رحمه الله ). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ سألت نفسي عن أسعد لحظة عشتها . ؟؟
ومـر بخاطري شريط طويل من المَشاهِد . لحظة رأيت أول قصة تُنشر لي، ولحظة تخرجت من كلية الطب، ولحظة حصلت على جائزة الدولة في الأدب . ونشوة الحــب الأول و السفـر الأول والخروج إلى العالَم الكبير متجوِلًا بين ربوع غابات إفريقيا العذراء، وطائراً إلى ألمانيا وإيطاليا والنمسا وسويسرا وإنجلترا وفرنسا وأمريكا . ولحظت قبضت أول ألف جنيه . ولحظة وضعت أول لبنة في المركز الإسلامي بالدقي . إستعرضت كل هذه المَشاهد وقلت في سِري . لا . ليست هذه .
بل هي لحظة أخرى ذات مساء من عشرين عامًا إختلط فيها الفرح بالدمع بالشكر بالبهجة بالحبور حينما سجَدتُ لله فشعرت أن كل شيء في بدني يسجد . عظامي تسجد . أحشائي تسجد . عقلي يسجد . ضميري يسجد . روحي تسجد . حينما سَكَت داخلي القلق، وكَفَّ الإحتجاج، ورأيت الحكمة في العذاب فارتضيته، ورأيت كل فعل الله خير، وكل تصريفه عدل، وكل قضائه رحمة، وكل بلائه حب . لحظتها أحسست وأنا أسجد أني أعود إلى وطني الحقيقي الذي جئت منه وأدركت هويّتي وانتسابي وعرفت مَن أنا . وأنه لا أنا . بل هو . ولا غيره .
إنتهى الكِبر وتبخر العِناد وسَكَن التمرد وانجابت غشاوات الظلمة وكأنما كنت أختنق تحت الماء ثم أخرجت رأسي فجأة من اللُجّة لأرى النور وأشاهد الدنيا وآخذ شهيقًا عميقًا وأتنفس بحرية وانطلاق . وأي حرية . وأي انطلاق . يا إلهي . لكأنما كنت مبعَدًا منفيّاً . مطرودًا أو سجينًا مكبلًا معتقلًا في الأصفاد ثم فُكَ سجني . وكأنما كنت أدور كالدابة على عينيها . حجاب ثم رُفِع الحجاب .
نعم . لحظتها فقط تحررت .
نعم . تلك كانت الحرية الحقّة . حينما بلغت غاية العبودية لله . وفككت عن يديَّ القيود التي تقيدني بالدنيا وآلهتها المزَيفة . المال والمجد والشهرة والجاه والسلطة واللذة و الغَلَبة والقوة .
وشعرت أني لم أعد محتاجًا لأحد ولا لشيء لأني أصبحت في كنَف مَلِك الملوك الذي يملك كل شيء .
كنت كفَرخْ الطَير الذي عاد إلى حضن أمه .
كانت لحظة ولكن بطول الأبَد . تأبدت في الشعور وفي الوجدان وألقَت بظلِها على ما بقيَ من عمر ولكنها لم تتكرر . فما أكثر ما سجدت بعد ذلك دون أن أبلغ هذا التَجَرُد والخُلوص . وما أكثر ما حاولت دون جدوى . فما تأتي تلك اللحظات بجهد العبد . بل بفضل الرب . وإنما هو الذي يتقرب إلينا وهو الذي يتحبب إلينا . وما نتعرف عليه إلا به . وما نعبده لحظة تمام العِبادة إلا بمعونته . وما ندخل عليه إلا بإذنه . فهو العزيز المنيع الجناب الذي لا يُدخَل إليه بالدعاوَى و الأقاويل .
ولقد عرفت آنذاك أن تلك هي السعادة الحقّة . وتلك هي جنة الأرض . التي لا يساويها أي كسب مادي أو معنوي .
يقول الله لنبيه عليه الصلاة والسلام . ﴿ واسجد واقترب ﴾ العَلَق – 19 . صدق الله العظيم . وما كل ساجدٍ بمقترِب إلا إذا خلع النعلين . فألقى بالدنيا وراءه ثم ألقى بنفسه خلفها . ودخل مسَلِّم القلب . عريان المشاعر . خاشع الفؤاد . ساجد الأعضاء . حينئذٍ يكون القرب . وتكون السجدة .
ولَكَم أتمنى أن اعاوِد تلك السجدة .. أو تعاودني تلك السجدة . ويتفضَل عليَّ الله بالقرب، ويأذن لي بالعبادة حق العبادة . وأقول في نفسي أحيانًا . لعلّي لم أعد أخلَع النعلين كما يجب وكما يليق بجلال المقام الأسمَى .
ولعل الدنيا عادت فأخذتني في دوامتها، وعاد الحجاب فانسدَل على العينين، وعادت البشرية فناءت بثقلها وكثافتها على النفس الكليلة .
ولكني لا أكُف عن الأمل . وأسأل الله أن يشفع الأمل بالعمل . سبحانه وَسِعَتْ رحمته كل شيء .
**************
من كتاب / السؤال الحائر للدكتور / مصطفى محمود ( رحمه الله ). ❝
❞ وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا (21) قوله : وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا قوله تعالى : وكذلك أعثرنا عليهم أي أطلعنا عليهم وأظهرناهم . و " أعثر " تعدية عثر بالهمزة ، وأصل العثار في القدم . ليعلموا أن وعد الله حق يعني الأمة المسلمة الذين بعث أهل الكهف على عهدهم . وذلك أن دقيانوس مات ومضت قرون وملك أهل تلك الدار رجل صالح ، فاختلف أهل بلده في الحشر وبعث الأجساد من القبور ، فشك في ذلك بعض الناس واستبعدوه وقالوا : إنما تحشر الأرواح والجسد تأكله الأرض . وقال بعضهم : تبعث الروح والجسد جميعا ; فكبر ذلك على الملك وبقي حيران لا يدري كيف يتبين أمره لهم ، حتى لبس المسوح وقعد على الرماد وتضرع إلى الله - تعالى - في حجة وبيان ، فأعثر الله على أهل الكهف ; فيقال : إنهم لما بعثوا أحدهم بورقهم إلى المدينة ليأتيهم برزق منها استنكر شخصه واستنكرت دراهمه لبعد العهد ، فحمل إلى الملك وكان صالحا قد آمن من معه ، فلما نظر إليه قال : لعل هذا من الفتية الذين خرجوا على عهد دقيانوس الملك ، فقد كنت أدعو الله أن يرينيهم ، وسأل الفتى فأخبره ; فسر الملك بذلك وقال : لعل الله قد بعث لكم آية ، فلنسر إلى الكهف معه ، فركب مع أهل المدينة إليهم ، فلما دنوا إلى الكهف قال تمليخا : أنا أدخل عليهم لئلا يرعبوا فدخل عليهم فأعلمهم الأمر وأن الأمة أمة إسلام ، فروي أنهم سروا بذلك وخرجوا إلى الملك وعظموه وعظمهم ثم رجعوا إلى كهفهم . وأكثر الروايات على أنهم ماتوا حين حدثهم تمليخا ميتة الحق ، على ما يأتي . ورجع من كان شك في بعث الأجساد إلى اليقين . فهذا معنى أعثرنا عليهم . ليعلموا أن وعد الله حق أي ليعلم الملك ورعيته أن القيامة حق والبعث حق إذ يتنازعون بينهم أمرهم . وإنما استدلوا بذلك الواحد على خبرهم وهابوا الدخول عليهم . فقال الملك : ابنوا عليهم بنيانا ; فقال الذين هم على دين الفتية : اتخذوا عليهم مسجدا . وروي أن طائفة كافرة قالت : نبني بيعة أو مضيفا ، فمانعهم المسلمون وقالوا لنتخذن عليهم مسجدا . وروي أن بعض القوم ذهب إلى طمس الكهف عليهم وتركهم فيه مغيبين . وروي عن عبد الله بن عمر أن الله - تعالى - أعمى على الناس حينئذ أثرهم وحجبهم عنهم ، فذلك دعا إلى بناء البنيان ليكون معلما لهم . وقيل : إن الملك أراد أن يدفنهم في صندوق من ذهب فأتاه آت منهم في المنام فقال : أردت أن تجعلنا في صندوق من ذهب فلا تفعل ; فإنا من التراب خلقنا وإليه نعود ، فدعنا . وتنشأ هنا مسائل ممنوعة وجائزة ; فاتخاذ المساجد على القبور والصلاة فيها والبناء عليها ، إلى غير ذلك مما تضمنته السنة من النهي عنه ممنوع لا يجوز ; لما روى أبو داود والترمذي عن ابن عباس قال : لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج . قال الترمذي : وفي الباب عن أبي هريرة وعائشة حديث ابن عباس حديث حسن . وروى الصحيحان عن عائشة أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله - تعالى - يوم القيامة . لفظ مسلم . قال علماؤنا : وهذا يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد . وروى الأئمة عن أبي مرثد الغنوي قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها لفظ مسلم . أي لا تتخذوها قبلة فتصلوا عليها أو إليها كما فعل اليهود والنصارى ، فيؤدي إلى عبادة من فيها كما كان السبب في عبادة الأصنام . فحذر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مثل ذلك ، وسد الذرائع المؤدية إلى ذلك فقال : اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد . وروى الصحيحان عن عائشة وعبد الله بن عباس قالا : لما نزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك : لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا . وروى مسلم عن جابر قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه . وخرجه أبو داود والترمذي أيضا عن جابر قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تجصص القبور وأن يكتب عليها وأن يبنى عليها وأن توطأ . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . وروى الصحيح عن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي بن أبي طالب : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ألا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته - في رواية - ولا صورة إلا طمستها . وأخرجه أبو داود والترمذي . قال علماؤنا : ظاهره منع تسنيم القبور ورفعها وأن تكون لاطئة . وقد قال به بعض أهل العلم . وذهب الجمهور إلى أن هذا الارتفاع المأمور بإزالته هو ما زاد على التسنيم ، ويبقى للقبر ما يعرف به ويحترم ، وذلك صفة قبر نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وقبر صاحبيه - رضي الله عنهما - على ما ذكر مالك في الموطإ - وقبر أبينا آدم - صلى الله عليه وسلم - ، على ما رواه الدارقطني من حديث ابن عباس . وأما تعلية البناء الكثير على نحو ما كانت الجاهلية تفعله تفخيما وتعظيما فذلك يهدم ويزال ; فإن فيه استعمال زينة الدنيا في أول منازل الآخرة ، وتشبها بمن كان يعظم القبور ويعبدها . وباعتبار هذه المعاني وظاهر النهي أن ينبغي أن يقال : هو حرام . والتسنيم في القبر : ارتفاعه قدر شبر ; مأخوذ من سنام البعير . ويرش عليه بالماء لئلا ينتثر بالريح . وقال الشافعي لا بأس أن يطين القبر . وقال أبو حنيفة : لا يجصص القبر ولا يطين ولا يرفع عليه بناء فيسقط . ولا بأس بوضع الأحجار لتكون علامة ; لما رواه أبو بكر الأثرم قال : حدثنا مسدد حدثنا نوح بن دراج عن أبان بن تغلب عن جعفر بن محمد قال : كانت فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزور قبر حمزة بن عبد المطلب كل جمعة وعلمته بصخرة ; ذكره أبو عمر . وأما الجائزة : فالدفن في التابوت ; وهو جائز لا سيما في الأرض الرخوة . روي أن دانيال - صلوات الله عليه - كان في تابوت من حجر ، وأن يوسف - عليه السلام - أوصى بأن يتخذ له تابوت من زجاج ويلقى في ركية مخافة أن يعبد ، وبقي كذلك إلى زمان موسى - صلوات الله عليهم أجمعين - ; فدلته عليه عجوز فرفعه ووضعه في حظيرة إسحاق - عليه السلام - . وفي الصحيح عن سعد بن أبي وقاص أنه قال في مرضه الذي هلك فيه : اتخذوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا ; كما صنع برسول الله - صلى الله عليه وسلم - . اللحد : هو أن يشق في الأرض ثم يحفر قبر آخر في جانب الشق من جانب القبلة إن كانت الأرض صلبة يدخل فيه الميت ويسد عليه باللبن . وهو أفضل عندنا من الشق ; لأنه الذي اختاره الله - تعالى - لرسوله - صلى الله عليه وسلم - . وبه قال أبو حنيفة قال : السنة اللحد . وقال الشافعي : الشق . ويكره الآجر في اللحد . وقال الشافعي : لا بأس به لأنه نوع من الحجر . وكرهه أبو حنيفة وأصحابه ; لأن الآجر لإحكام البناء ، والقبر وما فيه للبلى ، فلا يليق به الإحكام . وعلى هذا يسوى بين الحجر والآجر . وقيل : إن الآجر أثر النار فيكره تفاؤلا ; فعلى هذا يفرق بين الحجر والآجر . قالوا : ويستحب اللبن والقصب لما روي أنه وضع على قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - حزمة من قصب . وحكي عن الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن الفضل الحنفي - رحمه الله - أنه جوز اتخاذ التابوت في بلادهم لرخاوة الأرض . وقال : لو اتخذ تابوت من حديد فلا بأس به ، لكن ينبغي أن يفرش فيه التراب وتطين الطبقة العليا مما يلي الميت ، ويجعل اللبن الخفيف على يمين الميت ويساره ليصير بمنزلة اللحد . قلت : ومن هذا المعنى جعل القطيفة في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ; فإن المدينة سبخة ، قال شقران : أنا والله طرحت القطيفة تحت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القبر . قال أبو عيسى الترمذي : حديث شقران حديث حسن غريب .. ❝ ⏤محمد بن صالح العثيمين
❞ وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا (21) قوله : وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا قوله تعالى : وكذلك أعثرنا عليهم أي أطلعنا عليهم وأظهرناهم . و " أعثر " تعدية عثر بالهمزة ، وأصل العثار في القدم . ليعلموا أن وعد الله حق يعني الأمة المسلمة الذين بعث أهل الكهف على عهدهم . وذلك أن دقيانوس مات ومضت قرون وملك أهل تلك الدار رجل صالح ، فاختلف أهل بلده في الحشر وبعث الأجساد من القبور ، فشك في ذلك بعض الناس واستبعدوه وقالوا : إنما تحشر الأرواح والجسد تأكله الأرض . وقال بعضهم : تبعث الروح والجسد جميعا ; فكبر ذلك على الملك وبقي حيران لا يدري كيف يتبين أمره لهم ، حتى لبس المسوح وقعد على الرماد وتضرع إلى الله - تعالى - في حجة وبيان ، فأعثر الله على أهل الكهف ; فيقال : إنهم لما بعثوا أحدهم بورقهم إلى المدينة ليأتيهم برزق منها استنكر شخصه واستنكرت دراهمه لبعد العهد ، فحمل إلى الملك وكان صالحا قد آمن من معه ، فلما نظر إليه قال : لعل هذا من الفتية الذين خرجوا على عهد دقيانوس الملك ، فقد كنت أدعو الله أن يرينيهم ، وسأل الفتى فأخبره ; فسر الملك بذلك وقال : لعل الله قد بعث لكم آية ، فلنسر إلى الكهف معه ، فركب مع أهل المدينة إليهم ، فلما دنوا إلى الكهف قال تمليخا : أنا أدخل عليهم لئلا يرعبوا فدخل عليهم فأعلمهم الأمر وأن الأمة أمة إسلام ، فروي أنهم سروا بذلك وخرجوا إلى الملك وعظموه وعظمهم ثم رجعوا إلى كهفهم . وأكثر الروايات على أنهم ماتوا حين حدثهم تمليخا ميتة الحق ، على ما يأتي . ورجع من كان شك في بعث الأجساد إلى اليقين . فهذا معنى أعثرنا عليهم . ليعلموا أن وعد الله حق أي ليعلم الملك ورعيته أن القيامة حق والبعث حق إذ يتنازعون بينهم أمرهم . وإنما استدلوا بذلك الواحد على خبرهم وهابوا الدخول عليهم . فقال الملك : ابنوا عليهم بنيانا ; فقال الذين هم على دين الفتية : اتخذوا عليهم مسجدا . وروي أن طائفة كافرة قالت : نبني بيعة أو مضيفا ، فمانعهم المسلمون وقالوا لنتخذن عليهم مسجدا . وروي أن بعض القوم ذهب إلى طمس الكهف عليهم وتركهم فيه مغيبين . وروي عن عبد الله بن عمر أن الله - تعالى - أعمى على الناس حينئذ أثرهم وحجبهم عنهم ، فذلك دعا إلى بناء البنيان ليكون معلما لهم . وقيل : إن الملك أراد أن يدفنهم في صندوق من ذهب فأتاه آت منهم في المنام فقال : أردت أن تجعلنا في صندوق من ذهب فلا تفعل ; فإنا من التراب خلقنا وإليه نعود ، فدعنا . وتنشأ هنا مسائل ممنوعة وجائزة ; فاتخاذ المساجد على القبور والصلاة فيها والبناء عليها ، إلى غير ذلك مما تضمنته السنة من النهي عنه ممنوع لا يجوز ; لما روى أبو داود والترمذي عن ابن عباس قال : لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج . قال الترمذي : وفي الباب عن أبي هريرة وعائشة حديث ابن عباس حديث حسن . وروى الصحيحان عن عائشة أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله - تعالى - يوم القيامة . لفظ مسلم . قال علماؤنا : وهذا يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد . وروى الأئمة عن أبي مرثد الغنوي قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها لفظ مسلم . أي لا تتخذوها قبلة فتصلوا عليها أو إليها كما فعل اليهود والنصارى ، فيؤدي إلى عبادة من فيها كما كان السبب في عبادة الأصنام . فحذر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مثل ذلك ، وسد الذرائع المؤدية إلى ذلك فقال : اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد . وروى الصحيحان عن عائشة وعبد الله بن عباس قالا : لما نزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك : لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا . وروى مسلم عن جابر قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه . وخرجه أبو داود والترمذي أيضا عن جابر قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تجصص القبور وأن يكتب عليها وأن يبنى عليها وأن توطأ . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . وروى الصحيح عن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي بن أبي طالب : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ألا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته - في رواية - ولا صورة إلا طمستها . وأخرجه أبو داود والترمذي . قال علماؤنا : ظاهره منع تسنيم القبور ورفعها وأن تكون لاطئة . وقد قال به بعض أهل العلم . وذهب الجمهور إلى أن هذا الارتفاع المأمور بإزالته هو ما زاد على التسنيم ، ويبقى للقبر ما يعرف به ويحترم ، وذلك صفة قبر نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وقبر صاحبيه - رضي الله عنهما - على ما ذكر مالك في الموطإ - وقبر أبينا آدم - صلى الله عليه وسلم - ، على ما رواه الدارقطني من حديث ابن عباس . وأما تعلية البناء الكثير على نحو ما كانت الجاهلية تفعله تفخيما وتعظيما فذلك يهدم ويزال ; فإن فيه استعمال زينة الدنيا في أول منازل الآخرة ، وتشبها بمن كان يعظم القبور ويعبدها . وباعتبار هذه المعاني وظاهر النهي أن ينبغي أن يقال : هو حرام . والتسنيم في القبر : ارتفاعه قدر شبر ; مأخوذ من سنام البعير . ويرش عليه بالماء لئلا ينتثر بالريح . وقال الشافعي لا بأس أن يطين القبر . وقال أبو حنيفة : لا يجصص القبر ولا يطين ولا يرفع عليه بناء فيسقط . ولا بأس بوضع الأحجار لتكون علامة ; لما رواه أبو بكر الأثرم قال : حدثنا مسدد حدثنا نوح بن دراج عن أبان بن تغلب عن جعفر بن محمد قال : كانت فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزور قبر حمزة بن عبد المطلب كل جمعة وعلمته بصخرة ; ذكره أبو عمر . وأما الجائزة : فالدفن في التابوت ; وهو جائز لا سيما في الأرض الرخوة . روي أن دانيال - صلوات الله عليه - كان في تابوت من حجر ، وأن يوسف - عليه السلام - أوصى بأن يتخذ له تابوت من زجاج ويلقى في ركية مخافة أن يعبد ، وبقي كذلك إلى زمان موسى - صلوات الله عليهم أجمعين - ; فدلته عليه عجوز فرفعه ووضعه في حظيرة إسحاق - عليه السلام - . وفي الصحيح عن سعد بن أبي وقاص أنه قال في مرضه الذي هلك فيه : اتخذوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا ; كما صنع برسول الله - صلى الله عليه وسلم - . اللحد : هو أن يشق في الأرض ثم يحفر قبر آخر في جانب الشق من جانب القبلة إن كانت الأرض صلبة يدخل فيه الميت ويسد عليه باللبن . وهو أفضل عندنا من الشق ; لأنه الذي اختاره الله - تعالى - لرسوله - صلى الله عليه وسلم - . وبه قال أبو حنيفة قال : السنة اللحد . وقال الشافعي : الشق . ويكره الآجر في اللحد . وقال الشافعي : لا بأس به لأنه نوع من الحجر . وكرهه أبو حنيفة وأصحابه ; لأن الآجر لإحكام البناء ، والقبر وما فيه للبلى ، فلا يليق به الإحكام . وعلى هذا يسوى بين الحجر والآجر . وقيل : إن الآجر أثر النار فيكره تفاؤلا ; فعلى هذا يفرق بين الحجر والآجر . قالوا : ويستحب اللبن والقصب لما روي أنه وضع على قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - حزمة من قصب . وحكي عن الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن الفضل الحنفي - رحمه الله - أنه جوز اتخاذ التابوت في بلادهم لرخاوة الأرض . وقال : لو اتخذ تابوت من حديد فلا بأس به ، لكن ينبغي أن يفرش فيه التراب وتطين الطبقة العليا مما يلي الميت ، ويجعل اللبن الخفيف على يمين الميت ويساره ليصير بمنزلة اللحد . قلت : ومن هذا المعنى جعل القطيفة في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ; فإن المدينة سبخة ، قال شقران : أنا والله طرحت القطيفة تحت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القبر . قال أبو عيسى الترمذي : حديث شقران حديث حسن غريب. ❝
❞ علينا الرضا بما قسمه الله لنا فما هذه الحياة الدنيا الا دار بوار كل من عليها فان وهناك دار المستقر من عمل صالحا له فيها الجائزة العظمى جنات النعيم الأبدية. ❝ ⏤القراءة شغفي
❞ علينا الرضا بما قسمه الله لنا فما هذه الحياة الدنيا الا دار بوار كل من عليها فان وهناك دار المستقر من عمل صالحا له فيها الجائزة العظمى جنات النعيم الأبدية. ❝
❞ من الفوائد الفقهية لقصة الحديبية .. 🔸️وفي قول النبي ﷺ للمغيرة ( أَمَّا الإِسْلَامُ فَأَقْبَلُ ، وَأَمَّا المَالُ فَلَسْتُ مِنْهُ في شيء ) ، دليل على أن مال المشرك المعاهد معصوم ، وأنه لا يملك ، بل يرد عليه فإن المغيرة كان قد صحبهم على الأمان ، ثم غدر بهم ، وأخذ أموالهم ، فلم يتعرض النبي ﷺ لأموالهم ، ولا ذب عنها ، ولا ضمنها لهم ، لأن ذلك كان قبل إسلام المغيرة🔸️وفي قول الصدِّيق لعروة : امصُصْ بَطْرَ اللَّاتِ ، دليل على جواز التصريح باسم العورة إذا كان فيه مصلحة تقتضيها تلك الحال ، كما أذن النبي ﷺ أن يُصرح لمن ادعى دعوى الجاهلية بهن أبيه ، ويقال له : اعضُضْ أَيْرَ أبيك ، ولا يُكْنَى له ، فلكل مقام مقال🔸️ومنها : احتمال قلة أدب رسولِ الكُفار ، وجهله وجفوته ولا يقابل على ذلك لما فيه من المصلحة العامة ، ولم يقابل النبي ﷺ عُروة على أخذه بلحيته وقت خطابه ، وإن كانت تلك عادة العرب ، لكن الوقار والتعظيم خلاف ذلك🔸️ومنها : طهارة النُّخَامَةِ ، سواء كانت من رأس أو صدر🔸️ومنها : طهارة الماء المستعمل🔸️ومنها : استحباب التفاؤل ، وأنه ليس من الطيرة المَكْرُوهة ، لقوله ﷺ لما جاء سهيل ( سَهُلَ أَمْرُكُم )🔸️ومنها : أن المشهود عليه إذا عُرف باسمه واسم أبيه أغنى ذلك عن ذكر الجد ، لأن النبي ﷺ لم يزد على محمد بن عبد الله ، وقَنِعَ مِن سهيل بذكر اسمه واسم أبيه خاصة ، واشتراط ذكر الجد لا أصل له🔸️ومنها : أن مصالحة المشركين ببعض ما فيه ضَيْم على المُسلمين جائزة للمصلحة الراجحة ، ودفع ما هو شر منه ، ففيه دفع أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما🔸️ومنها : أن من حَلَفَ على فعل شيء، أو نَذَره ، أو وَعَدَ غيره به ولم يُعين وقتاً لا بلفظه ولا بنيته لم يكن على الفور بل على التراخي🔸️ومنها : أن الحلاقة نُسُكٌ ، وأنها أفضل من التقصير ، وأنه نُسُك في العُمرة ، كما هو نُسك في الحج ، وأنه نُسُك في عُمرة المحصور ، كما هو نسك في عُمرة غيره🔸️ومنها : أن المُحْصَرَ ينحر هديه حيث أُحْصِرَ من الحِل أو الحَرَم ، وأنه لا يجب عليه أن يُواعِدَ من ينحره في الحرم إذا لم يصل إليه ، وأنه لا يتحلل حتى يصل إلى محله ، بدليل قوله تعالى { وَالْهَدَى مَعْكُوفًا أن يبلغ حل }🔸️ومنها : أن الموضع الذي نحر فيه الهدي كان من الحل لا من الحرم ، لأن الحَرَمَ كُلَّه محلُّ الهدي🔸️ومنها : أن المُحْصَرَ لا يجب عليه القضاء ، لأنه أمرهم بالحلق والنحر ، ولم يأمر أحداً منهم بالقضاء ، والعُمْرَةُ من العام القابل لم تكن واجبة ولا قضاء عن عُمرة الإحصار، فإنهم كانوا في عمرة الإحصار ألفاً وأربعمئة ، وكانوا في عُمرة القضية دون ذلك ، وإنما سُمِّيت عُمرة القضية والقضاء لأنها العُمرة التي قاضاهم عليها ، فأُضيفت العُمرة إلى مصدر فعله. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ من الفوائد الفقهية لقصة الحديبية . 🔸️وفي قول النبي ﷺ للمغيرة ( أَمَّا الإِسْلَامُ فَأَقْبَلُ ، وَأَمَّا المَالُ فَلَسْتُ مِنْهُ في شيء ) ، دليل على أن مال المشرك المعاهد معصوم ، وأنه لا يملك ، بل يرد عليه فإن المغيرة كان قد صحبهم على الأمان ، ثم غدر بهم ، وأخذ أموالهم ، فلم يتعرض النبي ﷺ لأموالهم ، ولا ذب عنها ، ولا ضمنها لهم ، لأن ذلك كان قبل إسلام المغيرة🔸️وفي قول الصدِّيق لعروة : امصُصْ بَطْرَ اللَّاتِ ، دليل على جواز التصريح باسم العورة إذا كان فيه مصلحة تقتضيها تلك الحال ، كما أذن النبي ﷺ أن يُصرح لمن ادعى دعوى الجاهلية بهن أبيه ، ويقال له : اعضُضْ أَيْرَ أبيك ، ولا يُكْنَى له ، فلكل مقام مقال🔸️ومنها : احتمال قلة أدب رسولِ الكُفار ، وجهله وجفوته ولا يقابل على ذلك لما فيه من المصلحة العامة ، ولم يقابل النبي ﷺ عُروة على أخذه بلحيته وقت خطابه ، وإن كانت تلك عادة العرب ، لكن الوقار والتعظيم خلاف ذلك🔸️ومنها : طهارة النُّخَامَةِ ، سواء كانت من رأس أو صدر🔸️ومنها : طهارة الماء المستعمل🔸️ومنها : استحباب التفاؤل ، وأنه ليس من الطيرة المَكْرُوهة ، لقوله ﷺ لما جاء سهيل ( سَهُلَ أَمْرُكُم )🔸️ومنها : أن المشهود عليه إذا عُرف باسمه واسم أبيه أغنى ذلك عن ذكر الجد ، لأن النبي ﷺ لم يزد على محمد بن عبد الله ، وقَنِعَ مِن سهيل بذكر اسمه واسم أبيه خاصة ، واشتراط ذكر الجد لا أصل له🔸️ومنها : أن مصالحة المشركين ببعض ما فيه ضَيْم على المُسلمين جائزة للمصلحة الراجحة ، ودفع ما هو شر منه ، ففيه دفع أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما🔸️ومنها : أن من حَلَفَ على فعل شيء، أو نَذَره ، أو وَعَدَ غيره به ولم يُعين وقتاً لا بلفظه ولا بنيته لم يكن على الفور بل على التراخي🔸️ومنها : أن الحلاقة نُسُكٌ ، وأنها أفضل من التقصير ، وأنه نُسُك في العُمرة ، كما هو نُسك في الحج ، وأنه نُسُك في عُمرة المحصور ، كما هو نسك في عُمرة غيره🔸️ومنها : أن المُحْصَرَ ينحر هديه حيث أُحْصِرَ من الحِل أو الحَرَم ، وأنه لا يجب عليه أن يُواعِدَ من ينحره في الحرم إذا لم يصل إليه ، وأنه لا يتحلل حتى يصل إلى محله ، بدليل قوله تعالى ﴿ وَالْهَدَى مَعْكُوفًا أن يبلغ حل ﴾🔸️ومنها : أن الموضع الذي نحر فيه الهدي كان من الحل لا من الحرم ، لأن الحَرَمَ كُلَّه محلُّ الهدي🔸️ومنها : أن المُحْصَرَ لا يجب عليه القضاء ، لأنه أمرهم بالحلق والنحر ، ولم يأمر أحداً منهم بالقضاء ، والعُمْرَةُ من العام القابل لم تكن واجبة ولا قضاء عن عُمرة الإحصار، فإنهم كانوا في عمرة الإحصار ألفاً وأربعمئة ، وكانوا في عُمرة القضية دون ذلك ، وإنما سُمِّيت عُمرة القضية والقضاء لأنها العُمرة التي قاضاهم عليها ، فأُضيفت العُمرة إلى مصدر فعله. ❝