█ وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ مَّسْجِدًا (21) قوله : وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا لنتخذن مسجدا قوله تعالى أي أطلعنا وأظهرناهم أعثر تعدية عثر بالهمزة وأصل العثار القدم ليعلموا يعني الأمة المسلمة بعث أهل الكهف عهدهم وذلك دقيانوس مات ومضت قرون وملك تلك الدار رجل صالح فاختلف بلده الحشر وبعث الأجساد من القبور فشك ذلك بعض الناس واستبعدوه وقالوا إنما تحشر الأرواح والجسد تأكله الأرض وقال بعضهم تبعث الروح جميعا ; فكبر الملك وبقي حيران يدري كيف يتبين أمره لهم حتى لبس المسوح وقعد الرماد وتضرع إلى حجة وبيان فأعثر فيقال إنهم لما بعثوا أحدهم بورقهم كتاب تفسير القرآن الكريم سورة مجاناً PDF اونلاين 2024 هي سورةٌ مكيةٌ رقمها 18 تسبق مريم وتلحق الإسراء ترتيب سور عدد آياتها 110 آية وهي السور المكية المتأخرة النزول نزولها 69 تتوسط السورة فهي تقع الجزئين الخامس عشر والسادس 8 صفحات نهاية الجزء و3 بداية السادس تتناول عدة مواضيع تدور حول التحذير الفتن والتبشير والإنذار وذكر المشاهد يوم القيامة كما تناولت قصص كقصة أصحاب سُميّت لذكر قصتهم سورة ذوات الفضل وذكرت أحاديث كثيرة ومن أهم فضائلها ما ذكر قراءتها الجمعة نورٌ بين الجمعتين إن سبب نزول ذكره مفسرين كابن كثير وغيره: فعن ابن عباس قال: «بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة أبي معيط أحبار يهود بالمدينة لهم: سلوهم عن محمد وصفوا صفته وأخبروهم بقوله فإنهم الكتاب الأول وعندهم علم ليس عندنا الأنبياء فخرجا قدما المدينة فسألوا رسول ﷺ ووصفوا وبعض قوله وقالا: إنكم التوراة وقد جئناكم لتخبرونا صاحبنا هذا فقالت سلوه ثلاث نأمركم بهن فإن أخبركم فهو نبي مرسل وإن لم يفعل فالرجل متقول فروا فيه رأيكم سلوه فتية ذهبوا الدهر كان قد شأن عجيب وسلوه طواف بلغ مشارق ومغاربها نبؤه؟ هو؟ بذلك فاتبعوه يخبركم فإنه فاصنعوا بدا لكم فأقبل فقالا: يا معشر بفصل بينكم وبين أمرنا نسأله أمور فأخبروهم بها فجاءوا فقالوا: أخبرنا فسألوه عما أمروهم به فقال ﷺ: غدا سألتم عنه ولم يستثن فانصرفوا ومكث خمس عشرة ليلة يحدث له وحيا ولا يأتيه جبريل عليه الصلاة والسلام أرجف مكة وقالوا: وعدنا واليوم أصبحنا يخبرنا بشيء سألناه وحتى أحزن مكث الوحي وشق يتكلم ثم جاءه عز وجل بسورة معاتبته إياه حزنه وخبر سألوه أمر الفتية والرجل الطواف وقول وجل: ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ﴾ [الكهف:83]» الأصل دروس ألقاها فضيلة الشيخ عثيمين رحمه الدورة العلمية التي عقدها شهر ربيع عام 1419هـ بالجامع الكبير مدينة عنيزة والتي فسر آيات
❞ فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71)
قوله : فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا
قوله تعالى : فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها فيه مسألتان :
[ الأولى ] في صحيح مسلم والبخاري : ( فانطلقا يمشيان على ساحل البحر ، فمرت سفينة فكلموهم أن يحملوهم ، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول ، فلما ركبا في السفينة لم يفجأ موسى إلا والخضر قد قلع منها لوحا من ألواح السفينة بالقدوم ، فقال له موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا ) قال : وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : وكانت الأولى من موسى نسيانا قال : ( وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر نقرة في البحر ، فقال له الخضر : ما علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر )
قال علماؤنا : حرف السفينة طرفها وحرف كل شيء طرفه ، ومنه حرف الجبل وهو أعلاه المحدد . والعلم هنا بمعنى المعلوم ، كما قال : ولا يحيطون بشيء من علمه أي من معلوماته ، وهذا من الخضر تمثيل ; أي معلوماتي ومعلوماتك لا أثر لها في علم الله ; كما أن ما أخذ هذا العصفور من هذا البحر لا أثر له بالنسبة إلى ماء البحر ، وإنما مثل له ذلك بالبحر لأنه أكثر ما يشاهده مما بين أيدينا ، وإطلاق لفظ النقص هنا تجوز قصد به التمثيل والتفهيم ، إذ لا نقص في علم الله ، ولا نهاية لمعلوماته . وقد أوضح هذا المعنى البخاري فقال : ( والله ما علمي وما علمك في جنب علم الله إلا كما أخذ هذا الطير بمنقاره من البحر ) وفي التفسير عن أبي العالية : لم ير الخضر حين خرق السفينة غير موسى وكان عبدا لا تراه إلا عين من أراد الله له أن يريه ، ولو رآه القوم لمنعوه من خرق السفينة . وقيل : خرج أهل السفينة إلى جزيرة ، وتخلف الخضر فخرق السفينة ، وقال ابن عباس : ( لما خرق الخضر السفينة تنحى موسى ناحية ، وقال في نفسه : ما كنت أصنع بمصاحبة هذا الرجل كنت في بني إسرائيل أتلو كتاب الله عليهم غدوة وعشية فيطيعوني قال له الخضر : يا موسى أتريد أن أخبرك بما حدثت به نفسك ؟ قال : نعم . قال : كذا وكذا قال : صدقت ; ذكره الثعلبي في كتاب العرائس .
الثانية : في خرق السفينة دليل على أن للولي أن ينقص مال اليتيم إذا رآه صلاحا ، مثل أن يخاف على ريعه ظالما فيخرب بعضه وقال أبو يوسف : يجوز للولي أن يصانع السلطان ببعض مال اليتيم عن البعض وقرأ حمزة والكسائي " ليغرق " بالياء " أهلها " بالرفع فاعل يغرق ، فاللام على قراءة الجماعة في لتغرق لام المآل مثل ليكون لهم عدوا وحزنا . وعلى قراءة حمزة لام كي ، ولم يقل لتغرقني ; لأن الذي غلب عليه في الحال فرط الشفقة عليهم ، ومراعاة حقهم .
إمرا معناه عجبا ; قاله القتبي ، وقيل : منكرا ; قاله مجاهد ، وقال أبو عبيدة : الإمر الداهية العظيمة ; وأنشد :
قد لقي الأقران مني نكرا داهية دهياء إدا إمرا
وقال الأخفش : يقال أمر أمره يأمر " أمرا " إذا اشتد ، والاسم الإمر . ❝
❞ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)
لما ذكر ما أعد للكافرين من الهوان ذكر أيضا ما للمؤمنين من الثواب . وفي الكلام إضمار ; أي لا نضيع أجر من أحسن منهم عملا ، فأما من أحسن عملا من غير المؤمنين فعمله محبط . وروى البراء بن عازب أن أعرابيا قام إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - واقف بعرفات على ناقته العضباء فقال : إني رجل مسلم فأخبرني عن هذه الآية إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات الآية ; فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما أنت منهم ببعيد ولا هم ببعيد منك هم هؤلاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي فأعلم قومك أن هذه الآية نزلت فيهم ذكره الماوردي ، وأسنده النحاس في كتاب معاني القرآن ، قال : حدثنا أبو عبد الله أحمد بن علي بن سهل قال حدثنا محمد بن حميد قال حدثنا يحيى بن الضريس عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال : قام أعرابي . . . ; فذكره . وأسنده السهيلي في كتاب الأعلام . وقد روينا جميع ذلك بالإجازة ، والحمد لله . وعملا نصب على التمييز ، وإن شئت بإيقاع أحسن عليه . وقيل : إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا كلام معترض ، والخبر قوله أولئك لهم جنات عدن . ❝
❞ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا (45)
قوله تعالى : واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا قوله تعالى : واضرب لهم مثل الحياة الدنيا أي صف لهؤلاء المتكبرين الذين سألوك طرد فقراء المؤمنين مثل الحياة الدنيا ، أي شبهها .
كماء أنزلناه من السماء فاختلط به أي بالماء .
نبات الأرض حتى استوى . وقيل : إن النبات اختلط بعضه ببعض حين نزل عليه الماء ; لأن النبات إنما يختلط ويكثر بالمطر . وقد تقدم هذا المعنى في " يونس " مبينا . وقالت الحكماء : إنما شبه - تعالى - الدنيا بالماء لأن الماء لا يستقر في موضع ، كذلك الدنيا لا تبقى على واحد ، ولأن الماء لا يستقيم على حالة واحدة كذلك الدنيا ، ولأن الماء لا يبقى ويذهب كذلك الدنيا تفنى ، ولأن الماء لا يقدر أحد أن يدخله ولا يبتل كذلك الدنيا لا يسلم أحد دخلها من فتنتها وآفتها ، ولأن الماء إذا كان بقدر كان نافعا منبتا ، وإذا جاوز المقدار كان ضارا مهلكا ، وكذلك الدنيا الكفاف منها ينفع وفضولها يضر . وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له رجل : يا رسول الله ، إني أريد أن أكون من الفائزين ; قال : ذر الدنيا وخذ منها كالماء الراكد فإن القليل منها يكفي والكثير منها يطغي . وفي صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما أتاه .
فأصبح أي النبات .
هشيما أي متكسرا من اليبس متفتتا ، يعني بانقطاع الماء عنه ، فحذف ذلك إيجازا لدلالة الكلام عليه . والهشم : كسر الشيء اليابس . والهشيم من النبات اليابس المتكسر ، والشجرة البالية يأخذها الحاطب كيف يشاء . ومنه قولهم : ما فلان إلا هشيمة كرم ; إذا كان سمحا . ورجل هشيم : ضعيف البدن . وتهشم عليه فلان إذا تعطف . واهتشم ما في ضرع الناقة إذا احتلبه . ويقال : هشم الثريد ; ومنه سمي هاشم بن عبد مناف واسمه عمرو ، وفيه يقول عبد الله بن الزبعرى :
عمرو العلا هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف
وكان سبب ذلك أن قريشا أصابتهم سنون ذهبن بالأموال فخرج هاشم إلى الشام فأمر بخبز كثير فخبز له ، فحمله في الغرائر على الإبل حتى وافى مكة ، وهشم ذلك الخبز ، يعني كسره وثرده ، ونحر تلك الإبل ، ثم أمر الطهاة فطبخوا ، ثم كفأ القدور على الجفان فأشبع أهل مكة ; فكان ذلك أول الحباء بعد السنة التي أصابتهم ; فسمي بذلك هاشما .
تذروه الرياح أي تفرقه ; قاله أبو عبيدة . ابن قتيبة : تنسفه . ابن كيسان : تذهب به وتجيء . ابن عباس : تديره ; والمعنى متقارب . وقرأ طلحة بن مصرف " تذريه الريح " . قال الكسائي : وفي قراءة عبد الله " تذريه " . يقال : ذرته الريح تذروه ذروا و [ تذريه ] ذريا وأذرته تذريه إذراء إذا طارت به . وحكى الفراء : أذريت الرجل عن فرسه أي قلبته . وأنشد سيبويه والفراء :
فقلت له صوب ولا تجهدنه فيذرك من أخرى القطاة فتزلق
قوله تعالى : وكان الله على كل شيء مقتدرا من الإنشاء والإفناء والإحياء ، سبحانه . ❝