█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ ذهب فلانٌ إلى أوروبا وما ننكر من أمره شيئًا، فلبث فيها بضع سنين، ثم عاد وما بقي مما كنا نعرفه منه شيءٌ. ذهب بوجهٍ كوجه العذراء ليلة عرسها، وعاد بوجهٍ كوجه الصخرة الملساء تحت الليلة الماطرة، وذهب بقلبٍ نقيٍّ طاهرٍ يأنس بالعفو ويستريح إلى العذر، وعاد بقلبٍ ملفَّفٍ مدخولٍ لا يفارقه السخط على الأرض وساكنها، والنقمة على السماء وخالقها، وذهب بنفسٍ غضةٍ خاشعة ترى كل نفس فوقها، وعاد بنفس ذهَّابةٍ نزاعة لا ترى شيئًا فوقها، ولا تلقي نظرة واحدة على ما تحتها، وذهب برأس مملوءٍ حكمًا ورأيًا، وعاد برأسٍ كرأس التمثال المثقب لا يملؤه إلا الهواء المتردد، وذهب وما على وجه الأرض أحب إليه من دينه ووطنه، وعاد وما على وجهها أصغر في عينيه منهما.
. ❝
❞ وليست قيمة الإحسان بكثرة المال؛ إن المال ينفع الفقيرَ ولكنه لاينزع من قلبه النقمة على الحياة ولا يَسْتَلُّ منها بغض الأغنياء ولا يملؤها بالحب. إن الذي يفعل هذا كلَّه هو العطف، وأن تُشعر الفقير بأنه مثلك، وأن تعيد إليه كرامته وعزة نفسه. ورُبّ تحية صادقة تلقيها على سائل أحب إليه من درهم، ودرهم تعطيه فقيرا وأنت تصافحه يكون آثَرَ عنده من دينار تدفعه إليه متكبرا مترفعاً، يدك تمتد إليه بالمال ووجهك يجرّعه كأسَ الإذلال . ❝
❞ مجلس اللمه
الم ترى كيف اعطر ربك النواب فصل القول و الحكمه
وارسلهم الى ابنائنا رحمه
فجاوزنا بهم بحر الردى و البؤس و الظلمه
فما قلعت اظافرنا
ولا امتهنت كرامتنا
ولا انتهكت لنا حرمه
فسبحان الذي اعطى وسلمهم من التهمه
فكانوا خير من بعثوا الى الامه
و رب القصر و الكعبة
ومن اوحى لهم من داخل القبه
اكلناها مغمسة بزيت القهر و النقمة
فشكرا من صميم قلوبنا يا مجلس اللمه
الم ترى كيف اعطر ربك النواب فصل القول و الحكمه
وارسلهم الى ابنائنا رحمه
فجاوزنا بهم بحر الردى و البؤس و الظلمه
فما قلعت اظافرنا
ولا امتهنت كرامتنا
ولا انتهكت لنا حرمه
فسبحان الذي اعطى وسلمهم من التهمه
فكانوا خير من بعثوا الى الامه
و رب القصر و الكعبة
ومن اوحى لهم من داخل القبه
اكلناها مغمسة بزيت القهر و النقمة
فشكرا من صميم قلوبنا يا مجلس اللمه . ❝
❞ عجباً كيف يحمل المؤمن لأخيه ضغناً وحقداً، ويبيّت له السوء، ويصر عليه ويتربص به الدوائر، ويبتهج بوصول الشر إليه؟!
فكأنه يأنس بخذلان أخيه ووصول النقمة إليه، ولا يراعي الصالح ولا يذكر أخوة الإيمان: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ . ❝
❞ ۞ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ (28)
فلما قتل حبيب غضب الله له وعجل النقمة على قومه ، فأمر جبريل فصاح بهم صيحة فماتوا عن آخرهم ، فذلك قوله : وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين أي : ما أنزلنا عليهم من رسالة ولا نبي بعد قتله ، قاله قتادة ومجاهد والحسن . قال الحسن : الجند : الملائكة النازلون بالوحي على الأنبياء . وقيل : الجند : العساكر ، أي : لم أحتج في هلاكهم إلى إرسال جنود ولا جيوش ولا عساكر ، بل أهلكهم بصيحة واحدة . قال معناه ابن مسعود وغيره .
فقوله : " وما كنا منزلين " تصغير لأمرهم ، أي : أهلكناهم بصيحة واحدة من بعد ذلك الرجل ، أو من بعد رفعه إلى السماء . وقيل : وما كنا منزلين على من كان قبلهم . الزمخشري : فإن قلت : فلم أنزل الجنود من السماء يوم بدر والخندق ؟ فقال : فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها ، وقال : بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين ، بخمسة آلاف من الملائكة مسومين .
قلت : إنما كان يكفي ملك واحد ، فقد أهلكت مدائن قوم لوط بريشة من جناح جبريل ، وبلاد ثمود وقوم صالح بصيحة ، ولكن الله فضل محمدا - صلى الله عليه وسلم - بكل شيء على سائر الأنبياء وأولي العزم من الرسل ، فضلا عن حبيب النجار ، وأولاه من أسباب الكرامة والإعزاز ما لم يوله أحدا ، فمن ذلك أنه أنزل له جنودا من السماء ، وكأنه أشار بقوله : وما أنزلنا . وما كنا منزلين إلى أن إنزال الجنود من عظائم الأمور التي لا يؤهل لها إلا مثلك ، وما كنا نفعل لغيرك . ❝