📘 ❞ أخطبوط بسبع أيادي ❝ رواية ــ محمد حسن عبد الجابر اصدار 2023
كتب الروايات والقصص - 📖 ❞ رواية أخطبوط بسبع أيادي ❝ ــ محمد حسن عبد الجابر 📖
█ _ محمد حسن عبد الجابر 2023 حصريا رواية أخطبوط بسبع أيادي عن منصة كتبنا 2024 : تستعرض الرواية جرائم التسويق الشبكي لكيان الأخطبوط والتي يستغلها مواطن أمريكي لتوهم الناس بتحقيق ثروة سريعة من خلال اختيار أبطال لتحقيق ذلك
كتب الروايات والقصص مجاناً PDF اونلاين هي سرد نثري طويل يصف شخصيات خيالية وأحداثاً شكل قصة متسلسلة كما أنها أكبر الأجناس القصصية حيث الحجم وتعدد الشخصيات وتنوع الأحداث وقد ظهرت أوروبا بوصفها جنساً أدبياً مؤثراً القرن الثامن عشر والرواية حكاية تعتمد السرد بما فيه وصف وحوار وصراع بين وما ينطوي عليه تأزم وجدل وتغذيه
كتب قصص اطفال روايات متنوعه وروايات بوليسية عالمية ادب ساخر ساخره لاعظم الكتاب مضحكه واقعيه قصائد وخواطر طويلة قصيرة قصيره
عن رواية أخطبوط بسبع أيادي :
تستعرض الرواية جرائم التسويق الشبكي لكيان الأخطبوط ، والتي يستغلها مواطن أمريكي لتوهم الناس بتحقيق ثروة سريعة من خلال اختيار أبطال الرواية لتحقيق ذلك.
: أول مرة أشوف جيش يحارب المدنيين مش يواجه العسكر... ويستهدف عن عمد المستشفيات والمدارس والمنازل بدل الثكنات العسكرية!!!
دة بيثبت أنهم قوم تم تفريغهم من إنسانيتهم وامتلائهم بالخوف والغشم والغل...
فعلا لم يخطئ من جعل سبة أنت (ص ه ي ونى) أقبح سبة ممكن توجيهها لشخص قد خرج عن المألوف. ❝ ⏤محمد حسن عبد الجابر
الصمت العربي
أول مرة أشوف جيش يحارب المدنيين مش يواجه العسكر... ويستهدف عن عمد المستشفيات والمدارس والمنازل بدل الثكنات العسكرية!!!
دة بيثبت أنهم قوم تم تفريغهم من إنسانيتهم وامتلائهم بالخوف والغشم والغل...
فعلا لم يخطئ من جعل سبة أنت (ص ه ي ونى) أقبح سبة ممكن توجيهها لشخص قد خرج عن المألوف.....
: - 5 -
دخلت فتاة جميلة صغيرة فى السن محل - وشم و رسم - تبدو فتاة جامعية من مظهرها و أحتفاظها بكتاب دراسى قابضة عليه بأصابع يديها .. أستقبلتها فريدة فى لطف فبدت السعادة على وجه الفتاة التى أخبرت فريدة عن رغبتها فى رسم غزالة صغيرة بألوانها الطبيعية على كف يدها فأبدت فريدة أعجابها لطلبها و هنا عبرت الفتاة عن مدى أعجابها هى بفريدة بعد أن شاهدت الفيديو المنتشر لها على مواقع التواصل الأجتماعى و هى تلقن الشاب درساً قاسياً و هذا ما حفزها لأن تختار هذا المحل بالأخص و ترسم فيه ما ترغب و ذلك لتلتقى بفريدة و تتعرف عليها و تخبرها أنها أيضا تتعرض لتحرش لفظى بأستمرار و لكن خجلها يمنعها دوما من أن يكون لها رد فعل مع هؤلاء الهمج الذين يضايقونها .. هنا تدخلت ماسة فى الحوار و هى تمارس عملها أيضا على المقعد المجاور لفريدة و ترسم وجه أسد على كتف شاباً صغير السن و لكنه مفتول العضلات ..
و قاطعت كلام الفتاة الجميلة و قالت مخاطبة فريدة : علميها يا قدوة .. ما دام جابت سيرة رد الفعل علميها قانون فريدة .. و ضحكت ماسة ..
فسألت الفتاة فريدة عن ما مقصد ماسة من كلامها فتجاوزت فريدة كلامها و هى تضحك لماسة ثم قالت للفتاة : قوليلى بقى يا عسولة عايزة الغزالة فين ؟؟
فرفعت الفتاة يداها اليمنى كأجابة على سؤال فريدة و همت فريدة فى الرسم فى اللحظة التى أنهت فيها ماسة عملها و غادر الشاب المفتول العضلات المكان ..
سألت فريدة صديقتها ماسة و هى ترسم الغزالة على يد الفتاة الجميلة :
أخبار باباكى أيه ؟ ياريت تسلميلى عليه كتير ..
أجابت ماسة فى عبوس : لما أشوفه هبقى أقوله .. بقاله يومين فى مأمورية شغل هو و أسلام بيباتوا فى الشغل .. معرفش عنهم حاجة ..
فريدة : على فكرة أنا سألت عن باباكى .. مجبتش سيرة يا محيرنى ..
ثم ضحكت فريدة و تظاهرت أنها منهمكة فى الرسمة ..
فقالت لها ماسة فى غيظ : أصلى !
أنهت فريدة الرسمة بمهارة عالية نالت أعجاب الفتاة كثيرا و التى أخبرت فريدة أنها ستكون زبونة المحل و تتمنى أن تكون صديقة لفريدة لو لم يضايقها ذلك , فرحبت فريدة بصداقتها و أخبرتها برقم هاتفها بناء على طلبها و سألتها عن أسمها فأجابت الفتاة الجميلة : أسمى رحاب ..
فأخبرتها فريدة أنها سعيدة لمعرفتها و ستنتظر قدومها مرة أخرى فى المحل .. أكدت عليها رحاب أنها ستفعل ثم ودعت ماسة و فريدة و غادرت المحل ..
و ما أن أنصرفت رحاب حتى أنقضت ماسة على فريدة و هى تأمرها فى لهفة :
أحكيلى بقى أزاى قابلتى نضال فى عيد الميلاد و أيه اللى حصل بالتفصيل ؟!
فريدة كانت لديها نفس اللهفة فى أن تقص ما مرت به فى عيد الميلاد بداية من تفاجئها بقدوم نضال لعيد الميلاد ألى أن أخبرته بأمر الحادث المؤلم و الذى كان سبباً فى معرفتها به .. فريدة بدأت تقص على ماسة و هى تستحضر بذهنها ما حدث و ماسة كانت متأهبة لحديثها و قد تحولت لأذن كبيرة صاغية !
رن هاتف فريدة أثناء أندماجها فى الحديث مع ماسة فضغطت على زر جانبى للهاتف دون أن تنظر للشاشة فصمت صوته لكن ما زالت شاشته مضيئة ثم أستطردت حديثها مع ماسة .. لكن رن الهاتف مرة أخرى فتناولت الهاتف لتكرر ما فعلته منذ قليل و تصمت صوت الهاتف و لكنها لاحظت أن المتصل هو نضال ..
تبادلت النظرات مع ماسة فطلبت منها ماسة أن تفتح المحادثة
و ترد على نضال .. لبت فريدة طلب ماسة و أتصال نضال و لمست رمز السماعة الخضراء على شاشة هاتفها ..
نضال كان يجلس فى مكانه المفضل على قمة الصخرة المدرجة برفقة رعد ..
كان متحفظاً على أرنباً رمادى اللون كبير الحجم على رجليه ثم أطلق سراحه ليقفز من على رجليه و ينطلق أمامه فيلقى مصيره من رعد فى مشهد مثير كان يتابعه نضال و هو يجرى أتصاله الهاتفى بفريدة ..
هاجم رعد الأرنب و أخذ يلتهمه فى أفتراس مصدراً أصواتاً وحشية قد سمعتها فريدة عندما بدأت المحادثة مع نضال فى الهاتف مما تسبب فى ذعرها و كانت أول كلماتها بعد ألقاء السلام على نضال أن سألته ما هذا الصوت المخيف ؟!
فطمأنها نضال و أخبرها أن الصوت صادر من التلفاز
من قناة ناشونال جغرافيك !
و ما كان على فريدة ألا أن تقتنع بكلماته لأنها كانت أجابة مقنعة بالنسبة لها و لن يخطر ببالها أى أمراً أخر !
ثم سألها نضال عن أحوالها و عن أخبار جاسر فأجابت فريدة فى تحفظ و أخبرته أن كل شئ على مايرام و سألته عن أحواله فجائت أجابته مماثلة لأجابتها ..
كان هناك حاجز كلفة واضح مسيطر على المحادثة الهاتفية فقرر نضال تهشيمه و قال لفريدة : أنا بعتذر علشان مشيت فجأة من عيد الميلاد من غير ما أسلم عليكى أو على جاسر و عارف أن دة هيتفهم غلط ..
أستطرد نضال بينما ألتزمت فريدة الصمت : الحادثة سابت جوايا جرح غويط ملوش أرار قفلت عليه بس أول ما حد بيلمسه بيرجع ينزف تانى و دة اللى حصل لما أتكلمتى عن الحادثة ..
مفيش جوايا أى لوم من ناحيتك أو ناحية والدك الله يرحمه .. دى كانت أرادة ربنا و أنا راجل مؤمن بقضاء الله و قدره علشان كدة مش بحمل حد مسئولية الحادث .. بس الموضوع فى حد ذاته لما بيتفتح قدامى بيكون كفيل أنه يحولنى لكتلة أحزان علشان كدة مشيت من عيد الميلاد ..
ردت فريدة و قد أثارت كلمات نضال حالتها النفسية لتألمها هى أيضا لفراق والدها :
راهنت نفسى على أنك راجل عاقل و ناضج و كسبت الرهان .. أنا مقدرة كلامك كويس و عارفة أنك أتحملت ألم مش سهل على أى بشر تحمله و برغم كدة قادر ما شاء الله توازن الأمور و تساير الحياة و تراعى كمان مشاعر الناس و أتصلت بيا علشان تعتذر ..
أنا بشكرك يا كابتن نضال و أكون سعيدة لو أعتبرتنى صديقة و أخت ليك و هكون مبسوطة لو سمعت صوتك تانى أو تشرفنى فى المحل فى أى وقت بدل الميعاد السابق الملغى ..
ضحك نضال و قال : البركة فى عيد الميلاد ..
ثم أخبرها أنه نال الشرف لمعرفتها و أنه يكن لها كل أحترام وتقدير و وعدها من باب المجاملة أن يقوم بزيارة لمحل - وشم و رسم - وتمنى لها النجاح و التوفيق فى حياتها ..
*************************
كان الضجيج و دخان الحشيش ينبعثان من شقة حازم , كانوا يدخنون المخدر بشراهة .. حازم و سعيد و جو و يشاركهم مازن بسيجارة واحدة يدخنها معهم .. كانوا يتحدثون بصوتا عاليا بسبب صخب أغانى المهرجانات التى تصرخ من سماعات هواتفهم .. كانوا يناقشون بعض الأفكار ليختاروا منها واحدة تصلح لتصوير الفيديو الرابع و لكن لم تنال أى منها أعجابهم و بدأت خيبة الأمل تتسلل على تعابير وجوههم .. رن هاتف حازم فتناوله فى وهن ليجد أسم المتصل private number لكنه لم يكترث و وضعه فى أهمال على مقعد مجاور له ثم أنتهى الأتصال لكنه عاود مرة أخرى بنفس الأسم و هنا خاطب سعيد بصوت أجش ذا طبقة أمرة لحازم و قال له : رد يا عم !
و بالفعل جذب حازم هاتفه بعد أن خفضوا مستوى صوت الأغانى و أستجاب للمتصل ..
كان المتصل هو مارك ليس عربياً لكنه يتحدث العربية بشكل مفهوم الى حد كبير , هكذا كان يوضح حازم لأصدقائه بعد أنتهاء المحادثة .. أخبره مارك أنه ممثل لواحدة من الشركات الكبرى فى مجال الألكترونيات التى ترغب فى أن تعرض أعلان لمنتجاتها على القناة التى يديرها مقابل مبلغا مالياً كبيراً و المقابلة ستكون فى فندق راقى شهير بمدينة الأسكندرية لأمضاء العقد و أخبره مارك
بموعد المقابلة ..
و هنا تبدلت خيبة الأمل و التى كانت قد سيطرت على ملامح حازم و أصدقائه الى فرحة عارمة و ظلوا يترنمون .. الزهر شكله هيلعب ..
**************
كانت فريدة تجلس ممدة قدميها على الركنة واضعة رأسها على كتف الحاجة سهام والدتها تشاهدان سويا مسلسل على التلفاز تتابعاه الأثنتان منذ بدأ أولى حلقاته منذ أيام ..
رن هاتف فريدة و كان المتصل private number فأنتبهت فريدة لهاتفها و نظرت لثوان لشاشة الهاتف ترددت أن تستجيب لكن أثار الأسم فضولها فسحبت السماعة الخضراء لجانب الشاشة و قالت : السلام عليكم
رد مارك السلام بلكنته العربية المكسرة و قدم نفسه لفريدة على أنه مالك لمعرض ألكترونيات سيتم أفتتاحه قريبا و يرغب فى الأتفاق معها لتزيين جدران المعرض ببعض الرسومات لموديلات الأجهزة التى يتاجر فيها مقابل مبلغ مالى ضخم و قد وقع الأختيار عليها للقيام بذلك بترشيح من أحد العملاء الذين أنجزت لهم بعض الأعمال بأحترافية فيما سبق , كما أنه سيكون هناك فروع أخرى للمعرض فى وقت قريب يرغب أيضا فى الرسم على جدرانها .. و ذكر لها مكان المقابلة و حدد لها الميعاد و كان نفس الميعاد الذى ألزم به حازم ..
لم تقاوم فريدة فرحتها و هى تخبر والدتها بقدوم خير كبير على وجهها الطيب لكن بدا تسلل القلق ليشوب فرحتها قليلا و عندما سألتها الحاجة سهام عن القلق الذى تلاحظه فى عينيها فأجابت فريدة أن مكان مقابلة العمل فى فندق و ليس فى المعرض !!
فطمأنتها والدتها و خمنت أن يكون المعرض مازال تحت التشطيب و غير مجهز لأستقبال أحد كما أن الفندق شهير و ذا صيت طيب
و أنها ستذهب معها من باب الأطمئنان ..
فرفضت فريدة تكليف والدتها أرهاق المشوار و طمأنتها أنها تجيد التعامل مع جميع الأصناف و قالت لها فى دعابة أن فيديو العايق قد منحها هيبة و رهبة لا بأس بهما و وعدتها أنها ستأخذ حذرها و سيكون بحوزتها الصاعق الكهربائى فى حقيبتها ..
****************
على غير المألوف كان يجلس نضال مساءَ مع عم جابر على مقهى اللؤلؤة يرشف من كوب حلبة بالحليب و هو يخبر عم جابر بأخر تطورات الأحداث بينه و بين فريدة أمام نظرات الدهشة الصادرة من عيني عم جابر فأخبر نضال فى تعجب أنه بذلك قد قابل فريدة للمرة الثانية بترتيب القدر دون معاد مسبق و فى فترة وجيزة !
فأومأ نضال برأسه بما يفيد صحة كلامه .. ثم قطع حديثهما رنين هاتف نضال و كان المتصل هو private number
أعتذر نضال عن قطع حديثه مع عم جابر و طلب منه أن يأذن له بالرد فرحب عم جابر لطلبه و أستجاب نضال للمتصل ..
قدم مارك نفسه لنضال على أنه مالك لأكاديمية خاصة للألعاب الرياضية تم أفتتاحها منذ قريب فى مدينة الأسكندرية و هو يصطفى مدربين حاصلين على بطولات سابقة ليقوموا بتدريب و أعداد الناشئين الذين يتدربوا بالأكاديمية ليحصدوا البطولات بأسم الأكاديمية و لذلك وقع الأختيار عليه لتدريب الناشئين فى الأكاديمية فى مجال رياضة الملاكمة بحكم حصوله على بطولة الجمهورية سابقا فى هذه اللعبة و ذلك مقابل مرتب شهرى خيالى ..
و حدد له مارك نفس الموعد الذى تم تحديده سابقا لحازم و فريدة ..
شرد نضال بعد أنتهاء المحادثة الهاتفية فأقتحم عم جابر شروده و سأله عن فحوى الأتصال الهاتفى الذى كان سببا فى أنشغال ذهنه هكذا .. أخبره نضال بالحوار الذى دار بينه وبين مارك كما أخبره فى التردد الذى أنتابه بشأن هذا الأمر .. صار أسلوب عم جابر جافاً و هو يوبخ نضال بدافع المصلحة و نضال يتفهم ذلك جيدا و يتقبله من عم جابر الذى أصر أن يذهب نضال للقاء هذا الرجل و أن يتشبث بهذه الفرصة و لا يضيعها .. فوعده نضال أنه سيفعل ذلك ..
***************
فى الكافيه الرئيسى للفندق الفخم الذى يشغل فيه مستر سولى سويت خاص كان يجلس مارك قبل الموعد المحدد للمدعوين بحوالى ربع ساعة على منضدة رقم 8 .. كان يتناول فنجان القهوة الرابع أو الخامس أصبح لا يتذكر ..
ظهر حازم عند مدخل الكافيه و هو يتحدث مع موظف الأستقبال فأشار له الموظف تجاه منضدة رقم 8 حيث يجلس مارك وهو يحتسى فنجان القهوة , مشى حازم فى تؤدة تجاه المنضدة و عيناه تتفقد مارك و تتفحصه و هو جالساً ممسكاً بهاتفه و منهمكا فى الكتابة على شاشته بسرعة فائقة !
أستقرت قدماه أمام مارك فأنتبه له مارك و رحب به و دعاه للجلوس .. ثم طلب له مارك من الكابتن فنجان قهوة مانو بناءً على رغبته و ما أن أنصرف الكابتن و كاد أن ينهمر حازم بالأسئلة على مارك حتى طلب منه مارك أن يتريث و يسترخ أولاً من عناء السفر ثم يتناول قهوته و فى الوقت المناسب سيذهبون جميعا لمقابلة المستر ..
زاد الأمر تعقيدا بالنسبة لحازم و سأل مارك و كأنه يستجوبه :
مين جميعاً دول ؟؟ و مين المستر دة ؟؟
دخل الويتر عليهم و قطع كلامهم و هو يقوم بمهامه و قدم فنجان القهوة و زجاجة المياه المعدنية الصغيرة أمام حازم ثم أنصرف ..
أشار مارك تجاه موظف الأستقبال و كان يقف معه رجل يسأل عن موقع المنضدة التى يجلسون عليها و بدا ذلك عندما أشار موظف الأستقبال تجاه منضدة رقم 8 ثم قال مارك مكرراً نفس الكلمات لحازم هذا الرجل سينضم ألينا و فى الوقت المحدد سنتحرك جميعا لبدء جلسة العمل ..
نضال من طراز الرجال الذين يلتزمون بمواعيدهم مهما كانت الظروف مما أدى الى أن تسير الأحداث على النحو الذى يرغبه مارك فأتت الأحداث سريعة متتالية .. مجئ حازم ثم يأتى نضال بعد وقت قصير فتضيق الفرصة على حازم فى محاورة مارك ثم يتعرف نضال على حازم فتتعطل فرصة نضال فى أستجواب مارك الى أن تأتى فريدة فيتحركوا جميعا .. هكذا خطط مارك للمرحلة الحاضرة ..
وصل نضال لمنضدة رقم 8 و ألقى عليهم السلام , رحب به مارك ثم طلب منه الجلوس .. قدم له حازم فأبتسم له نضال بعد أن تفاجأ بوجوده محاولاً أخفاء معرفته به من خلال فيديو الفواكه الذى شاهده فى عيد الميلاد على دون رغبة منه , و عندما جاء الدور على نضال ليقدمه مارك لحازم تفاجأ الأثنان أن حازم على معرفة سابقة بنضال من خلال قطع كلام مارك و أكمل مكانه حازم و قال : كابتن نضال ..
أندهش كلا من مارك و نضال ثم أستطرد حازم موضحاَ لهما كيفية معرفته بكابتن نضال فأخبرهما أنه قد أجرى حواراً صحفياً مع كابتن نضال منذ سنوات عندما فاز ببطولة الجمهورية فى رياضة الملاكمة !
فى هذه المرة حاول نضال أخفاء عدم تذكره له فى هذه الحقبة لتعدد الحوارات الصحفية التى أجريت معه وقتها و لكنه تظاهر باللطف معه فمعرفة حازم به و دعوته لنفس المكان معه قد أوحى لنضال قدر من مصداقية مارك له بخصوص أختياره للتدريب كبطل جمهورية سابق و عليه فظهور نضال قد أوحى لحازم أيضاً أنه سيكون بطل الأعلان لأمر ما يخص الرياضة على قناته على اليوتيوب !!
لقد جرت الأحداث على نحو أفضل مما كان يخطط و يتوقع مارك فقد أفاده كثيرا ترتيب القدر فى تعرف حازم على نضال و قد أنسجم الحوار بينهما و كلاً منهما يتحدث فى الأتجاه الذى يعتقده فى ذهنه !
مما سنح لأن تتفق كلماتهما لتصب فى النهاية فى نفس السياق الذى يعتقده الأثنان مما أتاح فرصة مرور الوقت بسلام على مارك دون صدام فى الأسئلة مع الأثنان و أعطى الفرصة أيضا لوصول فريدة و ظهورها عند مدخل الكافيه فى طريقها لموظف الأستقبال ..
أرشدها موظف الأستقبال لموقع منضدة رقم 8 فتقدمت فريدة خطوات ثم تباطأت خطواتها عندما لاحظت تجمع ثلاث رجال على المنضدة المقصودة , كان نضال و حازم يجلسان فى مواجهة مارك و ظهرهما لمدخل الكافيه و تعمد مارك ذلك ليتمكن من مراقبة كلاً منهم عند مجيئه دون أن يعرف أحدهم من هو الضيف التالى مما أدى لتسلل القلق لقلب فريدة و هى تتفاجأ بحضور ثلاث رجال لا تعرف أحداً منهم لكنها تماسكت و عزمت على مواصلة خطواتها حتى وصلت لمنضدة رقم 8 فوقف مارك لتحيتها فألتفتا كلاً من نضال و حازم لمعرفة الضيف الوافد فنزلت صاعقة المفاجأة على كلاَ من فريدة و نضال !
دار فى ذهن نضال و فريدة أسئلة عديدة لكن من المؤكد أبرز سؤال فيهم هو : هل يُصدق أن يتجمعا ثلاث مرات فى وقت قصير
بترتيب القدر دون أى معاد مسبق أو أتفاق ؟!
لحظات صمت مرت فى تبادل نظرات الدهشة بين فريدة و نضال أنتهت برد فعل يشوبه الأنفعال من قبل نضال و هو يوجه سؤاله لمارك بصوت أجش :
أنا عايز أفهم أيه الموضوع بالظبط ؟؟!!
فى هذه اللحظة أتحد موقف حازم و فريدة فى تأييد ضرورة أجابة مارك على سؤال نضال و بدأ ينقلب الوضع على رأس مارك لا سيما و قد لفت صوت نضال المرتفع أنتباه الحاضرين فى الكافيه مما أدى لتدخل أثنان من البودى جاردات لمساندة مارك الموقف لكن أشاح لهما مارك بالأنصراف و عدم التدخل أو الأقتراب مرة أخرى و طلب فى هدوء من فريدة و نضال و حازم أن يجلسوا و يتحلوا بالصبر و عندما يتناولوا مشروبهم سيولون وجهتهم للمستر الذى ينتظرهم فى نفس الفندق الذى يتواجدون فيه ليبدئوا جلسة العمل و هناك سوف يعُرض عليهم الموضوع بالتفصيل و سيشبعوا فضولهم و يطلعوا على حيثيات المشروع الذى تم دعوتهم من أجله ..
بدا الحديث مقنعاً للثلاثة و أيقنوا أنه ليس أمامهم غير أن يتحلوا بالصبر فجلسوا و قد أطمئنت فريدة أكثر لتواجد نضال فى نفس الحلقة التى تدور فيها لكن أنتبهت فريدة و لاحظت معرفة نضال بحازم و العكس أيضا مما أثار شكوكها و جعلها ترتاب فى أمر نضال لعدم أفصاحه بذلك عندما كان يشاهد معها فيديو الفواكه لحازم لكن على أى حال هى كانت تتظاهر بعدم معرفتها بحازم و التى نشأت فقط من خلال مشاهدتها الفيديو الخاص به .. لكن حازم فاجائهم للمرة الثانية عندما أبدى أعجابه بفريدة لموقفها مع الشاب الذى وشمته فى الفيديو المنتشر على مواقع التواصل الأجتماعى و قد شاهده أكثر من مرة لا سيما بعد أن طلب منه رئيس تحرير الجريدة التى يعمل بها أن يجرى مع فريدة حواراً صحفياً الأسبوع المقبل بخصوص ما صدر منها تجاه الشاب و تم تسجيله فيديو !
تولدت كيمياء تعارف فى تجمع نضال و فريدة و حازم فيما بينهم من المؤكد أنها جائت فى صالح مارك و قد كانت الأمور على وشك أن تفلت من قبضة يده .. لكن لم يكن الوضع فى صالح فريدة و نضال لأن فريدة تسلل الشك لعقلها تجاه نضال الذى صار فى نظرها على علاقة بحازم و لم يخبرها بذلك فى عيد الميلاد كما أنه يحضر معها على نفس المنضدة و هى لا تدرى أيضا سبب تواجده !
كذلك نضال تسلل لعقله الشك تجاه فريدة لتواجدها أيضا معه فى نفس المكان و ظن أن هناك أحتمال لكونها على دراية بهذه المقابلة و لكنها لم تخبره بها فى المحادثة الهاتفية التى دارت بينهما .. لم يسلم أيضاً حازم من أصابته بالحيرة فمن سيكون بطل أعلان قناته أم أن هناك أكثر من أعلان لذلك حضرت فريدة و كذلك نضال ؟! هذا و قد تسلل الشك لعقل حازم أيضاً أن كان هناك أعلاناً فى الأصل فى ظل هذه الأجواء المضطربة !
أسئلة كثيرة كانت تدور فى أذهان الثلاثة و كان يلاحظ مارك عليهم ذلك التخبط .. لذلك أخبرهم ما أن ينتهوا من أحتساء القهوة و فريدة تنهى مج النسكافيه الذى طلبته سيتوجهون بعدها للمستر ..
******************
كان مستر سولى مسترخ داخل جناحه الخاص يتابع ما يحدث على منضدة رقم 8 فى الكافيه على شاشة هاتفه بطريقة ماكرة من مارك و قد تمكن من أذاعة ما يحدث على منضدة رقم 8 لايف لمستر سولى ..
أرسل مستر سولى أمراً لمارك بالصعود بالضيوف بعدها أصدر أيضاً أمراً لفتاة غانية كان يقضى معها سولى بعض الوقت للتسلية أن تكون جاهزة لفتح الباب لمارك و ضيوفه ثم تغادر بعدها ..
و بالفعل حضر مارك و الضيوف الثلاثة و دخلوا بعد أن فتحت لهم الغانية الى ريسبشن السويت حيث الكنبة الجلد ذات اللون الأبيض المط و مقعدين فوتيه من نفس الطراز تتوسطهما المنضدة المكعبة
المكونة من رزم الدولارات الحقيقية ..
بينما كان الضيوف الثلاثة يتفقدوا المكان و يتفحصوه بأعينهم حتى طلع عليهم مستر سولى بأناقته الملفتة فوقف مارك أحتراما له و هو يرحب به و يخبر الضيوف أن هذا هو رجل الأعمال مستر سولى و الذى دعاهم لهذا الأجتماع .. وقف الثلاثة لمبادلة مستر سولى الترحيب و المصافحة ثم دعاهم مستر سولى لمنضدة أجتماعات بجوار طقم الأستقبال الأبيض يبدو أن لون المنضدة أبيض أيضا ليتوافق مع ديكور الريسبشن لكن يفترش سطحها رزماً من الدولارات من طبقة واحدة لكنها تغطى المنضدة بالكامل و كأنها تقوم بدور مفرش السفرة !!
ما أن جلس الجميع حتى أخبرت فريدة مستر سولى أنهما تقابلا من قبل فى عيد ميلاد أسر فأكد لها صحة ما قالت فزادت دهشتها و أخذت تتمتم انها منذ فيديو العايق و المفاجأت تتوالى عليها !
قدم مستر سولى نفسه للثلاثة على أنه رجل أعمال ناجح فقد بدأ فى تأسيس شركته منذ خمس سنوات حتى أصبح لها سبع فروع فى سبع دول عربية و فى كل دولة مقر للشركة لكن نشاط الشركة الأساسى يتم ممارسته من خلال الشبكة العنكبوتية ..
أخبرهم مستر سولى أنه جاء خصيصاَ لمصر لأتمام هدفه فى فتح الفرع الثامن و الأخير لشركته فى مصر و بذلك يصبح أسم شركته
OCTOPUS THE ( الأخطبوط ) أكثر واقعية عندما يكتمل لها الثمانى فروع بمثابة الثمانى أذرع للأخطبوط !
أستطرد مستر سولى حديثه أمام الثلاثة و قد أصابهم فيروس الصمت أثر عدوى صعوبة فهم الموقف الذى وقعوا فيه .. أخبرهم مستر سولى أنهم محظوظون لأنه تم أختيارهم من خلاله شخصياً و ليس عن طريق أعلانات ممولة على مواقع التواصل الأجتماعى و يتقدم لهم المئات بل الألاف و يمروا بأختبارات عديدة لتصفيتهم و أصطفاء ثلاثة فقط من هذا العدد الضخم كما حدث فى كل دولة عربية من السبع دول ليكونوا أضلاع مثلث القادة الذى سيتولى أدارة شئون الفرع فيما بعد ..
فى مصر أختلف الأمر و أخبرهم سولى أن نواة النجاح تتوفر بشكل كبير فيهم مما يخدم مشروعه و هو التسويق الشبكى لمنتجات شركة الأخطبوط و هى عبارة عن هواتف و شاشات ذكية موديل The Eye ( العين ) و أن فكرة الشركة هى فكرة مجربة سابقاً فى الدول الغربية و قد حققت نجاحاً ساحقاً و عند نقل التجربة للدول العربية توقعت أنها ستحقق نفس النجاح و ربما تحرز نجاحا أعلى و هذا ما حدث بالفعل فى الفروع السبع العربية ..
فكرة الشركة تتلخص فى النضج التسويقى والذى يتبعه الغرب فى التسويق و هى أن يبتاع العميل أحد منتجات الشركة و يستفيد بأستخدامها و يصبح وقتها أذا رغب مسوقاً للشركة و منتجاتها و ينضم لأعضاء فريق التسويق و له الحق فى الأستفادة بالعروض الخاصة التى سيحصل عليها على حسب قيمة الباقة التى سيشترك فيها عند الشراء كما أنه سيحصل على توكيل منتجات The Eye مجانا فور أبتياعه لأى من باقات الشركة و يفوز أيضا بمنصة بيع ألكترونية مجانا تمنحها له الشركة بطاقم كامل مسئول عن أدارة المنصة له و يستطيع تسويق منتجاتنا من خلال هذه المنصة .. كل ما يتحتم على المسوقين عمله هو تخصيص بضع ساعات يومياً للتدريب أونلاين و تطبيق ما تعلموه و هو التسويق لكيان الشركة و الأنضمام لفريق تسويقها لأن أنضمام عضو يعنى بالضرورة أنه قد أبتاع من منتجات الشركة و هكذا نضمن البيع الفعلى لمنتجات شركتنا مع تخصيص عمولة مجزية لكل عضو فى الفريق أجتذب أحداً للأنضمام لكيان الأخطبوط و من أجتذبه يجتذب هو أيضاً أعضاءً جدد .. و هذا سيكون دافع قوى لأعضاء الفرق التسويقية جميعهم لأن يجتذبوا منضمين للكيان ليحصلوا على العمولة المباشرة و العمولة الغير مباشرة التى ستعود عليهم من خلال أجتذاب كل عضو فى فريقه لمنضمين جدد ..
و من باب تأكيد مصداقية الشركة أن كيان الأخطبوط تأسس منذ خمس سنوات و حقق نجاحا كبيرا ومن البراهين على ذلك الحفاظ على أستمرارية الشركة و تعدد فروعها فى مختلف الدول و التجهيز لفتح فرع جديد فى مصر ..
قرر حازم أن يتخلص من فيروس الصمت الذى أصابهم و سأل مستر سولى بخصوص مصداقية الشركة فهو يراها لا تختلف كثيرا عن شركات التسويق الألكترونى و التى أفتضح أمرها فيما بعد و كانت مجرد شركات تبيع الوهم و ليس لها فى الواقع أساس ..
ضحك مستر سولى ضحكة مريعة و داعب بكلماته حازم وهو يذكره بنصابة الهايبر و أن لها الفضل فى أن تحوله لجهازاَ لأستشعار النصب ..
بينما هو يخاطب حازم كان مارك قد سحب من الملف الذى أمامه بعض الأوراق و منحها لمستر سولى و قام سولى بدوره بعرض هذه الأوراق على الحاضرين و هو يخبرهم أنه أبتاع معرضاً كبيراً فى التجمع الخامس ليتخذه مقراً يحمل أسم شركة OCTOPUS و هذه الأوراق التى بين أيديهم هى أوراق رسمية للمكان من سجل تجارى و بطاقة ضريبية و تسجيل فى وزارة الأستثمار .. و أضاف لحازم و أخبره أن الشركات الواهية قد أفتضح أمرها سريعا كما قال و لم تستمر مثل شركة الأخطبوط لخمس سنوات و مازالت راسخة بثقلها على أرض الواقع و تفتتح فروعا جديدة !!
علق نضال على هذه الأوراق و قال أن هذا جيد و مطمئن لكنه سأل سولى عن سبب أختياره لهم بالأخص و ما هى نواة النجاح التى بداخلهم كما ذكر لهم !
بدأ مستر سولى يجاوبه و هو يوزع نظراته على الثلاثة .. تكوين فريق سيكون بالنسبة لكل واحداً منكم أسهل بكثير من أشخاص غيركم فظروفكم أفضل من ظروف القادة فى الفروع الاخرى للشركة و الذين أستغرقوا وقتا طويلاً على ما أكتسبوا ثقة الأشخاص و القدرة على أجتذاب و تكوين فرقهم و نجحوا فى النهاية لكن بعد عناء ..
الوضع فى مصر يختلف بسبب موضة التريندات التى يتألق فيها المصريون مما يسهل الأمر أكثر .. فحازم مثلاً ذاع له فيديو يلخص و يحذر من أساليب النصب المتحورة بأستمرار و قد حصد هذا الفيديو مشاهدات بالألاف كنت أنا شخصيا واحداَ من هؤلاء الألاف .. هذا الفيديو يُكسب حازم ثقة المشاهدين و كأنه صار متخصص و متعمق فى ما يتعلق بأمور النصب فعندما يعلن عن التسويق لشركة الأخطبوط على قناته فى فيديو جديد يستعرض فيه فرصة العمل التى توفرها الشركة و أمكانية تحقيق الثراء السريع و تبديل الوضع المادى للمنضمين سيساعد هذا الفيديو حازم على تكوين فريق كبير و فى وقت قصير لأن بحكم الفطرة البشرية فالبشر يتبعوا و ينساقوا وراء شخص موثوق فيه ..
أما بالنسبة لفريدة فـ الفيديو الخاص بها و الذى أنتشر أنتشاراً واسعا على مواقع التواصل الأجتماعى قد جعلها شخصية معروفة و أكتسبت على حسابها الخاص على فيس بوك متابعين بالألاف ذكوراً و أناثاً يحلمون فى التعرف عليها شخصياً
- هنا قد بادر لذهن فريدة العميلة المعجبة رحاب و التى رسمت الغزالة فى محل وشم و رسم -
ثم تأهبت حواس فريدة لحديث مستر سولى و هو يوضح أن فريدة أذا ظهرت فى فيديو مسجل أو لايف على حسابها الخاص تتحدث فيه عن كيان الأخطبوط و الأنضمام له و أنها الكوتش لفريق التسويق سيرحب عدد كبير من المتابعين بذلك بل سيسعون له .. فى هذه اللحظة ظهرت بعض علامات الأستياء على وجه فريدة !
ثم أستقر مستر سولى بناظريه عند نضال و قال له أنه أسفا يذكره بالحادث الأليم الذى مر به و عاد توزيع نظراته على الثلاثة و أستطرد .. لكن بعد مثل هذا الطراز من الحوادث يتعرض الناجون منها أذا نجوا لنوبات أكتئاب تودى بـأصحابها للأنتحار أو الأصابة بالجنون لكن نضال لم يصل لأى من المرحلتين و هذا يعنى أنه مميز و ليس شخصاً عادياً فهو يمتلك قوة داخلية رهيبة مكنته من العودة للحياة و الأستمرار فيها بشكل شبه طبيعى و هذا سيفيد كثيراً فى أن يطوع أصراره و أرادته فى أنجاح المهمة و أن يكون داعم لزملائه للأستمرار و النهوض وقت الفشل و يأخذ بأيديهم , كما أن كونه بطل سابق يدعم موقفه الأعلانى كثيراً .. غير أن أن البيئة الريفية التى يقيم فيها ستكون ملائمة جدا لأجتذاب منضمين للكيان ..
تعجب نضال و سأله كيف ذلك و هم ينتمون للطبقة الفقيرة و لم يقدروا على أبتياع منتجات الشركة غالية الثمن .. فأجابه مستر سولى و قال له أن من شروط أنجاح مشروع هو معرفة السوق المناسب لعرض منتجات المشروع به ..
و سوق مشروعنا هو المكان الذى به الفقير أو العاطل أو المديون !!
من يحلم بالنجاة من الفقر و تحقيق الثراء السريع و التخلص من قيود صاحب العمل هنا يتجلى دوركم فى أقناع هؤلاء و عرض الحلول عليهم للفوز بذلك مثل الأقتراض من أصدقائهم أو أقاربهم أو بيع ما بحوزة نسائهم من مشغولات ذهبية و بثمنهم يدخلوا شركاء فى الكيان و ينضموا لفريق التسويق لأن الربح الذى سيعود عليهم سيكون ألاف الدولارات التى تمكنهم من تحقيق أحلامهم أذا نجحوا فى أجتذاب أخرين و دعوتهم لأبتياع منتجات الشركة و الأنضمام لفرق تسويق الشركة كما حدث معهم ..
ساهمت فريدة فى العرض و عبرت لمستر سولى أنهم بذلك يستغلون ظروف الناس و يضغطون عليهم ..
صارحها مستر سولى و أخبرهم جميعا أن لابد من التخلى عن المبادئ و القيم و شعارات الفقر التى يرددها الفقراء لأن ليس لهم أى حول و لا قوة سوى الكلام و أنهم ضعاف الحيلة و لا يملكون غير الشعارات ..
فاجأهم مستر سولى و هو يخبرهم عن أقتناع و قال لهم : كما أشتهرت السياسة بأنها لعبة قذرة فالبيزنس الناجح و تحقيق الثراء يكون أحيانا لعبة أقذر
لكن التجربة و النتائج تستحق حقاً التضحية !!
و أستطرد مستر سولى فى فخر و أكد لهم أن أعضاء الفريق الذين سينضمون للشركة سيكونوا قد حصلوا على منتجات بقيمة المبلغ الذى دفعوه غير الميزات الأخرى التى سيحصلوا عليها من توكيل مجانا و منصة تسويق مجهزة لذلك و كورسات تدريب أون لاين غير العائد بألاف الدولارات الذى سيجنيه من ينجح فى مهمته و من يفشل لن يخسر لأنه سيحصل على منتج مقابل ما دفعه كما أنه سيحصل على خبرة من الكورسات التدريبية ..
سألته فريدة فى شجاعة عن تحديد الدور المطلوب منهم و المقابل المادى للقيام بهذا الدور .. فأجابها سولى دون تردد و قال ستكونوا مثلث القادة فى مصر المسئول عن الفرع الثامن للشركة , كل واحداً منكم سيكون فريقاً من ثمانى أشخاص و بالطبع سيكون كل واحد فى فريق كلاً منكم مسئول عن أجتذاب ثمانى أشخاص أيضا و عندما تساعدوه على أنجاز ذلك و تحقيقه سيحصل على مبلغ ثمانى ألاف دولار و بعد ذلك سيتم أحتساب له العمولة الغير مباشرة و سيتابع مارك معكم فيما بعد أمر العمولة المباشرة و الغير مباشرة و التدريبات الأون لاين و كل ما يخص سيستم العمل الى أن تتقنوا كل الأمور ..
صمت مستر سولى لبرهة ثم أستطرد حديثه ليجيب على الشق الثانى من سؤال فريدة .. بالنسبة لكم أنتم الثلاثة فالمظهر مهم جدا لكم كقادة لأقناع المواطنين و القدرة على أجتذابهم لتحقيق الثراء السريع لذلك سيتم منح كل واحداً منكم سيارة ملاكى حديثة بتوكيل أدارة مسجل فى الشهر العقارى و بهذا التوكيل يكون لكم كل الحق فى أستخدامها كيف ما تشائوا عدا أمكانية بيعها .. و سيتم أنزال أعلانات ممولة لكم برفقة السيارة التى أستطعتم الفوز بها بعد العمل و الأجتهاد فى شركة الأخطبوط كنوع من الدعاية و التأثير على الجمهور و أجتذابهم , كما سيتم منح كل واحداً منكم مبدئياً ثمانى ألاف دولار كعربون محبة و تحفيز لتكوين فرقكم التسويقية الثلاثة و لا تنسوا فكل فريق يتكون فى بدايته من ثمانى أفراد ..
أنبهر الثلاثة بالعرض و لكن لم يمنع الأنبهار من مناوشة حازم لمستر سولى و هو يخبره أن لديه فضول فى معرفة سر رقم 8 منذ أن جمعتهم المنضدة رقم 8 مروراً بما سمعوه !
ضحك سولى ضحكته المريعة و قال : أتعامل مع رقم ثمانية على أنه رقم الحظ بالنسبة لى .. قد يرجع السبب فى ذلك لأن تاريخ ميلادى هو 8 \ 8
ثم أعلن مستر سولى أنتهاء الأجتماع و أخبرهم أن لديهم مطلق الحرية فى قبول العرض أو رفضه و سيكمل معهم مارك ليجاوب على أى أستفسارات لهم و يخبروه بقرارهم فيبدأ فى تطبيق و تنفيذ العرض الذى منحه لهم مستر سولى أذا أبدوا موافقتهم ثم أستأذنهم مستر سولى و هو يذكر مارك أن يمنح كلاً منهم هديته عند أنصرافه مما زاد أنبهارهم أكثر و أستأذنهم بعد أن أثنوا عليه و عبروا عن سعادتهم للقائه ..
*********************
. ❝ ⏤محمد حسن عبد الجابر
الفصل الخامس
- 5 -
دخلت فتاة جميلة صغيرة فى السن محل - وشم و رسم - تبدو فتاة جامعية من مظهرها و أحتفاظها بكتاب دراسى قابضة عليه بأصابع يديها .. أستقبلتها فريدة فى لطف فبدت السعادة على وجه الفتاة التى أخبرت فريدة عن رغبتها فى رسم غزالة صغيرة بألوانها الطبيعية على كف يدها فأبدت فريدة أعجابها لطلبها و هنا عبرت الفتاة عن مدى أعجابها هى بفريدة بعد أن شاهدت الفيديو المنتشر لها على مواقع التواصل الأجتماعى و هى تلقن الشاب درساً قاسياً و هذا ما حفزها لأن تختار هذا المحل بالأخص و ترسم فيه ما ترغب و ذلك لتلتقى بفريدة و تتعرف عليها و تخبرها أنها أيضا تتعرض لتحرش لفظى بأستمرار و لكن خجلها يمنعها دوما من أن يكون لها رد فعل مع هؤلاء الهمج الذين يضايقونها .. هنا تدخلت ماسة فى الحوار و هى تمارس عملها أيضا على المقعد المجاور لفريدة و ترسم وجه أسد على كتف شاباً صغير السن و لكنه مفتول العضلات ..
و قاطعت كلام الفتاة الجميلة و قالت مخاطبة فريدة : علميها يا قدوة .. ما دام جابت سيرة رد الفعل علميها قانون فريدة .. و ضحكت ماسة ..
فسألت الفتاة فريدة عن ما مقصد ماسة من كلامها فتجاوزت فريدة ....... [المزيد]
: - 3 -
مازن يتسم بالأنسانية فى زمن أصبحت فيه الأنسانية صفة لدى البعض وليست طبيعة و غريزة كما كان معهود سابقا !
كان يمر فى طريق العودة لمنزله عائدا من عمله و لمح طفلا صغيرا يبلغ حوالى عشر سنوات جالسا على الرصيف و قد شبك يديه متكئا بهما على ركبتيه فيسند عليهما رأسه و قد أنهكه التعب و بجانبه خشبة طولية مثبت بأعلاها خشبة أخرى عرضية و برزت من الخشبتين مسامير معلق عليها أكياس من حلوى غزل البنات و أخرى من حلوى الفريسكا .. كان طفل أخر يجول بكرتونة يبيع فيها المناديل و الكمامات توقف أمام الطفل بائع الحلوى و الذى غلبه النوم و قد لمعت عيناه و عض على شفتيه ناظرا للحلوى و هو يتوق لها و لا يجرؤ
على شرائها ثم هم بالأنصراف .. هنا تدخل مازن و أشار لطفل الكمامات و أمسك بيديه و عاد به لطفل الحلوى و وغزه برفق فأيقظه و أبتاع منه كيس غزل البنات و كيس فريسكا ثم أعطاهما لطفل الكمامات فأرتسمت فرحة على وجه الطفلين كانت كفيلة بأن تشحن مازن بطاقة أيجابية لها الفضل فى أن جعلت أحساسا بالسعادة تتدفق بداخل مازن ..
كان مازن يقص على صديقه حازم هذا الموقف و هما جالسان فى شقة صغيرة فى واحدة من المناطق الشعبية بمحافظة القاهرة , هذه الشقة تخص حازم و هى شقة والديه و قد نشأ فيها و بعد وفاة والديه بسنوات تزوج حازم و غادر الشقة ليقيم فى شقة أكبر و أفضل فأتخذها حازم بؤرة تجمعه مع أصدقائه و فضلوا التموقع فيها عندما كانوا يرغبون فى السهر و الترفيه عن أنفسهم ..
مازن كان يحكى متأثرا بمواقف مر بها شخصيا مرارا تشبه ما حدث , فذات مرة كان أبنه يرغب فى لعبة ما و يلح عليها و كان مازن يعجز عن توفيرها له غير أصناف من الحلوى المستوردة المتداولة بين الأطفال و كان يلحظ فى عينى ولده نظرة تشوق لها فيعد أبنه أن يوما ما سيوفرها له و كان مازن بالفعل عندما يستطع ينفذ , كان يمر أحيانا بأوقات يعجز فيها عن تلبية طلبات و رغبات أبنه كحال الكثير من الناس فى الفترة الراهنة لضيق الحال و صعوبة المعيشة التى تضيق يوما فيوما .. مازن يحكى وهو يدرك أن حازم يدرك أنه يحكى له على سبيل الفضفضة و لن يقبل منه أى مساعدات مالية تحت أى ظرف ..
كذلك حازم يدرك أن مازن يدرك أنه لا يبتلع فكرة أن يكون فى دور الدائن و لا دور المدين لأحد .. و عليه فصداقتهما مستمرة و توصف بأنها علاقة ناجحة لأنها قائمة على التفاهم و الشفافية ..
مازن يهوى التصوير و عندما ألتحق بوظيفة فى هايبر كبير كان المسئول عن تصوير المنتجات و البضائع بحرفية تسويقية و يرفعها على الويب سايت الخاص بالهايبر و طلب أن تكون بحوزته الكاميرا و مضى لهم بما يفيد أنها فى عهدته ، كان يستخدمها أحيانا فى حياته الشخصية لتوثيق بعض اللحظات كمشهد نظرة طفل الكمامات للحلوى فكانت روايته أوقع مع حازم و هو يعرض عليه الصورة ..
حازم كان معجبا بتألق مازن فى التصوير و يصفه دائما بالموهوب خاصة و أن حازم يعمل مراسل صحفى لدى أحدى الجرائد الألكترونية و مر عليه العديد من المصورين فى مجال عمله ..
سعيد صديقهما الثالث وهو يتمتع بحس ساخر و يمتلك روح الدعابة كما أنه يمتلك محلا ذا مساحة لا بأس بها فى مكان على درجة من الرقى يقع على مسافة ليست ببعيدة عن شقة حازم التى يتجمعون فيها , يختلف نشاط المحل عن نشاط أى محل أخر بالقرب منه أو حتى بعيد عنه .. سعيد كان يبيع فى المحل لحوم طيور و لحوم حيوانات غير شائع تداولها لبهظ ثمنها و لأنه كان يتميز فى نشاطه فكان له زبونه الخاص الذى يبحث عنه و يذهب لمحله ويبتاع منه ما يريد أو يطلبه من خلال صفحة الفيس بوك الخاصة بدعاية المحل ..
سعيد كان يبيع لحم النعام فيصل سعر الكيلو منه لحوالى 300 جنيه و كيلو لحم الغزال كان يبيعه بـ 680 جنيه و كان يبيع أيضا كبدة النعام و كبدة الغزلان و عكاوى نعام كما أنه كان يبيع عبوات زيت نعام و بيض النعام
فيصل سعر الواحدة 150 جنيه !!
أما جوزيف فهو صديقهما الرابع و ينادونه دائما بـ جو ( بتعطيش الجيم ) , بدأت صداقة الأربعة منذ عشر أعوام منذ أن كان عمرهم يتراوح من أصغرهم جو و كان أربع وعشرون عاما الى أكبرهم حازم و كان عمره حينذاك سبع و عشرون عاما ..
جو صاحب محل فواكه مميز أيضا .. فهو يبيع أصناف متنوعة من الفاكهة تقريبا كل الأصناف على حسب مواسمها بالأضافة ألى أنه يخصص ركنا فى المحل محاطا بالزجاج السيكوريت يعرض فيه أنواع من الفاكهة النادرة غير المتداولة مثل الموز الأحمر و الدوريان و المانجوستين و أصناف أخرى مثيلة و غير شائعة , و لهم زبونهم الخاص و فى أغلب الأحيان كانت زبائن سعيد تزور هذا الركن من الفواكه النادرة و يبتاعونها من جوزيف بتنويه من سعيد .. كما كان له زبائن من صفحة الفيس الخاصة بمحله يطلبون أوردرات أون لاين من هذه الأنواع المميزة من الفواكه و كان هو الأخر يطلب منهم أن يقوموا بزيارة لمحل سعيد لأنهم سيجدون هناك ما يناسبهم و ما تشتهى له أنفسهم ..
أجرى سعيد محادثة هاتفية بحازم قبل أن يذهب للشقة ليتأكد أنه هناك و سمع فى المحادثة صوت مازن يخاطب أحدا فأخبره حازم أن مازن يتحدث مع جو فى الهاتف و يذكره ببعض الطلبات من مأكولات و مشروبات و مسليات لزوم السهر و هنا سعيد سأل حازم مؤكدا عليه هل أبتاع ما يكفى من مخدر الحشيش فطمأنه حازم و طلب منه أن لا يتأخر عن موعد المبارة و كانت مباراة لفريق الأهلى المصرى مع أحدى الفرق الأفريقية فى دورى أبطال أفريقيا , و أخبره أن
بعد مشاهدة المباراة سوف يتناولون العشاء ..
كان جو يقف عند محمصة مزاج الخير المواجهة لشقة حازم يبتاع دفتر ورق البفرة و السودانى واللب فقابله سعيد و صعدا معا الدرج حتى وصلا للشقة و قرع سعيد الباب مصدرا صوت أيقاع شرقى و كأن الصوت
خارج من طبلة بلدى ..
فتح له حازم مسرعا قبل أن يستفز غضب الجيران أكثر من ذلك , صافحهم حازم و دخلا و تعانق الجميع و جلسوا أمام التلفاز متموقعين كلا
فى مكانه المفضل الذى أعتاده ..
بدأ حازم فى تجاذب أطراف الحديث فرحب بهم كالعادة و سألهم عن أحوالهم فكانت الأجابة منذ شهور دائما تبدأ بالحمد الله و يأتى بعدها كالعادة أيضا حديث مفعم بالبئوس فقد غدت الحياة قاسية بسبب الضغوط المتنامية و سوء الأحوال المعيشية الناتجة من هبوط الأقتصاد العالمى مما أثر على ركود الأقتصاد المصرى و أدى الى ركوب أسعار السلع لصاروخ الزيادة !!
تعاتب الجميع فى حوار طويل كان فيه وابل من اللوم لكلمات من طراز
- بنتكلم و بس .. مبنعملش حاجة .. كلام سطل -
هنا أخرج حازم قرش الحشيش لترطيب جو الحوار و ألقاه فى طبق حديدى صغير فضى اللون مخصص لهذه الأمور و أخرج جو علبة السجائر و دفتر البفرة و شرع سعيد فى لف سجائر الحشيش و وزعها عليهم عدا مازن و الذى أعتاد أن يشاركهم فى واحدة فقط و ذلك لسببين ..
الأول أنه لا يدمن الحشيش و يشربه بشراهة يوميا مثلهم ..
و الثانى لأن عند أضافة ثمن قطعة الحشيش على ثمن تكاليف العشاء و تقسيم الناتج على الأربعة سيكون نصيب الواحد مبلغا ليس بهين قد تزلزل قيمته الميزانية المالية لمازن و لذلك فهو يفضل أن يشاركهم قيمة نصيب الفرد فى العشاء و يدفع ثمن سيجارة حشيش واحدة يدخنها معهم فى تجمعهم , فهو لا يدخن الحشيش سوى فى تجمعه معهم فقط فيساهم بسيجارة واحدة عكسهم تماما فهم يقضون ساعات طويلة يدخنون فيها مخدر الحشيش ..
كانوا يقومون بذلك على فترات متقاربة منذ أن نشأت صداقتهم من عشر أعوام حتى هذا اليوم فى منتصف شهر فبراير من عام 2021 و الذى كان يبدو
أنه سيكون يوما مختلفا لهم ..
ملأت حلقات الدخان الغرفة التى يجلسون فيها و أخذت فى التصاعد مكونة سحب بيضاء كثيفة ملبدة بالحشيش .. غلبت عليهم حالة من الأسترخاء و شعروا أن وزنهم أصبح أثقل .. بدا هذا واضحا من طريقة ثناء سعيد على حازم و هو يقول له و قد أصبحت عيناه حمراوتان و نصف مغلقة :
أصلى .. أصلى يا كرف ..
لقد ضربهم المخدر بقوة و لكنهم مازالوا قادرين على أدارة حالتهم الجسدية و تسبب فى شعورهم بمزاج جيد بشكل مصطنع و بالطبع الحشيش لم يغير نفسيتهم المأزومة و يبدلها و لكنه كان قادرا على أن يبدل حدة النقاش فعاد الحوار مرة أخرى و لكن بشكل أهدأ و بال رائق ..
أستمر الحديث فى نفس الموضوع و قد تناقشوا سابقا مرارا و تكرارا عن مشروعات عديدة يمكن أن يقوموا بها سويا و ينفذوا مشروع مشترك يجمهم لتحسين دخلهم لمواكبة سرطان الزيادة الذى توغل فى كل السلع
و المنتجات و أصابها بشكل مرعب !
لكن كل المشروعات فى نظرهم كانت تنبئ بالفشل لذلك لم يجرئوا على الخوض فى أى واحدا حتى هذا اليوم عدا مشروعا واحدا كان متحمس له الأربعة و متحفزين أن يكون طوق نجاة لمصدر دخل كبير و سهل و سريع .. لقد قرروا سابقا فى أكثر من مرة ألتقوا فيها فى شقة حازم أن يقوموا بأنشاء حساب على التيك توك أو فتح قناة على اليوتيوب و يسجلوا فيديوهات ليعرضوها فتجتذب مشاهدات و لايكات بالألاف و عليه تجنى لهم أموالا كثيرة كما هو شائع بين الناس فى هذا العصر و كانت العقبة فى كل مرة هى أختيار محتوى مميز لتقديمه عبر القناة أو الحساب فكانت تتحول طموحاتهم فى كل تجمع
لحلم ليلة كيف !!
كان حازم شاردا و أصدقائه يتناقشون فى نفس الموضوع و يعيدون نفس الكلمات فجأة قاطعهم و قد لمعت عيناه الشاردتان الحمراوتان و قال لهم فى همة :
وجــدتها !
رد عليه سعيد ساخرا : هى مين اللى وجدها يا حاج نيوتن ؟!
نفسك فى تفاحة أجبهالك من عند جو ؟!
أجابه حازم و قد بدا على طبقة صوته الجدية : لا عايز بيضة نعامة من عندك ..
ضحك الجميع عدا حازم ضحكات عالية و ظنوا أن حازم يهرتل من تأثير الأفراط فى تعاطى الحشيش .. صمت حازم حتى أنتهى الجميع من الضحك و عاود طلبه فى أصرار و قد صار صوته ذا طبقة أمرة موجها كلامه لسعيد الذى عقد حاجبيه فى أندهاش و قد قرر تلبية رغبة حازم فأجرى محادثة هاتفية بعسلية و هو صبى يعمل لديه فى المحل و طلب منه أن يحضر بيضة نعامة و أخبره بالعنوان !
ثم وجه حازم كلامه لمازن بنفس طبقة الصوت الأمرة و طلب منه أن يجهز الكاميرا التى بحوزته و أعدادها لتسجيل فيديو قصير .. نفس تعابير الدهشة التى أرتسمت على وجه سعيد قد أكتست وجه مازن وهو
يومأ برأسه لحازم بما يفيد الموافقة ..
بدأت مباراة النادى الأهلى و بدأ ينخرط الأربعة فى المتابعة بما فيهم مازن و الذى يشجع فريق نادى الزمالك و لكنه كان يدعمهم فى بطولتهم و أندمجوا فى المباراة لحين وصول عسلية و معه البيضة المطلوبة ..
عندما وصل عسلية كانت المباراة فى دقائقها الأخيرة و كان الأهلى قد حسم نتيجة المباراة بثلاثة أهداف نظيفة فى شباك فريق المريخ السودانى و كعادته أذاق جمهوره لذة الفوز ..
فتح حازم لعسلية و أخذ منه ما يحمله فى حرص و فى لهفة و عرض على عسلية الدخول لكنه أعتذر و القى عليهم السلام و أستأذن ليعود أدراجه للمحل مرة أخرى ..
دخل حازم أمام نظرات الثلاثة و هم يتفحصوه .. بدأ حازم فى أخراج البيضة من العلبة الكرتون و هو منبهر من حجمها و رفعها فى وجه أصدقائه و قال لهم و هو يدرك الأجابة : حد فيكم أكل أومليت بيض نعام قبل كدة ؟!
فجائت ضحكاتهم و كانت خير أجابة تفيد النفى ..
ثم أدار حازم وجهه لسعيد و سأله فى تنمر :
و لا أنت يا برنس الطيور و اللحوم ؟!
فأجاب سعيد بنبرة تنمر أيضا : أحبوش .. البيض أحبوش .. منتا عارف .. اللى عايز أعرفه دلوقت تمن البيضة دى عند مين يا قلب البرنس ؟!
هنا أنفجر الجميع فى الضحك و أجمعوا على رغبتهم
فى أجابة حازم على سؤال سعيد ..
أجاب حازم فى دهاء : حجم البيضة و تواجد طاسة كبيرة بالفيديو سيثير فضول المشاهدين و دة هيدفعهم أنهم يفتحوا الفيديو و يكتشفوا اللى فيه و لما يلاقوه حقيقيى زى ما هو كان ظاهر ليهم و مختلف هينبهروا لأنه حاجة جديدة .. نادر لما هيكون بين المتفرجين شخص أعتزم ما ننوى عليه و عليه هيشيروا الفيديو و ينتشر و يجيب مشاهدات كتير و دة هيدخلنا فلوس كتير .. أحنا هنجرب نجح الموضوع هنعمل فيديوهات تانية بنفس النمط تكون مختلفة و مميزة .. فشل الموضوع نبقى كسبنا عشوة مختلفة و على الأقل هنكون بدأنا مش زى كل مرة و يبقى كسبنا شرف المحاولة ..
أستطرد حازم و قد لاحظ بوادر الأقتناع على وجوههم : شوفوا اللى يريحكم عايزين نبقى شركاء و نضيف سعر البيضة على الجمعية بتاعت النهاردة و اللى يدخلنا من الفيديو نقسمه علينا تمام .. عايزنها تبقى عزومة و انا أتحمل تمن البيضة برضه تمام .. عنيا ليكم بس لو نجحت التجربة هكمل لوحدى بعد كدة و مش هوافق أن حد يدخل معايا .. فكروا و قرروا و بلغونى ..
حازم ذكى و موهوب فى أقناع من يريد بما يريده ..
وافق الثلاثة على الترابط كما أعتادوا المشاركة بينهم فى أغلب أمورهم و سلموا لرغبة حازم و كانوا مقتنعين أن يقدم حازم الفيديو و الفيديوهات القادمة أذا نجحوا و ذلك لتوفر المؤهلات المناسبة به فلديه حضور و كاريزما غير قدرته على طرح الموضوعات كما أنه يتمتع بقسطا من الوسامة .. و أتفق معهم حازم أنهم سيقومون بمساعدته كلا منهم على حسب الدور المحدد له ..
كان مازن مستعدا بالكاميرا و أعد حازم المطبخ ليكون مهيئا للتنفيذ و التصوير بمساعدة جو و سعيد و عندما أصبح كل شئ جاهزا وقف حازم أمام الكاميرا و قد أحكم الأمساك بالبيضة الضخمة و كان يذكر فوائد بيض النعام و هو يسيح السمنة فى الطاسة الكبيرة ثم خبط البيضة خبطة بمعلقة خشب فشقتها لنصفين و مكنتها من تفريغ محتوياتها لتملأ الطاسة عن أخرها فى مشهد مثير .. و بعد الأنتهاء من تسجيل الفيديو طلب حازم من سعيد و جو أن يقوموا بأنشاء قناة على أبلكيشن اليوتيوب و أنهاء أجراءات ذلك ثم رفع الفيديو عليها و تحميله أيضا على مواقع التواصل الأجتماعى الأخرى و الجروبات لسرعة تداوله و ذلك بمساعدة مازن حاليا ثم تفرغ مازن فيما بعد للتصوير أن نجح الأمر و سوف يتابع وقتها سعيد و جو رفع الفيديوهات و متابعة التفاعل معها و تولى أمر الأدارة المالية للقناة ..
******************
فى وقت مبكر من الصباح كان يجلس نضال مع عم جابر فى مقهى اللؤلؤة الأثنان كانا يستيقظان مبكرا و كان الموعد المناسب لنضال عندما كان يرغب فى الخروج و الأنخراط فى القرية و ذلك من خلال الجلوس فى مقهى اللؤلؤة بصحبة عم جابر فى هذا الوقت حيث يكون المقهى رائقا من زحام الزبائن فيجتمع به و يتحدث معه بين الحين و الأخر ..
فى هذه المرة أتصل عم جابر بنضال و أخبره أنه يرغب فى الجلوس معه ليسأله عن ما حدث بالفيلا من سماع أصوات غريبة يوم المشكلة و يناقشه في ما حدث بقسم الشرطة , و عندما لبى نضال رغبته و ذهب للمقهى شرح لعم جابر ما حدث مع أسر فأنزعج عم جابر لما سمع و سأله بعدها عن نوع العلاقة التى تربطه بفريدة و التى تجعلها تزج بنفسها فى مأزقه و تتدخل لمساعدته , بالطبع أنكر نضال وجود أى علاقة و بدا صدق كلامه منطقيا لعم جابر لأنه أخبره أنه أيضا يرغب فى أن يعرف من هى فريدة و لماذا ساعدته ..
عم جابر أخبر نضال بأنه يعرف عن فريدة بعض المعلومات فتيقظت حواس نضال وهو يطلب من عم جابر أن ينيره بها .. أخبره عم جابر بما فعلته فريدة في من يدعى بالعايق و كيف أنتقمت منه و هذبته فأرتسمت علامات الأعجاب على وجه نضال لما فعلته فريدة و سأل عم جابر عن مصدر المعلومات فجاوبه عم جابر و قال له أن سيد عصفورة أخبره بكل ذلك من خلال محمود بلدياته أمين الشرطة و الذى ساعده فى فعلته تجاه نضال ..
سأله نضال عن ما أذا كان هناك المزيد من المعلومات التى نقلها له عصفورة بخصوص فريدة فأضاف عم جابر أن سيد أخبره أيضا أن فريدة صارت مشهورة بسبب فيديو الوشم فقد أصبح الفيديو منتشرا على مواقع التواصل الأجتماعى و متداولا بشكل واسع بين رواده ..
كانت معلومات لا بأس بها بالنسبة لنضال لكنه مازال جاهلا سبب مساعدة فريدة له و عليه فقد أخبر عم جابر أنه قرر على غير المألوف أن يهتم بالأمر و عزم نضال على الأتصال بالرقم المكتوب فى الكارت الذى منحته أياه فريدة !
****************
أجرى سعيد أتصال هاتفى بجوزيف كان يخبره فيه بنجاح ما قاموا به و يبشره بأنتشار فيديو بيضة النعامة على نطاق واسع و كان جو يستقبل منه وهو على علم بذلك لأنه كان يتابع أيضا فى شغف مدى تأثير الفيديو و عدد المشاهدات التى حصدها الفيديو و قد حقق رقما من المشاهدات غير متوقع ..
طلب سعيد من جو أن يقوم بالأتصال بحازم و أبلاغه بالأحداث و معرفة الخطوة التالية ثم معاودة الأتصال به , و بالفعل قام جو بالأتصال بحازم و أجرى معه محادثة هاتفية ..
جوزيف فى تفاؤل : الووووو
حازم : أزيك يا جو .. أيه الأخبار ؟
جو : مبروووك يا زومة .. فعلناها .. و سعيد بيقولك يا زومة الحالة مش هتكون تانى مأزومة ..
حازم مفعما بالأمل : الفيديو جاب فيوهات كتير ؟
جو متقمصا صوت شمس الزناتى : بتعرف تعد لحد كام ؟
جاب حوالى خمس الاف يا صاحبى .. مبروووك لينا .. اللى جاى أيه ؟
حازم بعد أن تبطن صوته بالأمل : الفيديو اللى فات أتعشينا بالبيضة .. يبقى بديهى كدة الفيديو اللى جاى نحلى بقى .. ولا أيه ؟
جو فى توتر : يا خوفى .. كدة بديهى بقى الفيديو التالت يبقى فى الحمام !!
حازم مقهقها : لا متقلقش .. بص بقى أحنا نصرف شوية علشان نستمر .. يعنى عايز كام حبة فاكهة من ركن النوادر بتاعك دة نطلعهم فى فيديو و نعرف المشاهدين عليهم و مش بس كدة لا و نقشرهم أدام الكاميرا و ناكلهم و أشرح طعمهم و فوائدهم و الناس تعرف معلومات جديدة
و أحنا كمان هناكل و نجرب حاجة جديدة ..
جو : فكرة حلوة بس عندى فكرة أحلى و متفهمنيش غلط خلينا نفكر
بشكل عملى .. دلوقت أنا هحسب تمن الفاكهة دى زى ما بطلعها كأنها طالعة لزبون .. نفس الفاكهة دى بتتباع فى الهايبر عند مازن بس بسعر أقل لأن الهايبر بيجيب كميات كبيرة فبياخد بسعر جملة أقل , غير أن مازن ليه هناك خصم موظفين حوالى 10% , أحنا أولى بفرق السعر دة و لا أيه ؟
حازم متحمسا: أقنعتنى يا بن الـ أيه .. أقفل هكلمه و أظبط معاه و هروحله أجيب الحاجة و نتقابل فى الشقة بليل النهاردة .. أكد على سعيد و انا هبلغ مازن ..
و بالفعل أتصل حازم هاتفيا بمازن و أخبره بحيثيات محادثته مع جو فرحب مازن بمجئ حازم و أكد له أنه سيكون فى أنتظاره عندما يصل ..
كان مازن يقف داخل الهايبر بالتحديد عند الخزينة و كانت بالقرب من باب المدخل الزجاجى فألتقى بحازم فى يسر عندما وصل و قدمه لـ أمين الخزينة بعد أن طلب منه مازن أن يطبع الفاتورة بأسمه عندما يأتى حازم ليحاسبه حتى يتمكن من الحصول على الخصم فطمأنه أمين الخزينة و بعدها ذهب حازم بصحبة مازن للمكان المخصص للفاكهة النادرة و كان موقعه قريب من الخزينة و أعتذر مازن لحازم لأنه يتحتم عليه أن يعود ليستكمل عمله فشكره حازم و أنصرف مازن و بدأ حازم رحلة التمعن و الأختيار للفاكهة , لكنه كان يلاحظ تواجد امرأة عجوز كانت تتبعه منذ أن دخل الهايبر و تلاحقه بنظراتها و كانت نظرات غريبة و قد عجز عن تفسيرها و لحسم حيرته قرر أن يقترب منها و سألها فى رفق :
أى خدمة يا أمى ؟
فدمعت عيناها و قالت له : متأسفة يا ابنى .. أصلك شبه ابنى المتوفى كثيرا .. و لما شفتك حسيت انى شيفاه قدامى .. حتى كلمة أمى لما نطقتها أراحت قلبى كثيرا .. سامحنى يا ابنى ..
حازم قد تأثر لكلامها فأقترب منها و قبل رأسها و قال لها :
دى سنة الحياة يا أمى .. ربنا يبارك فى عمرك ..
فتهاوت دمعة أخرى من عيناها ثم أتجهت فى خطوات ناحية الباب الزجاجى دون أن تلتفت له فناداها بصوت عالى يا أمى يا أمى ..
وقفت أمام الباب الزجاجى ثم أستدارت له و لوحت له بيديها مودعة .. فودعها حازم بصوت عالى ليجبرها و قال : مع السلامة يا أمى ..
ثم عاد حازم لما عزم عليه و أندمج فى أختيار حبات الفاكهة المميزة و الخاطفة للأنظار و التى يرى أنها ستكون مناسبة لغرضه ثم توجه للخزينة ليدفع ثمن أحتياجاته فأخبره أمين الخزينة أن حسابه بعد الخصم 685 جنيه و حساب والدته بعد الخصم 1870 جنيه !!
فقال له حازم فى أنزعاج : عفوا .. والدة مين و حساب أيه مش واخد بالى !!
أمين الخزينة فى صرامة : والدتك .. اللى قولتلها من شوية مع السلامة يا أمى .. بلغتنى و قالتلى أبنى هيحاسبك .. هو فى مشكلة يا أستاذ حازم ؟
فى هذه اللحظة دارات الدنيا و لفت بحازم فلو أنكر أنها والدته و أنها نصابة ستحدث مشاكل و سيتسبب فى أزعاج بالمكان على ما يتم أكتشاف صحة الواقعة و فى النهاية سيتحمل حتما دفع المبلغ بعد أن يكون تسبب فى أحراج لمازن فى مكان عمله.. لقد أيقن حازم أن لا مفر من دفع المبلغ و مغادرة الهايبر !
أخرج حازم الكريدت كارد الخاص به لأن ليس لديه من النقود ما يكفى للحساب ثم غادر المكان وهو يلعن المرأة العجوز و يتمتم بـ النصابة الشمطاء !
و عاد للشقة موقع تجمعهم و قد وضع أشيائه جانبا ثم أخرج علبة سجائره و أفرغ محتوياتها على منضدة الصالون المدهب فتبعثرت قطعة من الحشيش و عددا من السجائر و دفتر البفرة و شرع فى لف هذه السجائر مرة أخرى بعد أن أفرغ تبغها و أخذ يبدر عليها الحشيش بعد أن قام بتسخينه ثم طحنه بأنامله و قد حوله لبودر بنى اللون .. كان يفعل ذلك و ذهنه شاردا فيما حدث له , كان يلوم نفسه كيف يقع فى فخ نصب فى هذا العمر !
ما أن أنتهى حتى أشعل واحدة و نفث سحابة كثيفة من الدخان و أخذ يكرر ذلك حتى قطع مازن خلوته بأتصاله الهاتفى ..
مازن : فينك يا حازم ؟ و أيه حكاية أمك ؟!
حازم قد ضربه المخدر و ظن أن مازن يوبخه بوالدته فأجاب فى ضجر :
مالك يا مازن ؟؟ عامة أنا فى الشقة ..
مازن قد أدرك أن بال حازم غير رائق فقال له : أنا جايلك .. هعدى على سعيد و جو و هنجيلك دلوقت ..
عندما وصل الثلاثة و دخلوا على حازم بعد أن فتحوا بالنسخة الأحتياطية للمفتاح و التى يحتفظ بها مازن و قد أضاع كلا من سعيد و جو نسختيهما , وجدوا حازم و قد غلبه النعاس و كان جالسا على أريكة الصالون و أمامه المنضدة تفضح ما قام به حازم قبل أن يصلوا ..
أيقظه مازن و تموقع سعيد و جو فى مكانهما و هما يقذفاه فى دعابة بكلمات لوم لأنه سبقهم و تعاطى الحشيش و لم ينتظرهما ..
سأله مازن مرة أخرى عن ما حدث فى الهايبر و لكن قبل أن يجيب حازم حدث أن سعيد لم يتمالك نفسه و على دون رغبة منه وجد نفسه يسأل حازم :
1870 ليه يا حازم أشتريت أيه ؟ و بعدين مش الحاجة أتوفيت من سنين برضه ؟ و لا جت تعمل شوبينج للمقابر كلها و رجعت لهم تانى ؟؟
رمقه حازم فى صرامة ثم ضحك ضحكاً مريعا فأنفجر الجميع فى الضحك و أخبرهم حازم أنه لابد و أن يكون الفيديو الثالث له نصيب مما حدث ..
كما أخبرهم أنه لا يرغب فى الكلام الأن في ما حدث , و بدأ التجهيز لفيديو غرائب الفواكه .. أعد مازن الكاميرا و رتب حازم المكان و قد وضع أمامه ثلاثة أنواع من الفواكه الفريدة و التى تظهر على شاشة الكاميرا فى صورة رائعة و بدأ تسجيل الفيديو فسحب أول نوع و كان الموز الأحمر بشكله الجذاب و شرع حازم فى أعطاء نبذه عن فوائده ( بعد أن أمده جو بتفاصيل و معلومات كافية حول هذه الأنواع من الفواكه بحكم عمله )
أخذ حازم يستعرض بأسلوبه الذى حاز على قبول المشاهدين فى فيديو البيضة فأشار ألى موطن الموز الأحمر و هو دولة الهند كما أنه ينتشر فى
جنوب شرق أسيا و بدأ فى تقشير الموزة و تذوقها وهو يتلذذ بطعمها أمام الكاميرا فيخبر عن مذاقها و هو ميكس بين نكهتى الموز و التوت !!
ثم تناول حازم نوعا أخر من الفواكه و كان المانجوستين و ذكر للمشاهدين أن ملكة هولندا كانت تزرعها فى حديقة قصرها و كانت ترسلها كهدايا لملوك و أمراء أوروبا بسبب كثرة فوائدها و لكن موطنها الأصلى تايلاند و قام بتقشيرها فكانت مفاجأة فهى تشبه من الداخل منظر فصوص الثوم !!
أما مذاقها فهو ميكس بين نكهة الفراولة و نكهة المشمش !!
ثم تناول حازم أخر صنف من الفواكه التى يستعرضها و كان الدوريان و هو ملقب بملك الفواكه !
رغم رائحته الكريهة و التى ملأت أرجاء الشقة فضحك الأربعة من فظاظة الرائحة و كان ضحكهم بمثابة مشاركة فى الفيديو تأكد كلام حازم عن رائحته , فموطن هذه الفاكهة فى جنوب أسيا و يصفونه سكان جنوب أسيا
بأن له رائحة جهنم و طعم الجنة !!
و برغم رائحته الكريهة فله مذاق حلو لا يوصف .. هكذا شرح حازم فى الفيديو و هو يتذوق الدوريان و أشار ألى أنه متوفر بكثرة
فى ماليزيا و أندونيسيا و الفلبين ..
ثم أنهى حازم الفيديو بالجمل الشائعة لليوتيوبرز من تذكيرهم للمشاهدين بالضغط على زر المتابعة و اللايك .. ثم التنويه لأنتظار الفيديو القادم ..
**************
داخل شقة أبراهيم النحراوى كان الوضع متوترا للغاية لا سيما فى غرفة الليفنج حيث كانت تجلس الحاجة سهام فى مكانها المفضل على الركنة و أمامها كانت تجلس أبنتها فريدة ..
كانت الحاجة سهام غاضبة و أخذت توبخ فريدة ثم تلومها و ترجع مرة أخرى تنفعل عليها و بدا عليها القلق جليا فى كل أنفعالاتها و كانت فريدة تقدر ذلك فتحاول تهدئتها و تعتذر لها و تخبرها أنها فضلت أن تحجم عنها ما كانت تنوى فعله مع طارق لأنها كانت بالطبع سترفض و تقلق عليها , فبررت لها أنها لذلك قامت بتنفيذ ما خططت له فى سرية و طمأنتها أنها كانت تتوخى الحذر و تحسب جيدا لخطواتها ..
رن جرس الباب بعدها فتح جاسر بالمفتاح و دخل على غرفة الليفنج فألقى السلام على والدته و أخته و رمى على كرسى مطرفا شنطة رياضية كانت معلقة على كتفه و كاد أن يجلس فصرخت فيه و الدته و طلبت منه
أن يذهب ليغسل يديه أولا ..
بدأ الوضع المضطرب يستقر تدريجيا بعد أن طمأنت فريدة و الدتها و هدئت من روعها و وعدتها أنها لن تتهور مرة أخرى ثم قبلتها و عانقتها فدخل عليهما جاسر بعد أن غسل يديه و هو يعاكسهم :
يا سيدى .. على معاملة التريند يا سيدى ..
جاسر شاب رياضى يغوى رياضة كمال الأجسام و هو أصغر من فريدة
فعمره 17 عام و يتدرب فى جيم جيد المستوى و على علاقة طيبة بعدد من الرياضيين المشتركين فى الجيم الذى يتدرب فيه ..
فريدة تعتبر المسئولة عن مصاريف والدتها و أخيها الأصغر فبجانب معاش والدها ملزمة بتوفير مبلغا أخر من المال فهى تتحمل أعباء مصاريف المنزل و مصاريف دراسة جاسر و قد رفضت فى حزم أن يبحث عن عمل ليساعدها وطلبت منه أن يهتم بدراسته و يركز فى رياضته و هى متكفلة بكل الأمور , و تعامله كأنهما صديقين مما جعله يفاجئهم أنه مدعو غدا على عيد ميلاد فى فيلا صديقه الذى يتمرن معه فى الجيم و فريدة أيضا مدعوة على عيد الميلاد معه .. فألتفتت له فريدة و قد عقدت حاجبيها فأخبرها جاسر قبل أن يخرج السؤال من بين شفتيها و قال لها أن ياسمين أخت أسر صديقه و صاحب عيد الميلاد قد أكدت على أن أخبرك أن تحضرى عيد الميلاد .. هى تتذكرك جيدا عندما كنتى بصحبتى فى حضور حفل خطوبتها منذ فترة قريبة ..
الحاجة سهام أمرأة بيتوتية جدا لكنها حفزت فريدة على أن تذهب مع أخيها فمنها تغير جو و أيضا لتكون صمام أمان لـ جاسر ..
و بالفعل وافقت فريدة فهى تشعر أنها حقا تحتاج لتجديد مودها و شحن طاقتها مرة أخرى ..
********************
كان المناخ الريفى يخيم بهدوئه فى محيط مقهى اللؤلؤة و فيلا كمال القناوى ..
داخل الفيلا كان المشهد خاويا فارغا يوحى بالرهبة لعدم توافر الحركة , كان الباب الخشبى الضخم الذى فى أخر الممر مفتوحا .. نضال كان يعتلى الصخرة المدرجة و كأنه ملكا مستقرا على كرسيه فى أحدى يديه يمسك هاتفه و فى اليد الأخرى يحمل الكارت الذى أعطته له فريدة .. رعد كان مسترخيا أمام الصخرة ..
فعلها نضال بعد تردد و أتصل بالرقم المسجل على الكارت : السلام عليكم ..
ردت فريدة فى جدية : و عليكم السلام .. مين معايا ..
نضال فى أقتضاب : أنا نضال .. حضرتك ا/ فريدة ؟؟
فريدة فى شئ من المرونة : أه .. فريدة من غير أستاذة .. أنا خريجة فنون جميلة مش تربية .. اخبارك أيه يا كابتن ؟
نضال : الحمد الله .. ممكن أعرف حضرتك مين بالظبط ؟ و ليه ساعدينى فى قسم الشرطة قبل ما حتى تعرفى الموضوع ؟؟
تنهدت فريدة ثم قالت فى هدوء : عندك مانع يا كابتن تشرفنى فى المحل و تشرب معايا القهوة و نتكلم ؟؟ الكلام فى الموبايل مش هينفع ..
لم يمانع نضال بالعكس وافق و طلب منها تحديد موعد و أتفقا على موعدا يناسبهما ..
*****************
بعد أن أنهى نضال محادثته الهاتفية مع فريدة شرد قليلا و هو يحاول تخمين عن ماهية العلاقة التى تربط فريدة به وهو على يقين أنه لم يلتقى بها قبل لقائهما فى قسم الشرطة و بينما كان سابحا فى سموات التأمل .. رن هاتفه فأنتبه نضال و أمسك به و قد أندهش للأتصال فقد كان المتصل هو أسر !
رد نضال : السلام عليكم .. أزيك يا بطل ؟
أسر : و عليكم السلام .. أنا الحمد الله يا ابو الكباتن .. أخبارك أيه ؟؟
نضال و بدأ يشعر بالراحة النفسية تجاه أسر من نبرة صوته :
الحمد الله أنا فى نعم .. و يارب أسمع عنك دايما أنك بخير ..
و ياريت متكونش لسة زعلان منى ..
رد أسر فى شئ من الخجل : ياريت حضرتك اللى متزعلش من أسلوبى معاك يومها يا كابتن أنا مكنتش فى حالتى الطبيعية .. بس علشان مبقاش زعلان خالص منك يا كابتن ليا عندك طلب و مش هينفع تكسفنى ..
رد نضال بعد أن تبددت الراحة النفسية التى شعر بها منذ قليل : خير يا أسر ؟؟
أسر : أنا عيد ميلادى بكرة يا كابتن و بفرح لما بيكون حواليا الناس اللى بحبهم و بطمن وسطهم و حضرتك واحد من الناس الغالية عليا يا كابتن و هكون مبسوط لو جيت و حضرت عيد ميلادى .. ممكن ؟؟
نضال : تسلم يا أسر .. بس أنا مليش فى جو أعياد الميلاد .. دة غير أن أنا معرفش حد خالص فى الحفلة .. معلش يا أسر حاول تعفينى ..
قاطعه أسر و قال له : أنت صاحب مكان يا كابتن .. و بابا رجل أعمال بيحب الرياضة و بيدعمها و عازم رياضيين كتير أكيد هيكون فيهم كباتن يعرفوك يا كابتن و أنا كمان هبقى معاك .. علشان خاطرى يا كابتن .. طب و غلاوة رعد عندك ..
ضحك نضال ضحكات متكلفة .. فأخبره أسر أنه سيرسل له اللوكيشن
على الواتس اب و أكد عليه أنه سينتظر مجيئه ..
****************
. ❝ ⏤محمد حسن عبد الجابر
الفصل الثالث
- 3 -
مازن يتسم بالأنسانية فى زمن أصبحت فيه الأنسانية صفة لدى البعض وليست طبيعة و غريزة كما كان معهود سابقا !
كان يمر فى طريق العودة لمنزله عائدا من عمله و لمح طفلا صغيرا يبلغ حوالى عشر سنوات جالسا على الرصيف و قد شبك يديه متكئا بهما على ركبتيه فيسند عليهما رأسه و قد أنهكه التعب و بجانبه خشبة طولية مثبت بأعلاها خشبة أخرى عرضية و برزت من الخشبتين مسامير معلق عليها أكياس من حلوى غزل البنات و أخرى من حلوى الفريسكا .. كان طفل أخر يجول بكرتونة يبيع فيها المناديل و الكمامات توقف أمام الطفل بائع الحلوى و الذى غلبه النوم و قد لمعت عيناه و عض على شفتيه ناظرا للحلوى و هو يتوق لها و لا يجرؤ
على شرائها ثم هم بالأنصراف .. هنا تدخل مازن و أشار لطفل الكمامات و أمسك بيديه و عاد به لطفل الحلوى و وغزه برفق فأيقظه و أبتاع منه كيس غزل البنات و كيس فريسكا ثم أعطاهما لطفل الكمامات فأرتسمت فرحة على وجه الطفلين كانت كفيلة بأن تشحن مازن بطاقة أيجابية لها الفضل فى أن جعلت أحساسا بالسعادة تتدفق بداخل مازن ..
كان مازن يقص على صديقه حازم هذا الموقف و هما جالسان فى شقة صغيرة ....... [المزيد]
: - 4 -
كانت أجواء التصوير قد فرضت نفسها على المكان داخل شقة حازم .. بدأ فى تسجيل الفيديو الثالث و قدم فى مطلع الفيديو واقعة النصب الطريفة التى حدثت معه بالهايبر و أشار ألى أن هناك أساليب جديدة و متحورة للنصب و أوضح أن شهوة النصب هى عادة موروثة و محببة لدى البعض و تتوارثها الأجيال على مرور الزمان ما دام هناك طمع أو فقر فكلاهما أو على الأقل أحداهما تكون بمثابة تربة خصبة لأستقبال بذور النصب ..
و ليؤكد وجهة نظره و قد أكتسب حازم وجهة النظر فى هذا الموضوع بعد أن تعرض شخصيا لواقعة نصب و عليه فقد تحركت مناطق فى الجزء الخلفى من ذهنه و أتجهت لجذب المواضيع التى تدور حول نفس المضمون .. فقسم الفيديو لثلاث مراحل و برر أمام الكاميرا ذلك ليجعل من الفيديو سبوت على بعض وقائع النصب الواقعية التى حدثت منذ فترة طويلة و كما أنه نوه للمشاهدين أن فيديو اليوم هو بمثابة جرس أنذار لعدم الوقوع فى فخ النصب لا سيما و أن التربة خصبة جدا فى هذه الفترة لأنتعاش تنامى بذور النصب فقد خيم شبح الفقر بظلماته على الوضع العام للبلاد مما أدى ألى تأهب غريزة الطمع بداخل الكثير من الناس بغرض الحصول على أى ربح سريع يحقق الثراء السهل للهروب من بين فكى الفقر ..
فى المرحلة الثانية من الفيديو تناول حازم واقعة نصب طريفة حدثت عام 1946 م عندما نصب شاب أسمه رمضان أبو زيد العبد بدهائه على شاب قروى بسيط يدعى حفظ الله .. بدأ نصب الفخ عندما أفصح القروى لرمضان أنه جاء الى القاهرة و بحوزته مبلغ من المال يريد أن يفتح به مشروعا فعرض عليه رمضان العبد عدة مشاريع لكنها لم تنال أقتناع القروى الذى كان منبهرا بالترماى و معجبا بزحامها .. و ما أن لاحظ رمضان العبد ذلك فى عينى القروى حتى قفزت ألى رأسه حيلة أن يبع له الترماى و سيكون له الحق بعدها فى جنى قيمة التحصيل أخر الخط و سيكون مشروع مربح نظرا للتزايد المستمر للزحام فى الترماى و قد لاحظ حفظ الله ذلك بعينيه ..
و بالفعل ذهبا لمحامى من طرف النصاب و تم صياغة عقد مزيف يضمن البيع مقابل مبلغ 200 جنيه لم يكن منهم مع القروى سوى 83 جنيه فأخذ منه العبد ثمانون جنيه و ترك له ثلاثة جنيهات بعد أن أقنعه أن يكتب له كمبيالات بقيمة المبلغ المتبقى و هو 120 جنيه و أوهمه أنه كان لا ينوى البيع بأقل من مبلغ و قدره 1000 جنيه لكنه تنازل من أجل أنه بلدياته !!
و كان القروى فى غاية السعادة أنه أتم الصفقة و ركب الترماى ألى أن جاء فى أخر الخط و طلب من الكمسرى كل الأموال التى تم تحصيلها طول الخط فضحك الكمسرى ثم تطور الأمر عندما أيقن أن القروى يتحدث بجدية و تحول الموقف لخناقة أنتهت بالذهاب لقسم الشرطة و هناك أكتشف القروى أنه تحول لأكبر مغفل فى مصر و ليس فقط ذلك فقد ذاع صيته عالميا أيضا فلم تكتفى الصحافة المصرية بنشر قصته كجريدة أخبار اليوم التى سجلت الواقعة على صفحاتها فى عددها الصادر بتاريخ 3 \ 1 \1948 و تحولت القصة فيما بعد لفيلم العتبة الخضراء و الذى أنتج فى عام 1959 م فحسب بل مجلة أخبار لندن المصورة نشرت أيضا على غلافها لوحة تجسد تلك القصة !!
أما القسم الثالث من الفيديو فتناول فيه حازم النسخة الأجنبية و الأقدم و التى تشبه هذه الواقعة و أكد أن ما دام هناك فقر و طمع وجُد المغفل و النصاب فى أى بقعة على الأرض و فى أى حقبة من الزمن !
فى عام 1925 م و بعد خروج فرنسا من الحرب العالمية الأولى كانت بيئة مثالية لعمليات النصب و أنتشر مقال فى هذه الفترة يدعو لأصلاح برج أيفل حيث أن البرج كان يتجه للسقوط و كان يحتاج للصيانة و أعادة طلائه و لكن ذلك كان عمل مكلف جدا و كان هذا المقال مصدر ألهام لرجل فى غاية الدهاء يدعى فيكتور لوستيج و قد وضع خطة جهنمية من وراء هذا الخبر و من الوسائل المساعدة لتنفيذ خطته أنه كان يمتلك بطاقة عمل مزيفة للعمل لدى الحكومة الفرنسية فدعا ستة من تجار المعادن ألى أجتماع سرى فى فندق كريلون واحد من الفنادق العتيقة فى باريس رفيعة المستوى و قدم نفسه على أنه نائب مدير عام وزارة البريد و التلغراف و شرح لهم أنه تم أختيارهم لسمعتهم الجيدة و أن عملية صيانة البرج ستكون مكلفة جدا و لذلك تم الغاء العملية و سيتم بيع البرج للنفايات و نظرا للضجة المحيطة بتكلفة أعمال الصيانة للبرج فيجب ألتزام السرية حول عملية بيع البرج و شرح لهم أنه تم أختياره من قبل الوزراة لأختيار التاجر الذى سيتم التعامل معه بخصوص العملية و أخذهم فى ليموزين ألى البرج لمعاينته و ليكتشف من هو أكثرهم حماسا للموضوع و بالفعل و قع الأختيار على أحدهم و هو بويسون و لمح له فيكتور أنه يسعى لتحسين دخله و يبحث عن مصادر مساعدة للدخل بجانب عمله الحكومى لتحسين مستواه المعيشى و عليه فهم بويسون أن فيكتور يريد مبلغا كبيرا كرشوة ليرشحه و يقع عليه الأختيار لشراء برج أيفل !!
و بالفعل تلقى فيكتور و سكرتيره الأمريكى مبلغا كبيرا من المال و هو ثمن أن يقع الأختيار على التاجر بويسون و ليس ثمن البرج ثم أخذا قطارا متجها لـ فيينا النمساوية و معهما حقيبة مليئة بالنقود !!
و لم يحدث شئ بعد هروبهما حيث أن بويسون وجد أنه من الأذلال أن يبلغ عن كونه أحمق لهذه الدرجة فأثر الصمت ..
لكن بعد هذه العملية بشهر رجع فيكتور و سكرتيره لباريس مرة أخرى و أختار ستة تجار أخرين و كرر معهم ما فعله فى المرة السابقة و لكن هذه المرة ذهبت الضحية المختارة للبوليس قبل أتمام فيكتور للصفقة و أفتضح الأمر لكن تمكن فيكتور و سكرتيره من الهرب !!
و بعد سرد هذه الوقائع أنهى حازم الفيديو و هو يشير ألى أن النصب حدث و يحدث و سيظل يحدث بألوان مبتكرة مادام هناك فقر يولد الطمع ..
******************
كانت فيلا راغب الشامى من أرقى الفيلات الموجودة بحى رفيع المستوى فى مدينة الأسكندرية .. راغب رجل أعمال ذاع صيته فى مجال التجارة و الصناعة و مجال المقاولات و قد حقق نجاحات كبيرة فى هذه المجالات , كان يجلس فى حديقة فيلته مع صديق قديم له منذ المراهقة يدعى سليمان و لقب بـ مستر سولى و قد قضى أغلب سنوات عمره خارج مصر متنقلا بين دول العالم لكنه كان يستقر فى الأصل فى الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن سافر مع والده للولايات المتحدة فى عمر السادسة عشرة و أكمل دراسته هناك و من ثم بدأ حياته الجديدة ..
مستر سولى مصرى أمريكى فوالده مصرى و تزوج من فتاة أمريكية كانت فى رحلة سياحية لمصر و كان هو مرشد الفوج السياحى و أنجذب لها فتزوجها وعاشت معه فى مصر سنوات و كان قد أنجب منها سليمان و عندما تعثرت معهما الحياة قررت الأمريكية العودة لموطنها و سافر معها زوجها والد سولى و ضغطا على سولى و أصرا على أن يسافر معهما و عاش الثلاثة هناك حياة أفضل جعلتهم لا يفكرون فى العودة لمصر مرة أخرى , سليمان كان على أتصال مع صديق المراهقة راغب الشامى من خلال جوابات البريد التى كانا يتبادلاها سويا للأطمئنان على بعضهما و متابعة أخبارهما لكنها كانت تنقطع لسنوات ثم تعود المراسلة مرة أخرى و كانا يلتقيان على فترات بعيدة عندما كان يجد مستر سولى فرصة ينزل فيها مصر بغرض الزيارة و الغوص فى عباب الذكريات و لكن زياراته كان لها دوما جانب خفى فهى فى الأساس تكون من أجل مصالح شخصية ..
كان يجلس رجل الأعمال المصرى راغب الشامى مع رجل الأعمال الأمريكى مستر سولى فى حديقة الفيلا على سفرة مصنوعة من الخشب التك و هو خشب مخصص للفرنيتشر الـ أوت دور , تشغل مساحة السفرة صينية كبيرة موضوعة عليها و تحمل فخذ ضأن ينز منه الدهن و حولها يتناثر أطباق صغيرة بها أصناف متنوعة من المحاشى .. كان راغب يعزم فى حرارة على مستر سولى كعادة المصريين فى الترحيب بضيوفهم فألزام الضيف بأنهاء كل الطعام هو رمز الحفاوة فى الترحيب .. كانا يتحدثان و يقصان لبعضهما أمور الحياة و العمل , أخبر مستر سولى صديقه أنه يرغب فى تنفيذ مشروع ألكترونى فى مصر و قد نفذه فى عدة دول عربية و نجح فى ذلك و هو يسعى لتكملة مشروعه لأتمام تأسيس الكيان الذى بدأه و عليه فقد قرر تنفيذه فى مصر فى الفترة الراهنة مما حفز راغب و عرض على صديقه أنه سيقدم له المساعدات التى فى قدر أستطاعته و التى تخدمه فى نجاح مشروعه ..
كان مستر سولى يقيم بشكل مؤقت فى فندق خمس نجوم مع مارك مساعده الخاص و لكن أصر راغب الشامى على تخصيص غرفة فى فيلته ليقضى فيها مستر سولى الليلة ليكون معه غدا من بداية اليوم لمباشرة التجهيز لحفل عيد ميلاد أبنه أسر و قال له مازحا أنها حفلة عيد ميلاد لأبنى أسر و أيضا نحسبها بمثابة حفلة ترحيب بمستر سولى لقدومه مصر .. و وعده راغب أنهما سوف يجلسان مرة أخرى لمناقشة حيثيات مشروعه و الذى يود تطبيقه فى مصر ..
************************
سيمفونية الحرب العالمية لـ بيتهوفن بدأت تنطلق من سماعات هاتف فريدة و هى جالسة فى محل - وشم و رسم - بجوار ماسة و تتوسطهما منضدة - جذع الشجرة - و التى كانت شاهدة على واقعة العايق كانت حاملة أعلاها أفيونة المزاج .. النسكافيه و الشيكولاتة الدارك ..
عندما بدأ بيتهوفن فى العزف مع أرتشاف النسكافيه كانت أجواء مماثلة لأجواء دخول العايق عليهم قبل تحويله ألى مسخ مما أدى لأستعادة ذكرى المشهد من قبل فريدة و ماسة فتبادلا الضحكات و التنمر على طارق العايق ..
ثم فاجأت فريدة صديقتها ماسة و سألتها : أيه أخبار سولم باشا ؟؟؟
فضحكت ماسة و قالت : لسة مفيش جديد .. زى ما أنتى عارفة .. أنا عارفة أنه بيحبنى و عايز يتقدملى .. علشان كدة لما بيحاول يفتح الموضوع فى كل مرة
بكون فاهمة فـ بصده ..
فريدة : يا بنتى هتجننينى معاكى ! مش أنتى معجبة بيه ؟
و لا طلعتى شمال و أنا معرفش ؟
رفعت ماسة حاجبيها مع أبتسامة : منكرش أنى معجبة بالنقيب أسلام لأن فيه بعض الصفات لفارس أحلامى .. بس طبيعة حياتى غير طبيعة حياته أنا بحب الرسم و الروقان و الأبداع و بسمع موسيقى .. هو بيسمع ضرب نار و بيشوف لوحات بشرية متشرحة و بيطلع مأموريات بالأيام ..
لسة متلغبطة بس حاسة أن القرار هو الفرار ..
فريدة : فالحة فى الألش .. طب ما هو بابا الحاج ظابط .. يعنى المفروض أنك واخدة على كدة برضه ؟
ماسة : دى كانت محور خناقاتى مع بابا .. من و أنا صغيرة و أنا بطلب منه يغير شغله علشان أعرف أشوفه و ألعب معاه و كان يبص لماما و يضحك و يقولها الكوبى بتاعك و بيحاول دايما يعوضنى عن غيابه بس بكون حاسة أن محتاجة لحضوره فى حياتى أكتر من كدة ..
و أستطردت ماسة و هى تغمز بأحدى عينيها : سيبك منى بقى و قوليلى أيه أخبار الكابتن نضال ؟
فريدة : لا فتحى عينيكى دى .. مفيش حاجة خالص من اللى فى دماغك دة عبارة عن رجل صخرى و الحادثة أنتزعت منه قلبه .. الميعاد اللى حددناه هيكون بكرة و هشوفه هنا فى المحل و أنتى أكيد مش هتفوتى الفرصة و هتبقى موجودة و بتابعى على المكتب و أنتى بتتفرجى على الكاميرا زى حكم ال VAR
ضحكت فريدة و ماسة ثم شرعت فريدة فى أن تجمع أشيائها و هى تخبر ماسة أنه يتحتم عليها الرحيل حتى تستعد لحفلة عيد ميلاد صديق أخيها جاسر الليلة ..
**************
خيم الليل بسكونه و ظلماته لكن فيلا راغب الشامى كانت تتلألأ فى الظلام و كأنها زمردة عملاقة منيرة .. خراطيم شرايط الليد بألوان قوس قزح كانت تكسو جسم الفيلا من الخارج و تـراكات الأضاءة الورم وايت كانت معلقة بالعرض على أعمدة مؤقتة مخصصة لرفعها فى حديقة الفيلا ناهيك عن السفرات المصنوعة من خشب التك مثمنة الشكل و التى تملأ الحديقة لأستقبال الضيوف .. فى أحد أطراف الحديقة يوجد أكثر من هاموك للأرجحة .. البالونات الغزيرة المترابطة تتطاير مع تيارات الهواء مكونة سقفا للحديقة من البالونات الملونة يعلو و يهبط .. فريق الـ دى جى نصب عدته من سماعات و أجهزة الليزر ذات مؤثرات الأضاءة المتحركة .. الجو مفعم بالبهجة و السرور ..
راغب و زوجته رانيا و مستر سولى كانوا يقفون فى أستقبال الضيوف و الترحيب بهم .. أسر و ياسمين كانوا يمرون على الضيوف و ينظموا حركة تموقعهم ..
ظهر جاسر على البوابة برفقة فريدة فتم الترحيب بهما من قبل راغب و رانيا و بترحيب خاص من مستر سولى الذى صافح فريدة و أطلق تجاهها نظرات و كأنه يصورها بعدسة عينيه و يخزن الصور فى ذهنه .. لمحتهم ياسمين فوغزت أسر فتحركا ناحيتهما و عانق أسر صديقه جاسر و عانقت ياسمين فريدة و جذبوهما للداخل الى ركناً فى الحديقة قام أسر بتخصيصه لأصدقائه و لصديقات شقيقته .. بعد الترحيب قدم جاسر شنطة هدايا لأسر وهو يتمنى له العمر المديد فشكره أسر و تنمر على ثقلها و أخرج ما بداخلها فوجد عبوتان كبيرتان واحدة كانت عبوة كرياتين مستوردة و الأخرى عبوة بروتين مستوردة أيضا ..
هذا النوع من الهدايا يتطاير به لاعبى كمال الأجسام فرحاً و بالفعل نالت الهدية أعجاب أسر كثيرا ..
شكره أسر مرة أخرى و أستأذنهما بعد أن أتخذ كلاً منهما مقعده
ليعاود الأهتمام بالضيوف الوافدين ..
بعد مرور حوالى نصف ساعة كانت الحديقة قد أكتظت بالضيوف , سحب أسر هاتفه من جيبه و فتحه للأتصال بكابتن نضال و ما أن بدأ الرنين حتى أستجاب نضال لهاتفه على الفور و أخبر أسر أنه عند المدخل فأستدار أسر بناظريه فوجد كابتن نضال فأبتسم له وهو يغلق الهاتف و يسرع تجاهه و عانقه بحرارة لحظة لقائه فأندهش راغب و رانيا و لفت ذلك نظر مستر سولى .. أرتباط أسر بمدربه لهذه الدرجة لكن الأندهاشة الكبرى التى أصابتهم و هى عندما أكتشفوا هدية كابتن نضال لأسر !
نضال كان ممسكا فى يده حامل للحيوانات عبارة عن قفص حديدى ذا مظهر شيك لكنه كان يحفظ بداخله جرو جيرمن شيبرد !!
راغب لا يهوى الكلاب و لذلك لم يهتم عندما أختفى كلب أبنه أسر فجأة و رفض أعادة تجربة شراء أسر لكلب أخر و مراعاته لذلك فهو أنزعج عندما وجد نضال يحُضر معه قفص يصدر منه أصواتا لنباح كلب !!
على النقيض تماما كان أسر لا يصدق المفاجأة و أنتابته فرحة عارمة لهدية مدربه فأخذها و حملها عنه و أجلسه فى الركن الخاص الذى ميزه لضيوفه ..
و هنا كان أسر يرد المفاجأة لنضال دون قصد عندما رأى نضال تواجد فريدة فى نفس المكان الذى هو فيه للمرة الثانية بترتيب القدر ! و عليه أندهش أسر من تبادلهما نظرات التعجب للحظات فسألهما فى أدب :
أنتو تعرفوا بعض ؟
نظرا كلا من نضال و فريدة تجاه أسر و نطقا فى صوتا واحداً و قالا : تقريبا !!
فتدخل جاسر مزمجرا : أنا مش فاهم حاجة !
فقال أسر لصديقه جاسر : دة كابتن نضال يا جاسر الـ بيدربنى بوكس ..
جاسر : أهلا يا كابتن .. أسر حكى ليا عنك كتير و كان نفسى أقابلك من زمان .. هو حضرتك تعرف فريدة أختى ؟
طلبت فريدة منهم الجلوس و رحبت بنضال فشكرها و جذب الكرسى المجاور لجاسر و جلس بجانبه و على الجانب الأخر لجاسر كانت تجلس فريدة و التى يثق فيها جاسر ثقة عمياء ..
كانت الأجواء تقترب من الأحتفال بعيد الميلاد كل شئ أصبح جاهز تقريبا بدأت الأضاءة تقل تدريجيا و التجمع يتزايد تدريجيا حول التورتة الضخمة و بدأت مراسم الأحتفال بأسر من غناء و تصوير و أطلاق صواريخ الأحتفال ..
ثم عاد الجميع بعد الأحتفال لأماكنهم و بدأ تقديم العشاء للحاضرين .. كانت أطباق من اللحوم و كانت غير مفهومة لبعض الضيوف منهم على سبيل المثال لا الحصر فريدة و جاسر و نضال و قد كانوا يجهلون هوية هذه اللحوم بدا ذلك عليهم جليا .. لكن كانت تنبعث منها رائحة شهية جدا .. سأل جاسر صديقه أسر عندما أقترب من السفرة التى يجلس عليها و هو يتمم على خدمة الضيوف و قال له :
أيه يا أسر اللحمة اللى بتدوب قبل ما أمضغها دى ؟
دى لحمة لكبار السن و لا ايه ؟
فضحك أسر و أيضا ضحكت فريدة و أخيرا أبتسم نضال و رد أسر :
دة لحم غزلان و لحم نعام يا صاحبى .. بألف هنا .. حد ناقصه أى حاجة ؟
فأثنوا عليه و طلبوا منه أن يجلس و يأكل معهم ففعل ذلك .. و طلب طبقا له و جلس يأكل فى نهم حتى يحفز ضيوفه على الأكل دون خجل ..
مستر سولى أبدى أعجابه لراغب بطهى اللحوم و تسويتها و أثنى كثيرا على طيب طعمها و سأل صديقه : هل لديك مزرعة للغزلان و النعام ؟
فأخبره راغب أنه لا يملك هذا الطراز من المزارع و لكن زوجته رانيا أعتادت على طلب ما تحتاجه من هذه الأصناف أون لاين من صفحة تزورها بأستمرار و قد عرفتها من صديقاتها فى أحد الجروبات الخاصة بهم و هى لمحل مميز لـ لحوم و طيور فى القاهرة لتاجر أسمه سعيد نتعامل معه منذ فترة طويلة و بضاعته دائما تكون جيدة .. كما أنه رشح لنا محلا للفواكه ممتازا لتاجر أسمه جوزيف أيضا نبتاع منه ما نريد منذ فترة طويلة عن طريق الطلب أون لاين , و بعد قليل ستتذوق فاكهة قادمة من محله ستنال أعجابك ..
بدأت تغادر أطباق اللحوم من على السُفر التك ليأخذ مكانها أطباق الجاتوه و أطباق فاكهة جوزيف المميزة ..
ما أن نزلت أطباق الفاكهة على السفرة التى تجمع نضال و فريدة و جاسر مع التعريف بأسمائها من قبل مقدميها .. هذا موز أحمر و هذا دوريان و هذه مانجوستين .. حتى ألتقط جاسر هاتفه وسط نظرات ترقب من فريدة و نضال و فتح اليوتيوب و كتب على محرك البحث أسم أحد أنواع الفاكهة التى سمعها غير الموز الأحمر .. و عندما سألته فريدة عن ما يفعله فأجابها أنه يحاول فهم كيفية التعامل مع هذه الفاكهة قبل أن يغادر الطبق السفرة و يخسر فرصة التجربة و لم يكترث لصرامة نظرتها له و التى تعنى أن يتحلى بالخجل .. ثم وضع الهاتف أمامه على السفرة و أسنده بميل على كوب الماء فأصبحت المشاهدة واضحة للثلاثة و ظهر أول فيديو فى البحث فلمس جاسر الشاشة مكان علامة التشغيل ليفتح فيديو حازم الذى يشرح كيفية تقشير هذه الأنواع من الفواكه المميزة .. و على نهج الخطوات التى تعلمها جاسر من الفيديو بدأ فى تناول الفاكهة من أمامه و عزم بها على فريدة و نضال و بدأ الثلاثة فى تطبيق الخطوات الطازجة التى علقت فى أذهانهم و تعاملوا مع حبات الفاكهة بوعى أكتسبوه من ثوان قليلة و نجحوا فى التعامل معها و تلذذوا بمذاقها
و كأنهم جربوها مرات من قبل ..
أبتسم نضال لجاسر و قال له : أنت مشكلة يا جاسر ..
رد جاسر بصوت متقطع : و لو ماروحتش الحمام دلوقت هتبقى مشكلة .. ثم قفز جاسر من على كرسيه متجها لأسر ليرشده لمكان الحمام ..
أصبح نضال يجلس مع فريدة على سفرة واحدة يفصلهما مقعد خاوى , نظر نضال لفريدة بملامح جدية و سألها : هو أحنا طلعنا قرايب ؟
ضحكت فريدة فى ذهول و قالت : أنت طلعت بتعرف تهزر يا كابتن !
نضال : أيه الموضوع ؟
أرتبكت فريدة لوهلة و هى تفكر فى الموقف الحرج الذى وقعت فيه فالوقت غير مناسب لتذكر نضال بالحادث و لو أجلت الحديث قد يسئ نضال بها الظن و يعتقد أنها تماطل من أجل أن يتقرب منها أكثر .. و قعت فى حيرة و قد لاحظ نضال عليها ذلك فقطع شرودها و سألها مرة أخرى : مالك يا فريدة ؟؟
سرت قشعريرة بداخل فريدة عندما سمعت أسمها هذه المرة من نضال دون أن يسبق أسمها لقب أستاذة .. نظرت لنضال و قررت أن تخبره و ليكن ما يكون ..
أكدت له رغم أن الوقت غير مناسب لفتح موضوع كهذا لكنها ستخبره حتى لا يتسلل الشك لعقله أن هناك سرا أو أمرا ما حولها ..
قدمت له فريدة نفسها أنها فريدة أبراهيم النحراوى بنت سائق أتوبيس الرحلات الذى توفى فى حادث أنقلاب الأتوبيس منذ ستة أعوام و توفى معه كل ركاب الأتوبيس من ضمنهم أسرته ..
تجمدت تعابير وجه نضال و أصبحت جافة لصعقه بهذه الذكرى المؤلمة له .. فجأة أقتحمت ياسمين مع أسر مجلسهما و طلبت من فريدة أن تقوم معها و تنخرط فى أجواء عيد الميلاد فقامت معها بعد أن أستأذنت من نضال و أسر .. جلس أسر بجوار كابتن نضال و هو يسأله عن سبب تأخر جاسر فى الحمام و لكنه لاحظ علامات أضطراب على وجه نضال و عندما سأله أسر عن ما أصابه فـ جائه الجواب من نضال أنه مرهق و يتحتم عليه الرحيل لينال قسطا من الراحة ثم غادر نضال ..
رغم أن مستر سولى كان مرافقا لراغب فى أغلب أوقات الحفلة لكنه كان مراقبا لسفرة فريدة و نضال أغلب أوقات الحفلة أيضا , كان يطبع فى عقله صورا لما يلاحظه لكن الصورة النهائية فى ذهنه أصبحت مشوشة خاصة بعد رحيل نضال فجأة و أندماج فريدة فى الأحتفال مع ياسمين و أنخراط جاسر فى الرقص مع أسر ..
ذهب مستر سولى للسفرة التى يجلس عليها مساعده الخاص مارك الأسود و قد دعاه لحضور حفل عيد الميلاد معه .. مارك نادرا ما يفارق مستر سولى فى أى مكان يذهب أليه فهو الذى يعد له جدول أعمال اليوم و لقبه مستر سولى بالأسود ليس للون بشرته السمراء لكن مارك هو بئر أسرار مستر سولى فيعتبره سولى الصندوق الأسود له لذلك لقبه بمارك الأسود كما أن مارك هو بمثابة مؤشر البحث لمستر سولى و الذى يحصل من خلاله
على أى معلومة يرغبها تخص أى شخص أو مكان !
طلب مستر سولى من مارك تكوين قاعدة بيانات وافية عن كلا من فريدة و نضال و أطلاعه عليها غدا فى الفندق الذى يقيمان فيه !
****************
داخل الفندق الراقى كان يشغل مستر سولى جناحا خاصا يقيم به , سولى يعشق حياة الفنادق و قد أعتادها بحكم زياراته الكثيرة لدول عديدة ..
قد تمكن اللون الأبيض من أن يغزو رأس مستر سولى بالكامل رغم أنه مازال فى الخمسين من عمره .. سولى يقدر النساء كثيرا و يقدر المال أكثر .. يزداد شعوره بالأمان كلما تضخمت ثروته و تورط فى علاقات نسائية عديدة !
كان يجلس فى غرفته على كنبة جلد أبيض مط .. تجاوره فتاة ثلاثينية فى يدها سيجارة و بيدها الأخرى كأس ممتلئ لنصفه بالنبيذ الأحمر و يضرب بكأسه فى كأسها فيصدر صوت طرقعة الكاسات مع الضحكات ..
يمد مستر سولى يده ليأخذ زجاجة النبيذ من أمامه ليزود كأسه و كان قد وضعها على مكعبا من رزم دولارات متراصة فوق بعضها البعض على الأرض مكونة شكل مكعب أرتفاعه حوالى 50 سم و طوله و عرضه حوالى 50 سم و يتعامل معه و كأنه قطعة أثاث يضع عليها هاتفه و زجاجة النبيذ !
قرع مارك باب الغرفة فأشار سولى للغانية التى بجواره لتذهب و تسمح لمارك بالدخول ثم تغادر و تتركهما .. دخل مارك و فى يده فلاشة رفعها فى وجه سولى و قال له أتفضل يا مستر سولى .. كل ما ترغب فى معرفته عن نضال و فريدة ستجده فى هذه الفلاشة .. جلس مارك بعد أن طلب منه مستر سولى ذلك كما طلب منه أن يقص عليه نبذة عن محتوى الفلاشة فأستغرقت النبذة حوالى عشرون دقيقة على سبيل الفضفضة كانت كافية لسولى لأن تخمر أفكارا كانت تراوده بخصوصهما لا سيما و أنه قد شاهد من قبل فيديو فريدة و هى توشم العايق و فهم مارك ذلك من مشاركة مستر سولى الحوار معه و ذكر بعض الأحداث التى ظهرت فى الفيديو , بدت علامات الرضا واضحة على وجه مستر سولى و هو يبتسم لمارك ثم طلب منه أن يقوم بتشغيل التلفاز و تناول مستر سولى هاتفه من على مكعب الدولارات و قام بتشغيل فيديو من على هاتفه بعد أن ربطه بالتلفاز فظهر الفيديو على شاشة التلفاز و كان فيديو لحازم و الذى يعرض فيه حيل النصب و وقائع حقيقية طريفة لنصابين ..
بعد أن شاهد مستر سولى الفيديو للمرة الثانية مع مارك الذى يشاهده للمرة الأولى طلب منه أن يتواصل مع صاحب الفيديو و يحدد معه موعد على أخر الأسبوع يخبره أن هناك رجل أعمال يريد مقابلته هنا فى الفندق ..
كما طلب مستر سولى من مساعده مارك أن يتواصل أيضا مع فريدة و نضال و ينسق معهما مقابلة فى نفس الموعد الذى سيحدده لحازم ..
أكد مستر سولى على مارك أن هذا الأجتماع المغلق للثلاثة فى جناحه الخاص يكون فى سرية تامة و لا يخبر أحدا من الثلاثة ألا بشئ واحد ..
أنه سيكون تحقيق أحلامهم و فرصة لهم لن تعوض فى هذا اللقاء !
******************
. ❝ ⏤محمد حسن عبد الجابر
الفصل الرابع
- 4 -
كانت أجواء التصوير قد فرضت نفسها على المكان داخل شقة حازم .. بدأ فى تسجيل الفيديو الثالث و قدم فى مطلع الفيديو واقعة النصب الطريفة التى حدثت معه بالهايبر و أشار ألى أن هناك أساليب جديدة و متحورة للنصب و أوضح أن شهوة النصب هى عادة موروثة و محببة لدى البعض و تتوارثها الأجيال على مرور الزمان ما دام هناك طمع أو فقر فكلاهما أو على الأقل أحداهما تكون بمثابة تربة خصبة لأستقبال بذور النصب ..
و ليؤكد وجهة نظره و قد أكتسب حازم وجهة النظر فى هذا الموضوع بعد أن تعرض شخصيا لواقعة نصب و عليه فقد تحركت مناطق فى الجزء الخلفى من ذهنه و أتجهت لجذب المواضيع التى تدور حول نفس المضمون .. فقسم الفيديو لثلاث مراحل و برر أمام الكاميرا ذلك ليجعل من الفيديو سبوت على بعض وقائع النصب الواقعية التى حدثت منذ فترة طويلة و كما أنه نوه للمشاهدين أن فيديو اليوم هو بمثابة جرس أنذار لعدم الوقوع فى فخ النصب لا سيما و أن التربة خصبة جدا فى هذه الفترة لأنتعاش تنامى بذور النصب فقد خيم شبح الفقر بظلماته على الوضع العام للبلاد مما أدى ألى تأهب ....... [المزيد]
: - 6 -
لم ينتهى الأجتماع عند أعلان مستر سولى ذلك و مغادرته أجواء الأجتماع بل سينتهى عندما ينتزع مارك من أفواه الثلاثة
ما يفيد بقبولهم لعرض مستر سولى ..
كان مارك يحتسى فنجان القهوة الذى لا يتذكر رقمه و هو يتابع الحالة الذهنية لنضال و فريدة و حازم و قد بدا علي رؤوسهم أنها أصبحت حبلى بالأفكار .. سادت لحظات صمت عميق كان يتناول فيها الضيوف مشروبات غازية فى كانزات كانوا قابضين عليهم بأيديهم و محتفظين بهم بعد أن أفرغوا ما بداخلهم فى جوفهم غير مقتنعين بأن يضعوهم على المنضدة لأنهم بذلك سيضعون الكانزات على رزم الدولارات لكن باغتتهم فريدة و قد وضعت الكانز الخاصة بها أمامها على المنضدة على واحدة من رزم الدولارات و كأنها أشارة تعلن بها عن شئ ما بداخلها , لكن حازم سأل مارك عن مكان سلة المهملات فأبتسم مارك لأنه لاحظ على نضال و حازم موقفهما المضاد و رفضهما لوضع الكانزات أمامهما و مد يده لحازم و نضال ليأخذ منهما الكانزات ليلقيها جانبه فى سلة مهملات مزودة بسينسور فتعمل بحركة اليد من على مسافة قريبة ..
جدير بالذكر أن فعل فريدة أثار أنتباه الحاضرين لكن لم يعلق أحد , أصبح مارك الأن ممسكاً بخيوط الحوار لذلك تحتم عليه أن يتجاذب أطراف الحديث و يختار بمن سيبدأ و يسأله عن موقفه من العرض رغم أنه على يقين بموافقة الثلاثة و كان يقينه مبنى على أساس الأنبهار الذى شاهده فى عيونهم عندما كان مستر سولى يلقى عليهم بعرضه ..
قرر مارك أن يبدأ بنضال و أختصه بناظريه و سأله بشكل مباشر عن قراره فكان على نضال أن يجيب و لكنه فضل أولاً أن يعلن عن مبدأه فى الحياة ..
فكما لفريدة قانون فـ لنضال مبدأ ..
عبر نضال فى حماسة و هو يؤكد أن - ليس للضعيف مكاناً على القمة - كذلك الفاشل فهو ضعيف الأرادة و العزيمة فيترك أيضا مكانه خالياً على القمة ليستحوذ عليه غيره ممن يستحق الصعود للقمة !
ثم أوضح لهم نضال أنه مقتنع بفكرة مستر سولى فى توزيع النقود التى كان سيتم أنفاقها على الأعلانات و منحها على هيئة عمولات لمن يستحق و يتمكن من تحقيق ما كانت الأعلانات ستحققه بل و يتفوق عليها فى أنه يضمن للشركة البيع الفعلى لمنتجاتها من خلال أجتذاب أعضاء جدد بأستمرار و الذين بدورهم سيبتاعون من منتجات الشركة حتى يتمكنوا من الأنضمام لفريقها و الأنخراط فى سيستم العمل الخاص بها لتحقيق التارجت الذى يوفر لهم الثراء الموعود ..
و عليه فقد أعلن نضال قراره بالموافقة على أن يكون أحد أضلاع مثلث القادة ..
أرتسمت أبتسامة ثقة على وجه مارك و قد بدأت توقعاته تتحقق و سادت حالة من الطاقة الأيجابية فى المكان و كأن نضال يؤكد أن نظرة مستر سولى كانت صائبة عندما وصف نضال أنه سيكون بمثابة جهاز أصدار موجات أيجابية و داعم لزملائه ..
قال مارك : عظيم .. ثم أدار وجهه لحازم و سأله عن قراره ..
تردد حازم عند الجواب و شرد لبرهة و كان السبب فى شروده لأكثر من مرة أثناء الأجتماع و بعد الأجتماع أيضا يرجع ألى ما حدث معه فى القطار الذى أستقله من القاهرة لينقله الى الأسكندرية و قد تعرف على شاب كان يجلس بجواره فى القطار و كان شاب سكندرى و على قول المثل الشعبى : الطيور على أشكالها تقع فهناك مثل شعبى أخر أكد ذات المعنى بكلمات مختلفة : ما جمع ألا لما وفق .. فقد كان الشاب السكندرى يدخن الحشيش أيضا و قد تعرف على حازم من خلال أطلاعه على أحد فيديوهاته فتم التعارف بينهما و جرى الحوار بينهما فى سياق المخدرات فسأله حازم و هو يلمح له أن الحشيش فى الأسكندرية أصلى و ذا تأثير أقوى عن ما هو متداول فى القاهرة فضحك الشاب السكندرى و أكد صحة كلامه فناوشه حازم و قال له :
طب مفيش حاجة علينا .. عايز أدوق عجينة أسكندرية ..
ففتح الشاب السكندرى علبة سجائره و سحب منها سيجارة منتفخة مكدسة بالحشيش السكندرى و قـدمـهـا لحازم و طلب منه أن يحتفظ بها الى أن يدخنها فى مكاناً أمناً .. فشكره حازم و تبادلا أرقام هواتفهما و نزلا سويا عندما وصل القطار لمحطة سيدى جابر بالأسكندرية و ودعا بعضهما ثم أفترقا و قبل أن يصل حازم للفندق ليحضر الأجتماع كان قد تمكن من تدخين سيجارة الحشيش التى منحه أياها الشاب السكندرى و كان لها تأثير قوى على حازم و قد أطاحت به ليسبح فى سموات الخيال ..
لقد تفاعلت السيجارة فى رأس حازم مما كان لها الفضل فى أن تطلق لخياله العنان أثناء الأجتماع و تذكر الفيديو الذى سجله بخصوص النصب و تخيل أنه يجلس فى فندق كريلون فى باريس و ليس فندق بمدينة الأسكندرية و كان ينظر لمستر سولى و لكنه كان يراه فكتور لوستيج و عليه فكان يرى نفسه الضحية بويسون فيحاول أن يقنع نفسه أن كل ما يحدث مجرد هلاوس أثر السيجارة اللعينة و يحاول أن يطرد من ذهنه هذه الخيالات فينجح تارة و يفشل أخرى لكنه كان على أستيعاب بما دار فى الأجتماع و على يقين أنه سيحصد و يقبض و لن يدفع كـ بويسون فحسم قراره لكنه ما أن يستجمع كلماته التى سيعبر بها عن حسم قراره و يهم بالنطق بها فتتوه و تتبعثر الكلمات و كأن هناك من ينفخ فيها بمجرد خروجها من بين شفتيه !
هنا أرتاب مارك فى أمر حازم عندما وجده متذبذباً و عاد عليه سؤاله ليفيقه من شروده الغير مفهوم بالنسبة له و هو يلاحظ عليه ذلك منذ بدء الأجتماع !
فأنتفض حازم أنتفاضة طفيفة و نظر فى صرامة لمارك و هم أن ينطق ثم صمت مرة أخرى لثوان بعدها أنطلقت الكلمات من فمه و أكد على مارك موافقته على عرض مستر سولى ليصبح ضلعاً أخر فى مثلث القادة ..
تنفس مارك الصعداء و عاد أطمئنانه لصحة توقعاته فيما يخص موافقة الثلاثة على عرض مستر سولى , و عليه نظر فى ثقة لفريدة منتظراً أن تدلى بموافقتها فيخبرهم بالخطوات التالية و يبدأ فى أتمام أجراءات تعيينهم
أضلاع مثلث قادة الفرع الثامن ..
ترقب الثلاثة قرار فريدة و هى تعلنه لكنها خلفت توقعات الجميع !
فاجأت فريدة الحضور بقرارها و هو عدم قبول عرض مستر سولى !
فأصابتهم جميعاً بالصدمة و عندما تدارك مارك ذهوله سألها فى رفق لأمتصاص غضبها الذى حاولت أخفائه لكنها فشلت ..
فقال لها : هل من حقى أن أعرف سبب الرفض ؟!
فقالت له : حقك تعرف زى ما أنا حقى أرفض ..
أخبرته فريدة أنها لا تشبه الفتاة التى فتحت لهم باب السويت ليظن مستر سولى أو يسمح لنفسه و يطلب منها أن تعتمد على مفاتنها فى أطلالتها فى فيديوهات و تستغل جمالها كوسيلة لجذب الأعضاء ..
أنزعج مارك لكلامها و هو يحاول تذكيرها أن مستر سولى ذكر لها أن متابعينها الذين سيشاهدون الفيديوهات من الأناث و الذكور و ليسوا ذكوراً فقط !
فوضعت فريدة مارك فى خانة اليك عندما ذكرته هى الأخرى و قالت له من يرحب بظهورى فى فيديو بل و يسعى للتواصل معى أثر ذلك كما ذكر مستر سولى يكون من الأناث ؟!!
أفتقد الأحساس بالراحة النفسية للأمر برمته و أعتذر عن عدم
قبولى العرض فهو لا يناسبنى !!
و أستأذنت للأنصراف فقام مارك كالنائم مغناطيسياً لتوصيلها للباب فشكرته و غادرت السويت ..
عاد مارك لمقعده مرة أخرى و كان شارد الذهن و عيناه تحلق فى لا شئ لكنه أنتبه لسؤال نضال له : أيه الوضع دلوقت ؟
أجاب مارك : الأمر متوقف على موافقتكم أنتم الثلاثة لأكتمال أضلاع المثلث .. كدة الموضوع متعطل لحين موافقة فريدة ... و ستوافق و وقتها سنبدأ نقطة الأنطلاق لتنفيذ خطة العمل ..
عقد نضال حاجبيه و سأل مارك : أيه المقصود من أنها ستوافق ؟؟ أيه مصدر ثقتك فى الموافقة ؟!
أستمر مارك فى مراوغة نضال فى الحديث و قال له : فريدة حسمت قرارها و هى منفعلة .. أكيد لما تهدى هتعيد تفكير و مش هتضيع فرصة زى دى ..
نضال : و لو محصلش ؟
مارك : ساعتها هندور على بديل مماثل بس دة هيحتاج لوقت طويل ..
صمت مارك ليأخذ شهيقاً و بعد أخراجه زفيراً نظر لحازم و نضال و أخبرهما أنه سيكون على أتصال بهما الفترة القادمة و وعدهما أنه سيعمل على أيجاد حل سريع .. و فى أقرب وقت سيتصل بهما و يخبرهما ببدء تنفيذ خطة العمل ..
ثم هبوا واقفين و هموا بالأنصراف لكن طلب منهم مارك الأنتظار للحظات و أختفى عن أعينهم دقائق ثم ظهر مرة أخرى حاملاً بين يديه كرتونات قام بوضعها على المنضدة أمام حازم و نضال و أخبرهما بأن لكل منهما نصيب من هذه الكرتونات و منح كل واحداً منهما كرتونة تخفى بداخلها شاشة سمارت 32 بوصة موديل The Eye و أيضاً علبة كرتون صغيرة بداخلها
هاتف محمول موديل The Eye
فأبدى نضال و حازم دهشتهما بخصوص ذلك فأخبرهما مارك هذه هى هدية شركة الأخطبوط من قبل مستر سولى الذى وعد بها فى أخر الأجتماع ..
فأعلنا عن سعادتهما لهذا التقدير و أخبرا مارك أن البداية تبدو جيدة و أستأذنا للأنصراف لكن طلب منهما مارك أن ينتظرا للحظات و أجرى محادثة هاتفية بعدها أخبرهما أن هناك سائق فى أنتظارهما أمام الفندق سيقوم بتوصيلهما ألى حيث يرغبان ..
هنا أكد نضال و حازم على مارك أن البداية حقاً جيدة
فضحك الثلاثة ثم أنصرفا الأثنان ..
***********************
مرت أيام على الأجتماع المشهود و قد عبر مستر سولى فور أنتهاء الأجتماع لمارك عن غضبه لتأخير لحظة البداية , فعامل الوقت له مكانة مهمة عند مستر سولى فهو من المطلعين على قيمة الوقت و أهمية أستغلاله لذلك أمر مستر سولى أن يستخدم مارك الخطة البديلة لمثل هذه الأزمات ..
******
فى اليوم الثالث بعد يوم أنعقاد الأجتماع كانت فريدة عائدة لمنزلها بعد يوم عمل فى محل - وشم و رسم - دخلت فريدة المنزل باحثة أولاً عن والدتها لتقبلها قبل أن تذهب لغرفتها لتبدل ملابسها و تخلد للنوم لكنها لم تجدها فى غرفة الليفنج كما أعتادت فى هذا التوقيت و بحثت عنها فى الشقة حتى وجدتها فى غرفة نومها كانت جالسة على السرير خافضة أضاءة الغرفة و كانت فى حالة يرثى لها .. هلعت فريدة لحالتها النفسية المأزومة التى تبدو عليها و سألتها ماذا أصابها , الحاجة سهام كانت تحاول جاهدة أخفاء دموعها و قد لاحظت فريدة ذلك مما زاد من توجسها فتوسلت لوالدتها أن تخبرها ماذا حدث .. كان القلق مسيطر على فريدة مما أجبر الحاجة سهام على أن تخرج عن صمتها و تقرر أن تصارح فريدة بسراً كانت تخفيه عنها فذكرتها بأمر الجمعية التى أشتركت فيها و قبضت الدور الأول و تم أيداع مبلغ الجمعية و قيمته ستون ألف جنيهاً فى مقدم لشقة جاسر و تلتزم معها فريدة كل شهر فى سداد أقساط الجمعية و أقساط الشقة فأكدت لها فريدة أنها تتذكر كل ذلك جيداً و سألتها فريدة هل هناك تقصير من طرفها تجاه هذه الأقساط لكن عبرت لها الحاجة سهام عن مدى رضائها عنها و تدعو لها دائما بالصمود و التوفيق على ما تتحمل من أعباء ليست ملزمة بها .. فزادت حيرة فريدة و التى ألحت على والدتها أن تخبرها عن سبب حزنها العميق الذى وقعت فريسة له ..
تنهدت الحاجة سهام ثم أخبرت فريدة أنه ليس هناك جمعية و الأقساط التى تأخذها من فريدة للجمعية تدخرها حتى يتجمع مبلغ عشرة ألاف جنيه فتذهب لرجل قد أقترضت منه المبلغ كله على أن تعيده له مضافاً عليه قيمة الفوائد و تسدد له العشرة ألاف فى مواعيد متفق عليها و تأخذ منه أيصالاً من أيصالات الأمانة التى كتبتها على نفسها فكل أيصال بقيمة عشرة ألاف جنيهاً ..
هنا صعقت فريدة و سألت والدتها لماذا لم تخبرها بما فعلت قبل أن تقدم عليه فأخبرت الحاجة سهام أبنتها فريدة أنها كانت بالطبع سترفض و كان يتحتم تجهيز المبلغ لأقتناص فرصة أبتياع شقة جاسر بهذا السعر المناسب جداً لهم ..
كانت فريدة تحاول أستقبال الخبر و التعامل معه فأنتبهت و سألت والدتها و ماذا بعد ؟؟
و كانت تخمن أنه مازال فى الأمر أسوأ مما سمعت لكن صدمتها الحاجة سهام بأكثر من توقعها عندما أخبرتها أن هذا الرجل تحولت معاملته فجأة و خلف أتفاقه و يطالبها الأن دون سبب مفهوم بسداد المبلغ كاملاً و سيسلمها الأيصالات أو سيقدمهم لقـسـ ـ ـ
هنا صرخت فريدة وقالت لها لا تكملى و قد نزل الخبر على فريدة كصاعقة كهربائية شلت حركتها و تفكيرها و لكن أنهمرت الدموع من عينى والدتها مما دفع فريدة لأن تجذبها تجاهها لتعانقها و بكت فريدة هى الأخرى و طمأنتها أنها حتماً ستجد حلاً و طلبت منها أن لا تحمل هماً لهذه المشكلة ..
****************
غادرت فريدة غرفة والدتها وهى تجر قدميها جراً متجهة لغرفتها و الدنيا تدور بها لما سمعته مما أكد لها أن ليس أمامها سوى خياراً واحداً ستفعله على دون رغبة منها لتفدى والدتها و تنقذها من أن تأخذ لقب غارمة .. دخلت فريدة غرفتها و تناولت هاتفها و قد بهتت ملامحها و بدت و كأنها زومبى و قامت بالأتصال برقم أعطاه لها مارك لتتمكن من التواصل معه أذا غيرت رأيها و قد حدث و فعلت و هى مرغمة على ذلك ..
رد مارك فتفوهت فريدة بكلمة واحدة : موافقة !
فرد مارك بكلمة واحدة أيضاً : عظيم !
*************************
فكرة أنشاء جروب على الواتس يجمع فريدة و نضال و حازم .. لفريدة الفضل فيها بغرض سهولة التواصل فيما بينهم لأستقبال أى تطورات تخص مهمة العمل و التى تم تكليفهم بها .. و لذلك فيجب أن تنسج خيوط التواصل و تتنامى فيما بينهم من أجل انجاح مهمتهم فى تأسيس الفرع الثامن لكيان الأخطبوط ..
خططت فريدة لأن تـنجز تكوين فريقها التسويقى لتحقق بذلك المقابل للعربون الذى ستتقاضاه مسبقاً و الذى ستسدد منه دين والدتها فور الحصول عليه ثم تتنحى بعد تكوين فريقها التسويقى عن منصبها فى الشركة و تغادرها و قد سددت ما عليها بُمهاداة الشركة بفريقها التسويقى ..
عبر حازم فى أول محادثة جماعية على جروب - مثلث القادة - و قد أجمع ثلاثتهم على تلقيب الجروب بهذا الأسم .. و سأل فى محادثة كتابية :
ما رأيكم فى الأجتماع ؟
فردت فريدة كتابياً : كان لقاء ثقيل على أقل تقدير ..
فرد حازم بأيموشن ضحك بينما أكتفى نضال بأرسال أيموشن لايك ..
كتبت فريدة : أنا كلمت مارك و بلغته موافقتى .. و بعتذر ليكم ياريت محدش يستغرب أو يسألنى السبب لأن ليا أسبابى و أفضل الأحتفاظ بها لنفسى !
كتب كلاً من نضال و حازم على الجروب رداً يفيد بأحترامهما
لقرارها و تقديرهما لها .. بينما كتب نضال فى محادثة أخرى لحازم على الخاص فيما بينهما : مارك كان مكشوف عنه الحجاب باين لما توقع فى تأكيد
أن فريدة هتوافق !!
كتب له حازم : غريبة فعلاً .. بس بلاش نضايقها و نجرف تفكيرها للمجهول فى حاجة مش هتفيد و مش مؤكدة .. من الأصلح التركيز على الطريق لأحضان الثروة ..
و عاد الأثنان مرة أخرى لمحادثة الجروب فأكتشفا أن فريدة تاركة رسالة تفيد أنها أغلقت المحادثة و ستكتب لهم عند حدوث أى تطورات جديدة ..
فغادر الجميع المحادثة و كانوا فى أنتظار لأتصال من مارك يوضح لهم سيناريو الفترة القادمة ..
******************************
رتب مارك مقابلة مع مثلث القادة فى سويت مستر سولى و فى هذه المقابلة تم شرح مارك لكثير من الأمور و التى تخص التعرف على سيستم العمل و الأنخراط فيه و كيفية أستخدامه لبدء العمل به و تكوين فرقهم التسويقية و أضاف للحديث أن لهم صلاحية التواصل مع مثلثات القادة فى الفروع الأخرى لأكتساب الخبرة عندما يحتاجون لذلك ..
و فى نهاية المقابلة قام مارك بتسليم ثمانى ألاف دولار لكل واحداً منهم و أخبرهم أن هذا مبلغ زهيد بالنسبة للعمولات التى يمكن أن يحققوها أذا نجحوا فى مهمتهم و أتفق معهم أنه فى الغد سينهى أجراءات تسجيل توكيلات الأدارة لسياراتهم الجديدة بالشهر العقارى و فى الساعة الثامنة مساءٍ سيتسلموا سياراتهم ..
أنفرجت أساريرهم عند سماع هذه الأخبار و أكدوا أنهم سيكونون على قدر الثقة التى منحها أياهم مستر سولى .. و بدا الرضا واضحاً على وجه مارك و هو يخبر فريدة أن هناك سيارة أمام الفندق ستقوم بتوصيل كلاً منهم لمقصده و أن لها أمانة محفوظة من المرة السابقة و أتصل بالسائق ليحضر فى السويت و طلب منه توصيلهم و هو يحمل الشاشة السمارت و الهاتف المحمول ماركتى The Eye و قد حملهما عن فريدة و أنصرفوا جميعا ً لحين لقاء الغد فى الثامنة مساءٍ ..
******************************
حين تحرك السائق بالسيارة و سأل الثلاثة عن وجهتهم بادر نضال بالجواب و طلب منه أن يقوم بتوصيل فريدة أولاً فسألها السائق عن مقصدها و قد كانت تجلس بالمقعد المجاور له و يجلس نضال و حازم بالكنبة الخلفية .. فطلبت منه أن يذهب أولاً لأقرب شركة صرافة لتبيع الدولارات التى قبضتها و تبدلها بالعملة المصرية لأنها فى أشد الأحتياج لأن تنهى ذلك فى أقصر وقت من أجل قضاء أمر بالغ الأهمية بالنسبة لها بمجرد وصولها المنزل ..
كان السائق مكلف من مستر سولى شخصياً أن ينفذ ما يطلبه منه أضلاع مثلث القادة .. بعد أن تمكنت فريدة من أنهاء مهمتها داخل شركة الصرافة بمساندة نضال و حازم عادوا جميعاً للسيارة ثم توجه بهم السائق الى الحى الذى تقيم به فريدة و ما أن وصلوا حتى نزل السائق و فتح حقيبة السيارة و أخرج كرتونة الشاشة و حملها لفريدة ألى مدخل العقار فشكرته بعد أن ودعت نضال و حازم و أصرت على أن تحملها عنه لينصرف كى يتمكن من
أنجاز ما تبقى له من أعمال ..
عاد السائق للسيارة و هو يسألهما عن وجهته هل هى لمحطة القطار أولاً أم يبدأ مشواره بفيلا نضال .. فطمأنه نضال أن أمامه مشواراً واحداً بعدها سيعود أدراجه مرة أخرى ..
طلب منه نضال أن يقوم بتوصيلهما لفيلته ثم يغادر بعدها لحيث يرغب فتعجب حازم لكن أستدار له نضال الذى أنتقل للمقعد الأمامى بعد نزول فريدة و همس له نضال و قال له ستكون فى ضيافتى الليلة
و ستقيم معى لحين تسلـُم سياراتنا غدا ً..
ما أن نطق حازم بكلمة لكنـ ـ ـ حتى قاطعه نضال و أقسم أنه لن يحدث غير ذلك و أكد على السائق طلبه بعد أن كرره له ..
*******************
كان طارق العايق يجلس على مقهى بلدى قريب من منزل فريدة عندما ظهر مشهد نزول فريدة من السيارة يتبعها رجل يحمل عنها كرتونة أمام عينيه , هذا دون ترتيب مسبق منه لرؤيتها و لكن لا ينفى ذلك أنه يجلس على مقهى بالقرب من منزلها بغرض رؤيتها أن سنحت الفرصة لذلك و قد تطور مظهر الزى الذى يرتديه العايق بعد أن أصبح يرتدى عمة ملونة ملفوفة على رأسه لتخفى جبينه و يرتدى من الزى ما يلائم أرتداء العمة بعد أن لبستها له فريدة مضطراً .. كان يبدو و كأنه يرسم فى ذهنه خريطة بمواعيد تحركاتها , ما أن ظهرت فريدة أمام عينيه فأخذ يترقب خطواتها فى تمعن و يتفحص ما كان يحمله السائق و سلمه لها عند مدخل العقار الذى تقطن به حتى أختفت عن ناظريه و قد أبتلعها مدخل العقار ..
ما أن دخلت فريدة شقتها حتى وضعت ما تحمله و أتجهت مسرعة تنادى على والدتها حتى ألتقتها و مازال الحزن يخيم عليها و طمأنتها أنه فى غضون ساعات قليلة سينتهى الأمر و لن يكون لمشكلة الأيصالات وجود و فتحت الحقيبة الممسكة بها و أخرجت لها رزم النقود فأصاب الحاجة سهام القلق أكثر و سألتها من أين كل هذه النقود فقالت لها فريدة : بعدين .. المهم دلوقت هاتى رقم الندل دة علشان أكلمه و أروحله ..
أتصلت فريدة بالرجل مرابى القروض و كان فى مشواراً بعيداً عن مكتبه لكن بمثابة علمه بغرض أتصال فريدة حتى وعدها أنه فى غضون ساعة سيكون فى مكتبه و فى أنتظارها !
جهزت فريدة المبلغ كاملاً المتبقى على والدتها و كانت الحاجة سهام قد أعدت وجبة الغذاء على مجئ جاسر أيضا من الجيم فجلس الثلاثة الحاجة سهام و فريدة و جاسر على طاولة السفرة و تناولوا وجبة الغذاء بعدها سحبت فريدة حقيبة النقود و قررت الرحيل حتى تذهب و تنهى الورطة التى وقعوا بها لكن والدتها طلبت منها أن لا تذهب بمفردها و تصطحب شقيقها جاسر معها فرفضت لكن أرتاب جاسر فى الأمر و كان لا يعلم عنه شيئاً فأنتابه شعور بالخطر بسبب الغموض الذى يحوم حول كلامهما لكنه فى النهاية أصر أنه سيلازم فريدة و لن يتركها فأستسلمت فريدة فى النهاية لأصرارهما و تحركت فريدة مع جاسر و توجه الأثنان لمكتب المرابى ..
ما أن وصلت فريدة و جاسر للعنوان حتى وجدت الرجل فى مكتبه فى أنتظارها فألقت السلام ثم قالت له : غريبة !
فسألها الرجل فى أهتمام عن ما هو الغريب ؟!
فأجابت فريدة فى جدية و أخبرته أن من الغريب أنه ألتزم بكلمته و بوعده لها أنه سيكون فى أنتظارها فى مكتبه و حدث بالفعل .. فيبدو لمن لا يتعامل معه و لا يعرفه أنه رجلاً على كلمة واحدة .. فأنزعج الرجل و تسلل له أحساس أن فريدة تهزأ به لكن أستطردت فريدة و أخبرته : أنه عندما أتفق و وعد و الدتها أنه لن يفعل شئ بالأيصالات مادامت ملتزمة معه بالسداد فى المواعيد المتفق عليها هى ألتزمت لكنه لم يلتزم و أخلف وعده و نقض عهده معها !
قال لها الرجل بنبرة غضب : ماذا تريدين بالضبط ؟
فأخرجت فريدة المبلغ المتبقى علي والدتها و رصته بعجرفة أمامه على المكتب و قالت له هذا ما يخصك .. و أخرجت خمسة ألاف جنيه و رزعتهم على المكتب بجانب الرزم المرصوصة و قالت له و هذا لك بشرط أن تخبرنى السبب الحقيقى وراء مطالبتك فجأة بسداد قيمة الأيصالات و تهديدك لوالدتى بهم ؟!
كان الرجل يتظاهر بأنه مازال غاضبا لطريقة فريدة و أنها تتهمه بأمور غير مفهومة و أن ليس هناك سبباً غير أحتياجه المفاجئ للنقود لذلك طالبها بها .. ثم أخرج الأيصالات التى تخص الحاجة سهام من درج مكتبه و مد يده بها لفريدة ليسلمها أياها و هو يخبرها : شرفتونى ..
هنا أنفعل جاسر على الرجل فكان واضحاً أنه يطردهم لكن بطريقة مغلفة مما أثار غضب فريدة و جاسر فزمجر جاسر و تطور الأمر عندما هجم جاسر على الرجل و كاد أن يكيل له لكمة لكن صرخت فريدة فى شقيقها ليترك الرجل بعد أن بدأ بعض الرجال يتوافدون من الخارج على أرتفاع صوتهم و هنا دست فريدة الأيصالات فى جيبها بعد أن تفحصتها جيداً لتتأكد منها ثم قبضت على الخمسة ألاف جنيه و أنتزعتهم من على مكتب الرجل و جذبت جاسر من ذراعه
و أنصرفا من مكتب المرابى ..
**************************
دخل حازم على حرج فيلا نضال لكن أسلوب نضال معه داخل الفيلا رفع عن حازم الحرج و طلب منه نضال أن يعتبر نفسه فى منزله فشكره حازم و سأله عن الحمام فصعد معه نضال للطابق العلوى حيث غرفته و غرفة للضيوف و غرفتان الرياضة و باقى الغرف .. ثم أخبره بموقع الغرفة التى سيقضى فيها ليلته و أشار له لموقع الحمام ثم رحل نضال متجهاً للطابق السفلى و سلك الممر الممتد فى جوف الفيلا حتى وصل للباب الخشبى الضخم ليتأكد من أحكام غلقه حتى لا يترك شيئاً يحدث بمحض الصدفة فيتعرض للمفاجأت مثلما حدث سابقاً مع أسر ..
ثم عاد و أجهز وجبة غذاء دسمة و تناولها هو و حازم فى نهم و قضوا وقتاً ممتعاً فى التعارف على بعضهما أكثر مما جعل العلاقة تتنامى بينهما شيئاً فشيئاً و قد بدأ ذلك منذ تطور الأحداث بعد الأجتماع المشهود ..
*****************
فى اليوم التالى ألتقى نضال و حازم و فريدة بمارك و الذى قام بدوره بتسليم كل واحداً منهم سيارته الملاكى الحديثة و معها توكيل أدارة مسجل فى الشهر العقارى كما أتفق معهم .. أخبرهم أنهم قريباً جداً سيشرعون فى تنفيذ أولى خطوات خطة العمل و ودعهم ثم أختفى داخل سيارته التى فى ثوان معدودات كانت قد أختفت هى الاخرى عن الأنظار ..
ودع أيضاً الثلاثة كلاً منهم الأخر و لكن حازم ودع نضال بحرارة و شكره كثيراً لحسن ضيافته مما أكد شكوك فريدة بخصوص أمر نضال و حازم منذ يوم عيد ميلاد أسر ثم تأمل حازم سيارته غير مُصدق ما حدث و ركبها و أختفى عن الأنظار هو الأخر ..
بعدها نضال سأل فريدة هل تجيد القيادة أم يساعدها و يقوم بتوصيلها فشكرته و أخبرته أن بحوزتها رخصة القيادة الخاصة بها و هى كانت تقود سالفاً على فترات متقطعة مما يجعلها تحتفظ بمهارتها فى القيادة كما أخبرته أن القيادة لا تنسى ثم ودعا بعضهما و توجه كلاً منهما لسيارته الجديدة فى نشوة قاصدا طريقه ..
***********************************. ❝ ⏤محمد حسن عبد الجابر
الفصل السادس
- 6 -
لم ينتهى الأجتماع عند أعلان مستر سولى ذلك و مغادرته أجواء الأجتماع بل سينتهى عندما ينتزع مارك من أفواه الثلاثة
ما يفيد بقبولهم لعرض مستر سولى ..
كان مارك يحتسى فنجان القهوة الذى لا يتذكر رقمه و هو يتابع الحالة الذهنية لنضال و فريدة و حازم و قد بدا علي رؤوسهم أنها أصبحت حبلى بالأفكار .. سادت لحظات صمت عميق كان يتناول فيها الضيوف مشروبات غازية فى كانزات كانوا قابضين عليهم بأيديهم و محتفظين بهم بعد أن أفرغوا ما بداخلهم فى جوفهم غير مقتنعين بأن يضعوهم على المنضدة لأنهم بذلك سيضعون الكانزات على رزم الدولارات لكن باغتتهم فريدة و قد وضعت الكانز الخاصة بها أمامها على المنضدة على واحدة من رزم الدولارات و كأنها أشارة تعلن بها عن شئ ما بداخلها , لكن حازم سأل مارك عن مكان سلة المهملات فأبتسم مارك لأنه لاحظ على نضال و حازم موقفهما المضاد و رفضهما لوضع الكانزات أمامهما و مد يده لحازم و نضال ليأخذ منهما الكانزات ليلقيها جانبه فى سلة مهملات مزودة بسينسور فتعمل بحركة اليد من على مسافة قريبة ..
جدير بالذكر أن فعل فريدة أثار أنتباه الحاضرين لكن لم ....... [المزيد]
: تستعرض الرواية جرائم شجرة التسويق الشبكى لكيان الأخطبوط و الذى له ثمانية فروع فى ثماني دول عربية .. هذا الكيان الذى يستغله مواطن أمريكى يدعى مستر سولى من أصل مصرى تابع لمنظمة أمريكية عليا و مكلف بفتح الفرع الثامن و الأخير للكيان فى مصر ، ليوهم الناس بتحقيق حلم الثراء السريع عن طريق أصطفاء أبطال الرواية نضال و فريدة و حازم لتنفيذ ذلك .. و قد برز كلاً منهم بسبب أحداث حياته التى تسلك طريقاً فى سياق على غير العادة فيتصدرون التريند سواء برغبتهم أو على دون رغبة منهم ، فيقع عليهم الأختيار من هذا المواطن الأمريكى الذى يقرر إغرائهم لتوريطهم فيكتشفون بعد أنغماسهم فى العمل بكيان الأخطبوط أن الكيان يمارس النصب .. و عند أنتفاضتهم و أعتراضهم على أستمرارية العمل بكيان الأخطبوط يتم معاقبتهم بطرق ملتوية من مستر سولى و مارك مساعده الخاص لردعهم ، فيتفاجئون أن لكيان الأخطبوط أغراض أعقد من النصب ..ويتورطون في ماهو أخطر من التلاعب بأحلام الناس وتبدأ مغامرات جديدة حتى يتمكنوا من الأنتقام من مستر سولى ومساعده مارك. ❝ ⏤محمد حسن عبد الجابر
ملخص رواية أخطبوط بسبع أيادي
تستعرض الرواية جرائم شجرة التسويق الشبكى لكيان الأخطبوط و الذى له ثمانية فروع فى ثماني دول عربية .. هذا الكيان الذى يستغله مواطن أمريكى يدعى مستر سولى من أصل مصرى تابع لمنظمة أمريكية عليا و مكلف بفتح الفرع الثامن و الأخير للكيان فى مصر ، ليوهم الناس بتحقيق حلم الثراء السريع عن طريق أصطفاء أبطال الرواية نضال و فريدة و حازم لتنفيذ ذلك .. و قد برز كلاً منهم بسبب أحداث حياته التى تسلك طريقاً فى سياق على غير العادة فيتصدرون التريند سواء برغبتهم أو على دون رغبة منهم ، فيقع عليهم الأختيار من هذا المواطن الأمريكى الذى يقرر إغرائهم لتوريطهم فيكتشفون بعد أنغماسهم فى العمل بكيان الأخطبوط أن الكيان يمارس النصب .. و عند أنتفاضتهم و أعتراضهم على أستمرارية العمل بكيان الأخطبوط يتم معاقبتهم بطرق ملتوية من مستر سولى و مارك مساعده الخاص لردعهم ، فيتفاجئون أن لكيان الأخطبوط أغراض أعقد من النصب ..ويتورطون في ماهو أخطر من التلاعب بأحلام الناس وتبدأ مغامرات جديدة حتى يتمكنوا من الأنتقام من مستر سولى ومساعده مارك..
: 7 -
نزل مستر سولى ضيفاً على صديقه رجل الأعمال راغب الشامى لكن هذه المرة كانت فى مكتب راغب الشامى داخل شركته و التى تبدو من الخارج
كصرح أقتصادى كبير و هى بالفعل على هذا القدر ..
رحب به راغب الشامى بحفاوة لا سيما بعد أن أخبره مستر سولى أنه قد أوفى بوعده و جاء ليخبره بأمر مشروعه الذى ينوى تأسيسه فى مصر كما أتفق معه سالفاً , و على ذلك فلم يدخل مستر سولى فارغ اليدين على صديقه السخى فكان يرافقه السائق حاملاً كرتونة تحوى شاشة سمارت 42 بوصة فقدمها مستر سولى كهدية متواضعة لصديقه فنالت أعجاب راغب الشامى و تقديراً لمستر سولى و بناء على رغبته أيضاً قرر راغب الشامى أن يعلق الشاشة موديل The Eye فى مكتبه
و يقوم بتوصيلها لتشغيلها وقت الحاجة أليها ..
كانت الشاشة مدخلاً جيداً لأستعراض نشاط شركة الأخطبوط و عرض فكرة المشروع , كان يصغى راغب الشامى لصديقه سولى و يبدى أندهاشه و يخبر مستر سولى أن هذا ليس الدرب الذى كان يسلكه فيما سبق .. فأخبر سولى صديقه أن لا بد من التجدد و التحور مع متطلبات العصر للأستمرار و ضمان النجاح .. لذلك سلك مستر سولى نهج التكنولوجيا و أتقن مجال التسويق الألكترونى لما يحققه من مكاسب كبيرة و فى وقت قصير هكذا أخبر سولى صديقه كما عبر له عن مدى رغبته فى التوغل فى الأسواق العربية و الأجنبية الألكترونية لتغزو منتجاته العالم .. و مشروعه فى مصر و فى الدول الأخرى هو وضع الألية التى تحقق الأقبال على هذا الغزو التجارى و سحب المنتجات و تحقيق الأنتشار بين طوائف الشعب المختلفة فى كل دولة و هذا أمر هام ..
و أضاف مستر سولى لراغب و قال له : بالمناسبة .. أنا ضميت نضال مدرب أسر و ضميت فريدة صديقة ياسمين لفريق عمل الشركة ..
كان يتظاهر راغب الشامى بالأنبهار لنشاط مستر سولى و حماسه الذى يبدو فى حديثه لكنه كان يخفى بداخله ما لاحظه من تغيير على مستر سولى فى أغلب جوانب شخصيته فالحوار يفضح الأفكار فسأل راغب الشامى صديقه سولى : لماذا التوغل بين طوائف الشعب يمثل لك أمر هام يا صديقى ؟؟
كان مستر سولى يملك من سرعة البديهة ما يكفى للجواب دون تردد : لأنه وقتها يكون أجماع على نجاح منتجات شركة الأخطبوط ..
لقد أصبح سولى بالنسبة لراغب الشامى لغزاً
فيبدو له رجلاً أخر غير الذى يعرفه !!
*****************************************
سلك حازم طريق أسكندرية القاهرة الصحراوى ليعود لمنزله لكنه عندما أجرى محادثة هاتفية بأصدقائه و أخبرهم أنه يقود سيارته الجديدة و فى طريق العودة و سيذهب لمنزله ليلتقى بزوجته و يقضى معها اليوم أصر أصدقائه أن يلتقى بهم أولاً ليخبرهم بأدق التفاصيل ثم يأخذهم جولة سياحية داخل القاهرة بسيارته الجديدة ليحتفلوا جميعاً بهذا الحدث ..
لم يكن أمام حازم خياراً أخر أمام أصرارهم و أنصاع لرغبتهم و عندما وصل القاهرة و ذهب للمكان المتفق عليه للتجمع وجد سعيد و مازن و جو فى أنتظاره و رحبوا به فى فرحة عارمة عندما قاموا بمعاينة السيارة الحديثة و لاحظوا أثر النعمة على حازم فأستبشروا خيراً لما هو قادم ..
كانوا يجلسون على كافيه راقى يشرح لهم حازم و قد أتسعت عيناهم و تأهبت حواسهم لأستقبال كلماته و هم فى يقظة غير معهودة ..
سألوه عن الباقات و قيمتهم المادية و العروض الخاصة بكل باقة ..
أجابهم حازم أن الباقات تبدأ من خمسة ألاف جنيهاً تستلم فى هذه الباقة هاتف محمول موديل The Eye و كورس أون لاين للتسويق الألكترونى قيمته خارج الباقة 2000 جنيهاً و عائد مادى ( العمولات ) ليس كبيراً لصغر حجم الباقة ..
و باقة أخرى بقيمة عشرة ألاف جنيهاً تمنح هذه الباقة هاتف محمول و شاشة سمارت 32 بوصة و كورسين أون لاين مجاناً و عائد مادى مقبول ..
و باقة بقيمة خمسة عشر ألاف جنيه و عرضها هاتف محمول و شاشة سمارت 42 بوصة و ثلاث كورسات أون لاين و عائد مادى جيد ..
و ذكر لهم أن أفضل باقة التى قيمتها عشرون ألف جنيهاً فلك الخيار فى عرضين أما عدد أثنان هاتف محمول و شاشة سمارت 42 بوصة و أربعة كورسات أون لاين و عائد مادى ممتاز .. أو هاتف محمول واحد و شاشة سمارت 55 بوصة و أيضاً أربعة كورسات تسويق مجانية و عائد مادى ممتاز أيضاً ..
و عرض عليهم فكرة عن قيمة العمولات التى بأمكانهم أن يجنوها من جذب أعضاء جدد و تكوين فريق تسويقى لكل واحد يضم فروعاً تتنامى بأستمرار و عليهم أن يرعوا هذه الفروع البشرية بصفة دائمة
من أجل تحقيق الحلم .. حلم الثروة ..
لم يتردد أحد من السامعين فى خوض هذه المغامرة و قرر أن يشارك مازن و يبتاع باقة الخمسة ألاف جنيه و هذا العرض ليس قدر أستطاعته لكنه سيحاول تدبير مبلغاً يضاف على ما أدخره ليجمع معه خمسة ألاف جنيهاً يبدأ بهم مع أصدقائه بينما قرر سعيد و جو الأشتراك فى باقة العشرون ألف جنيهاً !
عبر لهم حازم أنها بداية موفقة لكنه أعتذر لهم و ذكر لهم أنه مرهق و لن يتحمل ضغوط القيادة داخل شوارع القاهرة المتكدسة بالسيارات و المارة لا سيما و أنه بحاجة لقسطاً من الراحة بعد عناء السفر و وعدهم بالتنزه فى وقت قريب بالسيارة فى الموعد الذى سيتسلم منهم المبالغ المالية ليضمهم فى فريقه التسويقى و يسلمهم عروض الباقات التى سيشتركوا بها ثم يحتفلوا جميعاً ..
غادر حازم تاركاً أصدقائه سابحون فى بحور أحلام الثراء و عاد لمنزله فوجد زوجته نسمة فى أنتظاره و تبدو علامات الغضب على قسمات وجهها ..
ألقى عليها حازم السلام فرحبت به نسمة فى أنفعال , كانت فى أغلب الأحيان ردود أفعال نسمة على نقيض أسمها تماماً .. كانت الغيرة وراء غضبها من حازم هذه المرة لأنه فضل أصدقائه عليها و ألتقى بهم أولاً فقام حازم بتصحيح سوء التفاهم و أكد لها أنها كانت مقابلة عمل و سرد لها ما حدث معه فى فندق الأسكندرية ليثبت لها أنه يشاركها الأحداث لكن تجدد غضبها و بررت ذلك بأنه يزعم أنه يشاركها لكن بعد أن أنهى الأمر دون علمها و أتخذ قراره منفرداً فبرر هو ذلك بأن الأحداث جائت متتالية و سريعة كما أن الفرصة لم تسنح لهما ليلتقيا و يقص عليها ما يدور أولاً بأول و ذلك لأنشغالها فى عملها المتقلب المواعيد فهى دكتورة نساء و توليد و هذا يجعل من لقائهما فرصة نادرة قلما ما تحدث ..
أستائت نسمة لجواب حازم و أخبرته أن عليها الأنصراف حتى لا تتأخر على موعدها بالمستشفى التى تعمل بها فأبتسم حازم فى سخرية لتحقق صحة كلامه فأثار غضبها كالمعتاد ثم أتجه مسرعاً لغرفته ليخلد للنوم و ليخمد نيران خناقة زوجية تكاد أن تشتعل ..
*********************************
أتصل نضال بعم جابر فكان متواجداً فى المقهى فذهب له ليقص عليه ما حدث معه من باب التقدير فقد كان عم جابر شغوفاً لأن يرى نضال فى أفضل حال لذلك كان مهتماً بمتابعة أخباره للتدخل و تقديم النصيحة له أن لزم الأمر ..
كان نضال يبادل عم جابر نفس الشعور الطيب فبادر بمقابلته لأنه كان يود أن يشاركه الأحداث و يسمع وجهة نظره فيما حدث ..
نظر عم جابر للموضوع من منظور نضال الذى لخص له الأمر فى أنه متعلق بقدر الأجتهاد و العمل يكون تحقيق النجاح و حصد الأموال الطائلة لذلك لم يمانع عم جابر و قد أخبر نضال أنه لا يفقه شيئاً فى أمور الأنترنت لكنه أستوعب أن هناك خيراً فيما يحدثه فيه نضال بدليل السيارة الفخمة و حالة نضال المنتعشة و التى لم يره عم جابر عليها منذ زمن طويل و حديثه المفعم بالأمل فأدلى عم جابر بسعادته لنضال لخوضه هذه المغامرة
و التى تسببت فى عودته للأنخراط فى الحياة مرة أخرى ..
عاد نضال لفيلته و بدأ فى متابعة التطورات على الشبكة العنكبوتية فوجد رسالة على جروب مثلث القادة على الواتس من حازم تفيد أن مارك قد نشر أعلانات ممولة لهم عبارة عن بوست فيه صورة لكل واحداً منهم مع سيارته و بعض العبارات التحفيزية لمشاهدى هذه البوستات مضمونها أن الانضمام للعمل بفريق شركة الأخطبوط يتيح لك الحصول على سيارة كهذه فى غضون أسابيع !!
هذا كنوع من الدعاية التسويقية و التى تفيدهم فى مهمتهم .. هذه الرسالة قد أوحت لنضال بفكرة ذكية فقد قرر تشيير هذا البوست فى جروب يشترك فيه منذ فترة زمنية طويلة و كان يتابع بوستاته فى سلبية تامة دون أن يشارك و لو لمرة واحدة فيه .. عندما قرر نضال المشاركة فى الجروب كان بتشيير بوست خاص به دفعة واحدة و ليس حتى مجرد مشاركة بكتابة تعليق سطحى على بوست عابر فى الجروب هذا الجروب و الذى يحمل أسم ( جروب أهالى قرى أبيس الريفية ) , فهو يقطن فى واحدة من هذه القرى و من ضمن موضوعات الجروب يتناول الأمور التى تخص قريته و عليه فهو على يقين أن عدد كبير من أهالى منطقته منضمون لهذا الجروب و هذا يتيح لهم الفرصة لأن يشاهدوا البوست التسويقى له و هذا بدوره يسهل عليه التواصل معهم ألكترونياً و أنتقاء من يناسب لشغل الدور الذى سيكلف به ليتمكن من القيام به دون الخوض فى مناقاشات و مجادلات لن تنتهى على أرض الواقع و هو لا يحبذ ذلك ..
بالفعل كانت فكرة صائبة من نضال فقد تأهبت حواس و حماس أحد المتابعين على الجروب و الذى تواصل مع عم جابر و طلب منه أن يرتب موعد مع نضال لمقابلته فرفض عم جابر و لكن ألح الشخص فطلب منه عم جابر أن يمهله غفوة من الوقت و قام بالأتصال بنضال و أخبره لكنه تعجب من جواب نضال فقد وافق على مقابلة سيد عصفورة فى مقهى عم جابر بعد أن شاهد سيد البوست الذى قام نضال بتشييره فى الجروب الذى يضم عدد ضخم من أهالى القرى الريفية فى مدينة الأسكندرية ..
قابل نضال سيد فى حضور عم جابر و كان واضحاً على سيد أنه لاهثاً وراء أى مصلحة تدر عليه أموالاً لذلك وقع فريسة سهلة و طلب من نضال أن يضعه على أول الطريق الذى تمطر فيه السماء بالوريقات النقدية .. شرح له نضال فكرة العمل بكيان الأخطبوط و أعطى له نبذة عن باقات الأشتراك فأختار سيد باقة الخمسة عشر ألاف جنيه و أن غداً سيكون المبلغ جاهزاً و سينتظر نضال على مقهى عم جابر ليأخذهم منه و يضمه لفريق العمل .. هنا أخبر نضال عم جابر أن أى مقابلات عمل كهذه و التى تخص أهالى منطقته ستكون على مقهى اللؤلؤة , كنوع من المجاملة لعم جابر و الدعم له من خلال تنشيط الحركة على المقهى و الذى بدوره سيؤدى للأقبال على المشروبات المتنوعة التى يقدمها المقهى ..
***********************
أكتفيت فريدة بتشيير البوست التحفيزى لها برفقة سيارتها على حسابها الخاص على فيس بوك و الذى أصبح يتابعه الألاف بعد أنتشار فيديو العايق على نطاق واسع مما أدى لتلقيها مئات الرسائل من راغبى الأستفسار عن حيثيات شركة الأخطبوط فضاق بها الوضع و بدأت تستشعر الأزمة أنها لم تملك من الوقت ما يكفى لتجيب على كل هذه الأستفسارات لكل هؤلاء السائلين .. أرشدتها ماسة أنه لا مفر من ظهورها لايف فى فيديو تشرح فيه ما يُشبع الفضول العام المحيط بالأعلان لتوفر وقت و مجهود كبيران ستستهلكهما فى الأجابة على كل هذه الرسائل لكن رفضت فريدة و مانعت فحاولت ماسة جاهدة أقناعها و ترفض فريدة حتى أتفقا بصعوبة فى نهاية المطاف على أن تسجل فريدة الفيديو أولاً ثم تقوم بمراجعته و منتجته ثم رفعه على صفحتها ليجيب على كل الأستفسارات التى طرحت عليها بخصوص تحقيق النجاح مثلها و حصد النقود الوفيرة من خلال عمل غير تقليدى و بدون قيود مدراء العمل المريرة و الذى يتحقق من خلال الألتحاق بفريق عمل الشركة ..
و خاضت ماسة حرباً أخرى مع فريدة لتقنعها برغبتها فى أنضمامها لفريق فريدة و مكاتفتها فيما تنوى عليه لكن فريدة رفضت و أخبرتها أنها لا تعقد نية الأستمرارية بالشركة و أنها تتخذها كمحطة و مرحلة معينة وستتجاوزها فلا تحبذ أن ترحل و تغرز صديقتها و تتخلى عنها مستقبلاً ..
أصرت ماسة و أخبرت فريدة أن لا تحاول أن تثنى عزمها عن ما قررت و أخبرت فريدة أنها ستكاتفها خطوة بخطوة و لن تتركها بمفردها كما فعلت سابقاً فى مجابهة العايق معها و أقرت بمواجهة المجهول سويا ً..
ما كان على فريدة سوى أن تنصاع لرغبة صديقتها الملحة و هى تعلم مدى نقاء معدنها و تأكدت من مدى العلاقة الوطيدة التى تربطهما ببعضهما و أضافت ماسة و قالت لفريدة أنها ستشترك فى باقة العشرون ألف جنيه و حسمت أختيارها للعرض الذى يشمل أثنان هاتف محمول و شاشة سمارت 42 بوصة لدرجة أنها خططت و أوضحت لفريدة لماذا مالت لهذا العرض و أخبرتها أنه قد أقترب عيد ميلاد أسلام و تنوى أن تهاديه بهاتف محمول موديل The Eye و تهادى والدها العقيد أحمد السويفى الهاتف الأخر .. و بالنسبة للشاشة فقررت لأن تعلقها فى غرفتها و تقوم بتوصيلها لتشغيلها وقت ما تشاء ..
أبدت فريدة أعجابها بماسة لقدرتها على تحديد أهدافها و ترتيبهم فى رأسها ثم تضع خطة لتكون الألية التى تحقق بها ما خططت له ..
*************************
كانت الأعلانات الأستعراضية الممولة لمثلث القادة لها تأثير السحر للثلاثة فى أجتذاب شريحة عريضة من الناس ينتقون منهم من يجدون فيهم بذور النجاح لضمهم لفرقهم التسويقية كيفما دربهم مارك على الأستراتيجية التى يعملون بها ..
مما ساعد على تألق نجاح فكرة الأعلانات أنها برزت فى أرض خصبة للتنامى و ذلك يرجع لأن لكل من الثلاثة شريحة عريضة من الجمهور تختلف فى كنهها عن الأخرى و بالمناسبة هذا كان من شروط مستر سولى الغير مذكورة فى الأجتماع و التى وجدها قد توفرت فى هذه الشخصيات التى وقعت عليهم الأختيار .. مستر سولى كان يرغب و بشدة لسبب ظاهر أو خفى أن تتوغل منتجاته بين مختلف بيئات المجتمع و طوائفه !
زيارات سولى السابقة لمصر و التى كانت على فترات متقطعة كانت من أجل متابعة الأحوال و مراقبة الوضع و أصطفاء من هو جدير بالمهمة التى كان يخطط لها لكنه لم يقع على أختيارات مقنعة كما أن تجهيزات تأسيس الفرع الثامن فى مصر لم يحين دورها فى هذا التوقيت , عندما حان الوقت و بدأ مستر سولى برحلة البحث الدقيقة محدداً المواصفات المتطلبة فى الشخصيات التى يبحث عنها لتولى مسئولية أدارة مشروعه الجديد رتب له القدر لأن يتعثر فى فريدة و منها لنضال ثم كان لحازم نصيب معهم فوقع الأختيار على الثلاثة و التشبث بهم ..
نظرة مستر سولى كانت صائبة فيما يخص مهارات الثلاثة و قدرتهم على النجاح و هذه النظرة ليست مبنية على فراغ و لكن على أساس راسخ ناتج من خلاصة الخبرة المستمدة من تأسيس سبع فروع للشركة من قبل ..
فكرة نضال أيضاً كانت صائبة عندما شير البوست الأعلانى الخاص به على الجروب الذى يضم أهالى منطقته لأن الأعلان كان له الفضل فى لفت أنتباه عدد كبير من أهالى منطقته و المشتركون فى هذا الجروب لظهور نضال مرة أخرى و فى حال جيد بل و يعرض عليهم مفاتيح النجاح و الثراء !
أحقاقاً للحق كان لسيد عصفورة بعد أن وافق نضال لضمه للفريق الفضل الأكبر فى معرفة جميع أهالى القرية التى ينتمى لها نضال برواية الثراء السريع الذى يحققه الأنضمام لشركة الأخطبوط !!
سيد كان أنشط من مواقع التواصل الأجتماعى فى الوصول و التوغل بين الناس .. كان هذا مبرر قوى لدى نضال لقبول ضم سيد لفريقه لأنه سيسهل عليه مثل هذه الأمور فنضال مقتنع تماماً مثله كمثل عم جابر بأن مثال سيد تلجأ له عندما تريد أن تذيع خبراً فى القرية من أولها لأخرها فى وقت قصير .. فعليك أن تخبره به و تؤكد له أنه سراً و لك أن تخلد للراحة مطمئناً أن جميع ساكنى القرية
من الأنس و غير ذلك سيعلم بأمر الخبر !
كانت الفرصة كبيرة أمام نضال ليختار و ينتقى من العدد الضخم الذى تقدم راغباً فى معرفة تفاصيل الأنضمام و مزايا ذلك .. لقد تحول مقهى عم جابر و كأنه مقر أنتخابى من الأزدحام المستمر و الأستفسارات المتواصلة مما جعل عم جابر يلجأ لفتح مخزن قديم بالعقار و تم تنظيفه و تجهيزه لتخزين بضائع كمخزون يكفى لأحتياجات الأعداد الجديدة الوافدة على المقهى .. هناك من كان يطلب باقة العشرين ألف جنيه و ذلك لما تحققه من عائد مادى كبير و كان عددهم كبير لكن أغلبهم كان لديه ذات المشكلة و هى أن المبلغ غير جاهز كاملاً و يحتاجون مهلة من الوقت لتدبير باقى المبلغ و لكن المشكلة الحقيقية فى عامل الوقت .. لذلك يجب أن يجدوا حلاً سريعاً لكنهم يفشلوا فيرجع نضال لمارك ليستشيره فيخبره مارك أن فى ظروفهم و فى بيئتهم فالحل السهل لهم أن يبيعوا ما يكتنزوه من مشغولات ذهبية لأنهم سيدخلون بقيمتهم مشروع سيمكنهم من أمتلاك جرامات ذهبية أثقل بكثير مما كانت بحوزتهم فلا مانع
من التضحية بجزء منهم أو جميعهم من أجل تحقيق هدف أسمى ..
و عندما طبق نضال كلام مارك لاقى نجاحاً واضحاً فقد تمكن الكثير بعد أن أقتنعوا بكلام نضال من التصرف فى بعض المشغولات الذهبية التى يمتلكوها و دفع قيمتها النقدية للأبتياع من منتجات شركة الأخطبوط لأختيار ما يناسبهم من الباقات ثم يبدأون فى تطبيق نفس ما حدث معهم مع أناس أخرين و تدور العجلة و تتعثر ثم تدور مرة أخرى و هكذا أستمر الحال ..
بدأ وقت نضال ينشغل و يزدحم من كثرة التواصل على مواقع التواصل الأجتماعى و على أرض الواقع و لكن كانت النتائج تستحق المجهود و التعب لأن المقابل المادى كان دائماً مجزياً جداً ..
*************************************
ذهب حازم للمقر الرئيسى للجريدة الألكترونية التى يعمل بها ليحضر أجتماعاً عقده رئيس التحرير و بعد أنتهاء الأجتماع جلس مع زميله المقرب فى العمل زيزو ليشبع فضوله فيما يدور حول دعوته فى فيديو تم تسجيله على قناته للأنضمام لفريق التسويق الألكترونى لشركة الأخطبوط .. فأخبره بجميع التفاصيل فتحفز زيزو و أخبره أنه سيبتاع باقة العشرون ألف جنيهاً ليكون عضو أساسى و فعال فى فريقه , ثم لمح زيزو لحازم عن تطاير بعض الكلمات التى وصلت أليه تفيد بتضجر رئيس التحرير منه لعدم أهتمامه هذه الفترة بالجريدة و عدم تقديم موضوعات و أفكار جديدة و بينما كان زيزو يحذره أتصل رئيس التحرير بحازم و كان يبدو على صوته الضجر و هو يخاطبه هاتفياً و قد طلب منه أن يحضر فى مكتبه فوراً فأجابه حازم أنه سيلبى ..
دخل حازم مكتب الأستاذ عاطف المنزلاوى رئيس التحرير و قد ظهرت تجاعيد الغضب على وجهه , ألقى حازم عليه السلام لكن بدأ المنزلاوى فى توبيخ حازم و أتهامه بالتقصير فى عمله و أنه لا يقدم كل ما لديه للجريدة بل أخذت القناة التى يديرها أغلب وقته و أهتمامه مما يضع حازم فى مشاكل قد تؤدى لفصله من الجريدة و معاقبته لأشتباه جمعه وظيفة أخرى مع عمله , هنا طلب حازم من رئيس تحريره أن يسمح له بالحديث و أكد حازم أنه على دراية بالمحظورات التى يجب على الموظف تجنبها و أنه على علم بالمادة 151 من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية و المادة 81 لسنة 2016 لذلك فهو فى الأساس يحترم المنشأة الصحفية التى يعمل بها و لا يمارس أى عمل أخر داخل الجريدة و لا يزج بأسم الجريدة فيما يخص عمله خارجها فهو يحرص على أن لا يخالف القوانين أو اللوائح و أعتذر لرئيس التحرير عن أنشغاله الفترة السابقة و وعده أنه سيشغل جزئاً كبيراً من تركيزه الفترة المقبلة فيما يفيد عمله داخل الجريدة ..
أنصرف حازم من مكتب عاطف المنزلاوى ثم أنهى بعض الأعمال المتعلقة و غادر مقر الجريدة و كان منكباً على هاتفه للرد على الأستفسارات الألكترونية التى أنهالت عليه بسبب أنتشار الأعلان الممول الخاص به و الرغبة الملحة لدى شريحة كبيرة جداً من الناس لتحقيق الثراء السريع ..
ضمن الرسائل كان هناك ألحاح من أحد الأشخاص فى الأنضمام لفريق العمل لكنه طلب من حازم أن يجد له حلاً مادياً ليشترك فى أحدى الباقات و ينضم لفريقه التسويقى فطلب منه حازم أن يحكى له عن نفسه و أحواله و حياته و أثناء حديثه أمسك حازم بثغرة فى حديث الرجل عندما ذكر لحازم أنه أدخر أخيراً قيمة مبلغ العمرة التى وعد والديه بها هنا أستخدم حازم تعليمات مارك التى علمهم أياها و أستغل صراحة الرجل معه و أقنعه أن يتيح لأحد والديه السفر هذه السنة و باقى المبلغ يبتاع به الباقة التى ستمكنه فى المستقبل القريب من أن يسفر والديه الأثنان للحج و ليس فقط للعمرة و ما كان على الرجل ألا أن يقتنع ليقتنص الحلم الذى يراه سيتحقق من خلال الأنضمام للعمل فى شركة الأخطبوط !!
لم يقتصر الأمر على ذلك بل أقنع حازم امرأة و هى سيدة أرملة تسعى لتجهيز شوار أبنتها و ما أن قبضت الجمعية التى أشتركت بها لشراء مستلزمات زفاف أبنتها حتى دفعتها عن أقتناع بعد أن غسل حازم مخها لشراء أجهزة كهاتف و شاشة موديل The Eye ليست بحاجة أليها لتنضم لفريق الثراء السريع و تتمكن من توفير النقود اللازمة التى تساعدها و تنتشلها من أعباء زواج أبنتها التى لا تنتهى ..
و كما لفريدة قانون و لنضال مبدأ فـ لحازم وجهة نظر
الا وهى : لا مانع من أن تطأ بعض الناس فى طريقك لهدفك ..
وضع حازم هدف الثروة أمام ناظريه و سعى للوصول اليه و تحقيقه دون أن يبالى أنه سيطأ بعض الناس فى طريقه لهدفه و يبدو أن ليس حازم فقط الذى يفعل ذلك فقد سبقه نضال و فعلها على غير عادته و يبدو أن العدوى ستصيب فريدة هى الأخرى ..
**********************
دهاء فريدة ساعدها على تطبيق خطوات ناجحة قد أكتسبتها من التدريبات التسويقية التى تقدمها شركة الأخطبوط و قد تعلمت سيستم العمل بسرعة و هذه الخطوات التى نفذتها فريدة حققت أجتذاب عدد هائل من راغبى الأنضمام لفريقها التسويقى و كانت رحاب فتاة الغزالة و متابعة جيدة لحساب فريدة على الفيس بوك أول من بادرت و أرسلت لفريدة تخبرها أنها معها فى فريقها التسويقى فرحبت فريدة بذلك و كان قدمها خير على فريدة فسرعان ما كونت فريدة هى الأخرى فريقها التسويقى و فريق قوى لأنهم أختاروا الباقات المرتفعة و هذا يعنى عائد مادى كبير و عمولة ضخمة لا سيما و أن فروع فريقها بدأت تترعرع و تتشعب و تكبر مما أشعل ظنونها فى أنها تورطت و قد غرزت قدمها فى اللعبة و لم تحسم قرارها و تغادر الشركة بعد ما كونت فريقها المبدئى المكون من ثمانى أشخاص و قد دربتهم ليصبحوا ثمانى قادة مسئولين عن أجتذاب أعضاء جدد و تدريبهم و من المفترض أن مهمتها بالنسبة لنفسها هكذا قد أنتهت ..
شعرت فريدة أنها تركت نفسها فريسة تسقط بين فكى الطمع .. لكنها بررت لنفسها أنها لا تأخذ هذه النقود الوفيرة من ألاف الدولارات و التى تحققها من العمولات الكبيرة التى تجنيها من موقعها فى كيان الأخطبوط و لكنها تستغل هذه النقود لتلبى بها متطلبات و تقضى ألتزامات من أقساط شقة جاسر و مصاريف دراسته و تدريباته الرياضية و علاج والدتها كما أن لها حق فى أن تجهز نفسها للزواج فالعمر يتقدم بها فلا مانع من وضع متطلباتها فى خطتها مما يجعل رأسها مرفوعاً أمام عريس المستقبل دون أن ينقصها شئ فالنقود تكون فى أغلب الأحيان .. سند و ظهر و أمان !
أذا لا مانع من مد المهلة لبعض الوقت لحين الأنتهاء من تحقيق كل الأهداف المادية ثم لعب ماتش الأعتزال و الأنفصال عن كيان الأخطبوط ..
هكذا أقنعت فريدة نفسها فى حوار ذاتى داخلى دار لمدة دقائق فى لحظات تأمل عميقة و تم العدول عن قرارها لكن بصفة مؤقتة و مدته لحين ميسرة ..
كانت الأمور تسير على ما يرام ألى أن جائت شكوى لفريدة من أحد قادة فريقها أن لديه أكثر من عضو لم يوفق فى جذب أعضاء جدد نظراً للظروف البائسة لراغبى الأنضمام معهم و عندما توغل هذا القائد فى حياتهم الشخصية أكتشف أن ليس معهم من المال ما يكفى حتى لشراء أصغر باقة و باتت حياتهم كحلقات سلسلة متشابكة من ديون و أقساط و ما شابه .. هنا ضربت فريدة على هذا الوتر و أخبرت القائد صاحب الشكوى أن الواضح من حديثه أن هؤلاء الأعضاء لديهم من يرغبون فى الأنضمام لكنهم لا يملكون أى نقود بل يملكون صبراً كبيراً للأنتظام فى أقساط و الألتزام بها .. أخبرته فريدة أن هناك مكاتب تقرض مبالغ مالية مقابل فوائد بسيطة على أجمالى المبلغ و تمضى المقترضون أيصالات أمانة بقيمتها .. أعرض عليهم الذهاب لهذه المكاتب و أقتراض مبلغ سيكون لهم فيما بعد طوق النجاة من غرقهم فى أقساطهم و ديونهم !!
وعدها القائد أنه سينفذ و يقدم لهم هذا الحل و أثنى عليها و طلبت منه أن يكون على تواصل أون لاين معها فوعدها أنه سيفعل ..
********************************
على جروب مثلث القادة كانت المحادثات الكتابية تتوالى من الثلاثة ما بين الفرحة العارمة التى أنتابتهم و لا يستطيعون أخفائها و النابعة من أرصدتهم فى البنوك التى تتزايد و جيوبهم و قد أكتظت بالنقود
فقد تحول وضعهم المادى حرفياً ..
و ما بين تأنيب الضمير و الأحساس بتحمل الوزر لما يرتكبوه من دفع الناس و الزج بهم فى التخلى عن جزء من أنسانيتهم فى بعض المواقف ليتمكنوا من الحصول على المبالغ التى تتيح لهم الألتحاق بكيان الأخطبوط و الأنضمام لفريق العمل لتحقيق أحلامهم ..
لقد أبدوا أستيائهم تجاه الأساليب التى يضطروا للجوء أليها فى أوقات كثيرة للحفاظ على أستقرار الفريق التسويقى و ضمان تغذيته و مراعاته حتى يتنامى و يُجنى ثماره المرجوة .. ذكر لهم حازم أن مارك يخبرهم عندما تنتابهم مثل هذه الطاقة السلبية التى تسيطر عليهم الأن أن يتذكروا أثر النجاح و الرفاهية التى يحققوها و يجب أن يحافظوا عليها و يعلموا أن مصدر رزق الشركة هو النفس البشرية و عندما يتطلب الأمر فيجب تفريغ الناس من بشريتهم و ذلك من خلال مخاطبة أطماع الناس و ليس عقولهم و هذا كفيل على أن يفتح أمامكم الكثير من الأبواب المغلقة !!
كلمات كان لها أثر بالغ فى أحتقان فريدة و نضال من مستر سولى و مارك و من أيدولوجية الشركة كلها !
**************************************
رغم النجاح المميز الذى حققه مثلث القادة بعد مرورهم بكم صعوبات جمة فى تأسيس فرقهم التسويقية و دعم فرقهم و متابعتها و محاولة مراعتها لتكبر أمام أعينهم و كأن بناء فريق تسويقى يبدو كنمو طفل صغير تدريجياً أثر المراعاة و الأهتمام الذى يحظى بهما ..
لكن بدأت بعض الزعزعة تتسلل لفرقهم التسويقية و تصيبها بالخلخلة بسبب فشل بعض الأعضاء من تحقيق ما عليهم من تكليفات و بائت محاولاتهم بالفشل فى أجتذاب أعضاء فعالين لفرقهم مما جعلها تنهار و شعروا أنهم تورطوا و أبتاعوا منتجات لم يكونوا فى حاجة أليها من الأساس كما أنهم يروا أن أمكانياتها أقل من قيمتها المادية و بدأوا فى نشر حالة من البلبلة بين صفوف الفريق و ضربت هذه العدوى فرق القادة الثلاثة و ما كان عليهم سوى أن يبلغوا مارك بتطور الأحداث ..
أستقبل مارك أنزعاجهم فى هدوء مدروس و هدأ من روعهم و هو يبدى أعجابه بحماسهم تجاه الحفاظ على ما تعبوا فى بنائه بمجهوداتهم و أخبرهم أنه سينشر صور من شيكات تسليم العمولات لبعض القادة على مستوى الفروع الثمانية للشركة و هى شيكات بقيمة مالية عالية مدمج بهذه الشيكات صور لأصحابها و المدة التى حققوا فيها قيمة هذه العمولات الضخمة كنوع من التحفيز و التأكيد و برهنة للمتخلخل و ثبات لعزيمة الناجح أن هناك نماذج حقيقية على أرض الواقع قد حولت الحلم لواقع ملموس و الخيال لحقيقة مرئية و علي مثلث القادة نشر صور هذه الشيكات على جميع أعضاء الفرق التسويقية لديهم ..
كما أخبرهم مارك أنه سيقوم بأيجار أحدى القاعات الفخمة فى الأسكندرية لأقامة مؤتمراً و سيتم تصميم الدعاية لذلك و نشرها بين أعضاء الفرق التسويقية , و على مثلث القادة الترويج لهذا المؤتمر الذى سيتم فيه دعوة القادة الناجحين على رأسهم مثلث القادة و الذين تمكنوا من فهم سيستم العمل بكيان الأخطبوط و قاموا بتطبيقه و تحقيق العمولات التى تبدو خيالية لكثير من الأعضاء و غير الأعضاء بفرق عمل الشركة .. هؤلاء القادة حضروا بأنفسهم ليروى كلاً منهم قصة نجاحه للحاضرين و يلخص لهم أهم نقاط تحقيق النجاح .. بعد أن تكسوا شعارات للشركة و منتجاتها جدران القاعة و التى سيتم تجهيزها لمثل هذا الحدث الذى سيتولى تنظيمه طاقم مختص بذلك من قبل الشركة و لتسهيل الدخول عن طريق الحجز مسبقاً و دفع قيمة دعوة المؤتمر عن طريق الأبلكيشنات المختصة بذلك ..
أخبرهم مارك أن هذا المؤتمر الذى سيتم عقده سيكون أنسب رد على خائرى العزم و فاقدى الهمة فأما أن يشحذهم مرة أخرى فيتحمسوا و ينخرطوا فى سيستم العمل و يصبحوا قادرين على العطاء و أما بترهم و فصلهم عن الفرق التسويقية حتى لا يتحولوا لسرطان يصيب باقى صفوف الفرق ..
****************************************. ❝ ⏤محمد حسن عبد الجابر
الفصل السابع
7 -
نزل مستر سولى ضيفاً على صديقه رجل الأعمال راغب الشامى لكن هذه المرة كانت فى مكتب راغب الشامى داخل شركته و التى تبدو من الخارج
كصرح أقتصادى كبير و هى بالفعل على هذا القدر ..
رحب به راغب الشامى بحفاوة لا سيما بعد أن أخبره مستر سولى أنه قد أوفى بوعده و جاء ليخبره بأمر مشروعه الذى ينوى تأسيسه فى مصر كما أتفق معه سالفاً , و على ذلك فلم يدخل مستر سولى فارغ اليدين على صديقه السخى فكان يرافقه السائق حاملاً كرتونة تحوى شاشة سمارت 42 بوصة فقدمها مستر سولى كهدية متواضعة لصديقه فنالت أعجاب راغب الشامى و تقديراً لمستر سولى و بناء على رغبته أيضاً قرر راغب الشامى أن يعلق الشاشة موديل The Eye فى مكتبه
و يقوم بتوصيلها لتشغيلها وقت الحاجة أليها ..
كانت الشاشة مدخلاً جيداً لأستعراض نشاط شركة الأخطبوط و عرض فكرة المشروع , كان يصغى راغب الشامى لصديقه سولى و يبدى أندهاشه و يخبر مستر سولى أن هذا ليس الدرب الذى كان يسلكه فيما سبق .. فأخبر سولى صديقه أن لا بد من التجدد و التحور مع متطلبات العصر للأستمرار و ضمان النجاح .. لذلك سلك مستر سولى ....... [المزيد]
: - 2 -
كانا يجلسان فى مقهى ( اللؤلؤة ) فى واحدة من أفضل المناطق الريفية بمدينة الأسكندرية , يتميز المقهى بمساحة شاسعة فهو يستولى على المساحة الأرضية بالكامل للعقار الذى يعلوه كما أنه يطل على ناصية الشارع العمومى ..
هذا العقار ملك عم جابر و هو رجل أشيب الشعر و قد بلغ من العمر ستون عاما كان جالسا فى المقهى و الذى يملكه أيضا مع سيد و هو رجل أربعينى , يجلس عم جابر على مقعده المميز أمام مكتبه و فى الجهة المقابلة للمكتب كان يجلس سيد و أمامه منضدة صغيرة وضع عليها
صينيه تحمل فنجان القهوة المانو و كوباً من الماء ..
على هذا المكتب يتم أمضاء عقود الأيجار أو التمليك للشقق الخالية بالعقار , عم جابر يتحدث دوما مع الزبائن عن الشقق الخالية بفخر و فى ثقة محسومة لما يمتاز به العقار من موقع جغرافى حيوى و كامل الخدمات ناهيك عن رخصة البناء التى حصل عليها من الحى للعقار بأكمله و التى تجنب السكان شبح مشاكل الهدد أو التصالح و ما شابه من كوابيس تلاحق المواطنين على فترات متقاربة ..
كان سيد يخطب ود عم جابر فى محاولة لتقليص قيمة الأيجار لكن بائت محاولاته بالفشل و كاد أن يثير غضب عم جابر فقرر أن يكف عن المحاولة و يقبل بكلام عم جابر لأنه يدرك أن الأتفاق مناسب له و عليه فقد جرف مجرى الحوار و أشار بأصبعه للخارج الى فيلا تبدو غريبة الأطوار تقع على قرب من المقهى و بالتالى من الشقة التى سيقيم بها فسأل عم جابر عنها فى شغف على سبيل التعرف على المكان و ما فيه , لكن فى الواقع سيد من الشخصيات اللبلابية يتعايش و ينمو على معرفة أخبار الغير و التطفل على حياتهم و نقل الأخبار بعد أضافة التوابل الأدبية لها و هذا بالتأكيد يزج به فى مشاكل متنوعة مما أدى أيضا لأنتزاعه لقب عصفورة و بجدارة ..
كان واضحا على تعابير وجه عم جابر أنها أتسمت بالغضب عندما جادله سيد فى قيمة الأيجار و عندما غير سيد الموضوع بمكر و حول وجهة الكلام للأستفسار عن الفيلا كان يتوقع أنه بذلك يساعد عم جابر على أن تعود قسمات وجهه المقبوضة للبشاشة المعهودة عنه لكن ما حدث كان غير ذلك ..
لقد تبدلت ملامح عم جابر من الغضب للأنزعاج و التوتر
و بدا الحزن جليا فى عينيه بعد سؤال سيد ..
عقد سيد حاجبيه و قال : مالك يا عم جابر ؟ و ماله البيت دة ؟
عم جابر فى شرود : فيلا كمال القناوى .. الفيلا دى يا سيد يابنى كل أهل القرية تعرفها كويس و يعرفوا أهلها اللى كانوا موجوديين فيها , وقتها كله كان بيحب بعض و القرية دى كانت عيلة واحدة كبيرة فى المناسبات الحلوة والوحشة كله كان يتجمع و نفرح سوا ونحزن سوا .. لحد لما حصلت الفاجعة !!
تمتم سيد فى ذعر : أيه اللى حصل يا عم جابر ؟؟
أستطرد عم جابر و قد تغرغرت عيناه : من 6 سنين كانت عيلة الحاج كمال القناوى صديقى و حبيبى - الله يرحمهم - طالعين رحلة مصيف .. كان كمال و زوجته الحاجة هنية و أبنتهم هويدا و سمر زوجة أبنهم و الحفيدين التؤام ريم و مصطفى 4 سنين ولاد سمر و نضال .. راكبين الأتوبيس السياحى و فى طريقهم الفرامل هربت من الأتوبيس والسواق كان على سرعة عالية فركب الجزيرة و أتقلب .. كان فى نقل تقيل جاى ورا منه حاطط بسرعته ملمش نفسه لبس فيه و هرسه و كل اللى فى الأتوبيس اتوفوا قبل ما توصل الأسعاف !!
- أنفلتت دموع عم جابر على دون رغبة منه و فشل فى مقاومتها -
شرد سيد للحظات من فرط الصدمة ثم عاد و سأل : أنت قولت نضال يا عم جابر ابن الحاج كمال و أبو الطفلين صح ؟ كان فين ؟ و ايه اللى حصله ؟
عم جابر : نضال الوحيد اللى نجا فى العيلة دى لأنه مكانش معاهم .. نضال بطل الجمهورية فى الملاكمة و كان وقتها بيدرب ملاكمة فى أكاديمية خاصة و كان عنده أجتماع مهم جدا مع أدارة الأكاديمية اليوم دة لازم يحضره و فعلا قرر يحضره بعد ما أتفق مع الأدارة أنه هيسافر على طول بعد الأجتماع و فعلا حجز بصعوبة تذكرة فى الأتوبيس اللى معاد رحلته بعد رحلة الأتوبيس اللى طلع فيه عيلته ..
سيد فى نهم : و بعدين ؟
عم جابر : عرف الخبر على الطريق وهو فى الأتوبيس لما سمع السواق بيتكلم فى الموبايل و سواق زميله بيبلغه بالخبر فـ جن جنونه و صبر لحد لما الأتوبيس اللى هو راكبه وصل لمكان الأتوبيس المهروس اللى كان
مقبرة لعيلته كلها و فى يوم واحد !!
قدر الله و ما شاء فعل و محدش يعز على اللى خلقه يبنى ونعم بالله , بس الصدمة كانت فوق أحتمال نضال , حبس نفسه بعدها فى الفيلا دى 4 سنين مانع أى حد يقرب منه أو من الفيلا و كان يطلع منها للشديد القوى بس
و ساب شغله و زهد الدنيا !!
سيد : و السنتين اللى بعدهم دول راح فين ساب الفيلا ؟
عم جابر : ميقدرش يروح فى حتة و يبعد عن الفيلا دى و يسيب ذكرياته فيها لأنه كبر فيها و أتجوز وخلف فيها .. بس الزنقة وحشة و اربع سنين من غير شغل ولا دخل صعبة برضه و أتضطر أنه يبيع عربيته علشان يصرف و بعدها باع دهب كتير و لما لقى مفيش فايدة من الوضع دة و بعد ألحاح غير منقطع من زمايله الكباتن فى الأكاديمية , وافق أنه يرجع يدرب بوكس تانى بس فى الفيلا عنده و خاصة أنه عامل لنفسه فى الفيلا جيم صغير كدة و مكان تانى فيه حلبة ملاكمة كان بيتدرب فيه من زمان و الحاج كمال كان بيشجعه وبيدعمه .. قرر زمايله أنهم ميتخلوش عنه فكانوا بيقابلوه بشباب عايز يتمرن فى مجموعات خاصة و بدأ يخرج من القوقعة اللى دخل فيها بس برضه لسة حاطط حاجز كلفة زجاجى مع كل الناس ..
سيد فى فضول : و الحاجز دة معاك أنت كمان يا عم جابر و أنت صاحب والده و شكلك كنت قريب منه ؟
أندهش عم جابر من تأهب مراكز الفضول لدى سيد و قال له : بص يا سيد بما أنك فطن كدة و بتحب التفاصيل هريحك بس علشان أقولك مغزى كلامى دة كله ليه فى الأخر .. الحاجز الزجاج دة بيتكسر معايا أنا بس يا سيد فاهمنى ؟؟
رد سيد و قد ضاقت عيناه فيما يوحى بالغباء : تقصد ايه يا عم جابر ؟
عم جابر : القصة دى بطلت أتكلم فيها من زمان و أهل القرية كمان لأن بتقلب علينا أوجاع بتعصر قلوبنا بس أنا حكيتلك لانك غريب عن القرية و متعرفش أحداثها فكان واجب عليا أحكيلك علشان أفطنك ..
نضال عامل زى حقل الألغام يا سيد لو قربت منه .. هينفجر فى وشك .. عيش معانا فى سلام و ملكش دعوة بحد و أنسى الفيلا دى بس متنساش تحذيرى ليك من اللى ساكن جوة الفيلا دى .. عيش فى حالك لأن أهل القرية دلوقت بقى كله فى حاله لأسباب كتير منها أعباء الحياة و أهمها المحزنة اللى عاشها أهل القرية يوم ما نضال خسر عيلته و الوضع أتغير بعدها ..
أومأ سيد برأسه و كانت عيناه شاردتان الى لا شئ .. فتناول عم جابر القلم ومضى بأسمه فى الوريقات التى أمامه ثم
أزاحها لسيد و ناوله القلم ليفعل كما فعل ..
تم أمضاء العقود و دفع التأمين و المقدم و أتمام عملية الأيجار و عزم سيد على الرحيل فوقف ممسكا بحقيبة ملابسه و قبل مغادرته للمقهى و صعوده لأستلام الشقة بسط يده ليسلم على عم جابر و هو يقول له :
أن شاء الله معرفة خير ..
فمد عم جابر يده ليسلم على سيد و هو ضاغطأ على يده و قال له :
تذكر يا سيد .. تذكر أن تتذكر .. خليك دايما فى حالك ..
**********************
الظروف التى مر بها نضال لم تكن عادية على الأطلاق .. تجاوز محنة الفراق كان أمرا معقدا بالنسبة لنضال,هذا الشاب و الذى يبلغ من العمر ثلاثة وثلاثون عاما .. بقايا حطام أنسان بداخله كانت مازالت متمسكة بالحياة و جعلته يعود تدريجيا .. عاد و لكنه تبدل تماما و كأنه شخص أخر و كان ذلك واضحا لمن كان يعرفه .. الصدمة كانت ثقيلة عليه و مازال يشعر بوطأتها , تحول من شخص أجتماعى مرح لأكثر شخص صمتا و الأقل كلاما على الأطلاق ..
فيلا كمال القناوى تم تصميمها على طراز حديث من قبل مهندس ديكور ذات صيت مشرف فى مجاله , تم الأخذ بعين الأعتبار عند تصميم الفيلا بناء حمام سباحة طبيعى مثله كمثل أى حمام سباحة و لكن نضال بنفس عين الاعتبار طلب من المهندس تصميم حمام سباحة أضافى و لكن بمواصفات مختلفة نوعا ما و بجانب هذه المواصفات يكون موقع حمام السباحة فى مكان مغلق له سقف و يكون مخفى عن الأنظار قدر الأمكان .. و قد كان .. و نجح المهندس
فى تلبية رغبات نضال اللوغاريتمية !!
كانت المحصلة النهائية رائعة لتصميم الفيلا و تنفيذها من قبل المهندس حلمى مهندس الديكور الذى فعلها على المعتاد منه ..
لقد وضع الحاج كمال ما أختزنه طيلة حياته من جنيهات دهب و أموال فى ابتياع قطعة الأرض و بناء فيلته الحالية عليها و التى عاش حالما بها ليستمر شمل أسرته فى الترابط و يعيش هو و أبنائه و أحفاده فيما بعد فى مكانا واحدا يسعهم جميعا و يمكنهم من الأنسجام و التكيف ..
أنتقل كمال القناوى الى فيلته الجديدة منذ حوالى خمسة عشر عاما هو و أسرته من منزل قديم يقع بالقرب من الفيلا ..
*****************
اليوم و بعد مرور ستة أعوام على حادثة أسرة كمال قناوى يعيش نضال فى الفيلا وسط ذكرياته و ألامه و مع حربه الداخلية فى المقاومة من أجل البقاء .. هذه الفيلا و قد خيم عليها من الخارج شبح الحزن و الكأبة و كأنها حزينة على فراق ساكنيها , باتت أضاءة الفيلا سقيمة معظم الوقت حتى التفاعل فى محيط جنينة الفيلا و الحركة حول حمام السباحة الأساسى قلت هى الأخرى من الأدق وصفها بشبه معدومة فقد غابت الملائكة الصغيرة الذين كانوا يملئون هذه البقعة مرح و فرح و طاقة أيجابية , قلما ما يستخدم نضال هذا الجزء من الفيلا بعد الحادثة خاصة و أنه قد تم تخصيص الطابق العلوى بالكامل لنضال بعد زواجه من سمر و كان فى البداية يحتل نصف الطابق عندما كان أعزب فبجانب غرفته الأساسية كان يستغل غرفتان أخريتان غير غرفته الخاصة واحدة منهما حولها لجيم مصغر من بارات وتارات بأوازان متعددة و بعض الماكينات الرياضية المتواضعة , والغرفة الأخرى أسس فى مركزها حلبة ملاكمة و فى أركانها وضع أدوات الملاكمة من قفازات و كيس الملاكمة الرملى و غيرها من أدوات .. و ساعده فى ذلك أن الغرف تكتسب مساحات فسيحة تلهم بأبتكار أفكار فى أستخدامها و أستغلال بعضها بشكل مختلف ..
الطابق السفلى كان يضم غرف عديدة منها مثلا غرفة كمال قناوى و زوجته هنية و غرفة أخرى لأبنتهم هويدا ..
من أبرز الأماكن المتواجدة بالطابق السفلى ذاك الممر الطويل و الذى يشبه الدهليز .. عند المرور منه يشعر الماشى و كأنه فى جيب خفى من الفيلا , أخر الممر باب خشبى ضخم فخم .. عند فتح الباب يظهر حوش صغير بعده يوجد سور من السياج الحديدية هذا السور يطوق غابة مصطنعة و أن جاز التعبير و لكنها بدون نباتات يتوسط هذا السور باب حديدى
من نفس السياج الحديدية المكونة للسور يسمح بالدخول و الخروج منه !!
الغابة على النحو التالى .. حمام السباحة و الذى وضع نضال تصميمه مع المهندس حلمى عندما شرع فى تشييد هذه الفيلا , حمام السباحة كان ملحق به درج سلم خرسانى مكسو بالسيراميك و لكنه أكبر من المألوف لدى حمامات السباحة فكان أعرض من الطبيعى .. محيط حمام السباحة كان عبارة عن أرض صخرية صناعية خصص جزء منها ليكون رملى و فى زاوية من هذا المحيط تستقر بناية أرتفاعها عن الأرض حوالى متر على شكل صخرة مدرجة
يجلس على سطحها نضال !
شاب قوى البنية مفتول العضلات و قد كان
شاردا و كأن ذهنه محلقا فى عوالم أخرى !!
رن هاتف نضال و الذى كان بجانبه فأنتبه و عاد الى عالمنا أمسك هاتفه و نقر على أيقونة الرد الخضراء على شاشة هاتفه و كان المتصل هو أسر ..
نضال فى صوت محشرج بسبب فترات الصمت التى تقضيها حنجرته :
أزيك يا أسر .. قدامك أد أيه و توصل ؟؟
أسر : الحمد الله يا كابتن .. أنا وصلت و واقف أدام بوابة الفيلا ..
ممكن تفتحلى ؟
نضال فى أقتضاب : أنت لحقت .. أنت لسة مكلمنى من شوية ..
أسر : النهاردة يوم الحد و السكة رايقة ..
نضال : جايلك ..
و خرج نضال مسرعا فى الممر الطويل بعد أن أوصد الباب الحديدى للغابة الصناعية لكنه دفع الباب الخشبى الضخم خلفه
و لم يتحقق من أحكام غلق الباب الخشبى جيدا !
أسر هو شاب لا يتجاوز الخامسة عشر من عمره من الناشئين فى رياضة الملاكمة يقوم بتدريبه كابتن نضال فى كورس برايفت على رغبة من أسر منذ حوالى عام و توصلا لبعضهما من خلال أحد الكباتن زملاء نضال سابقا فى الأكاديمية التى كان يدرب فيها و أحد المخلصين لنضال و قد أصر على مساندته و تقديم العون له للخروج من محنته ..
مر أقل من دقيقة و كان نضال يفتح البوابة ليسمح لأسر بالدخول لكن أمرا جعله ينزعج و يحملق فى أسر و قال له بعد أن صار صوته أجش : أيه دة يا أسر ؟!
تلعثم أسر عند الأجابة و جاوبه : أسف يا كابتن دة جاكس الكلب بتاعى و للأسف محدش عندى فى الفيلا دلوقت أسيبه معاه وهو كمان أصر بشكل غريب أنه يجى معايا .. معلش هو هيقعد فى هدوء يستنانى لحد لما أخلص التمرينة و نمشى على طول ..
رد نضال فى زجر : أنا مبسمحش بكدة لحد يا أسر بس أنا بعزك و هوافق المرة دى بس أستثناء .. خليه دايما يبقى قريب منك ..
رد أسر منشكحا فى أنفراجة : حبيبى يا أبو الكباتن .. أوامر ..
دخل أسر و جاكس و أوصد نضال خلفهما البوابة الحديدية للفيلا و توجهوا صاعدين الدرج للطابق العلوى حيث صالة تدريب الملاكمة الخاصة بتدرب نضال و التى أتخذها موقعا لتدريب الناشئين ..
بدل أسر ثيابه بملابس رياضية و شرع فى الأحماء قبل البدء فى التدريب متبعا توجيهات كابتن نضال و الذى كان يجهز أدوات التمرين و يعد برنامجا لتدريب اليوم , على مقربة جلس الكلب جاكس فى أسترخاء باسطا ذراعيه
و مفترشا رجليه يتابع صديقه ..
بينما كان نضال منهمكا فى تدريب أسر و قد أندمجا الأثنان وهما يستمتعان بهذه اللحظات و التى تجعلهما يرتقان الى حالة من السعادة والرضا النفسى و هذا الشعور يكون وليد ممارسة الرياضة عندما يعتبرها الرياضى أسلوب حياة .. كان شعورا كفيلا لأن ينسيهما حضور الكلب و الذى أختفى وراح يتسلل عبر الدرج بعد أن أنتصبت أذناه و أشتدت و هذا يدل على أرتيابه من أمر ما , الكلاب تشعر وتحس وتشم وتسمع ما هو غير مألوف و تتجه لتبحث عن ما هو مريب و غريب فى المكان !
نزل جاكس على الدرج و سلك الممر الطويل و قد بدأ نباحه يشتد كلما أقترب من الباب الخشبى الضخم الفخم و الذى تركه نضال مواربا دون قصد ..
فجأة تزايد نباح الكلب فأنتبه كلا من نضال و أسر لأبتعاد الكلب و هرول نضال دون تعقل يلاحقه أسر وهو لا يفهم سبب ذعر مدربه لكنه أستشعر أن هناك أمرا مزعجا جعل جاكس ينبح هكذا , كان النباح يعلو كلما أقتربوا وقتها فهم نضال الى أين توجه جاكس فتتحول هرولته للوثب خاصة و قد بلغ نباح جاكس لذروته ثم أنقطع فجأة !!
وصل نضال و أسر أخر الممر فوجدا الباب الخشبى غير موصد و عندما جذبه نضال بعنف على أخره و دخل هو و أسر حتى صعق أسر من هول المنظر !!
و أيقن نضال حينها أنه أصبح فى ورطة حقيقية ..
أستطاع جاكس أن يتسلل من السياج الحديدية لداخل الغابة الصناعية لكنه لم يستطع أن يفلت من بين فكى التمساح رعد
و الذى داهمه عندما فلت من السور الحديدى !!
رعد هو السر الذى كان يخفيه نضال و أسرته عن كل أهل القرية عدا عم جابر و الذى كان يعرف بأمر التمساح الذى أطلق عليه نضال أسم رعد منذ أن أشتراه له والده وهو فقس صغير ..
رعد يصل طوله الأن لحوالى أثنان متر ونصف المتر.. كان قابعا أسفل الصخرة المدرجة و قد تخضب فكيه بالدماء أثر الفتك بجاكس وقطمه الى نصفين !!
مشهد كان كفيلا بأن يصل بأسر للأنهيار و قد هاج و ماج و هو يصرخ غير مستوعب ما حدث لكلبه و غير مصدق لوجود هذا الكائن الذى يقع على بضع خطوات و يفصله عنه مجرد سور حديدى .. حاول نضال جاهدا تهدئة أسر و قد جلجلت صيحاته للخارج بسبب وجود نافذة تهوية صغيرة فى المكان تسمح بدخول أشعة الشمس والهواء كما أنها تطل على شارع رئيسى .. حاول نضال السيطرة على أسر و أن يهدئ من روعه حتى لا يشعر من بالخارج بما حدث و ينكشف سر رعد بعد كل هذه السنوات لكن بائت محاولات نضال بالفشل و أضطر أسفا لأن يكيل له لكمة متوسطة الى ذقنه أنهت الموقف بأن سقط أسر مغشيا عليه ثم خرج نضال فى الممر مسرعا متوجها للبوابة الرئيسية للفيلا بعد سماعه تكرار صوت جرس الفيلا لمرات عديدة ..
يفتح نضال و هو يتمتم باللعنات فقد حدث ما كان يتوقعه و لا يرغبه , وجد عم جابر و جمعا من أهل القرية و قد تعرف على بعضهم و برز من بينهم سيد الذى كان يفسح لنفسه و يشق طريقه بين الجمع ليجد نفسه يقف فى مواجهة نضال مباشرة و قد أصبح عم جابر على جانبه !
سأله عم جابر و سط صيحات المتواجدون : أنت بخير يا نضال يبنى ؟؟ أحنا سمعنا نباح غريب لكلب و صوت حد بيزعق أو بيتخانق .. فى مشكلة معاك ؟ نقدر نساعدك ؟
نضال : مفيش حاجة يا عم جابر دة التلفزيون و كان صوته عالى حبة .. أنا أسف على الأزعاج دة يا جماعة و تشكروا .. تسلم يا عم جابر و ..
هنا قاطعه سيد و عينيه تخترق الفيلا للداخل و قد تقدم خطوة فخبط كتفه فى نضال وتزحزح وخطى البوابة الحديدية و قال : بس يا كابتن نضال دة مش صوت تلفزيون خالص .. دة كان صووو....
رمقه نضال بنظرات صارمة كاسحة و صار صوته أجش ثم تحول بناظريه لعم جابر وقال له فى ضجر بعد أن أمسك بذراع سيد و قد أحكم عليه قبضته بقوة فقطع جملته و ثبته مكانه : مين دة ؟!!
لم يعط سيد فرصة للحوار أن يستمر و حاول أن يتقدم مرة أخرى للدخول و أستكشاف الفيلا و معرفة ما حدث كذلك لم يعطه نضال الفرصة و فى لمح البصر جذبه من ذراعه فـ تقهقر سيد للخلف ثم وجه له نضال لكمة قوية جعلت الدم يسيل من أنفه .. كانت لكمة عنيفة
تسببت فى كسر عظمة أنفه و جعلته مترنحا غير متزنا !!
نضال من الطراز الذى لا يعبأ بالعواقب عندما يثار غضبه لكنه كان يجيد توجيه اللكمات لمراكز الوجه على حسب الموقف الذى يتعرض له !
كاد الأنفلات أن يعم المكان لكن تدارك عم جابر الموقف و صاح فى الجمع بالأنصراف بعد أن حمل أحدهم سيد على كتفه متجها به الى مستوصف القرية لعمل الأسعافات اللازمة له و قد كان سيد يخطرف و يتوعد نضال فى هذيان أنه سيدفعه ثمنا غاليا لما أرتكبه فى حقه ..
داخل الميدان كانت الفوضى مازالت تسود المكان رغم أنتهاء العرض و مغادرة فريدة و ماسة للميدان , و لحسم الفوضى و فض الموقف كان لا مفر من فك قيود طارق العايق و صرفه عن المكان .. بات ذلك جليا للمتعقلون المتواجدون من أصحاب المحال بالميدان , بالفعل شرع أحدهم و المدعو أيمن بمساعدة شريف و كريم من فك قيود العايق و ما أن أنتهوا حتى سكبوا على رأسه جردلا من الماء البارد فسهل عملية الأفاقة و قد نجحت محاولتهم ..
كان العايق جالسا أرضا ممددا رجليه و ظهره مستندا لجذع الشجرة الراسخة و قد أتخذ هذا الوضع بواسطة الثلاث شباب , بدأ العايق يستجمع نفسه تدريجيا وهو يلتفت حوله فيجد نفسه فى هذا الوضع و هو نصف عارى و أمامه جمع من الناس يضحكون و يتابعونه و كأنه قرد يقدم أحدى فقرات القرداتى , كان المشهد يزيد من صعوبة أستيعاب العايق لما حدث له فيصرخ فيهم و هو يتسائل و ظل يردد جملة واحدة فى ذهول : أيه اللى حصل .. أيه اللى حصل ..
بدأ ينهض و هو غير متزن فيقع و يعاود محاولة الوقوف مرات و مرات و الجمع من حوله يبتعد و ينتشر عشوائيا فى الميدان تحسبا لأى تهور ينتج من العايق مع ألقائه بكلمات وجمل سخرية من هنا وهناك
بما يفيد أن ينظر لوجهه !!
وقف العايق أخيرا بصعوبة و كان تأثير خليط البرشام مع الحشيش مع البنج الذى تعرض له عقله جعله يمشى و كأنه زومبى حتى وصل لمحل أيمن الذى يعرض أمام محله نموذجا لبيع نظارات شمسية و سحب العايق المرأة الدائرية المصغرة و نظر فيها فأتسعت عيناه و ثغر فاه و ألقى المرأة بتهور على الأرض فتهشمت و هم فى ألتقاط الحجارة من الأرض فهرع الناس من حوله و ساد الهرج و المرج لكن العايق تناول الحجارة وبدأ فى تصويبها فى جنون تجاه محل
- وشم و رسم - و هو يسب فريدة سبابا مقذعا و أصبح فى حالة من الهيستيريا الكاملة فأحدث أتلافات بالغة فى الديكورات الزجاجية التى تتزين بها واجهة المحل هنا أنقض عليه الثلاثة الذين حرروه من قيوده و تمكنوا من السيطرة عليه و قيدوه مرة أخرى و أتصلوا بفريدة و التى لم ترد عليهم فكانت غارقة فى سبات عميق , فتم الأتصال بماسة و أخبروها بما حدث و كانت تتحدث
مع شخص بجانبها طلب منها أن تخبرهم بأن يتحفظوا عليه
لقليل من الوقت و سينتهى الموضوع ..
ماسة كانت بصحبة والدها العقيد أحمد السويفى رئيس مباحث قسم شرطة فى أحدى المناطق الريفية بمحافظة الأسكندرية ..
كان العقيد السويفى قد أنهى عمله فى هذا اليوم على دون رغبة منه و غادر قسم الشرطة بأوامر من أبنته ماسة و هى أبنته الوحيدة و فؤاد قلبه , ليذهبا سويا و يختاران هدية مناسبة للحاجة عفاف زوجة السويفى و والدة ماسة بمناسبة عيد زواجهما و فى طريق العودة بعد أن أبتاعوا هدية قيمة , قصت ماسة على والدها و صديقها - كذلك تشعر تجاهه منذ نشأتها -
ما حدث معها و مع فريدة اليوم فى الميدان وتضجر لأنها لم تخبره من بداية الأمر فأخبرته أنها رغبة فريدة و كان يتحتم عليها أن تحترمها ..
مر وقت قصير حتى وصل السويفى و أبنته ماسة للميدان , لاحظت ماسة ما حدث لديكورات المحل فأنفعلت و صرخت فى زجر و توبيخ لطارق العايق وهو مكتوف الأيدى و ملقى أرضا و تسللت دمعة من عينيها حزنا على الخسائر التى لحقت بالمحل دون أن تبالى بخسائر العايق و التى دفعته للقيام بذلك ..
على أثرها تم مجاملة السويفى باشا من بعض الشباب المتواجدون منهم أيمن
- صاحب محل نظارات شمس و أكسسوارات - فى الميدان و كريم
- صاحب محل صيانة و بيع هواتف محمولة و أجهزة لاب توب و كاميرات مراقبة - و كانا على معرفة به جيدا و قد قضى لهما سابقا بعض الخدمات الصعبة بتوسط من ماسة , فقاما بحمل و شحن العايق فى حقيبة سيارة السويفى باشا كما طلب منهما و غادر سيادة العقيد ليعود مرة أخرى لمكان عمله و معه أبنته و العايق , طلب من ماسة أن تتصل بفريدة و تخبرها أن تحضر فورا لقسم الشرطة و بحوزتها كل الدلائل التى تثبت وقائع التحرش من رسائل و فويسات و أيضا الفيديو الذى تم تسجيله بالمحل ..
*****************
دخل نضال الفيلا مزمجرا غاضبا يلعن سوء الحظ و يلعن الأغبياء و يتعجب لتبدل الحال فى غمضة عين .. من الأستمتاع بالتدريب الى ما وصل اليه الأمر , حمل أسر على كتفه و صعد به للطابق العلوى و دخلا غرفة ضيوف و بدأ نضال مهمة الأفاقة لأسر حتى نجح لكن بمثابة أستعادة أسر أستيعابه كاد أن يدخل فى نوبة هياج مرة أخرى لكن أجبره نضال بلطف على التريث و الهدوء و أخبره أنه يدرك كم هو مؤلم أن يفقد كلبه و له كل الحق فى أن يحزن عليه و أوضح لأسر أنه يقدر هذا الأحساس و يعرف مذاقه جيدا و مقدار الألم لفقدان عزيز سواء من البشر أو حيوان يكون بعد تربيته بمثابة واحدا من الأسرة .. أخبره أن التمساح رعد يساعده بأن يظل قلبه ينبض فهو أعز صديق لديه و هو العزيز الوحيد الباقى لديه بعد ما فقد عائلته , أخبره أن
رعد صديقه منذ أكثر من 18 عاما !!
أخبره أنه كان يراعيه منذ أن كان فقس صغير حتى بلغ عمره ثلاث سنوات و بلغ حجمه حوالى متر .. وقتها عزموا على الأنتقال لمنزل أخر فقرر أن يخصص له بيتا مناسبا داخل المنزل الجديد و هذا ما حدث و أنتقلوا جميعا للفيلا بصحبة رعد و الذى عاش معهم فيها خمسة عشر عاما حتى تحول نضال و رعد لصديقان و أستمرت بينهما العلاقة و هو يتعامل معه بحظر من منطلق أن رعد فى النهاية كائن مفترس ! لقد أخبره نضال بكل ذلك !
بدا الأندهاش و الذهول واضحا على وجه أسر و كأن حديث نضال معه جلسة تنويم مغناطيسى .. بكى أسر لفقدان جاكس فأعتذر له نضال و كان هذا صعبا على نضال لكنه فعل و كرر أسفه لأسر لما فقده و طلب منه أن يظل أمر رعد سرا بينهما حتى لا تتم مصادرته من قبل وزارة البيئة فلن يتحمل فراق أخر من تبقى له فى هذه الحياة ..
فى هذه اللحظات مر أسر بأحساسين متماوجين متناقضين .. شعور بالتعاطف مع نضال و شعور بالأنتقام لكلبه .. لملم نفسه و جمع أشيائه فى ثقل و هو مفعم بالبؤس و غادر و هو يهمهم فى أسى و يقول : هنا كانت مقبرة جاكس !
أنفرد بعدها نضال بنفسه فى غرفته محاولا الخلود للنوم للأنفصال بعض الوقت عن الواقع و ما أن حاول حتى رن جرس الفيلا فظن أن أسر قد نسى شيئا و عاد ليلتقطه فذهب و فتح البوابة الحديدية لكنه تفاجأ بقدوم قوة من قسم الشرطة لتنفيذ الأحكام و طلبوا منه أن يذهب معهم لقسم الشرطة و عندما سأل عن السبب أنطلقت الجملة التقليدية .. هناك هتعرف ..
فأوصد البوابة الحديدية خلفه و ركب السيارة الخاصة بهم و غاب عن أنظار عم جابر و الجالسون فى مقهى اللؤلؤة المقابل للفيلا ..
و على الفور أستقل عم جابر سيارته مع عددا من الرجال الشهام ليلحقوا بسيارة الشرطة و يذهبوا للقسم ليكاتفوا نضال لتجاوز محنته ..
*****************
داخل قسم الشرطة كان العقيد السويفى جالسا على مكتبه و فى كامل هيبته و على وضعه , كان يوجد أمام مكتبه كرسيين أنتظار جلد تجلس ماسة على واحدا منهما و فريدة على الأخر .. طارق العايق كان يقف فى أحد زوايا المكتب فى رهبة و ذلة و رغم ذلك كانت بداخله رغبة ملحة فى الأنقضاض على فريدة و الفتك بها لكنه يعى جيدا أنه لو فعل ذلك فسيودع حريته لفترة مجهولة المدة و من الأسباب الداعمة لفقدان حريته تاريخه المشوه و سجله الملئ بمحاضر تحرش و تعدى , رغم ذلك حاول فى مناوشة الموقف و صرح بأنه يرغب فى تحرير محضر لفريدة لتعمدها أحداث عاهة مستديمة فى وجهه ..
هنا أنفجر العقيد السويفى فى الضحك فأرتعدت فرائص العايق و سكن الرعب قلبه ثم قال له السويفى : محضر عاهة قدام محاضر منها : تحرش
- و قام السويفى بتشغيل عدد من الفويسات و الفيديوهات التى تدين العايق بعد أن حصل عليها من فريدة و ماسة -
و تعدى و بلطجة و تهشيم ملكيات خاصة غير تعاطى
و أتجار المخدرات و .... الخ
فبدت الخيبة واضحة على وجه العايق ..
أجرى السويفى هذا التحقيق بنفسه فى مكتبه و بعد أجراء مكالمة هاتفية بقسم الشرطة التابع للمنطقة التى تمت فيها الواقعة و أخبر معاون المباحث هناك أنه كان يمر بمحض الصدفة و وجد هذه المشكلة فتولى حلها بنفسه فى مكتبه و ذلك ليبرر السويفى و يقنن التحقيق مع العايق فى قسم الشرطة الذى يعمل به ..
خاطب العايق العقيد فى توسل : أوامرك يا باشا ..
العقيد السويفى فى تغطرس : هتشيل من دماغك خالص موضوع محضر عاهة و فواحة و الهبل دة و هتمضى على محضر عدم تعرض و هتشيل فريدة من دماغك نهائى و ألا ....
فقاطعه العايق فى نبرة توحى بالأمتثال التام لما يقول : مفهوم يا بشوية مفهوم .. و همضى .. همضى ..
خرجت فريدة و ماسة من المكتب بعد أن طلب العقيد السويفى من أبنته أن تسبقه الى المنزل و سيرسل معها من يقوم بتوصيلها هى وفريدة و سوف ينهى بعض الأمور فى مكتبه و يلحق بها على المنزل و سيحتفظ بالهدية التى قاما بشرائها ليقدمها لزوجته عندما يعود ...
*****************
بالقرب من غرفة مكتب العقيد السويفى كانت تقع غرفة مكتب النقيب أسلام ظابط المباحث و الذى أصدر أمرا بضبط و أحضار المدعو نضال كمال القناوى بسبب تحرير سيد مصطفى الدمنهورى محضرا فى نضال يدعى فيه أن الأخير قد أعتدى عليه و أبرحه ضربا مما أدى لأحداث أصابات بالغة و أبدى سيد رغبته فى أستكمال المحضر و أرفاق تقرير طبى لحالته لينال من نضال ..
كان نضال يقف أمام مكتب النقيب و حوله عم جابر و بعض رجال القرية الذين جائوا لمساندة نضال , فى زاوية هناك كان يقف سيد مع أحد أمناء الشرطة
و هو بلدياته من كفر الدوار و يدعى محمود وهو الذى ساعد فى تحريك المحضر و سرعة ضبط و أحضار نضال لقسم الشرطة !
*********
عندما خرجت فريدة و صديقتها ماسة من مكتب العقيد كان يتوجب عليهما المرور من أمام مكتب النقيب أسلام لتتمكنا من الوصول للدرج المؤدى لأسفل و منه للخروج و المغادرة ..
عندما أقتربت فريدة من مكتب النقيب كان نضال يقف عائقا للمرور و فريدة خلفه تستأذنه ليفسح لها الطريق لتتمكن من المرور فأنتبه لها نضال و أفسح لها الطريق بالفعل وهو يعتذر لكنه بعد ما فعل ذلك و أصبح الطريق واسعا تسمرت فريدة فى مكانها و هى تنظر لنضال نظرة لم يستطع أن يفسرها و بينما كان نضال لا يبالى بنظرات فريدة التى لا يفهمها مدت له فريدة يدها بالسلام وهى تقول له :
أزيك يا كابتن نضال ؟ أقدر أساعدك ؟
رد عليها نضال فى عدم أكتراث لأنه لا يعرفها : الحمد الله .. شكرا ..
ثم أشاح بوجهه بعيدا !!
حتى أنوثة فريدة الطاغية لم تحرك لنضال ساكنا فلم يعد شئ بقادر على التأثير فى نضال فما مر به بدله لشخص لم يعد يدهشه شئ !
ماسة جذبت فريدة من ذراعها و الفضول سيقتلها لتعرف ما العلاقة التى تربطها بهذا الشخص و كيف لم تحكى لها من قبل .. لكن فريدة طلبت من ماسة طلبا غريبا .. طلبت منها أن تتوسط عند ظابط المباحث أن يساعد نضال و يخرجه من الورطة التى يقع فيها و هى لا تعرف كنهها و بعدها ستشبع فضولها و تخبرها بما تريد ..
و بالفعل أمتثلت ماسة لطلبها بحكم قوة صداقتهم و دخلت مكتب الظابط أسلام بعد أن طرقت على الباب وسمح لها بالدخول .. رحب بها النقيب بحفاوة ليس فقط لأنها أبنة رئيسه فى العمل و لكن يرجع الترحيب و الأستقبال المميز لنظرة الأعجاب التى تملأ عينين أسلام فى كل مرة يقابل فيها ماسة بمحض الصدفة ..
طلبت منه أن يساعد الشاب المدعو نضال .. فأخبرها أنه تعدى على شخص و هشم أنفه فأخبرته أن هذا جميل ستحفظه له لو تم .. و على أثره أستدعى الظابط سيد و نضال وعرض عليهما الصلح فرفض بالطبع سيد و لكن وبخه أسلام و أرهبه عندما ذكر له أن نضال يرغب فى تحرير محضر له بأقتحام فيلته لسرقتها فأنعقد حاجبى نضال من الدهشة لأنه لم يتذكر أن طلب ذلك من الظابط , و أستطرد الظابط و أخبر سيد أنه سينتظر بالقسم لحين أنهاء عرضه طبيا للحصول على التقرير الطبى فى الصباح كما أنه سيحتجزه مع نضال بسبب محضر الأقتحام و السرقة , بدا التوتر واضحا على سيد الذى يرفض تماما فكرة أن يقضى ليلة داخل الزنزانة مع المجرمين على شاكلتهم هذا غير حبسه مع نضال فى مكانا واحدا .. أشتغل عقله و أنزعج بمثل هذه الأفكار فأضطر لأن يميل للصلح و يتنازل عن المحضر !!
شكر نضال النقيب أسلام - خريج مدرسة العقيد السويفى - فقال له أسلام أشكر فريدة قريبتك و أشار له بالأنصراف .. رحل نضال وهو ينظر للكارت الشخصى الممسك به فى يده و قد منحته له فريدة قبل أن تنصرف و قبل دخوله مكتب الظابط , قد يكون ما حدث من فريدة هو أول موقف من سنوات يثير فضول نضال و يشغل الجزء الخلفى من ذهنه !
كان الفضول أيضا قد تمكن من ماسة لتعرف ما الذى يربط فريدة بالمدعو نضال و هى تستشعر أنها قد رأت نضال من قبل لكن التفاصيل قد محاها النسيان .. و سألتها كيف تعرفه جيدا و هو لا يتذكرها فى حين أن فريدة من الصعب أن ينساها من يقابلها و لو لمرة واحدة !
فى السيارة التى تقلهما للعودة بدأت فريدة فى أخماد نار الحيرة التى لسعت ماسة و أخذت تذكرها فتقول لها و قد تغرغرت عيناها بالدموع :
فاكرة الحادثة المريعة اللى بابا أتوفى فيها من 6 سنين ؟؟
ماسة فى شئ من الحزن : طبعا فاكراها .. الله يرحمه ..
فريدة : كانت نفس الحادثة اللى أتوفيت فيها أسرة نضال كلها .. بابا كان سائق أتوبيس الرحلات اللى كان فيه عيلة نضال .. و تصدرت الحادثة دى وقتها التريند على مواقع التواصل الأجتماعى و كانت حديث وسائل الأعلام و تعاطف الجميع مع نضال لحجم ما فقد .. نضال ساعتها كان كالمجذوب عقله قفل وقتها على الحادثة و مطلعش منها غير بألم و معاناة الفراق !!
وقتها مركزتش مع مصيبة نضال لأن فراق بابا كان أكبر صدمة و كان كفيل أنه يشغلنى و يلهينى .. بعدها بفترة جبت رقم نضال و أتصلت بيه علشان أعزيه ولكنه دخل فى نوبة صمت تام و بصراحة مهتمتش أتصل تانى بعدها , بس كان صعبان عليا و كان نفسى أقدمله أى مساعدة
حتى لو دعم معنوى بس محصلش نصيب ..
ماسة قد ربطت بعض الخيوط و أستحضرت من ذهنها صور للحادث و تذكرت وجه نضال ثم خبطت بكفها على جبهتها وقالت لفريدة :
فكرتينى يا صاحبة التريندات .. أبقى أفتحى النت لأنك ركبتى التريند النهاردة
بفيديو طارق العايق اللى أجتاح النت !!
********************
. ❝ ⏤محمد حسن عبد الجابر
الفصل الثاني
- 2 -
كانا يجلسان فى مقهى ( اللؤلؤة ) فى واحدة من أفضل المناطق الريفية بمدينة الأسكندرية , يتميز المقهى بمساحة شاسعة فهو يستولى على المساحة الأرضية بالكامل للعقار الذى يعلوه كما أنه يطل على ناصية الشارع العمومى ..
هذا العقار ملك عم جابر و هو رجل أشيب الشعر و قد بلغ من العمر ستون عاما كان جالسا فى المقهى و الذى يملكه أيضا مع سيد و هو رجل أربعينى , يجلس عم جابر على مقعده المميز أمام مكتبه و فى الجهة المقابلة للمكتب كان يجلس سيد و أمامه منضدة صغيرة وضع عليها
صينيه تحمل فنجان القهوة المانو و كوباً من الماء ..
على هذا المكتب يتم أمضاء عقود الأيجار أو التمليك للشقق الخالية بالعقار , عم جابر يتحدث دوما مع الزبائن عن الشقق الخالية بفخر و فى ثقة محسومة لما يمتاز به العقار من موقع جغرافى حيوى و كامل الخدمات ناهيك عن رخصة البناء التى حصل عليها من الحى للعقار بأكمله و التى تجنب السكان شبح مشاكل الهدد أو التصالح و ما شابه من كوابيس تلاحق المواطنين على فترات متقاربة ..
كان سيد يخطب ود عم جابر فى محاولة لتقليص قيمة الأيجار لكن بائت محاولاته بالفشل و كاد أن يثير غضب عم ....... [المزيد]