دليل الكتب والمؤلفين ودور النشر والفعاليات الثقافيّة ، اقتباسات و مقتطفات من الكتب ، أقوال المؤلفين ، اقتباسات ومقاطع من الكتب مصنّفة حسب التخصص ، نصوص وصور من الكتب ، وملخصات فيديو للكتب ومراجعات وتقييمات 2025
تنبيه: متصفحك لا يدعم التثبيت على الشاشة الرئيسية.
×
❞ فلما انصَرَف رَسُولُ اللهِ ﷺ إلى المدينة ، لم يكن إلا أن وضع سلاحه ، فجاءه جبريل ، فقال : أوضعت السلاح ، والله إن الملائكة لم تضع أسلحتها ؟! فانهض بمن معك إلى بني قريظة ، فإني سائر أمامك أزلزل بهم حصونهم وأقذف في قلوبهم الرعب ، فسار جبريل في موكبه من الملائكة ، ورسول الله ﷺ على أثره في موكبه من المهاجرين والأنصار ، وقال ﷺ لأصحابه يومئذ ( لا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُم العَصْرَ إِلَّا في بني قُرَيْظَةَ ) ، فبادروا إلى امتثال أمره ونهضوا من فورهم ، فأدركتهم العصر في الطريق ، فقال بعضهم : لا نصليها إلا في بني قريظة كما أمرنا ، فصلوها بعد عشاء الآخرة ، وقال بعضُهم : لم يُرِدْ ﷺ منا ذلك ، وإنما أراد سُرعة الخروج ، فَصَلَّوْها في الطريق ، فلم يُعنف واحدة من الطائفتين ، وأعطى رسول الله ﷺ الراية علي بن أبي طالب ، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم ، ونازل حصون بني قريظة ، وحصرهم خمساً وعشرين ليلة ، ولما اشتد عليهم الحِصَارُ ، عرض عليهم رئيسهم كعب بن أسد ثلاث خصال🔸️إما أن يُسْلِمُوا ويدخُلوا مع محمد في دينه🔸️وإما أن يقتلوا ذراريهم ، ويخرجوا إليه بالسيوف مُصلتة يناجِزُونه حتى يظفروا به ، ️أو يُقتلوا عن آخرهم🔸️وإما أن يهجموا على رسول الله ﷺ وأصحابه ويكبسوهم يوم السبت ، لأنهم قد أمِنُوا أن يُقاتلوهم فيه ، فأبوا عليه أن يُجِيبُوهُ إلى واحدة منهن ، فبعثوا إليه أن أرسل إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر نستشيره ، فلما رأوه ، قاموا في وجهه يبكون ، وقالوا : يا أبا لُبابة ! كيف ترى لنا أن ننزل على حكم محمد ؟ فقال : نعم ، وأشار بيده إلى حلقه يقول : إنه الذبح ، ثم عَلِمَ مِن فوره أنه قد خان الله ورسوله ، فمضى على وجهه ، ولم يَرْجع إلى رسول الله ﷺ حتى أتى مسجد المدينة ، فربط نفسه بسارية المسجد ، وحلف ألا يحله إلا رسول الله ﷺ بيده ، وأنه لا يدخل أرض بني قريظة أبداً ، فلما بلغ رسول الله ﷺ ذلك ، قال ( دَعُوهُ حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ ) ، ثم تاب الله عليه ، وحله رسول الله ﷺ بيده ، ثم إنهم نزلوا على حكم رسول الله ﷺ فقامت إليه الأوس ، فقالوا : يا رَسُولَ الله ! قد فعلت في بني قَيْنُقاع ما قد عَلِمْتَ وهم حلفاء إخواننا الخزرج ، وهؤلاء موالينا ، فأحسن فيهم فقال ﷺ ( أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَحْكُم فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْكُم؟ ) قالوا : بلى قال ( فَذَاكَ إلى سَعْدِ بْنِ مُعَاذ ) قالوا : قد رضينا ، فأرسل إلى سعد بن معاذ وكان في المدينة لم يخرج معهم لجُرح به ، فأُرْكِبَ حماراً وجاء إلى رسول الله ﷺ فجعلوا يقولون له وهم كَنَفتَاهُ ، يا سَعْدًا أجمل إلى مواليك ، فأحسن فيهم ، فإن رسول الله ﷺ قد حكمك في فِيهِم لِتُحْسِنَ فيهم ، وهو ساكت لا يرجع إليهم شيئاً ، فلما أكثروا عليه ، قال : لقد آن لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم ، فلما سَمِعُوا ذلِكَ رجع بعضهم إلى المدينة ، فنعى إليهم القوم ، فلما انتهى سعد إلى النبي ﷺ قال ﷺ للصحابة ( قُومُوا إِلَى سَيِّدكُم ) فلما أنزلوه ، قالوا : يا سعدا إن هؤلاء القوم قد نزلوا على حكمك ، قال : وحكمي نافذ عليهم ؟ قالوا : نعم ، قال : وعلى المسلمين ؟ قالوا : نعم ، قال : على من ها هنا وأعرض بوجهه ، وأشار إلى ناحية رسول الله ﷺ إجلالاً له وتعظيماً؟ قال ﷺ ( نعم ، وعَليَّ ) قال : فإني أحكم فيهم أن يُقتل الرِّجَالُ ، وتُسْبَى الذَّرِّيَّةُ ، وتُقسم الأموال ، فقال رسول الله ﷺ ( لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَات ) ، وأسلم منهم تلك الليلة نفر قبل النزول ، وهرب عمرو بن سعد ، فانطلق فلم يُعلم أين ذهب ، وكان قد أبي الدخول معهم في نقض العهد ، فلما حكم فيهم بذلك ، أمر رسول الله ﷺ بقتل كُلِّ من جرت عليه الموسى منهم ، ومن لم يُنبتُ اُلحق بالذرية ، فحفر لهم خنادق في سوق المدينة ، وضُرِبَتْ أعناقهم ، وكانوا ما بين الستمئة إلى السبعمئة ، ولم يقتل من النساء أحد سوى امرأة واحدة كانت طَرَحَتْ على رأس سويد بن الصامت رُحى ، فقتلته ، وجعل يُذهب بهم إلى الخنادق أرسالاً أرسالاً ، فقالوا لرئيسهم كعب بن أسد يا كعب ما تراه يُصنع بنا ؟ فقال : أفي كل موطن لا تعقِلُونَ ؟ أما ترون الداعي لا يَنزِعُ ، والذاهب منكم لا يرجعُ ، هو والله القتل ، فهذا كُلُّه في يهود المدينة ، وكانت غزوة كل طائفة منهم عَقِبَ كُلِّ غزوة من الغزوات الكبار ، فغزوة بني قينقاع عقب بدر ، وغزوة بني النضير عقب غزوة أُحد ، وغزوة بني قريظة عقب الخندق. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ فلما انصَرَف رَسُولُ اللهِ ﷺ إلى المدينة ، لم يكن إلا أن وضع سلاحه ، فجاءه جبريل ، فقال : أوضعت السلاح ، والله إن الملائكة لم تضع أسلحتها ؟! فانهض بمن معك إلى بني قريظة ، فإني سائر أمامك أزلزل بهم حصونهم وأقذف في قلوبهم الرعب ، فسار جبريل في موكبه من الملائكة ، ورسول الله ﷺ على أثره في موكبه من المهاجرين والأنصار ، وقال ﷺ لأصحابه يومئذ ( لا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُم العَصْرَ إِلَّا في بني قُرَيْظَةَ ) ، فبادروا إلى امتثال أمره ونهضوا من فورهم ، فأدركتهم العصر في الطريق ، فقال بعضهم : لا نصليها إلا في بني قريظة كما أمرنا ، فصلوها بعد عشاء الآخرة ، وقال بعضُهم : لم يُرِدْ ﷺ منا ذلك ، وإنما أراد سُرعة الخروج ، فَصَلَّوْها في الطريق ، فلم يُعنف واحدة من الطائفتين ، وأعطى رسول الله ﷺ الراية علي بن أبي طالب ، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم ، ونازل حصون بني قريظة ، وحصرهم خمساً وعشرين ليلة ، ولما اشتد عليهم الحِصَارُ ، عرض عليهم رئيسهم كعب بن أسد ثلاث خصال🔸️إما أن يُسْلِمُوا ويدخُلوا مع محمد في دينه🔸️وإما أن يقتلوا ذراريهم ، ويخرجوا إليه بالسيوف مُصلتة يناجِزُونه حتى يظفروا به ، ️أو يُقتلوا عن آخرهم🔸️وإما أن يهجموا على رسول الله ﷺ وأصحابه ويكبسوهم يوم السبت ، لأنهم قد أمِنُوا أن يُقاتلوهم فيه ، فأبوا عليه أن يُجِيبُوهُ إلى واحدة منهن ، فبعثوا إليه أن أرسل إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر نستشيره ، فلما رأوه ، قاموا في وجهه يبكون ، وقالوا : يا أبا لُبابة ! كيف ترى لنا أن ننزل على حكم محمد ؟ فقال : نعم ، وأشار بيده إلى حلقه يقول : إنه الذبح ، ثم عَلِمَ مِن فوره أنه قد خان الله ورسوله ، فمضى على وجهه ، ولم يَرْجع إلى رسول الله ﷺ حتى أتى مسجد المدينة ، فربط نفسه بسارية المسجد ، وحلف ألا يحله إلا رسول الله ﷺ بيده ، وأنه لا يدخل أرض بني قريظة أبداً ، فلما بلغ رسول الله ﷺ ذلك ، قال ( دَعُوهُ حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ ) ، ثم تاب الله عليه ، وحله رسول الله ﷺ بيده ، ثم إنهم نزلوا على حكم رسول الله ﷺ فقامت إليه الأوس ، فقالوا : يا رَسُولَ الله ! قد فعلت في بني قَيْنُقاع ما قد عَلِمْتَ وهم حلفاء إخواننا الخزرج ، وهؤلاء موالينا ، فأحسن فيهم فقال ﷺ ( أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَحْكُم فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْكُم؟ ) قالوا : بلى قال ( فَذَاكَ إلى سَعْدِ بْنِ مُعَاذ ) قالوا : قد رضينا ، فأرسل إلى سعد بن معاذ وكان في المدينة لم يخرج معهم لجُرح به ، فأُرْكِبَ حماراً وجاء إلى رسول الله ﷺ فجعلوا يقولون له وهم كَنَفتَاهُ ، يا سَعْدًا أجمل إلى مواليك ، فأحسن فيهم ، فإن رسول الله ﷺ قد حكمك في فِيهِم لِتُحْسِنَ فيهم ، وهو ساكت لا يرجع إليهم شيئاً ، فلما أكثروا عليه ، قال : لقد آن لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم ، فلما سَمِعُوا ذلِكَ رجع بعضهم إلى المدينة ، فنعى إليهم القوم ، فلما انتهى سعد إلى النبي ﷺ قال ﷺ للصحابة ( قُومُوا إِلَى سَيِّدكُم ) فلما أنزلوه ، قالوا : يا سعدا إن هؤلاء القوم قد نزلوا على حكمك ، قال : وحكمي نافذ عليهم ؟ قالوا : نعم ، قال : وعلى المسلمين ؟ قالوا : نعم ، قال : على من ها هنا وأعرض بوجهه ، وأشار إلى ناحية رسول الله ﷺ إجلالاً له وتعظيماً؟ قال ﷺ ( نعم ، وعَليَّ ) قال : فإني أحكم فيهم أن يُقتل الرِّجَالُ ، وتُسْبَى الذَّرِّيَّةُ ، وتُقسم الأموال ، فقال رسول الله ﷺ ( لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَات ) ، وأسلم منهم تلك الليلة نفر قبل النزول ، وهرب عمرو بن سعد ، فانطلق فلم يُعلم أين ذهب ، وكان قد أبي الدخول معهم في نقض العهد ، فلما حكم فيهم بذلك ، أمر رسول الله ﷺ بقتل كُلِّ من جرت عليه الموسى منهم ، ومن لم يُنبتُ اُلحق بالذرية ، فحفر لهم خنادق في سوق المدينة ، وضُرِبَتْ أعناقهم ، وكانوا ما بين الستمئة إلى السبعمئة ، ولم يقتل من النساء أحد سوى امرأة واحدة كانت طَرَحَتْ على رأس سويد بن الصامت رُحى ، فقتلته ، وجعل يُذهب بهم إلى الخنادق أرسالاً أرسالاً ، فقالوا لرئيسهم كعب بن أسد يا كعب ما تراه يُصنع بنا ؟ فقال : أفي كل موطن لا تعقِلُونَ ؟ أما ترون الداعي لا يَنزِعُ ، والذاهب منكم لا يرجعُ ، هو والله القتل ، فهذا كُلُّه في يهود المدينة ، وكانت غزوة كل طائفة منهم عَقِبَ كُلِّ غزوة من الغزوات الكبار ، فغزوة بني قينقاع عقب بدر ، وغزوة بني النضير عقب غزوة أُحد ، وغزوة بني قريظة عقب الخندق. ❝
❞ ملخص كتاب ❞كتاب ترجمة الإمام أحمد بن حنبل❝ المقدمة: لا يختلف أحد على أن الإمام (أحمد ابن حنبل) هو إمام أهل السنة والجماعة، فما هي ظروف نشأته وطلبه للعلم؟ وكيف وصل إلى هذه المكانة؟ وما هي قصة ثباته في فتنة القول بخلق القرآن؟ وجهوده في كتابه (المسند)؟ 1- نسبه، وسعيه في طلب العلم: هو شيخ الإسلام، (أبو عبد الله): (أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس الشيباني). ولد في ربيع الأول سنة 164هـ في (بغداد)، توفى أبوه وهو لا يزال طفلًا؛ فَرُبِّي (أحمد) يتيمًا، وظهرت عليه علامات النبوغ والورع منذ طفولته. بدأ الإمام في طلب العلم مبكرًا، واتجهت همته إلى طلب الحديث وله من العمر خمس عشرة سنة، وذلك في سنة 179هـ، ومش شدة حبه للعلم كان يريد أن يخرج لطلب العلم قبل أن تشرق الشمس فتمنعه أمه، وتقول: "حتى يصبح الناس". وكان أول من كتب (أحمد) الحديث عنه هو الإمام (أبو يوسف القاضي). وظل (أحمد) ملازمًا لمحدِّث (بغداد) (هشيم بن بشير) حتى وفاته، وكتب عنه أكثر من ثلاثة آلاف حديث، وبدأ يظهر قدر (أحمد) منذ تلك الأيام. ثم رحل الإمام (أحمد) بعد وفاة شيخه (هشيم) إلى الكوفة ماشيًا، وكانت هذه الرحلة هي أولى رحلاته، وكان له من العمر عشرون سنة، فسمع فيها (أبو معاوية الضرير) و (وكيع) وذاع صيته في (الكوفة) أنه حجة في حديث (هشيم)، حتى أن الإمام (وكيع) سأله ذات مرة عن حديث إن كان عند (هشيم)؟ فأجابه (أحمد): لا، وفي (الكوفة) حفظ كتب (وكيع) كلها، وكان الإمام (وكيع) يجله ويحترمه ويعرف قدره.
وتوالت رحلات الإمام (أحمد) بعد ذلك سعيًا لطلب العلم، فرحل في سنة 186هـ إلى (البصرة)، وكان دائم الرحلة بين (الكوفة) و (البصرة)، ورحل في سنة 187هـ إلى (الحجاز) أول مرة، فسمع هناك عن (سفيان بن عيينة)، وكان يقول: "فاتني (مالك) فأخلف الله عليَّ (سفيان بن عيينة)"، والتقى في (مكة) بـِِِ (الشافعي) أول مرة، ثم تعددت اللقاءات بينهما في (بغداد)، حين أقام بها (الشافعي) سنة 195هـ مدة سنتين، وقد كتب الإمام (أحمد) كتب (الشافعي) كلها. وفي سنة 199هـ خرج الإمام (أحمد) إلى (اليمن)، مع رفيق رحلته (يحيى بن معين)، للسماع من (عبد الرزاق بن همَّام الصنعاني) صاحب (المصنف)، وكان صيت الإمام (أحمد) قد سبقه إليه، فأقام عنده قرابة عشرة أشهر، سمع في أثنائها منه الكتب، وبعد عودته إلى (بغداد) شرع الإمام (أحمد) بتصنيف (المسند)، وهو في السادسة والثلاثين من عمره. وللشيخ رحلات أخرى كثيرة إلى (الشام) و (واسط) و (طرطوس).. وغيرها، وما من بلد رحل إليه الإمام، إلا وله إليه رحلات متكررة، وليس رحلة واحدة، وكانت آخر رحلاته في سنة 209هـ إلى (الشام)، ثم رجع منها إلى (بغداد) ولم يخرج منها حتى كانت المحنة سنة 218هـ.. ❝ ⏤عماد علي عبد السميع حسين
ملخص كتاب ❞كتاب ترجمة الإمام أحمد بن حنبل❝
المقدمة: لا يختلف أحد على أن الإمام (أحمد ابن حنبل) هو إمام أهل السنة والجماعة، فما هي ظروف نشأته وطلبه للعلم؟ وكيف وصل إلى هذه المكانة؟ وما هي قصة ثباته في فتنة القول بخلق القرآن؟ وجهوده في كتابه (المسند)؟
هو شيخ الإسلام، (أبو عبد الله): (أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس الشيباني). ولد في ربيع الأول سنة 164هـ في (بغداد)، توفى أبوه وهو لا يزال طفلًا؛ فَرُبِّي (أحمد) يتيمًا، وظهرت عليه علامات النبوغ والورع منذ طفولته. بدأ الإمام في طلب العلم مبكرًا، واتجهت همته إلى طلب الحديث وله من العمر خمس عشرة سنة، وذلك في سنة 179هـ، ومش شدة حبه للعلم كان يريد أن يخرج لطلب العلم قبل أن تشرق الشمس فتمنعه أمه، وتقول: "حتى يصبح الناس". وكان أول من كتب (أحمد) الحديث عنه هو الإمام (أبو يوسف القاضي). وظل (أحمد) ملازمًا لمحدِّث (بغداد) (هشيم بن بشير) حتى وفاته، وكتب عنه أكثر من ثلاثة آلاف حديث، وبدأ يظهر قدر (أحمد) منذ تلك الأيام. ثم رحل الإمام (أحمد) بعد وفاة شيخه (هشيم) إلى الكوفة ماشيًا، وكانت هذه الرحلة هي أولى رحلاته، وكان له من العمر عشرون سنة، فسمع فيها (أبو معاوية الضرير) و (وكيع) وذاع صيته في (الكوفة) أنه حجة في حديث (هشيم)، حتى أن الإمام (وكيع) سأله ذات مرة عن حديث إن كان عند (هشيم)؟ فأجابه (أحمد): لا، وفي (الكوفة) حفظ كتب (وكيع) كلها، وكان الإمام (وكيع) يجله ويحترمه ويعرف ....... [المزيد]
كان للإمام (أحمد) الكثير من المناقب، فقد كان الإمام (أحمد) يخاف على نفسه الشهرة واجتماع الناس حوله، فقد كان يقول: "أريد أن أكون في بعض تلك الشعاب بـِِِ (مكة) حتى لا أُعرَف، فقد بُليت بالشهرة، وإني لأتمنى الموت صباحًا ومساءًا". كان الإمام مشهودًا له بالزهد والورع، يقول (أبو عبد الرحمن النسائي): "جمع (أحمد بن حنبل) المعرفة بالحديث والفقة، والورع والزهد والصبر". وقال (أبو داود): "كانت مجالس (أحمد) مجالس الآخرة، لا يُذكر فيها شيء من أمر الدنيا، ما رأيته ذَكر الدنيا قط". وعن (المروذي) قال: "لم أر الفقير في مجلس أعز منه في مجلس (أبو عبد الله)، وكان مائلًا إليهم مُقْصرًا عن أهل الدنيا، وكان فيه حلم، ولم يكن بالعَجُول، وكان كثير التواضع، تعلوه السكينة والوقار، إذا جلس في مجلسه بعد العصر لا يتكلم حتى يُسْأل، وإذا خرج إلى مسجده لم يتصدر، يقعد حيث ينتهي به المجلس".
وكان رحمه الله كثير العبادة، قال ابنه (عبد الله): "كان أبي يصلي في كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة، فلما مرض من تلك الأسواط التي أضعفته، كان يصلي كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة. وكان يقرأ في كل أسبوع ختمتين، إحداهما ....... [المزيد]
3- فتنة القول بخلق القرآن ودور الإمام فيها
4- مسند الإمام (أحمد بن حنبل)، قصة تصنيفه، ومكانته بين العلماء
5- جهود العلماء المبذولة في خدمة المسند