█ حصرياً جميع الاقتباسات من أعمال المؤلِّف والكاتب ❞ ار اوستن فريمان ❝ أقوال فقرات هامة مراجعات 2024 آر أوستن (١٨٦٢–١٩٤٣): كاتبٌ بريطانيٌّ اشتُهر بكتابة القصص البوليسية عام ❰ له مجموعة الإنجازات والمؤلفات أبرزها القفل العجيب لغز البورتريه الكبير وقصص أخرى دفتر قضايا الدكتور ثورندايك مغامرات ثورندايك: العظمة المُغنِية الناشرين : مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة ❱
كان هو أول من قدَّم «القصة البوليسية المعكوسة» (التي تصف الجريمة كاملةً وتكشف الجاني في البداية، ثم تُوضح محاولة المُحقِّق لحلِّ اللغز). وُلد في لندن، ودرس الصيدلة، ثم درس الطب في مستشفى ميدلسكس. بدأ في كتابة الروايات والقصص التي كان بطلُ العديد منها هو مُحقِّقَ الطب الشرعي الدكتور «ثورندايك»، ونُشرت أولى قصصه في عام ١٩٠٧، واستمر في نشر قصةٍ للدكتور «ثورندايك» سنويًّا حتى وفاته
❞ ˝لا أتذكر أيُّ مناسبة تلك التي دعتْني إلى تناوُل العشاء مع ثورندايك في مطعم جيامبوريني في تلك الليلة تحديدًا التي لم تنمحِ بعدُ من ذاكرتي. مما لا شك فيه أن بعض الأعمال المنجَزة كانت قد استدعت حضورَ هذا الاحتفال المتواضع على ما يبدو. على أية حال، دخلنا إلى المطعم وجلسنا على طاولة اختارها ثورندايك في مكان منعزل بعضَ الشيء، جلسنا أمام نافذة كبيرة تتدفق من خلالها أشعةُ الشمس في شهر يونيو. حضرت الترتيبات الأولية وهي زجاجة من نبيذ البارساك، وكنا مترددين بين مجموعة من أطباق المقبلات نصف المطهوة، وعندئذٍ دخل رجل وجلس على طاولة أمام طاولتنا، من الواضح أنها كانت محجوزةً له؛ لأنه سار إليها مباشرةً وسحب الكرسيَّ الوحيد الذي كان موضوعًا بزاوية تجاه الطاولة˝ . ❝
❞ فقال فيتلوورث: «أرى أنك لم تبدأ العمل بعد.»
فنظر إليه الرسام محدقًا عبر نظارته الضخمة السميكة، وهز رأسه الذي يعلوه شعر أحمر متشابك طويل للغاية.
ثم رد قائلًا: «لا، إني أتفحصها أولًا قبل البدء.»
فسأله فيتلوورث: «هل تظن أن نسختك تحتاج إلى أي عمل إضافي؟ إنها ممتازة كما هي، على الرغم من انخفاض طفيف في درجة اللون.»
فأجابه الفنان مستوضحًا: «ليست أكثر انخفاضًا من الأصل، أليس كذلك؟»
˝رد فيتلوورث: «بلى، ولكنها ستنخفض خلال عام أو نحوه، عندما تزداد قتامة المادة المستخدمة، وهي أكثر انخفاضًا بكثير من اللوحة الأصلية حين رسمت في البداية.»˝ . ❝
❞ ˝واصل العازف الغريب كلامه في إصرار، ودون أن يتحرك من مكانه، قائلًا: «ومِن ثَم، ستُقِر بأن كل نوع من أنواع الجمال يُمكن تعزيزه بالعرض والتوضيح عبر نوع آخر من الجمال. ومن جهتي، فأنا أعتبر الموسيقى الملائمة والمحركة للأحاسيس أمرًا ضروريًّا من أجل التقدير الواجب للجمال التصويري.» واختتم حديثه بهذه الكلمات، ثم التفَّ مبتعدًا وتحرك عبر المعرض متبوعًا، مثل زمار هاملين، بجمع غفير من الحضور˝ . ❝
❞ مر وقت ليس بالقصير قبل أن تستقر المعارض مرة أخرى. بينما اجتمع الطلاب في مجموعات، وناقشوا بشغف أمر العازف الغريب الرائع، وأُمطِر فيتلوورث، وهو ينتقل من مجموعة إلى أخرى، بسيل من الأسئلة لا حصر له. وكان وقت الغَداء قد اقترب عندما وجد نفسه مرة أخرى بجوار الغرفة المعزولة حيث يجري العمل على نسخ البورتريه، وقد لاحظ، أثناء مروره عبر الممر، أن رسَّام الألوان المائية قد غادر بالفعل. ثم وجد السيد ددلي يُحدق بسخط من خلال نظارته الكبيرة في الصورة الموجودة على حامله، وأظهرت له نظرة واحدة عليها أن هناك سببًا وجيهًا للاستياء.
«ما رأيك فيها؟» سأله الرسام وهو ينظر بعين الشك . ❝
❞ وجد فيتلوورث نفسَه أمام معضلة؛ إذ لا تُوجَد قاعدة صريحة تمنع عزف الآلات الموسيقية في المعرض، كما أن التصرف بحد ذاته لم يكن فيه ما يُخالف القانون؛ علاوة على أن حُجة العازف الغريب، رغم كونها خيالية وغير واقعية، قد سِيقَت بلباقة ومنطقية؛ مما شكَّل صعوبة في التعامل معها. فحافظ على ابتسامته وهو يُحاول تقدير الموقف للوصول إلى قرار سليم، بينما توقَّف العازف الغريب أمام لوحة «صعود سانت أورسولا» للرسام كلود لورين، وعلى الفور بدأ في عزف حزين لمقطوعة «المغادرة إلى سوريا». كانت سخرية الموقف أكبرَ مما يُمكن لفيتلوورث احتمالُه، ولم يستطع استجماع قدرته على الاعتراض مجددًا إلا بعد أن شارفت المقطوعةُ على النهاية؛ وبينما تحرك العازف الغريب مبتعدًا عن اللوحة، أبلغه فيتلوورث اعتراضَه المهذب وحثَّه على التوقف. عاود العازف النظر إلى فيتلوورث بتأنيب مندهش، وراح يحثُّه مجددًا على مراعاة الصلة الوثيقة بين الأنواع المختلفة للجمال، مستشهدًا بعروض الآنسة مود آلن كمثال مألوف وشهير، وبينما أخذ فيتلوورث يقدح زِناد فكره لإيجاد ردٍّ مناسب، توقف العازف أمام بورتريه إليسا بونابرت للرسام جاك لويس ديفيد، وحدَّق فيها بنظرة نارية، ثم انطلق يعزف مقطوعة «مرسيليا» . ❝
❞ فيتلوورث بالإيجاب˝
فهز العازف الغريب رأسه برصانة؛ ثم قال: «إن هذه تبدو وجهة نظر خاطئة للغاية. إنك بالتأكيد لا تُنكر الصلة الوطيدة بين الفنون الجميلة؟»
ابتسم فيتلوورث ابتسامة تهرب من الرد، فاستأنف العازف الغريب كلامه، وسط همهمات وضحكات تشجيع من الطلاب، وقال:
«أنت لن تُنكر يا سيدي أن الفنون الجميلة المختلفة ما هي إلا أساليبُ متنوعة للإحساس العام بالجمال.»
لم يكن فيتلوورث يُنكر أي شيء؛ لكنه اعترض فقط على عزف آلة الأوبوا داخل المكان . ❝
❞ ˝نظر العازف الغريب إلى الموظف بنظرة متجهمة بها بعضُ التأنيب، خافضًا نَغْمة العزف؛ ثم بدأ فجأة في عزف مقطوعة أوكتاف ثم افتتح مجموعة تنويعات لحنية جديدة برشاقة مدهشة. فابتسم فيتلوورث ابتسامة حاول أن يجعلها رقيقة، وانتظر بصبر حتى انتهت المعزوفة الرائعة بمقطع منمَّق مذهل؛ ثم كرر اعتراضه المهذب. فأبعد العازف الغريب الآلة الموسيقية عن فمه، وانتظر حتى توقف التصفيق، ثم التفت بثبات نحو فيتلوورث.
وقال: «هل أفهم من موقفك هذا أنك تعترض على عزف الموسيقى في هذا المعرض؟»˝ . ❝