█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ الطبقة الوسطى التي تلعب في أي مجتمع دور قضبان الجرافيت في المفاعلات الذرية .. انها تبطئ التفاعل و لولاها لانفجر المفاعل .. مجتمع بلا طبقة وسطى هو مجتمع قابل للانفجار ..” . ❝
❞ إذا كنت في البحر وأردت أن تحدد وضعك، فأنت في حاجة إلى نسبة هذا الوضع إلى بعدين .. هما الطول والعرض ..
فأنت عند التقاء خط طول كذا بعرض كذا .
أما إذا كنت طائرًا في الهواء وأردت أن تحدد موضعك، فأنت في حاجة إلى ثلاثة أبعاد .. الطول والعرض والإرتفاع .. لتحدد النقطة التي أنت فيها بالضبط .
وهذه الأبعاد الثلاثة لا تصف لنا حركتك .. لأن وضعك يتغير من لحظة لأخرى على محور رابع غير منظور ولا ملموس .. هو الزمن .
فإذا أردت أن تعرف حركتك .. فإن الأبعاد الثلاثة لا تكفي، ولابد أن تضيف إليها بعدًا رابعًا .. هو الزمن .. فأنت على خط طول كذا وخط عرض كذا في ارتفاع كذا في الوقت كذا ..
ولأن كل شيء في الطبيعة في حالة حركة .. فالأبعاد الثلاثة هي حدود غير واقعية للأحداث الطبيعية .. والحقيقة ليست ثلاثية في أبعادها ولكنها رباعية .
إنها .. المكان والزمان معًا ( في متصل واحد ) .. ( Space – time continuum )
ولكن المكان والزمان يظهران دائمًا منفصلين في إحساسنا .. لأننا لا نرى الزمان ولا نمسكه كما نمسك بالأبعاد المكانية الأخرى .. ولا نعرف له معادلًا موضوعيًا خاصًا به كما المكان .. ومع هذا فاتصال الزمان بالمكان حقيقة ..
بدليل أننا إذا أردنا أن نتتبع الزمان فإننا نتتبعه في المكان .. فنترجم النقلات الزمانية بنقلات مكانية ..
فنقول " فُلان بيكبر " ونقصد في السِن، والحجم ..
ونقول " وقت الغروب " ونقصد انحدار الشمس في المكان بالنسبة للأرض ..
ونقول " اليوم .. والشهر .. والسنة .. " وهي إشارات للأوضاع المكانية التي تحتلها الأرض حول الشمس .
ونحن حينما ننظر في أعماق السماء بالتلسكوب .. لنشاهد نجومًا بعيدة جدًا بيننا وبينها ألوف السنين الضوئية، نحن في الحقيقة ننظر في الزمان لا في المكان وحده .. نحن ننظر في ماضي هذه النجوم .. وما نراه هو صورتها حينما غادرها الضوء ليصل إلينا بعد هذه الألوف من السنين .
ومع هذا فنحن لا نستطيع أن نتخيل شكلًا ذا أبعاد أربعة ..
إن هذه التركيبة الخيالية تُحدِث لنا دَوارًا ..
فكيف يمكن أن يضاف الزمان إلى الأبعاد الثلاثة ليصنع شكلًا ذا أبعاد أربعة .. وماذا تكون صفة هذا الشكل .. !
وأينشتين يقول أننا سجناء حواسّنا المحدودة .. ولهذا نعجز عن رؤية هذه الحقيقة وتصورها .
ولكن كل ما في الكون من أحداث يثبت أن هذه التركيبة ليست تركيبة فرضيّة رياضية .. وإنما هي حقيقة ..
فالزمان غير منفصل عن المكان، وإنما هما نسيج واحد ..
وهذا النسيج هو " المجال " الذي تدور فيه كل الحركات الكونية .. وعند كلمة " مجال " نتوقف قليلًا .. فهي كلمة لها عند أينشتين معنى جديد عميق ..
** ** **
كلمة " مجــال " .. هي الكلمة التي رد بها أينشتين على نظرية الجاذبية لنيوتن ..
نيوتن يقول إن الجاذبية قوة كامنة في الأجسام تجذب بعضها إلى بعض وتؤثر عن بُعد .
ولكن أينشتين يرفض نظرية التأثير عن بُعد .. وينكر أن الجاذبية قوة .. ويقول إن الأجسام لا تشد بعضها بعضًا .. ولكنها تخلق حولها " مجالًا " ..
كل جسم يحدِث اضطرابًا في الصفات القياسية للفضاء حوله .. كما تُحدِث السمكة اضطرابًا في الماء حولها .. ويخلق حوله مجالًا ( نتيجة التعديلات التي تحدث في الزمان والمكان حوله ) ..
وكما في المغناطيس يمكن تخطيط هذا المجال عن طريق رش برادة الحديد .. كذلك يمكننا عن طريق الحساب والمعادلات أن نحسب شكل وتركيب مجال جسم معين عن طريق كتلته ..
وقد استطاع أينشتين أن يقدم بالفعل هذه المعادلات المعروفة بمعادلات التركيب .. وأرفق بها مجموعة أخرى من المعادلات سماها معادلات الحركة .. لحساب حركة أي جسم يقع في ذلك المجال ..
وتفسير ما يحدث في نظر أينشتين حينما يجذب المغناطيس برادة الحديد .. أن برادة الحديد تتراص في صفوف في الفضاء وفقًا للمجال .. لأنها لا تستطيع أن تسلك سُبلًا أخرى في حركتها نتيجة التعديلات التي أحدثها وجود المغناطيس في الخواص القياسية للفضاء حوله ..
إن المغناطيس لا يجذب البرادة ..
والبرادة لا تنجذب إلى المغناطيس ..
ولكنها لا تجد طريقًا تسلكه سوى هذه السكك الفضائية الجديدة التي اسمها المجال المغنطيسي ..
تمامًا كما تَخلق السمكة نتيجة حركتها في الماء تيارًا تسير فيه ذرات الغبار العالقة بالماء .. ويبدو على هذه الذرات أنها تسير منجذبة إلى السمكة .. ولكنها في الواقع تتحرك وفقًا للدوامة المائية وللتيارات التي خلقتها السمكة بحركتها في الماء ..
إنها لا تتحرك بقوة السمكة .. بل هي تتحرك وفقًا لمجال .
وكان من الممكن أن تمر هذه النظرية على أنها نوع من التخريف والهذيان، لولا أن معادلات أينشتين قد استطاعت أن تتنبأ بظواهر طبيعية وفلكية .. كانت تُعتبَر إلى وقت قريب من الألغاز .
فقد ظلت حركة عطارد حول الشمس لغزًا حتى فسرتها هذه المعادلات ..
والظاهرة التي كانت تحير العلماء أن هذا الكوكب الصغير ينحرف عن مداره بمقدار معين كل عدد معين من السنين .. وأن المجال الذي يدور فيه ينتقل من مكانه بمضي الزمن ..
وقد تنبأت معادلات أينشتين بمقدار الإنحراف بالضبط .. وكان التفسير الذي قدمه أينشتين لهذه الظاهرة أن شدة اقتراب عطارد من الشمس بالإضافة إلى سرعة دورانه وعِظَم جاذبية الشمس .. هو الذي يؤدي إلى هذا الاضطراب في المجال والانحراف المشاهَد في مدار الكوكب ..
أما النبوءة الثانية فكانت أخطر من الأولى، وأكثر إثارة للأوساط العلمية ..
فقد كان معلومًا أن الضوء ينتشر في خطوط مستقيمة .. وهكذا تعلمنا في كتب الضوء الأولية التي درسناها في المدارس ..
ولكن أينشتين كان له رأي آخر ..
فمادام الضوء طاقة، والطاقة مادة .. فلابد أن يخضع الضوء لخواص المجال كما تخضع برادة الحديد فيسير في خطوط منحنية حينما يقترب من جسم مثل جسم الشمس .. ذي مجال جاذبية قوي ..
فلو رصدنا نجمًا يمر ضوؤه بجوار الشمس لوجدنا أن الشعاع القادم إلينا ينحرف إلى الداخل ناحية مجال الشمس ولرأينا الصورة بالتالي تنحرف إلى الخارج بزاوية معينة قدَّرها أينشتين 1.75 درجة ..
وكان رصد مثل هذا النجم يقتضي الانتظار حتى يأتي وقت الكسوف .. لتكون رؤيته إلى جوار الشمس ممكنة .
** ** **
ولقد أسرع العلماء يبنون مراصدهم في المناطق الإستوائية .. وعلى ذرى الجبال .. في انتظار اللحظة الحاسمة التي يمتحنون فيها هذه النظرية الخرافية ..
فماذا كانت النتيجة .. ؟
سجلت المراصد انحرافًا قدره 1.64 درجة .. أي قريبًا جدًا من نبوءة أينشتين ..
إذًا أينشتين على صواب .. والضوء مادة، والأشعة الضوئية لا تسير في خطوط مستقيمة .. وإنما تنحني وفقًا لخطوط المجال ..
هل هذا الرجل شيخ طريقة يَعلَم الغيب ويحسب حساب النجوم ويعرف مقدّراتها دون أن يراها .. ؟!
هل هو رجل مكشوف عنه الحِجاب .. ؟!
وما هذا السر الذي وضع يده عليه .. وبدأ يفض به مكنونات الوجود .. ؟!
ما حكاية " المجال " الذي يتكلم عنه .. وما معناه .. ؟
وما معنى النسيج الواحد من المكان والزمان ذي الأربعة أبعاد .. ؟
وكيف يَخلُق الجسم مجالًا حوله .. ؟
أينشتين يشرح هذا الغموض قائلًا .. إن أي جسم يوجد في مكان وزمان .. فإنه يُحدِث تغييرات في الخواص القياسية لهذا المكان والزمان .. فينحني الفضاء حول هذا الجسم كما تنحني خطوط القوى حول المغانطيس .. وهذه التغييرات هي المجال .
وكل ذرة مادية تقع في هذا المجال تعدّل سيرها وفقًا له .. كما تتراص برادة الحديد وفقًا لخطوط المجال حول المغناطيس ..
وعلى هذا الأساس تدور الأرض حول الشمس .. لا بسبب قوة جذب الشمس .. ولكن بسبب خصائص المجال الذي تخلقه الشمس حولها .
الأرض لا تجد مسلكًا تسير فيه سوى هذا المسلك الدائري .. وكل الكواكب محكومة في مسالكها بخطوط دائرية .. هي انحناءات المجال حول الأجسام الأكبر منها ..
الجاذبية ظاهرة أشبه بظاهرة القصور .. الأجسام قاصرة عن أن تتعدى مجالاتها المرسومة ..
ولا يُجدي أن نقول إن الفضاء واسع .. فلماذا تأخذ الأجسام هذه المسارات الدائرية وتعجز عن الخروج منها .. !
فالبحر واسع أيضًا .. ومع هذا حينما تتلقف دوامة حطام إحدى المراكب فإنها تظل تدور به في مجالاتها لا تفلته .. ويعجز بدوره عن الخروج من قبضتها مع أن البحر واسع لا حدود لآفاقه ..
ونحن نرى الطائرات في الجو تتجنب المطبات الهوائية .. والدوامات .. لأنها تفقد تحكمها إذا وقعت في أسرها ..
ولا شك أن جانبًا كبيرًا من غموض المسألة سببه أن عيوننا لا ترى هذه الأشياء التي اسمها خطوط المجال .. إنما نحن نتتبعها عن طريق قياس أثرها ثم نحسب حسبتها في ذهننا عن طريق المعادلات والرموز الرياضية .. ثم نبني لها شكلًا خياليًا في عقلنا ..
أما حكاية المكان والزمان اللذان يؤلفان نسيجًا واحدًا .. فهي مشكلة المشاكل في النسبية ..
فإننا بحكم حواسنا المحدودة لا نستطيع أن نرسم صورة أو شكلًا لهذا الشيء ذي الأبعاد الأربعة ..
..
مقال / البعد الرابع .
من كتاب / أينشتين والنسبية
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله) . ❝
❞ أنتِ أيضاً صحابيَّة!
وها هو نبيُّكِ ﷺ، وحبيبكِ قد عاد من رحلته إلى السَّماء!
جالسةٌ أنتِ في جمع الصَّحابة
وكلُّكِ لهفة لتسمعي شيئاً من عجائب المعراج!
وها هو الذي حلَّ ضيفاً في سِدرة المنتهى،
يُسرِجُ لكِ صهوةَ الكلامِ بعذبِ صوته ويقول لكِ:
لمَّا كانت الليلة التي أُسريَ بي فيها،
أتتْ عليَّ رائحة طيِّبة،
فقلتُ: يا جبريلُ ما هذه الرائحة؟
فقال: بينما هي تُمشِّطُ ابنة فرعون ذات يوم
إذ سقطَ المشطُ من يدها، فقالت: بسم الله!
فقالتْ لها ابنة فرعون: أبي؟!
فقالتْ: لا، ولكن ربي وربُّ أبيكِ الله!
قالتْ: أأخبره بذلك؟
قالت: نعم!
فأخبرته، فدعاها،
فقال: يا فلانة وإنَّ لكِ ربَّاً غيري؟
قالتْ: نعم، ربي وربُّكَ الله!
فأمر بقِدْرٍ من نُحاسٍ فأُحميتْ
ثم أمرَ أن تُلقى هي وأولادها فيها!
قالتْ له: إنَّ لي إليكَ حاجة!
قال: وما حاجتكِ؟
قالتْ: أُحبُّ أن تجمع عظامي وعظام أولادي
في ثوبٍ واحدٍ وتدفننا!
قال: ذلكَ لكِ علينا من الحق!
فأمر بأولادها فأُلقوا بين يديها واحداً واحداً!
إلى أن انتهى ذلكَ إلى صبيٍّ لها رضيع،
وكأنها تقاعستْ من أجله،
فقال: يا أُمَّاه، اقتحمي،
فإنَّ عذابَ الدنيا أهون من عذاب الآخرة!
أرأيتِ ما يفعلُ الإيمان بالقلوب أيتها الصحابيَّة؟!
أرأيتِ كيف يُحوَّل المرء من كائنٍ ضعيفٍ
إلى جبلٍ ثابتٍ لا يركعُ إلا لربِّه،
إنها مجرَّد ماشطةٍ بين آلاف الخدم،
وفرعون الملكُ الجبَّار الذي يهابه الرجال الأشداء
وينادي في الناس كذباً وزوراً: ﴿أنا ربكم الأعلى﴾
فلا يجد من يخبره بكفره وافترائه
بلد كاملٌ منصاعٌ له عن آخره خوفاً ورهبة
ولكن الإيمان غيَّرَ كل هذه المعادلة!
الخادمة الضَّعيفة في مواجهة الملكِ الذي يحكم ظلماً،
والإله الذي يُعبدُ كُفراً،
مواجهة محسومة مسبقاً لولا الإيمان الذي قلبَ الموازين،
وقفتْ الماشطة بثباتٍ حيث يرتجفُ الرِّجال،
وقالتْ لفرعون قولاً لم يسبق أن سمعه من غيرها،
ربي وربُّكَ الله!
كل جيوش فرعون لم تُغنِ عنه شيئا،ً
كل جبروته ذهبَ أدراج الرياح،
وجلس صاغراً يأخذ درساً في التوحيد من ماشطة ابنته:
˝ربي وربُّكَ الله˝!
لولا الإيمان ما سمعنا بهذه المرأة،
ولطواها التاريخ كما طوى ملايين الناس،
ولكنه الإيمان أقوى جنود الله إذا ما تمكَّنَ من القلب!
أنتِ بالإيمان، جبل وإن كنتِ تفيضين أنوثة!
وأنتِ بالإيمان جيش، وإن كنتِ وحدكِ!
مع الإيمان لا شيء في الدُّنيا يستطيعُ هزيمتكِ،
إنه سلاحُكِ الأقوى، وسيفُكِ الأمضى!
تتأملين أنوثتكِ في المرآة
وأنتِ المفطورةُ على أن تُظهريها لتُشبعي جوع الحُب عندكِ،
ولكنَّ الإيمان الذي في قلبكِ يجعلكِ تقولين لنفسكِ؟
هذا الجمال يجب أن يُصان عن العيون،
هذه الأنوثة سأخبئها إلى حين يأتي صاحبها،
فيجدني كالدُّرة المُصانة التي لا تُعرضُ في الواجهات!
الذَّهب يُعرضُ على الرفوف أمام المارَّة،
أما الدُّررُ فتُخبأ إلى أن يأتي من يعرف قيمتها!
أنتِ بالإيمان أقوى!
يمرُّ بكِ الفقرُ الذي يمرُّ بالنَّاس فيسخطهم على قَدَرِ الله،
أما أنتِ فتقولين له:
إنَّ الله تعالى لم يحرمني عن قلَّة ما عنده،
فخزائن السماوات والأرض بيده،
ولكنها دار امتحان وقد ابتلاني اللهُ بكَ
لينظرَ أأصبرُ أم أكفر!
وأنا صابرة محتسبة فأقِمْ يا فقر ما شئتَ عندي،
فلستَ تقيمُ بأمركَ ولا ترحلُ بأمركَ،
إنَّ الأمر كله لله!
ثم تعزين نفسكِ بنبيِّكِ ﷺ، وحبيبكِ
تتذكرين كيف نام على الحصير حتى أثَّر في جنبه ﷺ،
فلم يكن عنده فراش وثير!
وتتذكرين كيف كان ﷺ يربطُ حجراً على بطنه من الجوع،
وكيف كانت تمرُّ الأيام ولا يوقَدُ في بيته ﷺ نار لطعام،
ليس له ﷺ، ولزوجاته من الطعام غير التمر والماء!
فتهون عليكِ نفسكِ أمام نفسه،
وتهمسين لنفسكِ: أنا أيضاً صحابيَّة،
وسأصبر كما صبر رسول الله ﷺ!
أنتِ بالإيمان جبل،
يمرُّ بكِ المرضُ الذي يمرُّ بالناس،
ويجعلهم غير راضين على قدر الله،
أما أنتِ فتقولين له:
إنَّ الله نظرَ إليَّ فأحبَّني،
وأراد أن يرفع درجتي في الجنّة،
فأرسلكَ إليَّ!
فواللهِ لن تجد مني يا مرض غير الحمد والصبر،
لستُ خيراً من أيوب عليه السلام إذ ابتلاه ربه،
ولستُ خيراً من نبيي وحبيبي ﷺ،
إذ كان ﷺ يربطُ رأسه من شدة الصُداع،
ويجهده التعب والوجع إذا راجعه أثر سُمِّ اليهودية،
الذي دسته له في كتف الشاة!
يا أيها المرضُ لم تأتِ بأمركِ،
ولن ترحلَ بأمركَ،
إنَّ الأمر كله للهِ،
فإن أقمتَ عندي فلن تجد إلا الصبر
وإن رحلتَ فلن تجدَ إلا الشُّكر
أنا أَمةُ الله، ومُلكه، وله، وطوع أمره، وبين يديه
وكل أقداره خير!
أنتِ بالإيمان غير!
يمرُّ بكِ فقدُ الأحبة الذي يمرُّ بالناس،
ويجعلهم يتذمرون فقد أحبابهم،
أما أنتِ فتقولين له:
لله ما أعطى، ولله ما أخذ، وكل شيءٍ عنده بقدر!
وتتعزين بنبيكِ وحبيبكِ ﷺ،
تتذكرين حزنه يوم فقد زوجته خديجة،
وتتذكرين وجعه يوم فقد عمه حمزة،
وتتذكرين دموعه يوم فقد ابنه الرضيع إبراهيم،
فتعلمين أنها أعمار مكتوبة، وآجال محددة،
وأننا سنمضي جميعاً نهاية المطاف،
وأننا لسنا إلا ودائع في هذه الدنيا،
وأن صاحب الوديعة من حقه أن يستردَّها متى شاء!
لم نُخلق للدنيا أيتها الصحابيَّة،
لسنا إلا عابرين في سفرٍ طويلٍ،
بيوتنا الحقيقية في الجنّة،
حيث سكن أبونا آدم عليه السلام وأُمنا حوَّاء يوماً،
إلى هناك ننتمي، وإلى هناك سنعود،
فاصبري،
فمن عرفَ ما يطلبُ هان عليه ما يبذل! . ❝
❞ ارتكنا على قوانا العقلية والمادية ففرطنا فيما تنمو به فكان من وراء ذلك هذا التأخر بل التقهقر. وبعد أن كانوا يأخذون عنا علومنا وصنائعنا أصبحنا نأخذها عنهم بأموالنا مع الكد والعناء. وقد عرفوا منا موضع الضعف فقصدوه بيد العداء حيث لا قوة ولا حول. لانا تحاسدنا فتباغضنا وتنازعنا فتقاطعنا وأصبحنا وليس لنا ثقة بأنفسنا وأفرطنا في وضع ثقتنا بالاجنبي ولولا حسن ظننا بأولئك الذين غدرونا كما تقول لما كانوا وصلوا الى الايقاع بنا. وهذا و لا شك غاية في البلادة والجبن وضعف في العزيمة . ❝
❞ قبل أن تعود إلي بيتها، شاخت مريم، ازداد عمرها مائة سنة، راقبها أبو جاسر مقبلة، ولولا أنه يعرف الثوب الذي خرجت ترتديه في الصباح، لما عرفها أبدا.
ذهبت أمًلا، وعادت مأساة! . ❝