█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ الفتح الأعظم ...
فلما نزل رسول الله ﷺ مر الظهران ، نزله عشاء ، فأمر الجيش فأوقدوا النيران ، فأُوقدت عشرة آلاف نار ، وجعل رسول الله ﷺ على الحَرَسَ عُمَرَ بنَ الخطاب رضي الله عنه ، وركب العباس بغلة رسول الله ﷺ البيضاء ، وخرج يلتمس لعله يجد بعض الحطّابة ، أو أحداً يخبر قريشاً ليخرجوا يستأمنون رسول الله ﷺ قبل أن يدخلها عَنْوَةً ، قال : والله إني لأسير عليها إذ سمعت كلام أبي سفيان ، وبدیل بن ورقاء وهُما يتراجعان ، وأبو سفيان يقول : ما رأيتُ كالليلة نيراناً قط ولا عسكراً ، قال : يقول بديل : هذه واللَّهِ خزاعة حَمَشَتْهَا الحَرْبُ ، فيقول أبو سفيان : خُزاعة أقل وأذلُّ أن تكون هذه نيرانها وعسكرها قال فعرفتُ صوته ، فقلت : أبا حنظلة ! فعرف صوتي ، فقال : أبا الفضل ؟ قلت : نعم ، قال : مالك فداك أبي وأمي ؟ قال : قلتُ : هذا رسول الله ﷺ في الناس واصباحَ قُريش واللهِ ، قال : فما الحيلةُ فداك أبي وأمي ؟ قلت : والله لئن ظَفِرَ بكَ لَيَضْرِبَنَّ عُنقَكَ ، فاركب في عجز هذه البغلة حتى آتي بك رسول الله ، فاستأمنه لك ، فركب خَلْفي ورجع صَاحِبَاه قال فجئتُ به فكلما مررت به على نار من نيران المسلمين قالوا مَنْ هَذَا ؟ فإذا رأَوْا بغلةَ رسول الله ﷺ وأنا عليها ، قالوا : عم رسول الله ﷺ على بغلته حتى مررتُ بنارِ : عمر بن الخطاب فقال : من هذا ؟ وقام إليَّ ، فلما رأى أبا سفيان علي عَجزِ الدابة ، قال : أبو سفيان عَدُوٌّ الله ، الحمد لله الذي امْكَنَ مِنْكَ بغير عقد ولا عهد ، ثم خرج يشتد نحو رسول الله ﷺ ، وركضت البغلة ، فَسَبَقَتْ ، فاقتحمت عن البغلة ، فدخلت على رسول الله ﷺ ، ودخل عليه عُمَرُ ، فقال : يا رسول الله ! هذا أبو سفيان فدعني أضرب عنقه ، قال: قلتُ : يا رسول الله ﷺ إني قد أجرته ، ثم جلستُ إلى رسول الله ﷺ ، فأخذتُ برأسه ، فقلتُ : والله لا يُناجيه الليلة أحد دوني ، فلما أكثر عُمَرُ في شأنه، قلتُ : مهلاً يا عمر ، فوالله لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قُلْتَ مِثْلَ هذا ، قال : مهلاً يا عباس ، فوالله لإسْلامُكَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ إِسْلامِ الخَطَّابِ لَوْ أَسْلَمَ ، وما بي إلَّا أَنِّي قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ إِسْلَامَكَ كَانَ أَحبَّ إلى رسول الله ﷺ من إسلام الخطاب ، فقال رسول الله ﷺ ( اذْهَبْ بِهِ يا عبَّاسُ إِلى رَحْلِكَ ، فإذا أَصْبَحْتَ فَالتِني به ) ، فذهبت فلما أصبحتُ غدوتُ به إلى رسول الله ﷺ ، فلما راه رسول الله ﷺ قال ( وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ ، أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنْ لَا إِله إِلَّا الله ؟ ) قال : بأبي أنتَ وأمي ، ما أحلمك ، وأكرمك ، وأوصلك ، لقد ظننتُ أن لو كان مع الله إله غيره ، لقد أغني شيئاً بعد ، قال ﷺ ( ويحك يا أبا سفيان ، أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنِّي رَسُولُ الله ؟ ) قال : بأبي أنت وأمي ، ما أحلمك وأكرمَكَ وأوصلك ، أما هذه فإن في النفس حتى الآن منها شيئاً ، فقال له العباس : ويحك أسلم ، واشهد أن لا إله إلَّا الله ، وأن محمداً رسول الله قبل أن تُضْرَبَ عنقُك ، فأسلم وشَهِدَ شهادة الحق ، فقال العباس : يا رسول الله ! إن أبا سفيان رَجُلٌ يُحِبُّ الفخر ، فاجعل له شيئاً ، قال ﷺ ( نَعَمْ مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبي سفيان ، فَهُوَ آمِنٌ ، ومَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهِ فَهُوَ آمِنٌ ، وَمَنْ دَخَلَ المَسْجِدَ الحَرام فَهُوَ آمن ) وأمر ﷺ العباس أن يحبس أبا سفيان بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تَمُرَّ به جنود الله ، فيراها ، ففعل ، فمرَّتِ القبائل على راياتها ، كلما مرت به قبيلةٌ قال: يا عباس، مَنْ هذه؟ فأقول : سليم ، قال : فيقول : ما لي ولسليم ، ثم تمرُّ به القبيلة ، فيقول: يا عباس ! مَنْ هولاء ؟ فأقول : مُزَيْنَة ، فيقول : ما لي ومُزينة ، حتى نَفَدَتِ القبائل ، ما تَمُرُّ به قبيلة إِلَّا سألني عنها ، فإذا أخبرته بهم : قال : ما لي ولبني فلان حتى مر به رسول الله ﷺ في كتيبته الخضراء ، فيها المهاجرون والأنصار لا يُرى منهم الا الحدق من الحديد قال : سبحان الله يا عباس ، من هؤلاء ؟ قال : قلت : هذا رسول الله ﷺ في المهاجرين والأنصار ، قال : ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة ، ثم قال : والله يا أبا الفضل ! لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابن أخيك اليَوْمَ عظيماً ، قال : قلت يا أبا سفيان : إنها النبوة ، قال : فنعم إذاً ، قال : قلتُ : النَّجاء إلى قومك . ❝