إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات

اقتباسات في ❞1975❝

د. عبدالله راجح شارب الحايطي
منذ 7 شهور

مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر

❞ من مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر: قصة مقتل الرئيس إبراهيم الحمدي، ولماذا لم يستمر التحالف مع الحمدي؟

بعد أن قدم القاضي الارياني استقالته من رئاسة المجلس الجمهوري وقدمت استقالتي وأنا في خمر ، تم تكوين مجلس القيادة ، وأعلنت الأحكام العرفية وتجمد مجلس الشورى وتعطل الدستور ، وعلى أساس أن هذه الحالة مؤقتة لمدة ستة أشهر ويعود الحكم المدني ومجلس الشورى والعمل بالدستور ويتم اختيار مجلس جمهوري ، كما اتفقنا على ذلك قبل الانقلاب مع إبراهيم الحمدي والضباط وسنان أبو لحوم ومن حضر معنا. كان تجميد مجلس الشورى وتعليق الدستور خطوات لاحقة اتخذها إبراهيم الحمدي من مجلس القيادة ولم نتفق عليها ولا جرى أي حوار بيننا بشأنها لكن الحمدي استند على الاستقالة واتخذ هذا الموقف على أساس أنه مادام رئيس مجلس الشورى قد قدم استقالته وقد أعلنت حالة طوارئ ونحن في فترة انتقالية فإن حالة الطوارئ تستدعي هذه الإجراءات. بدأ الرئيس الحمدي يختلف مع مجاهد أبو شوارب وبيت أبو لحوم وجاءوا لي وأنا في صنعاء وكانوا لا يزالون أقويا وأعضاء في مجلس القيادة وقادة في الوحدات العسكرية يحاولون استقطابي إلى صفهم للتخلص من إبراهيم الحمدي قلت لهم: أنتم أقنعتمونا به وبالحركة والآن تريدون أن تتخلصوا من إبراهيم الحمدي من أجل يصفى الجو للبعث، لا لست معكم في هذا. وحاولوا معي مرات كثيرة ورفضت. وتصاعد خلافهم مع إبراهيم الحمدي وبدأ يضايقهم من مناصبهم من مجلس القيادة ومن الوحدات العسكرية التي كانوا فيها، والتي تمكن من خلخلتها وكسب ضباطها حتى إن علي أبو لحوم ما شعر إلا والضباط كلهم ضده ومنعوه من دخول الوحدة العسكرية في العرضي. وعندما أعلن بيان بتغيير بيت أبو لحوم من قيادة الجيش يوم 27إبريل 1975م، عارضت ذلك وهذا اليوم أصبح اسمه يوم الجيش، الذي سماه الحمدي، واعتبر عيداً يحتفل به كل عام، وحينما جاءت لي الأخبار وأنا في مجلس الشورى قمت من القاعة إلى مكتبي واتصلت بالحمدي تلفونياً وجرت بيني وبينه مشادة قوية، وبعدها أقصى العميد/ مجاهد أبو شوارب من منصبه القيادي العسكري وكان في الصين وعاد من الصين ونزل في مطار جده، ثم اتجه برًا إلى حجة مركز المحافظة حيث كان أيضًا محافظًا لها، وقام بترتيب الأمور في حجة ثم اتجه إلى خمر واشتد الخلاف مع إبراهيم، ولم أعد أطمئن له وتذكرت ما كان يبلغني به مجاهد وبيت أبو لحوم من قبل أنهم اكتشفوا أن هذا الرجل خطير، فخرجت إلى خمر بعد خروج مجاهد بحوالي شهرين تقريباً أو أقل.

آلية المعارضة للحمدي وفشل الوساطات الداخلية والخارجية عندما خرجت إلى خمر بدأ مسار المعارضة يأخذ موقفاً قوياً حيث استقطبنا القبائل وقليلاً من العسكر فكانت المناطق من بعد ريده إلى صعده معنا أما حجه فحصل من أهلها مقاومة لكنهم سرعان ما تخاذلوا وخذلوا مجاهد الذي كان يستند إليهم وقدم لهم الخدمات. وفي هذه الأثناء قام بعض الأشخاص بوساطات لحل الخلاف وأكثر من قام بهذا الدور القاضي/ عبد الله الحجري لكنها كانت وساطات استسلامية ونصائح ليس فيها شيء مقابل شيء. وكانت لنا شروط وفي مقدمتها إعادة الحياة الدستورية والحكم المدني بحسب الاتفاق الذي تقرر على أساسه التغيير. والقاضي الحجري كانت وساطته تهدئه واستسلامًا وكان يقول: خلاص تعاملوا مع هذا الإنسان ولا تطلعوا المحرة ، لا تتركوه وحاولوا تمسكوه وتتعايشون معه لا تطلبوا منه أكثر مما يطيق. وكان يستعمل (لا تطلعوا المحره) لأنه سيحصل كذا وكذا ، كما خرج لنا من الوسطاء بعض المشائخ منهم عبد الخالق الطلوع ومحمد يحيى الرويشان وكان صديقًا للحمدي ، ومحمد حسن دماج ، وعبد الله دارس وكانوا يحملون نفس الرأي الذي كان يحمله القاضي عبدالله الحجري. كانوا يحاولون ثنينا عن المعارضة مقابل أن الحمدي سوف يسمعنا ونحن نتعاون معه ونكون وإياه يداً واحدة، كما بعث إلينا الأستاذ أحمد محمد نعمان برسالة ينصح فيها بالتعاون الصادق والحذر والحيطة من الذين يسعون للفرقة بيني وبين الحمدي ويشرح فيها عن مواقفه. واستمرت الوساطات ومحاولة تقريب وجهات النظر أثناء أدائنا فريضة الحج مع إبراهيم الحمدي من قبل المسئولين في المملكة، وأعتقد أننا لم نتفق على شيء محدد وعلى أساس أن نتواصل هنا وهناك ونحل الخلاف ! لكن الموقف اشتد عندما أقدم الحمدي على حل مجلس الشورى في 22 أكتوبر 1975م وخرجت المظاهرة ( لا شورى بعد اليوم ) وكنت حينها في خمر والتواصل منقطع مع الحمدي، ومجاهد الذي كان أول من شد الموقف مع الحمدي ، كان يدخل صنعاء ويلتقي مع الحمدي ويجري محادثات للمصالحة. وفي هذه الأثناء والمعارضة للحمدي في أشدها خرج إلى خمر الأمير تركي ابن فيصل بن عبد العزيز وعندما وصل إلينا كان أكثر ما ركزنا عليه هو إظهار استياء الناس من الحمدي والتفافهم حولنا ، وصادف وجوده التقاء القبائل فيما أسموه مؤتمر ( خمر الثاني ) وفعلاً رأى وسمع ما لم يكن يتوقع مما جعله يقول: هنا الدولة هنا اليمن ، لأنه رأى وجوه مشائخ اليمن وقد حاول أن يقرب وجهات النظر ويخفف من حدة الخلاف ، ولست أذكر تفاصيل ما جرى بيننا من محادثات لكنها كانت تصب في اتجاه تنقية الأجواء وتجاوز الخلافات والتصالح مع الحمدي. واستمرت الخلافات طوال عامي 1976م ، 1977م. وفي هذه الأثناء قتل القاضي عبدالله الحجري في لندن وظهرت إشاعات بأن الحمدي تآمر عليه ، وكان التصاق القاضي عبدالله الحجري بالحمدي وتأييده له قد أوجد بيننا وبينه هوة ، لأن وجوده في جانب الحمدي كان يخدم الأخير خدمة كبيرة ، وكنا ننصح الحجري بالابتعاد عن الحمدي لكنه كان يرفض نصائحنا، لذلك لم يمثل قتله إضعافاً لنا لأنه كان يعتبر في تلك الفترة سنداً ودعماً وظهيراً للحمدي. الدور السعودي في دعم الحمدي كان موقف السعودية مؤيداً لحركة 13يونيو ، ولا أعتقد انه كان لها دور في التخطيط للحركة ولكن يبدو أنه كان هناك سر بينهم وبين إبراهيم الحمدي لأنهم كانوا ضائقين بالقاضي عبد الرحمن الارياني ، وكانوا على علاقة بإبراهيم الحمدي ومعجبين بشخصيته ، وقد دعموه في البداية ، وعندما بدأ الخلاف بيننا وبين إبراهيم حاولوا التوسط وتقريب وجهات النظر، كانوا حريصين أن أظل موجوداً في الدولة لكنهم في الوقت نفسه حريصون أن لا نهز وضع إبراهيم الحمدي أو نفرض عليه شروط أشخاص ، وكانت ثقتهم بالحمدي كبيرة ووساطتهم على أساس أن نتصالح وأكون معه ، وفي الوقت الذي كانوا ينصحوني بعدم المعارضة ضد الحمدي كانوا ينصحونه أيضاً أن لا يصعد الموقف معنا وكانوا على ثقة أنه معهم ويستند إليهم وكان يطرح عليهم أنه يريد بناء دولة ، ونحن مراكز قوى ولا بد أولاً أن يتخلص من مراكز القوى ليستطيع بناء دولة وهذا بخلاف رغبتهم ، و كانت القيادة السعودية ترغب بوجود حاكم قوي يستطيعون أن يدعموه وهو في أيديهم وقادر على التعامل معهم بدلاً من الفوضى. وكان ما يطرحه الحمدي يلقى تجاوباً من المثقفين والشباب داخل اليمن وخارجة خاصة وأنه كان خطيبا مفوها ومؤثراً. وخلال فترة الخلاف لم ينقطع تواصلنا مع المسئولين في المملكة ولم تنقطع وساطتهم بيننا وبين الحمدي، فقد كان سفيرهم بصنعاء دائم التردد علينا لهذا الغرض ، وقبل مقتل الحمدي أبلغنا السفير السعودي عزمنا على زيارة السعودية وتوجهنا براً إلى الطائف مع مجموعه من المشائخ من كل مكان ، في شهر رمضان قبل مقتل الحمدي بشهرين أو أقل لنؤكد لهم أننا رافضون للحمدي ، وأننا مستندون إلى القاعدة الشعبية ، وبقينا في الطائف حوالي ثلاثة أسابيع أو أكثر، وكان محسن اليوسفي يتحرك بين صنعاء والطائف من أجلنا وهو وزير الداخلية وذلك في محاولة لتسوية الخلاف بيننا وبين إبراهيم الحمدي خاصة بعد أن ساورهم القلق من سياسات الحمدي ، الذي كان يلعب على الحبلين فقد كان يظهر للسعوديين أنه مستند إليهم ، وكانوا يدعمونه ومتمسكين به فعلاً خاصة بعد أن تخلص من مجاهد ومحسن العيني وبيت أبو لحوم والتيار البعثي في الوقت الذي بدأ بإقامة العلاقات مع النظام في عدن وإحلال الناصريين بدلاً عن البعثيين في مؤسسات الدولة . فبعد أن تظاهر لهم أنه كان يخدمهم بتصفية البعث الذي كانوا على عداء معه وقدموا له الدعم والتأييد ، إذا به يحل الناصريين بدلاً عنهم، والسعوديون لا يختلف موقفهم من الناصريين عن موقفهم من البعث إلا أنهم كانوا يعتبرون الناصريين ضعفاء في تلك الفترة. انقلاب الغشمي على الحمدي وتبنيه لنهج الحمدي في إبعاد المشائخ كان أحمد الغشمي يتبنى نفس موقف الحمدي ضدنا، وعندما بدأ بالإعداد لحركته ضد إبراهيم لم يكن بيننا وبينه أي تفاهم أو تقارب أو حتى مجرد إيحاء بما ينوي فعله، ولهذا كان مقتل الحمدي مفاجئا لنا وقد استقبلت النبأ باستياء شديد فهذه جريمة وما كان يجب أن تصل الأمور إلى هذا الحد. وبقدر ما كان القتل جريمة استنكرناها، فإن التغطية القبيحة التي صاحبت الجريمة اعتبرناها أشد قبحاً وقد أدنتها وبعثت في ليلتها رسالة حملها الأخ/ علي شويط قلت لهم فيها أن التغطية مشينه وغير مشرفة، لأنه كان يجب أن تعلنوا أنكم قمتم بانقلاب وتعلنوا مبرراته بدل البكاء والأناشيد العسكرية وهذا الكذب والتغطية القبيحة. دخل مجاهد أبو شوارب بعد الانقلاب والتقى بالغشمي، الذي لم يفتح معنا أي حوار وإن كان قد بعث لنا من يطمئننا ويؤكد لنا أن الخلاف الذي كان موجوداً بيننا وبين الحمدي قد انتهى، ويطلب منا أن نبقى في خمر، وأن لا ندخل صنعاء، حتى المشائخ الذين كانوا مقاطعين صنعاء طلب منا أن نبلغهم أن لا يدخلوا صنعاء ، حتى أن الشيخ أحمد ناصر الذهب وكان من المشائخ الذين كانوا عندي في خمر دخل بعد مقتل الحمدي وأرجعه الغشمي قبل أن يدخل صنعاء وجلس في قرية القابل شمال العاصمة. و ظل الغشمي يطلب منا التريث وان لا ندخل صنعاء وانه سوف يلتقي بنا كضيوف في بيته في ضلاع ، والتقينا به وأكد لنا أنه معنا وأننا وإياه في خط واحد وعلينا أن نؤجل أي شيء، وقال : اتركوا لي فرصة !! وعندما أعلن إنشاء مجلس الشعب التأسيسي أظن أنه أشعرنا بذلك مسبقاً، ولم يكن عندي أي مطالب على أحمد الغشمي حتى يتبين موقفه. ❝ ⏤مجموعة من المؤلفين

❞ من مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر: قصة مقتل الرئيس إبراهيم الحمدي، ولماذا لم يستمر التحالف مع الحمدي؟

بعد أن قدم القاضي الارياني استقالته من رئاسة المجلس الجمهوري وقدمت استقالتي وأنا في خمر ، تم تكوين مجلس القيادة ، وأعلنت الأحكام العرفية وتجمد مجلس الشورى وتعطل الدستور ، وعلى أساس أن هذه الحالة مؤقتة لمدة ستة أشهر ويعود الحكم المدني ومجلس الشورى والعمل بالدستور ويتم اختيار مجلس جمهوري ، كما اتفقنا على ذلك قبل الانقلاب مع إبراهيم الحمدي والضباط وسنان أبو لحوم ومن حضر معنا. كان تجميد مجلس الشورى وتعليق الدستور خطوات لاحقة اتخذها إبراهيم الحمدي من مجلس القيادة ولم نتفق عليها ولا جرى أي حوار بيننا بشأنها لكن الحمدي استند على الاستقالة واتخذ هذا الموقف على أساس أنه مادام رئيس مجلس الشورى قد قدم استقالته وقد أعلنت حالة طوارئ ونحن في فترة انتقالية فإن حالة الطوارئ تستدعي هذه الإجراءات. بدأ الرئيس الحمدي يختلف مع مجاهد أبو شوارب وبيت أبو لحوم وجاءوا لي وأنا في صنعاء وكانوا لا يزالون أقويا وأعضاء في مجلس القيادة وقادة في الوحدات العسكرية يحاولون استقطابي إلى صفهم للتخلص من إبراهيم الحمدي قلت لهم: أنتم أقنعتمونا به وبالحركة والآن تريدون أن تتخلصوا من إبراهيم الحمدي من أجل يصفى الجو للبعث، لا لست معكم في هذا. وحاولوا معي مرات كثيرة ورفضت. وتصاعد خلافهم مع إبراهيم الحمدي وبدأ يضايقهم من مناصبهم من مجلس القيادة ومن الوحدات العسكرية التي كانوا فيها، والتي تمكن من خلخلتها وكسب ضباطها حتى إن علي أبو لحوم ما شعر إلا والضباط كلهم ضده ومنعوه من دخول الوحدة العسكرية في العرضي. وعندما أعلن بيان بتغيير بيت أبو لحوم من قيادة الجيش يوم 27إبريل 1975م، عارضت ذلك وهذا اليوم أصبح اسمه يوم الجيش، الذي سماه الحمدي، واعتبر عيداً يحتفل به كل عام، وحينما جاءت لي الأخبار وأنا في مجلس الشورى قمت من القاعة إلى مكتبي واتصلت بالحمدي تلفونياً وجرت بيني وبينه مشادة قوية، وبعدها أقصى العميد/ مجاهد أبو شوارب من منصبه القيادي العسكري وكان في الصين وعاد من الصين ونزل في مطار جده، ثم اتجه برًا إلى حجة مركز المحافظة حيث كان أيضًا محافظًا لها، وقام بترتيب الأمور في حجة ثم اتجه إلى خمر واشتد الخلاف مع إبراهيم، ولم أعد أطمئن له وتذكرت ما كان يبلغني به مجاهد وبيت أبو لحوم من قبل أنهم اكتشفوا أن هذا الرجل خطير، فخرجت إلى خمر بعد خروج مجاهد بحوالي شهرين تقريباً أو أقل.

آلية المعارضة للحمدي وفشل الوساطات الداخلية والخارجية عندما خرجت إلى خمر بدأ مسار المعارضة يأخذ موقفاً قوياً حيث استقطبنا القبائل وقليلاً من العسكر فكانت المناطق من بعد ريده إلى صعده معنا أما حجه فحصل من أهلها مقاومة لكنهم سرعان ما تخاذلوا وخذلوا مجاهد الذي كان يستند إليهم وقدم لهم الخدمات. وفي هذه الأثناء قام بعض الأشخاص بوساطات لحل الخلاف وأكثر من قام بهذا الدور القاضي/ عبد الله الحجري لكنها كانت وساطات استسلامية ونصائح ليس فيها شيء مقابل شيء. وكانت لنا شروط وفي مقدمتها إعادة الحياة الدستورية والحكم المدني بحسب الاتفاق الذي تقرر على أساسه التغيير. والقاضي الحجري كانت وساطته تهدئه واستسلامًا وكان يقول: خلاص تعاملوا مع هذا الإنسان ولا تطلعوا المحرة ، لا تتركوه وحاولوا تمسكوه وتتعايشون معه لا تطلبوا منه أكثر مما يطيق. وكان يستعمل (لا تطلعوا المحره) لأنه سيحصل كذا وكذا ، كما خرج لنا من الوسطاء بعض المشائخ منهم عبد الخالق الطلوع ومحمد يحيى الرويشان وكان صديقًا للحمدي ، ومحمد حسن دماج ، وعبد الله دارس وكانوا يحملون نفس الرأي الذي كان يحمله القاضي عبدالله الحجري. كانوا يحاولون ثنينا عن المعارضة مقابل أن الحمدي سوف يسمعنا ونحن نتعاون معه ونكون وإياه يداً واحدة، كما بعث إلينا الأستاذ أحمد محمد نعمان برسالة ينصح فيها بالتعاون الصادق والحذر والحيطة من الذين يسعون للفرقة بيني وبين الحمدي ويشرح فيها عن مواقفه. واستمرت الوساطات ومحاولة تقريب وجهات النظر أثناء أدائنا فريضة الحج مع إبراهيم الحمدي من قبل المسئولين في المملكة، وأعتقد أننا لم نتفق على شيء محدد وعلى أساس أن نتواصل هنا وهناك ونحل الخلاف ! لكن الموقف اشتد عندما أقدم الحمدي على حل مجلس الشورى في 22 أكتوبر 1975م وخرجت المظاهرة ( لا شورى بعد اليوم ) وكنت حينها في خمر والتواصل منقطع مع الحمدي، ومجاهد الذي كان أول من شد الموقف مع الحمدي ، كان يدخل صنعاء ويلتقي مع الحمدي ويجري محادثات للمصالحة. وفي هذه الأثناء والمعارضة للحمدي في أشدها خرج إلى خمر الأمير تركي ابن فيصل بن عبد العزيز وعندما وصل إلينا كان أكثر ما ركزنا عليه هو إظهار استياء الناس من الحمدي والتفافهم حولنا ، وصادف وجوده التقاء القبائل فيما أسموه مؤتمر ( خمر الثاني ) وفعلاً رأى وسمع ما لم يكن يتوقع مما جعله يقول: هنا الدولة هنا اليمن ، لأنه رأى وجوه مشائخ اليمن وقد حاول أن يقرب وجهات النظر ويخفف من حدة الخلاف ، ولست أذكر تفاصيل ما جرى بيننا من محادثات لكنها كانت تصب في اتجاه تنقية الأجواء وتجاوز الخلافات والتصالح مع الحمدي. واستمرت الخلافات طوال عامي 1976م ، 1977م. وفي هذه الأثناء قتل القاضي عبدالله الحجري في لندن وظهرت إشاعات بأن الحمدي تآمر عليه ، وكان التصاق القاضي عبدالله الحجري بالحمدي وتأييده له قد أوجد بيننا وبينه هوة ، لأن وجوده في جانب الحمدي كان يخدم الأخير خدمة كبيرة ، وكنا ننصح الحجري بالابتعاد عن الحمدي لكنه كان يرفض نصائحنا، لذلك لم يمثل قتله إضعافاً لنا لأنه كان يعتبر في تلك الفترة سنداً ودعماً وظهيراً للحمدي. الدور السعودي في دعم الحمدي كان موقف السعودية مؤيداً لحركة 13يونيو ، ولا أعتقد انه كان لها دور في التخطيط للحركة ولكن يبدو أنه كان هناك سر بينهم وبين إبراهيم الحمدي لأنهم كانوا ضائقين بالقاضي عبد الرحمن الارياني ، وكانوا على علاقة بإبراهيم الحمدي ومعجبين بشخصيته ، وقد دعموه في البداية ، وعندما بدأ الخلاف بيننا وبين إبراهيم حاولوا التوسط وتقريب وجهات النظر، كانوا حريصين أن أظل موجوداً في الدولة لكنهم في الوقت نفسه حريصون أن لا نهز وضع إبراهيم الحمدي أو نفرض عليه شروط أشخاص ، وكانت ثقتهم بالحمدي كبيرة ووساطتهم على أساس أن نتصالح وأكون معه ، وفي الوقت الذي كانوا ينصحوني بعدم المعارضة ضد الحمدي كانوا ينصحونه أيضاً أن لا يصعد الموقف معنا وكانوا على ثقة أنه معهم ويستند إليهم وكان يطرح عليهم أنه يريد بناء دولة ، ونحن مراكز قوى ولا بد أولاً أن يتخلص من مراكز القوى ليستطيع بناء دولة وهذا بخلاف رغبتهم ، و كانت القيادة السعودية ترغب بوجود حاكم قوي يستطيعون أن يدعموه وهو في أيديهم وقادر على التعامل معهم بدلاً من الفوضى. وكان ما يطرحه الحمدي يلقى تجاوباً من المثقفين والشباب داخل اليمن وخارجة خاصة وأنه كان خطيبا مفوها ومؤثراً. وخلال فترة الخلاف لم ينقطع تواصلنا مع المسئولين في المملكة ولم تنقطع وساطتهم بيننا وبين الحمدي، فقد كان سفيرهم بصنعاء دائم التردد علينا لهذا الغرض ، وقبل مقتل الحمدي أبلغنا السفير السعودي عزمنا على زيارة السعودية وتوجهنا براً إلى الطائف مع مجموعه من المشائخ من كل مكان ، في شهر رمضان قبل مقتل الحمدي بشهرين أو أقل لنؤكد لهم أننا رافضون للحمدي ، وأننا مستندون إلى القاعدة الشعبية ، وبقينا في الطائف حوالي ثلاثة أسابيع أو أكثر، وكان محسن اليوسفي يتحرك بين صنعاء والطائف من أجلنا وهو وزير الداخلية وذلك في محاولة لتسوية الخلاف بيننا وبين إبراهيم الحمدي خاصة بعد أن ساورهم القلق من سياسات الحمدي ، الذي كان يلعب على الحبلين فقد كان يظهر للسعوديين أنه مستند إليهم ، وكانوا يدعمونه ومتمسكين به فعلاً خاصة بعد أن تخلص من مجاهد ومحسن العيني وبيت أبو لحوم والتيار البعثي في الوقت الذي بدأ بإقامة العلاقات مع النظام في عدن وإحلال الناصريين بدلاً عن البعثيين في مؤسسات الدولة . فبعد أن تظاهر لهم أنه كان يخدمهم بتصفية البعث الذي كانوا على عداء معه وقدموا له الدعم والتأييد ، إذا به يحل الناصريين بدلاً عنهم، والسعوديون لا يختلف موقفهم من الناصريين عن موقفهم من البعث إلا أنهم كانوا يعتبرون الناصريين ضعفاء في تلك الفترة. انقلاب الغشمي على الحمدي وتبنيه لنهج الحمدي في إبعاد المشائخ كان أحمد الغشمي يتبنى نفس موقف الحمدي ضدنا، وعندما بدأ بالإعداد لحركته ضد إبراهيم لم يكن بيننا وبينه أي تفاهم أو تقارب أو حتى مجرد إيحاء بما ينوي فعله، ولهذا كان مقتل الحمدي مفاجئا لنا وقد استقبلت النبأ باستياء شديد فهذه جريمة وما كان يجب أن تصل الأمور إلى هذا الحد. وبقدر ما كان القتل جريمة استنكرناها، فإن التغطية القبيحة التي صاحبت الجريمة اعتبرناها أشد قبحاً وقد أدنتها وبعثت في ليلتها رسالة حملها الأخ/ علي شويط قلت لهم فيها أن التغطية مشينه وغير مشرفة، لأنه كان يجب أن تعلنوا أنكم قمتم بانقلاب وتعلنوا مبرراته بدل البكاء والأناشيد العسكرية وهذا الكذب والتغطية القبيحة. دخل مجاهد أبو شوارب بعد الانقلاب والتقى بالغشمي، الذي لم يفتح معنا أي حوار وإن كان قد بعث لنا من يطمئننا ويؤكد لنا أن الخلاف الذي كان موجوداً بيننا وبين الحمدي قد انتهى، ويطلب منا أن نبقى في خمر، وأن لا ندخل صنعاء، حتى المشائخ الذين كانوا مقاطعين صنعاء طلب منا أن نبلغهم أن لا يدخلوا صنعاء ، حتى أن الشيخ أحمد ناصر الذهب وكان من المشائخ الذين كانوا عندي في خمر دخل بعد مقتل الحمدي وأرجعه الغشمي قبل أن يدخل صنعاء وجلس في قرية القابل شمال العاصمة. و ظل الغشمي يطلب منا التريث وان لا ندخل صنعاء وانه سوف يلتقي بنا كضيوف في بيته في ضلاع ، والتقينا به وأكد لنا أنه معنا وأننا وإياه في خط واحد وعلينا أن نؤجل أي شيء، وقال : اتركوا لي فرصة !! وعندما أعلن إنشاء مجلس الشعب التأسيسي أظن أنه أشعرنا بذلك مسبقاً، ولم يكن عندي أي مطالب على أحمد الغشمي حتى يتبين موقفه . ❝

⏤ مجموعة من المؤلفين

من مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر , قصة مقتل الرئيس إبراهيم الحمدي , ولماذا لم يستمر التحالف مع الحمدي؟ , بعد أن قدم القاضي الارياني استقالته من رئاسة المجلس الجمهوري وقدمت استقالتي وأنا في خمر , تم تكوين مجلس القيادة , وأعلنت الأحكام العرفية وتجمد مجلس الشورى وتعطل الدستور , وعلى أساس أن هذه الحالة مؤقتة لمدة ستة أشهر ويعود الحكم المدني ومجلس الشورى والعمل بالدستور ويتم اختيار مجلس جمهوري , كما اتفقنا على ذلك قبل الانقلاب مع إبراهيم الحمدي والضباط وسنان أبو لحوم ومن حضر معنا , كان تجميد مجلس الشورى وتعليق الدستور خطوات لاحقة اتخذها إبراهيم الحمدي من مجلس القيادة ولم نتفق عليها ولا جرى أي حوار بيننا بشأنها لكن الحمدي استند على الاستقالة واتخذ هذا الموقف على أساس أنه مادام رئيس مجلس الشورى قد قدم استقالته وقد أعلنت حالة طوارئ ونحن في فترة انتقالية فإن حالة الطوارئ تستدعي هذه الإجراءات , بدأ الرئيس الحمدي يختلف مع مجاهد أبو شوارب وبيت أبو لحوم وجاءوا لي وأنا في صنعاء وكانوا لا يزالون أقويا وأعضاء في مجلس القيادة وقادة في الوحدات العسكرية يحاولون استقطابي إلى صفهم للتخلص من إبراهيم الحمدي قلت لهم , أنتم أقنعتمونا به وبالحركة والآن تريدون أن تتخلصوا من إبراهيم الحمدي من أجل يصفى الجو للبعث , لا لست معكم في هذا , وحاولوا معي مرات كثيرة ورفضت , وتصاعد خلافهم مع إبراهيم الحمدي وبدأ يضايقهم من مناصبهم من مجلس القيادة ومن الوحدات العسكرية التي كانوا فيها , والتي تمكن من خلخلتها وكسب ضباطها حتى إن علي أبو لحوم ما شعر إلا والضباط كلهم ضده ومنعوه من دخول الوحدة العسكرية في العرضي , وعندما أعلن بيان بتغيير بيت أبو لحوم من قيادة الجيش يوم 27إبريل 1975م , عارضت ذلك وهذا اليوم أصبح اسمه يوم الجيش , الذي سماه الحمدي , واعتبر عيداً يحتفل به كل عام , وحينما جاءت لي الأخبار وأنا في مجلس الشورى قمت من القاعة إلى مكتبي واتصلت بالحمدي تلفونياً وجرت بيني وبينه مشادة قوية , وبعدها أقصى العميد , مجاهد أبو شوارب من منصبه القيادي العسكري وكان في الصين وعاد من الصين ونزل في مطار جده , ثم اتجه برًا إلى حجة مركز المحافظة حيث كان أيضًا محافظًا لها , وقام بترتيب الأمور في حجة ثم اتجه إلى خمر واشتد الخلاف مع إبراهيم , ولم أعد أطمئن له وتذكرت ما كان يبلغني به مجاهد وبيت أبو لحوم من قبل أنهم اكتشفوا أن هذا الرجل خطير , فخرجت إلى خمر بعد خروج مجاهد بحوالي شهرين تقريباً أو أقل , آلية المعارضة للحمدي وفشل الوساطات الداخلية والخارجية عندما خرجت إلى خمر بدأ مسار المعارضة يأخذ موقفاً قوياً حيث استقطبنا القبائل وقليلاً من العسكر فكانت المناطق من بعد ريده إلى صعده معنا أما حجه فحصل من أهلها مقاومة لكنهم سرعان ما تخاذلوا وخذلوا مجاهد الذي كان يستند إليهم وقدم لهم الخدمات , وفي هذه الأثناء قام بعض الأشخاص بوساطات لحل الخلاف وأكثر من قام بهذا الدور القاضي , عبد الله الحجري لكنها كانت وساطات استسلامية ونصائح ليس فيها شيء مقابل شيء , وكانت لنا شروط وفي مقدمتها إعادة الحياة الدستورية والحكم المدني بحسب الاتفاق الذي تقرر على أساسه التغيير , والقاضي الحجري كانت وساطته تهدئه واستسلامًا وكان يقول , خلاص تعاملوا مع هذا الإنسان ولا تطلعوا المحرة , لا تتركوه وحاولوا تمسكوه وتتعايشون معه لا تطلبوا منه أكثر مما يطيق , وكان يستعمل , لا تطلعوا المحره , لأنه سيحصل كذا وكذا , كما خرج لنا من الوسطاء بعض المشائخ منهم عبد الخالق الطلوع ومحمد يحيى الرويشان وكان صديقًا للحمدي , ومحمد حسن دماج , وعبد الله دارس وكانوا يحملون نفس الرأي الذي كان يحمله القاضي عبدالله الحجري , كانوا يحاولون ثنينا عن المعارضة مقابل أن الحمدي سوف يسمعنا ونحن نتعاون معه ونكون وإياه يداً واحدة , كما بعث إلينا الأستاذ أحمد محمد نعمان برسالة ينصح فيها بالتعاون الصادق والحذر والحيطة من الذين يسعون للفرقة بيني وبين الحمدي ويشرح فيها عن مواقفه , واستمرت الوساطات ومحاولة تقريب وجهات النظر أثناء أدائنا فريضة الحج مع إبراهيم الحمدي من قبل المسئولين في المملكة , وأعتقد أننا لم نتفق على شيء محدد وعلى أساس أن نتواصل هنا وهناك ونحل الخلاف , لكن الموقف اشتد عندما أقدم الحمدي على حل مجلس الشورى في 22 أكتوبر 1975م وخرجت المظاهرة , لا شورى بعد اليوم , وكنت حينها في خمر والتواصل منقطع مع الحمدي , ومجاهد الذي كان أول من شد الموقف مع الحمدي , كان يدخل صنعاء ويلتقي مع الحمدي ويجري محادثات للمصالحة , وفي هذه الأثناء والمعارضة للحمدي في أشدها خرج إلى خمر الأمير تركي ابن فيصل بن عبد العزيز وعندما وصل إلينا كان أكثر ما ركزنا عليه هو إظهار استياء الناس من الحمدي والتفافهم حولنا , وصادف وجوده التقاء القبائل فيما أسموه مؤتمر , خمر الثاني , وفعلاً رأى وسمع ما لم يكن يتوقع مما جعله يقول , هنا الدولة هنا اليمن , لأنه رأى وجوه مشائخ اليمن وقد حاول أن يقرب وجهات النظر ويخفف من حدة الخلاف , ولست أذكر تفاصيل ما جرى بيننا من محادثات لكنها كانت تصب في اتجاه تنقية الأجواء وتجاوز الخلافات والتصالح مع الحمدي , واستمرت الخلافات طوال عامي 1976م , 1977م , وفي هذه الأثناء قتل القاضي عبدالله الحجري في لندن وظهرت إشاعات بأن الحمدي تآمر عليه , وكان التصاق القاضي عبدالله الحجري بالحمدي وتأييده له قد أوجد بيننا وبينه هوة , لأن وجوده في جانب الحمدي كان يخدم الأخير خدمة كبيرة , وكنا ننصح الحجري بالابتعاد عن الحمدي لكنه كان يرفض نصائحنا , لذلك لم يمثل قتله إضعافاً لنا لأنه كان يعتبر في تلك الفترة سنداً ودعماً وظهيراً للحمدي , الدور السعودي في دعم الحمدي كان موقف السعودية مؤيداً لحركة 13يونيو , ولا أعتقد انه كان لها دور في التخطيط للحركة ولكن يبدو أنه كان هناك سر بينهم وبين إبراهيم الحمدي لأنهم كانوا ضائقين بالقاضي عبد الرحمن الارياني , وكانوا على علاقة بإبراهيم الحمدي ومعجبين بشخصيته , وقد دعموه في البداية , وعندما بدأ الخلاف بيننا وبين إبراهيم حاولوا التوسط وتقريب وجهات النظر , كانوا حريصين أن أظل موجوداً في الدولة لكنهم في الوقت نفسه حريصون أن لا نهز وضع إبراهيم الحمدي أو نفرض عليه شروط أشخاص , وكانت ثقتهم بالحمدي كبيرة ووساطتهم على أساس أن نتصالح وأكون معه , وفي الوقت الذي كانوا ينصحوني بعدم المعارضة ضد الحمدي كانوا ينصحونه أيضاً أن لا يصعد الموقف معنا وكانوا على ثقة أنه معهم ويستند إليهم وكان يطرح عليهم أنه يريد بناء دولة , ونحن مراكز قوى ولا بد أولاً أن يتخلص من مراكز القوى ليستطيع بناء دولة وهذا بخلاف رغبتهم , و كانت القيادة السعودية ترغب بوجود حاكم قوي يستطيعون أن يدعموه وهو في أيديهم وقادر على التعامل معهم بدلاً من الفوضى , وكان ما يطرحه الحمدي يلقى تجاوباً من المثقفين والشباب داخل اليمن وخارجة خاصة وأنه كان خطيبا مفوها ومؤثراً , وخلال فترة الخلاف لم ينقطع تواصلنا مع المسئولين في المملكة ولم تنقطع وساطتهم بيننا وبين الحمدي , فقد كان سفيرهم بصنعاء دائم التردد علينا لهذا الغرض , وقبل مقتل الحمدي أبلغنا السفير السعودي عزمنا على زيارة السعودية وتوجهنا براً إلى الطائف مع مجموعه من المشائخ من كل مكان , في شهر رمضان قبل مقتل الحمدي بشهرين أو أقل لنؤكد لهم أننا رافضون للحمدي , وأننا مستندون إلى القاعدة الشعبية , وبقينا في الطائف حوالي ثلاثة أسابيع أو أكثر , وكان محسن اليوسفي يتحرك بين صنعاء والطائف من أجلنا وهو وزير الداخلية وذلك في محاولة لتسوية الخلاف بيننا وبين إبراهيم الحمدي خاصة بعد أن ساورهم القلق من سياسات الحمدي , الذي كان يلعب على الحبلين فقد كان يظهر للسعوديين أنه مستند إليهم , وكانوا يدعمونه ومتمسكين به فعلاً خاصة بعد أن تخلص من مجاهد ومحسن العيني وبيت أبو لحوم والتيار البعثي في الوقت الذي بدأ بإقامة العلاقات مع النظام في عدن وإحلال الناصريين بدلاً عن البعثيين في مؤسسات الدولة , فبعد أن تظاهر لهم أنه كان يخدمهم بتصفية البعث الذي كانوا على عداء معه وقدموا له الدعم والتأييد , إذا به يحل الناصريين بدلاً عنهم , والسعوديون لا يختلف موقفهم من الناصريين عن موقفهم من البعث إلا أنهم كانوا يعتبرون الناصريين ضعفاء في تلك الفترة , انقلاب الغشمي على الحمدي وتبنيه لنهج الحمدي في إبعاد المشائخ كان أحمد الغشمي يتبنى نفس موقف الحمدي ضدنا , وعندما بدأ بالإعداد لحركته ضد إبراهيم لم يكن بيننا وبينه أي تفاهم أو تقارب أو حتى مجرد إيحاء بما ينوي فعله , ولهذا كان مقتل الحمدي مفاجئا لنا وقد استقبلت النبأ باستياء شديد فهذه جريمة وما كان يجب أن تصل الأمور إلى هذا الحد , وبقدر ما كان القتل جريمة استنكرناها , فإن التغطية القبيحة التي صاحبت الجريمة اعتبرناها أشد قبحاً وقد أدنتها وبعثت في ليلتها رسالة حملها الأخ , علي شويط قلت لهم فيها أن التغطية مشينه وغير مشرفة , لأنه كان يجب أن تعلنوا أنكم قمتم بانقلاب وتعلنوا مبرراته بدل البكاء والأناشيد العسكرية وهذا الكذب والتغطية القبيحة , دخل مجاهد أبو شوارب بعد الانقلاب والتقى بالغشمي , الذي لم يفتح معنا أي حوار وإن كان قد بعث لنا من يطمئننا ويؤكد لنا أن الخلاف الذي كان موجوداً بيننا وبين الحمدي قد انتهى , ويطلب منا أن نبقى في خمر , وأن لا ندخل صنعاء , حتى المشائخ الذين كانوا مقاطعين صنعاء طلب منا أن نبلغهم أن لا يدخلوا صنعاء , حتى أن الشيخ أحمد ناصر الذهب وكان من المشائخ الذين كانوا عندي في خمر دخل بعد مقتل الحمدي وأرجعه الغشمي قبل أن يدخل صنعاء وجلس في قرية القابل شمال العاصمة , و ظل الغشمي يطلب منا التريث وان لا ندخل صنعاء وانه سوف يلتقي بنا كضيوف في بيته في ضلاع , والتقينا به وأكد لنا أنه معنا وأننا وإياه في خط واحد وعلينا أن نؤجل أي شيء , وقال , اتركوا لي فرصة , وعندما أعلن إنشاء مجلس الشعب التأسيسي أظن أنه أشعرنا بذلك مسبقاً , ولم يكن عندي أي مطالب على أحمد الغشمي حتى يتبين موقفه #د. عبدالله راجح شارب الحايطي #مجموعة من المؤلفين #دار الآفاق العربية #2007 #مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر #مجموعة من المؤلفين #Amr Hashem Rabie #2007 #كتب إسلامية #كتب pdf اسلامية #كتب مسموعة اسلامية #كتب إسلامية مترجمة #كتب إسلامية متنوعة #كتب إسلامية متنوعة في الشريعة #كتب إسلامية متنوعة في الأخلاق #كتب إسلامية #كتب اسلامية #دار الآفاق العربية #كتب إسلامية متنوعة #الدين الاسلامى #التاريخ #الادب #الشخصية و علم النفس #السينما والتليفزيون #الأطفال #التربية #الطفل الرضيع #كمبيوتر #الإسلام #تربية دينية #كتابة #ديانات #اطفال #قصص #شخصيأت
ZHRA
منذ 2 سنوات

سعد الدين الشاذلي القائد الأسطورة

❞ الفريق سعد الدين محمد الحسيني الشاذلي (1 أبريل 1922 - 10 فبراير 2011)، قائد عسكري مصري، شغل منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية في الفترة ما بين 16 مايو 1971 وحتى 13 ديسمبر 1973 ومؤسس وقائد أول فرقة سلاح مظلات في مصر وأمين عام مساعد جامعة الدول العربية للشؤون العسكرية وسفير سابق لدى إنجلترا والبرتغال ومحلل عسكري.

يعتبر من أهم أعلام العسكرية العربية المعاصرة، يوصف بأنه الرأس المدبر للهجوم المصري الناجح على خط الدفاع الإسرائيلي بارليف في حرب أكتوبر عام 1973 وهو واضع خطة العبور كاملة، وفي أكتوبر 1973 واثناء المعارك حدث خلاف بينه وبين السادات قام على إثره بالاستقالة من رئاسة الأركان، عين بعد الحرب سفيراً لمصر في بريطانيا ثم البرتغال، أعلن عن معارضته الشديد لمباحثات كامب ديفيد وأستقال من منصبه وسافر للجزائر طالباً حق اللجوء السياسي، ثم عاد إلى مصر في عام 1993 بعد أن صدر ضده حكماً عسكرياً ولكنه نال عفو شامل، وعاش بعيداً عن الأضواء حتى وفاته في 10 فبراير 2011.

ولد بقرية شبراتنا مركز بسيون في محافظة الغربية في دلتا النيل في 1 أبريل 1922 في أسرة فوق المتوسطة كان والده من الأعيان، وكانت أسرته تملك (70) فدانًا، أبوه هو الحاج الحسيني الشاذلي، وأمه السيدة تفيدة الجوهري وهي الزوجة الثانية لأبيه، وسمىّ على اسم الزعيم سعد زغلول، كان والده أحد ملاك الأراضي الزراعية وقد تزوج مرتين وأنجب من الأولى تسعة أبناء هم: محمد وحامد وعبد الحكيم والحسيني وعبد السلام ونظيمة وفريدة وبسيمة ومرسية. أما الثانية تفيدة الجوهري وهي والدة الفريق الشاذلي فقد أنجبت له مظهر وسعد وألفت ونبيلة ومنذ الطفولة الباكرة ارتبط وجدانياً وعقلياً بحب العسكرية، كان الطفل الصغير يستمع إلى حكايات متوارثة حول بطولات جده لأبيه الشاذلي، الذي كان ضابطاً بالجيش، وشارك في الثورة العرابية وحارب في معركة التل الكبير.

ابن عم والده هو عبد السلام باشا الشاذلي الذي تولى مديرية البحيرة ثم تولى بعد ذلك وزارة الأوقاف.

تلقى الشاذلي العلوم في المدرسة الابتدائية في مدرسة بسيون التي تبعد عن قريته حوإلى 6 كيلو مترات، وبعد إكماله الإبتدائية، انتقل والده للعيش في القاهرة وكان عمره وقتئذ 11 سنة، وأتم المرحلة الإعدادية والثانوية في مدارس القاهرة.

حياته المهنية

التحق بكليه الزراعة ودرس بها عام واحد فقط
التحق بالكلية الحربية في فبراير 1939 وكان أصغر طالب في دفعته
تخرج من الكلية الحربية في يوليو 1940 برتبة ملازم في سلاح المشاة في نفس دفعة خالد محيي الدين
في عام 1943 تم انتدابه للخدمة في الحرس الملكي وكان حينئذ برتبة ملازم
شارك في حرب فلسطين 1948
شارك في الحرب العالمية الثانية
مؤسس وقائد أول فرقة سلاح مظلات في مصر (1954 - 1959)
قائد الكتيبة 75 مظلات خلال العدوان الثلاثي عام 1956
قائد أول قوات عربية (قائد كتيبة مصرية) في الكونغو كجزء من قوات الأمم المتحدة (1960 - 1961)
ملحق حربي في لندن (1963-1961)
قائد اللواء الأول مشاة (شارك في حرب اليمن) (1965 - 1966)
قائد القوات الخاصة (المظلات والصاعقة) (1967 - 1969)
قائد المنطقة البحر الأحمر العسكرية (1970 - 1971)
رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية (1971 - 1973)
أمين عام مساعد جامعة الدول العربية للشؤون العسكرية (1971 - 1973)
سفير مصر في بريطانيا (1974-1975)
سفير مصر في البرتغال (1975-1978)

الحالة الإجتماعية
تزوج الشاذلي في 13 ديسمبر 1943 من زينات محمد متولي السحيمى ابنة محمد متولي باشا السحيمى مدير الكلية الحربية في ثلاثينات القرن الماضي وأنجب 3 بنات هنّ: شهدان وناهد وسامية.

الضباط الأحرار
بدأت علاقته بجمال عبد الناصر حين كان يسكن في نفس العمارة التي يسكنها جمال عبد الناصر بالعباسية قبل ثورة 23 يوليو. وكانت بينهم علاقات أسرية، وبالإضافة كونهم ضباط مدرسين في مدرسة الشؤون الإدارية وكانا يلتقيان بشكل يومي، وقد فاتحه جمال عبد الناصر عن الضباط الأحرار في 1951، ورحب الشاذلي بالفكرة وانضم إليهم ولكنه لم يشارك في ليلة 23 يوليو 1952 بشكل مباشر كونه كان في دورة في كلية أركان الحرب.

الفريق الشاذلي مؤسس سلاح المظلات في مصر
سافر وهو برتبة رائد إلى الولايات المتحدة الأمريكية في بعثة تدريبية متقدمة عام 1953 في المظلات وهو من أول من حصل على فرقة رينجرز وهي مدرسة المشاة الأميركية. وكان قائداً للكتيبة 75 مظلات أثناء العدوان الثلاثي عام 1956. وتولى قيادة سلاح المظلات خلال الفترة من 1954 - 1959.
أثناء احتفالات بعيد الثورة والذي كان سيقام في 23 يوليو 1954، اقترح الشاذلي على اللواء نجيب غنيم قائد منطقة القاهرة بإظهار سلاح المظلات بصورة مختلفة عن باقي وحدات القوات المسلحة التي كانت تمشي بالخطوة العادية أمام المنصة كما هو معروف، اقترح بأن تقوم كتيبة سلاح المظلات باستعراض المشي بالخطوة السريعة أمام المنصة، وكان بذلك أول من أقترح المشي بالخطوة السريعة في العروض العسكرية الخاصة لقوات المظلات، والتي أصبحت مرتبطة بقوات الصاعقة والمظلات وما ميزها عن سائر القوات ونقلتها الدول العربية فيما بعد. ❝ ⏤آمال البنا

❞ الفريق سعد الدين محمد الحسيني الشاذلي (1 أبريل 1922 - 10 فبراير 2011)، قائد عسكري مصري، شغل منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية في الفترة ما بين 16 مايو 1971 وحتى 13 ديسمبر 1973 ومؤسس وقائد أول فرقة سلاح مظلات في مصر وأمين عام مساعد جامعة الدول العربية للشؤون العسكرية وسفير سابق لدى إنجلترا والبرتغال ومحلل عسكري.

يعتبر من أهم أعلام العسكرية العربية المعاصرة، يوصف بأنه الرأس المدبر للهجوم المصري الناجح على خط الدفاع الإسرائيلي بارليف في حرب أكتوبر عام 1973 وهو واضع خطة العبور كاملة، وفي أكتوبر 1973 واثناء المعارك حدث خلاف بينه وبين السادات قام على إثره بالاستقالة من رئاسة الأركان، عين بعد الحرب سفيراً لمصر في بريطانيا ثم البرتغال، أعلن عن معارضته الشديد لمباحثات كامب ديفيد وأستقال من منصبه وسافر للجزائر طالباً حق اللجوء السياسي، ثم عاد إلى مصر في عام 1993 بعد أن صدر ضده حكماً عسكرياً ولكنه نال عفو شامل، وعاش بعيداً عن الأضواء حتى وفاته في 10 فبراير 2011.

ولد بقرية شبراتنا مركز بسيون في محافظة الغربية في دلتا النيل في 1 أبريل 1922 في أسرة فوق المتوسطة كان والده من الأعيان، وكانت أسرته تملك (70) فدانًا، أبوه هو الحاج الحسيني الشاذلي، وأمه السيدة تفيدة الجوهري وهي الزوجة الثانية لأبيه، وسمىّ على اسم الزعيم سعد زغلول، كان والده أحد ملاك الأراضي الزراعية وقد تزوج مرتين وأنجب من الأولى تسعة أبناء هم: محمد وحامد وعبد الحكيم والحسيني وعبد السلام ونظيمة وفريدة وبسيمة ومرسية. أما الثانية تفيدة الجوهري وهي والدة الفريق الشاذلي فقد أنجبت له مظهر وسعد وألفت ونبيلة ومنذ الطفولة الباكرة ارتبط وجدانياً وعقلياً بحب العسكرية، كان الطفل الصغير يستمع إلى حكايات متوارثة حول بطولات جده لأبيه الشاذلي، الذي كان ضابطاً بالجيش، وشارك في الثورة العرابية وحارب في معركة التل الكبير.

ابن عم والده هو عبد السلام باشا الشاذلي الذي تولى مديرية البحيرة ثم تولى بعد ذلك وزارة الأوقاف.

تلقى الشاذلي العلوم في المدرسة الابتدائية في مدرسة بسيون التي تبعد عن قريته حوإلى 6 كيلو مترات، وبعد إكماله الإبتدائية، انتقل والده للعيش في القاهرة وكان عمره وقتئذ 11 سنة، وأتم المرحلة الإعدادية والثانوية في مدارس القاهرة.

حياته المهنية

التحق بكليه الزراعة ودرس بها عام واحد فقط
التحق بالكلية الحربية في فبراير 1939 وكان أصغر طالب في دفعته
تخرج من الكلية الحربية في يوليو 1940 برتبة ملازم في سلاح المشاة في نفس دفعة خالد محيي الدين
في عام 1943 تم انتدابه للخدمة في الحرس الملكي وكان حينئذ برتبة ملازم
شارك في حرب فلسطين 1948
شارك في الحرب العالمية الثانية
مؤسس وقائد أول فرقة سلاح مظلات في مصر (1954 - 1959)
قائد الكتيبة 75 مظلات خلال العدوان الثلاثي عام 1956
قائد أول قوات عربية (قائد كتيبة مصرية) في الكونغو كجزء من قوات الأمم المتحدة (1960 - 1961)
ملحق حربي في لندن (1963-1961)
قائد اللواء الأول مشاة (شارك في حرب اليمن) (1965 - 1966)
قائد القوات الخاصة (المظلات والصاعقة) (1967 - 1969)
قائد المنطقة البحر الأحمر العسكرية (1970 - 1971)
رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية (1971 - 1973)
أمين عام مساعد جامعة الدول العربية للشؤون العسكرية (1971 - 1973)
سفير مصر في بريطانيا (1974-1975)
سفير مصر في البرتغال (1975-1978)

الحالة الإجتماعية
تزوج الشاذلي في 13 ديسمبر 1943 من زينات محمد متولي السحيمى ابنة محمد متولي باشا السحيمى مدير الكلية الحربية في ثلاثينات القرن الماضي وأنجب 3 بنات هنّ: شهدان وناهد وسامية.

الضباط الأحرار
بدأت علاقته بجمال عبد الناصر حين كان يسكن في نفس العمارة التي يسكنها جمال عبد الناصر بالعباسية قبل ثورة 23 يوليو. وكانت بينهم علاقات أسرية، وبالإضافة كونهم ضباط مدرسين في مدرسة الشؤون الإدارية وكانا يلتقيان بشكل يومي، وقد فاتحه جمال عبد الناصر عن الضباط الأحرار في 1951، ورحب الشاذلي بالفكرة وانضم إليهم ولكنه لم يشارك في ليلة 23 يوليو 1952 بشكل مباشر كونه كان في دورة في كلية أركان الحرب.

الفريق الشاذلي مؤسس سلاح المظلات في مصر
سافر وهو برتبة رائد إلى الولايات المتحدة الأمريكية في بعثة تدريبية متقدمة عام 1953 في المظلات وهو من أول من حصل على فرقة رينجرز وهي مدرسة المشاة الأميركية. وكان قائداً للكتيبة 75 مظلات أثناء العدوان الثلاثي عام 1956. وتولى قيادة سلاح المظلات خلال الفترة من 1954 - 1959.
أثناء احتفالات بعيد الثورة والذي كان سيقام في 23 يوليو 1954، اقترح الشاذلي على اللواء نجيب غنيم قائد منطقة القاهرة بإظهار سلاح المظلات بصورة مختلفة عن باقي وحدات القوات المسلحة التي كانت تمشي بالخطوة العادية أمام المنصة كما هو معروف، اقترح بأن تقوم كتيبة سلاح المظلات باستعراض المشي بالخطوة السريعة أمام المنصة، وكان بذلك أول من أقترح المشي بالخطوة السريعة في العروض العسكرية الخاصة لقوات المظلات، والتي أصبحت مرتبطة بقوات الصاعقة والمظلات وما ميزها عن سائر القوات ونقلتها الدول العربية فيما بعد . ❝

⏤ آمال البنا

الفريق سعد الدين محمد الحسيني الشاذلي , 1 أبريل 1922 , 10 فبراير 2011 , قائد عسكري مصري , شغل منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية في الفترة ما بين 16 مايو 1971 وحتى 13 ديسمبر 1973 ومؤسس وقائد أول فرقة سلاح مظلات في مصر وأمين عام مساعد جامعة الدول العربية للشؤون العسكرية وسفير سابق لدى إنجلترا والبرتغال ومحلل عسكري , يعتبر من أهم أعلام العسكرية العربية المعاصرة , يوصف بأنه الرأس المدبر للهجوم المصري الناجح على خط الدفاع الإسرائيلي بارليف في حرب أكتوبر عام 1973 وهو واضع خطة العبور كاملة , وفي أكتوبر 1973 واثناء المعارك حدث خلاف بينه وبين السادات قام على إثره بالاستقالة من رئاسة الأركان , عين بعد الحرب سفيراً لمصر في بريطانيا ثم البرتغال , أعلن عن معارضته الشديد لمباحثات كامب ديفيد وأستقال من منصبه وسافر للجزائر طالباً حق اللجوء السياسي , ثم عاد إلى مصر في عام 1993 بعد أن صدر ضده حكماً عسكرياً ولكنه نال عفو شامل , وعاش بعيداً عن الأضواء حتى وفاته في 10 فبراير 2011 , ولد بقرية شبراتنا مركز بسيون في محافظة الغربية في دلتا النيل في 1 أبريل 1922 في أسرة فوق المتوسطة كان والده من الأعيان , وكانت أسرته تملك , فدانًا , أبوه هو الحاج الحسيني الشاذلي , وأمه السيدة تفيدة الجوهري وهي الزوجة الثانية لأبيه , وسمىّ على اسم الزعيم سعد زغلول , كان والده أحد ملاك الأراضي الزراعية وقد تزوج مرتين وأنجب من الأولى تسعة أبناء هم , محمد وحامد وعبد الحكيم والحسيني وعبد السلام ونظيمة وفريدة وبسيمة ومرسية , أما الثانية تفيدة الجوهري وهي والدة الفريق الشاذلي فقد أنجبت له مظهر وسعد وألفت ونبيلة ومنذ الطفولة الباكرة ارتبط وجدانياً وعقلياً بحب العسكرية , كان الطفل الصغير يستمع إلى حكايات متوارثة حول بطولات جده لأبيه الشاذلي , الذي كان ضابطاً بالجيش , وشارك في الثورة العرابية وحارب في معركة التل الكبير , ابن عم والده هو عبد السلام باشا الشاذلي الذي تولى مديرية البحيرة ثم تولى بعد ذلك وزارة الأوقاف , تلقى الشاذلي العلوم في المدرسة الابتدائية في مدرسة بسيون التي تبعد عن قريته حوإلى 6 كيلو مترات , وبعد إكماله الإبتدائية , انتقل والده للعيش في القاهرة وكان عمره وقتئذ 11 سنة , وأتم المرحلة الإعدادية والثانوية في مدارس القاهرة , حياته المهنية , التحق بكليه الزراعة ودرس بها عام واحد فقط , التحق بالكلية الحربية في فبراير 1939 وكان أصغر طالب في دفعته , تخرج من الكلية الحربية في يوليو 1940 برتبة ملازم في سلاح المشاة في نفس دفعة خالد محيي الدين , في عام 1943 تم انتدابه للخدمة في الحرس الملكي وكان حينئذ برتبة ملازم , شارك في حرب فلسطين 1948 , شارك في الحرب العالمية الثانية , مؤسس وقائد أول فرقة سلاح مظلات في مصر , 1954 , 1959 , قائد الكتيبة 75 مظلات خلال العدوان الثلاثي عام 1956 , قائد أول قوات عربية , قائد كتيبة مصرية , في الكونغو كجزء من قوات الأمم المتحدة , 1960 , 1961 , ملحق حربي في لندن , 1963 , 1961 , قائد اللواء الأول مشاة , شارك في حرب اليمن , 1965 , 1966 , قائد القوات الخاصة , المظلات والصاعقة , 1967 , 1969 , قائد المنطقة البحر الأحمر العسكرية , 1970 , 1971 , رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية , 1971 , 1973 , أمين عام مساعد جامعة الدول العربية للشؤون العسكرية , 1971 , 1973 , سفير مصر في بريطانيا , 1974 , 1975 , سفير مصر في البرتغال , 1975 , 1978 , الحالة الإجتماعية , تزوج الشاذلي في 13 ديسمبر 1943 من زينات محمد متولي السحيمى ابنة محمد متولي باشا السحيمى مدير الكلية الحربية في ثلاثينات القرن الماضي وأنجب 3 بنات هنّ , شهدان وناهد وسامية , الضباط الأحرار , بدأت علاقته بجمال عبد الناصر حين كان يسكن في نفس العمارة التي يسكنها جمال عبد الناصر بالعباسية قبل ثورة 23 يوليو , وكانت بينهم علاقات أسرية , وبالإضافة كونهم ضباط مدرسين في مدرسة الشؤون الإدارية وكانا يلتقيان بشكل يومي , وقد فاتحه جمال عبد الناصر عن الضباط الأحرار في 1951 , ورحب الشاذلي بالفكرة وانضم إليهم ولكنه لم يشارك في ليلة 23 يوليو 1952 بشكل مباشر كونه كان في دورة في كلية أركان الحرب , الفريق الشاذلي مؤسس سلاح المظلات في مصر , سافر وهو برتبة رائد إلى الولايات المتحدة الأمريكية في بعثة تدريبية متقدمة عام 1953 في المظلات وهو من أول من حصل على فرقة رينجرز وهي مدرسة المشاة الأميركية , وكان قائداً للكتيبة 75 مظلات أثناء العدوان الثلاثي عام 1956 , وتولى قيادة سلاح المظلات خلال الفترة من 1954 , 1959 , أثناء احتفالات بعيد الثورة والذي كان سيقام في 23 يوليو 1954 , اقترح الشاذلي على اللواء نجيب غنيم قائد منطقة القاهرة بإظهار سلاح المظلات بصورة مختلفة عن باقي وحدات القوات المسلحة التي كانت تمشي بالخطوة العادية أمام المنصة كما هو معروف , اقترح بأن تقوم كتيبة سلاح المظلات باستعراض المشي بالخطوة السريعة أمام المنصة , وكان بذلك أول من أقترح المشي بالخطوة السريعة في العروض العسكرية الخاصة لقوات المظلات , والتي أصبحت مرتبطة بقوات الصاعقة والمظلات وما ميزها عن سائر القوات ونقلتها الدول العربية فيما بعد #ZHRA #آمال البنا #دار المعارف #2013 #سعد الدين الشاذلي القائد الأسطورة #آمال البنا #AMAL ALBNA #2013 #التاريخ #شخصيأت #شخصيات مشهورة #اشهر الشخصيات #شخصيات خيالية #قراءة #شخصيات تاريخية #سير وتراجم ومذكرات #مذكرات وشهادات #فكري تاريخي #سياسي تاريخي #تاريخ سياسي #شخصيات إسلامية #تحليل الشخصيات #شخصيات سياسية #مذكرات سياسية #أنواع الشخصيات #انماط الشخصيات #شخصيات مهمة #شخصيات مسلمة #شخصيات #شخصيات مسلمون #الشخصيات #شخصيات صعبة #تحتاج الشخصيات #شخصيات خيالية #شخصيات تاريخية #سير وتراجم ومذكرات #فكري تاريخي
بستان علم النبوءة
منذ 10 شهور

❞يومياتي❝

❞ هدية إلى الأحباب
في تفسير أم الكتاب
ويليه
متن طالب التفسير

تأليف
أبي الحسن هشام
المحجوبي وأبي مريم
عبدالكريم صكاري

طبعة منقحة ومخرجة الأحاديث

المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين˝ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ˝ ˝يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا˝ ˝يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)˝
وبعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أجارنا الله جميعا من النار.
إن الله تعالى خلق الجن والإنس وأمرهم بعبادته فقال عزَّ من قائل ˝ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57)˝ وبين سبحانه وتعالى كيفية عبادته في الكتب التي أنزل على أنبيائه وآخرها وأفضلها وناسخها القرآن الكريم قال تعالى: ˝ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ ومُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ˝ ولايمكن أن يصل الإنسان إلى العبادة الصحيحة التي ترضي الله تعالى إلا من طريق علم التفسير الذي هو: علم يبحث في الكشف عن معاني القرآن على مراد الله وبمنهاج رسول الله وأصحابه، لذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحفظون عشرة آيات من القرآن فلا يتعدونها حتى يعلموا معناه ويعملوا بما فيها، عن ابن مسعود، قال: كانَ الرجل مِنَّا إذا تعلَّم عَشْر آياتٍ لم يجاوزهُنّ حتى يعرف معانيهُنَّ، ˝
فعلم التفسير يوصل إلى الفهم الصحيح للقرآن والفهم الصحيح يوصل إلى العمل الصحيح والعمل الصحيح يوصل إلى رضوان الله ورضوان الله يوصل إلى الجنة، لذا يعد علم التفسير سيد العلوم وأشرفها وسبيل النجاة من الضلالات والانحرافات والخرافات.
وجميع العلوم الشرعية خادمة له فلا يمكن أن يفسر عالم القرآن حتى يكون ملما باللغة العربية التي هي لغة القرآن وعلم العقيدة وعلم أصول الفقه والفقه وعلم مصطلح الحديث وعلم السير والمغازي، ومن بركات هذا العلم الكريم أن فاهم القرآن يتخشع في صلاته ويتدبر معانيه ويتلذذ بقراءته ما يدفعه إلى حفظ القرآن والإكثار من قراءته والتهجد والتنفل به قال تعالى: ˝ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ˝ وقال أبو جعفر ابن جرير الطبري: ˝ إني لأعجب ممن قرأ القرآن ولم يعلم تأويله، كيف يلتذ بقراءته ˝ .
وقد ورد في فضل طالب العلم الجليل أن رحمة الله تغشاه وتنزل عليه الملائكة والسكينة ويذكره الله في الملإ الأعلى، ففي الحديث الذي رواه أبو داود وصححه الشيخ الألباني عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ»
و أفضل سور القرآن الفاتحة، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: ˝ هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ، فَقَالَ: هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَسَلَّمَ، وَقَالَ: أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ ˝ وعَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ المُعَلَّى، قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي فِي المَسْجِدِ، فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أُجِبْهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي، فَقَالَ: ˝ أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24]. ثُمَّ قَالَ لِي: «لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي القُرْآنِ، قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ» . ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، قُلْتُ لَهُ: «أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي القُرْآنِ»، قَالَ: {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] «هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي، وَالقُرْآنُ العَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ»
و سميت بالفاتحة لأن المصحف يفتح بها وتفتح بها الصلاة، فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قال، قال النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ»
ومن أسمائها: أم الكتاب وأم القرآن، قَال رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ» أي المشتملة على أصول معاني القرآن اللذان هما توحيد الله واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالأصل الأول مضمن من أولها إلى قوله تعالى: ˝ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ˝ والأصل الثاني مضمن من قوله تعالى ˝ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ˝ إلى آخرها ـ ومن أسمائها السبع المثاني والقرآن العظيم أي آياتها السبع التي استثنيت بها أمة النبي صلى الله عليه وسلم بالتفضيل على باقي الأمم قال تعالى: ˝ وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ˝ و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمُّ القُرْآنِ هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي وَالقُرْآنُ العَظِيمُ» و من أسمائها الراقية لأنه صلى الله عليه وسلم كان يرقي بها من الأمراض فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الحَيِّ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاَءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ، فَأَتَوْهُمْ، فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ ؟فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ، وَيَقْرَأُ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَابِهِ قَلَبَةٌ، قَالَ: فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لاَ تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ: «وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ»، ثُمَّ قَالَ: «قَدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا »فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا˝ ومن أسمائها الشافية أي يشفي الله بها عباده من الأمراض المعنوية كالضلال والأمراض الحسية، قال صلى الله عليه وسلم: ˝ فاتحة الكتاب شفاء من كل سم ˝ومن أسمائها الحمد لأنها تبتدئ به قال تعالى: ˝الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ˝
و من أسمائها الصلاة أي روحها الصلاة وقيل لا تصح الصلاة إلا بها فعن أبي هريرة قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ˝ قَالَ اللهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]، قَالَ اللهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]، قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي – وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي – فَإِذَا قَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ ˝
وقد سماها بعض العلماء بالكنز والأساس والكافية والواقية وغير ذلك.
فهي سورة مكية أي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة وقيل مدنية وقيل نزل نصفها في مكة ونصفها في المدينة، وقيل نزلت مرتين في مكة وفي المدينة، والصحيح المشهور بين المفسرين القول الأول.
ولأن المؤمن يقرأ هذه السورة على الأقل سبع عشرة مرة في اليوم في صلواته المفروضة، أقبلنا على تفسير هذه السورة العظيمة بأسلوب ميسر ومفصل وجامع لأجود ما ذكره سادتنا المفسرون في تفاسيرهم راجين من الله تعالى القبول والثواب وأن يجمعنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ومع خدمة كتابه الكريم في جنات النعيم إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
تفسير الاستعاذة:
اتَّفق المفسِّرون أن(الاستعاذة)ليست من القرآن، وأشهر صِيغها الواردة في السُّنة: ˝أعوذ بالله من الشيطان الرجيم˝، ˝أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم˝، وزِيد عليهما في بعض الروايات ˝من همزه ونفثه ونفخه˝ ، وقد اشتق البعض من القرآن: ˝أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ˝ و ˝أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ˝ و˝أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ˝و ˝أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ˝
ويَجوز فيها السر والجهر على المشهور، وقد اختلف العلماء في موضع قراءتها على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنها قبل القراءة؛ لأن العِلة منها طرد وساوس الشيطان عند القراءة، وقدَّروا فِعل: فإذا أردت أن تقرأ القرآن، ˝فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ˝.
القول الثاني: يُحكى عن أبي هريرة وبعض العلماء أنها تكون بعد القراءة لطرد عُجب النفس والسُّمعة وعمَلاً بظاهر الآية: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ النحل: 98.
القول الثالث: ذهب بعض المفسِّرين إلى مشروعيتها قبل القراءة وبعدها عملاً بالوجهين، والمشهور القول الأول، وقد اختلفوا في حُكمها، فذهبت طائفة من أهل العلم إلى وجوبها؛ لأن الأمر يفيد الوجوب ما لم تصرفه القرينة، والصحيح - والله تعالى أعلم - أن الأمر مصروف إلى الاستحباب لقرينة أنه صلى الله عليه وسلم استدل ببعض الآيات من غير أن يستعيذ، فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الجَدَلَ»، ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الآيَةَ: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: 58]
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ أي: ألتجئ وأعتصم وأتحَصَّن بالله من أذى الشيطان الرجيم، و˝أعوذ˝ فعل مضارع يُفيد الاستمرار عكس الفعل الماضي الذي يفيد الانقطاع،
والمعنى كأن الله تعالى يأمرنا بالمداومة على الاستعاذة؛ لأن الشيطان عَدُوٌّ مبين لا يَملُّ ولا يَكلُّ مِن سعْيه لإضلال الإنسان؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: 168، وقال على لسانه: ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ الأعراف: 16، 17، وفي الحديث: ((إن الشيطان يبعث في الصباح سراياه فيقول من يُضلُّ اليوم مُسلمًا أُلبسه التاجَ))
وقد بُدئ الفعل المضارع بهمزة المضارعة لفائدتين - والله تعالى أعلم:
الفائدة الأولى: استدعاء حضور القلب عند القراءة؛ لأن الهمزة تُفيد الحضور.
الفائدة الثانية: استِشعار التواضع والتبرُّؤ من الكِبْر الذي أضل الشيطان، لأن الهمزة تُفيد الإفراد، ولو كانت بدَلها النون لأفادت الإحساس بالتعظيم.
الله: أصل الأسماء الحسنى وأعظمها، وهو المعبود الذي يتقرَّب إليه العباد بشتى الطاعات حبًّا وتعظيمًا، مشتق من ألَه يأْله إلهة؛ أي: عَبَد يعبد عبادة؛ ففي قراءة ابن عباس: ﴿ وَيَذَرَكَ وَإلَهَتَكَ ﴾، وقيل: الذي حيَّر العقول، مشتقٌّ من الولَه؛ أي: الحيرة وهو بعيد، وقيل: غير مشتق، والصحيح المشهور: القول الأول.
وأما الشيطان فهو الجِنِّي أو الإنسيُّ الكافر المُحارِب للإسلام، مشتقٌّ من شَطَن أي: بعُد عن رحمة الله، وقيل: الشِّياط، والمقصود في هذا السياق شيطان الجنِّ.
الرجيم: وصف له، وهو مفعول في معناه على وزن فعيل، قيل: سُمِّي بالرجيم لأنه أتى إبراهيم عليه السلام وهاجر وإسماعيل في منى، فاستعطف إبراهيمَ حتى لا يذبح ولده، فقال: أعوذ بالله منك فرجمه، ثم استعطف هاجر على ولدها فقالت: أعوذ بالله منك فرجمته، ثم استعطف إسماعيل عليه السلام على نفسه، فقال: أعوذ بالله منك فرجمه˝، فصار الرجم من مناسك الحج إلى يوم القيامة،
وقيل: سُمِّي بالرجيم؛ لأنه يسترق السمع في السماء فترجُمُه الملائكة؛ قال سبحانه: ﴿ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ﴾ [الحجر: 18]، وقيل: وُصف بذلك لأن أتباعه يرجمونه في النار.
السميع: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه الذي لا يَخفى عليه صوت مهما خَفُت، وينقسم إلى سمع عام وهو الذي عرفناه، وسمع خاص ومعناه: الذي يستجيب دعاء عباده.
وأما العليم: فهو من أسماء الله الحسنى، ومن أسمائه أيضًا: العالم والعلّام والأعلم والخبير، ومعناه: صاحب العلم الواسع المطلق؛ بحيث لا يَخفى عليه شيء.
وأما الهمز والنفث والنفخ، فالهمز: جنس من الجنون يُقال له: الموتة، والنفث: الشِّعر القبيح، والنفْخ: الكِبر، فعن ابن جبير بن مطعم، عن أبيه، أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة، قال عمرو: لا أدرى أي صلاة هي، فقال: ((الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، والحمد لله كثيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً)) ثلاثًا، ((أعوذ بالله من الشيطان من نفخه، ونفثه، وهمزه)) ، قال: نفثه: الشِّعر، ونفخه: الكبر، وهمزه: الموتة.

تفسير البسملة
فالبسملة اختصار لـ ˝بسم الله الرحمن الرحيم˝ كالحمدلة والصلصلة والحوقلة، جاء في فضلها حديث موقوف حُكمه الرفع، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: ˝مَنْ أَرَادَ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنَ الزَّبَانِيَةِ التِّسْعَةَ عَشَرَ فَلْيَقْرَأْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فيجعل اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا جُنَّةً مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ˝ .
ومعناها الإجمالي: طلب العون والبركة من الله وأسمائه الحسنى صاحِبِ الرحمة الشاملة والخاصة قبل الشروع في القول أو الفعل.
فالباء للاستعانة والتبرُّك، و˝اسم˝ مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره، ومعناه اللفظ الذي وُضع للشيء لِرِفعة شأنه وتمييزه عن غيره، مشتق من السُّموِّ، وقيل: من السِّمة، والمعنى هنا: أستعين وأتبرك بجميع أسماء الله الحسنى؛ لأن المفرد المضاف يفيد العموم، كقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 18]؛ أي: جميع نعم الله؛ لأن ﴿ نِعْمَةَ ﴾ مفرد مضاف إلى اسم الجلالة.
الله: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره، وهو أعظم اسم من أسماء الله الحسنى؛ لذلك جاء مُبَيَّنًا بعد العموم؛ لأن الخاص بعد العام يفيد الأهمية والشرف، ومعناه المعبود الذي يَتقرب إليه العباد حبًّا وتعظيمًا بشتى الطاعات، مشتق من ألَه يأْله إلاهة؛ أي: عَبَد يعبد عبادة، قال سبحانه: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُو ﴾ [الحشر: 22]، وقد استنبط المحققون من أهل العلم من هذا الاسم العظيم أن المخلوقات في الأصل لا أول لها؛ لأنه سبحانه وتعالى الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء في ذاته وأسمائه وصفاته، ويلزم من هذا الاسم وجود العباد له، فالمخلوقات في جنسها وأفرادها لها أوَّل كما لها آخر، أما في أصل الخَلق فلا أول له؛ لأن من أسمائه اللهَ والخالق والرب وغيرها، والله تعالى أعلم.
الرحمن الرحيم: اسمان عظيمان من أسماء الله الحسنى، قال تعالى: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 3]، وهما بدل من الله تابعان له في جره، وقيل: نعت.
الرحمن: على وزن فعلان، وهذا الوزن يفيد السَّعَة والامتلاء؛ أي: صاحب الرحمة الشاملة التي تشمل جميع الخَلق، فلولاها لما رُزق الكافر قطرة ماء، قال سبحانه: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه: 5]، فعرشه سبحانه يتوسط الكون ويعلوه، وهو سبحانه وتعالى فوق عرشه يُغدق رحمته على جميع خلقه.
الرحيم: على وزن فعيل؛ أي: صاحب الرحمة الخاصة بالمؤمنين، فبها وُفِّقوا إلى طاعته وأُدخِلوا الجنة، قال تعالى: ﴿ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 43]، وفي الحديث الصحيح: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ اللهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، فالجزء الأول يرجع إلى اسم الرحمن، والتسعة والتسعون جزءًا يرجعون إلى اسم الرحيم.
وقيل: الرحمن الذي إذا سُئل أعطى، والرحيم إذا لم يُسأل يغضب، وهما مشتقان من الرحم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ˝قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا الرَّحْمَنُ خَلَقْتُ الرَّحِمَ وَشَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنِ اسْمِي فَمَنْ وصلها وصلته ومن قطعها بتته˝ .
والجار والمجرور متعلق بفعل تقديره: ˝أبدأ˝، ويجوز أن يُقدَّر اسمًا ˝ابتدائي˝ على أنه مبتدأ، والمشهور أن يُقدَّر فعلاً لبلاغته، ويجوز أن يُقدَّر خاصًّا: أقرأ أو أتلو، والأفضل - والله أعلم - أن يُقدر عامًّا ˝أبدأ˝؛ لأنه يشمل جميع العبادات والأفعال، فمثلاً تلاوة القرآن فيها القراءة والتدبر والنظر إلى المصحف.
والأصل أن يُقدَّر في أول الكلمة: ˝أبدأ بسم الله الرحمن الرحيم˝، لكن الأفضل أن يُقدر في آخرها: ˝بسم الله الرحمن الرحيم أبدأ˝؛ لأن تأخير ما حقُّه التقديم يفيد الحصر والقصر والاختصاص، فيكون المعنى: أي لا أطلب العون والبركة إلا من الله، وفي هذا إدخال للتوحيد في البسملة، الذي هو إفراد الله بالعبادة.
وقد ذهب أكثر العلماء إلى استحبابها قبل الأقوال والأفعال؛ فبِها بدأ الله كلامه، وكان يبدأ بها النبي صلى الله عليه وسلم قبل أكله وشربه وجِماعه ودخوله إلى الخلاء ودخوله إلى البيت وخروجه منه، وغير ذلك.
واتفق العلماء أنها جزء آية من سورة النمل: ﴿ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [النمل: 29، 30]، وأنها ليست في أول سورة التوبة التي فُضح فيها المنافقون ووُعدوا فيها بأشد العذاب، فلا يليق أن تُبدأ برحمة الله،
واختلفوا هل هي جزء آية من أول كل سورة، أو آية، أو ليست بآية أصلاً، أو آية من سورة الفاتحة؟ والصحيح - والله تعالى أعلم - الذي ترجح لنا أنها آية منفردة في المصحف ليست من السور، أُنزلت للفصل بينها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الفصل ما بين السورة والسورة، حتى ينزل عليه جبريل بـ˝بسم الله الرحمن الرحيم˝.
ويجوز الإسرار بها والجهر في الصلاة وغيرها؛ جمعًا بين الروايات.
وقد بيَّن القُرَّاء أوجه قراءتها، فأباحوا جميع الأوجه، ومنعوا واحدًا:
الأوجه الجائزة:
أولاً: الفصل بينها وبين آخر السورة وأول السورة التي تليها.
ثانيًا: الجمع بينها وبين آخر السورة وأول السورة التي تليها.
ثالثًا: الفصل بينها وبين آخر السورة وجمعها بأول السورة التي تليها.
رابعًا: حذفها بالكلية.
أما الوجه الممنوع؛ فهو جمعها بآخر السورة وفصلها عن أول السورة التي تليها؛ مخافة أن يُظنَّ أنها من آخر السورة، وفيه تعطيل لمعناها المتعلق بالبدء لا بالانتهاء.
فهذا تفسير البسملة الذي ينبغي لكل طالب علم أن يَعْلَمه ويُتقنه؛ لوجودها في أول كلام الله وأوائل المتون والكتب العلمية، ولكل مسلم؛ حتى يحضر قلبه ويخشى ربه ويتذوق حلاوة البَدء بها.
{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (1)}:
إعراب الآية:
الحمد: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
لله: ل: حرف جر، الله: اسم جلالة مجرور اختياري وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره، وشبه جملة من الجار والمجرور في محل رفع خبر مبتدأ.
رب: بدل من الله تابع له في جره وقيل نعت تابع له في جره وهو مضاف.
العالمين: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء.
وجه المناسبة بين البسملة وهذه الآية والله تعالى أعلم أن الله تعالى يعد قارئ القرآن ومفسره والعامل به بالرحمة الواسعة في الدنيا والآخرة
و المعنى الإجمالي للآية أي جميع الثناء والشكر والمدح مستحق لله تعالى خالق ومالك ومدبر جميع شؤون خلقه ˝فالحمد˝ هو الثناء على شيء بحب وتقدير وهو قريب من الشكر والمدح، فالفرق بينه وبين الشكر من وجهين.
فالحمد أعم من الشكر من جهة السبب فهو يكون مقابل الإحسان وفي غيره، نقول: ˝ فلان يحمد على حسن خلقته ˝ كما يقال: ˝ يحمد على حسن ضيافته ˝ فأما الشكر فلا يكون إلا مقابل الإحسان فهو أعم من الحمد من جهة الآلة فهو يكون باللسان والجوارح وأما الحمد فيكون باللسان قال تعالى: ˝اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ˝سورة سبأ – الآية: 12، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقَالَتْ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟قَالَ: «أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا»
و أما الفرق بين الحمد والمدح:
-فالحمد يكون بحب وأما المدح فيكون بحب وبغير حب.
- والحمد يكون للعاقل والمدح يكون للعاقل وغير العاقل نقول مدح شاعر الحمراء مراكش،
- والحمد يكون موجزا وأما المدح فيكون في الأغلب أوسع من الحمد، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الحمد أفضل ذكر بعد القرآن الكريم لأن الله تعالى بدأ به كتابه الكريم وأثنى به على نفسه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدأ به خطبه، إذ ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يبدأ به خطبه فيقول:
«إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ» و هو ذكر أهل الجنة يلهمونه كما يلهمون النفس فهو في الدنيا تكليف وفي الآخرة تشريف، قال تعالى: ˝ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10) ˝. سورة يونس الآيات: 9- 10
و هو ذكر الحافين بالعرش قال تعالى: ˝وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ˝ سورة الزمر - الآية: 75
و لازِمه جميع معاني الأذكار فما استَحق الثناءَ سبحانه وتعالى إلا وهو المستحق للعبادة وحده لا شريك له المنزه عن النقص والرذائل الأكبر من كل شيء، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ˝ أَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ˝ : فيحمل على من أفضل، ومثال ذلك عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: ˝ أَنْ يُسْلِمَ قَلْبُكَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنْ يَسْلَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِكَ وَيَدِكَ ˝، قَالَ: فَأَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ˝ الْإِيمَانُ ˝، قَالَ: وَمَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: ˝ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ ˝، قَالَ: فَأَيُّ الْإِيمَانِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ˝ الْهِجْرَةُ ˝، قَالَ: فَمَا الْهِجْرَةُ؟ قَالَ: ˝ تَهْجُرُ السُّوءَ ˝، قَالَ: فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ˝ الْجِهَادُ ˝، قَالَ: وَمَا الْجِهَادُ؟ قَالَ: ˝ أَنْ تُقَاتِلَ الْكُفَّارَ إِذَا لَقِيتَهُمْ ˝، قَالَ: فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ˝ مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَأُهْرِيقَ دَمُهُ ˝، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ˝ ثُمَّ عَمَلَانِ هُمَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ بِمِثْلِهِمَا: حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ أَوْ عُمْرَةٌ ˝
˝ رَبِّ الْعَالَمِينَ ˝
˝رَبِّ ˝: الرب لغة: السيد أو المالك نقول رب الأسرة، وقال سيدنا يوسف على العزيز ˝ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ˝سورة يوسف – الآية: 23
و شرعا: هو الخالق المالك المدبر، من أسماء الله الحسنى المتضمنة لصفات أصلية لازمها باقي صفات الكمال فهو سبحانه ما كان خالقا ومالكا ومدبرا حتى كان عليما خبيرا غنيا حكيما رزاقا.
˝الْعَالَمِينَ˝: جمع عالم قيل هو كل جنس مخلوق عاقل كعالم الملائكة وعالم الإنس وعالم الجن، وقيل كل جنس مخلوق فيه روح، وقيل كل جنس مخلوق على الإطلاق وهو الصحيح المشهور.
فهذه الآية الكريمة اشتملت على أصل الإسلام العظيم الذي هو التوحيد فتوحيد الألوهية مضمن في قوله تعالى ˝: الحمد لله ˝ وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات مضمن في قوله تعالى: ˝رَبِّ الْعَالَمِينَ ˝، وهنا لنا وقفة لبيان التوحيد.
إنّ توحيد الله لا يتحقق إلا إذا قام على التصديق بأن الله هو الربّ والإله الذي لا شريك له ولا مثيل.
لقد أكد كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - على حقيقة التوحيد في صيغ متعددة. فمن ذلك قوله تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1- 4]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾سورة البقرة – الآية: 163، وقوله: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ المائدة - الآية: 73
وفي صحيح البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ˝لَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ قَالَ لَهُ: ˝إِنَّكَ تَقْدُمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيه أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى...˝
وفي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنه عَن النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ˝بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَالْحَجِّ ˝
إنه ولِما لتوحيد الله من أهمية بالغة فقد حرص علماء الإسلام على تبيان الأصول التي يقوم عليها وما يقتضيه الإيمان بكل واحد منها.

توحيد الله وأصوله: يقوم توحيد الله تعالى على ثلاثة أصول هي:
1- توحيد الربوبية.
2- توحيد الألوهية.
3- توحيد أسماء الله وصفاته.
هذه الأصول هي حسبما اهتدى إليه العلماء متضمَّنة في الآية: ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 65]، فتوحيد الربوبية متضمَّن في شق الآية: ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾، أما توحيد الألوهية فمتضمَّن في: ﴿ فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ﴾، وأما توحيد أسماء الله وصفاته فمُتضمن في: ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ أي هل تعلم له شبيها ومثيلا في أسمائه وصفاته.
1- توحيد الربوبية:
يعني توحيد الله في الربوبية إفراده سبحانه بالخلق والملك والتدبير، أي الاعتقاد الجازم بأن لا خالق ولا مالك ولا مُدبر في الكون إلا اللهُ سبحانه وتعالى.
لقد نص القرآن الكريم على ربوبية الله فذَكر تفرده سبحانه بالخلق على غيره، قال تعالى: ﴿ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ﴾سورة فاطر- الآية: 3، كما أفرد الله نفسه بالملك فقال: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ﴾ [الملك: 1]، أما الدليل على إفراد الله ذاته بالتدبير فنجده في قوله تعالى: ﴿ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ﴾سورة الأعراف – الآية: 54، والمراد بالأمر هنا التدبير.
2- توحيد الألوهية:
يعني توحيد الألوهية إفرادَ العبد ربَّه بالعبادة. والعبادة كما عرَّفها ابن تيمية هي: ˝اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة˝ ، قال تعالى: ﴿ وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا ﴾ [النساء: 3
إن الإنسان لا يصير مُوحِّدًا حتى تكون عبادته كلها موجهة لله دون غيره، بحيث لا يدعو إلا الله ولا يتوكل إلا عليه ولا يستعين إلا به ولا يحب شيئا مثل حبه ولا يخاف من شيء مثل خوفه ولا يرضى بالتحاكم بغير شرعه سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21]، فتوحيد الألوهية هو حقّ الله على العباد، لأنه خلقهم ورزقهم فاستحق بذلك عبادتهم، وقد وعد سبحانه وتعالى من أفرده بالعبادة بالجنة والنجاة من النار، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل: ˝ يَا مُعَاذُ، أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ قال: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فقال - صلى الله عليه وسلم -: ˝يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا. ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: أَتَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟ ˝، فقال معاذ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: ˝يُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ˝
لقد كان غالبية المشركين في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - يُقِرُّون بتوحيد الربوبية، وهو ما أكده القرآن في حديثه عنهم، حيث قال تعالى: ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ [الزخرف: 88]، لكنهم كانوا يرفضون الإقرار بتوحيد الألوهية فمنعهم ذلك من الدخول في الإسلام، لأن الدخول فيه لا يتم إلا إذا رافق توحيد الربوبية توحيد الألوهية.
3- توحيد أسماء الله تعالى وصفاته:
يعني توحيدُ أسماء الله تعالى وصفاتِه، إفرادَ الله تعالى بأسمائه التي سمّى بها نفسه وصفاته التي وصف بها ذاته في كتابه والتي أخبر بها رسوله - صلى الله عليه وسلم.
إن هذا الأصل في التوحيد لَيُبيّن للعبد سبيل التعرف على ربه والتأدب معه في الحدود التي ارتضاها سبحانه لمقامه. ويقتضي الإيمان به مراعاة القواعد التسع التالية:
أولها: لا تُستمد أسماء الله تعالى وصفاته إلا من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لأنها غيب والغيب لا يُعلم إلاَّ من الوحي. قال الله تعالى: ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى ﴾ النجم: 1، 4.
ثانيها: التسليم بأن جميع أسماء الله تعالى حسنى في منتهى الحسن، وبأن صفاته كاملة في منتهى الكمال. قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 181]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ˝إن الله جميل يحب الجمال ˝
ثالثها: يجب إثبات أسماء الله تعالى وصفاته كما جاءت في كتاب الله وسنة رسوله دون تحريف ولا تشبيه ولا نفي مع تفويض كيفيتها إلى الله. إن تفسير غنى الله سبحانه وتعالى في الآية: ﴿ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 41]، بالقدرة هو تأويل لا يجوز، أما القول بأن غناه - سبحانه وتعالى - مثل غنى أغنى الناس، فهو تشبيه لا يجوز، وأما الزعم بأن الله غني من غير غنى فهو نفي وتعطيل لا يجوز.
إن هذه التأويل يعارض قول الله تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، ففي قوله: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ نفي الشبيه عن الله، وفي قوله: ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ إثبات لأسماء الله تعالى وصفاته.
إن الفهم الصحيح للآية: ﴿ وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾سورة التغابن – الآية: 6، يقتضى التسليمَ بأن الله غني غنى مطلقًا ليس كغنى خلقه الذي يتسم بالمحدودية والحاجة له - سبحانه.
رابعها: لا يجوز اشتقاق أسماء الله تعالى من صفاته، بينما يجوز اشتقاق صفاته تعالى من أسمائه. قال تعالى: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾سورة طه – الآية: 5، لا يجوز لنا هنا أن نشتق من صفة ˝الاستواء˝ اسم ˝المستوي˝. أما في قول الله تعالى: ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾، فيجوز لنا إضفاء صفة الغنى على الله؛ لأنها جاءت متضمّنة في اسم الغني ولأن أسماءه سبحانه وتعالى أتت دالة على كماله.
خامسها: لا يجوز حصر أسماء الله عز وجل في تسعةٍ وتسعين اسمًا لوجود دليل من السنة نَصَّ على أن هناك أسماء أخرى استأثر الله تعالى بعلمها وحده دون غيره.
لقد دأب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على القول في دعائه: ˝أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ...˝
إن هذا الدعاء ليشير إلى وجود أسماء استأثر الله بعلمها وحده، ولهذا يُحمل الحديث النبوي: ˝لله تسعة وتسعين اسمًا، من أحصاها دخل الجنة˝
على أن عدد هذه الأسماء جاء على سبيل الذكر لا الحصر.
سادسها: إن للهِ تعالى صفات ذاتية وأخرى فعلية. أما صفات الله الذاتية فهي الصفات اللازمة لذاته كصفة البركة والحياة والعلم واليد والوجه.
وأما صفات الله الفعلية فهي صفات تابعة لمشيئته كصفة الاستواء على العرش وصفة الرضى وصفة الغضب، فهو يفعلها متى شاء ويدعها متى شاء.
سابعها: لا يجوز أن يُفرَد الله تعالى بصفات كالمكر والاستهزاء والخداع لما فيها من تنقيص منه سبحانه بل يعمد إلى مقابلتها بأفعال المخلوقين. إنها لا تطلق على الله إلا فيما سيقت فيه من الآيات كقوله تعالى: ﴿ وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾. سورة آل عمران – الآية: 54، وقوله: ﴿ وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [البقرة: 14، 15]، وقوله: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ﴾ [النساء: 142].
ثامنها: لا يجوز التفصيل في الصفات التي نفاها الله عن ذاته لما يحمله ذلك من قلة أدب في حق الله عز وجل، ويُسمى كل ما نفاه الله عن ذاته صفاتًا سلبية لما فيها من نقص كنفي الولد والنوم؛ قال تعالى: ﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾، وقال - سبحانه -: ﴿ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ ﴾، فمثلاً إذا قال إنسان لملِك أنت لست فقيرًا ولا ضعيفًا ولا ذليلًا ولو كنت كذلك لما صرت ملكًا، فلا شك أن مثل هذه الأوصاف لا تُلاقى بالتَّرحاب.
تاسعها: إذا أطلقنا على الله اسم ˝الصانع˝ و˝المقصود˝، فإن ذلك يعد حقًّا في ذاته - سبحانه - لأنه في حقيقة الأمر صانع للكون، ومقصود بالعبادة والرجاء، ولو لم يرد دليل مباشر في الكتاب والسنة على ذلك؛ لذا فقد سمى العلماء ما كان حقًّا في ذات الله، ولم يرد به نصٌّ إِخبارًا.
إن لتوحيد سبعة شروط تسمى عند العلماء بأركان وشروط لا إله إله إلا الله و لا يصير المرء موحدا حتى يحققها، فالركنان هما: الكفر بالطاغوت والإيمان بالله: قال تعالى: ˝ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ˝ سورة البقرة - الآية: 256
وقال أيضا: ˝ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ˝سورة الزخرف - الآيات: 26-27 فالكفر بالطاغوت متجلي في قوله عليه السلام: ˝ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ˝و الإيمان بالله متجلي في قوله: ˝ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي ˝
فالكفر بالطاغوت هو نفي استحقاق العبادة عن غير الله ويدخل فيه بغض كل مدع للألوهية وجهاده إن توفرت الشروط الشرعية المبينة في كتب العقيدة والفقه.
والطاغوت لغة: هو المتجاوز لحده،
وشرعا هو كل مجاوز حده من معبود أو متبوع أو مطاع برضاه، وقد يعرف بكل مشارك لله في حقه على الناس الذي هو العبادة، ورؤوس الطواغيت خمسة:
الرأس الأول: الشيطان، قال تعالى: ˝ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ˝سورة النحل – الآيات: 36
الرأس الثاني: كل من دعى الناس لعبادة نفسه، كفرعون قال تعالى: ˝ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ˝ سورة الفجر، الآيات: 6-12
الرأس الثالث: كل من عبد من غير الله ورضي وسكت.
الرأس الرابع: كل من ادعى علم الغيب وتعامل مع الشياطين لإذاية الناس كالسحرة والعرافين، قال تعالى: ˝ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ˝ سورة النساء – الآية: 51
الرأس الخامس: الحاكم الذي يستحل الحكم بغير ما أنزل الله، قال تعالى: ˝ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ˝سورة النساء – الآية: 60 وأما إن كان يعتقد أن شرع الله هو الحق وحكم بغيره بسبب هوى في نفسه أو حرص على مصلحة دنيوية فهو واقع في الشرك الأصغر الذي لا يخرج من الملة ولا يدخل في الطواغيت.
و أما الإيمان بالله فهو التصديق بوجوده وإفراده بما يختص به على الوجه الذي بيناه في معنى التوحيد، وهو يتضمن الإيمان بجميع ما أخبر الله به عن نفسه، وأخبرت به عنه رسله من صفات كماله ونعوت جلاله على وجه الإجمال والتفصيل، وتنزيهه عن التمثيل والتعطيل وعن جميع صفات النقص.
و أما شروط التوحيد التي تسمى عند العلماء بشروط لا إله إلاّ الله فهي سبعة: العلم واليقين والصدق والإخلاص والمحبة والقبول والانقياد.
الشرط الأول: العلم معنى التوحيد وهو إدراك معنى التوحيد بدليله. فالإنسان لا يمكن أن يعمل بشيء ويُطَبّقه في حياته حتى يعلمه. فالعلم لازم للعمل، قال الله تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ اللَّهُ ﴾. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ˝من مات وهو يعلم لا إله إلاّ الله دخل الجنة˝
الشرط الثاني: اليقين وهو اعتقاد التوحيد من غير شك. قال سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾سورة الحجرات – الآية: 15. وقال تعالى في سورة إبراهيم عليه السلام: ﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾سورة إبراهيم – الآية: 10
الشرط الثالث: الصدق وهو استقامة الظاهر والباطن على توحيد الله سبحانه وتعالى وطاعته. قال سبحانه وتعالى: ﴿ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وكُونُوا مَعَ الصّادِقينَ ﴾ سورة التوبة – الآية: 119. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم «مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ [ص: 38] مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» . وضد الصدق النفاق، فهو من أشرَّ الكفر بالله ويعني إبطان الكفر وإظهار الإسلام. قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ﴾سورة النساء – الآية: 145
الشرط الرابع: الإخلاص، وهو الابتغاء بالتوحيد والعمل به وجَه الله تعالى وثوابه دون رياء ولا سمعة. قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ سورة البينة – الآية: 5. وقال سبحانه وتعالى أيضا: ﴿ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي ﴾سورة الزمر – الآية: 14. وقال - صلى الله عليه وسلم -: ˝أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ، أَوْ نَفْسِهِ ˝ وللإخلاص قوادح تفسده، يجب معرفتها واجتنابها.
القادح الأول: الرياء، وهو فعل العبادة أمام الناس ابتغاء ثنائهم وإعجابهم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟» قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، فَقَالَ: «الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ، لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ»
القادح الثاني: السمعة، وهي ذكر العبادة والعمل الصالح للناس ابتغاء ثنائهم وإعجابهم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ»
أي من سمَّع في الدنيا أسمع الله النّاسَ عيوبه يوم القيامة. والسمعة أخطر من الرياء، لأن الإنسان قد يفعل عبادة ويُخلِص فيها ثم يفسدها بالسمعة بعد سنين.
الشرط الخامس: المحبة، وتعني حبَّ الله تعالى وحبّ ما يحبّ وكراهية ما يكره؛ لقد نعت الله عباده المؤمنين بأنهم أشد الناس حبا له، فهم لا يتخذون من دونه أنداداً كما يفعل غيرهم، قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ﴾سورة البقرة-الآية: 165 وعلامة حب العبد ربَّهُ تقديم كل ما يُحب الله على ما يحبه هو وتميل إليه نفسه، وبغض جميع ما يُبغِض ربُّه وإن مالت إليه نفسه.
الشرط السادس: القَبول، ويعني أن نقبل بالتوحيد كما هو دون أدنى تردّد أو تمنُّع. لقد حدثنا الله تعالى في كتابه عن حال الأمم التي استكبرت ورَدّت كلمة التوحيد متَّهِمَةً من دَعاها إليها بالجنون فقال: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾. سورة الصافات – الآيات: 35-36. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناصحا: ˝قل آمنت بالله ثم استقم˝
الشرط السابع: الانقياد، وهو الإذعان لأمر الله تعالى بالرضى المستحق. قال تعالى: ﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ ﴾، وقال أيضا: ﴿ وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾سورة لقمان – الآية: 22 ومعنى ﴿ يُسْلِمْ وَجْهَهُ ﴾ أي يذعن، ﴿ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾أي موحد، والعروة الوثقى فسّرها علماء الإسلام بـ˝لا إله إلاّ الله˝
و لا يقبل الله تعالى توحيد الألوهية والربوبية والأسماء والصفات من العبد إلا من طريق توحيد الاتباع بعد بعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو إفراد النبي صلى الله علي وسلم بالمتابعة في الدين فقد أجمع العلماء أن من وصلته رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتبعه فهو كافر قال تعالى: ˝ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ˝سورة النساء – الآية: 65وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ»
وقال أيضا: ˝ لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، مَا حَلَّ لَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي ˝ .
و لا يحقق العبد توحيد الاتباع إلا بالشروط السبعة التالية:
الشرط الأول: العلم بسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم.
إن اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يتم إلا بمعرفة سنته - صلى الله عليه وسلم -. قال - صلى الله عليه وسلم -: ˝عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ˝ وقال أيضا: ˝طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ˝ ومِن أَوْجَبِ العلمِ تَعلُّمُ سنته - صلى الله عليه وسلم.
الشرط الثاني: محبته - صلى الله عليه وسلم.
وتعني أن يكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحبَّ للمسلم من نفسه وولده، فعن أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»
و قال - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن الخطاب: ˝ لاَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ˝ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ، وَاللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ˝الآنَ يَا عُمَرُ˝
الشرط الثالث: التصديق بما أخبر به - صلى الله عليه وسلم.
إنَّ كل ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعدّ وحيا من الله، لذا وجب تصديقه سواء كان خبراً ماضيا كقَصص الأنبياء والصالحين، أو خبراً حاضراً كأحوال الملائكة والجن، أو خبراً مستقبَلا كعلامات الساعة وأحوال أهل الجنة والنار. قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ ﴾سورة الحديد – الآية: 28.أي صدِّقوه فيما قال.
الشرط الرابع: طاعته - صلى الله عليه وسلم-.
أمر الله المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ سورة الأنفال – الآية: 20. أما الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد قال: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى»
ومن طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ترك ما نهى عنه - صلى الله عليه وسلم -؛ يقول الله تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ﴾[31]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: ˝مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَخُذُوهُ، وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا˝
الشرط الخامس: تحقيق عبادة الله على منهاجه - صلى الله عليه وسلم.
إن الله سبحانه وتعالى لا يقبل عبادةً حتى تكون على سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -. قال الله تعالى: ﴿ فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾سورة الأعراف – الآية: 158. أي تَأسَّوْا به في عبادتكم لربكم.
الشرط السادس: الإيمان بأفضليته - صلى الله عليه وسلم.
إن رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - هو أفضل الرسل دون تنقيص من رسول أو تحقير. قال - صلى الله عليه وسلم -: ˝ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ...˝
الشرط السابع: الإيمان بخاتَمِيَّته - صلى الله عليه وسلم.
ويعني الاعتقاد الجازم بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو آخر الأنبياء والمرسلين؛ قال الله تعالى: ﴿ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ﴾.سورة الأحزاب – الآية: 40، فلا يقبل مسلم بِمُدَّعٍ لنُبُوَّة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهما كانت مكانته. قال - صلى الله عليه وسلم -: ˝لا نبيّ بعدي˝ . أي لَا لِأحد أن يدَّعي النبوة بعدي.
الفوائد المستخلصة من الآية:
- أن الحمد خير ذكر بعد القرآن، لذا بدأ به سبحانه قرآنه.
- جميع المحاميد مستحقة له سبحانه لكمال ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته.
- من أسمائه سبحانه وتعالى ˝ الله ˝ وهو: المعبود الذي يتقرب إليه العباد بشتى الطاعات حبا وتعظيما.
- أن من أسمائه سبحانه ˝الرب˝ وهو الخالق المالك المدبر.
- اشتملت الآية على أقسام التوحيد الثلاثة وهي: توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات.

˝الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ˝
إعراب الآية:
الرحمان: بدل من الله تابع له في جره وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره، وقيل نعت تابع لمنعوته في جره.
الرحيم: لها نفس إعراب الرحمان
مر تفسيرها معنا في البسملة ووجه المناسبة والله أعلم بينها وبين الآية التي قبلها أن الله تعالى يعد موحده وحامده بالرحمة الواسعة في الدنيا والآخرة فهي قبله في البسملة وبعده في هذه الآية قال تعالى: ˝ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا ˝ سورة الأحزاب - الآيات: 43-44
الفوائد المستخلصة من الآية:
- أن من أسمائه سبحانه: ˝الرحمان˝ وهو صاحب الرحمة الواسعة التي تشمل جميع الخلق.
- أن من أسمائه سبحانه وتعالى: ˝الرحيم ˝ وهو صاحب الرحمة الخاصة بعباده المؤمنين.
- يستحب أن يقرن الرحمان بالرحيم في الدعاء وغيره لورود الآية بذلك وبيان فضل الله تعالى على عباده المؤمنين الذين خصهم بالرحمة الأخروية من دون سائر الناس.
˝ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ˝:
إعراب لآية:
مالك: بدل من الله تابع له في جره وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره وقيل نعت تابع لمنعوته في جره وهو مضاف.
يوم: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره.
الشرح:
˝ مَالِكِ ˝: أي المتصرف في يوم القيامة وقرئت أيضا ب ˝ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ˝ أي الحاكم المتصرف وهو أبلغ من مالك مشتق من الملك أما الأول فإنه مشتق من المِلك فكل ملك مالِك وليس كل مالِك ملك وجميع آيات القرآن تأتي بضم الميم كقوله تعالى: ˝لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ˝سورة المائدة – الآية: 120 وقوله تعالى: ˝ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ˝سورة غافر - الآية: 16

وقوله تعالى: ˝ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ˝ سورة البقرة - الآيات: 106و من أسمائه سبحانه ˝ مالك وملك ومليك ˝ قال تعالى: ˝ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55) ˝ سورة القمر - الآيات: 54-55
و معناه صاحب الملك الواسع.
˝ يَوْمِ الدِّينِ ˝: هو يوم الجزاء لأن الله تعالى يبعث فيه الناس ليجزيهم على أعمالهم فمن كان مسلما وغلبت حسناته سيئاته دخل الجنة، وإن غلبت سيئاته حسناته دخل النار حتى يطهر من الذنوب فيدخل الجنة إلا إذا غفر الله له أو أدركته شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد المؤمنين فإنه يدخل الجنة من أول مرة،
و أما الكافر فمآله النار خالدين فيها أبدا وبئس المصير قال تعالى: ˝ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8) ˝ سورة البينة - الآيات: 6-8
وقيل سمي بيوم الدين: لأنه اليوم الذي ينصر فيه الإسلام ويظهر للجميع أنه الحق.
و من أسمائه ˝ يوم القيامة ˝: أي اليوم الذي يقوم فيه الخلق من قبورهم للحساب والجزاء قال تعالى: ˝ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ˝ سورة القيامة – الآية: 1
و من أسمائه: ˝ يوم الفصل ˝: قال تعالى: ˝ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ ˝سورة الدخان - الآيات: 40 أي اليوم الذي يفصل فيه الله بين الكفر والإيمان والحق والباطل والظالم والمظلوم،
و سمي أيضا ˝ بيوم التغابن ˝: أي اليوم الذي يَغبُنُ فيه أهل الجنة أهل النار قال تعالى: ˝ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ˝ سورة التغابن – الآية: 9
و سمي ˝ بيوم الجمع ˝ لأنه تعالى يجمع فيه جميع الخلق فلا يفلت منهم أحد، قال تعالى: ˝ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ˝سورة التغابن – الآية: 9
وسمي ˝ بالغاشية ˝: لأنه يُطبق على الناس ويغشاهم بحيث لا يجدون منه مفرا قال تعالى: ˝ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ˝ سورة الغاشية – الآية: 1
و سمي ˝بالقارعة ˝ لأنه يقرع القلوب بأهواله، قال تعالى: ˝ الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11) ˝ سورة القارعة
و سمي بيوم الحشر: لأن الناس يحشرون فيه، قال تعالى: ˝ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ˝ سورة يونس – الآية: 28
و سمي بالواقعة: أي يقع على الناس فجأة، قال تعالى: ˝إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ˝ سورة الواقعة – الآيات: 1-2
و سمي: ˝بالحاقة ˝: أي يحق فيه ما أنكر من البعث والحساب والجزاء والقرآن، قال تعالى: ˝ الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (3)˝سورة الحاقة – الآيات: 1-3
و سمي بيوم البعث: لأن الناس يبعثون فيه من قبورهم، قال تعالى: ˝ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ˝. سورة يس– الآية: 51
و سمي بيوم الحساب: لأن الناس يحاسبون فيه على أعمالهم، قال تعالى: ˝ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ˝ سورة الانشقاق – الآيات: 7-8
و سمي˝ بالساعة˝: لأنه هو وقت تحول الناس من الدنيا إلى الآخرة، قال تعالى: ˝قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ˝ سورة الأنعام – الآية: 30
و سمي بالصاخة: قال تعالى: ˝ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ ˝ سورة عبس- الآية: 33قال البغوي رحمه الله: ˝ الصاخة ˝ يعني صيحة يوم القيامة، سميت بذلك لأنها تصخ الأسماع، أي تبالغ في إسماعها حتى تكاد تصمها.
و سمي بالطامة الكبرى: قال تعالى: ˝ فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى ˝سورة النازعات – الآية: 34 قال البغوي في تفسيره: وسميت القيامة ˝ طامة ˝ لأنها تطم على كل هائلة من الأمور، فتعلوا فوقها وتغمر ما سواها والطامة عند العرب الداهية التي لا تستطاع .
و سمي بالمعاد: قال تعالى: ˝ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ˝سورة القصص – الآية: 85
و سمي بيوم التلاقي: لأن العبد يلتقي فيه بربه، قال تعالى: ˝رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ ˝سورة غافر – الآية: 15
و سمي بيوم الوعيد: قال تعالى: ˝وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ˝سورة ق – الآية: 20 أي اليوم الذي يتوعد فيه الله تعالى الظالمين بأشد العذاب.
و هو تعالى مَلك ومالك ليوم القيامة وغيره، وإنما خص يوم القيامة بالمُلك في هذا السياق والله تعالى أعلم لبيان عظمت ذلك اليوم الذي ينتهي فيه ملك كل أحد ويبقى ملك الواحد الأحد سبحانه قال الله تعالى: ˝لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ˝سورة غافر – الآية: 16، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ˝ يَطْوِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ. ثُمَّ يَطْوِي الْأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟ ˝
و فسرت هذه الآية بالقادر على إقامة يوم الدين وهو ضعيف من جهة اللغة والشرع فالمُلك منفصل عن القدرة ومن أسمائه تعالى الملك والمالك والقادر والقدير فيبعد تفسير المُلك بالقدرة.
ووجه المناسبة والله تعالى أعلم بين هاته الآية والآيتين السابقتين أنه تعالى سيرحم أهل القرآن والتوحيد والحمد يوم القيامة ويرون ذلك بأعينهم قال تعالى: ˝ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ˝سورة الحديد – الآية: 12
الفوائد المستخلصة من الآية:
- أن من أسمائه تعالى: ˝المالك˝ وهو المتصرف.
- أن من أسماه تعالى: ˝الملك˝ وهو الحاكم المتصرف.
- أن يوم القيامة لا ريب فيه.
- أن من أصول الإيمان الإيمان بيوم القيامة التي يقوم فيها الناس ليحاسبوا ويجزوا على أعمالهم، لذا ذكره سبحانه وتعالى في أعظم سورة في القرآن الكريم.
- أن من أسماء يوم القيامة: ˝ يوم الدين ˝ أي يوم الجزاء.
˝إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ˝:
إعراب الآية:
إيا: ضمير منفصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم.
الكاف: حرف خطاب مبني على الفتح.
نعبد: فعل مضارع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره نحن.
الواو: واو العطف.
إياك نستعين: جملة فعلية معطوفة على الآية التي قبلها.
الشرح:
العبادة لغة: مأخوذة من قول العرب الطريق معبد أي ممهد للسير.
و شرعا: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ˝ هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة ˝
أي كل قول أو فعل دل دليل على أن الله يحب أن يتقرب له به فهو داخل في مسمى العبادة، كالدعاء والركوع والسجود والذبح والصوم والحكم وغير ذلك، ولكل عبادة منها ركنان وشرطان لا تصح العبادة إلا بهما.
الركنان هما: تمام الحب وتمام الذل له سبحانه، قال تعالى: ˝ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ˝ وقال أيضا: ˝ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ˝سورة المائدة – الآية: 54 وقال أيضا في سورة المؤمنين: ˝ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ˝ وقال أيضا في سورة البقرة: ˝ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ˝
قال ابن القيم رحمه الله في نونيته:
وعبادة الرحمن غاية حبه... مع ذل عابده هما قطبان
وعليهما فلك العبادة دائر... ما دار حتى قامت القطبان
وأما الشرطان فهما الإخلاص لله والاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى ˝ فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ˝ أي من كان يريد حسن اللقاء مع ربه يوم القيامة فليصلح عمله باتباع المصطفى صلى الله عليه وسلم فلا يرد به غير وجه ربه الأعلى، وقال أيضا: ˝ وما كان لمومن ولامومنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ˝

فالإخلاص لغة هو الصفاء نقول: ˝ خالص ماء الورد ˝
و شرعا هو: الابتغاء بالعبادة رضوان الله وتوابه دون رياء ولا سمعة ولا مصلحة دنيوية، قال تعالى: ˝ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء...˝ وقال أيضا: ˝ قل الله أعبد مخلصا له ديني ˝
و له ثلاثة قوادح تفسده وبالتالي تفسد العبادة على صاحبها.
القادح الأول: الرياء وهو: إظهار العبادة لناس ابتغاء إعجابهم، قال صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: ˝ أنا أغنى الشركاء عن الشرك من أشرك بي شيئا تركته وشركه˝ وقال عليه الصلاة والسلام: ˝ أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي، قيل ما الشرك الخفي يا رسول الله، قال: الرياء ˝ وفي رواية: ˝ يزين الرجل صلاته ليراها الرجل ˝
القادح الثاني: السمعة وهي: تحديث الناس بالعبادة ابتغاء إعجابهم، قال صلى الله عليه وسلم: ˝ من رأى راء الله به ومن سمع سمع الله به ˝ أي من سمع في الدنيا أسمع الله عيوبه الناس يوم القيامة.
القادح الثالث: فعل العبادة ابتغاء مصلحة دنيوية: كالذي يدعي التدين ليتزوج من امرأة تقية، أو الذي يطلب العلم ليشتهر به ويحصل المال والجاه: قال تعالى: ˝ إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم ˝، فعن عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ»
أما الاتباع لغة: تقفي الأثر.
و شرعا: موافقة العبادة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم في الأصل والتفاصيل والسبب والعدد والصفة والزمان والمكان والقدر والجنس.
المقصود بالأصل: أن يكون لها دليل من سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
و التفاصيل: أي توافق سنة النبي صلى الله عليه في الجزئيات المضمنة في الأصل.
و السبب: مثل دعاء دخول المسجد فسببه هو دخول المسجد.
و العدد: مثل عدد ركعات الصلاة.
و الصفة: كموافقة هيئة النبي صلى الله عليه والسلام في الصلاة أو في الحج.
و الزمان: كأداء الصلاة في وقتها الذي بينه المصطفى صلى الله عليه وسلم.
و المكان: كأداء ركعتي تحية المسجد في المسجد.
و القدر: كإخراج زكاة المال من القدر الذي بينه المصطفى صلى الله عليه وسلم.
و الجنس: كالتضحية في العيد بجنس الأنعام.
و أما الاستعانة فهي طلب العون من الله، فهي عبادة قلبية لها علاقة بالدعاء، قال تعالى: ˝ وعلى الله فليتوكل المومنون ˝ وقال أيضا: ˝ فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ˝ وقال صلى الله عليه وسلم: ˝فإذا استعنت فاستعن بالله ˝
و لا يجوز أن تطلب في الأصل من غير الله إلا بشروط.
الشرط الأول: أن يعتقد المستعين أن المستعان به أعانه بقدر الله وتوفيقه.
الشرط الثاني أن يكون المستعان به حيا.
الشرط الثالث: أن يكون المستعان به حاضرا.
الشرط الرابع: أن يكون المستعان به قادرا على الإعانة. والدليل على هذه الشروط، قوله تعالى: ˝فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ ˝ سورة القصص – الآية: 15
و المعنى الإجمالي للآية ˝ إياك نعبد وإياك نستعين˝ ألا نتقرب بالعبادة ولا نطلب العون على ذلك وغيره إلا منك سبحانك.
ف˝إِيَّا ˝: ضمير منفصل مبني في محل نصب مفعول به مقدم والأصل في المفعول به أن يؤخر عن الفعل، وتقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر والقصر والاختصاص، أي لا نعبد غيرك ولا نستعين بغيرك، والكاف حرف خطاب يفيد وجوب حضور القلب في الصلاة لأن انتقال الخطاب من الغائب إلى الحاضر يستدعي الانتباه وحضور القلب، ويفيد أيضا قرب الله تعالى من عبده خاصة في الصلاة فمن أسمائه تعالى ˝القريب˝ قال تعالى: ˝ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) ˝ سورة البقرة – الآية: 186وقال عليه الصلاة والسلام: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ»
و من معاني هذه الآية الكريمة: أنه تعالى يعظم عباده الموحدين لأن نون الجمع في فعل المضارع ˝ نَعْبُدُ وَنَسْتَعِينُ ˝ تفيد التعظيم إذا أطلقت على الفرد قال تعالى: ˝ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) ˝ وفيها إشارة إلى أن المؤمنين أمة واحدة متماسكة كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا لدلالة النون على الجماعة، قال تعالى: ˝ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ˝سورة الأنبياء – الآية: 92 وقال أيضا: ˝ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ˝سورة الأنعام - الآية: 159 وقال صلى الله عليه وسلم: ˝ مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ˝ وعَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»
و فيها إشارة إلى أن الأصل في صلاة الرجل الجماعة لدلالة النون عليها قال سبحانه وتعالى: ˝ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ˝ وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «صَلاَةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» وفي رواية: «تَفْضُلُهَا بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»
و قد اختلف العلماء في حكمها بين القول أنها شرط صحة في الصلاة وأنها واجبة وأنها سنة مؤكدة والمشهور من مذهب الإمام مالك أنها سنة مؤكدة والله تعالى أعلم.
و من معانيها أيضا أنه تعالى يحب أن يستمر عباده على الطاعة لأن الفعل المضارع يفيد الاستمرار عكس الفعل الماضي الذي يفيد الانقطاع، قال تعالى: ˝ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ ˝سورة إبراهيم – الآية: 27 وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا، وَإِنْ قَلَّ»
و ينبغي الإشارة إلى تنبيه قارئ هذه الآية من خطإ شائع يحرف معناها ويبطل الصلاة إن كان بتقصير وهو نطق الياء مخففة من غير شدة ˝إيَاك˝ ف ˝الإيَا ˝ هو ضوء الشمس فيصير المعنى ضوء شمسك نعبد ونستعين.
و وجه المناسبة بين هذه الآية والآيات التي قبلها والله تعالى أعلم أن الله تعالى يحاسب الناس يوم القيامة على العبادة لا على الخِلقة والأرزاق والآجال.
الفوائد المستخلصة من الآية:
-أن أعظم أصل في الدين هو التوحيد.
-أن الله تعالى يعظم عباده الموحدين.
- أنه تعالى يحب أن يكون عباده جسدا واحدا كالبنيان المرصوص.
- أن صلاة الرجل مع الجماعة سنة مؤكدة.
- أنه ينبغي للعبد أن يطلب العون من الله على العبادة وغيرها.
- أن الخشوع من واجبات الصلاة.
- أن الله تعالى قريب من عباده المؤمنين.
- أنه تعالى يحب أن يستمر عباده على الطاعة.
˝اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ˝
اعراب الآية:
اهدنا: فعل أمر بمعنى الدعاء مبني على حذف الياء والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت، نا: ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول.
الصراط: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
المستقيم: نعت تابع لصراط في نصبه وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
شرح الآية:
أي وفقنا وأرشدنا برحمتك ومنك وكرمك إلى طريق الجنة الذي لا اعوجاج فيه وهو الإسلام.
اهْدِنَا: دعاء، ويكون الدعاء بصيغة الأمر ممن هو أسفل إلى من هو أعلى،
والهداية تنقسم إلى قسمين هداية توفيق وهداية دعوة وإرشاد.
فهداية التوفيق لا يملكها إلا الله سبحانه وهي في قوله تعالى: ˝ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ˝ وفي قوله تعالى: ˝ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ˝ وفي قوله تعالى: ˝ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ˝
و أما هداية الدعوة والإرشاد فهي: إرشاد الناس إلى الحق والخير وتحذيرهم من الضلال والشر، وقد جعلها سبحانه وتعالى بيد أنبيائه ودعاته، وهي في قوله تعالى: ˝ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ˝ وفي قوله تعالى: ˝ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ ˝
و في هذه الآية الكريمة ˝ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ˝ استحباب أن يكثر المؤمن من الدعاء لنفسه ولأخوانه المسلمين، قال سبحانه: ˝ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ˝ وقال أيضا: ˝ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ˝ وقال تعالى: ˝ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ˝ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ˝ إن الله يحب العبد الملحاح ˝ أي كثير الدعاء وقال أيضا: ˝ لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير ˝
و قد عبر سبحانه وتعالى في هذه الآية على الإسلام بالصراط المستقيم لأنه منهاج حياة متكامل وقويم يدفع الإنسان إلى الخير ويبعده عن الشر ويوصله إلى رضوان ربه وجنته، قال تعالى: ˝ قد جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ˝ وقال تعالى: ˝ إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (9) وأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (10) ˝
الإسلام في اللغة هو الاستسلام.
وفي الشرع هو الانقياد لأمر الله سبحانه وتعالى بالإخلاص والرضى المستحق له سبحانه. فهو مبنيّ على الاستجابة للأمر الإلهي من غير اعتراض ولا تمَنّع. وينقسم إلى قسمين: إسلام عامّ وإسلام خاص. الإسلام العام هو الاستجابة والانقياد لأمر الله تعالى في كل زمان، فهو دين جميع الأنبياء عليهم السلام وأتباعهم. والدليل قوله تعالى على لسان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام: ﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾. وقال تعالى على لسان يوسف عليه السلام: ﴿ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾.
وأما الإسلام الخاص فهو اتّباع شرع محمد - صلى الله عليه وسلم -. فالله عز وجل لا يقبل شرعا ولا دينا بعد بعثته - صلى الله عليه وسلم - إلا دينه - عليه الصلاة والسلام -. قال سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾. وفي الحديث الصحيحالذي رواه الامام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَا يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ، وَمَاتَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ». وقال - صلى الله عليه وسلم -: ˝لو كان أخي موسى حيّا ما وسعه إلا أن يتّبعني˝.
وضد الإسلام الكفر، ويعني في اللغة: التغطية، تُسمّي العرب الزُّرّاع بالكفار لأنهم يغطون الزرع. قال الله تعالى: ﴿ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ﴾، أي الزّراع. وفي الشرع هو رفض الإسلام وله سبعة أصول تَرجع إليها جميع شعب الكفر وصوره.
الأصل الأول: كُفر الشرك، وهو عبادة غير الله معه كدعاء الأموات والذبح لهم وحب شيء مثل حب الله والخوف من شيء مثل خوف الله والرضى بالتحاكم لغير شرع الله إلخ. قال سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾. وقال سبحانه وتعالى في شرك المحبة: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾
وينقسم الشرك إلى شرك أكبر وشرك أصغر. الشرك الأكبر سُمّي بالأكبر لأنه يُخرج من الإسلام، وهو الذي عرّفناه. وأما الشرك الأصغر فهو الذنب الذي سُمّي بالشّرك في الشرع ولا يُخرج من الإسلام، لذا سُمّي بالأصغر، إلا أنه أقبح من كبائر الذنوب، ونذكر بعض أنواعه:
النوع الأول: الحَلِفُ بغير الله، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ˝من حلَف بغير الله فقد أشرك˝
النوع الثاني: الشرك اللفظي، وهو الشرك في اللّفظ دون القصد، كقول الرجل لولا الله والكلب لسُرق البيت، والصحيح أن يقول لولا الله ثم الكلب، لأن الواو تفيد المعية والتسوية وأما ثُمّ فتفيد التراخي، أي الكلب بعد الله. قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ˝لو شاء الله وشئت، فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: أجعلتني لله نِدّا، قل ما شاء الله وحده˝ وفي رواية: ˝قل لو شاء الله ثم محمد˝. وفي حديث آخر: ˝رأى رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه يمشي في طريق من طرق المدينة، فالتقى بنفر من اليهود قال نِعم القوم أنتم اليهود، لولا أنكم تقولون عُزير ابن الله، فقالت اليهود نِعم القوم أنتم المسلمون لولا أنكم تقولون لو شاء الله ومحمد، ثم التقى بنفر من النصارى فقال لهم نِعم القوم أنتم النصارى لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله، فقالت النصارى نِعم القوم أنتم المسلمون لولا أنكم تقولون لو شاء الله ومحمد، فلما أصبح الرجل ذهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال - صلى الله عليه وسلم - اجمَعُوا الناس ثم صعد المنبر وقال يأيها الناس لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ، وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ ˝
النوع الثالث: الرياء، وهو إظهار العبادة للناس ابتغاء ثنائهم وإعجابهم. قال - صلى الله عليه وسلم -: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟» قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، فَقَالَ: «الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ، لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ»
النوع الرابع: السمعة، وهي إخبار الناس بالعبادة ابتغاء ثنائهم وإعجابهم، وهي داخلة في الشرك الخفي.
النوع الخامس: التّطيّر، وهو التشاؤم بأشياء معينة كالرجل الأسود أو الهِرّ الأسود. وسُمّي بالتطير لأن العرب في الجاهلية كانوا إذا همّوا بالخروج إلى سفر أطلقوا طائرا، فإن طار يمينا تفاءلوا وسافروا وإن طار شمالا تشاءموا ورجعوا. قال - صلى الله عليه وسلم -: ˝الطِّيَرة شرك˝. وأما التفاؤل بالخير فلا بأس به، كالتفاؤل بالأذان أو سماع القرآن أو رؤية رجل صالح، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُعجبه الفأل الحسن.
الأصل الثاني: كُفر الجحود والعناد، وهو التكذيب بالإسلام رُغم العلم بصِدقه ككفر آل فرعون، قال سبحانه وتعالى في حقهم: ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ﴾، أي كفروا بلا إله إلاّ الله رُغم علمهم بصدقها.
الأصل الثالث: كفر التكذيب، وهو الكفر بالإسلام جهلا بصِدقه، قال سبحانه وتعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ﴾
الأصل الرابع: كفر الإيباء والاستكبار، وهو الكفر بالإسلام بسبب احتقار أهله ككفر إبليس، قال سبحانه: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ ﴾
الأصل الخامس: كفر الشك، وهو التردد في صدق الإسلام، قال سبحانه: ﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾
الأصل السادس: كفر الإعراض، وهو إهمال الإسلام وترك تعلّمه والعمل به، قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ﴾. وقال تعالى أيضا: ﴿ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً ﴾
الأصل السابع: كفر النفاق، وهو إبطان الكفر وإظهار الإسلام، قال سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾. وقال تعالى أيضا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ المُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً ﴾
وينقسم الكفر إلى كفر أكبر وكفر أصغر، الكفر الأكبر هو الذي بيّنّا أصوله وأما الكفر الأصغر فهو الذنب الذي سُمّي في الشرع بالكفر ولا يُخرج من الإسلام، لذلك سُمّي بالأصغر كقتال المؤمن، قال - صلى الله عليه وسلم -: ˝سِباب المؤمن فسوق وقتاله كفر˝ والدليل الذي صَرَف الكفر في الحديث من الكفر الأكبر إلى الكفر الأصغر قوله تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾. قال الحافظ بن كثير فقد أثبت سبحانه وتعالى الإيمان لِكلا الطائفتين رُغم اقتتالهم.
وموانع اتباع الكفار للإسلام ستة:
المانع الأول: التعصب لما كان عليه الآباء والأجداد، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ ﴾سورة البقرة – الآية: 170
المانع الثاني: اتباع الهوى، وهو شهوة النفس، قال سبحانه: ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ﴾سورة ص – الآية: 26
المانع الثالث: الكِبْر، وهو احتقار الناس والتعالي عليهم، فهو السبب الذي منع إبليس من الإسلام. قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾.سورة البقرة – الآية: 35
المانع الرابع: الخوف من زوال مصلحة دُنيوية كالملك أو المال أو الجاه، قال سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَة ﴾سورة التغابن الآية: 15.وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ المَرْءِ عَلَى المَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ» أي الحرص على المال والجاه يُفسد الدِّين كما يفسد الذنبان الجائعان الغنم. وقد كان الحرص على المُلك سببا في ارتداد هِرقل ملك الروم بعدما آمن.
المانع الخامس: الحسد، وهو تمنِّي زوال النعمة عن الغير، فهو من أسباب كُفر اليهود لأنهم حسدوا العرب على (النبي صلى الله عليه وسلم) وعلى القرآن. قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ﴾ سورة البقرة – الآية: 109.
المانع السادس: الجهل، وهو هنا عدم معرفة الإسلام، قال تعالى: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ ﴾. سورة التوبة – الآية: 6
و وجه المناسبة والله تعالى أعلم بين هذه الآية والآية التي قبلها أنه تعالى:
- لا يقبل عبادة من أحد حتى يكون مسلما، قال تعالى: ˝وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) ˝ سورة آل عمران – الآية: 85
- أن من آداب الدعاء أن يبدأ بالثناء على الله لأن الآيات التي قبل هذه الآية ثناء عليه سبحانه.

الفوائد المستخلصة من الآية:
- أن التوفيق إلى الحق بيد الله سبحانه وتعالى.
-استحباب أن يدعو المؤمن لنفسه وإخوانه.
- أن الله تعالى لا يقبل دينا غير الإسلام بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم.
- أن الإسلام هو منهاج الحياة القويم والمتكامل الذي يدفع البشرية إلى السعادة ويبعدها عن الشقاوة في الدنيا والآخرة.
˝صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ˝
إعراب الآية:
صراط: بدل تابع للمبدل منه في نصبه وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره وهو مضاف.
الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه.
أنعمت: فعل ماض مبني على السكون والتاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
عليهم: على: حرف جر، هم: ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر اسم مجرور، وجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
شرح الآية:
أي دين ومنهاج الذين أنعم الله عليهم بالمنهاج القويم والدين الحق والسعادة الدنيوية والجنة والنظر إلى وجه الله في الآخرة من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
قال تعالى: ˝وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70)˝سورة النساء – الآيات: 69-70
والنبي هو الرجل الإنسي العاقل المعصوم من الكفر والكبائر والرذائل والمكلف بتبليغ رسالة ربه،فكل رسول نبي وليس كل نبي رسول والفرق بينهما على أرجح أقوال أهل العلم،
الرسول هو: الذي أوحي إليه بشرع جديد غالبا ويبعث إلى قوم مشركين،وقلنا غالبا ليخرج من القاعدة سيدنا إسماعيل عليه السلام فهو رسول نبي أبقاه الله على شرع أبيه ابراهيم عليه السلام،وأما النبي فهو: الذي أوحي إليه بإحياء شرع من قبله غالبا ويبعث إلى قوم مؤمنين وقلنا غالبا لأنه يستثنى من القاعدة آدم عليه السلام فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه نبي ولا شك أن لا شرع قبله لكونه أبو البشر وقد أخطأ من عرف النبي بالذي أوحي إليه بالرسالة ولم يؤمر بالتبليغ والرسول أمر بالتبليغ لأن هذا يتنافى مع الحكمة الإلهية المطلقة ويتعارض مع قوله تعالى : ˝ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ˝سورة آل عمران – الآية: 187
فأما الصديق فهو المبالغ في الإخلاص لربه والصدق في دينه كسيدنا أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه قال تعالى: ˝ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ˝ سورة الحديد – الآية: 19
و أما الشهيد فهو الذي قتل في جهاد مشروع لتكون كلمة الله هي العليا، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» (لو يشار لمن له حكم الشهيد كقوله صلى الله عليه وسلم قال: «المبطون شهيد، والمطعون شهيد» صحيح البخاري (7/ 131))
و أما الصالح هو الذي يصلح حياته وآخرته بامتثال أوامر ربه واجتناب نواهيه قال تعالى: ˝ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ˝ سورة الأعراف – الآية: 170
و وجه المناسبة بين هاته الآية والله تعالى أعلم والآية التي قبلها، أن الإسلام هو الدين الحق والمنهاج القويم الذي ينعم أتباعه بالسعادة الدنيوية والأخروية، قال تعالى: ˝ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ˝. سورة القلم – الآيات: 35-36
الفوائد المستخلصة من الآية:
- أن الإسلام هو دين جميع الأنبياء والصالحين في كل مكان وزمان.
- أن الإسلام هو أقوم منهاج حياة يكفل للإنسان السعادة الدنيوية والأخروية.
- أن أعظم نعمة هي الهداية إلى العمل بالإسلام لأن الإنسان يعيش بها كريما سعيدا وينال بها السعادة الأبدية وهي الجنة،
- أن من صفاته سبحانه وتعالى ˝ الإنعام˝ وليس من أسمائه المنعم، لأن اسم الله يشتق من الاسم لا الفعل قال تعالى: ˝ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ˝ سورة النحل – الآية: 53
˝غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ˝
إعراب الآية:
غير: بدل تابع للمبدل منه في جره المضمر في عليهم وقيل المضمر في الذين أو نعت تابع له في جره وهو مضاف.
المغضوب: مضاف إليه
عليهم: جار ومجرور متعلق بالمغضوب
و: الواو للعطف
لا: زائدة لتأكيد والتنبيه.
وقد قرئت الراء بالفتح ˝ غَيْرَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ˝ (وهي قراءة شاذة): أي لا تجعلنا على دين ومنهاج الذين غضب الله عليهم بسبب تركهم العمل بالعلم كإبليس واليهود ومن كان على شاكلتهم ولا الذين انحرفوا عن الصراط المستقيم بسبب جهلهم بالدين كرهبان النصارى وغلاة الخوارج والتصوف ومن كان على شاكلتهم، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِمُ الْيَهُودُ، وإنَّ الضَّالِّينَ النَّصَارَى»
و ينقسم العمل بالعلم إلى كفر ومعصية ومكروه ومباح.
فالكفر: كترك اعتقاد أصول الإيمان والعمل بالتوحيد
و أما المعصية كشرب الخمر مع العلم أنها حرام
و أما المكروه: كترك المستحبات.
و أماالمباح: كترك العمل بسنن العادات مثل طريقة مشيته صلى الله عليه وسلم وما يحبه من المأكولات.
و الكفر والمعصية يوجبان غضبه سبحانه قال تعالى: ˝وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ˝سورة البقرة الآية: 61
وقال أيضا: ˝ بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ ˝سورة البقرة – الآية: 90
و ينقسم الضلال إلى كفر وبدعة:
فالكفر هو الذي دل الدليل على أنه يخرج من الإسلام كاعتقاد إيمان وصلاح إبليس قال تعالى: ˝ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ ˝سورة آل عمران – الآية: 90
و أما البدعة في هذا السياق: فهي التقرب بعبادة إلى الله لم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كالذكر بالشطحات والرقصات الطرقية، قال تعالى: ˝ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ˝سورة النساء – الآية: 115 وقد دلت هذه الآية ˝غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ˝ على صفة فعلية من صفاته تعالى وهي الغضب، فهو تعالى يغضب غضبا يليق به لا كغضب الخلق،
والصفات الفعلية تابعة لمشيئته سبحانه وتعالى فهو يغضب متى شاء على من شاء بعدل مطلق وحكمة بالغة وإرادة نافذة.

و وجه المناسبة والله تعالى أعلم بين هاته الآية والآية التي قبلها:
أصل الولاء والبراء، فالولاء حب الله تعالى وحب جميع محبوباته وهو مضمن في قوله تعالى: ˝اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (5) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ˝
و البراء هو بغض جميع مبغوضاته تعالى وهو مضمن في قوله تعالى: ˝غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ˝
قال تعالى: ˝ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ˝سورة الممتحنة – الآية: 4و قال أيضا: ˝و إذ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) ˝ سورة الزخرف - الآيات: 26-27
الفوائد المستخلصة من الآية:
-أن من صفاته تعالى الفعلية الغضب.
- أن الله تعالى يغضب على من ترك العمل مع علمه به.
- لزوم وصف الضلال لكل جاهل بالإسلام.
- أن المغضوب عليهم والضالين في النار عكس المنعم عليهم.
- أن العالم التارك للعمل أشر من الجاهل لأنه تعالى قدم المغضوب عليهم على الضالين.
- أن من أراد أن يرض ربه عنه ويكون على صراطه المستقيم فعليه الجمع بين العلم والعمل.
آمين:
اتفق المفسرون أنها ليست من الفاتحة إنما هي جواب على الدعاء المضمن في الفاتحة ومعناها: ˝ اللهم استجب ˝
و حكمها: تجب على المأموم إن أمن الإمام لقول النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ˝ إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ، فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ˝
و أما إذا لم يؤمن الإمام فلا يجوز للمأموم أن يؤمن فعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ˝ إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، ˝
و وقت تأمين المأموم بعيدة تأمين الإمام والدليل أنه صلى الله عليه وسلم قال: ˝ إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ، فَأَمِّنُوا ˝
و محل الشاهد أن أمن فعل ماض يفيد الانقطاع وقيل يؤمن مع الامام والراجح القول الأول.
و يستحب التأمين للمنفرد والامام، وفي الصلاة السرية للمأموم، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يؤمن في هذه الحالات، ويجهر بالتأمين في الصلاة الجهرية فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: تَرَكَ النَّاسُ التَّأْمِينَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ: ˝ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، قَالَ: «آمِينَ» حَتَّى يَسْمَعَهَا أَهْلُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، فَيَرْتَجُّ بِهَا الْمَسْجِدُ ˝
و يستحب أيضا أن يُمد بها الصوت فعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فَقَالَ: ˝ آمِينَ ˝ يَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ˝
و نقول في النهاية أن سورة الفاتحة بحر شاسع من العلم والحكم والمواعظ البليغة مهما درسنا وتحرينا وجمعنا وكتبنا فلن نصل إلى ساحله وأملنا في الله أن يتقبل منا ما كتبناه ويحفظه بما حفظ الذكر الحكيم ويكتب له الانتشار والقبول بين الناس ويجعله هاديا إلى الصراط المستقيم والمنهاج السليم ورضوان الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
تم بحمد الله يوم الأحد 18رمضان 1436 بمدينة مراكش الحمراء. على الساعة السابعة مساء
و الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.

مَتْنُ طَاِلبِ التَّفْسِيرِ

تأليف
أبي الحسن هشام المحجوبي
و
أبي مريم عبد الكريم صكاري

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحمدُ لِلهِ مُبَيِّنِ القرآنِ بسنة خيرِ الآنامِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ وعلى آل بيتهِ وصحابتهِ الكرامِ.
عِلْم أُصولِ التفسيرِ
اِعلمْ وفقكَ اللهُ أنَّ أُصولَ التَّفسيرِ عِلمٌ يبحثُ في الأصولِ والقواعدِ والمناهجِ الشرعيةِ التي توصلُ المفسِّرَ إلى المعنى الصحيحِ لكتابِ اللهِ، وأولُ من ألفَ فيهِ الإمامُ أبو جعفرَ مُحمدٌ اِبنُ جريرٍ الطبريُّ في مقدمةِ تفسيرهِ ˝جَامِعُ البَيَانِ فِي تَفْسِيرِ القُرْآنِ ˝ وحُكمهُ فرضُ كِفايةٍ، وأمَّا ثَمرتُهُ فهي صَوْنُ الفهمِ عنِ الخَطإِ في تأويلِ كتابِ اللهِ.
وَ يشتمِلُ هذا العلمُ على عدَّةِ مباحثَ.
المبحثُ الأولُ: معرفةُ المنهجيةِ الصَّحيحةِ للتفسيرِ.
فالتفسيرُ هو: الكَشفُ عن معاني القرآنِ.
و منهجيَّتُهُ الصَّحِيحةُ هي: تَفسيرُ القرآنِ بالقرآنِ وتفسيرُ القرآنِ بالسنَّةِ النَّبَوِيَّةِ وتفسيرُ القرآنِ بأقوالِ الصَّحابةِ وتفسيرُ القرآنِ بأقوالِ التابعينَ وتفسيرُ القرآنِ باللغةِ العربيةِ.
المبحثُ الثَّانِي: مَعرفةُ الدَّلاَلاَتِ اللغويةِ الَّتِي يحتاجُ إِليهَا المُفسرُ.
كالخبرِ والإنشاءِ والمشتركِ المعنوي والمترادفِ.
فالخبرُ: هوَ كلُّ قولٍ يحتملُ الصِّدقَ والكذبَ ؛ كقولِكَ: ˝خليلٌ يقرأُ القرآنَ˝.و أمَّا الإنشاءُ فهوَ مَا لاَ يحتمِلُ الصدقَو لا الكذِبَ ويتضمَّنُ كلاً منَ الأمرِ والنَّهيِ والدُّعاءِ والإلْتِمَاسِ والإستفهامِ والتمنِّي و الرجاءِ والعرْضِ والتَّحْضِيضِ والقسمِ والذَّمِّ والمدحِ وصيغِ البيعِ.فالأمرُ: هو طلبُ الفعلِ مِمَّنْ هوَ أَعلى إلى مَنْ هوَ أَدْنى على سبيلِ الوجوبِ حتَّى تصرفَهُ قرينَةٌ إلى النَّدبِ أو الإباحَةِ، ويكونُ بصيغةِ إفعلْ أو مُضَمَّنا في الخبرِ.و أمَّا النَّهْيُ: فهو طلبُ تركِ الفعلِ مِمَّنْ هو أعلى لِمَنْ هوَ أدْنَى على سبيلِ المنْعِحتَّى تَصْرِفَهُ قرينَةٌ إلى الكَراهةِ، ويكونُ على صِيغَةِ لا تفعلْ أو مضمنا في الخبر.
و أما الدُّعاءُ: فهو طلبٌ مِمَّنْ هو أدْنَى إلى مَنْ هو أَعْلى.و أمَّا الإلْتِمَاسُ: فَهُوَ طلبٌ مِنْ مُساوٍ.و أَمَّا الإسْتِفْهامُ: فهوَ تَوْجيهُ السُّؤالِ.و أمَّا التَّمَنِّي: فهو الرَّغْبَةُ في شَيْءٍ بعيدِ المنالِ.
و أمَّا الرَّجَاءُ: فهوَ الرغبة في شيء قريبِ المنالِ.و أما العرْضُ: فهو طَلَبُ الشَّيْءِ برفْقٍ ولِينٍ.و أما التَّحْضيضُ: فهو طلب الشيء بشدةٍ.و أما القَسَمُ: فهو الحلفُ.و أما الذَّمُّ: فهو ذِكْرُ المَعَايِبِ .و أما المدحُ: فهو ذكر المحاسنِ.و أما صِيَغُ البيعِ: كقولك بِعتُكَ كذا بكذا.
النوع السادس: إطلاقُ الكُلِّ على الجُزءِ ؛
كقَول الله تَعَالَى في الحديثِ القدسي: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ ˝
النوع السابع: إطلاق المُسَبَّبِ على السَّبَبِ ؛ كقوله تعالى: ˝وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا ˝
النوع الثامن: إطلاق السبب على المسبب ؛ كقوله تعالى: ˝أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ˝
و أما المُشْتَرَكُ: فهو اللَّفْظُ الواحدُ الَّذي يتضمَّنُ عِدَّةَ مَعَانِيَ مُخْتَلِفَةً مثل كلمةِ ˝اشْتَرَى ˝
وينقسمُ إلى مشتركٍ حرفيٍ ومشتركٍ اسميٍ ومشتركٍ فِعليٍ.
و أما المُترادِفُ فهو اللألْفَاظ المُخْتلِفةُ في البناءِ والمُتَّفِقةِ في المعنى كالعلْمِ والمعْرِفةِ.
المبحث الثالث: معرفةُ دَلَالَاتِ التفسيرِ
تنقسمُ دلالاتُ التَّفْسيرِ إلى دلالاتٍ يُحتَجُّ بها وإلى دلالات لا يُحتَجُّبها.
الدلالات التي يحتج بها هي: المُحْكَمُ، والظَّاهِرُ، والمُبَيَّنُ، والمَنْطوقُ، ومَفْهومُ المُوافقةِ، ومفهومُ المخالفةِ، ودلالةُ السِّيَّاقِ، ودلالةُ الإشارةِ، ودلالةُ الاِقْتِضاءِ، ودلالةُ الإيماءِ.
فالمُحْكَمُ هُوَ: النَّصُّ الواضحُ، بحيثُ لا يَحتاجُ إلى نصٍ آخرَ لِبيانِ معناهُ وأما الظَّاهر فهو: الدَّلالةُ الشَّرْعِيَّةُ المُتَضَمِّنَةُ لِمعنى راجحٍ.
وأما المُبَيَّنُ فهو: الدَّلَالَةُ الشَّرْعيةُ المُفَسِّرَةُ لِلْمُتَشَابِهِ.
و أما المَنْطُوقُ فهو: دَلَالَةُ الَّلفْظِ الظَّاهِرَةِ. وأما مفهوم المُوَافَقَةِ فهو: المعنى المَسْكُوتُ عَنْهُ المُوَافِقِ لِلْمَنْطُوقِ.
و أما مفهوم المُخَالَفَةِ فهو: المعنى المَسْكُوتُ عنه المُخَالِفِ لِلْمَنْطُوقِ.و أما دَلَالَةُ السِّيَّاقِ فهي: المعنى الذي قَبْلَ الكَلَامِ وبَعْدَهُ، ويسمى الذي قَبْلَ الْكَلَامِ بالسِّبَاقِ والَّذي بعدهُ بالِّلحاقِ.
و أما دلالة الإشارةِ فهي: المعنى التَّابِعُ لِلْمَقْصُودِ مِنَ النَّصِّ.
و أما دلالة الاقْتِضَاءِ فهيَ: الَّلفْظُ المُقَدَّرُ الَّذِي لَوْلَاهُ لَمَا اسْتَقَامَ معنى النَّصِّ.و أما دلالة الايماءِ فهي: الوَصْفُ الذي لولاه لَمَا كان للدليل معنى.
و أما الدلالات التي لا يُحْتَجُّ بها فهي: المُتَشَابِهُ، والمُؤَوَّلُ.
فالمُتَشَابِهُ هُوَ: النَّصُّ الَّذِي خَفِيَ مَعْنَاهُ بِحَيْثُ يَحْتَاجُ إلى نَصٍّ آخَرَ لِبَيَانِهِ أو يَحْتَمِلُ عِدَّةَ أَوْجُهٍ، ومَنْهَجُ أَهْلِ الحَقِّ تَفْسِيرُهُ بِالمُحْكَمِ.
و أما المُؤَوَّلُ فهو: الدَّلَالَةُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي تَحْتَمِلُ مَعْنًى مَرْجُوحاً.
المبحث الرابع: مَعْرِفَةُ الإِسْرائيلِياتُ في التَّفْسِيرِ.
فالإسرائيلياتُ هي: قَصَصُ بَنِي إسرائيلَ وتنقسم إلى ثلاثة أنواعٍ.
النوع الأول: إسرائيلياتٌ جاءَ بها القرآنُ والسنَّةُ فهذه حجةٌ في التفسيرِ.
النوع الثاني: إسرائيليات جاءتْ في كتب بني إسرائيلَ ووَافَقَتْ شرعنا فهذه لا تُصدَّقُ ولا تُكذَّبُ، ويُستأنسُ بها في التفسيرِ.
النوع الثالث: إسرائيليات جاءت في كتب بني إسرائيل وخالفت شرعنا، فهذه تُرد باتِّفاقِ المُفَسِّرِينَ
المبحث الخامس: معرفة العَامِّ والخاصِّ، والمُطْلَقِ والمُقَيَّدِ
فالعامُّ هو: اللفظ المُسْتَغْرِقُ الشَّامِلُ كقوله تعالى: ˝ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ˝ و صيغُ العمومِ في اللغة كثيرة كلفظ ˝ كلٍّ˝، و˝ال˝ للجنس والاستغراقِ، و˝النَّكِرةُ˝ في سياق النفيِ أوِ النهيِ أو الشرطِ أو الاستفهامِ، و˝متى˝ في عموم الزمان، و˝أينما˝ في عموم المكان،و ˝مَنْ˝ للعاقل و، ˝ما˝ لغير العاقل، والمفرد المضاف.و أما الخَاصُّ فهو: اللفظُ المُسْتَثْنِي لبعض أفرادِ العمومِ كقوله تعالى: ˝ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ ˝ .
و ينقسم التَّخْصِيصُ إلى تخْصيصٍ بالعقل، وتخصيصٍ بالحسِّ، و تخصيصٍ بالعرف وتخصيصٍ بالوصف، وتخصيصٍ بالنَّصِّ
و أما المُطْلَقُ فهو: ما دَلَّ على ذاتٍ غيرَ مُقَيَّدَةٍ بوصف، كقوله تعالى في كفارة اليمين: ˝ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ˝
و أما المُقَيَّدُ فهو: الوصف الذي يُقَيِّدُ مُطْلَقَ الذَّاتِ كقوله تعالى في كفارة القتل الخطإ: ˝ وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ˝ .و يُحمل المُطْلَقُ على المُقَيَّدِ إن اتفقا في السببِ والحُكْمِ أو اتفقا في الحُكْمِ واختلفا في السبب.
المبحثُ السادسِ: مَعْرِفَةُ النَّاسِخِ وَالمَنْسُوخُ.
النَّسْخُ هو: تَعْويضُ لَفْظٍ أو حُكْمٍ شَرْعِيٍ سَابِقٍ بدليلٍ شرعيٍ لاحقٍ،و ينقسم إلى أربعة أقسام: نسخُ القرآنِ للقرآنِ، ونسخُ السنةِ للقرآنِ،و نسخُ القرآنِ للسنةِ، ونسخُ السنةِ للسنةِ.
وينقسم النسخ في القرآن إلى ثلاثة أقسامٍ:
القسم الأول: ما نُسِخَ رَسْمُهُ وحُكْمُهُ.
القسم الثاني: ما نُسِخَ حُكْمُهُ وبَقِيَ رَسْمُهُ.
القسم الثالثِ: ما نُسِخَ رَسْمُهُ وبَقِيَ حُكْمُهُ.
المبحث السابع: مَعْرِفَةُ القُرْآنِ المَكِيِّ والمَدَنِيِّ.
فالقرآنُ المكيُّ هو: الذي نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرةِ ويعرفُ بإخبارِ الصَّحابي ونبذِ الشِّرْكِ، وتأصيلِ العقيدةِ، وبلفظ ˝يَا أَيُّهَا النَّاس˝، وذكر قَصَصِ الأمم السَّابِقَة وقوَّة الخطابِ.و أما القرآنُ المَدَنِيُّ فهو: الذي نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهِجرةِ ويعرف بإخبار الصحابي، وبذكر الأحكام الفقهية، وبفضح المنافقينَ، وذكر بعض الغزوات، وانتقال الخطاب إلى أهل الكتاب، ولفظ ˝ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ˝.و الفائدة من معرفة المكيِّ والمدنيِّ هي: تعميقُ الفهمِ لكتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ ومعرفةِ الناسخِ والمنسوخِ
المبحث الثامن: مَعْرِفَةُ أَسْبَابِ النُّزولِ.
فأسباب النزولِ هي: الأسئلةُ والحوادثُ التي كانت سبَباً في نزول القرآن زمن النبوَّةِ .
فقد يتعدَّدُ النَّازِلُ والسَّبَبُ واحدٌ، وقد تتعدد الأسباب والنازل واحد.و فائدة معرفتِها الوصول إلى المعنى الصحيح للقرآن الكريم، والسَّعة في الإطلاع على معانيه.
المبحث التاسع: مَعْرِفَةُ اخْتِلافِ التَّنَوُّعِ واختلافِ التَّضَادِ.
فاختلاف التَّنَوُّعِ هو: اتفاق المفسرينَ على معنى الآية مع اختلافِهم في التعبيرِ، أو تفسيرِهم للآية بمعاني مختلفة يسوغ الجمع بينهما.
و أما اختلافُ التَّضادِ فهو: تفسير الآيةِ بمعنيين أحدُهما راجحٌ والآخر مرجوحٌ.
المبحث العاشر: معرفة شروطِ المفسرِ.
شروطِ المفسرِ ثمانيةٌ:
الشرطُ الأولُ: التَّقْوَى والسَّمْتُ الحسن عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: «إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ»
الشرط الثاني: سلامة العقل والنَّفس من الأمراض.
الشرط الثالث: أن يكون مُلِمًّا بعلوم الآلة كاللغة وأصول الفقه ومصطلح الحديث.
الشرط الرابع: أن يكون مُلِمًّا بأصول العقيدة الصحيحة.
الشرط الخامس: أن يكون مُطَّلِعاً على كتب الحديث كالصحيحين، والسنن الأربعة، وموطأ الإمام مالك، ومسند الإمام أحمد.
الشرط السادس: أن يكون له علم بفقه المذاهب الأربعة
الشرط السابع: أن يكون له علم بالتاريخ والسِّيَّر والمغازي.
الشرط الثامن: أن يكون له اطلاع واسع على تفاسير المتقدمين والمتأخرين.
تم بحمد الله

قائمة المصادر والمراجع
- كتاب رب العالمين: القرآن الكريم
- الكتاب: تفسير القرآن العظيم (ابن كثير)
المؤلف: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)
المحقق: محمد حسين شمس الدين
الناشر: دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت
الطبعة: الأولى - 1419 هـ
- الكتاب: تفسير الجلالين
المؤلف: جلال الدين محمد بن أحمد المحلي (المتوفى: 864هـ) وجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (المتوفى: 911هـ)
الناشر: دار الحديث - القاهرة
الطبعة: الأولى
عدد الأجزاء: 1
- الكتاب: فتح القدير
المؤلف: محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني (المتوفى: 1250هـ)
الناشر: دار ابن كثير، دار الكلم الطيب - دمشق، بيروت
الطبعة: الأولى - 1414 هـ
- الكتاب: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان
المؤلف: عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (المتوفى: 1376هـ)
المحقق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق
الناشر: مؤسسة الرسالة
الطبعة: الأولى 1420هـ -2000 م
عدد الأجزاء: 1
- الكتاب: التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»
المؤلف: محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى: 1393هـ)
الناشر: الدار التونسية للنشر - تونس
سنة النشر: 1984 هـ
عدد الأجزاء: 30 (والجزء رقم 8 في قسمين)
- الكتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
المؤلف: جابر بن موسى بن عبدالقادر بن جابر أبوبكرالجزائري
الناشر: مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية
الطبعة: الخامسة، 1424هـ/2003م
عدد الأجزاء: 5
- الكتاب: التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج
المؤلف: دوهبة بن مصطفى الزحيلي
الناشر: دار الفكر المعاصر - دمشق
الطبعة: الثانية، 1418 هـ
عدد الأجزاء: 30
- الكتاب: جامع البيان في تأويل القرآن
المؤلف: محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبوجعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)
المحقق: أحمد محمد شاكر
الناشر: مؤسسة الرسالة
الطبعة: الأولى، 1420 هـ - 2000 م
عدد الأجزاء: 24
- الكتاب: التيسير في القراءات السبع
المؤلف: عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر أبوعمر والداني (المتوفى: 444هـ ) المحقق: اوتوتريزل
الناشر: دارالكتاب العربي - بيروت
الطبعة: الثانية، 1404هـ/ 1984م
عدد الأجزاء: 1
- الكتاب: أسباب نزول القرآن
المؤلف: أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي (المتوفى: 468هـ)
المحقق: عصام بن عبدالمحسن الحميدان
قال المحقق: قمت بتوفيق الله وحده بتخريج أحاديث الكتاب تخريجا مستوفى على ما ذكر العلماء أو ما توصلت إليه من خلال نقد تلك الأسانيد
الناشر: دار الإصلاح - الدمام
الطبعة: الثانية، 1412 هـ - 1992 م
- الكتاب: متن الشاطبية = حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع
المؤلف: القاسم بن فيره بن خلف بن أحمد الرعيني، أبو محمد الشاطبي (المتوفى: 590هـ)
المحقق: محمد تميم الزعبي
الناشر: مكتبة دار الهدى ودار الغوثاني للدراسات القرآنية
الطبعة: الرابعة، 1426 هـ - 2005 م
عددالأجزاء: 1
- الكتاب: مناهل العرفان في علوم القرآن
المؤلف: محمد عبدالعظيم الزُّرْقاني (المتوفى: 1367هـ)
الناشر: مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه
الطبعة: الطبعة الثالثة
عدد الأجزاء: 2
- الكتاب: الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير
المؤلف: محمد بن محمد بن سويلم أبوشُهبة المتوفى: 1403هـ))
الناشر: مكتبة السنة
الطبعة: الرابعة
عدد الأجزاء: 1
- الكتاب: أصول في التفسير
المؤلف: محمد بن صالح بن محمد العثيمين(المتوفى: 1421هـ)
أشرف على تحقيقه: قسم التحقيق بالمكتبة الإسلامية
الناشر: المكتبة الإسلامية
الطبعة: الأولى، 1422 هـ - 2001 م
عدد الأجزاء: 1
- الكتاب: القاضي عياض ومفهومه للإعجاز القرآني
المؤلف: أحمد جمال العمري
الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
الطبعة: السنة العاشرة – العدد الثاني - 1397هـ - 1977 م
عدد الأجزاء: 1
- الكتاب: الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري
المؤلف: محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي
المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر
الناشر: دار طوق النجاة
الطبعة: الأولى، 1422هـ
عدد الأجزاء: 9
الكتاب: المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
المؤلف: مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى: 261هـ)
المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي
الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت
عدد الأجزاء: 5
- الكتاب: سنن أبي داود
المؤلف: أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السِّجِسْتاني (المتوفى: 275هـ)
المحقق: محمد محيي الدين عبد الحميد
الناشر: المكتبة العصرية، صيدا - بيروت
عدد الأجزاء: 4
- الكتاب: سنن الترمذي
المؤلف: محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك، الترمذي، أبو عيسى (المتوفى: 279هـ)
تحقيق وتعليق:
أحمد محمد شاكر (جـ 1، 2)
ومحمد فؤاد عبد الباقي (جـ 3)
وإبراهيم عطوة عوض المدرس في الأزهر الشريف (جـ 4، 5)
الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي - مصر
الطبعة: الثانية، 1395 هـ - 1975 م
عدد الأجزاء: 5 أجزاء
- الكتاب: المجتبى من السنن = السنن الصغرى للنسائي
المؤلف: أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الخراساني، النسائي (المتوفى: 303هـ)
تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة
الناشر: مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب
الطبعة: الثانية، 1406 - 1986
عدد الأجزاء: 8
- الكتاب: سنن ابن ماجه
المؤلف: ابن ماجة أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، وماجة اسم أبيه يزيد (المتوفى: 273هـ)
تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي
الناشر: دار إحياء الكتب العربية - فيصل عيسى البابي الحلبي
عدد الأجزاء: 2
- الكتاب: الموطأ
المؤلف: مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني (المتوفى: 179هـ)
المحقق: محمد مصطفى الأعظمي
الناشر: مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية - أبو ظبي - الإمارات
الطبعة: الأولى، 1425 هـ - 2004 م
عدد الأجزاء: 8 (منهم مجلد للمقدمة، و3 للفهارس)
- الكتاب: مسند ابن أبي شيبة
المؤلف: أبو بكر بن أبي شيبة، عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن خواستي العبسي (المتوفى: 235هـ)
المحقق: عادل بن يوسف العزازي وأحمد بن فريد المزيدي
الناشر: دار الوطن - الرياض
الطبعة: الأولى، 1997م
عدد الأجزاء: 2
- الكتاب: مسند الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ)
المحقق: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون
إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي
الناشر: مؤسسة الرسالة
الطبعة: الأولى، 1421 هـ - 2001 م
- الكتاب: صحيحُ ابن خُزَيمة
المؤلف: أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النيسابوري (المتوفى: 311هـ)
حَققهُ وعَلّق عَلَيه وَخَرّجَ أحَاديثه وَقدَّم له: الدكتور محمد مصطفى الأعظمي
الناشر: المكتب الإسلامي
الطبعة: الثالثة، 1424 هـ - 2003 م
عدد الأجزاء: 2
- الكتاب: المعجم الكبير
المؤلف: سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، أبو القاسم الطبراني (المتوفى: 360هـ)
المحقق: حمدي بن عبد المجيد السلفي
دار النشر: مكتبة ابن تيمية - القاهرة
الطبعة: الثانية
عدد الأجزاء: 25
- الكتاب: صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان
المؤلف: محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التميمي، أبو حاتم، الدارمي، البُستي (المتوفى: 354هـ)
المحقق: شعيب الأرنؤوط
الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت
الطبعة: الثانية، 1414 - 1993
عدد الأجزاء: 18 (17 جزء ومجلد فهارس)
- الكتاب: المستدرك على الصحيحين
المؤلف: أبو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نُعيم بن الحكم الضبيالطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع (المتوفى: 405هـ)
تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا
الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت
الطبعة: الأولى، 1411 - 1990
عدد الأجزاء: 4
- الكتاب: العبودية
المؤلف: تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (المتوفى: 728هـ)
المحقق: محمد زهير الشاويش
الناشر: المكتب الإسلامي - بيروت
الطبعة: الطبعة السابعة المجددة 1426هـ - 2005م
(هذه الرسالة مطبوعة أيضًا ضمن ˝مجموع الفتاوى˝ 10/149، وفي ˝الفتاوى الكبرى˝ 5/155)
- الكتاب: متن القصيدة النونية
المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)
الناشر: مكتبة ابن تيمية، القاهرة
الطبعة: الثانية، 1417هـ
عدد الأجزاء: 1

الفهرس

المقدمة 3
تفسير الاستعاذة: 7
تفسير البسملة 10
مَتْنُ طَاِلبِ التَّفْسِيرِ 47
قائمة المصادر والمراجع 54
الفهرس 63. ❝ ⏤بستان علم النبوءة

❞ هدية إلى الأحباب
في تفسير أم الكتاب
ويليه
متن طالب التفسير

تأليف
أبي الحسن هشام
المحجوبي وأبي مريم
عبدالكريم صكاري

طبعة منقحة ومخرجة الأحاديث

المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين˝ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ˝ ˝يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا˝ ˝يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)˝
وبعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أجارنا الله جميعا من النار.
إن الله تعالى خلق الجن والإنس وأمرهم بعبادته فقال عزَّ من قائل ˝ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57)˝ وبين سبحانه وتعالى كيفية عبادته في الكتب التي أنزل على أنبيائه وآخرها وأفضلها وناسخها القرآن الكريم قال تعالى: ˝ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ ومُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ˝ ولايمكن أن يصل الإنسان إلى العبادة الصحيحة التي ترضي الله تعالى إلا من طريق علم التفسير الذي هو: علم يبحث في الكشف عن معاني القرآن على مراد الله وبمنهاج رسول الله وأصحابه، لذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحفظون عشرة آيات من القرآن فلا يتعدونها حتى يعلموا معناه ويعملوا بما فيها، عن ابن مسعود، قال: كانَ الرجل مِنَّا إذا تعلَّم عَشْر آياتٍ لم يجاوزهُنّ حتى يعرف معانيهُنَّ، ˝
فعلم التفسير يوصل إلى الفهم الصحيح للقرآن والفهم الصحيح يوصل إلى العمل الصحيح والعمل الصحيح يوصل إلى رضوان الله ورضوان الله يوصل إلى الجنة، لذا يعد علم التفسير سيد العلوم وأشرفها وسبيل النجاة من الضلالات والانحرافات والخرافات.
وجميع العلوم الشرعية خادمة له فلا يمكن أن يفسر عالم القرآن حتى يكون ملما باللغة العربية التي هي لغة القرآن وعلم العقيدة وعلم أصول الفقه والفقه وعلم مصطلح الحديث وعلم السير والمغازي، ومن بركات هذا العلم الكريم أن فاهم القرآن يتخشع في صلاته ويتدبر معانيه ويتلذذ بقراءته ما يدفعه إلى حفظ القرآن والإكثار من قراءته والتهجد والتنفل به قال تعالى: ˝ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ˝ وقال أبو جعفر ابن جرير الطبري: ˝ إني لأعجب ممن قرأ القرآن ولم يعلم تأويله، كيف يلتذ بقراءته ˝ .
وقد ورد في فضل طالب العلم الجليل أن رحمة الله تغشاه وتنزل عليه الملائكة والسكينة ويذكره الله في الملإ الأعلى، ففي الحديث الذي رواه أبو داود وصححه الشيخ الألباني عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ»
و أفضل سور القرآن الفاتحة، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: ˝ هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ، فَقَالَ: هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَسَلَّمَ، وَقَالَ: أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ ˝ وعَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ المُعَلَّى، قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي فِي المَسْجِدِ، فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أُجِبْهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي، فَقَالَ: ˝ أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24]. ثُمَّ قَالَ لِي: «لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي القُرْآنِ، قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ» . ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، قُلْتُ لَهُ: «أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي القُرْآنِ»، قَالَ: {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] «هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي، وَالقُرْآنُ العَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ»
و سميت بالفاتحة لأن المصحف يفتح بها وتفتح بها الصلاة، فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قال، قال النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ»
ومن أسمائها: أم الكتاب وأم القرآن، قَال رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ» أي المشتملة على أصول معاني القرآن اللذان هما توحيد الله واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالأصل الأول مضمن من أولها إلى قوله تعالى: ˝ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ˝ والأصل الثاني مضمن من قوله تعالى ˝ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ˝ إلى آخرها ـ ومن أسمائها السبع المثاني والقرآن العظيم أي آياتها السبع التي استثنيت بها أمة النبي صلى الله عليه وسلم بالتفضيل على باقي الأمم قال تعالى: ˝ وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ˝ و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمُّ القُرْآنِ هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي وَالقُرْآنُ العَظِيمُ» و من أسمائها الراقية لأنه صلى الله عليه وسلم كان يرقي بها من الأمراض فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الحَيِّ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاَءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ، فَأَتَوْهُمْ، فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ ؟فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ، وَيَقْرَأُ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَابِهِ قَلَبَةٌ، قَالَ: فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لاَ تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ: «وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ»، ثُمَّ قَالَ: «قَدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا »فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا˝ ومن أسمائها الشافية أي يشفي الله بها عباده من الأمراض المعنوية كالضلال والأمراض الحسية، قال صلى الله عليه وسلم: ˝ فاتحة الكتاب شفاء من كل سم ˝ومن أسمائها الحمد لأنها تبتدئ به قال تعالى: ˝الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ˝
و من أسمائها الصلاة أي روحها الصلاة وقيل لا تصح الصلاة إلا بها فعن أبي هريرة قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ˝ قَالَ اللهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]، قَالَ اللهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]، قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي – وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي – فَإِذَا قَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ ˝
وقد سماها بعض العلماء بالكنز والأساس والكافية والواقية وغير ذلك.
فهي سورة مكية أي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة وقيل مدنية وقيل نزل نصفها في مكة ونصفها في المدينة، وقيل نزلت مرتين في مكة وفي المدينة، والصحيح المشهور بين المفسرين القول الأول.
ولأن المؤمن يقرأ هذه السورة على الأقل سبع عشرة مرة في اليوم في صلواته المفروضة، أقبلنا على تفسير هذه السورة العظيمة بأسلوب ميسر ومفصل وجامع لأجود ما ذكره سادتنا المفسرون في تفاسيرهم راجين من الله تعالى القبول والثواب وأن يجمعنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ومع خدمة كتابه الكريم في جنات النعيم إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
تفسير الاستعاذة:
اتَّفق المفسِّرون أن(الاستعاذة)ليست من القرآن، وأشهر صِيغها الواردة في السُّنة: ˝أعوذ بالله من الشيطان الرجيم˝، ˝أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم˝، وزِيد عليهما في بعض الروايات ˝من همزه ونفثه ونفخه˝ ، وقد اشتق البعض من القرآن: ˝أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ˝ و ˝أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ˝ و˝أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ˝و ˝أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ˝
ويَجوز فيها السر والجهر على المشهور، وقد اختلف العلماء في موضع قراءتها على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنها قبل القراءة؛ لأن العِلة منها طرد وساوس الشيطان عند القراءة، وقدَّروا فِعل: فإذا أردت أن تقرأ القرآن، ˝فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ˝.
القول الثاني: يُحكى عن أبي هريرة وبعض العلماء أنها تكون بعد القراءة لطرد عُجب النفس والسُّمعة وعمَلاً بظاهر الآية: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ النحل: 98.
القول الثالث: ذهب بعض المفسِّرين إلى مشروعيتها قبل القراءة وبعدها عملاً بالوجهين، والمشهور القول الأول، وقد اختلفوا في حُكمها، فذهبت طائفة من أهل العلم إلى وجوبها؛ لأن الأمر يفيد الوجوب ما لم تصرفه القرينة، والصحيح - والله تعالى أعلم - أن الأمر مصروف إلى الاستحباب لقرينة أنه صلى الله عليه وسلم استدل ببعض الآيات من غير أن يستعيذ، فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الجَدَلَ»، ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الآيَةَ: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: 58]
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ أي: ألتجئ وأعتصم وأتحَصَّن بالله من أذى الشيطان الرجيم، و˝أعوذ˝ فعل مضارع يُفيد الاستمرار عكس الفعل الماضي الذي يفيد الانقطاع،
والمعنى كأن الله تعالى يأمرنا بالمداومة على الاستعاذة؛ لأن الشيطان عَدُوٌّ مبين لا يَملُّ ولا يَكلُّ مِن سعْيه لإضلال الإنسان؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: 168، وقال على لسانه: ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ الأعراف: 16، 17، وفي الحديث: ((إن الشيطان يبعث في الصباح سراياه فيقول من يُضلُّ اليوم مُسلمًا أُلبسه التاجَ))
وقد بُدئ الفعل المضارع بهمزة المضارعة لفائدتين - والله تعالى أعلم:
الفائدة الأولى: استدعاء حضور القلب عند القراءة؛ لأن الهمزة تُفيد الحضور.
الفائدة الثانية: استِشعار التواضع والتبرُّؤ من الكِبْر الذي أضل الشيطان، لأن الهمزة تُفيد الإفراد، ولو كانت بدَلها النون لأفادت الإحساس بالتعظيم.
الله: أصل الأسماء الحسنى وأعظمها، وهو المعبود الذي يتقرَّب إليه العباد بشتى الطاعات حبًّا وتعظيمًا، مشتق من ألَه يأْله إلهة؛ أي: عَبَد يعبد عبادة؛ ففي قراءة ابن عباس: ﴿ وَيَذَرَكَ وَإلَهَتَكَ ﴾، وقيل: الذي حيَّر العقول، مشتقٌّ من الولَه؛ أي: الحيرة وهو بعيد، وقيل: غير مشتق، والصحيح المشهور: القول الأول.
وأما الشيطان فهو الجِنِّي أو الإنسيُّ الكافر المُحارِب للإسلام، مشتقٌّ من شَطَن أي: بعُد عن رحمة الله، وقيل: الشِّياط، والمقصود في هذا السياق شيطان الجنِّ.
الرجيم: وصف له، وهو مفعول في معناه على وزن فعيل، قيل: سُمِّي بالرجيم لأنه أتى إبراهيم عليه السلام وهاجر وإسماعيل في منى، فاستعطف إبراهيمَ حتى لا يذبح ولده، فقال: أعوذ بالله منك فرجمه، ثم استعطف هاجر على ولدها فقالت: أعوذ بالله منك فرجمته، ثم استعطف إسماعيل عليه السلام على نفسه، فقال: أعوذ بالله منك فرجمه˝، فصار الرجم من مناسك الحج إلى يوم القيامة،
وقيل: سُمِّي بالرجيم؛ لأنه يسترق السمع في السماء فترجُمُه الملائكة؛ قال سبحانه: ﴿ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ﴾ [الحجر: 18]، وقيل: وُصف بذلك لأن أتباعه يرجمونه في النار.
السميع: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه الذي لا يَخفى عليه صوت مهما خَفُت، وينقسم إلى سمع عام وهو الذي عرفناه، وسمع خاص ومعناه: الذي يستجيب دعاء عباده.
وأما العليم: فهو من أسماء الله الحسنى، ومن أسمائه أيضًا: العالم والعلّام والأعلم والخبير، ومعناه: صاحب العلم الواسع المطلق؛ بحيث لا يَخفى عليه شيء.
وأما الهمز والنفث والنفخ، فالهمز: جنس من الجنون يُقال له: الموتة، والنفث: الشِّعر القبيح، والنفْخ: الكِبر، فعن ابن جبير بن مطعم، عن أبيه، أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة، قال عمرو: لا أدرى أي صلاة هي، فقال: ((الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، والحمد لله كثيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً)) ثلاثًا، ((أعوذ بالله من الشيطان من نفخه، ونفثه، وهمزه)) ، قال: نفثه: الشِّعر، ونفخه: الكبر، وهمزه: الموتة.

تفسير البسملة
فالبسملة اختصار لـ ˝بسم الله الرحمن الرحيم˝ كالحمدلة والصلصلة والحوقلة، جاء في فضلها حديث موقوف حُكمه الرفع، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: ˝مَنْ أَرَادَ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنَ الزَّبَانِيَةِ التِّسْعَةَ عَشَرَ فَلْيَقْرَأْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فيجعل اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا جُنَّةً مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ˝ .
ومعناها الإجمالي: طلب العون والبركة من الله وأسمائه الحسنى صاحِبِ الرحمة الشاملة والخاصة قبل الشروع في القول أو الفعل.
فالباء للاستعانة والتبرُّك، و˝اسم˝ مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره، ومعناه اللفظ الذي وُضع للشيء لِرِفعة شأنه وتمييزه عن غيره، مشتق من السُّموِّ، وقيل: من السِّمة، والمعنى هنا: أستعين وأتبرك بجميع أسماء الله الحسنى؛ لأن المفرد المضاف يفيد العموم، كقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 18]؛ أي: جميع نعم الله؛ لأن ﴿ نِعْمَةَ ﴾ مفرد مضاف إلى اسم الجلالة.
الله: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره، وهو أعظم اسم من أسماء الله الحسنى؛ لذلك جاء مُبَيَّنًا بعد العموم؛ لأن الخاص بعد العام يفيد الأهمية والشرف، ومعناه المعبود الذي يَتقرب إليه العباد حبًّا وتعظيمًا بشتى الطاعات، مشتق من ألَه يأْله إلاهة؛ أي: عَبَد يعبد عبادة، قال سبحانه: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُو ﴾ [الحشر: 22]، وقد استنبط المحققون من أهل العلم من هذا الاسم العظيم أن المخلوقات في الأصل لا أول لها؛ لأنه سبحانه وتعالى الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء في ذاته وأسمائه وصفاته، ويلزم من هذا الاسم وجود العباد له، فالمخلوقات في جنسها وأفرادها لها أوَّل كما لها آخر، أما في أصل الخَلق فلا أول له؛ لأن من أسمائه اللهَ والخالق والرب وغيرها، والله تعالى أعلم.
الرحمن الرحيم: اسمان عظيمان من أسماء الله الحسنى، قال تعالى: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 3]، وهما بدل من الله تابعان له في جره، وقيل: نعت.
الرحمن: على وزن فعلان، وهذا الوزن يفيد السَّعَة والامتلاء؛ أي: صاحب الرحمة الشاملة التي تشمل جميع الخَلق، فلولاها لما رُزق الكافر قطرة ماء، قال سبحانه: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه: 5]، فعرشه سبحانه يتوسط الكون ويعلوه، وهو سبحانه وتعالى فوق عرشه يُغدق رحمته على جميع خلقه.
الرحيم: على وزن فعيل؛ أي: صاحب الرحمة الخاصة بالمؤمنين، فبها وُفِّقوا إلى طاعته وأُدخِلوا الجنة، قال تعالى: ﴿ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 43]، وفي الحديث الصحيح: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ اللهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، فالجزء الأول يرجع إلى اسم الرحمن، والتسعة والتسعون جزءًا يرجعون إلى اسم الرحيم.
وقيل: الرحمن الذي إذا سُئل أعطى، والرحيم إذا لم يُسأل يغضب، وهما مشتقان من الرحم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ˝قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا الرَّحْمَنُ خَلَقْتُ الرَّحِمَ وَشَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنِ اسْمِي فَمَنْ وصلها وصلته ومن قطعها بتته˝ .
والجار والمجرور متعلق بفعل تقديره: ˝أبدأ˝، ويجوز أن يُقدَّر اسمًا ˝ابتدائي˝ على أنه مبتدأ، والمشهور أن يُقدَّر فعلاً لبلاغته، ويجوز أن يُقدَّر خاصًّا: أقرأ أو أتلو، والأفضل - والله أعلم - أن يُقدر عامًّا ˝أبدأ˝؛ لأنه يشمل جميع العبادات والأفعال، فمثلاً تلاوة القرآن فيها القراءة والتدبر والنظر إلى المصحف.
والأصل أن يُقدَّر في أول الكلمة: ˝أبدأ بسم الله الرحمن الرحيم˝، لكن الأفضل أن يُقدر في آخرها: ˝بسم الله الرحمن الرحيم أبدأ˝؛ لأن تأخير ما حقُّه التقديم يفيد الحصر والقصر والاختصاص، فيكون المعنى: أي لا أطلب العون والبركة إلا من الله، وفي هذا إدخال للتوحيد في البسملة، الذي هو إفراد الله بالعبادة.
وقد ذهب أكثر العلماء إلى استحبابها قبل الأقوال والأفعال؛ فبِها بدأ الله كلامه، وكان يبدأ بها النبي صلى الله عليه وسلم قبل أكله وشربه وجِماعه ودخوله إلى الخلاء ودخوله إلى البيت وخروجه منه، وغير ذلك.
واتفق العلماء أنها جزء آية من سورة النمل: ﴿ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [النمل: 29، 30]، وأنها ليست في أول سورة التوبة التي فُضح فيها المنافقون ووُعدوا فيها بأشد العذاب، فلا يليق أن تُبدأ برحمة الله،
واختلفوا هل هي جزء آية من أول كل سورة، أو آية، أو ليست بآية أصلاً، أو آية من سورة الفاتحة؟ والصحيح - والله تعالى أعلم - الذي ترجح لنا أنها آية منفردة في المصحف ليست من السور، أُنزلت للفصل بينها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الفصل ما بين السورة والسورة، حتى ينزل عليه جبريل بـ˝بسم الله الرحمن الرحيم˝.
ويجوز الإسرار بها والجهر في الصلاة وغيرها؛ جمعًا بين الروايات.
وقد بيَّن القُرَّاء أوجه قراءتها، فأباحوا جميع الأوجه، ومنعوا واحدًا:
الأوجه الجائزة:
أولاً: الفصل بينها وبين آخر السورة وأول السورة التي تليها.
ثانيًا: الجمع بينها وبين آخر السورة وأول السورة التي تليها.
ثالثًا: الفصل بينها وبين آخر السورة وجمعها بأول السورة التي تليها.
رابعًا: حذفها بالكلية.
أما الوجه الممنوع؛ فهو جمعها بآخر السورة وفصلها عن أول السورة التي تليها؛ مخافة أن يُظنَّ أنها من آخر السورة، وفيه تعطيل لمعناها المتعلق بالبدء لا بالانتهاء.
فهذا تفسير البسملة الذي ينبغي لكل طالب علم أن يَعْلَمه ويُتقنه؛ لوجودها في أول كلام الله وأوائل المتون والكتب العلمية، ولكل مسلم؛ حتى يحضر قلبه ويخشى ربه ويتذوق حلاوة البَدء بها.
{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (1)}:
إعراب الآية:
الحمد: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
لله: ل: حرف جر، الله: اسم جلالة مجرور اختياري وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره، وشبه جملة من الجار والمجرور في محل رفع خبر مبتدأ.
رب: بدل من الله تابع له في جره وقيل نعت تابع له في جره وهو مضاف.
العالمين: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء.
وجه المناسبة بين البسملة وهذه الآية والله تعالى أعلم أن الله تعالى يعد قارئ القرآن ومفسره والعامل به بالرحمة الواسعة في الدنيا والآخرة
و المعنى الإجمالي للآية أي جميع الثناء والشكر والمدح مستحق لله تعالى خالق ومالك ومدبر جميع شؤون خلقه ˝فالحمد˝ هو الثناء على شيء بحب وتقدير وهو قريب من الشكر والمدح، فالفرق بينه وبين الشكر من وجهين.
فالحمد أعم من الشكر من جهة السبب فهو يكون مقابل الإحسان وفي غيره، نقول: ˝ فلان يحمد على حسن خلقته ˝ كما يقال: ˝ يحمد على حسن ضيافته ˝ فأما الشكر فلا يكون إلا مقابل الإحسان فهو أعم من الحمد من جهة الآلة فهو يكون باللسان والجوارح وأما الحمد فيكون باللسان قال تعالى: ˝اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ˝سورة سبأ – الآية: 12، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقَالَتْ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟قَالَ: «أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا»
و أما الفرق بين الحمد والمدح:
-فالحمد يكون بحب وأما المدح فيكون بحب وبغير حب.
- والحمد يكون للعاقل والمدح يكون للعاقل وغير العاقل نقول مدح شاعر الحمراء مراكش،
- والحمد يكون موجزا وأما المدح فيكون في الأغلب أوسع من الحمد، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الحمد أفضل ذكر بعد القرآن الكريم لأن الله تعالى بدأ به كتابه الكريم وأثنى به على نفسه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدأ به خطبه، إذ ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يبدأ به خطبه فيقول:
«إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ» و هو ذكر أهل الجنة يلهمونه كما يلهمون النفس فهو في الدنيا تكليف وفي الآخرة تشريف، قال تعالى: ˝ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10) ˝. سورة يونس الآيات: 9- 10
و هو ذكر الحافين بالعرش قال تعالى: ˝وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ˝ سورة الزمر - الآية: 75
و لازِمه جميع معاني الأذكار فما استَحق الثناءَ سبحانه وتعالى إلا وهو المستحق للعبادة وحده لا شريك له المنزه عن النقص والرذائل الأكبر من كل شيء، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ˝ أَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ˝ : فيحمل على من أفضل، ومثال ذلك عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: ˝ أَنْ يُسْلِمَ قَلْبُكَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنْ يَسْلَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِكَ وَيَدِكَ ˝، قَالَ: فَأَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ˝ الْإِيمَانُ ˝، قَالَ: وَمَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: ˝ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ ˝، قَالَ: فَأَيُّ الْإِيمَانِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ˝ الْهِجْرَةُ ˝، قَالَ: فَمَا الْهِجْرَةُ؟ قَالَ: ˝ تَهْجُرُ السُّوءَ ˝، قَالَ: فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ˝ الْجِهَادُ ˝، قَالَ: وَمَا الْجِهَادُ؟ قَالَ: ˝ أَنْ تُقَاتِلَ الْكُفَّارَ إِذَا لَقِيتَهُمْ ˝، قَالَ: فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ˝ مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَأُهْرِيقَ دَمُهُ ˝، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ˝ ثُمَّ عَمَلَانِ هُمَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ بِمِثْلِهِمَا: حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ أَوْ عُمْرَةٌ ˝
˝ رَبِّ الْعَالَمِينَ ˝
˝رَبِّ ˝: الرب لغة: السيد أو المالك نقول رب الأسرة، وقال سيدنا يوسف على العزيز ˝ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ˝سورة يوسف – الآية: 23
و شرعا: هو الخالق المالك المدبر، من أسماء الله الحسنى المتضمنة لصفات أصلية لازمها باقي صفات الكمال فهو سبحانه ما كان خالقا ومالكا ومدبرا حتى كان عليما خبيرا غنيا حكيما رزاقا.
˝الْعَالَمِينَ˝: جمع عالم قيل هو كل جنس مخلوق عاقل كعالم الملائكة وعالم الإنس وعالم الجن، وقيل كل جنس مخلوق فيه روح، وقيل كل جنس مخلوق على الإطلاق وهو الصحيح المشهور.
فهذه الآية الكريمة اشتملت على أصل الإسلام العظيم الذي هو التوحيد فتوحيد الألوهية مضمن في قوله تعالى ˝: الحمد لله ˝ وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات مضمن في قوله تعالى: ˝رَبِّ الْعَالَمِينَ ˝، وهنا لنا وقفة لبيان التوحيد.
إنّ توحيد الله لا يتحقق إلا إذا قام على التصديق بأن الله هو الربّ والإله الذي لا شريك له ولا مثيل.
لقد أكد كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - على حقيقة التوحيد في صيغ متعددة. فمن ذلك قوله تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1- 4]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾سورة البقرة – الآية: 163، وقوله: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ المائدة - الآية: 73
وفي صحيح البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ˝لَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ قَالَ لَهُ: ˝إِنَّكَ تَقْدُمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيه أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى...˝
وفي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنه عَن النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ˝بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَالْحَجِّ ˝
إنه ولِما لتوحيد الله من أهمية بالغة فقد حرص علماء الإسلام على تبيان الأصول التي يقوم عليها وما يقتضيه الإيمان بكل واحد منها.

توحيد الله وأصوله: يقوم توحيد الله تعالى على ثلاثة أصول هي:
1- توحيد الربوبية.
2- توحيد الألوهية.
3- توحيد أسماء الله وصفاته.
هذه الأصول هي حسبما اهتدى إليه العلماء متضمَّنة في الآية: ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 65]، فتوحيد الربوبية متضمَّن في شق الآية: ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾، أما توحيد الألوهية فمتضمَّن في: ﴿ فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ﴾، وأما توحيد أسماء الله وصفاته فمُتضمن في: ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ أي هل تعلم له شبيها ومثيلا في أسمائه وصفاته.
1- توحيد الربوبية:
يعني توحيد الله في الربوبية إفراده سبحانه بالخلق والملك والتدبير، أي الاعتقاد الجازم بأن لا خالق ولا مالك ولا مُدبر في الكون إلا اللهُ سبحانه وتعالى.
لقد نص القرآن الكريم على ربوبية الله فذَكر تفرده سبحانه بالخلق على غيره، قال تعالى: ﴿ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ﴾سورة فاطر- الآية: 3، كما أفرد الله نفسه بالملك فقال: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ﴾ [الملك: 1]، أما الدليل على إفراد الله ذاته بالتدبير فنجده في قوله تعالى: ﴿ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ﴾سورة الأعراف – الآية: 54، والمراد بالأمر هنا التدبير.
2- توحيد الألوهية:
يعني توحيد الألوهية إفرادَ العبد ربَّه بالعبادة. والعبادة كما عرَّفها ابن تيمية هي: ˝اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة˝ ، قال تعالى: ﴿ وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا ﴾ [النساء: 3
إن الإنسان لا يصير مُوحِّدًا حتى تكون عبادته كلها موجهة لله دون غيره، بحيث لا يدعو إلا الله ولا يتوكل إلا عليه ولا يستعين إلا به ولا يحب شيئا مثل حبه ولا يخاف من شيء مثل خوفه ولا يرضى بالتحاكم بغير شرعه سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21]، فتوحيد الألوهية هو حقّ الله على العباد، لأنه خلقهم ورزقهم فاستحق بذلك عبادتهم، وقد وعد سبحانه وتعالى من أفرده بالعبادة بالجنة والنجاة من النار، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل: ˝ يَا مُعَاذُ، أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ قال: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فقال - صلى الله عليه وسلم -: ˝يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا. ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: أَتَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟ ˝، فقال معاذ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: ˝يُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ˝
لقد كان غالبية المشركين في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - يُقِرُّون بتوحيد الربوبية، وهو ما أكده القرآن في حديثه عنهم، حيث قال تعالى: ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ [الزخرف: 88]، لكنهم كانوا يرفضون الإقرار بتوحيد الألوهية فمنعهم ذلك من الدخول في الإسلام، لأن الدخول فيه لا يتم إلا إذا رافق توحيد الربوبية توحيد الألوهية.
3- توحيد أسماء الله تعالى وصفاته:
يعني توحيدُ أسماء الله تعالى وصفاتِه، إفرادَ الله تعالى بأسمائه التي سمّى بها نفسه وصفاته التي وصف بها ذاته في كتابه والتي أخبر بها رسوله - صلى الله عليه وسلم.
إن هذا الأصل في التوحيد لَيُبيّن للعبد سبيل التعرف على ربه والتأدب معه في الحدود التي ارتضاها سبحانه لمقامه. ويقتضي الإيمان به مراعاة القواعد التسع التالية:
أولها: لا تُستمد أسماء الله تعالى وصفاته إلا من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لأنها غيب والغيب لا يُعلم إلاَّ من الوحي. قال الله تعالى: ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى ﴾ النجم: 1، 4.
ثانيها: التسليم بأن جميع أسماء الله تعالى حسنى في منتهى الحسن، وبأن صفاته كاملة في منتهى الكمال. قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 181]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ˝إن الله جميل يحب الجمال ˝
ثالثها: يجب إثبات أسماء الله تعالى وصفاته كما جاءت في كتاب الله وسنة رسوله دون تحريف ولا تشبيه ولا نفي مع تفويض كيفيتها إلى الله. إن تفسير غنى الله سبحانه وتعالى في الآية: ﴿ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 41]، بالقدرة هو تأويل لا يجوز، أما القول بأن غناه - سبحانه وتعالى - مثل غنى أغنى الناس، فهو تشبيه لا يجوز، وأما الزعم بأن الله غني من غير غنى فهو نفي وتعطيل لا يجوز.
إن هذه التأويل يعارض قول الله تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، ففي قوله: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ نفي الشبيه عن الله، وفي قوله: ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ إثبات لأسماء الله تعالى وصفاته.
إن الفهم الصحيح للآية: ﴿ وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾سورة التغابن – الآية: 6، يقتضى التسليمَ بأن الله غني غنى مطلقًا ليس كغنى خلقه الذي يتسم بالمحدودية والحاجة له - سبحانه.
رابعها: لا يجوز اشتقاق أسماء الله تعالى من صفاته، بينما يجوز اشتقاق صفاته تعالى من أسمائه. قال تعالى: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾سورة طه – الآية: 5، لا يجوز لنا هنا أن نشتق من صفة ˝الاستواء˝ اسم ˝المستوي˝. أما في قول الله تعالى: ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾، فيجوز لنا إضفاء صفة الغنى على الله؛ لأنها جاءت متضمّنة في اسم الغني ولأن أسماءه سبحانه وتعالى أتت دالة على كماله.
خامسها: لا يجوز حصر أسماء الله عز وجل في تسعةٍ وتسعين اسمًا لوجود دليل من السنة نَصَّ على أن هناك أسماء أخرى استأثر الله تعالى بعلمها وحده دون غيره.
لقد دأب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على القول في دعائه: ˝أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ...˝
إن هذا الدعاء ليشير إلى وجود أسماء استأثر الله بعلمها وحده، ولهذا يُحمل الحديث النبوي: ˝لله تسعة وتسعين اسمًا، من أحصاها دخل الجنة˝
على أن عدد هذه الأسماء جاء على سبيل الذكر لا الحصر.
سادسها: إن للهِ تعالى صفات ذاتية وأخرى فعلية. أما صفات الله الذاتية فهي الصفات اللازمة لذاته كصفة البركة والحياة والعلم واليد والوجه.
وأما صفات الله الفعلية فهي صفات تابعة لمشيئته كصفة الاستواء على العرش وصفة الرضى وصفة الغضب، فهو يفعلها متى شاء ويدعها متى شاء.
سابعها: لا يجوز أن يُفرَد الله تعالى بصفات كالمكر والاستهزاء والخداع لما فيها من تنقيص منه سبحانه بل يعمد إلى مقابلتها بأفعال المخلوقين. إنها لا تطلق على الله إلا فيما سيقت فيه من الآيات كقوله تعالى: ﴿ وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾. سورة آل عمران – الآية: 54، وقوله: ﴿ وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [البقرة: 14، 15]، وقوله: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ﴾ [النساء: 142].
ثامنها: لا يجوز التفصيل في الصفات التي نفاها الله عن ذاته لما يحمله ذلك من قلة أدب في حق الله عز وجل، ويُسمى كل ما نفاه الله عن ذاته صفاتًا سلبية لما فيها من نقص كنفي الولد والنوم؛ قال تعالى: ﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾، وقال - سبحانه -: ﴿ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ ﴾، فمثلاً إذا قال إنسان لملِك أنت لست فقيرًا ولا ضعيفًا ولا ذليلًا ولو كنت كذلك لما صرت ملكًا، فلا شك أن مثل هذه الأوصاف لا تُلاقى بالتَّرحاب.
تاسعها: إذا أطلقنا على الله اسم ˝الصانع˝ و˝المقصود˝، فإن ذلك يعد حقًّا في ذاته - سبحانه - لأنه في حقيقة الأمر صانع للكون، ومقصود بالعبادة والرجاء، ولو لم يرد دليل مباشر في الكتاب والسنة على ذلك؛ لذا فقد سمى العلماء ما كان حقًّا في ذات الله، ولم يرد به نصٌّ إِخبارًا.
إن لتوحيد سبعة شروط تسمى عند العلماء بأركان وشروط لا إله إله إلا الله و لا يصير المرء موحدا حتى يحققها، فالركنان هما: الكفر بالطاغوت والإيمان بالله: قال تعالى: ˝ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ˝ سورة البقرة - الآية: 256
وقال أيضا: ˝ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ˝سورة الزخرف - الآيات: 26-27 فالكفر بالطاغوت متجلي في قوله عليه السلام: ˝ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ˝و الإيمان بالله متجلي في قوله: ˝ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي ˝
فالكفر بالطاغوت هو نفي استحقاق العبادة عن غير الله ويدخل فيه بغض كل مدع للألوهية وجهاده إن توفرت الشروط الشرعية المبينة في كتب العقيدة والفقه.
والطاغوت لغة: هو المتجاوز لحده،
وشرعا هو كل مجاوز حده من معبود أو متبوع أو مطاع برضاه، وقد يعرف بكل مشارك لله في حقه على الناس الذي هو العبادة، ورؤوس الطواغيت خمسة:
الرأس الأول: الشيطان، قال تعالى: ˝ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ˝سورة النحل – الآيات: 36
الرأس الثاني: كل من دعى الناس لعبادة نفسه، كفرعون قال تعالى: ˝ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ˝ سورة الفجر، الآيات: 6-12
الرأس الثالث: كل من عبد من غير الله ورضي وسكت.
الرأس الرابع: كل من ادعى علم الغيب وتعامل مع الشياطين لإذاية الناس كالسحرة والعرافين، قال تعالى: ˝ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ˝ سورة النساء – الآية: 51
الرأس الخامس: الحاكم الذي يستحل الحكم بغير ما أنزل الله، قال تعالى: ˝ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ˝سورة النساء – الآية: 60 وأما إن كان يعتقد أن شرع الله هو الحق وحكم بغيره بسبب هوى في نفسه أو حرص على مصلحة دنيوية فهو واقع في الشرك الأصغر الذي لا يخرج من الملة ولا يدخل في الطواغيت.
و أما الإيمان بالله فهو التصديق بوجوده وإفراده بما يختص به على الوجه الذي بيناه في معنى التوحيد، وهو يتضمن الإيمان بجميع ما أخبر الله به عن نفسه، وأخبرت به عنه رسله من صفات كماله ونعوت جلاله على وجه الإجمال والتفصيل، وتنزيهه عن التمثيل والتعطيل وعن جميع صفات النقص.
و أما شروط التوحيد التي تسمى عند العلماء بشروط لا إله إلاّ الله فهي سبعة: العلم واليقين والصدق والإخلاص والمحبة والقبول والانقياد.
الشرط الأول: العلم معنى التوحيد وهو إدراك معنى التوحيد بدليله. فالإنسان لا يمكن أن يعمل بشيء ويُطَبّقه في حياته حتى يعلمه. فالعلم لازم للعمل، قال الله تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ اللَّهُ ﴾. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ˝من مات وهو يعلم لا إله إلاّ الله دخل الجنة˝
الشرط الثاني: اليقين وهو اعتقاد التوحيد من غير شك. قال سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾سورة الحجرات – الآية: 15. وقال تعالى في سورة إبراهيم عليه السلام: ﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾سورة إبراهيم – الآية: 10
الشرط الثالث: الصدق وهو استقامة الظاهر والباطن على توحيد الله سبحانه وتعالى وطاعته. قال سبحانه وتعالى: ﴿ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وكُونُوا مَعَ الصّادِقينَ ﴾ سورة التوبة – الآية: 119. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم «مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ [ص: 38] مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» . وضد الصدق النفاق، فهو من أشرَّ الكفر بالله ويعني إبطان الكفر وإظهار الإسلام. قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ﴾سورة النساء – الآية: 145
الشرط الرابع: الإخلاص، وهو الابتغاء بالتوحيد والعمل به وجَه الله تعالى وثوابه دون رياء ولا سمعة. قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ سورة البينة – الآية: 5. وقال سبحانه وتعالى أيضا: ﴿ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي ﴾سورة الزمر – الآية: 14. وقال - صلى الله عليه وسلم -: ˝أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ، أَوْ نَفْسِهِ ˝ وللإخلاص قوادح تفسده، يجب معرفتها واجتنابها.
القادح الأول: الرياء، وهو فعل العبادة أمام الناس ابتغاء ثنائهم وإعجابهم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟» قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، فَقَالَ: «الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ، لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ»
القادح الثاني: السمعة، وهي ذكر العبادة والعمل الصالح للناس ابتغاء ثنائهم وإعجابهم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ»
أي من سمَّع في الدنيا أسمع الله النّاسَ عيوبه يوم القيامة. والسمعة أخطر من الرياء، لأن الإنسان قد يفعل عبادة ويُخلِص فيها ثم يفسدها بالسمعة بعد سنين.
الشرط الخامس: المحبة، وتعني حبَّ الله تعالى وحبّ ما يحبّ وكراهية ما يكره؛ لقد نعت الله عباده المؤمنين بأنهم أشد الناس حبا له، فهم لا يتخذون من دونه أنداداً كما يفعل غيرهم، قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ﴾سورة البقرة-الآية: 165 وعلامة حب العبد ربَّهُ تقديم كل ما يُحب الله على ما يحبه هو وتميل إليه نفسه، وبغض جميع ما يُبغِض ربُّه وإن مالت إليه نفسه.
الشرط السادس: القَبول، ويعني أن نقبل بالتوحيد كما هو دون أدنى تردّد أو تمنُّع. لقد حدثنا الله تعالى في كتابه عن حال الأمم التي استكبرت ورَدّت كلمة التوحيد متَّهِمَةً من دَعاها إليها بالجنون فقال: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾. سورة الصافات – الآيات: 35-36. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناصحا: ˝قل آمنت بالله ثم استقم˝
الشرط السابع: الانقياد، وهو الإذعان لأمر الله تعالى بالرضى المستحق. قال تعالى: ﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ ﴾، وقال أيضا: ﴿ وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾سورة لقمان – الآية: 22 ومعنى ﴿ يُسْلِمْ وَجْهَهُ ﴾ أي يذعن، ﴿ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾أي موحد، والعروة الوثقى فسّرها علماء الإسلام بـ˝لا إله إلاّ الله˝
و لا يقبل الله تعالى توحيد الألوهية والربوبية والأسماء والصفات من العبد إلا من طريق توحيد الاتباع بعد بعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو إفراد النبي صلى الله علي وسلم بالمتابعة في الدين فقد أجمع العلماء أن من وصلته رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتبعه فهو كافر قال تعالى: ˝ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ˝سورة النساء – الآية: 65وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ»
وقال أيضا: ˝ لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، مَا حَلَّ لَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي ˝ .
و لا يحقق العبد توحيد الاتباع إلا بالشروط السبعة التالية:
الشرط الأول: العلم بسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم.
إن اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يتم إلا بمعرفة سنته - صلى الله عليه وسلم -. قال - صلى الله عليه وسلم -: ˝عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ˝ وقال أيضا: ˝طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ˝ ومِن أَوْجَبِ العلمِ تَعلُّمُ سنته - صلى الله عليه وسلم.
الشرط الثاني: محبته - صلى الله عليه وسلم.
وتعني أن يكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحبَّ للمسلم من نفسه وولده، فعن أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»
و قال - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن الخطاب: ˝ لاَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ˝ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ، وَاللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ˝الآنَ يَا عُمَرُ˝
الشرط الثالث: التصديق بما أخبر به - صلى الله عليه وسلم.
إنَّ كل ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعدّ وحيا من الله، لذا وجب تصديقه سواء كان خبراً ماضيا كقَصص الأنبياء والصالحين، أو خبراً حاضراً كأحوال الملائكة والجن، أو خبراً مستقبَلا كعلامات الساعة وأحوال أهل الجنة والنار. قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ ﴾سورة الحديد – الآية: 28.أي صدِّقوه فيما قال.
الشرط الرابع: طاعته - صلى الله عليه وسلم-.
أمر الله المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ سورة الأنفال – الآية: 20. أما الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد قال: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى»
ومن طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ترك ما نهى عنه - صلى الله عليه وسلم -؛ يقول الله تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ﴾[31]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: ˝مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَخُذُوهُ، وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا˝
الشرط الخامس: تحقيق عبادة الله على منهاجه - صلى الله عليه وسلم.
إن الله سبحانه وتعالى لا يقبل عبادةً حتى تكون على سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -. قال الله تعالى: ﴿ فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾سورة الأعراف – الآية: 158. أي تَأسَّوْا به في عبادتكم لربكم.
الشرط السادس: الإيمان بأفضليته - صلى الله عليه وسلم.
إن رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - هو أفضل الرسل دون تنقيص من رسول أو تحقير. قال - صلى الله عليه وسلم -: ˝ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ...˝
الشرط السابع: الإيمان بخاتَمِيَّته - صلى الله عليه وسلم.
ويعني الاعتقاد الجازم بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو آخر الأنبياء والمرسلين؛ قال الله تعالى: ﴿ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ﴾.سورة الأحزاب – الآية: 40، فلا يقبل مسلم بِمُدَّعٍ لنُبُوَّة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهما كانت مكانته. قال - صلى الله عليه وسلم -: ˝لا نبيّ بعدي˝ . أي لَا لِأحد أن يدَّعي النبوة بعدي.
الفوائد المستخلصة من الآية:
- أن الحمد خير ذكر بعد القرآن، لذا بدأ به سبحانه قرآنه.
- جميع المحاميد مستحقة له سبحانه لكمال ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته.
- من أسمائه سبحانه وتعالى ˝ الله ˝ وهو: المعبود الذي يتقرب إليه العباد بشتى الطاعات حبا وتعظيما.
- أن من أسمائه سبحانه ˝الرب˝ وهو الخالق المالك المدبر.
- اشتملت الآية على أقسام التوحيد الثلاثة وهي: توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات.

˝الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ˝
إعراب الآية:
الرحمان: بدل من الله تابع له في جره وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره، وقيل نعت تابع لمنعوته في جره.
الرحيم: لها نفس إعراب الرحمان
مر تفسيرها معنا في البسملة ووجه المناسبة والله أعلم بينها وبين الآية التي قبلها أن الله تعالى يعد موحده وحامده بالرحمة الواسعة في الدنيا والآخرة فهي قبله في البسملة وبعده في هذه الآية قال تعالى: ˝ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا ˝ سورة الأحزاب - الآيات: 43-44
الفوائد المستخلصة من الآية:
- أن من أسمائه سبحانه: ˝الرحمان˝ وهو صاحب الرحمة الواسعة التي تشمل جميع الخلق.
- أن من أسمائه سبحانه وتعالى: ˝الرحيم ˝ وهو صاحب الرحمة الخاصة بعباده المؤمنين.
- يستحب أن يقرن الرحمان بالرحيم في الدعاء وغيره لورود الآية بذلك وبيان فضل الله تعالى على عباده المؤمنين الذين خصهم بالرحمة الأخروية من دون سائر الناس.
˝ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ˝:
إعراب لآية:
مالك: بدل من الله تابع له في جره وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره وقيل نعت تابع لمنعوته في جره وهو مضاف.
يوم: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره.
الشرح:
˝ مَالِكِ ˝: أي المتصرف في يوم القيامة وقرئت أيضا ب ˝ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ˝ أي الحاكم المتصرف وهو أبلغ من مالك مشتق من الملك أما الأول فإنه مشتق من المِلك فكل ملك مالِك وليس كل مالِك ملك وجميع آيات القرآن تأتي بضم الميم كقوله تعالى: ˝لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ˝سورة المائدة – الآية: 120 وقوله تعالى: ˝ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ˝سورة غافر - الآية: 16

وقوله تعالى: ˝ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ˝ سورة البقرة - الآيات: 106و من أسمائه سبحانه ˝ مالك وملك ومليك ˝ قال تعالى: ˝ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55) ˝ سورة القمر - الآيات: 54-55
و معناه صاحب الملك الواسع.
˝ يَوْمِ الدِّينِ ˝: هو يوم الجزاء لأن الله تعالى يبعث فيه الناس ليجزيهم على أعمالهم فمن كان مسلما وغلبت حسناته سيئاته دخل الجنة، وإن غلبت سيئاته حسناته دخل النار حتى يطهر من الذنوب فيدخل الجنة إلا إذا غفر الله له أو أدركته شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد المؤمنين فإنه يدخل الجنة من أول مرة،
و أما الكافر فمآله النار خالدين فيها أبدا وبئس المصير قال تعالى: ˝ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8) ˝ سورة البينة - الآيات: 6-8
وقيل سمي بيوم الدين: لأنه اليوم الذي ينصر فيه الإسلام ويظهر للجميع أنه الحق.
و من أسمائه ˝ يوم القيامة ˝: أي اليوم الذي يقوم فيه الخلق من قبورهم للحساب والجزاء قال تعالى: ˝ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ˝ سورة القيامة – الآية: 1
و من أسمائه: ˝ يوم الفصل ˝: قال تعالى: ˝ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ ˝سورة الدخان - الآيات: 40 أي اليوم الذي يفصل فيه الله بين الكفر والإيمان والحق والباطل والظالم والمظلوم،
و سمي أيضا ˝ بيوم التغابن ˝: أي اليوم الذي يَغبُنُ فيه أهل الجنة أهل النار قال تعالى: ˝ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ˝ سورة التغابن – الآية: 9
و سمي ˝ بيوم الجمع ˝ لأنه تعالى يجمع فيه جميع الخلق فلا يفلت منهم أحد، قال تعالى: ˝ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ˝سورة التغابن – الآية: 9
وسمي ˝ بالغاشية ˝: لأنه يُطبق على الناس ويغشاهم بحيث لا يجدون منه مفرا قال تعالى: ˝ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ˝ سورة الغاشية – الآية: 1
و سمي ˝بالقارعة ˝ لأنه يقرع القلوب بأهواله، قال تعالى: ˝ الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11) ˝ سورة القارعة
و سمي بيوم الحشر: لأن الناس يحشرون فيه، قال تعالى: ˝ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ˝ سورة يونس – الآية: 28
و سمي بالواقعة: أي يقع على الناس فجأة، قال تعالى: ˝إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ˝ سورة الواقعة – الآيات: 1-2
و سمي: ˝بالحاقة ˝: أي يحق فيه ما أنكر من البعث والحساب والجزاء والقرآن، قال تعالى: ˝ الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (3)˝سورة الحاقة – الآيات: 1-3
و سمي بيوم البعث: لأن الناس يبعثون فيه من قبورهم، قال تعالى: ˝ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ˝. سورة يس– الآية: 51
و سمي بيوم الحساب: لأن الناس يحاسبون فيه على أعمالهم، قال تعالى: ˝ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ˝ سورة الانشقاق – الآيات: 7-8
و سمي˝ بالساعة˝: لأنه هو وقت تحول الناس من الدنيا إلى الآخرة، قال تعالى: ˝قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ˝ سورة الأنعام – الآية: 30
و سمي بالصاخة: قال تعالى: ˝ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ ˝ سورة عبس- الآية: 33قال البغوي رحمه الله: ˝ الصاخة ˝ يعني صيحة يوم القيامة، سميت بذلك لأنها تصخ الأسماع، أي تبالغ في إسماعها حتى تكاد تصمها.
و سمي بالطامة الكبرى: قال تعالى: ˝ فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى ˝سورة النازعات – الآية: 34 قال البغوي في تفسيره: وسميت القيامة ˝ طامة ˝ لأنها تطم على كل هائلة من الأمور، فتعلوا فوقها وتغمر ما سواها والطامة عند العرب الداهية التي لا تستطاع .
و سمي بالمعاد: قال تعالى: ˝ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ˝سورة القصص – الآية: 85
و سمي بيوم التلاقي: لأن العبد يلتقي فيه بربه، قال تعالى: ˝رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ ˝سورة غافر – الآية: 15
و سمي بيوم الوعيد: قال تعالى: ˝وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ˝سورة ق – الآية: 20 أي اليوم الذي يتوعد فيه الله تعالى الظالمين بأشد العذاب.
و هو تعالى مَلك ومالك ليوم القيامة وغيره، وإنما خص يوم القيامة بالمُلك في هذا السياق والله تعالى أعلم لبيان عظمت ذلك اليوم الذي ينتهي فيه ملك كل أحد ويبقى ملك الواحد الأحد سبحانه قال الله تعالى: ˝لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ˝سورة غافر – الآية: 16، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ˝ يَطْوِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ. ثُمَّ يَطْوِي الْأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟ ˝
و فسرت هذه الآية بالقادر على إقامة يوم الدين وهو ضعيف من جهة اللغة والشرع فالمُلك منفصل عن القدرة ومن أسمائه تعالى الملك والمالك والقادر والقدير فيبعد تفسير المُلك بالقدرة.
ووجه المناسبة والله تعالى أعلم بين هاته الآية والآيتين السابقتين أنه تعالى سيرحم أهل القرآن والتوحيد والحمد يوم القيامة ويرون ذلك بأعينهم قال تعالى: ˝ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ˝سورة الحديد – الآية: 12
الفوائد المستخلصة من الآية:
- أن من أسمائه تعالى: ˝المالك˝ وهو المتصرف.
- أن من أسماه تعالى: ˝الملك˝ وهو الحاكم المتصرف.
- أن يوم القيامة لا ريب فيه.
- أن من أصول الإيمان الإيمان بيوم القيامة التي يقوم فيها الناس ليحاسبوا ويجزوا على أعمالهم، لذا ذكره سبحانه وتعالى في أعظم سورة في القرآن الكريم.
- أن من أسماء يوم القيامة: ˝ يوم الدين ˝ أي يوم الجزاء.
˝إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ˝:
إعراب الآية:
إيا: ضمير منفصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم.
الكاف: حرف خطاب مبني على الفتح.
نعبد: فعل مضارع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره نحن.
الواو: واو العطف.
إياك نستعين: جملة فعلية معطوفة على الآية التي قبلها.
الشرح:
العبادة لغة: مأخوذة من قول العرب الطريق معبد أي ممهد للسير.
و شرعا: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ˝ هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة ˝
أي كل قول أو فعل دل دليل على أن الله يحب أن يتقرب له به فهو داخل في مسمى العبادة، كالدعاء والركوع والسجود والذبح والصوم والحكم وغير ذلك، ولكل عبادة منها ركنان وشرطان لا تصح العبادة إلا بهما.
الركنان هما: تمام الحب وتمام الذل له سبحانه، قال تعالى: ˝ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ˝ وقال أيضا: ˝ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ˝سورة المائدة – الآية: 54 وقال أيضا في سورة المؤمنين: ˝ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ˝ وقال أيضا في سورة البقرة: ˝ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ˝
قال ابن القيم رحمه الله في نونيته:
وعبادة الرحمن غاية حبه... مع ذل عابده هما قطبان
وعليهما فلك العبادة دائر... ما دار حتى قامت القطبان
وأما الشرطان فهما الإخلاص لله والاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى ˝ فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ˝ أي من كان يريد حسن اللقاء مع ربه يوم القيامة فليصلح عمله باتباع المصطفى صلى الله عليه وسلم فلا يرد به غير وجه ربه الأعلى، وقال أيضا: ˝ وما كان لمومن ولامومنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ˝

فالإخلاص لغة هو الصفاء نقول: ˝ خالص ماء الورد ˝
و شرعا هو: الابتغاء بالعبادة رضوان الله وتوابه دون رياء ولا سمعة ولا مصلحة دنيوية، قال تعالى: ˝ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء...˝ وقال أيضا: ˝ قل الله أعبد مخلصا له ديني ˝
و له ثلاثة قوادح تفسده وبالتالي تفسد العبادة على صاحبها.
القادح الأول: الرياء وهو: إظهار العبادة لناس ابتغاء إعجابهم، قال صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: ˝ أنا أغنى الشركاء عن الشرك من أشرك بي شيئا تركته وشركه˝ وقال عليه الصلاة والسلام: ˝ أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي، قيل ما الشرك الخفي يا رسول الله، قال: الرياء ˝ وفي رواية: ˝ يزين الرجل صلاته ليراها الرجل ˝
القادح الثاني: السمعة وهي: تحديث الناس بالعبادة ابتغاء إعجابهم، قال صلى الله عليه وسلم: ˝ من رأى راء الله به ومن سمع سمع الله به ˝ أي من سمع في الدنيا أسمع الله عيوبه الناس يوم القيامة.
القادح الثالث: فعل العبادة ابتغاء مصلحة دنيوية: كالذي يدعي التدين ليتزوج من امرأة تقية، أو الذي يطلب العلم ليشتهر به ويحصل المال والجاه: قال تعالى: ˝ إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم ˝، فعن عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ»
أما الاتباع لغة: تقفي الأثر.
و شرعا: موافقة العبادة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم في الأصل والتفاصيل والسبب والعدد والصفة والزمان والمكان والقدر والجنس.
المقصود بالأصل: أن يكون لها دليل من سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
و التفاصيل: أي توافق سنة النبي صلى الله عليه في الجزئيات المضمنة في الأصل.
و السبب: مثل دعاء دخول المسجد فسببه هو دخول المسجد.
و العدد: مثل عدد ركعات الصلاة.
و الصفة: كموافقة هيئة النبي صلى الله عليه والسلام في الصلاة أو في الحج.
و الزمان: كأداء الصلاة في وقتها الذي بينه المصطفى صلى الله عليه وسلم.
و المكان: كأداء ركعتي تحية المسجد في المسجد.
و القدر: كإخراج زكاة المال من القدر الذي بينه المصطفى صلى الله عليه وسلم.
و الجنس: كالتضحية في العيد بجنس الأنعام.
و أما الاستعانة فهي طلب العون من الله، فهي عبادة قلبية لها علاقة بالدعاء، قال تعالى: ˝ وعلى الله فليتوكل المومنون ˝ وقال أيضا: ˝ فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ˝ وقال صلى الله عليه وسلم: ˝فإذا استعنت فاستعن بالله ˝
و لا يجوز أن تطلب في الأصل من غير الله إلا بشروط.
الشرط الأول: أن يعتقد المستعين أن المستعان به أعانه بقدر الله وتوفيقه.
الشرط الثاني أن يكون المستعان به حيا.
الشرط الثالث: أن يكون المستعان به حاضرا.
الشرط الرابع: أن يكون المستعان به قادرا على الإعانة. والدليل على هذه الشروط، قوله تعالى: ˝فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ ˝ سورة القصص – الآية: 15
و المعنى الإجمالي للآية ˝ إياك نعبد وإياك نستعين˝ ألا نتقرب بالعبادة ولا نطلب العون على ذلك وغيره إلا منك سبحانك.
ف˝إِيَّا ˝: ضمير منفصل مبني في محل نصب مفعول به مقدم والأصل في المفعول به أن يؤخر عن الفعل، وتقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر والقصر والاختصاص، أي لا نعبد غيرك ولا نستعين بغيرك، والكاف حرف خطاب يفيد وجوب حضور القلب في الصلاة لأن انتقال الخطاب من الغائب إلى الحاضر يستدعي الانتباه وحضور القلب، ويفيد أيضا قرب الله تعالى من عبده خاصة في الصلاة فمن أسمائه تعالى ˝القريب˝ قال تعالى: ˝ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) ˝ سورة البقرة – الآية: 186وقال عليه الصلاة والسلام: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ»
و من معاني هذه الآية الكريمة: أنه تعالى يعظم عباده الموحدين لأن نون الجمع في فعل المضارع ˝ نَعْبُدُ وَنَسْتَعِينُ ˝ تفيد التعظيم إذا أطلقت على الفرد قال تعالى: ˝ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) ˝ وفيها إشارة إلى أن المؤمنين أمة واحدة متماسكة كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا لدلالة النون على الجماعة، قال تعالى: ˝ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ˝سورة الأنبياء – الآية: 92 وقال أيضا: ˝ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ˝سورة الأنعام - الآية: 159 وقال صلى الله عليه وسلم: ˝ مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ˝ وعَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»
و فيها إشارة إلى أن الأصل في صلاة الرجل الجماعة لدلالة النون عليها قال سبحانه وتعالى: ˝ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ˝ وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «صَلاَةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» وفي رواية: «تَفْضُلُهَا بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»
و قد اختلف العلماء في حكمها بين القول أنها شرط صحة في الصلاة وأنها واجبة وأنها سنة مؤكدة والمشهور من مذهب الإمام مالك أنها سنة مؤكدة والله تعالى أعلم.
و من معانيها أيضا أنه تعالى يحب أن يستمر عباده على الطاعة لأن الفعل المضارع يفيد الاستمرار عكس الفعل الماضي الذي يفيد الانقطاع، قال تعالى: ˝ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ ˝سورة إبراهيم – الآية: 27 وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا، وَإِنْ قَلَّ»
و ينبغي الإشارة إلى تنبيه قارئ هذه الآية من خطإ شائع يحرف معناها ويبطل الصلاة إن كان بتقصير وهو نطق الياء مخففة من غير شدة ˝إيَاك˝ ف ˝الإيَا ˝ هو ضوء الشمس فيصير المعنى ضوء شمسك نعبد ونستعين.
و وجه المناسبة بين هذه الآية والآيات التي قبلها والله تعالى أعلم أن الله تعالى يحاسب الناس يوم القيامة على العبادة لا على الخِلقة والأرزاق والآجال.
الفوائد المستخلصة من الآية:
-أن أعظم أصل في الدين هو التوحيد.
-أن الله تعالى يعظم عباده الموحدين.
- أنه تعالى يحب أن يكون عباده جسدا واحدا كالبنيان المرصوص.
- أن صلاة الرجل مع الجماعة سنة مؤكدة.
- أنه ينبغي للعبد أن يطلب العون من الله على العبادة وغيرها.
- أن الخشوع من واجبات الصلاة.
- أن الله تعالى قريب من عباده المؤمنين.
- أنه تعالى يحب أن يستمر عباده على الطاعة.
˝اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ˝
اعراب الآية:
اهدنا: فعل أمر بمعنى الدعاء مبني على حذف الياء والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت، نا: ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول.
الصراط: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
المستقيم: نعت تابع لصراط في نصبه وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
شرح الآية:
أي وفقنا وأرشدنا برحمتك ومنك وكرمك إلى طريق الجنة الذي لا اعوجاج فيه وهو الإسلام.
اهْدِنَا: دعاء، ويكون الدعاء بصيغة الأمر ممن هو أسفل إلى من هو أعلى،
والهداية تنقسم إلى قسمين هداية توفيق وهداية دعوة وإرشاد.
فهداية التوفيق لا يملكها إلا الله سبحانه وهي في قوله تعالى: ˝ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ˝ وفي قوله تعالى: ˝ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ˝ وفي قوله تعالى: ˝ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ˝
و أما هداية الدعوة والإرشاد فهي: إرشاد الناس إلى الحق والخير وتحذيرهم من الضلال والشر، وقد جعلها سبحانه وتعالى بيد أنبيائه ودعاته، وهي في قوله تعالى: ˝ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ˝ وفي قوله تعالى: ˝ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ ˝
و في هذه الآية الكريمة ˝ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ˝ استحباب أن يكثر المؤمن من الدعاء لنفسه ولأخوانه المسلمين، قال سبحانه: ˝ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ˝ وقال أيضا: ˝ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ˝ وقال تعالى: ˝ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ˝ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ˝ إن الله يحب العبد الملحاح ˝ أي كثير الدعاء وقال أيضا: ˝ لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير ˝
و قد عبر سبحانه وتعالى في هذه الآية على الإسلام بالصراط المستقيم لأنه منهاج حياة متكامل وقويم يدفع الإنسان إلى الخير ويبعده عن الشر ويوصله إلى رضوان ربه وجنته، قال تعالى: ˝ قد جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ˝ وقال تعالى: ˝ إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (9) وأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (10) ˝
الإسلام في اللغة هو الاستسلام.
وفي الشرع هو الانقياد لأمر الله سبحانه وتعالى بالإخلاص والرضى المستحق له سبحانه. فهو مبنيّ على الاستجابة للأمر الإلهي من غير اعتراض ولا تمَنّع. وينقسم إلى قسمين: إسلام عامّ وإسلام خاص. الإسلام العام هو الاستجابة والانقياد لأمر الله تعالى في كل زمان، فهو دين جميع الأنبياء عليهم السلام وأتباعهم. والدليل قوله تعالى على لسان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام: ﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾. وقال تعالى على لسان يوسف عليه السلام: ﴿ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾.
وأما الإسلام الخاص فهو اتّباع شرع محمد - صلى الله عليه وسلم -. فالله عز وجل لا يقبل شرعا ولا دينا بعد بعثته - صلى الله عليه وسلم - إلا دينه - عليه الصلاة والسلام -. قال سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾. وفي الحديث الصحيحالذي رواه الامام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَا يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ، وَمَاتَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ». وقال - صلى الله عليه وسلم -: ˝لو كان أخي موسى حيّا ما وسعه إلا أن يتّبعني˝.
وضد الإسلام الكفر، ويعني في اللغة: التغطية، تُسمّي العرب الزُّرّاع بالكفار لأنهم يغطون الزرع. قال الله تعالى: ﴿ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ﴾، أي الزّراع. وفي الشرع هو رفض الإسلام وله سبعة أصول تَرجع إليها جميع شعب الكفر وصوره.
الأصل الأول: كُفر الشرك، وهو عبادة غير الله معه كدعاء الأموات والذبح لهم وحب شيء مثل حب الله والخوف من شيء مثل خوف الله والرضى بالتحاكم لغير شرع الله إلخ. قال سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾. وقال سبحانه وتعالى في شرك المحبة: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾
وينقسم الشرك إلى شرك أكبر وشرك أصغر. الشرك الأكبر سُمّي بالأكبر لأنه يُخرج من الإسلام، وهو الذي عرّفناه. وأما الشرك الأصغر فهو الذنب الذي سُمّي بالشّرك في الشرع ولا يُخرج من الإسلام، لذا سُمّي بالأصغر، إلا أنه أقبح من كبائر الذنوب، ونذكر بعض أنواعه:
النوع الأول: الحَلِفُ بغير الله، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ˝من حلَف بغير الله فقد أشرك˝
النوع الثاني: الشرك اللفظي، وهو الشرك في اللّفظ دون القصد، كقول الرجل لولا الله والكلب لسُرق البيت، والصحيح أن يقول لولا الله ثم الكلب، لأن الواو تفيد المعية والتسوية وأما ثُمّ فتفيد التراخي، أي الكلب بعد الله. قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ˝لو شاء الله وشئت، فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: أجعلتني لله نِدّا، قل ما شاء الله وحده˝ وفي رواية: ˝قل لو شاء الله ثم محمد˝. وفي حديث آخر: ˝رأى رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه يمشي في طريق من طرق المدينة، فالتقى بنفر من اليهود قال نِعم القوم أنتم اليهود، لولا أنكم تقولون عُزير ابن الله، فقالت اليهود نِعم القوم أنتم المسلمون لولا أنكم تقولون لو شاء الله ومحمد، ثم التقى بنفر من النصارى فقال لهم نِعم القوم أنتم النصارى لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله، فقالت النصارى نِعم القوم أنتم المسلمون لولا أنكم تقولون لو شاء الله ومحمد، فلما أصبح الرجل ذهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال - صلى الله عليه وسلم - اجمَعُوا الناس ثم صعد المنبر وقال يأيها الناس لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ، وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ ˝
النوع الثالث: الرياء، وهو إظهار العبادة للناس ابتغاء ثنائهم وإعجابهم. قال - صلى الله عليه وسلم -: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟» قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، فَقَالَ: «الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ، لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ»
النوع الرابع: السمعة، وهي إخبار الناس بالعبادة ابتغاء ثنائهم وإعجابهم، وهي داخلة في الشرك الخفي.
النوع الخامس: التّطيّر، وهو التشاؤم بأشياء معينة كالرجل الأسود أو الهِرّ الأسود. وسُمّي بالتطير لأن العرب في الجاهلية كانوا إذا همّوا بالخروج إلى سفر أطلقوا طائرا، فإن طار يمينا تفاءلوا وسافروا وإن طار شمالا تشاءموا ورجعوا. قال - صلى الله عليه وسلم -: ˝الطِّيَرة شرك˝. وأما التفاؤل بالخير فلا بأس به، كالتفاؤل بالأذان أو سماع القرآن أو رؤية رجل صالح، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُعجبه الفأل الحسن.
الأصل الثاني: كُفر الجحود والعناد، وهو التكذيب بالإسلام رُغم العلم بصِدقه ككفر آل فرعون، قال سبحانه وتعالى في حقهم: ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ﴾، أي كفروا بلا إله إلاّ الله رُغم علمهم بصدقها.
الأصل الثالث: كفر التكذيب، وهو الكفر بالإسلام جهلا بصِدقه، قال سبحانه وتعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ﴾
الأصل الرابع: كفر الإيباء والاستكبار، وهو الكفر بالإسلام بسبب احتقار أهله ككفر إبليس، قال سبحانه: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ ﴾
الأصل الخامس: كفر الشك، وهو التردد في صدق الإسلام، قال سبحانه: ﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾
الأصل السادس: كفر الإعراض، وهو إهمال الإسلام وترك تعلّمه والعمل به، قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ﴾. وقال تعالى أيضا: ﴿ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً ﴾
الأصل السابع: كفر النفاق، وهو إبطان الكفر وإظهار الإسلام، قال سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾. وقال تعالى أيضا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ المُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً ﴾
وينقسم الكفر إلى كفر أكبر وكفر أصغر، الكفر الأكبر هو الذي بيّنّا أصوله وأما الكفر الأصغر فهو الذنب الذي سُمّي في الشرع بالكفر ولا يُخرج من الإسلام، لذلك سُمّي بالأصغر كقتال المؤمن، قال - صلى الله عليه وسلم -: ˝سِباب المؤمن فسوق وقتاله كفر˝ والدليل الذي صَرَف الكفر في الحديث من الكفر الأكبر إلى الكفر الأصغر قوله تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾. قال الحافظ بن كثير فقد أثبت سبحانه وتعالى الإيمان لِكلا الطائفتين رُغم اقتتالهم.
وموانع اتباع الكفار للإسلام ستة:
المانع الأول: التعصب لما كان عليه الآباء والأجداد، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ ﴾سورة البقرة – الآية: 170
المانع الثاني: اتباع الهوى، وهو شهوة النفس، قال سبحانه: ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ﴾سورة ص – الآية: 26
المانع الثالث: الكِبْر، وهو احتقار الناس والتعالي عليهم، فهو السبب الذي منع إبليس من الإسلام. قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾.سورة البقرة – الآية: 35
المانع الرابع: الخوف من زوال مصلحة دُنيوية كالملك أو المال أو الجاه، قال سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَة ﴾سورة التغابن الآية: 15.وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ المَرْءِ عَلَى المَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ» أي الحرص على المال والجاه يُفسد الدِّين كما يفسد الذنبان الجائعان الغنم. وقد كان الحرص على المُلك سببا في ارتداد هِرقل ملك الروم بعدما آمن.
المانع الخامس: الحسد، وهو تمنِّي زوال النعمة عن الغير، فهو من أسباب كُفر اليهود لأنهم حسدوا العرب على (النبي صلى الله عليه وسلم) وعلى القرآن. قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ﴾ سورة البقرة – الآية: 109.
المانع السادس: الجهل، وهو هنا عدم معرفة الإسلام، قال تعالى: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ ﴾. سورة التوبة – الآية: 6
و وجه المناسبة والله تعالى أعلم بين هذه الآية والآية التي قبلها أنه تعالى:
- لا يقبل عبادة من أحد حتى يكون مسلما، قال تعالى: ˝وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) ˝ سورة آل عمران – الآية: 85
- أن من آداب الدعاء أن يبدأ بالثناء على الله لأن الآيات التي قبل هذه الآية ثناء عليه سبحانه.

الفوائد المستخلصة من الآية:
- أن التوفيق إلى الحق بيد الله سبحانه وتعالى.
-استحباب أن يدعو المؤمن لنفسه وإخوانه.
- أن الله تعالى لا يقبل دينا غير الإسلام بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم.
- أن الإسلام هو منهاج الحياة القويم والمتكامل الذي يدفع البشرية إلى السعادة ويبعدها عن الشقاوة في الدنيا والآخرة.
˝صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ˝
إعراب الآية:
صراط: بدل تابع للمبدل منه في نصبه وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره وهو مضاف.
الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه.
أنعمت: فعل ماض مبني على السكون والتاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
عليهم: على: حرف جر، هم: ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر اسم مجرور، وجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
شرح الآية:
أي دين ومنهاج الذين أنعم الله عليهم بالمنهاج القويم والدين الحق والسعادة الدنيوية والجنة والنظر إلى وجه الله في الآخرة من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
قال تعالى: ˝وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70)˝سورة النساء – الآيات: 69-70
والنبي هو الرجل الإنسي العاقل المعصوم من الكفر والكبائر والرذائل والمكلف بتبليغ رسالة ربه،فكل رسول نبي وليس كل نبي رسول والفرق بينهما على أرجح أقوال أهل العلم،
الرسول هو: الذي أوحي إليه بشرع جديد غالبا ويبعث إلى قوم مشركين،وقلنا غالبا ليخرج من القاعدة سيدنا إسماعيل عليه السلام فهو رسول نبي أبقاه الله على شرع أبيه ابراهيم عليه السلام،وأما النبي فهو: الذي أوحي إليه بإحياء شرع من قبله غالبا ويبعث إلى قوم مؤمنين وقلنا غالبا لأنه يستثنى من القاعدة آدم عليه السلام فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه نبي ولا شك أن لا شرع قبله لكونه أبو البشر وقد أخطأ من عرف النبي بالذي أوحي إليه بالرسالة ولم يؤمر بالتبليغ والرسول أمر بالتبليغ لأن هذا يتنافى مع الحكمة الإلهية المطلقة ويتعارض مع قوله تعالى : ˝ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ˝سورة آل عمران – الآية: 187
فأما الصديق فهو المبالغ في الإخلاص لربه والصدق في دينه كسيدنا أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه قال تعالى: ˝ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ˝ سورة الحديد – الآية: 19
و أما الشهيد فهو الذي قتل في جهاد مشروع لتكون كلمة الله هي العليا، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» (لو يشار لمن له حكم الشهيد كقوله صلى الله عليه وسلم قال: «المبطون شهيد، والمطعون شهيد» صحيح البخاري (7/ 131))
و أما الصالح هو الذي يصلح حياته وآخرته بامتثال أوامر ربه واجتناب نواهيه قال تعالى: ˝ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ˝ سورة الأعراف – الآية: 170
و وجه المناسبة بين هاته الآية والله تعالى أعلم والآية التي قبلها، أن الإسلام هو الدين الحق والمنهاج القويم الذي ينعم أتباعه بالسعادة الدنيوية والأخروية، قال تعالى: ˝ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ˝. سورة القلم – الآيات: 35-36
الفوائد المستخلصة من الآية:
- أن الإسلام هو دين جميع الأنبياء والصالحين في كل مكان وزمان.
- أن الإسلام هو أقوم منهاج حياة يكفل للإنسان السعادة الدنيوية والأخروية.
- أن أعظم نعمة هي الهداية إلى العمل بالإسلام لأن الإنسان يعيش بها كريما سعيدا وينال بها السعادة الأبدية وهي الجنة،
- أن من صفاته سبحانه وتعالى ˝ الإنعام˝ وليس من أسمائه المنعم، لأن اسم الله يشتق من الاسم لا الفعل قال تعالى: ˝ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ˝ سورة النحل – الآية: 53
˝غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ˝
إعراب الآية:
غير: بدل تابع للمبدل منه في جره المضمر في عليهم وقيل المضمر في الذين أو نعت تابع له في جره وهو مضاف.
المغضوب: مضاف إليه
عليهم: جار ومجرور متعلق بالمغضوب
و: الواو للعطف
لا: زائدة لتأكيد والتنبيه.
وقد قرئت الراء بالفتح ˝ غَيْرَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ˝ (وهي قراءة شاذة): أي لا تجعلنا على دين ومنهاج الذين غضب الله عليهم بسبب تركهم العمل بالعلم كإبليس واليهود ومن كان على شاكلتهم ولا الذين انحرفوا عن الصراط المستقيم بسبب جهلهم بالدين كرهبان النصارى وغلاة الخوارج والتصوف ومن كان على شاكلتهم، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِمُ الْيَهُودُ، وإنَّ الضَّالِّينَ النَّصَارَى»
و ينقسم العمل بالعلم إلى كفر ومعصية ومكروه ومباح.
فالكفر: كترك اعتقاد أصول الإيمان والعمل بالتوحيد
و أما المعصية كشرب الخمر مع العلم أنها حرام
و أما المكروه: كترك المستحبات.
و أماالمباح: كترك العمل بسنن العادات مثل طريقة مشيته صلى الله عليه وسلم وما يحبه من المأكولات.
و الكفر والمعصية يوجبان غضبه سبحانه قال تعالى: ˝وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ˝سورة البقرة الآية: 61
وقال أيضا: ˝ بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ ˝سورة البقرة – الآية: 90
و ينقسم الضلال إلى كفر وبدعة:
فالكفر هو الذي دل الدليل على أنه يخرج من الإسلام كاعتقاد إيمان وصلاح إبليس قال تعالى: ˝ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ ˝سورة آل عمران – الآية: 90
و أما البدعة في هذا السياق: فهي التقرب بعبادة إلى الله لم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كالذكر بالشطحات والرقصات الطرقية، قال تعالى: ˝ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ˝سورة النساء – الآية: 115 وقد دلت هذه الآية ˝غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ˝ على صفة فعلية من صفاته تعالى وهي الغضب، فهو تعالى يغضب غضبا يليق به لا كغضب الخلق،
والصفات الفعلية تابعة لمشيئته سبحانه وتعالى فهو يغضب متى شاء على من شاء بعدل مطلق وحكمة بالغة وإرادة نافذة.

و وجه المناسبة والله تعالى أعلم بين هاته الآية والآية التي قبلها:
أصل الولاء والبراء، فالولاء حب الله تعالى وحب جميع محبوباته وهو مضمن في قوله تعالى: ˝اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (5) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ˝
و البراء هو بغض جميع مبغوضاته تعالى وهو مضمن في قوله تعالى: ˝غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ˝
قال تعالى: ˝ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ˝سورة الممتحنة – الآية: 4و قال أيضا: ˝و إذ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) ˝ سورة الزخرف - الآيات: 26-27
الفوائد المستخلصة من الآية:
-أن من صفاته تعالى الفعلية الغضب.
- أن الله تعالى يغضب على من ترك العمل مع علمه به.
- لزوم وصف الضلال لكل جاهل بالإسلام.
- أن المغضوب عليهم والضالين في النار عكس المنعم عليهم.
- أن العالم التارك للعمل أشر من الجاهل لأنه تعالى قدم المغضوب عليهم على الضالين.
- أن من أراد أن يرض ربه عنه ويكون على صراطه المستقيم فعليه الجمع بين العلم والعمل.
آمين:
اتفق المفسرون أنها ليست من الفاتحة إنما هي جواب على الدعاء المضمن في الفاتحة ومعناها: ˝ اللهم استجب ˝
و حكمها: تجب على المأموم إن أمن الإمام لقول النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ˝ إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ، فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ˝
و أما إذا لم يؤمن الإمام فلا يجوز للمأموم أن يؤمن فعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ˝ إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، ˝
و وقت تأمين المأموم بعيدة تأمين الإمام والدليل أنه صلى الله عليه وسلم قال: ˝ إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ، فَأَمِّنُوا ˝
و محل الشاهد أن أمن فعل ماض يفيد الانقطاع وقيل يؤمن مع الامام والراجح القول الأول.
و يستحب التأمين للمنفرد والامام، وفي الصلاة السرية للمأموم، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يؤمن في هذه الحالات، ويجهر بالتأمين في الصلاة الجهرية فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: تَرَكَ النَّاسُ التَّأْمِينَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ: ˝ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، قَالَ: «آمِينَ» حَتَّى يَسْمَعَهَا أَهْلُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، فَيَرْتَجُّ بِهَا الْمَسْجِدُ ˝
و يستحب أيضا أن يُمد بها الصوت فعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فَقَالَ: ˝ آمِينَ ˝ يَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ˝
و نقول في النهاية أن سورة الفاتحة بحر شاسع من العلم والحكم والمواعظ البليغة مهما درسنا وتحرينا وجمعنا وكتبنا فلن نصل إلى ساحله وأملنا في الله أن يتقبل منا ما كتبناه ويحفظه بما حفظ الذكر الحكيم ويكتب له الانتشار والقبول بين الناس ويجعله هاديا إلى الصراط المستقيم والمنهاج السليم ورضوان الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
تم بحمد الله يوم الأحد 18رمضان 1436 بمدينة مراكش الحمراء. على الساعة السابعة مساء
و الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.

مَتْنُ طَاِلبِ التَّفْسِيرِ

تأليف
أبي الحسن هشام المحجوبي
و
أبي مريم عبد الكريم صكاري

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحمدُ لِلهِ مُبَيِّنِ القرآنِ بسنة خيرِ الآنامِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ وعلى آل بيتهِ وصحابتهِ الكرامِ.
عِلْم أُصولِ التفسيرِ
اِعلمْ وفقكَ اللهُ أنَّ أُصولَ التَّفسيرِ عِلمٌ يبحثُ في الأصولِ والقواعدِ والمناهجِ الشرعيةِ التي توصلُ المفسِّرَ إلى المعنى الصحيحِ لكتابِ اللهِ، وأولُ من ألفَ فيهِ الإمامُ أبو جعفرَ مُحمدٌ اِبنُ جريرٍ الطبريُّ في مقدمةِ تفسيرهِ ˝جَامِعُ البَيَانِ فِي تَفْسِيرِ القُرْآنِ ˝ وحُكمهُ فرضُ كِفايةٍ، وأمَّا ثَمرتُهُ فهي صَوْنُ الفهمِ عنِ الخَطإِ في تأويلِ كتابِ اللهِ.
وَ يشتمِلُ هذا العلمُ على عدَّةِ مباحثَ.
المبحثُ الأولُ: معرفةُ المنهجيةِ الصَّحيحةِ للتفسيرِ.
فالتفسيرُ هو: الكَشفُ عن معاني القرآنِ.
و منهجيَّتُهُ الصَّحِيحةُ هي: تَفسيرُ القرآنِ بالقرآنِ وتفسيرُ القرآنِ بالسنَّةِ النَّبَوِيَّةِ وتفسيرُ القرآنِ بأقوالِ الصَّحابةِ وتفسيرُ القرآنِ بأقوالِ التابعينَ وتفسيرُ القرآنِ باللغةِ العربيةِ.
المبحثُ الثَّانِي: مَعرفةُ الدَّلاَلاَتِ اللغويةِ الَّتِي يحتاجُ إِليهَا المُفسرُ.
كالخبرِ والإنشاءِ والمشتركِ المعنوي والمترادفِ.
فالخبرُ: هوَ كلُّ قولٍ يحتملُ الصِّدقَ والكذبَ ؛ كقولِكَ: ˝خليلٌ يقرأُ القرآنَ˝.و أمَّا الإنشاءُ فهوَ مَا لاَ يحتمِلُ الصدقَو لا الكذِبَ ويتضمَّنُ كلاً منَ الأمرِ والنَّهيِ والدُّعاءِ والإلْتِمَاسِ والإستفهامِ والتمنِّي و الرجاءِ والعرْضِ والتَّحْضِيضِ والقسمِ والذَّمِّ والمدحِ وصيغِ البيعِ.فالأمرُ: هو طلبُ الفعلِ مِمَّنْ هوَ أَعلى إلى مَنْ هوَ أَدْنى على سبيلِ الوجوبِ حتَّى تصرفَهُ قرينَةٌ إلى النَّدبِ أو الإباحَةِ، ويكونُ بصيغةِ إفعلْ أو مُضَمَّنا في الخبرِ.و أمَّا النَّهْيُ: فهو طلبُ تركِ الفعلِ مِمَّنْ هو أعلى لِمَنْ هوَ أدْنَى على سبيلِ المنْعِحتَّى تَصْرِفَهُ قرينَةٌ إلى الكَراهةِ، ويكونُ على صِيغَةِ لا تفعلْ أو مضمنا في الخبر.
و أما الدُّعاءُ: فهو طلبٌ مِمَّنْ هو أدْنَى إلى مَنْ هو أَعْلى.و أمَّا الإلْتِمَاسُ: فَهُوَ طلبٌ مِنْ مُساوٍ.و أَمَّا الإسْتِفْهامُ: فهوَ تَوْجيهُ السُّؤالِ.و أمَّا التَّمَنِّي: فهو الرَّغْبَةُ في شَيْءٍ بعيدِ المنالِ.
و أمَّا الرَّجَاءُ: فهوَ الرغبة في شيء قريبِ المنالِ.و أما العرْضُ: فهو طَلَبُ الشَّيْءِ برفْقٍ ولِينٍ.و أما التَّحْضيضُ: فهو طلب الشيء بشدةٍ.و أما القَسَمُ: فهو الحلفُ.و أما الذَّمُّ: فهو ذِكْرُ المَعَايِبِ .و أما المدحُ: فهو ذكر المحاسنِ.و أما صِيَغُ البيعِ: كقولك بِعتُكَ كذا بكذا.
النوع السادس: إطلاقُ الكُلِّ على الجُزءِ ؛
كقَول الله تَعَالَى في الحديثِ القدسي: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ ˝
النوع السابع: إطلاق المُسَبَّبِ على السَّبَبِ ؛ كقوله تعالى: ˝وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا ˝
النوع الثامن: إطلاق السبب على المسبب ؛ كقوله تعالى: ˝أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ˝
و أما المُشْتَرَكُ: فهو اللَّفْظُ الواحدُ الَّذي يتضمَّنُ عِدَّةَ مَعَانِيَ مُخْتَلِفَةً مثل كلمةِ ˝اشْتَرَى ˝
وينقسمُ إلى مشتركٍ حرفيٍ ومشتركٍ اسميٍ ومشتركٍ فِعليٍ.
و أما المُترادِفُ فهو اللألْفَاظ المُخْتلِفةُ في البناءِ والمُتَّفِقةِ في المعنى كالعلْمِ والمعْرِفةِ.
المبحث الثالث: معرفةُ دَلَالَاتِ التفسيرِ
تنقسمُ دلالاتُ التَّفْسيرِ إلى دلالاتٍ يُحتَجُّ بها وإلى دلالات لا يُحتَجُّبها.
الدلالات التي يحتج بها هي: المُحْكَمُ، والظَّاهِرُ، والمُبَيَّنُ، والمَنْطوقُ، ومَفْهومُ المُوافقةِ، ومفهومُ المخالفةِ، ودلالةُ السِّيَّاقِ، ودلالةُ الإشارةِ، ودلالةُ الاِقْتِضاءِ، ودلالةُ الإيماءِ.
فالمُحْكَمُ هُوَ: النَّصُّ الواضحُ، بحيثُ لا يَحتاجُ إلى نصٍ آخرَ لِبيانِ معناهُ وأما الظَّاهر فهو: الدَّلالةُ الشَّرْعِيَّةُ المُتَضَمِّنَةُ لِمعنى راجحٍ.
وأما المُبَيَّنُ فهو: الدَّلَالَةُ الشَّرْعيةُ المُفَسِّرَةُ لِلْمُتَشَابِهِ.
و أما المَنْطُوقُ فهو: دَلَالَةُ الَّلفْظِ الظَّاهِرَةِ. وأما مفهوم المُوَافَقَةِ فهو: المعنى المَسْكُوتُ عَنْهُ المُوَافِقِ لِلْمَنْطُوقِ.
و أما مفهوم المُخَالَفَةِ فهو: المعنى المَسْكُوتُ عنه المُخَالِفِ لِلْمَنْطُوقِ.و أما دَلَالَةُ السِّيَّاقِ فهي: المعنى الذي قَبْلَ الكَلَامِ وبَعْدَهُ، ويسمى الذي قَبْلَ الْكَلَامِ بالسِّبَاقِ والَّذي بعدهُ بالِّلحاقِ.
و أما دلالة الإشارةِ فهي: المعنى التَّابِعُ لِلْمَقْصُودِ مِنَ النَّصِّ.
و أما دلالة الاقْتِضَاءِ فهيَ: الَّلفْظُ المُقَدَّرُ الَّذِي لَوْلَاهُ لَمَا اسْتَقَامَ معنى النَّصِّ.و أما دلالة الايماءِ فهي: الوَصْفُ الذي لولاه لَمَا كان للدليل معنى.
و أما الدلالات التي لا يُحْتَجُّ بها فهي: المُتَشَابِهُ، والمُؤَوَّلُ.
فالمُتَشَابِهُ هُوَ: النَّصُّ الَّذِي خَفِيَ مَعْنَاهُ بِحَيْثُ يَحْتَاجُ إلى نَصٍّ آخَرَ لِبَيَانِهِ أو يَحْتَمِلُ عِدَّةَ أَوْجُهٍ، ومَنْهَجُ أَهْلِ الحَقِّ تَفْسِيرُهُ بِالمُحْكَمِ.
و أما المُؤَوَّلُ فهو: الدَّلَالَةُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي تَحْتَمِلُ مَعْنًى مَرْجُوحاً.
المبحث الرابع: مَعْرِفَةُ الإِسْرائيلِياتُ في التَّفْسِيرِ.
فالإسرائيلياتُ هي: قَصَصُ بَنِي إسرائيلَ وتنقسم إلى ثلاثة أنواعٍ.
النوع الأول: إسرائيلياتٌ جاءَ بها القرآنُ والسنَّةُ فهذه حجةٌ في التفسيرِ.
النوع الثاني: إسرائيليات جاءتْ في كتب بني إسرائيلَ ووَافَقَتْ شرعنا فهذه لا تُصدَّقُ ولا تُكذَّبُ، ويُستأنسُ بها في التفسيرِ.
النوع الثالث: إسرائيليات جاءت في كتب بني إسرائيل وخالفت شرعنا، فهذه تُرد باتِّفاقِ المُفَسِّرِينَ
المبحث الخامس: معرفة العَامِّ والخاصِّ، والمُطْلَقِ والمُقَيَّدِ
فالعامُّ هو: اللفظ المُسْتَغْرِقُ الشَّامِلُ كقوله تعالى: ˝ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ˝ و صيغُ العمومِ في اللغة كثيرة كلفظ ˝ كلٍّ˝، و˝ال˝ للجنس والاستغراقِ، و˝النَّكِرةُ˝ في سياق النفيِ أوِ النهيِ أو الشرطِ أو الاستفهامِ، و˝متى˝ في عموم الزمان، و˝أينما˝ في عموم المكان،و ˝مَنْ˝ للعاقل و، ˝ما˝ لغير العاقل، والمفرد المضاف.و أما الخَاصُّ فهو: اللفظُ المُسْتَثْنِي لبعض أفرادِ العمومِ كقوله تعالى: ˝ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ ˝ .
و ينقسم التَّخْصِيصُ إلى تخْصيصٍ بالعقل، وتخصيصٍ بالحسِّ، و تخصيصٍ بالعرف وتخصيصٍ بالوصف، وتخصيصٍ بالنَّصِّ
و أما المُطْلَقُ فهو: ما دَلَّ على ذاتٍ غيرَ مُقَيَّدَةٍ بوصف، كقوله تعالى في كفارة اليمين: ˝ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ˝
و أما المُقَيَّدُ فهو: الوصف الذي يُقَيِّدُ مُطْلَقَ الذَّاتِ كقوله تعالى في كفارة القتل الخطإ: ˝ وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ˝ .و يُحمل المُطْلَقُ على المُقَيَّدِ إن اتفقا في السببِ والحُكْمِ أو اتفقا في الحُكْمِ واختلفا في السبب.
المبحثُ السادسِ: مَعْرِفَةُ النَّاسِخِ وَالمَنْسُوخُ.
النَّسْخُ هو: تَعْويضُ لَفْظٍ أو حُكْمٍ شَرْعِيٍ سَابِقٍ بدليلٍ شرعيٍ لاحقٍ،و ينقسم إلى أربعة أقسام: نسخُ القرآنِ للقرآنِ، ونسخُ السنةِ للقرآنِ،و نسخُ القرآنِ للسنةِ، ونسخُ السنةِ للسنةِ.
وينقسم النسخ في القرآن إلى ثلاثة أقسامٍ:
القسم الأول: ما نُسِخَ رَسْمُهُ وحُكْمُهُ.
القسم الثاني: ما نُسِخَ حُكْمُهُ وبَقِيَ رَسْمُهُ.
القسم الثالثِ: ما نُسِخَ رَسْمُهُ وبَقِيَ حُكْمُهُ.
المبحث السابع: مَعْرِفَةُ القُرْآنِ المَكِيِّ والمَدَنِيِّ.
فالقرآنُ المكيُّ هو: الذي نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرةِ ويعرفُ بإخبارِ الصَّحابي ونبذِ الشِّرْكِ، وتأصيلِ العقيدةِ، وبلفظ ˝يَا أَيُّهَا النَّاس˝، وذكر قَصَصِ الأمم السَّابِقَة وقوَّة الخطابِ.و أما القرآنُ المَدَنِيُّ فهو: الذي نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهِجرةِ ويعرف بإخبار الصحابي، وبذكر الأحكام الفقهية، وبفضح المنافقينَ، وذكر بعض الغزوات، وانتقال الخطاب إلى أهل الكتاب، ولفظ ˝ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ˝.و الفائدة من معرفة المكيِّ والمدنيِّ هي: تعميقُ الفهمِ لكتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ ومعرفةِ الناسخِ والمنسوخِ
المبحث الثامن: مَعْرِفَةُ أَسْبَابِ النُّزولِ.
فأسباب النزولِ هي: الأسئلةُ والحوادثُ التي كانت سبَباً في نزول القرآن زمن النبوَّةِ .
فقد يتعدَّدُ النَّازِلُ والسَّبَبُ واحدٌ، وقد تتعدد الأسباب والنازل واحد.و فائدة معرفتِها الوصول إلى المعنى الصحيح للقرآن الكريم، والسَّعة في الإطلاع على معانيه.
المبحث التاسع: مَعْرِفَةُ اخْتِلافِ التَّنَوُّعِ واختلافِ التَّضَادِ.
فاختلاف التَّنَوُّعِ هو: اتفاق المفسرينَ على معنى الآية مع اختلافِهم في التعبيرِ، أو تفسيرِهم للآية بمعاني مختلفة يسوغ الجمع بينهما.
و أما اختلافُ التَّضادِ فهو: تفسير الآيةِ بمعنيين أحدُهما راجحٌ والآخر مرجوحٌ.
المبحث العاشر: معرفة شروطِ المفسرِ.
شروطِ المفسرِ ثمانيةٌ:
الشرطُ الأولُ: التَّقْوَى والسَّمْتُ الحسن عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: «إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ»
الشرط الثاني: سلامة العقل والنَّفس من الأمراض.
الشرط الثالث: أن يكون مُلِمًّا بعلوم الآلة كاللغة وأصول الفقه ومصطلح الحديث.
الشرط الرابع: أن يكون مُلِمًّا بأصول العقيدة الصحيحة.
الشرط الخامس: أن يكون مُطَّلِعاً على كتب الحديث كالصحيحين، والسنن الأربعة، وموطأ الإمام مالك، ومسند الإمام أحمد.
الشرط السادس: أن يكون له علم بفقه المذاهب الأربعة
الشرط السابع: أن يكون له علم بالتاريخ والسِّيَّر والمغازي.
الشرط الثامن: أن يكون له اطلاع واسع على تفاسير المتقدمين والمتأخرين.
تم بحمد الله

قائمة المصادر والمراجع
- كتاب رب العالمين: القرآن الكريم
- الكتاب: تفسير القرآن العظيم (ابن كثير)
المؤلف: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)
المحقق: محمد حسين شمس الدين
الناشر: دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت
الطبعة: الأولى - 1419 هـ
- الكتاب: تفسير الجلالين
المؤلف: جلال الدين محمد بن أحمد المحلي (المتوفى: 864هـ) وجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (المتوفى: 911هـ)
الناشر: دار الحديث - القاهرة
الطبعة: الأولى
عدد الأجزاء: 1
- الكتاب: فتح القدير
المؤلف: محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني (المتوفى: 1250هـ)
الناشر: دار ابن كثير، دار الكلم الطيب - دمشق، بيروت
الطبعة: الأولى - 1414 هـ
- الكتاب: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان
المؤلف: عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (المتوفى: 1376هـ)
المحقق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق
الناشر: مؤسسة الرسالة
الطبعة: الأولى 1420هـ -2000 م
عدد الأجزاء: 1
- الكتاب: التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»
المؤلف: محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى: 1393هـ)
الناشر: الدار التونسية للنشر - تونس
سنة النشر: 1984 هـ
عدد الأجزاء: 30 (والجزء رقم 8 في قسمين)
- الكتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
المؤلف: جابر بن موسى بن عبدالقادر بن جابر أبوبكرالجزائري
الناشر: مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية
الطبعة: الخامسة، 1424هـ/2003م
عدد الأجزاء: 5
- الكتاب: التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج
المؤلف: دوهبة بن مصطفى الزحيلي
الناشر: دار الفكر المعاصر - دمشق
الطبعة: الثانية، 1418 هـ
عدد الأجزاء: 30
- الكتاب: جامع البيان في تأويل القرآن
المؤلف: محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبوجعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)
المحقق: أحمد محمد شاكر
الناشر: مؤسسة الرسالة
الطبعة: الأولى، 1420 هـ - 2000 م
عدد الأجزاء: 24
- الكتاب: التيسير في القراءات السبع
المؤلف: عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر أبوعمر والداني (المتوفى: 444هـ ) المحقق: اوتوتريزل
الناشر: دارالكتاب العربي - بيروت
الطبعة: الثانية، 1404هـ/ 1984م
عدد الأجزاء: 1
- الكتاب: أسباب نزول القرآن
المؤلف: أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي (المتوفى: 468هـ)
المحقق: عصام بن عبدالمحسن الحميدان
قال المحقق: قمت بتوفيق الله وحده بتخريج أحاديث الكتاب تخريجا مستوفى على ما ذكر العلماء أو ما توصلت إليه من خلال نقد تلك الأسانيد
الناشر: دار الإصلاح - الدمام
الطبعة: الثانية، 1412 هـ - 1992 م
- الكتاب: متن الشاطبية = حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع
المؤلف: القاسم بن فيره بن خلف بن أحمد الرعيني، أبو محمد الشاطبي (المتوفى: 590هـ)
المحقق: محمد تميم الزعبي
الناشر: مكتبة دار الهدى ودار الغوثاني للدراسات القرآنية
الطبعة: الرابعة، 1426 هـ - 2005 م
عددالأجزاء: 1
- الكتاب: مناهل العرفان في علوم القرآن
المؤلف: محمد عبدالعظيم الزُّرْقاني (المتوفى: 1367هـ)
الناشر: مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه
الطبعة: الطبعة الثالثة
عدد الأجزاء: 2
- الكتاب: الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير
المؤلف: محمد بن محمد بن سويلم أبوشُهبة المتوفى: 1403هـ))
الناشر: مكتبة السنة
الطبعة: الرابعة
عدد الأجزاء: 1
- الكتاب: أصول في التفسير
المؤلف: محمد بن صالح بن محمد العثيمين(المتوفى: 1421هـ)
أشرف على تحقيقه: قسم التحقيق بالمكتبة الإسلامية
الناشر: المكتبة الإسلامية
الطبعة: الأولى، 1422 هـ - 2001 م
عدد الأجزاء: 1
- الكتاب: القاضي عياض ومفهومه للإعجاز القرآني
المؤلف: أحمد جمال العمري
الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
الطبعة: السنة العاشرة – العدد الثاني - 1397هـ - 1977 م
عدد الأجزاء: 1
- الكتاب: الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري
المؤلف: محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي
المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر
الناشر: دار طوق النجاة
الطبعة: الأولى، 1422هـ
عدد الأجزاء: 9
الكتاب: المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
المؤلف: مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى: 261هـ)
المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي
الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت
عدد الأجزاء: 5
- الكتاب: سنن أبي داود
المؤلف: أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السِّجِسْتاني (المتوفى: 275هـ)
المحقق: محمد محيي الدين عبد الحميد
الناشر: المكتبة العصرية، صيدا - بيروت
عدد الأجزاء: 4
- الكتاب: سنن الترمذي
المؤلف: محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك، الترمذي، أبو عيسى (المتوفى: 279هـ)
تحقيق وتعليق:
أحمد محمد شاكر (جـ 1، 2)
ومحمد فؤاد عبد الباقي (جـ 3)
وإبراهيم عطوة عوض المدرس في الأزهر الشريف (جـ 4، 5)
الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي - مصر
الطبعة: الثانية، 1395 هـ - 1975 م
عدد الأجزاء: 5 أجزاء
- الكتاب: المجتبى من السنن = السنن الصغرى للنسائي
المؤلف: أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الخراساني، النسائي (المتوفى: 303هـ)
تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة
الناشر: مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب
الطبعة: الثانية، 1406 - 1986
عدد الأجزاء: 8
- الكتاب: سنن ابن ماجه
المؤلف: ابن ماجة أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، وماجة اسم أبيه يزيد (المتوفى: 273هـ)
تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي
الناشر: دار إحياء الكتب العربية - فيصل عيسى البابي الحلبي
عدد الأجزاء: 2
- الكتاب: الموطأ
المؤلف: مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني (المتوفى: 179هـ)
المحقق: محمد مصطفى الأعظمي
الناشر: مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية - أبو ظبي - الإمارات
الطبعة: الأولى، 1425 هـ - 2004 م
عدد الأجزاء: 8 (منهم مجلد للمقدمة، و3 للفهارس)
- الكتاب: مسند ابن أبي شيبة
المؤلف: أبو بكر بن أبي شيبة، عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن خواستي العبسي (المتوفى: 235هـ)
المحقق: عادل بن يوسف العزازي وأحمد بن فريد المزيدي
الناشر: دار الوطن - الرياض
الطبعة: الأولى، 1997م
عدد الأجزاء: 2
- الكتاب: مسند الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ)
المحقق: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون
إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي
الناشر: مؤسسة الرسالة
الطبعة: الأولى، 1421 هـ - 2001 م
- الكتاب: صحيحُ ابن خُزَيمة
المؤلف: أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النيسابوري (المتوفى: 311هـ)
حَققهُ وعَلّق عَلَيه وَخَرّجَ أحَاديثه وَقدَّم له: الدكتور محمد مصطفى الأعظمي
الناشر: المكتب الإسلامي
الطبعة: الثالثة، 1424 هـ - 2003 م
عدد الأجزاء: 2
- الكتاب: المعجم الكبير
المؤلف: سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، أبو القاسم الطبراني (المتوفى: 360هـ)
المحقق: حمدي بن عبد المجيد السلفي
دار النشر: مكتبة ابن تيمية - القاهرة
الطبعة: الثانية
عدد الأجزاء: 25
- الكتاب: صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان
المؤلف: محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التميمي، أبو حاتم، الدارمي، البُستي (المتوفى: 354هـ)
المحقق: شعيب الأرنؤوط
الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت
الطبعة: الثانية، 1414 - 1993
عدد الأجزاء: 18 (17 جزء ومجلد فهارس)
- الكتاب: المستدرك على الصحيحين
المؤلف: أبو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نُعيم بن الحكم الضبيالطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع (المتوفى: 405هـ)
تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا
الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت
الطبعة: الأولى، 1411 - 1990
عدد الأجزاء: 4
- الكتاب: العبودية
المؤلف: تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (المتوفى: 728هـ)
المحقق: محمد زهير الشاويش
الناشر: المكتب الإسلامي - بيروت
الطبعة: الطبعة السابعة المجددة 1426هـ - 2005م
(هذه الرسالة مطبوعة أيضًا ضمن ˝مجموع الفتاوى˝ 10/149، وفي ˝الفتاوى الكبرى˝ 5/155)
- الكتاب: متن القصيدة النونية
المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)
الناشر: مكتبة ابن تيمية، القاهرة
الطبعة: الثانية، 1417هـ
عدد الأجزاء: 1

الفهرس

المقدمة 3
تفسير الاستعاذة: 7
تفسير البسملة 10
مَتْنُ طَاِلبِ التَّفْسِيرِ 47
قائمة المصادر والمراجع 54
الفهرس 63 . ❝

⏤ بستان علم النبوءة

هدية إلى الأحباب , في تفسير أم الكتاب , ويليه , متن طالب التفسير , تأليف , أبي الحسن هشام , المحجوبي وأبي مريم , عبدالكريم صكاري , طبعة منقحة ومخرجة الأحاديث , المقدمة , إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين , & , quot , يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ , & , quot , & , quot , يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا , & , quot , & , quot , يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا , يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا , & , quot , وبعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أجارنا الله جميعا من النار , إن الله تعالى خلق الجن والإنس وأمرهم بعبادته فقال عزَّ من قائل , & , quot , وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ , مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ , & , quot , وبين سبحانه وتعالى كيفية عبادته في الكتب التي أنزل على أنبيائه وآخرها وأفضلها وناسخها القرآن الكريم قال تعالى , & , quot , وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ ومُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ , & , quot , ولايمكن أن يصل الإنسان إلى العبادة الصحيحة التي ترضي الله تعالى إلا من طريق علم التفسير الذي هو , علم يبحث في الكشف عن معاني القرآن على مراد الله وبمنهاج رسول الله وأصحابه , لذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحفظون عشرة آيات من القرآن فلا يتعدونها حتى يعلموا معناه ويعملوا بما فيها , عن ابن مسعود , قال , كانَ الرجل مِنَّا إذا تعلَّم عَشْر آياتٍ لم يجاوزهُنّ حتى يعرف معانيهُنَّ , & , quot , فعلم التفسير يوصل إلى الفهم الصحيح للقرآن والفهم الصحيح يوصل إلى العمل الصحيح والعمل الصحيح يوصل إلى رضوان الله ورضوان الله يوصل إلى الجنة , لذا يعد علم التفسير سيد العلوم وأشرفها وسبيل النجاة من الضلالات والانحرافات والخرافات , وجميع العلوم الشرعية خادمة له فلا يمكن أن يفسر عالم القرآن حتى يكون ملما باللغة العربية التي هي لغة القرآن وعلم العقيدة وعلم أصول الفقه والفقه وعلم مصطلح الحديث وعلم السير والمغازي , ومن بركات هذا العلم الكريم أن فاهم القرآن يتخشع في صلاته ويتدبر معانيه ويتلذذ بقراءته ما يدفعه إلى حفظ القرآن والإكثار من قراءته والتهجد والتنفل به قال تعالى , & , quot , قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ , & , quot , وقال أبو جعفر ابن جرير الطبري , & , quot , إني لأعجب ممن قرأ القرآن ولم يعلم تأويله , كيف يلتذ بقراءته , & , quot , وقد ورد في فضل طالب العلم الجليل أن رحمة الله تغشاه وتنزل عليه الملائكة والسكينة ويذكره الله في الملإ الأعلى , ففي الحديث الذي رواه أبو داود وصححه الشيخ الألباني عن أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ , مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى , يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ , إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ , وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ , وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ , وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ , و أفضل سور القرآن الفاتحة , فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما , قَالَ , بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ , فَرَفَعَ رَأْسَهُ , فَقَالَ , & , quot , هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ , فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ , فَقَالَ , هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ , فَسَلَّمَ , وَقَالَ , أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ , فَاتِحَةُ الْكِتَابِ , وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ , لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ , & , quot , وعَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ المُعَلَّى , قَالَ , كُنْتُ أُصَلِّي فِي المَسْجِدِ , فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أُجِبْهُ , فَقُلْتُ , يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي , فَقَالَ , & , quot , أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ , {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} , الأنفال , ثُمَّ قَالَ لِي , لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي القُرْآنِ , قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ , ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي , فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ , قُلْتُ لَهُ , أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي القُرْآنِ , قَالَ , {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} , الفاتحة , هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي , وَالقُرْآنُ العَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ , و سميت بالفاتحة لأن المصحف يفتح بها وتفتح بها الصلاة , فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ , قال , قال النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ , ومن أسمائها , أم الكتاب وأم القرآن , قَال رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ , أي المشتملة على أصول معاني القرآن اللذان هما توحيد الله واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم , فالأصل الأول مضمن من أولها إلى قوله تعالى , & , quot , إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ , & , quot , والأصل الثاني مضمن من قوله تعالى , & , quot , اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ , & , quot , إلى آخرها ـ ومن أسمائها السبع المثاني والقرآن العظيم أي آياتها السبع التي استثنيت بها أمة النبي صلى الله عليه وسلم بالتفضيل على باقي الأمم قال تعالى , & , quot , وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ , & , quot , و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أُمُّ القُرْآنِ هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي وَالقُرْآنُ العَظِيمُ , و من أسمائها الراقية لأنه صلى الله عليه وسلم كان يرقي بها من الأمراض فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ , انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا , حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ , فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ , فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الحَيِّ , فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ شَيْءٌ , فَقَالَ بَعْضُهُمْ , لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاَءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا , لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ , فَأَتَوْهُمْ , فَقَالُوا , يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ , وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ , فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ ؟فَقَالَ بَعْضُهُمْ , نَعَمْ , وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي , وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا , فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا , فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ , فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ , وَيَقْرَأُ , الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ , فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَابِهِ قَلَبَةٌ , قَالَ , فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ , فَقَالَ بَعْضُهُمْ , اقْسِمُوا , فَقَالَ الَّذِي رَقَى , لاَ تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ , فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا , فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ , فَقَالَ , وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ , ثُمَّ قَالَ , قَدْ أَصَبْتُمْ , اقْسِمُوا , وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا , فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا , & , quot , ومن أسمائها الشافية أي يشفي الله بها عباده من الأمراض المعنوية كالضلال والأمراض الحسية , قال صلى الله عليه وسلم , & , quot , فاتحة الكتاب شفاء من كل سم , & , quot , ومن أسمائها الحمد لأنها تبتدئ به قال تعالى , & , quot , الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , & , quot , و من أسمائها الصلاة أي روحها الصلاة وقيل لا تصح الصلاة إلا بها فعن أبي هريرة قال , سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ , & , quot , قَالَ اللهُ تَعَالَى , قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ , وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ , فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ , {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} , الفاتحة , قَالَ اللهُ تَعَالَى , حَمِدَنِي عَبْدِي , وَإِذَا قَالَ , {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} , الفاتحة , قَالَ اللهُ تَعَالَى , أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي , وإِذَا قَالَ , {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} , قَالَ , مَجَّدَنِي عَبْدِي – وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي – فَإِذَا قَالَ , {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} , الفاتحة , قَالَ , هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي , وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ , فَإِذَا قَالَ , {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} , الفاتحة , قَالَ , هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ , & , quot , وقد سماها بعض العلماء بالكنز والأساس والكافية والواقية وغير ذلك , فهي سورة مكية أي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة وقيل مدنية وقيل نزل نصفها في مكة ونصفها في المدينة , وقيل نزلت مرتين في مكة وفي المدينة , والصحيح المشهور بين المفسرين القول الأول , ولأن المؤمن يقرأ هذه السورة على الأقل سبع عشرة مرة في اليوم في صلواته المفروضة , أقبلنا على تفسير هذه السورة العظيمة بأسلوب ميسر ومفصل وجامع لأجود ما ذكره سادتنا المفسرون في تفاسيرهم راجين من الله تعالى القبول والثواب وأن يجمعنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ومع خدمة كتابه الكريم في جنات النعيم إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , تفسير الاستعاذة , اتَّفق المفسِّرون أن , الاستعاذة , ليست من القرآن , وأشهر صِيغها الواردة في السُّنة , & , quot , أعوذ بالله من الشيطان الرجيم , & , quot , & , quot , أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم , & , quot , وزِيد عليهما في بعض الروايات , & , quot , من همزه ونفثه ونفخه , & , quot , وقد اشتق البعض من القرآن , & , quot , أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ , & , quot , & , quot , أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ , وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ , & , quot , & , quot , أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ , & , quot , & , quot , أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ , & , quot , ويَجوز فيها السر والجهر على المشهور , وقد اختلف العلماء في موضع قراءتها على ثلاثة أقوال , القول الأول , أنها قبل القراءة , لأن العِلة منها طرد وساوس الشيطان عند القراءة , وقدَّروا فِعل , فإذا أردت أن تقرأ القرآن , & , quot , فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ , & , quot , القول الثاني , يُحكى عن أبي هريرة وبعض العلماء أنها تكون بعد القراءة لطرد عُجب النفس والسُّمعة وعمَلاً بظاهر الآية , ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ النحل , القول الثالث , ذهب بعض المفسِّرين إلى مشروعيتها قبل القراءة وبعدها عملاً بالوجهين , والمشهور القول الأول , وقد اختلفوا في حُكمها , فذهبت طائفة من أهل العلم إلى وجوبها , لأن الأمر يفيد الوجوب ما لم تصرفه القرينة , والصحيح , والله تعالى أعلم , أن الأمر مصروف إلى الاستحباب لقرينة أنه صلى الله عليه وسلم استدل ببعض الآيات من غير أن يستعيذ , فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ , قَالَ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الجَدَلَ , ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الآيَةَ , {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} , الزخرف , أعوذ بالله من الشيطان الرجيم , أي , ألتجئ وأعتصم وأتحَصَّن بالله من أذى الشيطان الرجيم , & , quot , أعوذ , & , quot , فعل مضارع يُفيد الاستمرار عكس الفعل الماضي الذي يفيد الانقطاع , والمعنى كأن الله تعالى يأمرنا بالمداومة على الاستعاذة , لأن الشيطان عَدُوٌّ مبين لا يَملُّ ولا يَكلُّ مِن سعْيه لإضلال الإنسان , قال سبحانه , ﴿ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ , البقرة , وقال على لسانه , ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ الأعراف , وفي الحديث , إن الشيطان يبعث في الصباح سراياه فيقول من يُضلُّ اليوم مُسلمًا أُلبسه التاجَ , وقد بُدئ الفعل المضارع بهمزة المضارعة لفائدتين , والله تعالى أعلم , الفائدة الأولى , استدعاء حضور القلب عند القراءة , لأن الهمزة تُفيد الحضور , الفائدة الثانية , استِشعار التواضع والتبرُّؤ من الكِبْر الذي أضل الشيطان , لأن الهمزة تُفيد الإفراد , ولو كانت بدَلها النون لأفادت الإحساس بالتعظيم , الله , أصل الأسماء الحسنى وأعظمها , وهو المعبود الذي يتقرَّب إليه العباد بشتى الطاعات حبًّا وتعظيمًا , مشتق من ألَه يأْله إلهة , أي , عَبَد يعبد عبادة , ففي قراءة ابن عباس , ﴿ وَيَذَرَكَ وَإلَهَتَكَ ﴾ , وقيل , الذي حيَّر العقول , مشتقٌّ من الولَه , أي , الحيرة وهو بعيد , وقيل , غير مشتق , والصحيح المشهور , القول الأول , وأما الشيطان فهو الجِنِّي أو الإنسيُّ الكافر المُحارِب للإسلام , مشتقٌّ من شَطَن أي , بعُد عن رحمة الله , وقيل , الشِّياط , والمقصود في هذا السياق شيطان الجنِّ , الرجيم , وصف له , وهو مفعول في معناه على وزن فعيل , قيل , سُمِّي بالرجيم لأنه أتى إبراهيم عليه السلام وهاجر وإسماعيل في منى , فاستعطف إبراهيمَ حتى لا يذبح ولده , فقال , أعوذ بالله منك فرجمه , ثم استعطف هاجر على ولدها فقالت , أعوذ بالله منك فرجمته , ثم استعطف إسماعيل عليه السلام على نفسه , فقال , أعوذ بالله منك فرجمه , & , quot , فصار الرجم من مناسك الحج إلى يوم القيامة , وقيل , سُمِّي بالرجيم , لأنه يسترق السمع في السماء فترجُمُه الملائكة , قال سبحانه , ﴿ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ﴾ , الحجر , وقيل , وُصف بذلك لأن أتباعه يرجمونه في النار , السميع , اسم من أسماء الله الحسنى , ومعناه الذي لا يَخفى عليه صوت مهما خَفُت , وينقسم إلى سمع عام وهو الذي عرفناه , وسمع خاص ومعناه , الذي يستجيب دعاء عباده , وأما العليم , فهو من أسماء الله الحسنى , ومن أسمائه أيضًا , العالم والعلّام والأعلم والخبير , ومعناه , صاحب العلم الواسع المطلق , بحيث لا يَخفى عليه شيء , وأما الهمز والنفث والنفخ , فالهمز , جنس من الجنون يُقال له , الموتة , والنفث , الشِّعر القبيح , والنفْخ , الكِبر , فعن ابن جبير بن مطعم , عن أبيه , أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة , قال عمرو , لا أدرى أي صلاة هي , فقال , الله أكبر كبيرًا , الله أكبر كبيرًا , الله أكبر كبيرًا , والحمد لله كثيرًا , والحمد لله كثيرًا , والحمد لله كثيرًا , وسبحان الله بكرة وأصيلاً , ثلاثًا , أعوذ بالله من الشيطان من نفخه , ونفثه , وهمزه , قال , نفثه , الشِّعر , ونفخه , الكبر , وهمزه , الموتة , تفسير البسملة , فالبسملة اختصار لـ , & , quot , بسم الله الرحمن الرحيم , & , quot , كالحمدلة والصلصلة والحوقلة , جاء في فضلها حديث موقوف حُكمه الرفع , عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال , & , quot , مَنْ أَرَادَ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنَ الزَّبَانِيَةِ التِّسْعَةَ عَشَرَ فَلْيَقْرَأْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فيجعل اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا جُنَّةً مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ , & , quot , ومعناها الإجمالي , طلب العون والبركة من الله وأسمائه الحسنى صاحِبِ الرحمة الشاملة والخاصة قبل الشروع في القول أو الفعل , فالباء للاستعانة والتبرُّك , & , quot , اسم , & , quot , مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره , ومعناه اللفظ الذي وُضع للشيء لِرِفعة شأنه وتمييزه عن غيره , مشتق من السُّموِّ , وقيل , من السِّمة , والمعنى هنا , أستعين وأتبرك بجميع أسماء الله الحسنى , لأن المفرد المضاف يفيد العموم , كقوله تعالى , ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ , النحل , أي , جميع نعم الله , لأن ﴿ نِعْمَةَ ﴾ مفرد مضاف إلى اسم الجلالة , الله , مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره , وهو أعظم اسم من أسماء الله الحسنى , لذلك جاء مُبَيَّنًا بعد العموم , لأن الخاص بعد العام يفيد الأهمية والشرف , ومعناه المعبود الذي يَتقرب إليه العباد حبًّا وتعظيمًا بشتى الطاعات , مشتق من ألَه يأْله إلاهة , أي , عَبَد يعبد عبادة , قال سبحانه , ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُو ﴾ , الحشر , وقد استنبط المحققون من أهل العلم من هذا الاسم العظيم أن المخلوقات في الأصل لا أول لها , لأنه سبحانه وتعالى الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء في ذاته وأسمائه وصفاته , ويلزم من هذا الاسم وجود العباد له , فالمخلوقات في جنسها وأفرادها لها أوَّل كما لها آخر , أما في أصل الخَلق فلا أول له , لأن من أسمائه اللهَ والخالق والرب وغيرها , والله تعالى أعلم , الرحمن الرحيم , اسمان عظيمان من أسماء الله الحسنى , قال تعالى , ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ , الفاتحة , وهما بدل من الله تابعان له في جره , وقيل , نعت , الرحمن , على وزن فعلان , وهذا الوزن يفيد السَّعَة والامتلاء , أي , صاحب الرحمة الشاملة التي تشمل جميع الخَلق , فلولاها لما رُزق الكافر قطرة ماء , قال سبحانه , ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ , طه , فعرشه سبحانه يتوسط الكون ويعلوه , وهو سبحانه وتعالى فوق عرشه يُغدق رحمته على جميع خلقه , الرحيم , على وزن فعيل , أي , صاحب الرحمة الخاصة بالمؤمنين , فبها وُفِّقوا إلى طاعته وأُدخِلوا الجنة , قال تعالى , ﴿ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ , الأحزاب , وفي الحديث الصحيح , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ , إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ , فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ , وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ , وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا , وَأَخَّرَ اللهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً , يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , فالجزء الأول يرجع إلى اسم الرحمن , والتسعة والتسعون جزءًا يرجعون إلى اسم الرحيم , وقيل , الرحمن الذي إذا سُئل أعطى , والرحيم إذا لم يُسأل يغضب , وهما مشتقان من الرحم , قال النبي صلى الله عليه وسلم , & , quot , قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا الرَّحْمَنُ خَلَقْتُ الرَّحِمَ وَشَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنِ اسْمِي فَمَنْ وصلها وصلته ومن قطعها بتته , & , quot , والجار والمجرور متعلق بفعل تقديره , & , quot , أبدأ , & , quot , ويجوز أن يُقدَّر اسمًا , & , quot , ابتدائي , & , quot , على أنه مبتدأ , والمشهور أن يُقدَّر فعلاً لبلاغته , ويجوز أن يُقدَّر خاصًّا , أقرأ أو أتلو , والأفضل , والله أعلم , أن يُقدر عامًّا , & , quot , أبدأ , & , quot , لأنه يشمل جميع العبادات والأفعال , فمثلاً تلاوة القرآن فيها القراءة والتدبر والنظر إلى المصحف , والأصل أن يُقدَّر في أول الكلمة , & , quot , أبدأ بسم الله الرحمن الرحيم , & , quot , لكن الأفضل أن يُقدر في آخرها , & , quot , بسم الله الرحمن الرحيم أبدأ , & , quot , لأن تأخير ما حقُّه التقديم يفيد الحصر والقصر والاختصاص , فيكون المعنى , أي لا أطلب العون والبركة إلا من الله , وفي هذا إدخال للتوحيد في البسملة , الذي هو إفراد الله بالعبادة , وقد ذهب أكثر العلماء إلى استحبابها قبل الأقوال والأفعال , فبِها بدأ الله كلامه , وكان يبدأ بها النبي صلى الله عليه وسلم قبل أكله وشربه وجِماعه ودخوله إلى الخلاء ودخوله إلى البيت وخروجه منه , وغير ذلك , واتفق العلماء أنها جزء آية من سورة النمل , ﴿ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ , النمل , وأنها ليست في أول سورة التوبة التي فُضح فيها المنافقون ووُعدوا فيها بأشد العذاب , فلا يليق أن تُبدأ برحمة الله , واختلفوا هل هي جزء آية من أول كل سورة , أو آية , أو ليست بآية أصلاً , أو آية من سورة الفاتحة؟ والصحيح , والله تعالى أعلم , الذي ترجح لنا أنها آية منفردة في المصحف ليست من السور , أُنزلت للفصل بينها , فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال , ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الفصل ما بين السورة والسورة , حتى ينزل عليه جبريل بـ , & , quot , بسم الله الرحمن الرحيم , & , quot , ويجوز الإسرار بها والجهر في الصلاة وغيرها , جمعًا بين الروايات , وقد بيَّن القُرَّاء أوجه قراءتها , فأباحوا جميع الأوجه , ومنعوا واحدًا , الأوجه الجائزة , أولاً , الفصل بينها وبين آخر السورة وأول السورة التي تليها , ثانيًا , الجمع بينها وبين آخر السورة وأول السورة التي تليها , ثالثًا , الفصل بينها وبين آخر السورة وجمعها بأول السورة التي تليها , رابعًا , حذفها بالكلية , أما الوجه الممنوع , فهو جمعها بآخر السورة وفصلها عن أول السورة التي تليها , مخافة أن يُظنَّ أنها من آخر السورة , وفيه تعطيل لمعناها المتعلق بالبدء لا بالانتهاء , فهذا تفسير البسملة الذي ينبغي لكل طالب علم أن يَعْلَمه ويُتقنه , لوجودها في أول كلام الله وأوائل المتون والكتب العلمية , ولكل مسلم , حتى يحضر قلبه ويخشى ربه ويتذوق حلاوة البَدء بها , {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , إعراب الآية , الحمد , مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره , لله , حرف جر , الله , اسم جلالة مجرور اختياري وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره , وشبه جملة من الجار والمجرور في محل رفع خبر مبتدأ , رب , بدل من الله تابع له في جره وقيل نعت تابع له في جره وهو مضاف , العالمين , مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء , وجه المناسبة بين البسملة وهذه الآية والله تعالى أعلم أن الله تعالى يعد قارئ القرآن ومفسره والعامل به بالرحمة الواسعة في الدنيا والآخرة , و المعنى الإجمالي للآية أي جميع الثناء والشكر والمدح مستحق لله تعالى خالق ومالك ومدبر جميع شؤون خلقه , & , quot , فالحمد , & , quot , هو الثناء على شيء بحب وتقدير وهو قريب من الشكر والمدح , فالفرق بينه وبين الشكر من وجهين , فالحمد أعم من الشكر من جهة السبب فهو يكون مقابل الإحسان وفي غيره , نقول , & , quot , فلان يحمد على حسن خلقته , & , quot , كما يقال , & , quot , يحمد على حسن ضيافته , & , quot , فأما الشكر فلا يكون إلا مقابل الإحسان فهو أعم من الحمد من جهة الآلة فهو يكون باللسان والجوارح وأما الحمد فيكون باللسان قال تعالى , & , quot , اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ , & , quot , سورة سبأ – الآية , فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ , فَقَالَتْ , لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟قَالَ , أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا , و أما الفرق بين الحمد والمدح , فالحمد يكون بحب وأما المدح فيكون بحب وبغير حب , والحمد يكون للعاقل والمدح يكون للعاقل وغير العاقل نقول مدح شاعر الحمراء مراكش , والحمد يكون موجزا وأما المدح فيكون في الأغلب أوسع من الحمد , وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الحمد أفضل ذكر بعد القرآن الكريم لأن الله تعالى بدأ به كتابه الكريم وأثنى به على نفسه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدأ به خطبه , إذ ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يبدأ به خطبه فيقول , إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ , نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ , مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ , وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ , وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , أَمَّا بَعْدُ , و هو ذكر أهل الجنة يلهمونه كما يلهمون النفس فهو في الدنيا تكليف وفي الآخرة تشريف , قال تعالى , & , quot , إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ , دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , & , quot , سورة يونس الآيات , و هو ذكر الحافين بالعرش قال تعالى , & , quot , وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , & , quot , سورة الزمر , الآية , و لازِمه جميع معاني الأذكار فما استَحق الثناءَ سبحانه وتعالى إلا وهو المستحق للعبادة وحده لا شريك له المنزه عن النقص والرذائل الأكبر من كل شيء , وأما قوله صلى الله عليه وسلم , & , quot , أَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي , لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ , & , quot , فيحمل على من أفضل , ومثال ذلك عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ , قَالَ , قَالَ رَجُلٌ , يَا رَسُولَ اللهِ , مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ , & , quot , أَنْ يُسْلِمَ قَلْبُكَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَأَنْ يَسْلَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِكَ وَيَدِكَ , & , quot , قَالَ , فَأَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ , & , quot , الْإِيمَانُ , & , quot , قَالَ , وَمَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ , & , quot , تُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ , وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ , & , quot , قَالَ , فَأَيُّ الْإِيمَانِ أَفْضَلُ؟ قَالَ , & , quot , الْهِجْرَةُ , & , quot , قَالَ , فَمَا الْهِجْرَةُ؟ قَالَ , & , quot , تَهْجُرُ السُّوءَ , & , quot , قَالَ , فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ , & , quot , الْجِهَادُ , & , quot , قَالَ , وَمَا الْجِهَادُ؟ قَالَ , & , quot , أَنْ تُقَاتِلَ الْكُفَّارَ إِذَا لَقِيتَهُمْ , & , quot , قَالَ , فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ , & , quot , مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَأُهْرِيقَ دَمُهُ , & , quot , قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , & , quot , ثُمَّ عَمَلَانِ هُمَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ بِمِثْلِهِمَا , حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ أَوْ عُمْرَةٌ , & , quot , & , quot , رَبِّ الْعَالَمِينَ , & , quot , & , quot , رَبِّ , & , quot , الرب لغة , السيد أو المالك نقول رب الأسرة , وقال سيدنا يوسف على العزيز , & , quot , إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ , & , quot , سورة يوسف – الآية , و شرعا , هو الخالق المالك المدبر , من أسماء الله الحسنى المتضمنة لصفات أصلية لازمها باقي صفات الكمال فهو سبحانه ما كان خالقا ومالكا ومدبرا حتى كان عليما خبيرا غنيا حكيما رزاقا , & , quot , الْعَالَمِينَ , & , quot , جمع عالم قيل هو كل جنس مخلوق عاقل كعالم الملائكة وعالم الإنس وعالم الجن , وقيل كل جنس مخلوق فيه روح , وقيل كل جنس مخلوق على الإطلاق وهو الصحيح المشهور , فهذه الآية الكريمة اشتملت على أصل الإسلام العظيم الذي هو التوحيد فتوحيد الألوهية مضمن في قوله تعالى , & , quot , الحمد لله , & , quot , وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات مضمن في قوله تعالى , & , quot , رَبِّ الْعَالَمِينَ , & , quot , وهنا لنا وقفة لبيان التوحيد , إنّ توحيد الله لا يتحقق إلا إذا قام على التصديق بأن الله هو الربّ والإله الذي لا شريك له ولا مثيل , لقد أكد كتاب الله وسنة رسوله , صلى الله عليه وسلم , على حقيقة التوحيد في صيغ متعددة , فمن ذلك قوله تعالى , ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ , الإخلاص , وقوله تعالى , ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾سورة البقرة – الآية , وقوله , ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ المائدة , الآية , وفي صحيح البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال , & , quot , لَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ قَالَ لَهُ , & , quot , إِنَّكَ تَقْدُمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيه أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى , & , quot , وفي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنه عَن النَّبِيِّ , صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ , & , quot , بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ , عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ , وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَالْحَجِّ , & , quot , إنه ولِما لتوحيد الله من أهمية بالغة فقد حرص علماء الإسلام على تبيان الأصول التي يقوم عليها وما يقتضيه الإيمان بكل واحد منها , توحيد الله وأصوله , يقوم توحيد الله تعالى على ثلاثة أصول هي , توحيد الربوبية , توحيد الألوهية , توحيد أسماء الله وصفاته , هذه الأصول هي حسبما اهتدى إليه العلماء متضمَّنة في الآية , ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ , مريم , فتوحيد الربوبية متضمَّن في شق الآية , ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ , أما توحيد الألوهية فمتضمَّن في , ﴿ فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ﴾ , وأما توحيد أسماء الله وصفاته فمُتضمن في , ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ أي هل تعلم له شبيها ومثيلا في أسمائه وصفاته , توحيد الربوبية , يعني توحيد الله في الربوبية إفراده سبحانه بالخلق والملك والتدبير , أي الاعتقاد الجازم بأن لا خالق ولا مالك ولا مُدبر في الكون إلا اللهُ سبحانه وتعالى , لقد نص القرآن الكريم على ربوبية الله فذَكر تفرده سبحانه بالخلق على غيره , قال تعالى , ﴿ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ﴾سورة فاطر , الآية , كما أفرد الله نفسه بالملك فقال , ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ﴾ , الملك , أما الدليل على إفراد الله ذاته بالتدبير فنجده في قوله تعالى , ﴿ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ﴾سورة الأعراف – الآية , والمراد بالأمر هنا التدبير , توحيد الألوهية , يعني توحيد الألوهية إفرادَ العبد ربَّه بالعبادة , والعبادة كما عرَّفها ابن تيمية هي , & , quot , اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة , & , quot , قال تعالى , ﴿ وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا ﴾ , النساء , إن الإنسان لا يصير مُوحِّدًا حتى تكون عبادته كلها موجهة لله دون غيره , بحيث لا يدعو إلا الله ولا يتوكل إلا عليه ولا يستعين إلا به ولا يحب شيئا مثل حبه ولا يخاف من شيء مثل خوفه ولا يرضى بالتحاكم بغير شرعه سبحانه وتعالى , قال الله تعالى , ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ , البقرة , فتوحيد الألوهية هو حقّ الله على العباد , لأنه خلقهم ورزقهم فاستحق بذلك عبادتهم , وقد وعد سبحانه وتعالى من أفرده بالعبادة بالجنة والنجاة من النار , قال النبي , صلى الله عليه وسلم , لمعاذ بن جبل , & , quot , يَا مُعَاذُ , أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ قال , اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ , فقال , صلى الله عليه وسلم , & , quot , يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا , ثم قال , صلى الله عليه وسلم , أَتَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟ , & , quot , فقال معاذ , اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ , فقَالَ , صلى الله عليه وسلم , & , quot , يُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ , & , quot , لقد كان غالبية المشركين في عهد الرسول , صلى الله عليه وسلم , يُقِرُّون بتوحيد الربوبية , وهو ما أكده القرآن في حديثه عنهم , حيث قال تعالى , ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ , الزخرف , لكنهم كانوا يرفضون الإقرار بتوحيد الألوهية فمنعهم ذلك من الدخول في الإسلام , لأن الدخول فيه لا يتم إلا إذا رافق توحيد الربوبية توحيد الألوهية , توحيد أسماء الله تعالى وصفاته , يعني توحيدُ أسماء الله تعالى وصفاتِه , إفرادَ الله تعالى بأسمائه التي سمّى بها نفسه وصفاته التي وصف بها ذاته في كتابه والتي أخبر بها رسوله , صلى الله عليه وسلم , إن هذا الأصل في التوحيد لَيُبيّن للعبد سبيل التعرف على ربه والتأدب معه في الحدود التي ارتضاها سبحانه لمقامه , ويقتضي الإيمان به مراعاة القواعد التسع التالية , أولها , لا تُستمد أسماء الله تعالى وصفاته إلا من كتاب الله وسنة رسوله , صلى الله عليه وسلم , لأنها غيب والغيب لا يُعلم إلاَّ من الوحي , قال الله تعالى , ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى ﴾ النجم , ثانيها , التسليم بأن جميع أسماء الله تعالى حسنى في منتهى الحسن , وبأن صفاته كاملة في منتهى الكمال , قال سبحانه وتعالى , ﴿ وَلِلَّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ , الأعراف , وقال , صلى الله عليه وسلم , & , quot , إن الله جميل يحب الجمال , & , quot , ثالثها , يجب إثبات أسماء الله تعالى وصفاته كما جاءت في كتاب الله وسنة رسوله دون تحريف ولا تشبيه ولا نفي مع تفويض كيفيتها إلى الله , إن تفسير غنى الله سبحانه وتعالى في الآية , ﴿ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ , النمل , بالقدرة هو تأويل لا يجوز , أما القول بأن غناه , سبحانه وتعالى , مثل غنى أغنى الناس , فهو تشبيه لا يجوز , وأما الزعم بأن الله غني من غير غنى فهو نفي وتعطيل لا يجوز , إن هذه التأويل يعارض قول الله تعالى , ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ , الشورى , ففي قوله , ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ نفي الشبيه عن الله , وفي قوله , ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ إثبات لأسماء الله تعالى وصفاته , إن الفهم الصحيح للآية , ﴿ وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾سورة التغابن – الآية , يقتضى التسليمَ بأن الله غني غنى مطلقًا ليس كغنى خلقه الذي يتسم بالمحدودية والحاجة له , سبحانه , رابعها , لا يجوز اشتقاق أسماء الله تعالى من صفاته , بينما يجوز اشتقاق صفاته تعالى من أسمائه , قال تعالى , ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾سورة طه – الآية , لا يجوز لنا هنا أن نشتق من صفة , & , quot , الاستواء , & , quot , اسم , & , quot , المستوي , & , quot , أما في قول الله تعالى , ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ , فيجوز لنا إضفاء صفة الغنى على الله , لأنها جاءت متضمّنة في اسم الغني ولأن أسماءه سبحانه وتعالى أتت دالة على كماله , خامسها , لا يجوز حصر أسماء الله عز وجل في تسعةٍ وتسعين اسمًا لوجود دليل من السنة نَصَّ على أن هناك أسماء أخرى استأثر الله تعالى بعلمها وحده دون غيره , لقد دأب رسول الله , صلى الله عليه وسلم , على القول في دعائه , & , quot , أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ , سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ , أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ , أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ , أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ , & , quot , إن هذا الدعاء ليشير إلى وجود أسماء استأثر الله بعلمها وحده , ولهذا يُحمل الحديث النبوي , & , quot , لله تسعة وتسعين اسمًا , من أحصاها دخل الجنة , & , quot , على أن عدد هذه الأسماء جاء على سبيل الذكر لا الحصر , سادسها , إن للهِ تعالى صفات ذاتية وأخرى فعلية , أما صفات الله الذاتية فهي الصفات اللازمة لذاته كصفة البركة والحياة والعلم واليد والوجه , وأما صفات الله الفعلية فهي صفات تابعة لمشيئته كصفة الاستواء على العرش وصفة الرضى وصفة الغضب , فهو يفعلها متى شاء ويدعها متى شاء , سابعها , لا يجوز أن يُفرَد الله تعالى بصفات كالمكر والاستهزاء والخداع لما فيها من تنقيص منه سبحانه بل يعمد إلى مقابلتها بأفعال المخلوقين , إنها لا تطلق على الله إلا فيما سيقت فيه من الآيات كقوله تعالى , ﴿ وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ , سورة آل عمران – الآية , وقوله , ﴿ وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ , البقرة , وقوله , ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ﴾ , النساء , ثامنها , لا يجوز التفصيل في الصفات التي نفاها الله عن ذاته لما يحمله ذلك من قلة أدب في حق الله عز وجل , ويُسمى كل ما نفاه الله عن ذاته صفاتًا سلبية لما فيها من نقص كنفي الولد والنوم , قال تعالى , ﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾ , وقال , سبحانه , ﴿ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ ﴾ , فمثلاً إذا قال إنسان لملِك أنت لست فقيرًا ولا ضعيفًا ولا ذليلًا ولو كنت كذلك لما صرت ملكًا , فلا شك أن مثل هذه الأوصاف لا تُلاقى بالتَّرحاب , تاسعها , إذا أطلقنا على الله اسم , & , quot , الصانع , & , quot , & , quot , المقصود , & , quot , فإن ذلك يعد حقًّا في ذاته , سبحانه , لأنه في حقيقة الأمر صانع للكون , ومقصود بالعبادة والرجاء , ولو لم يرد دليل مباشر في الكتاب والسنة على ذلك , لذا فقد سمى العلماء ما كان حقًّا في ذات الله , ولم يرد به نصٌّ إِخبارًا , إن لتوحيد سبعة شروط تسمى عند العلماء بأركان وشروط لا إله إله إلا الله و لا يصير المرء موحدا حتى يحققها , فالركنان هما , الكفر بالطاغوت والإيمان بالله , قال تعالى , & , quot , فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ , & , quot , سورة البقرة , الآية , وقال أيضا , & , quot , وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ , إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ , & , quot , سورة الزخرف , الآيات , 27 فالكفر بالطاغوت متجلي في قوله عليه السلام , & , quot , إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ , & , quot , و الإيمان بالله متجلي في قوله , & , quot , إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي , & , quot , فالكفر بالطاغوت هو نفي استحقاق العبادة عن غير الله ويدخل فيه بغض كل مدع للألوهية وجهاده إن توفرت الشروط الشرعية المبينة في كتب العقيدة والفقه , والطاغوت لغة , هو المتجاوز لحده , وشرعا هو كل مجاوز حده من معبود أو متبوع أو مطاع برضاه , وقد يعرف بكل مشارك لله في حقه على الناس الذي هو العبادة , ورؤوس الطواغيت خمسة , الرأس الأول , الشيطان , قال تعالى , & , quot , وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ , & , quot , سورة النحل – الآيات , الرأس الثاني , كل من دعى الناس لعبادة نفسه , كفرعون قال تعالى , & , quot , أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ , إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ , الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ , وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ , وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ , الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ , فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ , & , quot , سورة الفجر , الآيات , الرأس الثالث , كل من عبد من غير الله ورضي وسكت , الرأس الرابع , كل من ادعى علم الغيب وتعامل مع الشياطين لإذاية الناس كالسحرة والعرافين , قال تعالى , & , quot , أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ , & , quot , سورة النساء – الآية , الرأس الخامس , الحاكم الذي يستحل الحكم بغير ما أنزل الله , قال تعالى , & , quot , يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا , & , quot , سورة النساء – الآية , 60 وأما إن كان يعتقد أن شرع الله هو الحق وحكم بغيره بسبب هوى في نفسه أو حرص على مصلحة دنيوية فهو واقع في الشرك الأصغر الذي لا يخرج من الملة ولا يدخل في الطواغيت , و أما الإيمان بالله فهو التصديق بوجوده وإفراده بما يختص به على الوجه الذي بيناه في معنى التوحيد , وهو يتضمن الإيمان بجميع ما أخبر الله به عن نفسه , وأخبرت به عنه رسله من صفات كماله ونعوت جلاله على وجه الإجمال والتفصيل , وتنزيهه عن التمثيل والتعطيل وعن جميع صفات النقص , و أما شروط التوحيد التي تسمى عند العلماء بشروط لا إله إلاّ الله فهي سبعة , العلم واليقين والصدق والإخلاص والمحبة والقبول والانقياد , الشرط الأول , العلم معنى التوحيد وهو إدراك معنى التوحيد بدليله , فالإنسان لا يمكن أن يعمل بشيء ويُطَبّقه في حياته حتى يعلمه , فالعلم لازم للعمل , قال الله تعالى , ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ اللَّهُ ﴾ , وقال النبي , صلى الله عليه وسلم , & , quot , من مات وهو يعلم لا إله إلاّ الله دخل الجنة , & , quot , الشرط الثاني , اليقين وهو اعتقاد التوحيد من غير شك , قال سبحانه وتعالى , ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾سورة الحجرات – الآية , وقال تعالى في سورة إبراهيم عليه السلام , ﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾سورة إبراهيم – الآية , الشرط الثالث , الصدق وهو استقامة الظاهر والباطن على توحيد الله سبحانه وتعالى وطاعته , قال سبحانه وتعالى , ﴿ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وكُونُوا مَعَ الصّادِقينَ ﴾ سورة التوبة – الآية , وقال النبي , صلى الله عليه وسلم , مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ , مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ , صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ , إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ , وضد الصدق النفاق , فهو من أشرَّ الكفر بالله ويعني إبطان الكفر وإظهار الإسلام , قال سبحانه , ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ﴾سورة النساء – الآية , الشرط الرابع , الإخلاص , وهو الابتغاء بالتوحيد والعمل به وجَه الله تعالى وثوابه دون رياء ولا سمعة , قال الله تعالى , ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ سورة البينة – الآية , وقال سبحانه وتعالى أيضا , ﴿ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي ﴾سورة الزمر – الآية , وقال , صلى الله عليه وسلم , & , quot , أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ , مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ , أَوْ نَفْسِهِ , & , quot , وللإخلاص قوادح تفسده , يجب معرفتها واجتنابها , القادح الأول , الرياء , وهو فعل العبادة أمام الناس ابتغاء ثنائهم وإعجابهم , قال النبي , صلى الله عليه وسلم , أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟ , قَالَ , قُلْنَا , بَلَى , فَقَالَ , الشِّرْكُ الْخَفِيُّ , أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي , فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ , لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ , القادح الثاني , السمعة , وهي ذكر العبادة والعمل الصالح للناس ابتغاء ثنائهم وإعجابهم , قال النبي , صلى الله عليه وسلم , مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ , وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ , أي من سمَّع في الدنيا أسمع الله النّاسَ عيوبه يوم القيامة , والسمعة أخطر من الرياء , لأن الإنسان قد يفعل عبادة ويُخلِص فيها ثم يفسدها بالسمعة بعد سنين , الشرط الخامس , المحبة , وتعني حبَّ الله تعالى وحبّ ما يحبّ وكراهية ما يكره , لقد نعت الله عباده المؤمنين بأنهم أشد الناس حبا له , فهم لا يتخذون من دونه أنداداً كما يفعل غيرهم , قال تعالى , ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ﴾سورة البقرة , الآية , 165 وعلامة حب العبد ربَّهُ تقديم كل ما يُحب الله على ما يحبه هو وتميل إليه نفسه , وبغض جميع ما يُبغِض ربُّه وإن مالت إليه نفسه , الشرط السادس , القَبول , ويعني أن نقبل بالتوحيد كما هو دون أدنى تردّد أو تمنُّع , لقد حدثنا الله تعالى في كتابه عن حال الأمم التي استكبرت ورَدّت كلمة التوحيد متَّهِمَةً من دَعاها إليها بالجنون فقال , ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ , سورة الصافات – الآيات , وقال رسول الله , صلى الله عليه وسلم , ناصحا , & , quot , قل آمنت بالله ثم استقم , & , quot , الشرط السابع , الانقياد , وهو الإذعان لأمر الله تعالى بالرضى المستحق , قال تعالى , ﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ ﴾ , وقال أيضا , ﴿ وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾سورة لقمان – الآية , 22 ومعنى ﴿ يُسْلِمْ وَجْهَهُ ﴾ أي يذعن , ﴿ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾أي موحد , والعروة الوثقى فسّرها علماء الإسلام بـ , & , quot , لا إله إلاّ الله , & , quot , و لا يقبل الله تعالى توحيد الألوهية والربوبية والأسماء والصفات من العبد إلا من طريق توحيد الاتباع بعد بعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو إفراد النبي صلى الله علي وسلم بالمتابعة في الدين فقد أجمع العلماء أن من وصلته رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتبعه فهو كافر قال تعالى , & , quot , فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا , & , quot , سورة النساء – الآية , 65وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ , وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ , لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ , وَلَا نَصْرَانِيٌّ , ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ , إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ , وقال أيضا , & , quot , لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ , مَا حَلَّ لَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي , & , quot , و لا يحقق العبد توحيد الاتباع إلا بالشروط السبعة التالية , الشرط الأول , العلم بسنة الرسول , صلى الله عليه وسلم , إن اتباع الرسول , صلى الله عليه وسلم , لا يتم إلا بمعرفة سنته , صلى الله عليه وسلم , قال , صلى الله عليه وسلم , & , quot , عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي , وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ , & , quot , وقال أيضا , & , quot , طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ , & , quot , ومِن أَوْجَبِ العلمِ تَعلُّمُ سنته , صلى الله عليه وسلم , الشرط الثاني , محبته , صلى الله عليه وسلم , وتعني أن يكون الرسول , صلى الله عليه وسلم , أحبَّ للمسلم من نفسه وولده , فعن أَنَسٍ , قَالَ , قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ , حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ , و قال , صلى الله عليه وسلم , لعمر بن الخطاب , & , quot , لاَ , وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ , & , quot , فَقَالَ لَهُ عُمَرُ , فَإِنَّهُ الآنَ , وَاللَّهِ , لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , & , quot , الآنَ يَا عُمَرُ , & , quot , الشرط الثالث , التصديق بما أخبر به , صلى الله عليه وسلم , إنَّ كل ما أخبر به رسول الله , صلى الله عليه وسلم , يُعدّ وحيا من الله , لذا وجب تصديقه سواء كان خبراً ماضيا كقَصص الأنبياء والصالحين , أو خبراً حاضراً كأحوال الملائكة والجن , أو خبراً مستقبَلا كعلامات الساعة وأحوال أهل الجنة والنار , قال الله تعالى , ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ ﴾سورة الحديد – الآية , أي صدِّقوه فيما قال , الشرط الرابع , طاعته , صلى الله عليه وسلم , أمر الله المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله فقال , ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ سورة الأنفال – الآية , أما الرسول , صلى الله عليه وسلم , فقد قال , كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى , قَالُوا , يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ , مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى , ومن طاعة الرسول , صلى الله عليه وسلم , ترك ما نهى عنه , صلى الله عليه وسلم , يقول الله تعالى , ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ﴾ , وقال , صلى الله عليه وسلم , & , quot , مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَخُذُوهُ , وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا , & , quot , الشرط الخامس , تحقيق عبادة الله على منهاجه , صلى الله عليه وسلم , إن الله سبحانه وتعالى لا يقبل عبادةً حتى تكون على سنة رسوله , صلى الله عليه وسلم , قال الله تعالى , ﴿ فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾سورة الأعراف – الآية , أي تَأسَّوْا به في عبادتكم لربكم , الشرط السادس , الإيمان بأفضليته , صلى الله عليه وسلم , إن رسول الله محمد , صلى الله عليه وسلم , هو أفضل الرسل دون تنقيص من رسول أو تحقير , قال , صلى الله عليه وسلم , & , quot , أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , & , quot , الشرط السابع , الإيمان بخاتَمِيَّته , صلى الله عليه وسلم , ويعني الاعتقاد الجازم بأن رسول الله , صلى الله عليه وسلم , هو آخر الأنبياء والمرسلين , قال الله تعالى , ﴿ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ﴾ , سورة الأحزاب – الآية , فلا يقبل مسلم بِمُدَّعٍ لنُبُوَّة بعد رسول الله , صلى الله عليه وسلم , مهما كانت مكانته , قال , صلى الله عليه وسلم , & , quot , لا نبيّ بعدي , & , quot , أي لَا لِأحد أن يدَّعي النبوة بعدي , الفوائد المستخلصة من الآية , أن الحمد خير ذكر بعد القرآن , لذا بدأ به سبحانه قرآنه , جميع المحاميد مستحقة له سبحانه لكمال ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته , من أسمائه سبحانه وتعالى , & , quot , الله , & , quot , وهو , المعبود الذي يتقرب إليه العباد بشتى الطاعات حبا وتعظيما , أن من أسمائه سبحانه , & , quot , الرب , & , quot , وهو الخالق المالك المدبر , اشتملت الآية على أقسام التوحيد الثلاثة وهي , توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات , & , quot , الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , & , quot , إعراب الآية , الرحمان , بدل من الله تابع له في جره وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره , وقيل نعت تابع لمنعوته في جره , الرحيم , لها نفس إعراب الرحمان , مر تفسيرها معنا في البسملة ووجه المناسبة والله أعلم بينها وبين الآية التي قبلها أن الله تعالى يعد موحده وحامده بالرحمة الواسعة في الدنيا والآخرة فهي قبله في البسملة وبعده في هذه الآية قال تعالى , & , quot , وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا , تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا , & , quot , سورة الأحزاب , الآيات , الفوائد المستخلصة من الآية , أن من أسمائه سبحانه , & , quot , الرحمان , & , quot , وهو صاحب الرحمة الواسعة التي تشمل جميع الخلق , أن من أسمائه سبحانه وتعالى , & , quot , الرحيم , & , quot , وهو صاحب الرحمة الخاصة بعباده المؤمنين , يستحب أن يقرن الرحمان بالرحيم في الدعاء وغيره لورود الآية بذلك وبيان فضل الله تعالى على عباده المؤمنين الذين خصهم بالرحمة الأخروية من دون سائر الناس , & , quot , مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ , & , quot , إعراب لآية , مالك , بدل من الله تابع له في جره وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره وقيل نعت تابع لمنعوته في جره وهو مضاف , يوم , مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره , الشرح , & , quot , مَالِكِ , & , quot , أي المتصرف في يوم القيامة وقرئت أيضا ب , & , quot , مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ , & , quot , أي الحاكم المتصرف وهو أبلغ من مالك مشتق من الملك أما الأول فإنه مشتق من المِلك فكل ملك مالِك وليس كل مالِك ملك وجميع آيات القرآن تأتي بضم الميم كقوله تعالى , & , quot , لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ , & , quot , سورة المائدة – الآية , 120 وقوله تعالى , & , quot , لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ , & , quot , سورة غافر , الآية , وقوله تعالى , & , quot , لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ , & , quot , سورة البقرة , الآيات , 106و من أسمائه سبحانه , & , quot , مالك وملك ومليك , & , quot , قال تعالى , & , quot , إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ , فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ , & , quot , سورة القمر , الآيات , و معناه صاحب الملك الواسع , & , quot , يَوْمِ الدِّينِ , & , quot , هو يوم الجزاء لأن الله تعالى يبعث فيه الناس ليجزيهم على أعمالهم فمن كان مسلما وغلبت حسناته سيئاته دخل الجنة , وإن غلبت سيئاته حسناته دخل النار حتى يطهر من الذنوب فيدخل الجنة إلا إذا غفر الله له أو أدركته شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد المؤمنين فإنه يدخل الجنة من أول مرة , و أما الكافر فمآله النار خالدين فيها أبدا وبئس المصير قال تعالى , & , quot , إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ , إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ , جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ , & , quot , سورة البينة , الآيات , وقيل سمي بيوم الدين , لأنه اليوم الذي ينصر فيه الإسلام ويظهر للجميع أنه الحق , و من أسمائه , & , quot , يوم القيامة , & , quot , أي اليوم الذي يقوم فيه الخلق من قبورهم للحساب والجزاء قال تعالى , & , quot , لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ , & , quot , سورة القيامة – الآية , و من أسمائه , & , quot , يوم الفصل , & , quot , قال تعالى , & , quot , إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ , & , quot , سورة الدخان , الآيات , 40 أي اليوم الذي يفصل فيه الله بين الكفر والإيمان والحق والباطل والظالم والمظلوم , و سمي أيضا , & , quot , بيوم التغابن , & , quot , أي اليوم الذي يَغبُنُ فيه أهل الجنة أهل النار قال تعالى , & , quot , ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ , & , quot , سورة التغابن – الآية , و سمي , & , quot , بيوم الجمع , & , quot , لأنه تعالى يجمع فيه جميع الخلق فلا يفلت منهم أحد , قال تعالى , & , quot , يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ , & , quot , سورة التغابن – الآية , وسمي , & , quot , بالغاشية , & , quot , لأنه يُطبق على الناس ويغشاهم بحيث لا يجدون منه مفرا قال تعالى , & , quot , هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ , & , quot , سورة الغاشية – الآية , و سمي , & , quot , بالقارعة , & , quot , لأنه يقرع القلوب بأهواله , قال تعالى , & , quot , الْقَارِعَةُ , مَا الْقَارِعَةُ , وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ , يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ , وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ , فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ , فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ , وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ , فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ , وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ , نَارٌ حَامِيَةٌ , & , quot , سورة القارعة , و سمي بيوم الحشر , لأن الناس يحشرون فيه , قال تعالى , & , quot , وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا , & , quot , سورة يونس – الآية , و سمي بالواقعة , أي يقع على الناس فجأة , قال تعالى , & , quot , إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ , لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ , & , quot , سورة الواقعة – الآيات , و سمي , & , quot , بالحاقة , & , quot , أي يحق فيه ما أنكر من البعث والحساب والجزاء والقرآن , قال تعالى , & , quot , الْحَاقَّةُ , مَا الْحَاقَّةُ , وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ , & , quot , سورة الحاقة – الآيات , و سمي بيوم البعث , لأن الناس يبعثون فيه من قبورهم , قال تعالى , & , quot , قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ , & , quot , سورة يس– الآية , و سمي بيوم الحساب , لأن الناس يحاسبون فيه على أعمالهم , قال تعالى , & , quot , فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ , فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا , & , quot , سورة الانشقاق – الآيات , و سمي , & , quot , بالساعة , & , quot , لأنه هو وقت تحول الناس من الدنيا إلى الآخرة , قال تعالى , & , quot , قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ , & , quot , سورة الأنعام – الآية , و سمي بالصاخة , قال تعالى , & , quot , فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ , & , quot , سورة عبس , الآية , 33قال البغوي رحمه الله , & , quot , الصاخة , & , quot , يعني صيحة يوم القيامة , سميت بذلك لأنها تصخ الأسماع , أي تبالغ في إسماعها حتى تكاد تصمها , و سمي بالطامة الكبرى , قال تعالى , & , quot , فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى , & , quot , سورة النازعات – الآية , 34 قال البغوي في تفسيره , وسميت القيامة , & , quot , طامة , & , quot , لأنها تطم على كل هائلة من الأمور , فتعلوا فوقها وتغمر ما سواها والطامة عند العرب الداهية التي لا تستطاع , و سمي بالمعاد , قال تعالى , & , quot , إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ , & , quot , سورة القصص – الآية , و سمي بيوم التلاقي , لأن العبد يلتقي فيه بربه , قال تعالى , & , quot , رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ , & , quot , سورة غافر – الآية , و سمي بيوم الوعيد , قال تعالى , & , quot , وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ , & , quot , سورة ق – الآية , 20 أي اليوم الذي يتوعد فيه الله تعالى الظالمين بأشد العذاب , و هو تعالى مَلك ومالك ليوم القيامة وغيره , وإنما خص يوم القيامة بالمُلك في هذا السياق والله تعالى أعلم لبيان عظمت ذلك اليوم الذي ينتهي فيه ملك كل أحد ويبقى ملك الواحد الأحد سبحانه قال الله تعالى , & , quot , لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ , & , quot , سورة غافر – الآية , وعن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , & , quot , يَطْوِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى , ثُمَّ يَقُولُ , أَنَا الْمَلِكُ , أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ , ثُمَّ يَطْوِي الْأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ , ثُمَّ يَقُولُ , أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟ , & , quot , و فسرت هذه الآية بالقادر على إقامة يوم الدين وهو ضعيف من جهة اللغة والشرع فالمُلك منفصل عن القدرة ومن أسمائه تعالى الملك والمالك والقادر والقدير فيبعد تفسير المُلك بالقدرة , ووجه المناسبة والله تعالى أعلم بين هاته الآية والآيتين السابقتين أنه تعالى سيرحم أهل القرآن والتوحيد والحمد يوم القيامة ويرون ذلك بأعينهم قال تعالى , & , quot , يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ , & , quot , سورة الحديد – الآية , الفوائد المستخلصة من الآية , أن من أسمائه تعالى , & , quot , المالك , & , quot , وهو المتصرف , أن من أسماه تعالى , & , quot , الملك , & , quot , وهو الحاكم المتصرف , أن يوم القيامة لا ريب فيه , أن من أصول الإيمان الإيمان بيوم القيامة التي يقوم فيها الناس ليحاسبوا ويجزوا على أعمالهم , لذا ذكره سبحانه وتعالى في أعظم سورة في القرآن الكريم , أن من أسماء يوم القيامة , & , quot , يوم الدين , & , quot , أي يوم الجزاء , & , quot , إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ , & , quot , إعراب الآية , إيا , ضمير منفصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم , الكاف , حرف خطاب مبني على الفتح , نعبد , فعل مضارع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره نحن , الواو , واو العطف , إياك نستعين , جملة فعلية معطوفة على الآية التي قبلها , الشرح , العبادة لغة , مأخوذة من قول العرب الطريق معبد أي ممهد للسير , و شرعا , قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله , & , quot , هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة , & , quot , أي كل قول أو فعل دل دليل على أن الله يحب أن يتقرب له به فهو داخل في مسمى العبادة , كالدعاء والركوع والسجود والذبح والصوم والحكم وغير ذلك , ولكل عبادة منها ركنان وشرطان لا تصح العبادة إلا بهما , الركنان هما , تمام الحب وتمام الذل له سبحانه , قال تعالى , & , quot , وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ , & , quot , وقال أيضا , & , quot , يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ , & , quot , سورة المائدة – الآية , 54 وقال أيضا في سورة المؤمنين , & , quot , قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ , الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ , & , quot , وقال أيضا في سورة البقرة , & , quot , وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ , الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ , & , quot , قال ابن القيم رحمه الله في نونيته , وعبادة الرحمن غاية حبه , مع ذل عابده هما قطبان , وعليهما فلك العبادة دائر , ما دار حتى قامت القطبان , وأما الشرطان فهما الإخلاص لله والاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم , قال تعالى , & , quot , فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا , & , quot , أي من كان يريد حسن اللقاء مع ربه يوم القيامة فليصلح عمله باتباع المصطفى صلى الله عليه وسلم فلا يرد به غير وجه ربه الأعلى , وقال أيضا , & , quot , وما كان لمومن ولامومنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا , & , quot , فالإخلاص لغة هو الصفاء نقول , & , quot , خالص ماء الورد , & , quot , و شرعا هو , الابتغاء بالعبادة رضوان الله وتوابه دون رياء ولا سمعة ولا مصلحة دنيوية , قال تعالى , & , quot , وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء , & , quot , وقال أيضا , & , quot , قل الله أعبد مخلصا له ديني , & , quot , و له ثلاثة قوادح تفسده وبالتالي تفسد العبادة على صاحبها , القادح الأول , الرياء وهو , إظهار العبادة لناس ابتغاء إعجابهم , قال صلى الله عليه وسلم , قال الله تعالى , & , quot , أنا أغنى الشركاء عن الشرك من أشرك بي شيئا تركته وشركه , & , quot , وقال عليه الصلاة والسلام , & , quot , أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي , قيل ما الشرك الخفي يا رسول الله , قال , الرياء , & , quot , وفي رواية , & , quot , يزين الرجل صلاته ليراها الرجل , & , quot , القادح الثاني , السمعة وهي , تحديث الناس بالعبادة ابتغاء إعجابهم , قال صلى الله عليه وسلم , & , quot , من رأى راء الله به ومن سمع سمع الله به , & , quot , أي من سمع في الدنيا أسمع الله عيوبه الناس يوم القيامة , القادح الثالث , فعل العبادة ابتغاء مصلحة دنيوية , كالذي يدعي التدين ليتزوج من امرأة تقية , أو الذي يطلب العلم ليشتهر به ويحصل المال والجاه , قال تعالى , & , quot , إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم , & , quot , فعن عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ , سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ , إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ , وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى , فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا , أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا , فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ , أما الاتباع لغة , تقفي الأثر , و شرعا , موافقة العبادة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم في الأصل والتفاصيل والسبب والعدد والصفة والزمان والمكان والقدر والجنس , المقصود بالأصل , أن يكون لها دليل من سنة النبي صلى الله عليه وسلم , و التفاصيل , أي توافق سنة النبي صلى الله عليه في الجزئيات المضمنة في الأصل , و السبب , مثل دعاء دخول المسجد فسببه هو دخول المسجد , و العدد , مثل عدد ركعات الصلاة , و الصفة , كموافقة هيئة النبي صلى الله عليه والسلام في الصلاة أو في الحج , و الزمان , كأداء الصلاة في وقتها الذي بينه المصطفى صلى الله عليه وسلم , و المكان , كأداء ركعتي تحية المسجد في المسجد , و القدر , كإخراج زكاة المال من القدر الذي بينه المصطفى صلى الله عليه وسلم , و الجنس , كالتضحية في العيد بجنس الأنعام , و أما الاستعانة فهي طلب العون من الله , فهي عبادة قلبية لها علاقة بالدعاء , قال تعالى , & , quot , وعلى الله فليتوكل المومنون , & , quot , وقال أيضا , & , quot , فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين , & , quot , وقال صلى الله عليه وسلم , & , quot , فإذا استعنت فاستعن بالله , & , quot , و لا يجوز أن تطلب في الأصل من غير الله إلا بشروط , الشرط الأول , أن يعتقد المستعين أن المستعان به أعانه بقدر الله وتوفيقه , الشرط الثاني أن يكون المستعان به حيا , الشرط الثالث , أن يكون المستعان به حاضرا , الشرط الرابع , أن يكون المستعان به قادرا على الإعانة , والدليل على هذه الشروط , قوله تعالى , & , quot , فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ , & , quot , سورة القصص – الآية , و المعنى الإجمالي للآية , & , quot , إياك نعبد وإياك نستعين , & , quot , ألا نتقرب بالعبادة ولا نطلب العون على ذلك وغيره إلا منك سبحانك , & , quot , إِيَّا , & , quot , ضمير منفصل مبني في محل نصب مفعول به مقدم والأصل في المفعول به أن يؤخر عن الفعل , وتقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر والقصر والاختصاص , أي لا نعبد غيرك ولا نستعين بغيرك , والكاف حرف خطاب يفيد وجوب حضور القلب في الصلاة لأن انتقال الخطاب من الغائب إلى الحاضر يستدعي الانتباه وحضور القلب , ويفيد أيضا قرب الله تعالى من عبده خاصة في الصلاة فمن أسمائه تعالى , & , quot , القريب , & , quot , قال تعالى , & , quot , وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ , & , quot , سورة البقرة – الآية , 186وقال عليه الصلاة والسلام , أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ , وَهُوَ سَاجِدٌ , فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ , و من معاني هذه الآية الكريمة , أنه تعالى يعظم عباده الموحدين لأن نون الجمع في فعل المضارع , & , quot , نَعْبُدُ وَنَسْتَعِينُ , & , quot , تفيد التعظيم إذا أطلقت على الفرد قال تعالى , & , quot , إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ , & , quot , وفيها إشارة إلى أن المؤمنين أمة واحدة متماسكة كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا لدلالة النون على الجماعة , قال تعالى , & , quot , إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ , & , quot , سورة الأنبياء – الآية , 92 وقال أيضا , & , quot , الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ , & , quot , سورة الأنعام , الآية , 159 وقال صلى الله عليه وسلم , & , quot , مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ , وَتَرَاحُمِهِمْ , وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى , & , quot , وعَنْ أَبِي مُوسَى , قَالَ , قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا , و فيها إشارة إلى أن الأصل في صلاة الرجل الجماعة لدلالة النون عليها قال سبحانه وتعالى , & , quot , وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ , & , quot , وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ , أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ , صَلاَةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً , وفي رواية , تَفْضُلُهَا بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً , و قد اختلف العلماء في حكمها بين القول أنها شرط صحة في الصلاة وأنها واجبة وأنها سنة مؤكدة والمشهور من مذهب الإمام مالك أنها سنة مؤكدة والله تعالى أعلم , و من معانيها أيضا أنه تعالى يحب أن يستمر عباده على الطاعة لأن الفعل المضارع يفيد الاستمرار عكس الفعل الماضي الذي يفيد الانقطاع , قال تعالى , & , quot , يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ , & , quot , سورة إبراهيم – الآية , 27 وعَنْ عَائِشَةَ , قَالَتْ , قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا , وَإِنْ قَلَّ , و ينبغي الإشارة إلى تنبيه قارئ هذه الآية من خطإ شائع يحرف معناها ويبطل الصلاة إن كان بتقصير وهو نطق الياء مخففة من غير شدة , & , quot , إيَاك , & , quot , & , quot , الإيَا , & , quot , هو ضوء الشمس فيصير المعنى ضوء شمسك نعبد ونستعين , و وجه المناسبة بين هذه الآية والآيات التي قبلها والله تعالى أعلم أن الله تعالى يحاسب الناس يوم القيامة على العبادة لا على الخِلقة والأرزاق والآجال , الفوائد المستخلصة من الآية , أن أعظم أصل في الدين هو التوحيد , أن الله تعالى يعظم عباده الموحدين , أنه تعالى يحب أن يكون عباده جسدا واحدا كالبنيان المرصوص , أن صلاة الرجل مع الجماعة سنة مؤكدة , أنه ينبغي للعبد أن يطلب العون من الله على العبادة وغيرها , أن الخشوع من واجبات الصلاة , أن الله تعالى قريب من عباده المؤمنين , أنه تعالى يحب أن يستمر عباده على الطاعة , & , quot , اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ , & , quot , اعراب الآية , اهدنا , فعل أمر بمعنى الدعاء مبني على حذف الياء والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت , نا , ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول , الصراط , مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره , المستقيم , نعت تابع لصراط في نصبه وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره , شرح الآية , أي وفقنا وأرشدنا برحمتك ومنك وكرمك إلى طريق الجنة الذي لا اعوجاج فيه وهو الإسلام , اهْدِنَا , دعاء , ويكون الدعاء بصيغة الأمر ممن هو أسفل إلى من هو أعلى , والهداية تنقسم إلى قسمين هداية توفيق وهداية دعوة وإرشاد , فهداية التوفيق لا يملكها إلا الله سبحانه وهي في قوله تعالى , & , quot , إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ , & , quot , وفي قوله تعالى , & , quot , لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ , & , quot , وفي قوله تعالى , & , quot , وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ , & , quot , و أما هداية الدعوة والإرشاد فهي , إرشاد الناس إلى الحق والخير وتحذيرهم من الضلال والشر , وقد جعلها سبحانه وتعالى بيد أنبيائه ودعاته , وهي في قوله تعالى , & , quot , وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ , & , quot , وفي قوله تعالى , & , quot , أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ , & , quot , و في هذه الآية الكريمة , & , quot , اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ , & , quot , استحباب أن يكثر المؤمن من الدعاء لنفسه ولأخوانه المسلمين , قال سبحانه , & , quot , وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ , & , quot , وقال أيضا , & , quot , وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ , & , quot , وقال تعالى , & , quot , وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ , & , quot , وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم , & , quot , إن الله يحب العبد الملحاح , & , quot , أي كثير الدعاء وقال أيضا , & , quot , لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير , & , quot , و قد عبر سبحانه وتعالى في هذه الآية على الإسلام بالصراط المستقيم لأنه منهاج حياة متكامل وقويم يدفع الإنسان إلى الخير ويبعده عن الشر ويوصله إلى رضوان ربه وجنته , قال تعالى , & , quot , قد جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ , يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ , & , quot , وقال تعالى , & , quot , إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً , وأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً , & , quot , الإسلام في اللغة هو الاستسلام , وفي الشرع هو الانقياد لأمر الله سبحانه وتعالى بالإخلاص والرضى المستحق له سبحانه , فهو مبنيّ على الاستجابة للأمر الإلهي من غير اعتراض ولا تمَنّع , وينقسم إلى قسمين , إسلام عامّ وإسلام خاص , الإسلام العام هو الاستجابة والانقياد لأمر الله تعالى في كل زمان , فهو دين جميع الأنبياء عليهم السلام وأتباعهم , والدليل قوله تعالى على لسان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام , ﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ , وقال تعالى على لسان يوسف عليه السلام , ﴿ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ , وأما الإسلام الخاص فهو اتّباع شرع محمد , صلى الله عليه وسلم , فالله عز وجل لا يقبل شرعا ولا دينا بعد بعثته , صلى الله عليه وسلم , إلا دينه , عليه الصلاة والسلام , قال سبحانه , ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ , وفي الحديث الصحيحالذي رواه الامام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال , قال النبي , صلى الله عليه وسلم , وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ , لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَا يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ , وَمَاتَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ , إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ , وقال , صلى الله عليه وسلم , & , quot , لو كان أخي موسى حيّا ما وسعه إلا أن يتّبعني , & , quot , وضد الإسلام الكفر , ويعني في اللغة , التغطية , تُسمّي العرب الزُّرّاع بالكفار لأنهم يغطون الزرع , قال الله تعالى , ﴿ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ﴾ , أي الزّراع , وفي الشرع هو رفض الإسلام وله سبعة أصول تَرجع إليها جميع شعب الكفر وصوره , الأصل الأول , كُفر الشرك , وهو عبادة غير الله معه كدعاء الأموات والذبح لهم وحب شيء مثل حب الله والخوف من شيء مثل خوف الله والرضى بالتحاكم لغير شرع الله إلخ , قال سبحانه وتعالى , ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾ , وقال سبحانه وتعالى في شرك المحبة , ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾ , وينقسم الشرك إلى شرك أكبر وشرك أصغر , الشرك الأكبر سُمّي بالأكبر لأنه يُخرج من الإسلام , وهو الذي عرّفناه , وأما الشرك الأصغر فهو الذنب الذي سُمّي بالشّرك في الشرع ولا يُخرج من الإسلام , لذا سُمّي بالأصغر , إلا أنه أقبح من كبائر الذنوب , ونذكر بعض أنواعه , النوع الأول , الحَلِفُ بغير الله , قال النبي , صلى الله عليه وسلم , & , quot , من حلَف بغير الله فقد أشرك , & , quot , النوع الثاني , الشرك اللفظي , وهو الشرك في اللّفظ دون القصد , كقول الرجل لولا الله والكلب لسُرق البيت , والصحيح أن يقول لولا الله ثم الكلب , لأن الواو تفيد المعية والتسوية وأما ثُمّ فتفيد التراخي , أي الكلب بعد الله , قال رجل للنبي , صلى الله عليه وسلم , & , quot , لو شاء الله وشئت , فغضب النبي , صلى الله عليه وسلم , وقال , أجعلتني لله نِدّا , قل ما شاء الله وحده , & , quot , وفي رواية , & , quot , قل لو شاء الله ثم محمد , & , quot , وفي حديث آخر , & , quot , رأى رجل من أصحاب النبي , صلى الله عليه وسلم , نفسه يمشي في طريق من طرق المدينة , فالتقى بنفر من اليهود قال نِعم القوم أنتم اليهود , لولا أنكم تقولون عُزير ابن الله , فقالت اليهود نِعم القوم أنتم المسلمون لولا أنكم تقولون لو شاء الله ومحمد , ثم التقى بنفر من النصارى فقال لهم نِعم القوم أنتم النصارى لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله , فقالت النصارى نِعم القوم أنتم المسلمون لولا أنكم تقولون لو شاء الله ومحمد , فلما أصبح الرجل ذهب إلى النبي , صلى الله عليه وسلم , فأخبره , فقال , صلى الله عليه وسلم , اجمَعُوا الناس ثم صعد المنبر وقال يأيها الناس لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ , وَلَكِنْ قُولُوا , مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ , & , quot , النوع الثالث , الرياء , وهو إظهار العبادة للناس ابتغاء ثنائهم وإعجابهم , قال , صلى الله عليه وسلم , أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟ , قَالَ , قُلْنَا , بَلَى , فَقَالَ , الشِّرْكُ الْخَفِيُّ , أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي , فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ , لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ , النوع الرابع , السمعة , وهي إخبار الناس بالعبادة ابتغاء ثنائهم وإعجابهم , وهي داخلة في الشرك الخفي , النوع الخامس , التّطيّر , وهو التشاؤم بأشياء معينة كالرجل الأسود أو الهِرّ الأسود , وسُمّي بالتطير لأن العرب في الجاهلية كانوا إذا همّوا بالخروج إلى سفر أطلقوا طائرا , فإن طار يمينا تفاءلوا وسافروا وإن طار شمالا تشاءموا ورجعوا , قال , صلى الله عليه وسلم , & , quot , الطِّيَرة شرك , & , quot , وأما التفاؤل بالخير فلا بأس به , كالتفاؤل بالأذان أو سماع القرآن أو رؤية رجل صالح , فقد كان النبي , صلى الله عليه وسلم , يُعجبه الفأل الحسن , الأصل الثاني , كُفر الجحود والعناد , وهو التكذيب بالإسلام رُغم العلم بصِدقه ككفر آل فرعون , قال سبحانه وتعالى في حقهم , ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ﴾ , أي كفروا بلا إله إلاّ الله رُغم علمهم بصدقها , الأصل الثالث , كفر التكذيب , وهو الكفر بالإسلام جهلا بصِدقه , قال سبحانه وتعالى , ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ﴾ , الأصل الرابع , كفر الإيباء والاستكبار , وهو الكفر بالإسلام بسبب احتقار أهله ككفر إبليس , قال سبحانه , ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ ﴾ , الأصل الخامس , كفر الشك , وهو التردد في صدق الإسلام , قال سبحانه , ﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ , الأصل السادس , كفر الإعراض , وهو إهمال الإسلام وترك تعلّمه والعمل به , قال سبحانه وتعالى , ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ﴾ , وقال تعالى أيضا , ﴿ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً ﴾ , الأصل السابع , كفر النفاق , وهو إبطان الكفر وإظهار الإسلام , قال سبحانه وتعالى , ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ , وقال تعالى أيضا , ﴿ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ المُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً ﴾ , وينقسم الكفر إلى كفر أكبر وكفر أصغر , الكفر الأكبر هو الذي بيّنّا أصوله وأما الكفر الأصغر فهو الذنب الذي سُمّي في الشرع بالكفر ولا يُخرج من الإسلام , لذلك سُمّي بالأصغر كقتال المؤمن , قال , صلى الله عليه وسلم , & , quot , سِباب المؤمن فسوق وقتاله كفر , & , quot , والدليل الذي صَرَف الكفر في الحديث من الكفر الأكبر إلى الكفر الأصغر قوله تعالى , ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾ , قال الحافظ بن كثير فقد أثبت سبحانه وتعالى الإيمان لِكلا الطائفتين رُغم اقتتالهم , وموانع اتباع الكفار للإسلام ستة , المانع الأول , التعصب لما كان عليه الآباء والأجداد , قال تعالى , ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ ﴾سورة البقرة – الآية , المانع الثاني , اتباع الهوى , وهو شهوة النفس , قال سبحانه , ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ﴾سورة ص – الآية , المانع الثالث , الكِبْر , وهو احتقار الناس والتعالي عليهم , فهو السبب الذي منع إبليس من الإسلام , قال تعالى , ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ , سورة البقرة – الآية , المانع الرابع , الخوف من زوال مصلحة دُنيوية كالملك أو المال أو الجاه , قال سبحانه وتعالى , ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَة ﴾سورة التغابن الآية , وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ المَرْءِ عَلَى المَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ , أي الحرص على المال والجاه يُفسد الدِّين كما يفسد الذنبان الجائعان الغنم , وقد كان الحرص على المُلك سببا في ارتداد هِرقل ملك الروم بعدما آمن , المانع الخامس , الحسد , وهو تمنِّي زوال النعمة عن الغير , فهو من أسباب كُفر اليهود لأنهم حسدوا العرب على , النبي صلى الله عليه وسلم , وعلى القرآن , قال سبحانه وتعالى , ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ﴾ سورة البقرة – الآية , المانع السادس , الجهل , وهو هنا عدم معرفة الإسلام , قال تعالى , ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ ﴾ , سورة التوبة – الآية , و وجه المناسبة والله تعالى أعلم بين هذه الآية والآية التي قبلها أنه تعالى , لا يقبل عبادة من أحد حتى يكون مسلما , قال تعالى , & , quot , وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ , & , quot , سورة آل عمران – الآية , أن من آداب الدعاء أن يبدأ بالثناء على الله لأن الآيات التي قبل هذه الآية ثناء عليه سبحانه , الفوائد المستخلصة من الآية , أن التوفيق إلى الحق بيد الله سبحانه وتعالى , استحباب أن يدعو المؤمن لنفسه وإخوانه , أن الله تعالى لا يقبل دينا غير الإسلام بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم , أن الإسلام هو منهاج الحياة القويم والمتكامل الذي يدفع البشرية إلى السعادة ويبعدها عن الشقاوة في الدنيا والآخرة , & , quot , صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ , & , quot , إعراب الآية , صراط , بدل تابع للمبدل منه في نصبه وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره وهو مضاف , الذين , اسم موصول مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه , أنعمت , فعل ماض مبني على السكون والتاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل , عليهم , على , حرف جر , هم , ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر اسم مجرور , وجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب , شرح الآية , أي دين ومنهاج الذين أنعم الله عليهم بالمنهاج القويم والدين الحق والسعادة الدنيوية والجنة والنظر إلى وجه الله في الآخرة من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين , قال تعالى , & , quot , وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا , ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا , & , quot , سورة النساء – الآيات , والنبي هو الرجل الإنسي العاقل المعصوم من الكفر والكبائر والرذائل والمكلف بتبليغ رسالة ربه , فكل رسول نبي وليس كل نبي رسول والفرق بينهما على أرجح أقوال أهل العلم , الرسول هو , الذي أوحي إليه بشرع جديد غالبا ويبعث إلى قوم مشركين , وقلنا غالبا ليخرج من القاعدة سيدنا إسماعيل عليه السلام فهو رسول نبي أبقاه الله على شرع أبيه ابراهيم عليه السلام , وأما النبي فهو , الذي أوحي إليه بإحياء شرع من قبله غالبا ويبعث إلى قوم مؤمنين وقلنا غالبا لأنه يستثنى من القاعدة آدم عليه السلام فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه نبي ولا شك أن لا شرع قبله لكونه أبو البشر وقد أخطأ من عرف النبي بالذي أوحي إليه بالرسالة ولم يؤمر بالتبليغ والرسول أمر بالتبليغ لأن هذا يتنافى مع الحكمة الإلهية المطلقة ويتعارض مع قوله تعالى , & , quot , وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ , & , quot , سورة آل عمران – الآية , فأما الصديق فهو المبالغ في الإخلاص لربه والصدق في دينه كسيدنا أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه قال تعالى , & , quot , وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ , & , quot , سورة الحديد – الآية , و أما الشهيد فهو الذي قتل في جهاد مشروع لتكون كلمة الله هي العليا , عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ , جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ الرَّجُلُ , يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ , وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ , وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ , فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ , مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , لو يشار لمن له حكم الشهيد كقوله صلى الله عليه وسلم قال , المبطون شهيد , والمطعون شهيد , صحيح البخاري , و أما الصالح هو الذي يصلح حياته وآخرته بامتثال أوامر ربه واجتناب نواهيه قال تعالى , & , quot , وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ , & , quot , سورة الأعراف – الآية , و وجه المناسبة بين هاته الآية والله تعالى أعلم والآية التي قبلها , أن الإسلام هو الدين الحق والمنهاج القويم الذي ينعم أتباعه بالسعادة الدنيوية والأخروية , قال تعالى , & , quot , أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ , مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ , & , quot , سورة القلم – الآيات , الفوائد المستخلصة من الآية , أن الإسلام هو دين جميع الأنبياء والصالحين في كل مكان وزمان , أن الإسلام هو أقوم منهاج حياة يكفل للإنسان السعادة الدنيوية والأخروية , أن أعظم نعمة هي الهداية إلى العمل بالإسلام لأن الإنسان يعيش بها كريما سعيدا وينال بها السعادة الأبدية وهي الجنة , أن من صفاته سبحانه وتعالى , & , quot , الإنعام , & , quot , وليس من أسمائه المنعم , لأن اسم الله يشتق من الاسم لا الفعل قال تعالى , & , quot , وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ , & , quot , سورة النحل – الآية , & , quot , غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ , & , quot , إعراب الآية , غير , بدل تابع للمبدل منه في جره المضمر في عليهم وقيل المضمر في الذين أو نعت تابع له في جره وهو مضاف , المغضوب , مضاف إليه , عليهم , جار ومجرور متعلق بالمغضوب , الواو للعطف , لا , زائدة لتأكيد والتنبيه , وقد قرئت الراء بالفتح , & , quot , غَيْرَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ , & , quot , وهي قراءة شاذة , أي لا تجعلنا على دين ومنهاج الذين غضب الله عليهم بسبب تركهم العمل بالعلم كإبليس واليهود ومن كان على شاكلتهم ولا الذين انحرفوا عن الصراط المستقيم بسبب جهلهم بالدين كرهبان النصارى وغلاة الخوارج والتصوف ومن كان على شاكلتهم , قال صلى الله عليه وسلم , إِنَّ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِمُ الْيَهُودُ , وإنَّ الضَّالِّينَ النَّصَارَى , و ينقسم العمل بالعلم إلى كفر ومعصية ومكروه ومباح , فالكفر , كترك اعتقاد أصول الإيمان والعمل بالتوحيد , و أما المعصية كشرب الخمر مع العلم أنها حرام , و أما المكروه , كترك المستحبات , و أماالمباح , كترك العمل بسنن العادات مثل طريقة مشيته صلى الله عليه وسلم وما يحبه من المأكولات , و الكفر والمعصية يوجبان غضبه سبحانه قال تعالى , & , quot , وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ , & , quot , سورة البقرة الآية , وقال أيضا , & , quot , بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ , & , quot , سورة البقرة – الآية , و ينقسم الضلال إلى كفر وبدعة , فالكفر هو الذي دل الدليل على أنه يخرج من الإسلام كاعتقاد إيمان وصلاح إبليس قال تعالى , & , quot , إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ , & , quot , سورة آل عمران – الآية , و أما البدعة في هذا السياق , فهي التقرب بعبادة إلى الله لم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كالذكر بالشطحات والرقصات الطرقية , قال تعالى , & , quot , وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا , & , quot , سورة النساء – الآية , 115 وقد دلت هذه الآية , & , quot , غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ , & , quot , على صفة فعلية من صفاته تعالى وهي الغضب , فهو تعالى يغضب غضبا يليق به لا كغضب الخلق , والصفات الفعلية تابعة لمشيئته سبحانه وتعالى فهو يغضب متى شاء على من شاء بعدل مطلق وحكمة بالغة وإرادة نافذة , و وجه المناسبة والله تعالى أعلم بين هاته الآية والآية التي قبلها , أصل الولاء والبراء , فالولاء حب الله تعالى وحب جميع محبوباته وهو مضمن في قوله تعالى , & , quot , اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ , صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ , & , quot , و البراء هو بغض جميع مبغوضاته تعالى وهو مضمن في قوله تعالى , & , quot , غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ , & , quot , قال تعالى , & , quot , قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ , & , quot , سورة الممتحنة – الآية , 4و قال أيضا , & , quot , و إذ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ , إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ , & , quot , سورة الزخرف , الآيات , الفوائد المستخلصة من الآية , أن من صفاته تعالى الفعلية الغضب , أن الله تعالى يغضب على من ترك العمل مع علمه به , لزوم وصف الضلال لكل جاهل بالإسلام , أن المغضوب عليهم والضالين في النار عكس المنعم عليهم , أن العالم التارك للعمل أشر من الجاهل لأنه تعالى قدم المغضوب عليهم على الضالين , أن من أراد أن يرض ربه عنه ويكون على صراطه المستقيم فعليه الجمع بين العلم والعمل , آمين , اتفق المفسرون أنها ليست من الفاتحة إنما هي جواب على الدعاء المضمن في الفاتحة ومعناها , & , quot , اللهم استجب , & , quot , و حكمها , تجب على المأموم إن أمن الإمام لقول النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , & , quot , إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ , فَأَمِّنُوا , فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ , & , quot , و أما إذا لم يؤمن الإمام فلا يجوز للمأموم أن يؤمن فعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ , & , quot , إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ , فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ , & , quot , و وقت تأمين المأموم بعيدة تأمين الإمام والدليل أنه صلى الله عليه وسلم قال , & , quot , إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ , فَأَمِّنُوا , & , quot , و محل الشاهد أن أمن فعل ماض يفيد الانقطاع وقيل يؤمن مع الامام والراجح القول الأول , و يستحب التأمين للمنفرد والامام , وفي الصلاة السرية للمأموم , لأنه صلى الله عليه وسلم كان يؤمن في هذه الحالات , ويجهر بالتأمين في الصلاة الجهرية فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , قَالَ , تَرَكَ النَّاسُ التَّأْمِينَ , وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ , & , quot , {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} , الفاتحة , قَالَ , آمِينَ , حَتَّى يَسْمَعَهَا أَهْلُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ , فَيَرْتَجُّ بِهَا الْمَسْجِدُ , & , quot , و يستحب أيضا أن يُمد بها الصوت فعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ , سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ , {وَلَا الضَّالِّينَ} , الفاتحة , فَقَالَ , & , quot , آمِينَ , & , quot , يَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ , & , quot , و نقول في النهاية أن سورة الفاتحة بحر شاسع من العلم والحكم والمواعظ البليغة مهما درسنا وتحرينا وجمعنا وكتبنا فلن نصل إلى ساحله وأملنا في الله أن يتقبل منا ما كتبناه ويحفظه بما حفظ الذكر الحكيم ويكتب له الانتشار والقبول بين الناس ويجعله هاديا إلى الصراط المستقيم والمنهاج السليم ورضوان الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , تم بحمد الله يوم الأحد 18رمضان 1436 بمدينة مراكش الحمراء , على الساعة السابعة مساء , و الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات , مَتْنُ طَاِلبِ التَّفْسِيرِ , تأليف , أبي الحسن هشام المحجوبي , أبي مريم عبد الكريم صكاري , بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , الْحمدُ لِلهِ مُبَيِّنِ القرآنِ بسنة خيرِ الآنامِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ وعلى آل بيتهِ وصحابتهِ الكرامِ , عِلْم أُصولِ التفسيرِ , اِعلمْ وفقكَ اللهُ أنَّ أُصولَ التَّفسيرِ عِلمٌ يبحثُ في الأصولِ والقواعدِ والمناهجِ الشرعيةِ التي توصلُ المفسِّرَ إلى المعنى الصحيحِ لكتابِ اللهِ , وأولُ من ألفَ فيهِ الإمامُ أبو جعفرَ مُحمدٌ اِبنُ جريرٍ الطبريُّ في مقدمةِ تفسيرهِ , & , quot , جَامِعُ البَيَانِ فِي تَفْسِيرِ القُرْآنِ , & , quot , وحُكمهُ فرضُ كِفايةٍ , وأمَّا ثَمرتُهُ فهي صَوْنُ الفهمِ عنِ الخَطإِ في تأويلِ كتابِ اللهِ , وَ يشتمِلُ هذا العلمُ على عدَّةِ مباحثَ , المبحثُ الأولُ , معرفةُ المنهجيةِ الصَّحيحةِ للتفسيرِ , فالتفسيرُ هو , الكَشفُ عن معاني القرآنِ , و منهجيَّتُهُ الصَّحِيحةُ هي , تَفسيرُ القرآنِ بالقرآنِ وتفسيرُ القرآنِ بالسنَّةِ النَّبَوِيَّةِ وتفسيرُ القرآنِ بأقوالِ الصَّحابةِ وتفسيرُ القرآنِ بأقوالِ التابعينَ وتفسيرُ القرآنِ باللغةِ العربيةِ , المبحثُ الثَّانِي , مَعرفةُ الدَّلاَلاَتِ اللغويةِ الَّتِي يحتاجُ إِليهَا المُفسرُ , كالخبرِ والإنشاءِ والمشتركِ المعنوي والمترادفِ , فالخبرُ , هوَ كلُّ قولٍ يحتملُ الصِّدقَ والكذبَ , كقولِكَ , & , quot , خليلٌ يقرأُ القرآنَ , & , quot , و أمَّا الإنشاءُ فهوَ مَا لاَ يحتمِلُ الصدقَو لا الكذِبَ ويتضمَّنُ كلاً منَ الأمرِ والنَّهيِ والدُّعاءِ والإلْتِمَاسِ والإستفهامِ والتمنِّي و الرجاءِ والعرْضِ والتَّحْضِيضِ والقسمِ والذَّمِّ والمدحِ وصيغِ البيعِ , فالأمرُ , هو طلبُ الفعلِ مِمَّنْ هوَ أَعلى إلى مَنْ هوَ أَدْنى على سبيلِ الوجوبِ حتَّى تصرفَهُ قرينَةٌ إلى النَّدبِ أو الإباحَةِ , ويكونُ بصيغةِ إفعلْ أو مُضَمَّنا في الخبرِ , و أمَّا النَّهْيُ , فهو طلبُ تركِ الفعلِ مِمَّنْ هو أعلى لِمَنْ هوَ أدْنَى على سبيلِ المنْعِحتَّى تَصْرِفَهُ قرينَةٌ إلى الكَراهةِ , ويكونُ على صِيغَةِ لا تفعلْ أو مضمنا في الخبر , و أما الدُّعاءُ , فهو طلبٌ مِمَّنْ هو أدْنَى إلى مَنْ هو أَعْلى , و أمَّا الإلْتِمَاسُ , فَهُوَ طلبٌ مِنْ مُساوٍ , و أَمَّا الإسْتِفْهامُ , فهوَ تَوْجيهُ السُّؤالِ , و أمَّا التَّمَنِّي , فهو الرَّغْبَةُ في شَيْءٍ بعيدِ المنالِ , و أمَّا الرَّجَاءُ , فهوَ الرغبة في شيء قريبِ المنالِ , و أما العرْضُ , فهو طَلَبُ الشَّيْءِ برفْقٍ ولِينٍ , و أما التَّحْضيضُ , فهو طلب الشيء بشدةٍ , و أما القَسَمُ , فهو الحلفُ , و أما الذَّمُّ , فهو ذِكْرُ المَعَايِبِ , و أما المدحُ , فهو ذكر المحاسنِ , و أما صِيَغُ البيعِ , كقولك بِعتُكَ كذا بكذا , النوع السادس , إطلاقُ الكُلِّ على الجُزءِ , كقَول الله تَعَالَى في الحديثِ القدسي , قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ , & , quot , النوع السابع , إطلاق المُسَبَّبِ على السَّبَبِ , كقوله تعالى , & , quot , وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا , & , quot , النوع الثامن , إطلاق السبب على المسبب , كقوله تعالى , & , quot , أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا , & , quot , و أما المُشْتَرَكُ , فهو اللَّفْظُ الواحدُ الَّذي يتضمَّنُ عِدَّةَ مَعَانِيَ مُخْتَلِفَةً مثل كلمةِ , & , quot , اشْتَرَى , & , quot , وينقسمُ إلى مشتركٍ حرفيٍ ومشتركٍ اسميٍ ومشتركٍ فِعليٍ , و أما المُترادِفُ فهو اللألْفَاظ المُخْتلِفةُ في البناءِ والمُتَّفِقةِ في المعنى كالعلْمِ والمعْرِفةِ , المبحث الثالث , معرفةُ دَلَالَاتِ التفسيرِ , تنقسمُ دلالاتُ التَّفْسيرِ إلى دلالاتٍ يُحتَجُّ بها وإلى دلالات لا يُحتَجُّبها , الدلالات التي يحتج بها هي , المُحْكَمُ , والظَّاهِرُ , والمُبَيَّنُ , والمَنْطوقُ , ومَفْهومُ المُوافقةِ , ومفهومُ المخالفةِ , ودلالةُ السِّيَّاقِ , ودلالةُ الإشارةِ , ودلالةُ الاِقْتِضاءِ , ودلالةُ الإيماءِ , فالمُحْكَمُ هُوَ , النَّصُّ الواضحُ , بحيثُ لا يَحتاجُ إلى نصٍ آخرَ لِبيانِ معناهُ وأما الظَّاهر فهو , الدَّلالةُ الشَّرْعِيَّةُ المُتَضَمِّنَةُ لِمعنى راجحٍ , وأما المُبَيَّنُ فهو , الدَّلَالَةُ الشَّرْعيةُ المُفَسِّرَةُ لِلْمُتَشَابِهِ , و أما المَنْطُوقُ فهو , دَلَالَةُ الَّلفْظِ الظَّاهِرَةِ , وأما مفهوم المُوَافَقَةِ فهو , المعنى المَسْكُوتُ عَنْهُ المُوَافِقِ لِلْمَنْطُوقِ , و أما مفهوم المُخَالَفَةِ فهو , المعنى المَسْكُوتُ عنه المُخَالِفِ لِلْمَنْطُوقِ , و أما دَلَالَةُ السِّيَّاقِ فهي , المعنى الذي قَبْلَ الكَلَامِ وبَعْدَهُ , ويسمى الذي قَبْلَ الْكَلَامِ بالسِّبَاقِ والَّذي بعدهُ بالِّلحاقِ , و أما دلالة الإشارةِ فهي , المعنى التَّابِعُ لِلْمَقْصُودِ مِنَ النَّصِّ , و أما دلالة الاقْتِضَاءِ فهيَ , الَّلفْظُ المُقَدَّرُ الَّذِي لَوْلَاهُ لَمَا اسْتَقَامَ معنى النَّصِّ , و أما دلالة الايماءِ فهي , الوَصْفُ الذي لولاه لَمَا كان للدليل معنى , و أما الدلالات التي لا يُحْتَجُّ بها فهي , المُتَشَابِهُ , والمُؤَوَّلُ , فالمُتَشَابِهُ هُوَ , النَّصُّ الَّذِي خَفِيَ مَعْنَاهُ بِحَيْثُ يَحْتَاجُ إلى نَصٍّ آخَرَ لِبَيَانِهِ أو يَحْتَمِلُ عِدَّةَ أَوْجُهٍ , ومَنْهَجُ أَهْلِ الحَقِّ تَفْسِيرُهُ بِالمُحْكَمِ , و أما المُؤَوَّلُ فهو , الدَّلَالَةُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي تَحْتَمِلُ مَعْنًى مَرْجُوحاً , المبحث الرابع , مَعْرِفَةُ الإِسْرائيلِياتُ في التَّفْسِيرِ , فالإسرائيلياتُ هي , قَصَصُ بَنِي إسرائيلَ وتنقسم إلى ثلاثة أنواعٍ , النوع الأول , إسرائيلياتٌ جاءَ بها القرآنُ والسنَّةُ فهذه حجةٌ في التفسيرِ , النوع الثاني , إسرائيليات جاءتْ في كتب بني إسرائيلَ ووَافَقَتْ شرعنا فهذه لا تُصدَّقُ ولا تُكذَّبُ , ويُستأنسُ بها في التفسيرِ , النوع الثالث , إسرائيليات جاءت في كتب بني إسرائيل وخالفت شرعنا , فهذه تُرد باتِّفاقِ المُفَسِّرِينَ , المبحث الخامس , معرفة العَامِّ والخاصِّ , والمُطْلَقِ والمُقَيَّدِ , فالعامُّ هو , اللفظ المُسْتَغْرِقُ الشَّامِلُ كقوله تعالى , & , quot , كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ , & , quot , و صيغُ العمومِ في اللغة كثيرة كلفظ , & , quot , كلٍّ , & , quot , & , quot , ال , & , quot , للجنس والاستغراقِ , & , quot , النَّكِرةُ , & , quot , في سياق النفيِ أوِ النهيِ أو الشرطِ أو الاستفهامِ , & , quot , متى , & , quot , في عموم الزمان , & , quot , أينما , & , quot , في عموم المكان , & , quot , مَنْ , & , quot , للعاقل و , & , quot , ما , & , quot , لغير العاقل , والمفرد المضاف , و أما الخَاصُّ فهو , اللفظُ المُسْتَثْنِي لبعض أفرادِ العمومِ كقوله تعالى , & , quot , قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ , & , quot , و ينقسم التَّخْصِيصُ إلى تخْصيصٍ بالعقل , وتخصيصٍ بالحسِّ , و تخصيصٍ بالعرف وتخصيصٍ بالوصف , وتخصيصٍ بالنَّصِّ , و أما المُطْلَقُ فهو , ما دَلَّ على ذاتٍ غيرَ مُقَيَّدَةٍ بوصف , كقوله تعالى في كفارة اليمين , & , quot , أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ , & , quot , و أما المُقَيَّدُ فهو , الوصف الذي يُقَيِّدُ مُطْلَقَ الذَّاتِ كقوله تعالى في كفارة القتل الخطإ , & , quot , وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ , & , quot , و يُحمل المُطْلَقُ على المُقَيَّدِ إن اتفقا في السببِ والحُكْمِ أو اتفقا في الحُكْمِ واختلفا في السبب , المبحثُ السادسِ , مَعْرِفَةُ النَّاسِخِ وَالمَنْسُوخُ , النَّسْخُ هو , تَعْويضُ لَفْظٍ أو حُكْمٍ شَرْعِيٍ سَابِقٍ بدليلٍ شرعيٍ لاحقٍ , و ينقسم إلى أربعة أقسام , نسخُ القرآنِ للقرآنِ , ونسخُ السنةِ للقرآنِ , و نسخُ القرآنِ للسنةِ , ونسخُ السنةِ للسنةِ , وينقسم النسخ في القرآن إلى ثلاثة أقسامٍ , القسم الأول , ما نُسِخَ رَسْمُهُ وحُكْمُهُ , القسم الثاني , ما نُسِخَ حُكْمُهُ وبَقِيَ رَسْمُهُ , القسم الثالثِ , ما نُسِخَ رَسْمُهُ وبَقِيَ حُكْمُهُ , المبحث السابع , مَعْرِفَةُ القُرْآنِ المَكِيِّ والمَدَنِيِّ , فالقرآنُ المكيُّ هو , الذي نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرةِ ويعرفُ بإخبارِ الصَّحابي ونبذِ الشِّرْكِ , وتأصيلِ العقيدةِ , وبلفظ , & , quot , يَا أَيُّهَا النَّاس , & , quot , وذكر قَصَصِ الأمم السَّابِقَة وقوَّة الخطابِ , و أما القرآنُ المَدَنِيُّ فهو , الذي نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهِجرةِ ويعرف بإخبار الصحابي , وبذكر الأحكام الفقهية , وبفضح المنافقينَ , وذكر بعض الغزوات , وانتقال الخطاب إلى أهل الكتاب , ولفظ , & , quot , يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا , & , quot , و الفائدة من معرفة المكيِّ والمدنيِّ هي , تعميقُ الفهمِ لكتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ ومعرفةِ الناسخِ والمنسوخِ , المبحث الثامن , مَعْرِفَةُ أَسْبَابِ النُّزولِ , فأسباب النزولِ هي , الأسئلةُ والحوادثُ التي كانت سبَباً في نزول القرآن زمن النبوَّةِ , فقد يتعدَّدُ النَّازِلُ والسَّبَبُ واحدٌ , وقد تتعدد الأسباب والنازل واحد , و فائدة معرفتِها الوصول إلى المعنى الصحيح للقرآن الكريم , والسَّعة في الإطلاع على معانيه , المبحث التاسع , مَعْرِفَةُ اخْتِلافِ التَّنَوُّعِ واختلافِ التَّضَادِ , فاختلاف التَّنَوُّعِ هو , اتفاق المفسرينَ على معنى الآية مع اختلافِهم في التعبيرِ , أو تفسيرِهم للآية بمعاني مختلفة يسوغ الجمع بينهما , و أما اختلافُ التَّضادِ فهو , تفسير الآيةِ بمعنيين أحدُهما راجحٌ والآخر مرجوحٌ , المبحث العاشر , معرفة شروطِ المفسرِ , شروطِ المفسرِ ثمانيةٌ , الشرطُ الأولُ , التَّقْوَى والسَّمْتُ الحسن عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ , قَالَ , إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ , فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ , الشرط الثاني , سلامة العقل والنَّفس من الأمراض , الشرط الثالث , أن يكون مُلِمًّا بعلوم الآلة كاللغة وأصول الفقه ومصطلح الحديث , الشرط الرابع , أن يكون مُلِمًّا بأصول العقيدة الصحيحة , الشرط الخامس , أن يكون مُطَّلِعاً على كتب الحديث كالصحيحين , والسنن الأربعة , وموطأ الإمام مالك , ومسند الإمام أحمد , الشرط السادس , أن يكون له علم بفقه المذاهب الأربعة , الشرط السابع , أن يكون له علم بالتاريخ والسِّيَّر والمغازي , الشرط الثامن , أن يكون له اطلاع واسع على تفاسير المتقدمين والمتأخرين , تم بحمد الله , قائمة المصادر والمراجع , كتاب رب العالمين , القرآن الكريم , الكتاب , تفسير القرآن العظيم , ابن كثير , المؤلف , أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي , المتوفى , 774هـ , المحقق , محمد حسين شمس الدين , الناشر , دار الكتب العلمية , منشورات محمد علي بيضون , بيروت , الطبعة , الأولى , 1419 هـ , الكتاب , تفسير الجلالين , المؤلف , جلال الدين محمد بن أحمد المحلي , المتوفى , 864هـ , وجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي , المتوفى , 911هـ , الناشر , دار الحديث , القاهرة , الطبعة , الأولى , عدد الأجزاء , الكتاب , فتح القدير , المؤلف , محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني , المتوفى , 1250هـ , الناشر , دار ابن كثير , دار الكلم الطيب , دمشق , بيروت , الطبعة , الأولى , 1414 هـ , الكتاب , تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان , المؤلف , عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي , المتوفى , 1376هـ , المحقق , عبد الرحمن بن معلا اللويحق , الناشر , مؤسسة الرسالة , الطبعة , الأولى 1420هـ , 2000 م , عدد الأجزاء , الكتاب , التحرير والتنوير , تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد , المؤلف , محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي , المتوفى , 1393هـ , الناشر , الدار التونسية للنشر , تونس , سنة النشر , 1984 هـ , عدد الأجزاء , والجزء رقم 8 في قسمين , الكتاب , أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير , المؤلف , جابر بن موسى بن عبدالقادر بن جابر أبوبكرالجزائري , الناشر , مكتبة العلوم والحكم , المدينة المنورة , المملكة العربية السعودية , الطبعة , الخامسة , 1424هـ , 2003م , عدد الأجزاء , الكتاب , التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج , المؤلف , دوهبة بن مصطفى الزحيلي , الناشر , دار الفكر المعاصر , دمشق , الطبعة , الثانية , 1418 هـ , عدد الأجزاء , الكتاب , جامع البيان في تأويل القرآن , المؤلف , محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي , أبوجعفر الطبري , المتوفى , 310هـ , المحقق , أحمد محمد شاكر , الناشر , مؤسسة الرسالة , الطبعة , الأولى , 1420 هـ , 2000 م , عدد الأجزاء , الكتاب , التيسير في القراءات السبع , المؤلف , عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر أبوعمر والداني , المتوفى , 444هـ , المحقق , اوتوتريزل , الناشر , دارالكتاب العربي , بيروت , الطبعة , الثانية , 1404هـ , 1984م , عدد الأجزاء , الكتاب , أسباب نزول القرآن , المؤلف , أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي , النيسابوري , الشافعي , المتوفى , 468هـ , المحقق , عصام بن عبدالمحسن الحميدان , قال المحقق , قمت بتوفيق الله وحده بتخريج أحاديث الكتاب تخريجا مستوفى على ما ذكر العلماء أو ما توصلت إليه من خلال نقد تلك الأسانيد , الناشر , دار الإصلاح , الدمام , الطبعة , الثانية , 1412 هـ , 1992 م , الكتاب , متن الشاطبية = حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع , المؤلف , القاسم بن فيره بن خلف بن أحمد الرعيني , أبو محمد الشاطبي , المتوفى , 590هـ , المحقق , محمد تميم الزعبي , الناشر , مكتبة دار الهدى ودار الغوثاني للدراسات القرآنية , الطبعة , الرابعة , 1426 هـ , 2005 م , عددالأجزاء , الكتاب , مناهل العرفان في علوم القرآن , المؤلف , محمد عبدالعظيم الزُّرْقاني , المتوفى , 1367هـ , الناشر , مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه , الطبعة , الطبعة الثالثة , عدد الأجزاء , الكتاب , الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير , المؤلف , محمد بن محمد بن سويلم أبوشُهبة المتوفى , 1403هـ , الناشر , مكتبة السنة , الطبعة , الرابعة , عدد الأجزاء , الكتاب , أصول في التفسير , المؤلف , محمد بن صالح بن محمد العثيمين , المتوفى , 1421هـ , أشرف على تحقيقه , قسم التحقيق بالمكتبة الإسلامية , الناشر , المكتبة الإسلامية , الطبعة , الأولى , 1422 هـ , 2001 م , عدد الأجزاء , الكتاب , القاضي عياض ومفهومه للإعجاز القرآني , المؤلف , أحمد جمال العمري , الناشر , الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة , الطبعة , السنة العاشرة – العدد الثاني , 1397هـ , 1977 م , عدد الأجزاء , الكتاب , الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري , المؤلف , محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي , المحقق , محمد زهير بن ناصر الناصر , الناشر , دار طوق النجاة , الطبعة , الأولى , 1422هـ , عدد الأجزاء , الكتاب , المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , المؤلف , مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري , المتوفى , 261هـ , المحقق , محمد فؤاد عبد الباقي , الناشر , دار إحياء التراث العربي , بيروت , عدد الأجزاء , الكتاب , سنن أبي داود , المؤلف , أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السِّجِسْتاني , المتوفى , 275هـ , المحقق , محمد محيي الدين عبد الحميد , الناشر , المكتبة العصرية , صيدا , بيروت , عدد الأجزاء , الكتاب , سنن الترمذي , المؤلف , محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك , الترمذي , أبو عيسى , المتوفى , 279هـ , تحقيق وتعليق , أحمد محمد شاكر , جـ 1 , ومحمد فؤاد عبد الباقي , جـ 3 , وإبراهيم عطوة عوض المدرس في الأزهر الشريف , جـ 4 , الناشر , شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي , مصر , الطبعة , الثانية , 1395 هـ , 1975 م , عدد الأجزاء , 5 أجزاء , الكتاب , المجتبى من السنن = السنن الصغرى للنسائي , المؤلف , أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الخراساني , النسائي , المتوفى , 303هـ , تحقيق , عبد الفتاح أبو غدة , الناشر , مكتب المطبوعات الإسلامية , حلب , الطبعة , الثانية , 1406 , 1986 , عدد الأجزاء , الكتاب , سنن ابن ماجه , المؤلف , ابن ماجة أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني , وماجة اسم أبيه يزيد , المتوفى , 273هـ , تحقيق , محمد فؤاد عبد الباقي , الناشر , دار إحياء الكتب العربية , فيصل عيسى البابي الحلبي , عدد الأجزاء , الكتاب , الموطأ , المؤلف , مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني , المتوفى , 179هـ , المحقق , محمد مصطفى الأعظمي , الناشر , مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية , أبو ظبي , الإمارات , الطبعة , الأولى , 1425 هـ , 2004 م , عدد الأجزاء , منهم مجلد للمقدمة , و3 للفهارس , الكتاب , مسند ابن أبي شيبة , المؤلف , أبو بكر بن أبي شيبة , عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن خواستي العبسي , المتوفى , 235هـ , المحقق , عادل بن يوسف العزازي وأحمد بن فريد المزيدي , الناشر , دار الوطن , الرياض , الطبعة , الأولى , 1997م , عدد الأجزاء , الكتاب , مسند الإمام أحمد بن حنبل , المؤلف , أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني , المتوفى , 241هـ , المحقق , شعيب الأرنؤوط , عادل مرشد , وآخرون , إشراف , د عبد الله بن عبد المحسن التركي , الناشر , مؤسسة الرسالة , الطبعة , الأولى , 1421 هـ , 2001 م , الكتاب , صحيحُ ابن خُزَيمة , المؤلف , أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النيسابوري , المتوفى , 311هـ , حَققهُ وعَلّق عَلَيه وَخَرّجَ أحَاديثه وَقدَّم له , الدكتور محمد مصطفى الأعظمي , الناشر , المكتب الإسلامي , الطبعة , الثالثة , 1424 هـ , 2003 م , عدد الأجزاء , الكتاب , المعجم الكبير , المؤلف , سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي , أبو القاسم الطبراني , المتوفى , 360هـ , المحقق , حمدي بن عبد المجيد السلفي , دار النشر , مكتبة ابن تيمية , القاهرة , الطبعة , الثانية , عدد الأجزاء , الكتاب , صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان , المؤلف , محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ , التميمي , أبو حاتم , الدارمي , البُستي , المتوفى , 354هـ , المحقق , شعيب الأرنؤوط , الناشر , مؤسسة الرسالة , بيروت , الطبعة , الثانية , 1414 , 1993 , عدد الأجزاء , 17 جزء ومجلد فهارس , الكتاب , المستدرك على الصحيحين , المؤلف , أبو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نُعيم بن الحكم الضبيالطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع , المتوفى , 405هـ , تحقيق , مصطفى عبد القادر عطا , الناشر , دار الكتب العلمية , بيروت , الطبعة , الأولى , 1411 , 1990 , عدد الأجزاء , الكتاب , العبودية , المؤلف , تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي , المتوفى , 728هـ , المحقق , محمد زهير الشاويش , الناشر , المكتب الإسلامي , بيروت , الطبعة , الطبعة السابعة المجددة 1426هـ , 2005م , هذه الرسالة مطبوعة أيضًا ضمن , & , quot , مجموع الفتاوى , & , quot , وفي , & , quot , الفتاوى الكبرى , & , quot , الكتاب , متن القصيدة النونية , المؤلف , محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية , المتوفى , 751هـ , الناشر , مكتبة ابن تيمية , القاهرة , الطبعة , الثانية , 1417هـ , عدد الأجزاء , الفهرس , المقدمة 3 , تفسير الاستعاذة , تفسير البسملة 10 , مَتْنُ طَاِلبِ التَّفْسِيرِ 47 , قائمة المصادر والمراجع 54 , الفهرس 63 #بستان علم النبوءة #التاريخ #الام #ماء الورد #الواح #تسليم #حديد #سلامة #عروة #علامات #عمال #روايات #القرآن #الكريم #اللغة العربية #علوم #الات #عبادة #مسجد #مراجع #الام #عقيدة #العرب #مصادر #مذهب #مذاهب #واجبات #يهود
Rêber Hebûn ريبر هبون
منذ 1 سنة

❞يومياتي❝

01 : 06 : 50 (Rêber Hebûn)- & ريبر هبون & (REBER HEBUN) zanyar di rûbirûbûna tirsê li rojavayê Kurdistanê- Raman - (Rêber Hebûn)- & ريبر هبون & (REBER HEBUN)

❞ Zanyar di rû tirsê de li rojavayê kurdistanê

Rêber Hebûn

https://m.youtube.com/watch?v=ain7OF3JxmM&feature=youtu.be

Nexweşî ew nîşana lawaziyê ye û bi xwe jî ji xuristiya mirovan e ji dema rêyên cuda girtin ji bo jiyanakirina kêliya demî ta roja mirinê hembêz bikin, û tirs mîna baweriyeke qayim e ji xelekeke ji reftar û reweştên civakî hatiye, mirov birêve dibe ji bo nehestbûna xwe bikarbîne, û bermayê civakî bimije, ji çaxê zaroktiyê ve , ji ber ku zarok pêsîra diya xwe dimêtê û tiliyê xwe jî pişt re û bes nake, lê bi hizr û hestê xwe ve bi derbasbûna mezinbûna ramanê xwe dimije, ji ber vê yekê em keda afrênerî dibînin bi rehjenên mirov û berketiyên wî re bi heman demê derbas dibe, ji bo vegirtina nirxa herî baş di rûbirûbûnê de , û diyarbûna rastiya wê a daxwaza jiyaneke bêhtir dadmendî û xweşî dike, bi piştrastina li ser hinira a ku bê cudabûn an armanc hewildide tiştekî bi serxîne lê bi dawî xizmeta desthilatdarî û armancên wê dike, û wisa em wateya ji gera mirovê zanyar di nav hebûnê de dibînin pêşî ji erdnîgariya xwe yê ku di xwe de , di kiryar, helwest û çanda xwe de radike, û ev yeka me dihêle ku em li pêş rastiya xwestekên bê hampa rawestin , ji bo dîtina jiyaneke baştir bê koletî û serdestbûn û herdû ji encamê mêtina nezaniyê derdikevin, û herwiha ji komek reweştên desthilatî ji perestiya cemaweran ji bizdana cîgir re yê ,di jiyana û saziyên wê de cihgirtî, û dema em têkevin di nîşanbûna tirsê bi derbekê dikevin di xefka pirsên vekirî de li ser gelek egeran rodanan li ser maseya dem û cih a bi hevdû ve qemitî pelge dikin, û dibe ku tirs nûnertiya bîngeha girtinheviyê di nav mirovan de bike, û herwiha serdestbûna cîgir a ku bi rengekî neyînî bandora xwe li ser jiyan û civakê bi heman pîvan û nirxên xwe dike, û çawa ku tirs li ser hizr bê vegirtin , nirx têne guhertin bi rêya bandora bizdana ku li ser hemiyan hatiye sepandin, û tirs nûnertiya destpêka girêdana bi rewrewkê dike, û civakên talanbûyî yên ji hiş û azadiya xwe bê par mane hest dibin ku tirs tiştekî divê hebe, û hebûna wî bi xwedayekî ve girêdayî ye, divê ew xweda bê perestkirin û qurbanên mirovî ji bo wî bên e danîn, û herwiha guhdana fermandar ji guhdana wî ye, û çi tiştê diqewime ji gendelî û bobelat ewa xwesteka ew xwedayê zorbaz e, ji ber vê em tirsê dibînin mîna ricîmekê ye ji berhema gana xwestekên desthilatdar bi tiştê dibin e sedem ji hebûna wî re mîna fermandarekî bi deqekî pîroz, kesên sana wê radikin bi hênikiyekê û zordariyeke bi rêk û pêk ve.

Tirs xwe bi cih, dem, perwerde û zanînê ve qemitand û ev tişt şagirt li dibistanan werdigrin, hîştibû gewrî dagirtî ahîn û dilzarî bibe bi ketina tirsê bi awayekî husteyî di henasan de, û ta çanda gelêrî a ji şaxên perwerde û hînkirinê hatibû wergirtin bibû riwekî ji xuristiya civakê re, ji ber vê wêrekî di roparta rojhilatnavînî de tenê destikeke ji xwekirina demborîneke ji derew û pêrawestina sawêrî tewşbûyî û mirov nikare bextê xwe bidêkî ji bo avakirina wêrekiyeke ji rewşa tarî hatibûye wergirtin, ango bi dema niha a ku bi bend û baskên desthilatê û kiryarên wê yên zorbed ve li hember civak û takeksan dorpêçkirî ye û li pêş vê fişara dîrokî û bermayê desthilatî civakan xwe dibînin di rewşeke ji koçberiyê ji henasên xwe re û bi awayekî bêcan,piştpêbestin û bi tirs ji siberojê ve dijîn , û tirs bi awayên ramanî naye berhelistin, ji ber nediyarbûna ramanê, û xweradestbûna ji rastiya tiştê rodayî , û nav lê dibe bêdestî li gor têgeha olî a amadebûyî ji bo pêşwazkirina tirsê, û çavê ku ji tirsa xwedê digrî ew eynê wê li gor derbirîna olî çavê yê ku digrî ji ber zorkariya fermandar û xwediyê malbatê û mamosteyê dibistanê, û nabe di rastiyê de veqetandina bermayê olî ji ya desthilatî ji ber ku herdû du alavên kûr ji têkbirina ronakbîriya civakî ne , ji ber vê yekê komên tirsê di xwepêşandina a ku banga bi jiyana serokê nemir dike tije dibin, lawê xwedê li erdê, yê ku xwedayê padîşah serweriyê dabûyêkî bi bêdestî û vîna wî, ji ber vê divê xelk bang bi jiyana wî bikin, û tirsê xwe dirajin mîna navdariyên dikevin kûrahî û hizrên wan, û herwisa wê kilîtên tirsê bi hêsanî neşkin, berhinde kolan dibin talîzok û serdav têde laperînekên ademî derbas dibin, û rewiştên komî tenê dibin pîvanên ji cotbûna fermandar û fermanber ve li ser rêça afrêner û aferandek hatiye wergirtin , ji ber vê hişmendî vala dibin jibilî ji hinek tewî û gotinên yên kesên hênik wana nifş dû nifşekî vediguhêzînin, ji bo xemilandina jiyana wanî weke henekeke reş, û ev dibe nîşana jiyana wan û nepeniya sertbûn û reşbîniya wan, ta xewinên demukrasî û vebûna li ser civakê tenê çîrok bin ,giyanên vala danagrin, tenê ji hinek xewinên yên bi windabûn û koçberiya giran ve dorpêçbûyî dimînin.

Vexwarina takekes ji tirs re wekî dûrketina wî ji henas re, û veşartina dîmenên aştîbûnê ligel hemî tiştên yên taybet in bi navdariyên afrandina takekesî ve li heyînê , ji ber vê desthilatdar li ser têrbûna civakê ji tirsa ji wan dixebitin , ta ku jiyana civakî bihêlin di çarçoveya dîmenên pabendbûnê ji xwediyê parî û serokê hemdemî re be û bang jêre û cangoriya wî bi rewanê xwe û tiştê girêdayî bi van sloganan, û zarok rastî vê cureyê ji gunokirina ramanî û zanyarî tê ji destpêka çûna xwe li dibistanê û rakirina wî ji dîmenên serokê xwe yî cangorî re.

Ricîmên totelîter takekes hîştibû bibe duriwekî çavşikestî , heznake bibe rexnegir, lê tenê mirovekî rewşa xwe dipejirîne, ji çi kêliyeke tirsê re giravkirî, xwe dike hînckarekî genî di rewşên herî hêsantir, tiştê ku li ser maseya wî bê danîn dipejirîne, bi bandora tirs , serkotkirin û xewkirineke rêbazkirî, ta bibe tenê karkerekî an peymanderekî li kargeha milkeçî ji fermanan re û bixwegirtinên bêreng yên ji reftarên tiyoqratî olî hatibûn e wergirtin , li gor hişmendiya partî û bîrdoziya xwe hatibû guhertin , ji bo bibe olekî giştî bi tirs û rajêrbûna kotekar ve cîtengbûye, û tirs ji hêzên ewlehiyê dewsa dilrehetiyê ji hebûna wê, ji ber ku dezgeha ewlehî çekekî dirêjkirî ye li ser cemaweran taku bitirsin, û xwestina wê ji jiyaneke baştir sînordar be, cîhaneke têde çanda nakokî, û azadbûna derbirînê cîgir dibe, û rastiya peyketinê bi dû serhildan û raperînê mirov dehf dide lêpirsînê li ser nepeniya çûna xwe li erdnîgariya tirsê yê ji cîhanên dilzarî û sertiyê pêktê, û herdû jî henas diwestînin, berhinde ti vîneke azad bin saya metirsiyê nîne , û mirov tiştekî nahilînê ji ferehiya berketinê beranberî dûrkirinê ji jiyana xuristî re , berhinde tirs dihêle mirov bêhiş be di derbarê rewanî û hizrî de, berhinede berketin tune dibe bi nediyarbûna azadî û derbirîna li ser nerînê, û berketin û raberiyên zanyar têkdiçin , û xwe di nav dorpêçkirineke tam de dibîne, berhinde rewrewk û reweştên têkçûyî di henasên takekesan de berz dibin.

Tirs bi encamê zordarî û êşandina henas e, bi sedema bêhêvî û êşên kombûyî, tirs cenga navxweyî derdixîne, û takekesan tirsa xwe ji desthilatê aşkere dikin bi rêya pevçûn û tîjanê wana li hember hevdû ve, berhinde birçî dibin û ji bilî sertiyê ti destikê nabînin ji valakirina hinira tirsa heyî di hundirê wan de, wisa em dibînin ku ev hemî dihêlin mirov bi rastiya desthilatê birame a ku bi şev û roj civakê xwe girêdide bi awayên hûnîjandin û kirtankirina zanyarî, û peywendiyek heye di navbera zordar û mêrê ewlehiyê a zorkar de ji ber herdû bin siha serokê xweda dixebitin , yê bi dû wî ve keriyek mirovî tirsnak dikeve, navdariyên wî sexte dike li gor xwesteka rêxistina serkotkirinê, yê mayîna wî rewa kir û serperestiya ji gelên ku timî xwe bi rengekî bêcan û piştpêbest ditewînin, berhinde ji tirs re nîşanek mezin heye bandora xwe gewre ye li ser civakê û qonaxên takekesên wê, ew bîngeha çi vebuhujîneke giyanî an ramanî ye, û dibe jî ew pencereyeke vekirî be ji aşkerekirina çi tiştê heyî ji hevgarî û bobelatan ve, ji ber ji zikê tirsê ve ew pankirin derdikeve a ku bû ji lajeyên netewên bêdestiyê, ew civakên yên fêrî stuxwariyê ,çanda keriyê û zimandana solên serok ,hemdest û oldaran xwediyên qenciyê bûn e , û ji wêjeyên serokê xêvzana vexwarin, yê dewsa pir kesên stûxwar dirame, ji ber vê yekê rasayî ye jinavbirina ev kula deronî yê cîgir bû û deqên pîroz alîkarbû bi cîgirkirin û bicihkirina wê bi rengekî kûr, ji ber ku pîrozî bandorekî xwe deronî heye li ser çêja takekes û li ser bîngeha rabûna desthilata serkotker a gendel û ava dibe, dema gede bi mêjî re mijol dibe bi gerê ji bo pariya jiyanê her roj, di hizrê kesê peyketî de tiştekî diyar nabe tenê razîbûna kesê yê di destê wî de kilîtin her tiştî heye û ew li ser her tiştî dikare, ev ji aliyekî , û ji aliyê beranber ve desthilatekî heye ked û xebatê wî desteser dike û yê bi dû ketî pêdiviye ku dîmenên derewîkirin û bêdengiyê diyar bike ta jê re sînora herî jêrîn ji jiyana baş hêsan bibe, û di vir de yekem bîngehên tirsê saz dibe.

Û dibe ku dilheyîna me ji jevkirinê re û vegerandina sedeman ji çavkaniyên wêna re ewa dilheyîna me ji çêkirina rêyên rûkirina wergirtinê berve baştirînê be, ji bo aşkerekirina çi tiştê hatibûye veşartin bin navên nimûnî sexte, û mebest ji vê nimûnekirina nîşanên erênî bi ser tirs û desthilatê ve, hewildana bergiriyê ji yek xwedayî re, yê dîmenên wî li her derê belav dibin, û xelk derdikevin dîmenên wî radikin ji bo hezkirina xwe yê sloganî jêre diyar bikin.

Çi kesê hewil dide ku van reweştên totelîter û efsanî di zikmakê xwe de senger bike, dixwaze mehnedanê bide tirs û pîrozbûnê, û ciwankirina wan bi awayekî aşkere û bêreng û çênabe avakirina felsefeyekê li ser tehtên xêzeke pîroz pala xwe dide li ser mildan û xweradestbûnê ji ramanê rêberê bîrnas re,û qet çênabe desthilatdar bîrnasekî serkeftî be, an bîrnas desthilatdarekî rastîn be, û hîn valahiyeke rastîn heye di navbera nerînên bîrnasan û xwediyên desthilat û tewrîvanan di derbarê vê yekê de, û tewriyên wan ji mehnedanên xapînok derbas nekirin , armanca wan nûkirina çanda kerî , û sînordarkirina berzbûna mirovê zanyar a serkeftî, berhinde tirs çêbû di hembêzê nezaniyê de ,û bibû pêkhatiyeke rastîn ji pêkhatiyên belavkirina zorbedî û pîrozbûna a bi xwînê têrbûyî, ji bo bi riwê xwe yê xalîrengî pepûkiya xwe yê ketiye heyînê xêz bike, wisa ji mirov re diyar bû ku efsan beşekî ji jiyana wî ye, û divê rêza wê bigre , ji ber ku beşeke ji ola wî ye yê ku pê bawer dibe,û erk e li ser wî ku bawerî pê bîne û pêre bide û bistîne mîna nivîştê , ji bo ser û pariyê xwe bin siha rêxistinekê pêre her tiştî parve dike biparêze .

Ligel tirsê cihgirtin tune dibe, û pêdivî ji bo tebatê tiştekî misoger dibe bin siha jiyaneke hejiyayî, takekes di nav de li pey tiştekî wî dilniya bike dikeve, berhinde alîgirên efsanê tenaziya xwe bi raberî û berketiyên zanyaran dikin, û girtinheviya têkçûyî di nav wana de gewretir dibe, ta bibe dirêjiyeke dîrokî ji pevçûnên dihû re,ne ji bo desteserkirina li ser erdnîgariyê tenê lêbelê ji bo rewakirina ricîma a bi hêz ji ber ew hêjayî mayînê ye beranberî jimara kesê lawaz yê ku têne jêbirin û tunekirin.

Em dilheyî berfirehkirina danasînan dibin li ser gelek têgehên yên em pê bawer dibin ligel pirbûna dûbarekirina ezberkirin û bernanên wêna, ji ber ku mirov bi awayekî qayîm dilheyî tiştê xwe yî ramanî û hizrî dibe, ji ber vê yekê sinorkirin wekî dorpêçkirinê ye, û ev dorpêçkirin mîna pêdiviyekê ye bi rengekî bê wate girtinheviya zimanî di navbera du koman de diyar dike, yek ji wan dibêje ku ew baş fêrî raman û wateyan bûye ji nêz ve bervajî yê li beranberî xwe.

Em ne bi darjêgekirin û bêcanîkirinê re ne di çarçoveya komek bawerî de, û ev tişt bû sedema harbûna dirindîtiyê li cem mirovê rojhilatnavînî de, bi rêya ayîndariya xwe yê olî û partîtî , ew dimêtê û bi koratî bawer dibe, bê ku zanibe ku her giravkirinekê li ser darjêgekirina ramaneke pê bawer mîna serseriyeke kawikî ye, ji ber vê yekê em berdikevin zanîna yê me weke zanyaran li pey dikevin ew bi xwe jî nivîşka ronakbîrî û rizgariyê ye ji baskê bedenketiya ramanî û dûzbûna bîrdozî ve , ji bo nuhvekirina nîşaneyên bawerî û rabûnê li hember qonaxên tirsê yê ku rêxistina bavanî bi herdû baskên xwe malbatî û desthilatî wêna çîgir kiribû.

Berhinde ku her nivîsekî liyangirtî ye û bîrdozî wekî danasînekê komek raman in em pê bawer dibin ,yan em ji pêşiyên xwe werdigrin an em wêna bi rêya nehestbûnê digrin, û ji me qut nabin, tevî gumaniya me ku em dikarin xwe jê rizgar bikin, lê şopên wêna li ser rewiştê diyar in , tevî girtinên ramanên nû, ji ber vê yekê doza azadbûnê ji her tiştî rêjeyî ye û tenê wekî xwestekekê dimîne ,û em bi çi tiştê ku di hundirê xwe de cîgir em pê re didin û distînin, ji bo çêkirina peywendiyeke baş di derbarê raman û şîretan de, ji ber ku raman ji nişkêve dibin e alî , lê oldarîbûn û bêcanî li biniyên xwe de ne, û ew kêşeyek rawestiyayî ne, mîna kelemekê ne li pêş rêya rabûna zanyaran de, û tirs me dihêle em bi lêpirsînên mirov di derbarê ezmûna jiyanê yên ku têde dijî biramin ji qonaxa canîbûnê ta qonaxa gehîbûn û pişt re kalbûnê, ji ber ku tirs ne tenê di çarçoveya têkiliya di navbera desthilat û cemawer de ye lê wê derbas dike û jiyana takekes nîşan dike, û metirsiya wî ji pêşerojê, û ev nediyarbûna yê ku xuristiya jiyan û kirdeyan dorpêç dike, li cem mirov rewşeke ji dudilî û ramanbûna ji nediyariyê peyda dike, ji ber ku tiştekî li paş tunebûnê nîne, berhinde felsefa saxleman dema jîndar dimre li cem wî qut dibe, û ji rêza jiyana tevgerî derdikeve, ta genî û rizî bibe û vegere axê, û bibe tiştekî din û tevlî heyînê bibe bi rengekî yekgirtî bi hemî dinokên jiyanê û jêderên wê ve.

Ramandina bi heyînê divê pêşî ji dergeha metirsiyê derbas bibe, çima mirov bin siha hebûna şaxdayî a berve bedenketîbûn û tunebûnê diçe ditirse?!
Û çima mirovan kelemên zêde di rêya hevdû de datînin?!

Ji bo bi xweşiya jiyanê şad nebin, li rex tunebûnê yê ew çarenûsa hemî jîndaran e, mirov di riwê kesê beranberî xwe de bê berhelistiyeke zanyarî disekine , lê li ser têkbirina ya din cîgir e, ji bo pêşdebirina henasê.

Rijandina xwînê wekî lezbûnekê ye ji hatina tunebûnê re, ji bo destê xwe li ser çi tiştekî bi lebat deyne, û dibe ku ew awanteya a ji zorbaziyê encamdayî tiştê bêhtir mirov ditirsîne, di nav cîhanekî mirin têde bê bend e di heman aliyên jiyanê de, ji ber ku serkotkirin û kuştina evînê û wêrankirina peywendiyên xuristî, û gemarkirina sirûştê bi rêya cengê ev hemî hîştin ku tirs bêhtir nêzî mirov û jîndaran be, berhinde bedewbûna berzbûyî di mirov de rizî dibe û dibe leylan û doman, bi encamê têkbirinên mezin bi destê mirovê çavkar û ezez , û danîna mehnedanên pîroz û vala li ser xuristiya cenga wî li hember kesên din.
-------------

1- Nîkolay Eliksenderofêliş Bîrdîv bi Ferensî: Nicolas Berdiaev 18.03.1874- 24.03.1948 Bîrnasekî Olî, siyasî Rosî ye

Zehmetiyên gelek di rû civakên ku hewil didin azad bibin derdikevin, di nav gelek qedexeyan ên tevgerên wêna bi sedema zorbedî û bêdadiyê hatibûn têkbirin û ev di nav kesê bindest de şoreşek girseyî avakiribû, li hember wek neman û mirinê, berhinde Nîkolas Bîrdîv 1 dibêje: ( Mirin ew rastiya kûrtir e û bêhtir di jiyanê de bi nîşan e, ji ber mirov bi ser diyardeyên jiyana xwe yê rojan e û serveyî tê û ev tek tiştê yê ku me dihêle em bi wateyê jiyanê biramin, û jiyan ji derveyî nîşana mirinê bê wateye. )

warên ku di talîzoka xewin û hêviyên namiçiqin de dijîn, ji ber timî di rewşeke ji rûbirûbûn û pêdagirtinê de ne li hember zorkariya dîrokî ya gelê kurdistanî li parçeyên welatê xwe yê dagirkirî dijî, bergirî û rikberî mîna serkeftinekê ye li ser asta raman û hêviyan, û dibe mîna derbasbûnekî ji jiyana gîreyî re yê ku mirovê kurdistanî wêna dijî, berhinde welat ew wateya jiyana serkeftî ye li ser têgehên mirin û nemanê, berhinde pêgirtina mirov û pêdiviya xwe bi girtina kokê encameke xuristî ye ji hestbûna wî bi zorbedî û mafxwarî û herwiha ew pêdivî mîna naverokeke qayim e ,mirovê zanyar armanca wê dike, di dema ceng û dûrkariya sepandîbûyî û berdewambûna ricîmên serkotker û kirdeyê xwe li hember gelên xwe mîna mirina pirreng e , tê kirin ji bo zêdetir tîjan, hilweşîn û awanteya qerpol û dema jiyan bibe meydanekê ji kirina mirinê re, berketin û raberiyên kêferatkirî ji bo xurtkirina peywendiyên xuristî xeradibin, sazî û ricîm dibin çekekî li hember gelan, û rûdana demî û cihî bi cûreyên qirkirinên rewşenbîrî û civakî cîteng dibin, û jiyan mîna mirinekî sirûştî dibe,dimîne metirsiyekî, ji hûrgiliyên jiyan û nerehetiya me qut nabe, li pey wê ragihandina yê êş ,sertî û xwînê belav dike ta jiyan bibe dîmenên mirinê, li her cihekê ji cihên jiyanê cîgir dibe û xwe bi wêneyên totelîterî, dûrkarî ,serkotkirina kêmnetewan , cengên olî û jihevketina civakî diyar dibe, û divê di vê derbarê de nasîna riwên mirina pîroz di têgeha ricîmên sitemkar a serkotker, yên zorbediyê bi awayekî bi rêk û pêk sepa dikin ji derveyî heyîna reştariya tirsa hebûnî li cem mirov, berhinde tirsekî siyasî, deronî û civakî peyda dibe, û dikeve hûrgiliyên jiyanê, mirov nikare xwe li ser helbeze an wêna paşguh bike di siha ew kedxwariya sepabûyî de, û ev dûrbûna di nav komên yên ji her girtinheviyeke xwînî re amade dibin,û tirs mîna gîhayekî baş bi destê ricîman dibînin, û tê pikaranîn ji bo xwarindina keriya mirovî a nemabûyî bi derbasbûna qonaxên jiyan û hatina nifşên wê.

Ew tirsa a ku maye mîna metirsiyekî girs û di hiş û dilan de cîgir dibe û navdariyên xelkê , reweşt û reftarên wê zeft dike, û jiyan û rêya nifşên wê rêxistin dike, û mirin destê xwe danî li ser çareyên wê ji bo azadî û serxwebûnê, berhinde mirin dikeve dewsa jiyana tirsê, mirin dibe mîna şahiya xewinê ji bo gihîştina jiyana baştir, wisa pêşeroj nepenî û nediyar dibe bin siha wêraniya a ku berfereh û şaxdayî dibe bêhtir bi nediyarbûna awayên hezkirin û dostaniya civakî.

Ev lîstina yên ricîmên zordar bi rêve dibin ji dîtina wê yên teng ve dibişkivin, ji nezaniya bi hevjiyanê û berhemên wê yên erênî tên, û bi tirsê re didin û distînîn mîna pêwîstiyekê divê hebe ji bo kedîkirina hêrsa cemawer û xwestekên takekesên wêna ji bo jiyana xweşî û pirrengiyê .

Ew ricîm li rojhilata navîn bi şerfiroşî û zorkariyan ve dagirtî ne.

Turkiya ya Osmanî a li pey wê bermayek giran heye ji desthilatî , bêdadî ,qirkirina gelan û pişaftina wan di xwe de, Îrana Farisî ya dildarê şehnaziyên demborîna tije desthilatî û mirin û Sûrî û Îraqa Bassî yên li paş wana Erebûnekî Islamî bi xwînê li ser çand û gelan xwe sepandibû, û mora xwe yê Erebî Islamî li ser wan danîbû, û ev ricîmên sitemkar xwe bi bermaya belavkirina tirs û mirinê ,ta dema îro xwebicî kiribûn, wekî dirêjiyekê ji çax û serdemên berê, û Kurdistan ya dagirkirî ji van ricîman ew nîşanekî ronakbîrî ye ji vegerandina çanda netewekê re û hişyariya gellekî ji çepelên pişaftin û qirkirinê, û nîşana berxwedanekî piştrast dike, hebûna netewên yên kêferata azadiya xwe dikin bi xwîn û hesin diyar dibe, û tirs ji yek dîmenê xwe ve têkiliya xwe bi mafxwarî û bêdadiyê re xuyakirin dide, bi talankirin û diziya erdên Kurdistanî li Sûrî bi navê çaksaziya çandinî, û ev yeka mîna pepûkiyekê ji aliyê dewleta şofînizma a serkotker ve hatibû sepandin, bi palpişta xwe li ser pişaftin û helandina hemî pêkhatiyên netewî di nav darêjga xwe yê Erebî de, û ev lîstina bi maf û destdayîna li ser semyan û jiyana civakî mîna mezintirîn rewşeke zorbaziyê ye li Rojavayê Kurdistanê li gel wê Erebkirina gund û bajarên Kurdî bi navên Erebî , qewitandina kurdan ji navçeyên wan ve ji bo berjewendiya bicihkirina Ereban şûna wan û wisa jî dijberiya Sûrî bi piştgiriya Turkiya vê siyasetê li Girê Sipî, Serê Kaniyê û bi taybet li Efrînê bi rêk û pêk bicihanîbû, û pirojeyên nijadperestî mirovê rojhilatnavînî yê Kurd şaşkiribû, û ev bawerî bi sazî,dewlet û yase têkbiribû, û jiyan kiribû holekî ji neyîniya dagirtî tîjandin û bêdadiya bi rêk û pêk.

Tirs ne tenê bûyereke, lê nîşaneke rastîn e bi jiyan,xuristî û rûgeyên wê ve têkildar e, û bû rengekî naskirî di jiyana civakê de a ku bi ricîma bavanî maskirî û mirin têkiliya xwe pê re heye, metirsiya nemanê, nemana ewlehiyê, û metirsiya desthilatdar ji kesên ku daxwazên azadiyê dikin ,ew tirsa ji nemana serdestbûn û cih e , ji ber vê hemî ji bo girtinheviyê hewil didin ta reştariya tirsê qasî tê xwestin dûrbixin, berhinde bîrnasê Elmanî Haydger bawer dibe : divê mirin nebe ew metirsiya a ku nivîna me bihejîne.

Lê ew bi xwe metirsiyek rastîn e nivîna takekesên yên civakê bi alavên serkotkirin û tirsê kontirol dikin dihejîne , û ewa jî jiyaneke jiyanbûyî ye li cem gelekan yên ku nikarin mafên xwe yên sirûştî bi dest xwe bixin û çalakirina yaseya binpêbûyî a pala xwe dide li ser dadmendiyê û diyarkirina nirxê piraliyê siyasî û aborî û çendîn di xwe de encamên erênî berz dike li ser dewlet û civakan bi giştî ve, berhinde desthilatên sitemkar rê nadin ku hişên takekesên wê ji derveyî kêmanî û binpêbûnên wê biramin, ji ber reftar û karê mirovê bindest tenê birame bi serkotkirin û pepûkiyê ve yê ku di jiyan û qonaxên xwe yên cuda de wêna dijî, û rojeva axaftinan dibe tenê li ser binpêkirin û xweziyên nediyar û yên nayên pêkanîn, û wisa em dibînin çendîn peywendî di nav gotara olî û desthilatî de heye .

Ev koçberiya rastîn hîştibû jiyan raweste, û berhem tenê kedekî bê beranber be,tê pêşkêşkirin ji xwediyên berîkên fereh û yên jiyan û saziyên wê di destê wan de ye , desthilatiya serkotker kiryarên xwe di hizrên gelên xwe de bicî kiribûn, ji bo gel li hember wê raperînê lidarnexîne, û gel bi vî awayî bi pir hijmarên xwe dibû alav bi destê wê desthilatê wê berdide hevdû û gel bi rêve dibe çawa bixwaze û kengî bixwaze, û di demekê ew kerî ji nav hevşiyên xwe rabûn , di baweriya xwe de wê karibin li ser serkotkirinê serbikevin, lê qurşînên wê bervajî wê hatin, û bi xwe zemînekê ji desthilatiyeke tarîtir re ava kirin mebesta min bê guman serhildana yê tê naskirin bi gelê Sûrî yê ku Mark Sayksê Ingilîzî û Cûrc Bîkoyê Ferensî sînorê wê danîbûn, û ew berve demborînekê ve diçe li gor xwestekên wan desthilatan bi hişmendî û nehestbûna xwe ve, berhinde ku desthilata dûrkar êdî piştrastbû ku berdewambûn û hebûna wê girêdayî ye bi çendîn serkeftina cîgirkirina ricîma xwe yê desthilatdar ve di hiş û dilên civakên yên wê kontrol dike,û bi vî awayî guman kir wê ji bergê gelê bindest ji aliyê hiş û giyanê derkeve û xwe nû dike mîna dema mar an xemgurî eyarê xwe diguhêre, û derketina Daiş û berî wê Elqaîde û Elixwan û van komên pêşîn ji van bijardeyên yên rastî nezaniyeke bi rêk û pêk hatibûn û hişbirinekî giştî ji aliyê mêrên ol û desthilatê ve, civakê hîştibûn bibe zinarekî teqemenî û mayînên bi hev ve girêdayî, li ku biteqe wê hemî ferehiyê bigre, û ev ji me re piştrast dike ku desthilat bi hevkariya xwe bi mêrên ol û bi palpiştbûn li ser deqên pîroz giştî serketin di dagirtina cemawer de li gorî armancên xwe, û bi girtina zanyaran bi serketibûn, kuştin an dûrkirina wan ji derveyê vê bixêrîkê.

Wêrankirina hatinên heyînê û sînordankirina rengirtina jiyan û mirov çêdibe li gel kiryarên serkotkirin û nûjenkirina koletiyê bi heman awayên wê ji bo cengên nû, û qelişên bi dû hevdû ve , buhayê wê tenê sawîlkan didin, berhinde alozkirina cureyê jiyanê ji reng û kiryarê desthilatê û serdestbûna wê derdikeve, mîna dezgehekî tirsê di nav bijardeyên cemawerên ciwan de, lêbelê dijminatiya aşkere bi sirûştê xwe riwê xwe aşkere dike li hember çi dengekî bi bandor bernama guhertin û serhildanê di hizrê xwe de danîbû û kiribû pêşî hizrê xwe ve, berhinde zanyar mirin û serkotkirinê bi riwekî bi ken pêşwaz dikin, bergiriyê li hember hêzên nezanîkirin û serkotkirinê nîşan didin , li ser pabendîbûnê xwe bi naveroka bedewbûn, dadmendî û nirxê xweşiyê di jiyanê de derbirîn dikin, dema hatin û hinirên xelkê bi awayekê ji awayan hêviyên wê di guhertina demukratî de wêzim dikin.

Nimûna mirina sepandîbûyî li ser van civakan serkotkirineke bê dawî ye, û cîgirkirina wê mîna binemake olî pîroz ji xwedê hatiye sepandin û bi rêya pasvanên wî li erdê, ev bû tiştekî li ser guftogo nabe, û tenê ronakbîr dibe jêre qurban, yê li gemiyê rizgariyê digere ji bo mirovên yên bi lehiyê ve bar dikin, û ev yeka hevgariya Suqrat tîne bîra me, dema koça jiyanê bi rûkenî kiribû û ji şagirtê xwe re digot: ( divê mirov mirinê bi geşbînî û şadî pêşwaz bike ji ber vê divê hûn aram û hevseng bin.)

Mirina gewdehî jêra ne meraq bû lê tirsa wî li ser takekes û xelkê bû, ku li şikeftên nezanî û tirsa ji serkotkirin û malgirtina desthilatî ji her tiştekî bedew re koç bikin , metirsiya wî bi asta tiştê ku ji raman û pirsê radikir, ji ber vê ricîma fermandariya totelîter hêza xwe ji qirkirina zanyaran û zanînên ku mêjî dilivînin wergirtibû, û cemaweran dihêlin ku ji aloziyên xwe yên ramanî bi awayekî taybet ve li çareyan bigerin, ji ber ku tirs dihêle şoreşger milhûr be û wêjevan hînckarekî hov be û civak peykerên wêrankirî be, ev diyarbûneke ji dijminatiya jiyana nû re ye, an rizgarî ji serdestbûna efsaniya ya ku zordarî ji kunên destpêktiyê anîbû,û tiştê ku civak hîştibû awanteyê bijî sertiya desthilatiyê ye û zorkariya wê li hember civakê, ji ber ku êş,derd û windabûn bûn e binema civaka barketî bin siha ricîmekî serkotker, dadmendî û dadperwerî rakiribû, û pêşeroj li gor vê yekê nediyar bû, ev dojeha ezmanî rewş dagirtî ye, û mirin yek ji bedtirîn riwê wî ye, û serdestbûna koletiyê mîna ricîmekî ewlehî li ser movikên jiyanê, mirovan hîştibûn di rewşeke ji tirsekî berdewam de bimînin, sedema wê ezeziya malgirtîkaran ji hatinan re û nediyarbûna rengên bîraweriya bi hevjiyana aştiyan e ve , li rex serdestbûna ramana olî li ser bijardeyên civakê li gor têgeha Islama siyasî yê ricîma serkotker biserket ku ew raman bibe bîrdozî, berhinde wêjeyên partiya Baas ya fermandar pişta xwe dabû li ser dîtina Islamî olî ji fermandariyê, û Erebûnê dîtibû bîngehekî ji ol re, û li gor wê fermandariya xwe ji civakê re û serkotkirina xwe ji kêmnetewan re rewa kiribû, yên ew jî xwe li paş maf û taybetmendiyên xwe yên netewî veşartibûn mîna bersivekê ji paşguhkirin û dûrkariyê rêbazbûyî re, li gel wê bi dijwarî li pêş xwesteka guhertin û hevberînê tê rawestandin û herdû beşek in ji tevgera dîrok û jiyanê bi giştî ve, û li pêş nebûn û mehfbûna a ew binema her jîndarekî saxlem e derbasî qonaxên cuda dibe ta bedenketîbûn û nexweşiyê têgehên fêzbûn û mirinê rawestîne ,em ricîma serkotker dibînin bi aliyê mirinê bêhtirî jiyanê ve diçe, ji ber desthilatdaran helkelkî bi dû guhertina jiyanê dikevin ji bo bibe meydana azarbûn û kuştinê, ji ber ku ji gel ditirsin,û cemawer jiyana xwe diqedînin di razaneke veguhêz ji tirsekî ta hêrsekê, û ji encamê wê bi lez kiryarek dijwar encam dide bi bayên hingemeya bê dawî re, li gel wê civakan di zîndanên xwe yên mezin de dijîn li ser dirêjî pîneya warên xwe, û rewşeke ji koçberiya hundirî dijîn, û ji bilî penaberiyê çareyekî tal nabînin bi dawî neçar dibin bipejirînin, ji ber vê yekê mirina di navbera erdnîgarî û bazdanê de tirsekî berdewam e ji pêşerojeke nepenî re, zêdetir derd û dilzariya reş pêşbînî dike, li gel wê henasan li piştrastiyeke windayî digerin bi sedema serkotkirina bi rêk û pêk yê ew dijîn bin siha ricîmên fermandar yê çi axaftineke sawîrî nahilînê ji bo kedîkirin û mêtina hêrsa cemawer, li gel wê civak, kom û rêxistinên ji hevdû re dijhev tên e dabeşkirin.

Hevxistina Baasî wek nimûne li ser bîngeha dijminatiya ji bilî Ereban li Sûrî an Îraqê pêktê û li wan dinêrin ku ew şaneyên razayî ne dibe ku dijminên li derve wana dema ew bixwazin bikarbînin, ji ber vê yekê pêdiviye li wan bê tengavkirin, ev ji derveyî tirsa desthilatê ji gel ve bi giştî, ji ber ku zîndanvan ji zîndaniyan ditirse tevî ku li zîndanê ne, li gel wê berdewam kelem di navbera netewan têne çandin, û di navbera rageh û ragehekî de, di navbera qatan de jî, aliyê bi ricîmê re û aliyê bi dijberiyê re, û zoreng di navbera vîna guhertin û tirs bibû feraqekî di nav de nirx û têgehên rojhilata navîn ya ku bi xwe ji wê girtinheviyê hatibû cîgirkirin, û têgihiştina me jêre pala xwe dide li ser derbasbûna me bi sirûştiya têkiliya nişteciyê derveyî bi erdnîgariya wê deverê û xwedîkirina wê bi dîmenên hewesdarî bi desthilat û sitemkariyê ji bo hebûnê, û mîtingerî hatibû kirin bi rêya tirs û serkotkirinê, û bi rêya herdûkan ve rolên afrênerê azad hatibû têkbirin, û li şûna wê lîstoka desthilatê cihê xwe girt bi qutîkirin û reşkirina her sirûştiyekê û rewşeke cîgir hewil dide tiştekî ava bike ku karibe vê wêraniya a ku peywendiyên civakî wêran kiribûn jêbibe , bi rêya çandina tovên tîjandinê yê bi sirûştiya xwe tevgera civak û takekes sînordar dike, û şiyana berzbûna tevgera ronakbîrî ya bi armanc li paş dixe , ji bo jêbirina mayînên desthilatî ya li dor mêjî, û paşêxistina tevgera civakê yek ji erkên desthilata serkotker e, ji bo rûbirûbûna maf û xwe şimitandina ji erk beranberî gel, tirs namîne cîgir di demeke dirêj de, û bi lez belav û pûç dibe , di serhildanekê her tirsekê hildikşîne,wekî dema bajarên Kurdistanî li Sûrî rabûn taku sozê bi gel,xwîna şehîdên xwe û xwediyên xwe yên aram li Qamişlo nûkirin, û herwiha em tirsê dibînin bi hêrs û hebûna vînê neman dibe , ji ber vê her çare li pêş komê gelê westiyayî dima ew bergirî di rû bêhêvî û piştsariyê, berve vejînkirina şiyarbûna mirov, cenga wî ji bo azadî û dadmendiyê, li gel wê gel ew kelevajiya sexte bi navê welatîbûnê danezanîkirin bin siha desthilatiyeke ji wan re ti soz an peyman nedabû, û ev rabûna gelerî derbirînek bû ji yekîtiya gelê Kurdistanî re li hemî bajar û gundên wêna, û hewildanek bû ji bo binaxkirina tirsê heta dawiyê, tevî sertiya sitemkar û şêweyên serkotkirina wî lê vîna gelan saweke dikarê wana bin guhê hevdû bixe, tirs dibe destmaya desthilatdar yê pala xwe dide li ser ji bo li desthilatê bimîne û qezenc û hatina xwe zêde bike , û herwiha nanê civakên oldar û tîjandî ye bi awayê siyasî, ricîmên sitemkar li ser binema tirsê wek şêweyeke gerentor ji serdestbûna wê re dijîn, ricîma tirsê damezrandin li ser binema gefa bi dojehê wekî encamekê serpêçî bi xwedê re û şîretên yê di deqên pîroz de hatî, ev yeka cureyekî ji hevkariya bed di navbera mêrên ol û desthilatê de çêkiribû, wekî du pêkhatiyên çalak ji bo têkbirina çavkaniyên şoreşa hişmendî a hatibû cîgirkirina li ser pêşdebirina dan û standina ramanî, û rê li pêşiya gotûbêjê bi siyaset, ol û zayend ve hate girtin, û bûn efyon li paş perdan tê duristkirin, ji bo mijolkirina xortan, û razandina wan demeke dirêj, û belavkirina bêkariyê û rêbaza xwendinê a hişk û vala ji hînkirina naverokî tenê nezanîkirin û mijolkirina xortên zanîngehan ku tenê bi dawîkirina xwendinê û kardîtinê piştî qedandinê biramin bi siha tenêbûneke aborî xenqoyî, û gendeliyeke giştî perîşan û hilweşîneke paş perdeyê tê kirin, û bişanhildana diravê yê rê ji mirov re vedike ji bo dizî û tembelîkirinê, ev hemî tê birêvebirin ji bo tek encamê û ewa berşûnbûna rewiştî û paşxistina deronî ya henasî û têkbirina qezencên xelkê, li gel wê ricîmên sitemkar li ser çandina gumaniyê di nav bijardeyên civakê de dixebitin, ji bo bawerî di nav xelkê de tune bibe, û awante bibe pergalê giştî ji hemî nakokiyên sert yên dikarin stonên saziyan hemî hilweşînin, û ev zorenga har di navbera alîgirên guhertina zanyarî û sertiya desthilatdarî kevin e kevinê dîrokê, kevinê têkiliya reşepêş di navbera fermandar û cemawer de, di navbera mêrê ol û cemawer de, di navbera bav û kuran de, ji ber vê berdewam pirsên gelek berdide , û ji ber vê tê veqetandin di kêliya hêrs de ji çi tiştê ku hatibû cîgirkirin di jiyaneke pala xwe dide li ser sertî û neçariyê, û ev raperîn qonaxên bê nîşan didan nerîna gel û gotina wî têde li pêş be li jor ricîma sertbûn û zorê, ji bo sînorekî bê danîn ji wan lîstina yê giyanên sawîlke têkbiribû, û civakê hîştibû rizî bibe, ev qelşandin bicî dibe û kelemekî kûr durist dike, ji ber vê em desthilata serkotker dibînin ku ew jî di gezencê de ne ji dûrketina xelkê ji bîraweriya ronakbîrî û felsefeyê ve bi rêya belavkirina wê ji raman û efsanan re bi rêya dezgehên ragihandina wê û herwiha bi rêya rêbaza olî, ji bilî ramanên tek netewê û bicîkirina têkelbûna bi zorê re, ji ber vê ew girtinheviya di navbera netewan de hatibû belavkirin, netewa herî bi hêz û bi zimanê olî xwe bi çek dike û jêre desthilat û serdestbûna li ser çand û şaristaniyan vedigere , ew şaristanî û çandên yên taybetmendiyên xwe diparêzin û têkoşînê dikin li hember hewildanên setimandin û qirkirina rewşenbîrî, li gel wê Baas bi bîrdoziya xwe yê reş baş nûnertiya qirkirina rewşenbîrî kiribû , û armancên wê ji bo erebkirina navçeya kurdistanî li rojavayê kurdistanê derbirîneke ji sertbûna rewşenbîrî re û nediyarkirina nasnameyên gelên deverê ji bo bicîkirina dûrkarî û ne aramiyê ji bo hemî pêkhatiyan ligel pêkhatiya fermandar yê ew jî zorkarî û gendeliyê dibîne ji aliyê wê desthilata yê ku ti destik nehiland û bikaranî li hember qezen,ewlehî û azadiya gelê xwe, ew bawer kiribû ku bi rêya tewriya pilanê û dijminê derveyî (Israil), wê bihane bide ji bo bimîne destpak li ser xewinên netewî lawaz li dor eywanên rewrew û xapandina cemaweran dizîvire ( herdû Baasên li Sûrî û Îraqê) ji bo dûrxistina wê ji xuristiya dema niha û hewildana netewên demukratîk û guhertina naverokî ji desthilat û ricîma fermandariyê, li gel wê mijûlkirina mêjiyên wê bi navê şerê dijminê li derve, hîştibû xelk xwe radestî lîstin û binpêkirinên ku li dijî wê hatibûn e kirin bibe, û deverê hemî hîştibû dagirtî girtinheviyên aşkere û hundirî bibe, û wisa em dikarin bêjin ku ew bi duristkirina hingemeyê heta demekî dûr bi serketibû.

Çanda dûrxistinê ji berhema şaştiyên desthilatî ne, û civakan di rewşeke ji girtinheviya giştî û bê dawî hîştibûn, di baweriya xwe de wê bi vî rengî cihên hebûn û serdestbûna xwe li ser hatinan biparêze, li gel wê her awanteyekê bi karên derveyî ve girêdayî ye ji bo rewakirina hebûna xwe,li gel wê tekçand pala xwe dabû hêzê û pişaftina pêkhateyên din di xwe de mîna pêdiviyeke desthilatî didît, bîrdoziyeke dîrokî sertî û pizbûn piştgiriya wê dike, ta bibe asteng li pêş afirandin û dostaniya civakî ya şaristanî , taku mirovahî hemî buhayên gendeliya desthilatê û xwarbûna wê bide.

Ev hemî jiyan hîştibû di windabûn û jevketina giyanî û ramanî de bîzivire, û ji girawbirinê re hewşekî fereh dîtibû ji bo xistina çi ramanekî azad an pêşveçûnekî sozdar, li gel wê sepandina çand û reftarên ku ji ol dertên ji çawaniya hîştina xelkê ku bi rêya bijandin û tirsandinê ve di eynî demê de bandor bibin, û ev rêyeke baştir e ji bo çewsandina rengên civakî û kireberîkirina wê bi yek reng, çand û tek zimanî ve û pişt re erdnîgariyekî têde yek fermandarî cîgir dibe, desthilatiya xwe ji serdestbûna ola Islamî werdigre, û rêya ku xwediyên belavbûna wê ji talankirina hemî deverên din bikaranîn û sepandina ol bi rengekî zordar li ser gel û çandan ji bo pişaftina û helandina wan di pergalê zimanê Erebî de, û berdêla amade wekî ku di van lêpirsînên rewa û vekirî de ye ewa di pêşkêşkirina berdêla berzbûyî di pêgirtina bi kok , çand û zimên ve taku neman û bi dawî nebe, li gel wê nemana vê êrîşa rewşenbîrî ya siyasî mîna destpêka hevjiyanê ye di nav gelan de , bi nemana navê kêmnetew û pirnetew ji bo jiyanek bêhtir cûrebûn û lihevhatin, û dibe ku talana rewşenbîrî li hember nasname û çandên din hingemeyê kiribû zimanê rewşa wê, herwiha navendîbûna olî û netewî bi zor û pizbûna xwe ve li ser bijardeyan her tiştî derbaskiribûn.

Ew bijarde taliya girtinheviyê xwar, û di xwe de kesayetek nizim derxistibû bi taybetmendiyên nefretê ji serwerî û desthilatiya hêztirîn ve hatibû naskirin, yê ku zorê dikir bin balkêşeya pîrozbûna bîrdozî an olî.

Û li gel wê Ewrûpî zorkariya xwe li ser Efrîqiyan kirin, ev dîtina dûrkar ji bo çewsandina nîşanên şaristaniyên mirovî ji gelên Efrîqiyayê, wek dema Ereb bi rêya ola Islamî zorkariyê berdewam kirin bi bihaneya cîhanîbûna ol û li zimanê Erebî dûriyekî olî pîroz danîbûn, wekî kiryarê yekîtiya Sofiyêt û hewildana wî ji sepandina zimanê Rosî li ser gelê din yên li ser wan serweriyê kiribûn, ji ber vê ziman hatibûn weşandin bi kuştin û mêtingeriyê û pişaftina gelan ,hinek ziman dewsa gelek zimanan girtin, piştî ew gel zimanê xwe jibîrakiribûn û dev ji ziman û nasnameyê xwe berdabûn, dema rastî işkence û azariyê hatin, û ev yeka rengekî berdarbûyî ji qirkirina rewşenbîrî ye.

Wisa serkotkirina siyasî rex li rex li gel alavên pişaftin û helandinê dixebite, û ev yeka şerên girtinheviya navxweyî durist kiribû, û ol siwareyekî dîrokî û bîngehîn bû li ser bîngeha wê helandin di pergalê netewî a fermandar de hatibû pêkanîn, mîna gotûbêja Islam û Erebûnê , bi rêya wê sitemkariyên netewî di hundirê erdên xwe de karîbûn şerê gelên resen bikin , ev yeka di ramana Elqayîde1 û Elixwan2 de şaxdayî û berz bû, alavên cengê xwe ji dîrok û talanên Islamî wergirtibûn, ji ber vê em dibînin ku cenga desthilatî gelek xalên hevbeş di navbera gelan de jinavbirin, û her kargêrekî şaristanî bi destê mirovê zanyar ji kevin ve hatibû pêkanîn, û ev tişt gotinê Ishaq Niyotin 3 1727 tîne bîra me : ( Em gelek dîwar ava dikin lê em têr piran ava nakin.)

û ev wêrankirina bi rêk û pêk ji peywendiyên hevjiyan û dostaniyê ye, di navbera gelan de tirsê hîştibû xwedayekî fermandar li ser erdê û di kesayeta rêber û peykerên yên ku li her goşeyê de ava bûn e xuya dibe.

-----------------------

1- Elqaîda : an rêxistina Elqaîde an bingeha tekoşînê : ew rêxistin û tevgerekî pir regeznamî ye, di dema Tebaxa 1988 û dawiya 1989 de hatibû damezrandin, banga tekoşîna navdewletî dike.
2- Elixwan Elmuslîmon: komeleyeke Islamî ye û ew tevgera dijberiyeke siyasî ye li gelek dewletên Erebî.
3- Esêr Ishaq Niyotin 25 Berçele 1642- 20 Adarê 1727, zanisvanekî Ingilîzî ye , yek ji navdartirîn zanistvanên Fîzîk û bîrkarî ye bi derbasbûna serdeman û yek ji nîşanên şoreşa zanistî ne.

Li gel wê berzbûna vîna çanda sade ya ku mayîna li ser kenarê , pişaftin û destdayînê napejirîne ,bi berhelistbûna tirsê ve a ku peyker nûnertiya wê dike diyar dibe, û berxwdaniya li hember qirkirina rêbazbûyî yê jiyana civakî û siyasî li xwe digre, li gel wê li gelên yên bi nasnameya xwe ve girêdayî tê nêrandin wekî metirsiyekê ferehbûna û serdestbûna wê li ser movikên dewletê bi sazîyên wê bi awayekê giştî asteng dike, li gel wê wêrankirina peyker nîşaneke ji şikestina sihwa tirsê û serkotkirina desthilatî, û şopandina zorengê û tiştê wekî nirx di çarçoveyê wê de di girêdana azadîxwazan bi jiyanê ve tê kurtaskirin li hember hêzên yên ku li ser wêrankirina çi avakirin an destketiyê ve dijîn, û erka wê piştrast bû li ser hilweşînê û weşandina bizdanê di nav henasan de.

Zanîn wekî rewşekî ronakbîrî diyar bû , metirsî û bedkariyên kiryarên desthilata serkotker celew dike ji ber ziyanê dighîne jiyan û pêşeroja gelan û pêkvejiyana wan bi hevdû re, herwiha bandora xwe bi awayekî neyînî li ser başiya ramandina wê dike û ji ber vê pêdivî çêdibe ji bo li hember wê bê rawestandin li ser bîngeha bicîkirina têgeha raperîna cemawerî, ew nîşana zengila dawîbûna wê desthilat û alîgirên wê ye.

Tiştê ku desthilat ji vekirina peywendiyên sirûştî di navbera civakên serkotbûyî kiribû bi rêya çandina tirsê wekî efyonê , hêza dij xwe li hember amade dike bi rêya civandina bijardeyê ciwan yê dikare jiyanek nû bide û dikare li hember binpêkirin û aşkerekirina wê bi gelek şêweyan raweste, dibe ku xebata çekdarî jêre çareyekî dawî be, berî wê bîraweriyek cemawerî bi jiyana rêxistinî pêşde tê ,bîngeha wê xebatê beşadarîbûnê ne dûrkarî ye, û navendiya netewî a olî di pergalê xwe yê desthilatî de tenahiya civakê durist dike û wêna ji her bihinberdanekî ve durxistibû, taku ramanên erênî dernekevin , yên ji kiryarekî afrênerî dertên, gelek berketî û raberî hembêz dike û nûnertiya rewana civak û bedewbûna wê di heyînê de dike, li gel wê mijolbûna gelên serkotbûyî wek nimûne gelê Kurdistanî bi parastina nasnameyê û di berdewambûna zorengê ji bo parastina ramandina wê , li gel wê bin siha serkotkirinê mirov nikare bi tiştekî cuda û nû birame , berhinde naverokên desthilata serkotker a totelîter bi derbasbûna demê ve û ji hundirê ve genî dibin, û destên çavkar dikevin pêşbirkê ji bo bêhtir destê xwe li ser movikên serdestbûn û fermandariyê deynin, ta bihevkevin û ji hev dûr bikevin û qerbalixiyeke rastîn biqewime bi wê û civakê ve bibin e heldêrê, li gel wê hişmendiya gelemperatî di amûrîtiya xwe ya bijardî de ji fermandariyê re metirsiyekî li ser hebûna mirovî û aştiya xuristî çêkiribû, herwiha jî dibû bîngehekî ji cengên bê re, sirûştê wêran dike, ji ber ku dema nefret belav dibe tîjandin jî di navbera civakê de belav dibe, kesayeta takekes pelixî dibe, ev girtinhevî û zoreng çêdibe , armanca wê pevçûnê: têkbirina çi rabûnekî hişmendî ye , ji yekîtiya zanyar û xwediyên raberiyan çêdibe , yên ku hewil didin bi rolên xwe lihevhatinekê ji bo siberoja gelan û demûkrasîbûna wê çêbikin, ta zêdetir ewle ,aram û di xweşiyê de bin.

Bêkariya xortan û tengavkirina wan û herwiha sînordarkirina raberî û berketiyên nêdar a gelên barketî ji aliyê milhûriyên wê ve jiyanekî gelek metirsîdar aşkere dike , bi rêya wê ceng û aloziyên yên şîn û işk çinî dikin bêhtir dibe, parçebûna sawdar ji gelên rojhilata navîn netewî , olî û ragehî perdeyê aşkere kiribû ji komek cengên bi dû hevdû dikeve di wêzima hêzên desthilat û qezencê de, berhinde windabûna nasname û şerê mirov ji hatinrêz an ziman û baweriyê wî re nûnertiya siha xweda li ser erdê kiribû, berhinde bermaya olan ew bermaya hunera serdestbûna bi cemaweran e, tê wateyê ku ol ew roparta desthilatê ji xelkê re ye, û dibe tiştê ku hîşt têkelê reftar û reweştan çêbibin û ji aliyê xelkê ve bi heman bijardeyên xwe bên e mêtin ew desthilatdar û hevbendiya xwe bi mêrên ol re, bi derbasbûna demê ricîma tirsa pîroz saz kirin.

Ew ricîm bi raman û dîtinan re bi awayekî hişyar dide û distîne, û timî pêre dikeve di ciyawazbûn û lihevketinê, tenê ji raman û dîtinan sûd wedigere di warê pêşveçûna ricîmê û cîgirkirina tirsê mîna rewşeke pêwîst û divê bê jiyankirin, û herwiha nûnertiya siha desthilata ronakbîr li ser erdê dike ji ber ku ol rêya jiyanekê ye, ew amaneke nirx û reweştên desthilatê hembêz dike û herwiha bermayê gelerî û efsanî bi awyekî gurayî, li gel wê baweriyên kisilgirtî bûn e peyker û nîşanekî samê û şikestina vîna cemawer bi rêya şerê ramanên rabûyî, dibe ku guhertina jiyana xortan bi rengekî pûç bîngeha xwe pişûdan e hîştibû desthilat bêhtir dêwtir be bi rêya pencereya bêkariyê .

Ji tirsê re dest û nepirçekên toj çêbûn, herwiha jê ricîma bawerî bi çarenivîsê çêbû û mal û semyan ya xwedê ye dide kesê dixwaze, wisa roparta olî bi mêrê desthilatê re destêkel bû , û şaxên saloxgêrî bi rengê koma firiştan hatibû sazkirin, firişteyekî giyan distîne û yek li zurneyê dide, û yek bi miriyan re di gorê de diaxive û bi awayê wê şaxên tirsê hatin sazkirin li warên ku ji derveyî bêdengî û sertî di şîret û deqên xwe yên pîroz tiştekî pîroz ranekirin, berhinde desthilat reweştên xwe yên li ser binçavkirin û reşkujiyê danîn, ji bo armanca xwe ji belavkirina tirsê pêkbîne, çi kesê ku mafên xwe bixwaze wê bê qirkirin, bi taybetî kesayetên yên navderiyek wana li cem xelkê hene, berhinde reşkujî dibe yek çirûsînin tolê li ser tirsê, û xelkê bi zorê dihêvoje ku raperînê bikin, û ew ne wekî ku Tomas Mor dibêje 1 : (Alavekî ji alavên hunera fermandariyê ye , û destikekî ji bo dûrxistina welatiyên asayî ji zehmetiyên cengê ve yên ku rêberên wan li ser wê berpirs bûn.)
---------
1- Tomas Mor : 07.02.1478- 06.07.1535 , rêberekî siysî bû û daner û zanistvanekî Ingilîzî bû, di çerxa 15 de jiyabû.

Reşkujî dibe destika rikberiya pêla hêza cemawerî ,bi dijminatîbûnê hest dibe dema desthilat ronakbîrên wê dikuje, û ev tişt zengila dawiya wê desthilatê ye bi demê re , reşkujiya siyasî hingemiya deronî li cem xelkê dadimezrîne, bi awayekî ji bo berzbûna hêza dij û bi armanc ve dixebite ta bikeve dewsa desthilata heyî , berhinde çendîn reşkujî wekî veguhêztinekê ye li qonaxeke metirsîdar têde bê aramî û ceng durist dibe, û ew mîna nîşanekê ye ji veguhêztina desthilatî ji ber ku riwê qonaxê bi temamî diguhêre, li gel wê reşkujî dibe diyardeyeke dirindî dighîne kaşkirina pêlên hêrs û tolê, yê bi awayê xwe ve desthilata heyî li ser deriyên rodanek e movikî datîne, berhinde reşkujî guhertina bedxwaziyê taku bibe rageh û bîrdoziyekî di nav xelk û ciwanan de bi taybet ve leztir dike.

Ev yek ji me re evqasiya wêraniya giyanî diyar dike yên ku hêzên reşkujiyan wêna ligel xwe parve kiribûn ji bo wêrankirina têkiliyên sazîker, û bicîkirina tirs û hêrsê mîna du sedeman ji awanteya giştî re.

Desthilata netewî mezinayî û hûnîjandin bi xewinên Erebûn , yekbûn û serdestiyê belav kir , herwiha binyadkirina Islama siyasî û rewakirina reşkujî û binçavkirinê, û desteberkirina wî ji olekî desthilatî xwedan bermayekî dîrokî û rastîn, û civakan hîştibû bi demê re xwe pê bibînin ji berjewendiya guhdana wê ji wêje, huner û raberiyan, tam bervajî vê yekê şerekî dijwar durist kiribû li hember meydanên bedewbûn, raman û hunerê, van tiştan hatibûn paşguhkirin û dewsa wan hişmendiya saloxgêrî yên vîna cemawer têkibirin hatibû bicîkirin, ji bo bêne belavkirin û rolên zanyarên wê bêne gunokirin, ta wan bihêle di zîndanan de nediyarbûyî bin an ew zanyar ji wan re destgîr bin.

Diyarkirina hevrêzîkirina zanyarî ji vê pevxistinê mîna nîşanekî diyar e li ser zehmetiya bûyerê û jiyankirina wêna, ji ber ku gel ti carî nabe kirêkarekî li cem bijardeyekî desthilatî bi wê serdest ve, eger fermandar nebe li cem gel kirêkarekî, ji ber vê tirs dibe mîna efyonekî heyî di navbera fermandar û fermanber de, ji ber hemî fêrî wê bûn e ta sînorê yê ku ew ricîm danîbû rizî bibe bi sedema harbûna tirs û sertiyê û pirbûna sitemkarî û gendeliyan ta her tiştekî bedew wêran bibe , ji ber ku bîngeha mayîna milhûriyê tevî ku li ser bê gotin ku ew jêdera aramî û ewlehiyê ye û bijardeyên hûrbûyî bihecandina xwe heta demekê celew bike, lê ew nizane ku ew celewkirin li hember hatina bavlîzoka mezintirîn bê sûd e.

Û ji vir rastiya girtinheviya desthilatî li ser berjewendiya mirovê aştiyane xuya dibe , ji cîgeh û bi rêya xuristiya hatinrêza wî û rêya têgihiştina wî ji çi tiştê ku di jiyana wî de diqewime, ji binpêkirin û derbaskirinên yên li hember wî durist dibin, û ew bi vî awayî li ser misoger e ku wê zorengê bijî bin siha sîstemeke totelîter netewî bi hebûna civekeke pirreng ji pêkhate û şartistanî mikûr nabe, ji ber vê serkotkirin û reşkujiyê destikekin ji bo gerentiya serdestbûnê ne, ji ber vê civaka sertbûnê hatibû afirandin, û ew ji pêwîstiyên hebûna desthilata netewislamî, û di eynî demê de nîşanekî ji roxandina wê ye, berhinde bikaranîna nasnama netewî bîngeheke ji hilweşandina hatinrêzan e ,mîna derbasbûna di talîzoka hingemiyeke bê dawî , bandora xwe li dewlet û kêleka wê dike .

Dibe rewşa Sûrî ji 2011 ve teqînek bijardî diyar kir di hundirê wê desthilatê de, desthilatekî rizî navê wê dijberî berhem dabû, û mîna wê desthilatê bi rengê xwe yê rizî diyar bû ,bi gel û alîgirên xwe re ji devê roparta ragehî axivî , hişmendiya desthilatiya heyî parastibû , bi şerê xwe li hember netew û kêmnetewan , ji derveyî bergê xwe yî Erebî derneketibû, û ev rikberî xwe bi hevkariyeke herêmî biçek kiribû,dewsa desthilatiya cîgirbûyî, em zorengê desthilatî dibînin, li gel hevkariyek hebeş di navbera wan de û ew nûjenkirina hişmendiya netewperest bi moreke Islamî tarî ,ramanekî bi kîn li hember filetiya Ewrûpî rahijtibû, ew bi navê cengên dîrokî û mîna dirêjeyekê jê re talan û kuştinê dikirin (komên li rojavayê bakûrê Sûrî), û civakê parçe kirin ji bo armancên xwe ji rewakirina teror û hingemiyê pêkbînin û li desthilatiyê bimînin.

Ji ber vê em bersivdan û kargêrîkirina azarkirinê li girtîgehan dibînin diyardeyekî desthilatî ye ji wêrankirina deroniya civakî ve û ajotina wê li hengemî û nemanê, herwiha hîştina tirs bibe nanê civakên serkotbûyî ,bi rêya girtinheviya bijardî, yê bedkarî û derdên xwe di nav bijardeyên civakê de aşkere dike bi rêya lîstina li ser têla hobebûn an netewbûnê.

Ev hemî bûn e sedem ji hilweşîna bîngehên hevjiyana aştiyane di nav civakan de û pêwîstiyên wê bi derbasbûna demê ve hatibûn e windakirin, û desthilatiyeke sexte hatibû damezrandin ,li gel wê takekes bi slogan û xewinên mezin û vala ve hatibû niquçandin, mîna xewinên yeksaniyê di nav qatan de û herwiha yekbûna welatê mezin, û binavkirina çi kesê ku ji derveyî sirûda netewî û hatinrêza partîtî ve fîxan bide ajanekî ye divê were jinavbirin li gel hunerbaziya bi reşkujiyê ve û mehfkirina taybetiyên şaristanî û helandina wê di çarçova pişaftina nijadî de, ev takekesan hîştibûn e di rewşeke ji koçberî û pepûkiyê de, xelkê bi rêvebiribû ji dûbarkirina dûrişmên vala, herwiha diyardeya qutbûna civakê ji demê niha cîgir bû, û herwisa qutbûna wê ji geşepêdan û pêşveçûnê ve, berhinde desthilata bîrdozî a netewî berzbû mîna dirêjiyekê ji bermaya talanan û daqurtandina erdan û kargêrîkirina qirkirina rewşenbîrî û siyasî bi rêya paşêxistina karbîniya mêjî bi rêya danîna xet û qedexeyan ve û herwiha hişbirkirina cemaweran bi xewinên yekbûnê û binavkirina kêmnetewan mîna nexweşî di hundirê desthilatê de belav dibin û dibin e kelemekê li pêş pêkanîna xewinê li gor pesindana wan, herwiha rawestandina di riwê pêşverûtiya kokî a ku roparta Islamî tundirewî hîştibû bibe naveroka herî sert û bi saw û yê tê bikaranîn ta bikeve dewsa serdema desthilatiya netewî , wisa ew bihaneyekê dîtin ji bo mayîna xwe û rojbûna kufletekê ji wan kirêtir , bi rengekî aşkere bi rêya ola tundirew sitemkariya xwe li hember wan berdewam kirin, ji ber vê pîrozbûna deqa olî ji pîrzobûna hewildana desthilatî dertê , bi serdesbûna xwe li ser rewan û çêja xelkê, ji ber vê zehmet dibe ku ew bermaya bê binkeftîkirin, ji wê têkiliya cêwîtî di navbera ol û desthilatê de, ji ber vê pêdivî heye bi dîtina berdêlekê ji wê hilkirinê, ji kêşeya veguhêztina demukrasî ya rastîn û li ser rabûna zanyarî cîgir û geşkirina takekesan bi rengekî hişmendî bi rêya veqetandina bawerî ji dewlet û saziyan ve, û xistina wê di çarçoveya henasê de, û bîrdoziya netewî a totelîter li ser şopa pêşiyan xwe meşîn, yên ku dara ol û deqa pîroz rahijtibûn ji bo bi rêya herdûkan xwîna hênikan birjînin, welatan hatibûn e hûrhûrîkirin û gelê Kurdistanî ji mafên xwe yên li ser erdê, ziman,taybetîbûna a ku bi dewletê ve tê naskirin hatibû bêparkirin, ji ber vê em birçîbûn, bêparbûn ji netewî mîna destikeke bergiriyê li hember desthilatên yên netewbûnê mîna rewşeke êrîşker hewşvedatî û hilkişandî bikaranîn, armanca wan kok û nîşanên yên gellekî ji ya din û zimanekî ji ya din cuda dike binpêbikin, û li vir divê em li ser bandora aloziyên cîhanî û siyasî li ser sirûştê civakê, raman ,bawerî û guhertinên wêna bipirsin, herwiha bandora vê girtinheviyê li ser ricîma wê ya ramanî û bîrdozî?!
Hewayên milhûrî û zorkariyê cûreyên zorbazî û serkotkirinê berhemdan ji encamê wê raperînên gelek derkertin, li dor rêyên bidestxistina maf tevdigeriyan, û şerê maf piştîneke dîrokî jêre dibû piştgir, bîrdoziyên nûjen wêna ciwan û sererast dikin, bi wateyeke din aloziyên herêmî û navdewletî riwekî nû ji erdnîgariyeke nehevcisnbûyî diyar kir, di çarçova gelên yên ji nû ve ji bindestbûn desthilata navendî ya gelemperatî derketin, ji ber vê şerê maf nerewayîya vê têgehê û rewrewka wê bi demê re aşkere kiribû, mîna destikekê ji bo rewabûnekî rewiştî û nirxî ji serdestbûna desthilatî re diyarbû, li ser bîngeha sawêrkirina cemaweran û xapandina wan bi dirûşman û hêzên desthilatî vê yekê birêvbiribû, yên ku mezin û binyad dibûn û li ser binemayên bangeşiya deronî xwe jiyankirindan bi rêya dîroka a pala xwe li ser ezmûnên cengên yên li ser berferehbûnê cîgir bûn e dabû ji bo berjewendiya vekişîn û berfirhbûna aliyê beranber û hatinhevê wê, pişt re ew hatinrêz ji artêşkirinê re diyar bû .
Ew di sirûştiya xwe de gerentiyeke ji berdewambûna cengên yên li ser qirkirinê cîgirbûn e li ser binema malgirtina erdnîgarî, çand û pêşerojê, bi vî rengî ew bawermend bûn êzing ji cengên ku riwê gewretir ji cîhanê nixûmandibûn, bi gelên bazdayî yên bê welat hatin aşkerekirin, ji ber vê yekê em du zorengên rastîn û qayim ji nîvê dîrokê dibînin, di navbera çandên xwîn û serdestbûnê de û hêzên şaristanî têkelbûyî yên karîbûn bermayê zanyaran têkel bikin li hemî hebûnê bin siha cîhangeriyeke rewşenbîrî qerpolî rastiya xwe ji têgeha pêkvejiyan, dostanî û hevberîna zanyariyan werdigre, ji ber vê çêdibe ku em bi serketina hevjiyana beşdarîbûyî ya dadmend di nav gelan de pêşbîn bibin li gor bîngehên hemwelatiya naverokî li ser hesabê vekişîna hişmendiya wêdekar, û sedem ji ber ku ew qurbanî û pîşekarên xwe hînbûnên sert û bi êş dabûn, bi serdemên cengên olî û pîroz û herdû cengên cîhanî li Ewrûpayê diyar dibe, dawiya wê ew cenga gerdûnî bi ser navê şoreşên buhara Erebî bû .
Veqetandina Kurdistanî ji ziman û çanda wî ve ew cîgirkirina parçebûna welatê wî ye bi rêya pişaftina wî bi Erebûn, Toranîbûn û Farisbûnê ve.
Ez li vir behsa nasnameyekê dikim ku dikare xwe bide diyarkirin bin siha hingemiya desthilatê, dikare hatinrêza xwe ji welatê xwe re nû bike, herwiha vegerandina jiyanê ji derverê xwe yî rastîn re, tevî ku wekhevî di maf û erkan de wê tiştekî dûr be bin siha peyketina desthilatên nû (Dijberî) ji bo parvekirina desthilata ya ku bi roxandinê ve hatiye gefdan, dijberî hewil dide bibe cîgirekî ji ricîma sertbûn û dûrkariyê, taku rewşekî dirûşma wê hingeme û parçekirin damezrîne, û nediyarbûna pirrengiya rewşenbîrî û bêvînkirina rolên bijardeyan û ciyawazbûna wan ji hevdû ve mîna ragihandina cengekî bêhûdeyî ye li ser civaka rojhilatnavînî bi giştî, cengekî li hember vînan e, rêzên piraliyê xwar dike, ji ber vê armanca çi rabûnekî gelerî an raperînekî cemawerî ew afirandina civaka xweşiyê ye, û bîngeha vê xweşiyê pala xwe dide li ser rizgarkirina vînan ji cûreyên koletiya nerm , ya ku desthilata serkotker bi rêya ragihandin, perwerde û fêrkirinê sepandibû, ji bilî pirrengiya şaxên ewlehî û bikaranîna wan ji bo girtina dev û bidûketina li pey xwediyên nerînê.
Çawa mirov vê girêkê dikare derbas bike , ya ku ricîma desthilatî wêna dibîne gerentiyekî ji bo li desthilatê bimîne û avahiyên gendelî û sitemkariyê saz bike, ji ber ew bê serokê nîşan û xwedawendiya wî rastî gefa roxandinê tê, çima cîhana sivîlbûyî bi serketibû bi roxandina kesên yên bibûn sedem ji ziyandîtina wê bi rêya milhûriya tek rêberî , ji ber ku Ewrûpa gelek talî çêj kiribû ji Musolînî 1, Firanko 2 û Hitler, û ji kesên hatibûn û destê xwe li ser azadî û xweşiyê danîbûn, û çi kesê li hember wan rawestiyan bi hesin û êgir hatibûn têkbirin, lê li Rojhilata navîn riwê xwe yî kirêt bi reng û pergalên cûr bi cûr diyar kiribû, û cemawer li hember wê tiştekî nakin ji bilî çepiklêdanê heta pileyekî dîn, liv û lebatên serok dişopînin , ew mîna dirêjiyekî tiyoqratîk e ji tewriya mirovê xweda an pêxemberê yê bi derhozan ve sertacbûy ye.
---------------
1- Bînto Endiriya Musolînî 29.07.1883- 28.04.1945 fermandarê Îtaliya ye di navbera 1922 û 1943 , serokê dewleta Îtaliya yê û serokwezîrên wê ye, û li hinek qonaxan de wezîrê derve û hundir bû, ew ji dameznerê tevgera faşî a Îtalî ye û serwerên wê ye, bi navê Dûtşî hatibû naskirin ango rêber ji sal 1930 ve heta 1943 . ew yek ji kesayetên bîngehîn bû ji avakirina faşizmê.

2 – Firatîsko Firanko Bûmhamund, 04.12 1892 – 20.11-1975 ew General û milhûrekî Ispanî bû, yek ji rêvebirê lêdanê bû sal 1936, ji bo roxandina komara Ispanî a duyem, yê bi encamê cenga navxweyî a Ispanî encam dabû, pişte fermandariya Ispaniya fermandariyeke milhûr kiribû ji 1939 heta 1975, navê kodiyo an serwer li xwe kiribû, serokê dewletê ye heta mirina wî sala 1975. ❝ ⏤Rêber Hebûn ريبر هبون

❞ Zanyar di rû tirsê de li rojavayê kurdistanê

Rêber Hebûn

https://m.youtube.com/watch?v=ain7OF3JxmM&feature=youtu.be

Nexweşî ew nîşana lawaziyê ye û bi xwe jî ji xuristiya mirovan e ji dema rêyên cuda girtin ji bo jiyanakirina kêliya demî ta roja mirinê hembêz bikin, û tirs mîna baweriyeke qayim e ji xelekeke ji reftar û reweştên civakî hatiye, mirov birêve dibe ji bo nehestbûna xwe bikarbîne, û bermayê civakî bimije, ji çaxê zaroktiyê ve , ji ber ku zarok pêsîra diya xwe dimêtê û tiliyê xwe jî pişt re û bes nake, lê bi hizr û hestê xwe ve bi derbasbûna mezinbûna ramanê xwe dimije, ji ber vê yekê em keda afrênerî dibînin bi rehjenên mirov û berketiyên wî re bi heman demê derbas dibe, ji bo vegirtina nirxa herî baş di rûbirûbûnê de , û diyarbûna rastiya wê a daxwaza jiyaneke bêhtir dadmendî û xweşî dike, bi piştrastina li ser hinira a ku bê cudabûn an armanc hewildide tiştekî bi serxîne lê bi dawî xizmeta desthilatdarî û armancên wê dike, û wisa em wateya ji gera mirovê zanyar di nav hebûnê de dibînin pêşî ji erdnîgariya xwe yê ku di xwe de , di kiryar, helwest û çanda xwe de radike, û ev yeka me dihêle ku em li pêş rastiya xwestekên bê hampa rawestin , ji bo dîtina jiyaneke baştir bê koletî û serdestbûn û herdû ji encamê mêtina nezaniyê derdikevin, û herwiha ji komek reweştên desthilatî ji perestiya cemaweran ji bizdana cîgir re yê ,di jiyana û saziyên wê de cihgirtî, û dema em têkevin di nîşanbûna tirsê bi derbekê dikevin di xefka pirsên vekirî de li ser gelek egeran rodanan li ser maseya dem û cih a bi hevdû ve qemitî pelge dikin, û dibe ku tirs nûnertiya bîngeha girtinheviyê di nav mirovan de bike, û herwiha serdestbûna cîgir a ku bi rengekî neyînî bandora xwe li ser jiyan û civakê bi heman pîvan û nirxên xwe dike, û çawa ku tirs li ser hizr bê vegirtin , nirx têne guhertin bi rêya bandora bizdana ku li ser hemiyan hatiye sepandin, û tirs nûnertiya destpêka girêdana bi rewrewkê dike, û civakên talanbûyî yên ji hiş û azadiya xwe bê par mane hest dibin ku tirs tiştekî divê hebe, û hebûna wî bi xwedayekî ve girêdayî ye, divê ew xweda bê perestkirin û qurbanên mirovî ji bo wî bên e danîn, û herwiha guhdana fermandar ji guhdana wî ye, û çi tiştê diqewime ji gendelî û bobelat ewa xwesteka ew xwedayê zorbaz e, ji ber vê em tirsê dibînin mîna ricîmekê ye ji berhema gana xwestekên desthilatdar bi tiştê dibin e sedem ji hebûna wî re mîna fermandarekî bi deqekî pîroz, kesên sana wê radikin bi hênikiyekê û zordariyeke bi rêk û pêk ve.

Tirs xwe bi cih, dem, perwerde û zanînê ve qemitand û ev tişt şagirt li dibistanan werdigrin, hîştibû gewrî dagirtî ahîn û dilzarî bibe bi ketina tirsê bi awayekî husteyî di henasan de, û ta çanda gelêrî a ji şaxên perwerde û hînkirinê hatibû wergirtin bibû riwekî ji xuristiya civakê re, ji ber vê wêrekî di roparta rojhilatnavînî de tenê destikeke ji xwekirina demborîneke ji derew û pêrawestina sawêrî tewşbûyî û mirov nikare bextê xwe bidêkî ji bo avakirina wêrekiyeke ji rewşa tarî hatibûye wergirtin, ango bi dema niha a ku bi bend û baskên desthilatê û kiryarên wê yên zorbed ve li hember civak û takeksan dorpêçkirî ye û li pêş vê fişara dîrokî û bermayê desthilatî civakan xwe dibînin di rewşeke ji koçberiyê ji henasên xwe re û bi awayekî bêcan,piştpêbestin û bi tirs ji siberojê ve dijîn , û tirs bi awayên ramanî naye berhelistin, ji ber nediyarbûna ramanê, û xweradestbûna ji rastiya tiştê rodayî , û nav lê dibe bêdestî li gor têgeha olî a amadebûyî ji bo pêşwazkirina tirsê, û çavê ku ji tirsa xwedê digrî ew eynê wê li gor derbirîna olî çavê yê ku digrî ji ber zorkariya fermandar û xwediyê malbatê û mamosteyê dibistanê, û nabe di rastiyê de veqetandina bermayê olî ji ya desthilatî ji ber ku herdû du alavên kûr ji têkbirina ronakbîriya civakî ne , ji ber vê yekê komên tirsê di xwepêşandina a ku banga bi jiyana serokê nemir dike tije dibin, lawê xwedê li erdê, yê ku xwedayê padîşah serweriyê dabûyêkî bi bêdestî û vîna wî, ji ber vê divê xelk bang bi jiyana wî bikin, û tirsê xwe dirajin mîna navdariyên dikevin kûrahî û hizrên wan, û herwisa wê kilîtên tirsê bi hêsanî neşkin, berhinde kolan dibin talîzok û serdav têde laperînekên ademî derbas dibin, û rewiştên komî tenê dibin pîvanên ji cotbûna fermandar û fermanber ve li ser rêça afrêner û aferandek hatiye wergirtin , ji ber vê hişmendî vala dibin jibilî ji hinek tewî û gotinên yên kesên hênik wana nifş dû nifşekî vediguhêzînin, ji bo xemilandina jiyana wanî weke henekeke reş, û ev dibe nîşana jiyana wan û nepeniya sertbûn û reşbîniya wan, ta xewinên demukrasî û vebûna li ser civakê tenê çîrok bin ,giyanên vala danagrin, tenê ji hinek xewinên yên bi windabûn û koçberiya giran ve dorpêçbûyî dimînin.

Vexwarina takekes ji tirs re wekî dûrketina wî ji henas re, û veşartina dîmenên aştîbûnê ligel hemî tiştên yên taybet in bi navdariyên afrandina takekesî ve li heyînê , ji ber vê desthilatdar li ser têrbûna civakê ji tirsa ji wan dixebitin , ta ku jiyana civakî bihêlin di çarçoveya dîmenên pabendbûnê ji xwediyê parî û serokê hemdemî re be û bang jêre û cangoriya wî bi rewanê xwe û tiştê girêdayî bi van sloganan, û zarok rastî vê cureyê ji gunokirina ramanî û zanyarî tê ji destpêka çûna xwe li dibistanê û rakirina wî ji dîmenên serokê xwe yî cangorî re.

Ricîmên totelîter takekes hîştibû bibe duriwekî çavşikestî , heznake bibe rexnegir, lê tenê mirovekî rewşa xwe dipejirîne, ji çi kêliyeke tirsê re giravkirî, xwe dike hînckarekî genî di rewşên herî hêsantir, tiştê ku li ser maseya wî bê danîn dipejirîne, bi bandora tirs , serkotkirin û xewkirineke rêbazkirî, ta bibe tenê karkerekî an peymanderekî li kargeha milkeçî ji fermanan re û bixwegirtinên bêreng yên ji reftarên tiyoqratî olî hatibûn e wergirtin , li gor hişmendiya partî û bîrdoziya xwe hatibû guhertin , ji bo bibe olekî giştî bi tirs û rajêrbûna kotekar ve cîtengbûye, û tirs ji hêzên ewlehiyê dewsa dilrehetiyê ji hebûna wê, ji ber ku dezgeha ewlehî çekekî dirêjkirî ye li ser cemaweran taku bitirsin, û xwestina wê ji jiyaneke baştir sînordar be, cîhaneke têde çanda nakokî, û azadbûna derbirînê cîgir dibe, û rastiya peyketinê bi dû serhildan û raperînê mirov dehf dide lêpirsînê li ser nepeniya çûna xwe li erdnîgariya tirsê yê ji cîhanên dilzarî û sertiyê pêktê, û herdû jî henas diwestînin, berhinde ti vîneke azad bin saya metirsiyê nîne , û mirov tiştekî nahilînê ji ferehiya berketinê beranberî dûrkirinê ji jiyana xuristî re , berhinde tirs dihêle mirov bêhiş be di derbarê rewanî û hizrî de, berhinede berketin tune dibe bi nediyarbûna azadî û derbirîna li ser nerînê, û berketin û raberiyên zanyar têkdiçin , û xwe di nav dorpêçkirineke tam de dibîne, berhinde rewrewk û reweştên têkçûyî di henasên takekesan de berz dibin.

Tirs bi encamê zordarî û êşandina henas e, bi sedema bêhêvî û êşên kombûyî, tirs cenga navxweyî derdixîne, û takekesan tirsa xwe ji desthilatê aşkere dikin bi rêya pevçûn û tîjanê wana li hember hevdû ve, berhinde birçî dibin û ji bilî sertiyê ti destikê nabînin ji valakirina hinira tirsa heyî di hundirê wan de, wisa em dibînin ku ev hemî dihêlin mirov bi rastiya desthilatê birame a ku bi şev û roj civakê xwe girêdide bi awayên hûnîjandin û kirtankirina zanyarî, û peywendiyek heye di navbera zordar û mêrê ewlehiyê a zorkar de ji ber herdû bin siha serokê xweda dixebitin , yê bi dû wî ve keriyek mirovî tirsnak dikeve, navdariyên wî sexte dike li gor xwesteka rêxistina serkotkirinê, yê mayîna wî rewa kir û serperestiya ji gelên ku timî xwe bi rengekî bêcan û piştpêbest ditewînin, berhinde ji tirs re nîşanek mezin heye bandora xwe gewre ye li ser civakê û qonaxên takekesên wê, ew bîngeha çi vebuhujîneke giyanî an ramanî ye, û dibe jî ew pencereyeke vekirî be ji aşkerekirina çi tiştê heyî ji hevgarî û bobelatan ve, ji ber ji zikê tirsê ve ew pankirin derdikeve a ku bû ji lajeyên netewên bêdestiyê, ew civakên yên fêrî stuxwariyê ,çanda keriyê û zimandana solên serok ,hemdest û oldaran xwediyên qenciyê bûn e , û ji wêjeyên serokê xêvzana vexwarin, yê dewsa pir kesên stûxwar dirame, ji ber vê yekê rasayî ye jinavbirina ev kula deronî yê cîgir bû û deqên pîroz alîkarbû bi cîgirkirin û bicihkirina wê bi rengekî kûr, ji ber ku pîrozî bandorekî xwe deronî heye li ser çêja takekes û li ser bîngeha rabûna desthilata serkotker a gendel û ava dibe, dema gede bi mêjî re mijol dibe bi gerê ji bo pariya jiyanê her roj, di hizrê kesê peyketî de tiştekî diyar nabe tenê razîbûna kesê yê di destê wî de kilîtin her tiştî heye û ew li ser her tiştî dikare, ev ji aliyekî , û ji aliyê beranber ve desthilatekî heye ked û xebatê wî desteser dike û yê bi dû ketî pêdiviye ku dîmenên derewîkirin û bêdengiyê diyar bike ta jê re sînora herî jêrîn ji jiyana baş hêsan bibe, û di vir de yekem bîngehên tirsê saz dibe.

Û dibe ku dilheyîna me ji jevkirinê re û vegerandina sedeman ji çavkaniyên wêna re ewa dilheyîna me ji çêkirina rêyên rûkirina wergirtinê berve baştirînê be, ji bo aşkerekirina çi tiştê hatibûye veşartin bin navên nimûnî sexte, û mebest ji vê nimûnekirina nîşanên erênî bi ser tirs û desthilatê ve, hewildana bergiriyê ji yek xwedayî re, yê dîmenên wî li her derê belav dibin, û xelk derdikevin dîmenên wî radikin ji bo hezkirina xwe yê sloganî jêre diyar bikin.

Çi kesê hewil dide ku van reweştên totelîter û efsanî di zikmakê xwe de senger bike, dixwaze mehnedanê bide tirs û pîrozbûnê, û ciwankirina wan bi awayekî aşkere û bêreng û çênabe avakirina felsefeyekê li ser tehtên xêzeke pîroz pala xwe dide li ser mildan û xweradestbûnê ji ramanê rêberê bîrnas re,û qet çênabe desthilatdar bîrnasekî serkeftî be, an bîrnas desthilatdarekî rastîn be, û hîn valahiyeke rastîn heye di navbera nerînên bîrnasan û xwediyên desthilat û tewrîvanan di derbarê vê yekê de, û tewriyên wan ji mehnedanên xapînok derbas nekirin , armanca wan nûkirina çanda kerî , û sînordarkirina berzbûna mirovê zanyar a serkeftî, berhinde tirs çêbû di hembêzê nezaniyê de ,û bibû pêkhatiyeke rastîn ji pêkhatiyên belavkirina zorbedî û pîrozbûna a bi xwînê têrbûyî, ji bo bi riwê xwe yê xalîrengî pepûkiya xwe yê ketiye heyînê xêz bike, wisa ji mirov re diyar bû ku efsan beşekî ji jiyana wî ye, û divê rêza wê bigre , ji ber ku beşeke ji ola wî ye yê ku pê bawer dibe,û erk e li ser wî ku bawerî pê bîne û pêre bide û bistîne mîna nivîştê , ji bo ser û pariyê xwe bin siha rêxistinekê pêre her tiştî parve dike biparêze .

Ligel tirsê cihgirtin tune dibe, û pêdivî ji bo tebatê tiştekî misoger dibe bin siha jiyaneke hejiyayî, takekes di nav de li pey tiştekî wî dilniya bike dikeve, berhinde alîgirên efsanê tenaziya xwe bi raberî û berketiyên zanyaran dikin, û girtinheviya têkçûyî di nav wana de gewretir dibe, ta bibe dirêjiyeke dîrokî ji pevçûnên dihû re,ne ji bo desteserkirina li ser erdnîgariyê tenê lêbelê ji bo rewakirina ricîma a bi hêz ji ber ew hêjayî mayînê ye beranberî jimara kesê lawaz yê ku têne jêbirin û tunekirin.

Em dilheyî berfirehkirina danasînan dibin li ser gelek têgehên yên em pê bawer dibin ligel pirbûna dûbarekirina ezberkirin û bernanên wêna, ji ber ku mirov bi awayekî qayîm dilheyî tiştê xwe yî ramanî û hizrî dibe, ji ber vê yekê sinorkirin wekî dorpêçkirinê ye, û ev dorpêçkirin mîna pêdiviyekê ye bi rengekî bê wate girtinheviya zimanî di navbera du koman de diyar dike, yek ji wan dibêje ku ew baş fêrî raman û wateyan bûye ji nêz ve bervajî yê li beranberî xwe.

Em ne bi darjêgekirin û bêcanîkirinê re ne di çarçoveya komek bawerî de, û ev tişt bû sedema harbûna dirindîtiyê li cem mirovê rojhilatnavînî de, bi rêya ayîndariya xwe yê olî û partîtî , ew dimêtê û bi koratî bawer dibe, bê ku zanibe ku her giravkirinekê li ser darjêgekirina ramaneke pê bawer mîna serseriyeke kawikî ye, ji ber vê yekê em berdikevin zanîna yê me weke zanyaran li pey dikevin ew bi xwe jî nivîşka ronakbîrî û rizgariyê ye ji baskê bedenketiya ramanî û dûzbûna bîrdozî ve , ji bo nuhvekirina nîşaneyên bawerî û rabûnê li hember qonaxên tirsê yê ku rêxistina bavanî bi herdû baskên xwe malbatî û desthilatî wêna çîgir kiribû.

Berhinde ku her nivîsekî liyangirtî ye û bîrdozî wekî danasînekê komek raman in em pê bawer dibin ,yan em ji pêşiyên xwe werdigrin an em wêna bi rêya nehestbûnê digrin, û ji me qut nabin, tevî gumaniya me ku em dikarin xwe jê rizgar bikin, lê şopên wêna li ser rewiştê diyar in , tevî girtinên ramanên nû, ji ber vê yekê doza azadbûnê ji her tiştî rêjeyî ye û tenê wekî xwestekekê dimîne ,û em bi çi tiştê ku di hundirê xwe de cîgir em pê re didin û distînin, ji bo çêkirina peywendiyeke baş di derbarê raman û şîretan de, ji ber ku raman ji nişkêve dibin e alî , lê oldarîbûn û bêcanî li biniyên xwe de ne, û ew kêşeyek rawestiyayî ne, mîna kelemekê ne li pêş rêya rabûna zanyaran de, û tirs me dihêle em bi lêpirsînên mirov di derbarê ezmûna jiyanê yên ku têde dijî biramin ji qonaxa canîbûnê ta qonaxa gehîbûn û pişt re kalbûnê, ji ber ku tirs ne tenê di çarçoveya têkiliya di navbera desthilat û cemawer de ye lê wê derbas dike û jiyana takekes nîşan dike, û metirsiya wî ji pêşerojê, û ev nediyarbûna yê ku xuristiya jiyan û kirdeyan dorpêç dike, li cem mirov rewşeke ji dudilî û ramanbûna ji nediyariyê peyda dike, ji ber ku tiştekî li paş tunebûnê nîne, berhinde felsefa saxleman dema jîndar dimre li cem wî qut dibe, û ji rêza jiyana tevgerî derdikeve, ta genî û rizî bibe û vegere axê, û bibe tiştekî din û tevlî heyînê bibe bi rengekî yekgirtî bi hemî dinokên jiyanê û jêderên wê ve.

Ramandina bi heyînê divê pêşî ji dergeha metirsiyê derbas bibe, çima mirov bin siha hebûna şaxdayî a berve bedenketîbûn û tunebûnê diçe ditirse?!
Û çima mirovan kelemên zêde di rêya hevdû de datînin?!

Ji bo bi xweşiya jiyanê şad nebin, li rex tunebûnê yê ew çarenûsa hemî jîndaran e, mirov di riwê kesê beranberî xwe de bê berhelistiyeke zanyarî disekine , lê li ser têkbirina ya din cîgir e, ji bo pêşdebirina henasê.

Rijandina xwînê wekî lezbûnekê ye ji hatina tunebûnê re, ji bo destê xwe li ser çi tiştekî bi lebat deyne, û dibe ku ew awanteya a ji zorbaziyê encamdayî tiştê bêhtir mirov ditirsîne, di nav cîhanekî mirin têde bê bend e di heman aliyên jiyanê de, ji ber ku serkotkirin û kuştina evînê û wêrankirina peywendiyên xuristî, û gemarkirina sirûştê bi rêya cengê ev hemî hîştin ku tirs bêhtir nêzî mirov û jîndaran be, berhinde bedewbûna berzbûyî di mirov de rizî dibe û dibe leylan û doman, bi encamê têkbirinên mezin bi destê mirovê çavkar û ezez , û danîna mehnedanên pîroz û vala li ser xuristiya cenga wî li hember kesên din.
-------------

1- Nîkolay Eliksenderofêliş Bîrdîv bi Ferensî: Nicolas Berdiaev 18.03.1874- 24.03.1948 Bîrnasekî Olî, siyasî Rosî ye

Zehmetiyên gelek di rû civakên ku hewil didin azad bibin derdikevin, di nav gelek qedexeyan ên tevgerên wêna bi sedema zorbedî û bêdadiyê hatibûn têkbirin û ev di nav kesê bindest de şoreşek girseyî avakiribû, li hember wek neman û mirinê, berhinde Nîkolas Bîrdîv 1 dibêje: ( Mirin ew rastiya kûrtir e û bêhtir di jiyanê de bi nîşan e, ji ber mirov bi ser diyardeyên jiyana xwe yê rojan e û serveyî tê û ev tek tiştê yê ku me dihêle em bi wateyê jiyanê biramin, û jiyan ji derveyî nîşana mirinê bê wateye. )

warên ku di talîzoka xewin û hêviyên namiçiqin de dijîn, ji ber timî di rewşeke ji rûbirûbûn û pêdagirtinê de ne li hember zorkariya dîrokî ya gelê kurdistanî li parçeyên welatê xwe yê dagirkirî dijî, bergirî û rikberî mîna serkeftinekê ye li ser asta raman û hêviyan, û dibe mîna derbasbûnekî ji jiyana gîreyî re yê ku mirovê kurdistanî wêna dijî, berhinde welat ew wateya jiyana serkeftî ye li ser têgehên mirin û nemanê, berhinde pêgirtina mirov û pêdiviya xwe bi girtina kokê encameke xuristî ye ji hestbûna wî bi zorbedî û mafxwarî û herwiha ew pêdivî mîna naverokeke qayim e ,mirovê zanyar armanca wê dike, di dema ceng û dûrkariya sepandîbûyî û berdewambûna ricîmên serkotker û kirdeyê xwe li hember gelên xwe mîna mirina pirreng e , tê kirin ji bo zêdetir tîjan, hilweşîn û awanteya qerpol û dema jiyan bibe meydanekê ji kirina mirinê re, berketin û raberiyên kêferatkirî ji bo xurtkirina peywendiyên xuristî xeradibin, sazî û ricîm dibin çekekî li hember gelan, û rûdana demî û cihî bi cûreyên qirkirinên rewşenbîrî û civakî cîteng dibin, û jiyan mîna mirinekî sirûştî dibe,dimîne metirsiyekî, ji hûrgiliyên jiyan û nerehetiya me qut nabe, li pey wê ragihandina yê êş ,sertî û xwînê belav dike ta jiyan bibe dîmenên mirinê, li her cihekê ji cihên jiyanê cîgir dibe û xwe bi wêneyên totelîterî, dûrkarî ,serkotkirina kêmnetewan , cengên olî û jihevketina civakî diyar dibe, û divê di vê derbarê de nasîna riwên mirina pîroz di têgeha ricîmên sitemkar a serkotker, yên zorbediyê bi awayekî bi rêk û pêk sepa dikin ji derveyî heyîna reştariya tirsa hebûnî li cem mirov, berhinde tirsekî siyasî, deronî û civakî peyda dibe, û dikeve hûrgiliyên jiyanê, mirov nikare xwe li ser helbeze an wêna paşguh bike di siha ew kedxwariya sepabûyî de, û ev dûrbûna di nav komên yên ji her girtinheviyeke xwînî re amade dibin,û tirs mîna gîhayekî baş bi destê ricîman dibînin, û tê pikaranîn ji bo xwarindina keriya mirovî a nemabûyî bi derbasbûna qonaxên jiyan û hatina nifşên wê.

Ew tirsa a ku maye mîna metirsiyekî girs û di hiş û dilan de cîgir dibe û navdariyên xelkê , reweşt û reftarên wê zeft dike, û jiyan û rêya nifşên wê rêxistin dike, û mirin destê xwe danî li ser çareyên wê ji bo azadî û serxwebûnê, berhinde mirin dikeve dewsa jiyana tirsê, mirin dibe mîna şahiya xewinê ji bo gihîştina jiyana baştir, wisa pêşeroj nepenî û nediyar dibe bin siha wêraniya a ku berfereh û şaxdayî dibe bêhtir bi nediyarbûna awayên hezkirin û dostaniya civakî.

Ev lîstina yên ricîmên zordar bi rêve dibin ji dîtina wê yên teng ve dibişkivin, ji nezaniya bi hevjiyanê û berhemên wê yên erênî tên, û bi tirsê re didin û distînîn mîna pêwîstiyekê divê hebe ji bo kedîkirina hêrsa cemawer û xwestekên takekesên wêna ji bo jiyana xweşî û pirrengiyê .

Ew ricîm li rojhilata navîn bi şerfiroşî û zorkariyan ve dagirtî ne.

Turkiya ya Osmanî a li pey wê bermayek giran heye ji desthilatî , bêdadî ,qirkirina gelan û pişaftina wan di xwe de, Îrana Farisî ya dildarê şehnaziyên demborîna tije desthilatî û mirin û Sûrî û Îraqa Bassî yên li paş wana Erebûnekî Islamî bi xwînê li ser çand û gelan xwe sepandibû, û mora xwe yê Erebî Islamî li ser wan danîbû, û ev ricîmên sitemkar xwe bi bermaya belavkirina tirs û mirinê ,ta dema îro xwebicî kiribûn, wekî dirêjiyekê ji çax û serdemên berê, û Kurdistan ya dagirkirî ji van ricîman ew nîşanekî ronakbîrî ye ji vegerandina çanda netewekê re û hişyariya gellekî ji çepelên pişaftin û qirkirinê, û nîşana berxwedanekî piştrast dike, hebûna netewên yên kêferata azadiya xwe dikin bi xwîn û hesin diyar dibe, û tirs ji yek dîmenê xwe ve têkiliya xwe bi mafxwarî û bêdadiyê re xuyakirin dide, bi talankirin û diziya erdên Kurdistanî li Sûrî bi navê çaksaziya çandinî, û ev yeka mîna pepûkiyekê ji aliyê dewleta şofînizma a serkotker ve hatibû sepandin, bi palpişta xwe li ser pişaftin û helandina hemî pêkhatiyên netewî di nav darêjga xwe yê Erebî de, û ev lîstina bi maf û destdayîna li ser semyan û jiyana civakî mîna mezintirîn rewşeke zorbaziyê ye li Rojavayê Kurdistanê li gel wê Erebkirina gund û bajarên Kurdî bi navên Erebî , qewitandina kurdan ji navçeyên wan ve ji bo berjewendiya bicihkirina Ereban şûna wan û wisa jî dijberiya Sûrî bi piştgiriya Turkiya vê siyasetê li Girê Sipî, Serê Kaniyê û bi taybet li Efrînê bi rêk û pêk bicihanîbû, û pirojeyên nijadperestî mirovê rojhilatnavînî yê Kurd şaşkiribû, û ev bawerî bi sazî,dewlet û yase têkbiribû, û jiyan kiribû holekî ji neyîniya dagirtî tîjandin û bêdadiya bi rêk û pêk.

Tirs ne tenê bûyereke, lê nîşaneke rastîn e bi jiyan,xuristî û rûgeyên wê ve têkildar e, û bû rengekî naskirî di jiyana civakê de a ku bi ricîma bavanî maskirî û mirin têkiliya xwe pê re heye, metirsiya nemanê, nemana ewlehiyê, û metirsiya desthilatdar ji kesên ku daxwazên azadiyê dikin ,ew tirsa ji nemana serdestbûn û cih e , ji ber vê hemî ji bo girtinheviyê hewil didin ta reştariya tirsê qasî tê xwestin dûrbixin, berhinde bîrnasê Elmanî Haydger bawer dibe : divê mirin nebe ew metirsiya a ku nivîna me bihejîne.

Lê ew bi xwe metirsiyek rastîn e nivîna takekesên yên civakê bi alavên serkotkirin û tirsê kontirol dikin dihejîne , û ewa jî jiyaneke jiyanbûyî ye li cem gelekan yên ku nikarin mafên xwe yên sirûştî bi dest xwe bixin û çalakirina yaseya binpêbûyî a pala xwe dide li ser dadmendiyê û diyarkirina nirxê piraliyê siyasî û aborî û çendîn di xwe de encamên erênî berz dike li ser dewlet û civakan bi giştî ve, berhinde desthilatên sitemkar rê nadin ku hişên takekesên wê ji derveyî kêmanî û binpêbûnên wê biramin, ji ber reftar û karê mirovê bindest tenê birame bi serkotkirin û pepûkiyê ve yê ku di jiyan û qonaxên xwe yên cuda de wêna dijî, û rojeva axaftinan dibe tenê li ser binpêkirin û xweziyên nediyar û yên nayên pêkanîn, û wisa em dibînin çendîn peywendî di nav gotara olî û desthilatî de heye .

Ev koçberiya rastîn hîştibû jiyan raweste, û berhem tenê kedekî bê beranber be,tê pêşkêşkirin ji xwediyên berîkên fereh û yên jiyan û saziyên wê di destê wan de ye , desthilatiya serkotker kiryarên xwe di hizrên gelên xwe de bicî kiribûn, ji bo gel li hember wê raperînê lidarnexîne, û gel bi vî awayî bi pir hijmarên xwe dibû alav bi destê wê desthilatê wê berdide hevdû û gel bi rêve dibe çawa bixwaze û kengî bixwaze, û di demekê ew kerî ji nav hevşiyên xwe rabûn , di baweriya xwe de wê karibin li ser serkotkirinê serbikevin, lê qurşînên wê bervajî wê hatin, û bi xwe zemînekê ji desthilatiyeke tarîtir re ava kirin mebesta min bê guman serhildana yê tê naskirin bi gelê Sûrî yê ku Mark Sayksê Ingilîzî û Cûrc Bîkoyê Ferensî sînorê wê danîbûn, û ew berve demborînekê ve diçe li gor xwestekên wan desthilatan bi hişmendî û nehestbûna xwe ve, berhinde ku desthilata dûrkar êdî piştrastbû ku berdewambûn û hebûna wê girêdayî ye bi çendîn serkeftina cîgirkirina ricîma xwe yê desthilatdar ve di hiş û dilên civakên yên wê kontrol dike,û bi vî awayî guman kir wê ji bergê gelê bindest ji aliyê hiş û giyanê derkeve û xwe nû dike mîna dema mar an xemgurî eyarê xwe diguhêre, û derketina Daiş û berî wê Elqaîde û Elixwan û van komên pêşîn ji van bijardeyên yên rastî nezaniyeke bi rêk û pêk hatibûn û hişbirinekî giştî ji aliyê mêrên ol û desthilatê ve, civakê hîştibûn bibe zinarekî teqemenî û mayînên bi hev ve girêdayî, li ku biteqe wê hemî ferehiyê bigre, û ev ji me re piştrast dike ku desthilat bi hevkariya xwe bi mêrên ol û bi palpiştbûn li ser deqên pîroz giştî serketin di dagirtina cemawer de li gorî armancên xwe, û bi girtina zanyaran bi serketibûn, kuştin an dûrkirina wan ji derveyê vê bixêrîkê.

Wêrankirina hatinên heyînê û sînordankirina rengirtina jiyan û mirov çêdibe li gel kiryarên serkotkirin û nûjenkirina koletiyê bi heman awayên wê ji bo cengên nû, û qelişên bi dû hevdû ve , buhayê wê tenê sawîlkan didin, berhinde alozkirina cureyê jiyanê ji reng û kiryarê desthilatê û serdestbûna wê derdikeve, mîna dezgehekî tirsê di nav bijardeyên cemawerên ciwan de, lêbelê dijminatiya aşkere bi sirûştê xwe riwê xwe aşkere dike li hember çi dengekî bi bandor bernama guhertin û serhildanê di hizrê xwe de danîbû û kiribû pêşî hizrê xwe ve, berhinde zanyar mirin û serkotkirinê bi riwekî bi ken pêşwaz dikin, bergiriyê li hember hêzên nezanîkirin û serkotkirinê nîşan didin , li ser pabendîbûnê xwe bi naveroka bedewbûn, dadmendî û nirxê xweşiyê di jiyanê de derbirîn dikin, dema hatin û hinirên xelkê bi awayekê ji awayan hêviyên wê di guhertina demukratî de wêzim dikin.

Nimûna mirina sepandîbûyî li ser van civakan serkotkirineke bê dawî ye, û cîgirkirina wê mîna binemake olî pîroz ji xwedê hatiye sepandin û bi rêya pasvanên wî li erdê, ev bû tiştekî li ser guftogo nabe, û tenê ronakbîr dibe jêre qurban, yê li gemiyê rizgariyê digere ji bo mirovên yên bi lehiyê ve bar dikin, û ev yeka hevgariya Suqrat tîne bîra me, dema koça jiyanê bi rûkenî kiribû û ji şagirtê xwe re digot: ( divê mirov mirinê bi geşbînî û şadî pêşwaz bike ji ber vê divê hûn aram û hevseng bin.)

Mirina gewdehî jêra ne meraq bû lê tirsa wî li ser takekes û xelkê bû, ku li şikeftên nezanî û tirsa ji serkotkirin û malgirtina desthilatî ji her tiştekî bedew re koç bikin , metirsiya wî bi asta tiştê ku ji raman û pirsê radikir, ji ber vê ricîma fermandariya totelîter hêza xwe ji qirkirina zanyaran û zanînên ku mêjî dilivînin wergirtibû, û cemaweran dihêlin ku ji aloziyên xwe yên ramanî bi awayekî taybet ve li çareyan bigerin, ji ber ku tirs dihêle şoreşger milhûr be û wêjevan hînckarekî hov be û civak peykerên wêrankirî be, ev diyarbûneke ji dijminatiya jiyana nû re ye, an rizgarî ji serdestbûna efsaniya ya ku zordarî ji kunên destpêktiyê anîbû,û tiştê ku civak hîştibû awanteyê bijî sertiya desthilatiyê ye û zorkariya wê li hember civakê, ji ber ku êş,derd û windabûn bûn e binema civaka barketî bin siha ricîmekî serkotker, dadmendî û dadperwerî rakiribû, û pêşeroj li gor vê yekê nediyar bû, ev dojeha ezmanî rewş dagirtî ye, û mirin yek ji bedtirîn riwê wî ye, û serdestbûna koletiyê mîna ricîmekî ewlehî li ser movikên jiyanê, mirovan hîştibûn di rewşeke ji tirsekî berdewam de bimînin, sedema wê ezeziya malgirtîkaran ji hatinan re û nediyarbûna rengên bîraweriya bi hevjiyana aştiyan e ve , li rex serdestbûna ramana olî li ser bijardeyên civakê li gor têgeha Islama siyasî yê ricîma serkotker biserket ku ew raman bibe bîrdozî, berhinde wêjeyên partiya Baas ya fermandar pişta xwe dabû li ser dîtina Islamî olî ji fermandariyê, û Erebûnê dîtibû bîngehekî ji ol re, û li gor wê fermandariya xwe ji civakê re û serkotkirina xwe ji kêmnetewan re rewa kiribû, yên ew jî xwe li paş maf û taybetmendiyên xwe yên netewî veşartibûn mîna bersivekê ji paşguhkirin û dûrkariyê rêbazbûyî re, li gel wê bi dijwarî li pêş xwesteka guhertin û hevberînê tê rawestandin û herdû beşek in ji tevgera dîrok û jiyanê bi giştî ve, û li pêş nebûn û mehfbûna a ew binema her jîndarekî saxlem e derbasî qonaxên cuda dibe ta bedenketîbûn û nexweşiyê têgehên fêzbûn û mirinê rawestîne ,em ricîma serkotker dibînin bi aliyê mirinê bêhtirî jiyanê ve diçe, ji ber desthilatdaran helkelkî bi dû guhertina jiyanê dikevin ji bo bibe meydana azarbûn û kuştinê, ji ber ku ji gel ditirsin,û cemawer jiyana xwe diqedînin di razaneke veguhêz ji tirsekî ta hêrsekê, û ji encamê wê bi lez kiryarek dijwar encam dide bi bayên hingemeya bê dawî re, li gel wê civakan di zîndanên xwe yên mezin de dijîn li ser dirêjî pîneya warên xwe, û rewşeke ji koçberiya hundirî dijîn, û ji bilî penaberiyê çareyekî tal nabînin bi dawî neçar dibin bipejirînin, ji ber vê yekê mirina di navbera erdnîgarî û bazdanê de tirsekî berdewam e ji pêşerojeke nepenî re, zêdetir derd û dilzariya reş pêşbînî dike, li gel wê henasan li piştrastiyeke windayî digerin bi sedema serkotkirina bi rêk û pêk yê ew dijîn bin siha ricîmên fermandar yê çi axaftineke sawîrî nahilînê ji bo kedîkirin û mêtina hêrsa cemawer, li gel wê civak, kom û rêxistinên ji hevdû re dijhev tên e dabeşkirin.

Hevxistina Baasî wek nimûne li ser bîngeha dijminatiya ji bilî Ereban li Sûrî an Îraqê pêktê û li wan dinêrin ku ew şaneyên razayî ne dibe ku dijminên li derve wana dema ew bixwazin bikarbînin, ji ber vê yekê pêdiviye li wan bê tengavkirin, ev ji derveyî tirsa desthilatê ji gel ve bi giştî, ji ber ku zîndanvan ji zîndaniyan ditirse tevî ku li zîndanê ne, li gel wê berdewam kelem di navbera netewan têne çandin, û di navbera rageh û ragehekî de, di navbera qatan de jî, aliyê bi ricîmê re û aliyê bi dijberiyê re, û zoreng di navbera vîna guhertin û tirs bibû feraqekî di nav de nirx û têgehên rojhilata navîn ya ku bi xwe ji wê girtinheviyê hatibû cîgirkirin, û têgihiştina me jêre pala xwe dide li ser derbasbûna me bi sirûştiya têkiliya nişteciyê derveyî bi erdnîgariya wê deverê û xwedîkirina wê bi dîmenên hewesdarî bi desthilat û sitemkariyê ji bo hebûnê, û mîtingerî hatibû kirin bi rêya tirs û serkotkirinê, û bi rêya herdûkan ve rolên afrênerê azad hatibû têkbirin, û li şûna wê lîstoka desthilatê cihê xwe girt bi qutîkirin û reşkirina her sirûştiyekê û rewşeke cîgir hewil dide tiştekî ava bike ku karibe vê wêraniya a ku peywendiyên civakî wêran kiribûn jêbibe , bi rêya çandina tovên tîjandinê yê bi sirûştiya xwe tevgera civak û takekes sînordar dike, û şiyana berzbûna tevgera ronakbîrî ya bi armanc li paş dixe , ji bo jêbirina mayînên desthilatî ya li dor mêjî, û paşêxistina tevgera civakê yek ji erkên desthilata serkotker e, ji bo rûbirûbûna maf û xwe şimitandina ji erk beranberî gel, tirs namîne cîgir di demeke dirêj de, û bi lez belav û pûç dibe , di serhildanekê her tirsekê hildikşîne,wekî dema bajarên Kurdistanî li Sûrî rabûn taku sozê bi gel,xwîna şehîdên xwe û xwediyên xwe yên aram li Qamişlo nûkirin, û herwiha em tirsê dibînin bi hêrs û hebûna vînê neman dibe , ji ber vê her çare li pêş komê gelê westiyayî dima ew bergirî di rû bêhêvî û piştsariyê, berve vejînkirina şiyarbûna mirov, cenga wî ji bo azadî û dadmendiyê, li gel wê gel ew kelevajiya sexte bi navê welatîbûnê danezanîkirin bin siha desthilatiyeke ji wan re ti soz an peyman nedabû, û ev rabûna gelerî derbirînek bû ji yekîtiya gelê Kurdistanî re li hemî bajar û gundên wêna, û hewildanek bû ji bo binaxkirina tirsê heta dawiyê, tevî sertiya sitemkar û şêweyên serkotkirina wî lê vîna gelan saweke dikarê wana bin guhê hevdû bixe, tirs dibe destmaya desthilatdar yê pala xwe dide li ser ji bo li desthilatê bimîne û qezenc û hatina xwe zêde bike , û herwiha nanê civakên oldar û tîjandî ye bi awayê siyasî, ricîmên sitemkar li ser binema tirsê wek şêweyeke gerentor ji serdestbûna wê re dijîn, ricîma tirsê damezrandin li ser binema gefa bi dojehê wekî encamekê serpêçî bi xwedê re û şîretên yê di deqên pîroz de hatî, ev yeka cureyekî ji hevkariya bed di navbera mêrên ol û desthilatê de çêkiribû, wekî du pêkhatiyên çalak ji bo têkbirina çavkaniyên şoreşa hişmendî a hatibû cîgirkirina li ser pêşdebirina dan û standina ramanî, û rê li pêşiya gotûbêjê bi siyaset, ol û zayend ve hate girtin, û bûn efyon li paş perdan tê duristkirin, ji bo mijolkirina xortan, û razandina wan demeke dirêj, û belavkirina bêkariyê û rêbaza xwendinê a hişk û vala ji hînkirina naverokî tenê nezanîkirin û mijolkirina xortên zanîngehan ku tenê bi dawîkirina xwendinê û kardîtinê piştî qedandinê biramin bi siha tenêbûneke aborî xenqoyî, û gendeliyeke giştî perîşan û hilweşîneke paş perdeyê tê kirin, û bişanhildana diravê yê rê ji mirov re vedike ji bo dizî û tembelîkirinê, ev hemî tê birêvebirin ji bo tek encamê û ewa berşûnbûna rewiştî û paşxistina deronî ya henasî û têkbirina qezencên xelkê, li gel wê ricîmên sitemkar li ser çandina gumaniyê di nav bijardeyên civakê de dixebitin, ji bo bawerî di nav xelkê de tune bibe, û awante bibe pergalê giştî ji hemî nakokiyên sert yên dikarin stonên saziyan hemî hilweşînin, û ev zorenga har di navbera alîgirên guhertina zanyarî û sertiya desthilatdarî kevin e kevinê dîrokê, kevinê têkiliya reşepêş di navbera fermandar û cemawer de, di navbera mêrê ol û cemawer de, di navbera bav û kuran de, ji ber vê berdewam pirsên gelek berdide , û ji ber vê tê veqetandin di kêliya hêrs de ji çi tiştê ku hatibû cîgirkirin di jiyaneke pala xwe dide li ser sertî û neçariyê, û ev raperîn qonaxên bê nîşan didan nerîna gel û gotina wî têde li pêş be li jor ricîma sertbûn û zorê, ji bo sînorekî bê danîn ji wan lîstina yê giyanên sawîlke têkbiribû, û civakê hîştibû rizî bibe, ev qelşandin bicî dibe û kelemekî kûr durist dike, ji ber vê em desthilata serkotker dibînin ku ew jî di gezencê de ne ji dûrketina xelkê ji bîraweriya ronakbîrî û felsefeyê ve bi rêya belavkirina wê ji raman û efsanan re bi rêya dezgehên ragihandina wê û herwiha bi rêya rêbaza olî, ji bilî ramanên tek netewê û bicîkirina têkelbûna bi zorê re, ji ber vê ew girtinheviya di navbera netewan de hatibû belavkirin, netewa herî bi hêz û bi zimanê olî xwe bi çek dike û jêre desthilat û serdestbûna li ser çand û şaristaniyan vedigere , ew şaristanî û çandên yên taybetmendiyên xwe diparêzin û têkoşînê dikin li hember hewildanên setimandin û qirkirina rewşenbîrî, li gel wê Baas bi bîrdoziya xwe yê reş baş nûnertiya qirkirina rewşenbîrî kiribû , û armancên wê ji bo erebkirina navçeya kurdistanî li rojavayê kurdistanê derbirîneke ji sertbûna rewşenbîrî re û nediyarkirina nasnameyên gelên deverê ji bo bicîkirina dûrkarî û ne aramiyê ji bo hemî pêkhatiyan ligel pêkhatiya fermandar yê ew jî zorkarî û gendeliyê dibîne ji aliyê wê desthilata yê ku ti destik nehiland û bikaranî li hember qezen,ewlehî û azadiya gelê xwe, ew bawer kiribû ku bi rêya tewriya pilanê û dijminê derveyî (Israil), wê bihane bide ji bo bimîne destpak li ser xewinên netewî lawaz li dor eywanên rewrew û xapandina cemaweran dizîvire ( herdû Baasên li Sûrî û Îraqê) ji bo dûrxistina wê ji xuristiya dema niha û hewildana netewên demukratîk û guhertina naverokî ji desthilat û ricîma fermandariyê, li gel wê mijûlkirina mêjiyên wê bi navê şerê dijminê li derve, hîştibû xelk xwe radestî lîstin û binpêkirinên ku li dijî wê hatibûn e kirin bibe, û deverê hemî hîştibû dagirtî girtinheviyên aşkere û hundirî bibe, û wisa em dikarin bêjin ku ew bi duristkirina hingemeyê heta demekî dûr bi serketibû.

Çanda dûrxistinê ji berhema şaştiyên desthilatî ne, û civakan di rewşeke ji girtinheviya giştî û bê dawî hîştibûn, di baweriya xwe de wê bi vî rengî cihên hebûn û serdestbûna xwe li ser hatinan biparêze, li gel wê her awanteyekê bi karên derveyî ve girêdayî ye ji bo rewakirina hebûna xwe,li gel wê tekçand pala xwe dabû hêzê û pişaftina pêkhateyên din di xwe de mîna pêdiviyeke desthilatî didît, bîrdoziyeke dîrokî sertî û pizbûn piştgiriya wê dike, ta bibe asteng li pêş afirandin û dostaniya civakî ya şaristanî , taku mirovahî hemî buhayên gendeliya desthilatê û xwarbûna wê bide.

Ev hemî jiyan hîştibû di windabûn û jevketina giyanî û ramanî de bîzivire, û ji girawbirinê re hewşekî fereh dîtibû ji bo xistina çi ramanekî azad an pêşveçûnekî sozdar, li gel wê sepandina çand û reftarên ku ji ol dertên ji çawaniya hîştina xelkê ku bi rêya bijandin û tirsandinê ve di eynî demê de bandor bibin, û ev rêyeke baştir e ji bo çewsandina rengên civakî û kireberîkirina wê bi yek reng, çand û tek zimanî ve û pişt re erdnîgariyekî têde yek fermandarî cîgir dibe, desthilatiya xwe ji serdestbûna ola Islamî werdigre, û rêya ku xwediyên belavbûna wê ji talankirina hemî deverên din bikaranîn û sepandina ol bi rengekî zordar li ser gel û çandan ji bo pişaftina û helandina wan di pergalê zimanê Erebî de, û berdêla amade wekî ku di van lêpirsînên rewa û vekirî de ye ewa di pêşkêşkirina berdêla berzbûyî di pêgirtina bi kok , çand û zimên ve taku neman û bi dawî nebe, li gel wê nemana vê êrîşa rewşenbîrî ya siyasî mîna destpêka hevjiyanê ye di nav gelan de , bi nemana navê kêmnetew û pirnetew ji bo jiyanek bêhtir cûrebûn û lihevhatin, û dibe ku talana rewşenbîrî li hember nasname û çandên din hingemeyê kiribû zimanê rewşa wê, herwiha navendîbûna olî û netewî bi zor û pizbûna xwe ve li ser bijardeyan her tiştî derbaskiribûn.

Ew bijarde taliya girtinheviyê xwar, û di xwe de kesayetek nizim derxistibû bi taybetmendiyên nefretê ji serwerî û desthilatiya hêztirîn ve hatibû naskirin, yê ku zorê dikir bin balkêşeya pîrozbûna bîrdozî an olî.

Û li gel wê Ewrûpî zorkariya xwe li ser Efrîqiyan kirin, ev dîtina dûrkar ji bo çewsandina nîşanên şaristaniyên mirovî ji gelên Efrîqiyayê, wek dema Ereb bi rêya ola Islamî zorkariyê berdewam kirin bi bihaneya cîhanîbûna ol û li zimanê Erebî dûriyekî olî pîroz danîbûn, wekî kiryarê yekîtiya Sofiyêt û hewildana wî ji sepandina zimanê Rosî li ser gelê din yên li ser wan serweriyê kiribûn, ji ber vê ziman hatibûn weşandin bi kuştin û mêtingeriyê û pişaftina gelan ,hinek ziman dewsa gelek zimanan girtin, piştî ew gel zimanê xwe jibîrakiribûn û dev ji ziman û nasnameyê xwe berdabûn, dema rastî işkence û azariyê hatin, û ev yeka rengekî berdarbûyî ji qirkirina rewşenbîrî ye.

Wisa serkotkirina siyasî rex li rex li gel alavên pişaftin û helandinê dixebite, û ev yeka şerên girtinheviya navxweyî durist kiribû, û ol siwareyekî dîrokî û bîngehîn bû li ser bîngeha wê helandin di pergalê netewî a fermandar de hatibû pêkanîn, mîna gotûbêja Islam û Erebûnê , bi rêya wê sitemkariyên netewî di hundirê erdên xwe de karîbûn şerê gelên resen bikin , ev yeka di ramana Elqayîde1 û Elixwan2 de şaxdayî û berz bû, alavên cengê xwe ji dîrok û talanên Islamî wergirtibûn, ji ber vê em dibînin ku cenga desthilatî gelek xalên hevbeş di navbera gelan de jinavbirin, û her kargêrekî şaristanî bi destê mirovê zanyar ji kevin ve hatibû pêkanîn, û ev tişt gotinê Ishaq Niyotin 3 1727 tîne bîra me : ( Em gelek dîwar ava dikin lê em têr piran ava nakin.)

û ev wêrankirina bi rêk û pêk ji peywendiyên hevjiyan û dostaniyê ye, di navbera gelan de tirsê hîştibû xwedayekî fermandar li ser erdê û di kesayeta rêber û peykerên yên ku li her goşeyê de ava bûn e xuya dibe.

-----------------------

1- Elqaîda : an rêxistina Elqaîde an bingeha tekoşînê : ew rêxistin û tevgerekî pir regeznamî ye, di dema Tebaxa 1988 û dawiya 1989 de hatibû damezrandin, banga tekoşîna navdewletî dike.
2- Elixwan Elmuslîmon: komeleyeke Islamî ye û ew tevgera dijberiyeke siyasî ye li gelek dewletên Erebî.
3- Esêr Ishaq Niyotin 25 Berçele 1642- 20 Adarê 1727, zanisvanekî Ingilîzî ye , yek ji navdartirîn zanistvanên Fîzîk û bîrkarî ye bi derbasbûna serdeman û yek ji nîşanên şoreşa zanistî ne.

Li gel wê berzbûna vîna çanda sade ya ku mayîna li ser kenarê , pişaftin û destdayînê napejirîne ,bi berhelistbûna tirsê ve a ku peyker nûnertiya wê dike diyar dibe, û berxwdaniya li hember qirkirina rêbazbûyî yê jiyana civakî û siyasî li xwe digre, li gel wê li gelên yên bi nasnameya xwe ve girêdayî tê nêrandin wekî metirsiyekê ferehbûna û serdestbûna wê li ser movikên dewletê bi sazîyên wê bi awayekê giştî asteng dike, li gel wê wêrankirina peyker nîşaneke ji şikestina sihwa tirsê û serkotkirina desthilatî, û şopandina zorengê û tiştê wekî nirx di çarçoveyê wê de di girêdana azadîxwazan bi jiyanê ve tê kurtaskirin li hember hêzên yên ku li ser wêrankirina çi avakirin an destketiyê ve dijîn, û erka wê piştrast bû li ser hilweşînê û weşandina bizdanê di nav henasan de.

Zanîn wekî rewşekî ronakbîrî diyar bû , metirsî û bedkariyên kiryarên desthilata serkotker celew dike ji ber ziyanê dighîne jiyan û pêşeroja gelan û pêkvejiyana wan bi hevdû re, herwiha bandora xwe bi awayekî neyînî li ser başiya ramandina wê dike û ji ber vê pêdivî çêdibe ji bo li hember wê bê rawestandin li ser bîngeha bicîkirina têgeha raperîna cemawerî, ew nîşana zengila dawîbûna wê desthilat û alîgirên wê ye.

Tiştê ku desthilat ji vekirina peywendiyên sirûştî di navbera civakên serkotbûyî kiribû bi rêya çandina tirsê wekî efyonê , hêza dij xwe li hember amade dike bi rêya civandina bijardeyê ciwan yê dikare jiyanek nû bide û dikare li hember binpêkirin û aşkerekirina wê bi gelek şêweyan raweste, dibe ku xebata çekdarî jêre çareyekî dawî be, berî wê bîraweriyek cemawerî bi jiyana rêxistinî pêşde tê ,bîngeha wê xebatê beşadarîbûnê ne dûrkarî ye, û navendiya netewî a olî di pergalê xwe yê desthilatî de tenahiya civakê durist dike û wêna ji her bihinberdanekî ve durxistibû, taku ramanên erênî dernekevin , yên ji kiryarekî afrênerî dertên, gelek berketî û raberî hembêz dike û nûnertiya rewana civak û bedewbûna wê di heyînê de dike, li gel wê mijolbûna gelên serkotbûyî wek nimûne gelê Kurdistanî bi parastina nasnameyê û di berdewambûna zorengê ji bo parastina ramandina wê , li gel wê bin siha serkotkirinê mirov nikare bi tiştekî cuda û nû birame , berhinde naverokên desthilata serkotker a totelîter bi derbasbûna demê ve û ji hundirê ve genî dibin, û destên çavkar dikevin pêşbirkê ji bo bêhtir destê xwe li ser movikên serdestbûn û fermandariyê deynin, ta bihevkevin û ji hev dûr bikevin û qerbalixiyeke rastîn biqewime bi wê û civakê ve bibin e heldêrê, li gel wê hişmendiya gelemperatî di amûrîtiya xwe ya bijardî de ji fermandariyê re metirsiyekî li ser hebûna mirovî û aştiya xuristî çêkiribû, herwiha jî dibû bîngehekî ji cengên bê re, sirûştê wêran dike, ji ber ku dema nefret belav dibe tîjandin jî di navbera civakê de belav dibe, kesayeta takekes pelixî dibe, ev girtinhevî û zoreng çêdibe , armanca wê pevçûnê: têkbirina çi rabûnekî hişmendî ye , ji yekîtiya zanyar û xwediyên raberiyan çêdibe , yên ku hewil didin bi rolên xwe lihevhatinekê ji bo siberoja gelan û demûkrasîbûna wê çêbikin, ta zêdetir ewle ,aram û di xweşiyê de bin.

Bêkariya xortan û tengavkirina wan û herwiha sînordarkirina raberî û berketiyên nêdar a gelên barketî ji aliyê milhûriyên wê ve jiyanekî gelek metirsîdar aşkere dike , bi rêya wê ceng û aloziyên yên şîn û işk çinî dikin bêhtir dibe, parçebûna sawdar ji gelên rojhilata navîn netewî , olî û ragehî perdeyê aşkere kiribû ji komek cengên bi dû hevdû dikeve di wêzima hêzên desthilat û qezencê de, berhinde windabûna nasname û şerê mirov ji hatinrêz an ziman û baweriyê wî re nûnertiya siha xweda li ser erdê kiribû, berhinde bermaya olan ew bermaya hunera serdestbûna bi cemaweran e, tê wateyê ku ol ew roparta desthilatê ji xelkê re ye, û dibe tiştê ku hîşt têkelê reftar û reweştan çêbibin û ji aliyê xelkê ve bi heman bijardeyên xwe bên e mêtin ew desthilatdar û hevbendiya xwe bi mêrên ol re, bi derbasbûna demê ricîma tirsa pîroz saz kirin.

Ew ricîm bi raman û dîtinan re bi awayekî hişyar dide û distîne, û timî pêre dikeve di ciyawazbûn û lihevketinê, tenê ji raman û dîtinan sûd wedigere di warê pêşveçûna ricîmê û cîgirkirina tirsê mîna rewşeke pêwîst û divê bê jiyankirin, û herwiha nûnertiya siha desthilata ronakbîr li ser erdê dike ji ber ku ol rêya jiyanekê ye, ew amaneke nirx û reweştên desthilatê hembêz dike û herwiha bermayê gelerî û efsanî bi awyekî gurayî, li gel wê baweriyên kisilgirtî bûn e peyker û nîşanekî samê û şikestina vîna cemawer bi rêya şerê ramanên rabûyî, dibe ku guhertina jiyana xortan bi rengekî pûç bîngeha xwe pişûdan e hîştibû desthilat bêhtir dêwtir be bi rêya pencereya bêkariyê .

Ji tirsê re dest û nepirçekên toj çêbûn, herwiha jê ricîma bawerî bi çarenivîsê çêbû û mal û semyan ya xwedê ye dide kesê dixwaze, wisa roparta olî bi mêrê desthilatê re destêkel bû , û şaxên saloxgêrî bi rengê koma firiştan hatibû sazkirin, firişteyekî giyan distîne û yek li zurneyê dide, û yek bi miriyan re di gorê de diaxive û bi awayê wê şaxên tirsê hatin sazkirin li warên ku ji derveyî bêdengî û sertî di şîret û deqên xwe yên pîroz tiştekî pîroz ranekirin, berhinde desthilat reweştên xwe yên li ser binçavkirin û reşkujiyê danîn, ji bo armanca xwe ji belavkirina tirsê pêkbîne, çi kesê ku mafên xwe bixwaze wê bê qirkirin, bi taybetî kesayetên yên navderiyek wana li cem xelkê hene, berhinde reşkujî dibe yek çirûsînin tolê li ser tirsê, û xelkê bi zorê dihêvoje ku raperînê bikin, û ew ne wekî ku Tomas Mor dibêje 1 : (Alavekî ji alavên hunera fermandariyê ye , û destikekî ji bo dûrxistina welatiyên asayî ji zehmetiyên cengê ve yên ku rêberên wan li ser wê berpirs bûn.)
---------
1- Tomas Mor : 07.02.1478- 06.07.1535 , rêberekî siysî bû û daner û zanistvanekî Ingilîzî bû, di çerxa 15 de jiyabû.

Reşkujî dibe destika rikberiya pêla hêza cemawerî ,bi dijminatîbûnê hest dibe dema desthilat ronakbîrên wê dikuje, û ev tişt zengila dawiya wê desthilatê ye bi demê re , reşkujiya siyasî hingemiya deronî li cem xelkê dadimezrîne, bi awayekî ji bo berzbûna hêza dij û bi armanc ve dixebite ta bikeve dewsa desthilata heyî , berhinde çendîn reşkujî wekî veguhêztinekê ye li qonaxeke metirsîdar têde bê aramî û ceng durist dibe, û ew mîna nîşanekê ye ji veguhêztina desthilatî ji ber ku riwê qonaxê bi temamî diguhêre, li gel wê reşkujî dibe diyardeyeke dirindî dighîne kaşkirina pêlên hêrs û tolê, yê bi awayê xwe ve desthilata heyî li ser deriyên rodanek e movikî datîne, berhinde reşkujî guhertina bedxwaziyê taku bibe rageh û bîrdoziyekî di nav xelk û ciwanan de bi taybet ve leztir dike.

Ev yek ji me re evqasiya wêraniya giyanî diyar dike yên ku hêzên reşkujiyan wêna ligel xwe parve kiribûn ji bo wêrankirina têkiliyên sazîker, û bicîkirina tirs û hêrsê mîna du sedeman ji awanteya giştî re.

Desthilata netewî mezinayî û hûnîjandin bi xewinên Erebûn , yekbûn û serdestiyê belav kir , herwiha binyadkirina Islama siyasî û rewakirina reşkujî û binçavkirinê, û desteberkirina wî ji olekî desthilatî xwedan bermayekî dîrokî û rastîn, û civakan hîştibû bi demê re xwe pê bibînin ji berjewendiya guhdana wê ji wêje, huner û raberiyan, tam bervajî vê yekê şerekî dijwar durist kiribû li hember meydanên bedewbûn, raman û hunerê, van tiştan hatibûn paşguhkirin û dewsa wan hişmendiya saloxgêrî yên vîna cemawer têkibirin hatibû bicîkirin, ji bo bêne belavkirin û rolên zanyarên wê bêne gunokirin, ta wan bihêle di zîndanan de nediyarbûyî bin an ew zanyar ji wan re destgîr bin.

Diyarkirina hevrêzîkirina zanyarî ji vê pevxistinê mîna nîşanekî diyar e li ser zehmetiya bûyerê û jiyankirina wêna, ji ber ku gel ti carî nabe kirêkarekî li cem bijardeyekî desthilatî bi wê serdest ve, eger fermandar nebe li cem gel kirêkarekî, ji ber vê tirs dibe mîna efyonekî heyî di navbera fermandar û fermanber de, ji ber hemî fêrî wê bûn e ta sînorê yê ku ew ricîm danîbû rizî bibe bi sedema harbûna tirs û sertiyê û pirbûna sitemkarî û gendeliyan ta her tiştekî bedew wêran bibe , ji ber ku bîngeha mayîna milhûriyê tevî ku li ser bê gotin ku ew jêdera aramî û ewlehiyê ye û bijardeyên hûrbûyî bihecandina xwe heta demekê celew bike, lê ew nizane ku ew celewkirin li hember hatina bavlîzoka mezintirîn bê sûd e.

Û ji vir rastiya girtinheviya desthilatî li ser berjewendiya mirovê aştiyane xuya dibe , ji cîgeh û bi rêya xuristiya hatinrêza wî û rêya têgihiştina wî ji çi tiştê ku di jiyana wî de diqewime, ji binpêkirin û derbaskirinên yên li hember wî durist dibin, û ew bi vî awayî li ser misoger e ku wê zorengê bijî bin siha sîstemeke totelîter netewî bi hebûna civekeke pirreng ji pêkhate û şartistanî mikûr nabe, ji ber vê serkotkirin û reşkujiyê destikekin ji bo gerentiya serdestbûnê ne, ji ber vê civaka sertbûnê hatibû afirandin, û ew ji pêwîstiyên hebûna desthilata netewislamî, û di eynî demê de nîşanekî ji roxandina wê ye, berhinde bikaranîna nasnama netewî bîngeheke ji hilweşandina hatinrêzan e ,mîna derbasbûna di talîzoka hingemiyeke bê dawî , bandora xwe li dewlet û kêleka wê dike .

Dibe rewşa Sûrî ji 2011 ve teqînek bijardî diyar kir di hundirê wê desthilatê de, desthilatekî rizî navê wê dijberî berhem dabû, û mîna wê desthilatê bi rengê xwe yê rizî diyar bû ,bi gel û alîgirên xwe re ji devê roparta ragehî axivî , hişmendiya desthilatiya heyî parastibû , bi şerê xwe li hember netew û kêmnetewan , ji derveyî bergê xwe yî Erebî derneketibû, û ev rikberî xwe bi hevkariyeke herêmî biçek kiribû,dewsa desthilatiya cîgirbûyî, em zorengê desthilatî dibînin, li gel hevkariyek hebeş di navbera wan de û ew nûjenkirina hişmendiya netewperest bi moreke Islamî tarî ,ramanekî bi kîn li hember filetiya Ewrûpî rahijtibû, ew bi navê cengên dîrokî û mîna dirêjeyekê jê re talan û kuştinê dikirin (komên li rojavayê bakûrê Sûrî), û civakê parçe kirin ji bo armancên xwe ji rewakirina teror û hingemiyê pêkbînin û li desthilatiyê bimînin.

Ji ber vê em bersivdan û kargêrîkirina azarkirinê li girtîgehan dibînin diyardeyekî desthilatî ye ji wêrankirina deroniya civakî ve û ajotina wê li hengemî û nemanê, herwiha hîştina tirs bibe nanê civakên serkotbûyî ,bi rêya girtinheviya bijardî, yê bedkarî û derdên xwe di nav bijardeyên civakê de aşkere dike bi rêya lîstina li ser têla hobebûn an netewbûnê.

Ev hemî bûn e sedem ji hilweşîna bîngehên hevjiyana aştiyane di nav civakan de û pêwîstiyên wê bi derbasbûna demê ve hatibûn e windakirin, û desthilatiyeke sexte hatibû damezrandin ,li gel wê takekes bi slogan û xewinên mezin û vala ve hatibû niquçandin, mîna xewinên yeksaniyê di nav qatan de û herwiha yekbûna welatê mezin, û binavkirina çi kesê ku ji derveyî sirûda netewî û hatinrêza partîtî ve fîxan bide ajanekî ye divê were jinavbirin li gel hunerbaziya bi reşkujiyê ve û mehfkirina taybetiyên şaristanî û helandina wê di çarçova pişaftina nijadî de, ev takekesan hîştibûn e di rewşeke ji koçberî û pepûkiyê de, xelkê bi rêvebiribû ji dûbarkirina dûrişmên vala, herwiha diyardeya qutbûna civakê ji demê niha cîgir bû, û herwisa qutbûna wê ji geşepêdan û pêşveçûnê ve, berhinde desthilata bîrdozî a netewî berzbû mîna dirêjiyekê ji bermaya talanan û daqurtandina erdan û kargêrîkirina qirkirina rewşenbîrî û siyasî bi rêya paşêxistina karbîniya mêjî bi rêya danîna xet û qedexeyan ve û herwiha hişbirkirina cemaweran bi xewinên yekbûnê û binavkirina kêmnetewan mîna nexweşî di hundirê desthilatê de belav dibin û dibin e kelemekê li pêş pêkanîna xewinê li gor pesindana wan, herwiha rawestandina di riwê pêşverûtiya kokî a ku roparta Islamî tundirewî hîştibû bibe naveroka herî sert û bi saw û yê tê bikaranîn ta bikeve dewsa serdema desthilatiya netewî , wisa ew bihaneyekê dîtin ji bo mayîna xwe û rojbûna kufletekê ji wan kirêtir , bi rengekî aşkere bi rêya ola tundirew sitemkariya xwe li hember wan berdewam kirin, ji ber vê pîrozbûna deqa olî ji pîrzobûna hewildana desthilatî dertê , bi serdesbûna xwe li ser rewan û çêja xelkê, ji ber vê zehmet dibe ku ew bermaya bê binkeftîkirin, ji wê têkiliya cêwîtî di navbera ol û desthilatê de, ji ber vê pêdivî heye bi dîtina berdêlekê ji wê hilkirinê, ji kêşeya veguhêztina demukrasî ya rastîn û li ser rabûna zanyarî cîgir û geşkirina takekesan bi rengekî hişmendî bi rêya veqetandina bawerî ji dewlet û saziyan ve, û xistina wê di çarçoveya henasê de, û bîrdoziya netewî a totelîter li ser şopa pêşiyan xwe meşîn, yên ku dara ol û deqa pîroz rahijtibûn ji bo bi rêya herdûkan xwîna hênikan birjînin, welatan hatibûn e hûrhûrîkirin û gelê Kurdistanî ji mafên xwe yên li ser erdê, ziman,taybetîbûna a ku bi dewletê ve tê naskirin hatibû bêparkirin, ji ber vê em birçîbûn, bêparbûn ji netewî mîna destikeke bergiriyê li hember desthilatên yên netewbûnê mîna rewşeke êrîşker hewşvedatî û hilkişandî bikaranîn, armanca wan kok û nîşanên yên gellekî ji ya din û zimanekî ji ya din cuda dike binpêbikin, û li vir divê em li ser bandora aloziyên cîhanî û siyasî li ser sirûştê civakê, raman ,bawerî û guhertinên wêna bipirsin, herwiha bandora vê girtinheviyê li ser ricîma wê ya ramanî û bîrdozî?!
Hewayên milhûrî û zorkariyê cûreyên zorbazî û serkotkirinê berhemdan ji encamê wê raperînên gelek derkertin, li dor rêyên bidestxistina maf tevdigeriyan, û şerê maf piştîneke dîrokî jêre dibû piştgir, bîrdoziyên nûjen wêna ciwan û sererast dikin, bi wateyeke din aloziyên herêmî û navdewletî riwekî nû ji erdnîgariyeke nehevcisnbûyî diyar kir, di çarçova gelên yên ji nû ve ji bindestbûn desthilata navendî ya gelemperatî derketin, ji ber vê şerê maf nerewayîya vê têgehê û rewrewka wê bi demê re aşkere kiribû, mîna destikekê ji bo rewabûnekî rewiştî û nirxî ji serdestbûna desthilatî re diyarbû, li ser bîngeha sawêrkirina cemaweran û xapandina wan bi dirûşman û hêzên desthilatî vê yekê birêvbiribû, yên ku mezin û binyad dibûn û li ser binemayên bangeşiya deronî xwe jiyankirindan bi rêya dîroka a pala xwe li ser ezmûnên cengên yên li ser berferehbûnê cîgir bûn e dabû ji bo berjewendiya vekişîn û berfirhbûna aliyê beranber û hatinhevê wê, pişt re ew hatinrêz ji artêşkirinê re diyar bû .
Ew di sirûştiya xwe de gerentiyeke ji berdewambûna cengên yên li ser qirkirinê cîgirbûn e li ser binema malgirtina erdnîgarî, çand û pêşerojê, bi vî rengî ew bawermend bûn êzing ji cengên ku riwê gewretir ji cîhanê nixûmandibûn, bi gelên bazdayî yên bê welat hatin aşkerekirin, ji ber vê yekê em du zorengên rastîn û qayim ji nîvê dîrokê dibînin, di navbera çandên xwîn û serdestbûnê de û hêzên şaristanî têkelbûyî yên karîbûn bermayê zanyaran têkel bikin li hemî hebûnê bin siha cîhangeriyeke rewşenbîrî qerpolî rastiya xwe ji têgeha pêkvejiyan, dostanî û hevberîna zanyariyan werdigre, ji ber vê çêdibe ku em bi serketina hevjiyana beşdarîbûyî ya dadmend di nav gelan de pêşbîn bibin li gor bîngehên hemwelatiya naverokî li ser hesabê vekişîna hişmendiya wêdekar, û sedem ji ber ku ew qurbanî û pîşekarên xwe hînbûnên sert û bi êş dabûn, bi serdemên cengên olî û pîroz û herdû cengên cîhanî li Ewrûpayê diyar dibe, dawiya wê ew cenga gerdûnî bi ser navê şoreşên buhara Erebî bû .
Veqetandina Kurdistanî ji ziman û çanda wî ve ew cîgirkirina parçebûna welatê wî ye bi rêya pişaftina wî bi Erebûn, Toranîbûn û Farisbûnê ve.
Ez li vir behsa nasnameyekê dikim ku dikare xwe bide diyarkirin bin siha hingemiya desthilatê, dikare hatinrêza xwe ji welatê xwe re nû bike, herwiha vegerandina jiyanê ji derverê xwe yî rastîn re, tevî ku wekhevî di maf û erkan de wê tiştekî dûr be bin siha peyketina desthilatên nû (Dijberî) ji bo parvekirina desthilata ya ku bi roxandinê ve hatiye gefdan, dijberî hewil dide bibe cîgirekî ji ricîma sertbûn û dûrkariyê, taku rewşekî dirûşma wê hingeme û parçekirin damezrîne, û nediyarbûna pirrengiya rewşenbîrî û bêvînkirina rolên bijardeyan û ciyawazbûna wan ji hevdû ve mîna ragihandina cengekî bêhûdeyî ye li ser civaka rojhilatnavînî bi giştî, cengekî li hember vînan e, rêzên piraliyê xwar dike, ji ber vê armanca çi rabûnekî gelerî an raperînekî cemawerî ew afirandina civaka xweşiyê ye, û bîngeha vê xweşiyê pala xwe dide li ser rizgarkirina vînan ji cûreyên koletiya nerm , ya ku desthilata serkotker bi rêya ragihandin, perwerde û fêrkirinê sepandibû, ji bilî pirrengiya şaxên ewlehî û bikaranîna wan ji bo girtina dev û bidûketina li pey xwediyên nerînê.
Çawa mirov vê girêkê dikare derbas bike , ya ku ricîma desthilatî wêna dibîne gerentiyekî ji bo li desthilatê bimîne û avahiyên gendelî û sitemkariyê saz bike, ji ber ew bê serokê nîşan û xwedawendiya wî rastî gefa roxandinê tê, çima cîhana sivîlbûyî bi serketibû bi roxandina kesên yên bibûn sedem ji ziyandîtina wê bi rêya milhûriya tek rêberî , ji ber ku Ewrûpa gelek talî çêj kiribû ji Musolînî 1, Firanko 2 û Hitler, û ji kesên hatibûn û destê xwe li ser azadî û xweşiyê danîbûn, û çi kesê li hember wan rawestiyan bi hesin û êgir hatibûn têkbirin, lê li Rojhilata navîn riwê xwe yî kirêt bi reng û pergalên cûr bi cûr diyar kiribû, û cemawer li hember wê tiştekî nakin ji bilî çepiklêdanê heta pileyekî dîn, liv û lebatên serok dişopînin , ew mîna dirêjiyekî tiyoqratîk e ji tewriya mirovê xweda an pêxemberê yê bi derhozan ve sertacbûy ye.
---------------
1- Bînto Endiriya Musolînî 29.07.1883- 28.04.1945 fermandarê Îtaliya ye di navbera 1922 û 1943 , serokê dewleta Îtaliya yê û serokwezîrên wê ye, û li hinek qonaxan de wezîrê derve û hundir bû, ew ji dameznerê tevgera faşî a Îtalî ye û serwerên wê ye, bi navê Dûtşî hatibû naskirin ango rêber ji sal 1930 ve heta 1943 . ew yek ji kesayetên bîngehîn bû ji avakirina faşizmê.

2 – Firatîsko Firanko Bûmhamund, 04.12 1892 – 20.11-1975 ew General û milhûrekî Ispanî bû, yek ji rêvebirê lêdanê bû sal 1936, ji bo roxandina komara Ispanî a duyem, yê bi encamê cenga navxweyî a Ispanî encam dabû, pişte fermandariya Ispaniya fermandariyeke milhûr kiribû ji 1939 heta 1975, navê kodiyo an serwer li xwe kiribû, serokê dewletê ye heta mirina wî sala 1975 . ❝

⏤ Rêber Hebûn ريبر هبون
🎙️ الآداء الصوتي: ريبر هبون

Zanyar di rû tirsê de li rojavayê kurdistanê , Rêber Hebûn , https , youtube , watch , v=ain7OF3JxmM& , feature=youtu , Nexweşî ew nîşana lawaziyê ye û bi xwe jî ji xuristiya mirovan e ji dema rêyên cuda girtin ji bo jiyanakirina kêliya demî ta roja mirinê hembêz bikin , û tirs mîna baweriyeke qayim e ji xelekeke ji reftar û reweştên civakî hatiye , mirov birêve dibe ji bo nehestbûna xwe bikarbîne , û bermayê civakî bimije , ji çaxê zaroktiyê ve , ji ber ku zarok pêsîra diya xwe dimêtê û tiliyê xwe jî pişt re û bes nake , lê bi hizr û hestê xwe ve bi derbasbûna mezinbûna ramanê xwe dimije , ji ber vê yekê em keda afrênerî dibînin bi rehjenên mirov û berketiyên wî re bi heman demê derbas dibe , ji bo vegirtina nirxa herî baş di rûbirûbûnê de , û diyarbûna rastiya wê a daxwaza jiyaneke bêhtir dadmendî û xweşî dike , bi piştrastina li ser hinira a ku bê cudabûn an armanc hewildide tiştekî bi serxîne lê bi dawî xizmeta desthilatdarî û armancên wê dike , û wisa em wateya ji gera mirovê zanyar di nav hebûnê de dibînin pêşî ji erdnîgariya xwe yê ku di xwe de , di kiryar , helwest û çanda xwe de radike , û ev yeka me dihêle ku em li pêş rastiya xwestekên bê hampa rawestin , ji bo dîtina jiyaneke baştir bê koletî û serdestbûn û herdû ji encamê mêtina nezaniyê derdikevin , û herwiha ji komek reweştên desthilatî ji perestiya cemaweran ji bizdana cîgir re yê , di jiyana û saziyên wê de cihgirtî , û dema em têkevin di nîşanbûna tirsê bi derbekê dikevin di xefka pirsên vekirî de li ser gelek egeran rodanan li ser maseya dem û cih a bi hevdû ve qemitî pelge dikin , û dibe ku tirs nûnertiya bîngeha girtinheviyê di nav mirovan de bike , û herwiha serdestbûna cîgir a ku bi rengekî neyînî bandora xwe li ser jiyan û civakê bi heman pîvan û nirxên xwe dike , û çawa ku tirs li ser hizr bê vegirtin , nirx têne guhertin bi rêya bandora bizdana ku li ser hemiyan hatiye sepandin , û tirs nûnertiya destpêka girêdana bi rewrewkê dike , û civakên talanbûyî yên ji hiş û azadiya xwe bê par mane hest dibin ku tirs tiştekî divê hebe , û hebûna wî bi xwedayekî ve girêdayî ye , divê ew xweda bê perestkirin û qurbanên mirovî ji bo wî bên e danîn , û herwiha guhdana fermandar ji guhdana wî ye , û çi tiştê diqewime ji gendelî û bobelat ewa xwesteka ew xwedayê zorbaz e , ji ber vê em tirsê dibînin mîna ricîmekê ye ji berhema gana xwestekên desthilatdar bi tiştê dibin e sedem ji hebûna wî re mîna fermandarekî bi deqekî pîroz , kesên sana wê radikin bi hênikiyekê û zordariyeke bi rêk û pêk ve , Tirs xwe bi cih , perwerde û zanînê ve qemitand û ev tişt şagirt li dibistanan werdigrin , hîştibû gewrî dagirtî ahîn û dilzarî bibe bi ketina tirsê bi awayekî husteyî di henasan de , û ta çanda gelêrî a ji şaxên perwerde û hînkirinê hatibû wergirtin bibû riwekî ji xuristiya civakê re , ji ber vê wêrekî di roparta rojhilatnavînî de tenê destikeke ji xwekirina demborîneke ji derew û pêrawestina sawêrî tewşbûyî û mirov nikare bextê xwe bidêkî ji bo avakirina wêrekiyeke ji rewşa tarî hatibûye wergirtin , ango bi dema niha a ku bi bend û baskên desthilatê û kiryarên wê yên zorbed ve li hember civak û takeksan dorpêçkirî ye û li pêş vê fişara dîrokî û bermayê desthilatî civakan xwe dibînin di rewşeke ji koçberiyê ji henasên xwe re û bi awayekî bêcan , piştpêbestin û bi tirs ji siberojê ve dijîn , û tirs bi awayên ramanî naye berhelistin , ji ber nediyarbûna ramanê , û xweradestbûna ji rastiya tiştê rodayî , û nav lê dibe bêdestî li gor têgeha olî a amadebûyî ji bo pêşwazkirina tirsê , û çavê ku ji tirsa xwedê digrî ew eynê wê li gor derbirîna olî çavê yê ku digrî ji ber zorkariya fermandar û xwediyê malbatê û mamosteyê dibistanê , û nabe di rastiyê de veqetandina bermayê olî ji ya desthilatî ji ber ku herdû du alavên kûr ji têkbirina ronakbîriya civakî ne , ji ber vê yekê komên tirsê di xwepêşandina a ku banga bi jiyana serokê nemir dike tije dibin , lawê xwedê li erdê , yê ku xwedayê padîşah serweriyê dabûyêkî bi bêdestî û vîna wî , ji ber vê divê xelk bang bi jiyana wî bikin , û tirsê xwe dirajin mîna navdariyên dikevin kûrahî û hizrên wan , û herwisa wê kilîtên tirsê bi hêsanî neşkin , berhinde kolan dibin talîzok û serdav têde laperînekên ademî derbas dibin , û rewiştên komî tenê dibin pîvanên ji cotbûna fermandar û fermanber ve li ser rêça afrêner û aferandek hatiye wergirtin , ji ber vê hişmendî vala dibin jibilî ji hinek tewî û gotinên yên kesên hênik wana nifş dû nifşekî vediguhêzînin , ji bo xemilandina jiyana wanî weke henekeke reş , û ev dibe nîşana jiyana wan û nepeniya sertbûn û reşbîniya wan , ta xewinên demukrasî û vebûna li ser civakê tenê çîrok bin , giyanên vala danagrin , tenê ji hinek xewinên yên bi windabûn û koçberiya giran ve dorpêçbûyî dimînin , Vexwarina takekes ji tirs re wekî dûrketina wî ji henas re , û veşartina dîmenên aştîbûnê ligel hemî tiştên yên taybet in bi navdariyên afrandina takekesî ve li heyînê , ji ber vê desthilatdar li ser têrbûna civakê ji tirsa ji wan dixebitin , ta ku jiyana civakî bihêlin di çarçoveya dîmenên pabendbûnê ji xwediyê parî û serokê hemdemî re be û bang jêre û cangoriya wî bi rewanê xwe û tiştê girêdayî bi van sloganan , û zarok rastî vê cureyê ji gunokirina ramanî û zanyarî tê ji destpêka çûna xwe li dibistanê û rakirina wî ji dîmenên serokê xwe yî cangorî re , Ricîmên totelîter takekes hîştibû bibe duriwekî çavşikestî , heznake bibe rexnegir , lê tenê mirovekî rewşa xwe dipejirîne , ji çi kêliyeke tirsê re giravkirî , xwe dike hînckarekî genî di rewşên herî hêsantir , tiştê ku li ser maseya wî bê danîn dipejirîne , bi bandora tirs , serkotkirin û xewkirineke rêbazkirî , ta bibe tenê karkerekî an peymanderekî li kargeha milkeçî ji fermanan re û bixwegirtinên bêreng yên ji reftarên tiyoqratî olî hatibûn e wergirtin , li gor hişmendiya partî û bîrdoziya xwe hatibû guhertin , ji bo bibe olekî giştî bi tirs û rajêrbûna kotekar ve cîtengbûye , û tirs ji hêzên ewlehiyê dewsa dilrehetiyê ji hebûna wê , ji ber ku dezgeha ewlehî çekekî dirêjkirî ye li ser cemaweran taku bitirsin , û xwestina wê ji jiyaneke baştir sînordar be , cîhaneke têde çanda nakokî , û azadbûna derbirînê cîgir dibe , û rastiya peyketinê bi dû serhildan û raperînê mirov dehf dide lêpirsînê li ser nepeniya çûna xwe li erdnîgariya tirsê yê ji cîhanên dilzarî û sertiyê pêktê , û herdû jî henas diwestînin , berhinde ti vîneke azad bin saya metirsiyê nîne , û mirov tiştekî nahilînê ji ferehiya berketinê beranberî dûrkirinê ji jiyana xuristî re , berhinde tirs dihêle mirov bêhiş be di derbarê rewanî û hizrî de , berhinede berketin tune dibe bi nediyarbûna azadî û derbirîna li ser nerînê , û berketin û raberiyên zanyar têkdiçin , û xwe di nav dorpêçkirineke tam de dibîne , berhinde rewrewk û reweştên têkçûyî di henasên takekesan de berz dibin , Tirs bi encamê zordarî û êşandina henas e , bi sedema bêhêvî û êşên kombûyî , tirs cenga navxweyî derdixîne , û takekesan tirsa xwe ji desthilatê aşkere dikin bi rêya pevçûn û tîjanê wana li hember hevdû ve , berhinde birçî dibin û ji bilî sertiyê ti destikê nabînin ji valakirina hinira tirsa heyî di hundirê wan de , wisa em dibînin ku ev hemî dihêlin mirov bi rastiya desthilatê birame a ku bi şev û roj civakê xwe girêdide bi awayên hûnîjandin û kirtankirina zanyarî , û peywendiyek heye di navbera zordar û mêrê ewlehiyê a zorkar de ji ber herdû bin siha serokê xweda dixebitin , yê bi dû wî ve keriyek mirovî tirsnak dikeve , navdariyên wî sexte dike li gor xwesteka rêxistina serkotkirinê , yê mayîna wî rewa kir û serperestiya ji gelên ku timî xwe bi rengekî bêcan û piştpêbest ditewînin , berhinde ji tirs re nîşanek mezin heye bandora xwe gewre ye li ser civakê û qonaxên takekesên wê , ew bîngeha çi vebuhujîneke giyanî an ramanî ye , û dibe jî ew pencereyeke vekirî be ji aşkerekirina çi tiştê heyî ji hevgarî û bobelatan ve , ji ber ji zikê tirsê ve ew pankirin derdikeve a ku bû ji lajeyên netewên bêdestiyê , ew civakên yên fêrî stuxwariyê , çanda keriyê û zimandana solên serok , hemdest û oldaran xwediyên qenciyê bûn e , û ji wêjeyên serokê xêvzana vexwarin , yê dewsa pir kesên stûxwar dirame , ji ber vê yekê rasayî ye jinavbirina ev kula deronî yê cîgir bû û deqên pîroz alîkarbû bi cîgirkirin û bicihkirina wê bi rengekî kûr , ji ber ku pîrozî bandorekî xwe deronî heye li ser çêja takekes û li ser bîngeha rabûna desthilata serkotker a gendel û ava dibe , dema gede bi mêjî re mijol dibe bi gerê ji bo pariya jiyanê her roj , di hizrê kesê peyketî de tiştekî diyar nabe tenê razîbûna kesê yê di destê wî de kilîtin her tiştî heye û ew li ser her tiştî dikare , ev ji aliyekî , û ji aliyê beranber ve desthilatekî heye ked û xebatê wî desteser dike û yê bi dû ketî pêdiviye ku dîmenên derewîkirin û bêdengiyê diyar bike ta jê re sînora herî jêrîn ji jiyana baş hêsan bibe , û di vir de yekem bîngehên tirsê saz dibe , Û dibe ku dilheyîna me ji jevkirinê re û vegerandina sedeman ji çavkaniyên wêna re ewa dilheyîna me ji çêkirina rêyên rûkirina wergirtinê berve baştirînê be , ji bo aşkerekirina çi tiştê hatibûye veşartin bin navên nimûnî sexte , û mebest ji vê nimûnekirina nîşanên erênî bi ser tirs û desthilatê ve , hewildana bergiriyê ji yek xwedayî re , yê dîmenên wî li her derê belav dibin , û xelk derdikevin dîmenên wî radikin ji bo hezkirina xwe yê sloganî jêre diyar bikin , Çi kesê hewil dide ku van reweştên totelîter û efsanî di zikmakê xwe de senger bike , dixwaze mehnedanê bide tirs û pîrozbûnê , û ciwankirina wan bi awayekî aşkere û bêreng û çênabe avakirina felsefeyekê li ser tehtên xêzeke pîroz pala xwe dide li ser mildan û xweradestbûnê ji ramanê rêberê bîrnas re , û qet çênabe desthilatdar bîrnasekî serkeftî be , an bîrnas desthilatdarekî rastîn be , û hîn valahiyeke rastîn heye di navbera nerînên bîrnasan û xwediyên desthilat û tewrîvanan di derbarê vê yekê de , û tewriyên wan ji mehnedanên xapînok derbas nekirin , armanca wan nûkirina çanda kerî , û sînordarkirina berzbûna mirovê zanyar a serkeftî , berhinde tirs çêbû di hembêzê nezaniyê de , û bibû pêkhatiyeke rastîn ji pêkhatiyên belavkirina zorbedî û pîrozbûna a bi xwînê têrbûyî , ji bo bi riwê xwe yê xalîrengî pepûkiya xwe yê ketiye heyînê xêz bike , wisa ji mirov re diyar bû ku efsan beşekî ji jiyana wî ye , û divê rêza wê bigre , ji ber ku beşeke ji ola wî ye yê ku pê bawer dibe , û erk e li ser wî ku bawerî pê bîne û pêre bide û bistîne mîna nivîştê , ji bo ser û pariyê xwe bin siha rêxistinekê pêre her tiştî parve dike biparêze , Ligel tirsê cihgirtin tune dibe , û pêdivî ji bo tebatê tiştekî misoger dibe bin siha jiyaneke hejiyayî , takekes di nav de li pey tiştekî wî dilniya bike dikeve , berhinde alîgirên efsanê tenaziya xwe bi raberî û berketiyên zanyaran dikin , û girtinheviya têkçûyî di nav wana de gewretir dibe , ta bibe dirêjiyeke dîrokî ji pevçûnên dihû re , ne ji bo desteserkirina li ser erdnîgariyê tenê lêbelê ji bo rewakirina ricîma a bi hêz ji ber ew hêjayî mayînê ye beranberî jimara kesê lawaz yê ku têne jêbirin û tunekirin , Em dilheyî berfirehkirina danasînan dibin li ser gelek têgehên yên em pê bawer dibin ligel pirbûna dûbarekirina ezberkirin û bernanên wêna , ji ber ku mirov bi awayekî qayîm dilheyî tiştê xwe yî ramanî û hizrî dibe , ji ber vê yekê sinorkirin wekî dorpêçkirinê ye , û ev dorpêçkirin mîna pêdiviyekê ye bi rengekî bê wate girtinheviya zimanî di navbera du koman de diyar dike , yek ji wan dibêje ku ew baş fêrî raman û wateyan bûye ji nêz ve bervajî yê li beranberî xwe , Em ne bi darjêgekirin û bêcanîkirinê re ne di çarçoveya komek bawerî de , û ev tişt bû sedema harbûna dirindîtiyê li cem mirovê rojhilatnavînî de , bi rêya ayîndariya xwe yê olî û partîtî , ew dimêtê û bi koratî bawer dibe , bê ku zanibe ku her giravkirinekê li ser darjêgekirina ramaneke pê bawer mîna serseriyeke kawikî ye , ji ber vê yekê em berdikevin zanîna yê me weke zanyaran li pey dikevin ew bi xwe jî nivîşka ronakbîrî û rizgariyê ye ji baskê bedenketiya ramanî û dûzbûna bîrdozî ve , ji bo nuhvekirina nîşaneyên bawerî û rabûnê li hember qonaxên tirsê yê ku rêxistina bavanî bi herdû baskên xwe malbatî û desthilatî wêna çîgir kiribû , Berhinde ku her nivîsekî liyangirtî ye û bîrdozî wekî danasînekê komek raman in em pê bawer dibin , yan em ji pêşiyên xwe werdigrin an em wêna bi rêya nehestbûnê digrin , û ji me qut nabin , tevî gumaniya me ku em dikarin xwe jê rizgar bikin , lê şopên wêna li ser rewiştê diyar in , tevî girtinên ramanên nû , ji ber vê yekê doza azadbûnê ji her tiştî rêjeyî ye û tenê wekî xwestekekê dimîne , û em bi çi tiştê ku di hundirê xwe de cîgir em pê re didin û distînin , ji bo çêkirina peywendiyeke baş di derbarê raman û şîretan de , ji ber ku raman ji nişkêve dibin e alî , lê oldarîbûn û bêcanî li biniyên xwe de ne , û ew kêşeyek rawestiyayî ne , mîna kelemekê ne li pêş rêya rabûna zanyaran de , û tirs me dihêle em bi lêpirsînên mirov di derbarê ezmûna jiyanê yên ku têde dijî biramin ji qonaxa canîbûnê ta qonaxa gehîbûn û pişt re kalbûnê , ji ber ku tirs ne tenê di çarçoveya têkiliya di navbera desthilat û cemawer de ye lê wê derbas dike û jiyana takekes nîşan dike , û metirsiya wî ji pêşerojê , û ev nediyarbûna yê ku xuristiya jiyan û kirdeyan dorpêç dike , li cem mirov rewşeke ji dudilî û ramanbûna ji nediyariyê peyda dike , ji ber ku tiştekî li paş tunebûnê nîne , berhinde felsefa saxleman dema jîndar dimre li cem wî qut dibe , û ji rêza jiyana tevgerî derdikeve , ta genî û rizî bibe û vegere axê , û bibe tiştekî din û tevlî heyînê bibe bi rengekî yekgirtî bi hemî dinokên jiyanê û jêderên wê ve , Ramandina bi heyînê divê pêşî ji dergeha metirsiyê derbas bibe , çima mirov bin siha hebûna şaxdayî a berve bedenketîbûn û tunebûnê diçe ditirse , Û çima mirovan kelemên zêde di rêya hevdû de datînin , Ji bo bi xweşiya jiyanê şad nebin , li rex tunebûnê yê ew çarenûsa hemî jîndaran e , mirov di riwê kesê beranberî xwe de bê berhelistiyeke zanyarî disekine , lê li ser têkbirina ya din cîgir e , ji bo pêşdebirina henasê , Rijandina xwînê wekî lezbûnekê ye ji hatina tunebûnê re , ji bo destê xwe li ser çi tiştekî bi lebat deyne , û dibe ku ew awanteya a ji zorbaziyê encamdayî tiştê bêhtir mirov ditirsîne , di nav cîhanekî mirin têde bê bend e di heman aliyên jiyanê de , ji ber ku serkotkirin û kuştina evînê û wêrankirina peywendiyên xuristî , û gemarkirina sirûştê bi rêya cengê ev hemî hîştin ku tirs bêhtir nêzî mirov û jîndaran be , berhinde bedewbûna berzbûyî di mirov de rizî dibe û dibe leylan û doman , bi encamê têkbirinên mezin bi destê mirovê çavkar û ezez , û danîna mehnedanên pîroz û vala li ser xuristiya cenga wî li hember kesên din , Nîkolay Eliksenderofêliş Bîrdîv bi Ferensî , Nicolas Berdiaev 18 , 1874 , 1948 Bîrnasekî Olî , siyasî Rosî ye , Zehmetiyên gelek di rû civakên ku hewil didin azad bibin derdikevin , di nav gelek qedexeyan ên tevgerên wêna bi sedema zorbedî û bêdadiyê hatibûn têkbirin û ev di nav kesê bindest de şoreşek girseyî avakiribû , li hember wek neman û mirinê , berhinde Nîkolas Bîrdîv 1 dibêje , Mirin ew rastiya kûrtir e û bêhtir di jiyanê de bi nîşan e , ji ber mirov bi ser diyardeyên jiyana xwe yê rojan e û serveyî tê û ev tek tiştê yê ku me dihêle em bi wateyê jiyanê biramin , û jiyan ji derveyî nîşana mirinê bê wateye , warên ku di talîzoka xewin û hêviyên namiçiqin de dijîn , ji ber timî di rewşeke ji rûbirûbûn û pêdagirtinê de ne li hember zorkariya dîrokî ya gelê kurdistanî li parçeyên welatê xwe yê dagirkirî dijî , bergirî û rikberî mîna serkeftinekê ye li ser asta raman û hêviyan , û dibe mîna derbasbûnekî ji jiyana gîreyî re yê ku mirovê kurdistanî wêna dijî , berhinde welat ew wateya jiyana serkeftî ye li ser têgehên mirin û nemanê , berhinde pêgirtina mirov û pêdiviya xwe bi girtina kokê encameke xuristî ye ji hestbûna wî bi zorbedî û mafxwarî û herwiha ew pêdivî mîna naverokeke qayim e , mirovê zanyar armanca wê dike , di dema ceng û dûrkariya sepandîbûyî û berdewambûna ricîmên serkotker û kirdeyê xwe li hember gelên xwe mîna mirina pirreng e , tê kirin ji bo zêdetir tîjan , hilweşîn û awanteya qerpol û dema jiyan bibe meydanekê ji kirina mirinê re , berketin û raberiyên kêferatkirî ji bo xurtkirina peywendiyên xuristî xeradibin , sazî û ricîm dibin çekekî li hember gelan , û rûdana demî û cihî bi cûreyên qirkirinên rewşenbîrî û civakî cîteng dibin , û jiyan mîna mirinekî sirûştî dibe , dimîne metirsiyekî , ji hûrgiliyên jiyan û nerehetiya me qut nabe , li pey wê ragihandina yê êş , sertî û xwînê belav dike ta jiyan bibe dîmenên mirinê , li her cihekê ji cihên jiyanê cîgir dibe û xwe bi wêneyên totelîterî , dûrkarî , serkotkirina kêmnetewan , cengên olî û jihevketina civakî diyar dibe , û divê di vê derbarê de nasîna riwên mirina pîroz di têgeha ricîmên sitemkar a serkotker , yên zorbediyê bi awayekî bi rêk û pêk sepa dikin ji derveyî heyîna reştariya tirsa hebûnî li cem mirov , berhinde tirsekî siyasî , deronî û civakî peyda dibe , û dikeve hûrgiliyên jiyanê , mirov nikare xwe li ser helbeze an wêna paşguh bike di siha ew kedxwariya sepabûyî de , û ev dûrbûna di nav komên yên ji her girtinheviyeke xwînî re amade dibin , û tirs mîna gîhayekî baş bi destê ricîman dibînin , û tê pikaranîn ji bo xwarindina keriya mirovî a nemabûyî bi derbasbûna qonaxên jiyan û hatina nifşên wê , Ew tirsa a ku maye mîna metirsiyekî girs û di hiş û dilan de cîgir dibe û navdariyên xelkê , reweşt û reftarên wê zeft dike , û jiyan û rêya nifşên wê rêxistin dike , û mirin destê xwe danî li ser çareyên wê ji bo azadî û serxwebûnê , berhinde mirin dikeve dewsa jiyana tirsê , mirin dibe mîna şahiya xewinê ji bo gihîştina jiyana baştir , wisa pêşeroj nepenî û nediyar dibe bin siha wêraniya a ku berfereh û şaxdayî dibe bêhtir bi nediyarbûna awayên hezkirin û dostaniya civakî , Ev lîstina yên ricîmên zordar bi rêve dibin ji dîtina wê yên teng ve dibişkivin , ji nezaniya bi hevjiyanê û berhemên wê yên erênî tên , û bi tirsê re didin û distînîn mîna pêwîstiyekê divê hebe ji bo kedîkirina hêrsa cemawer û xwestekên takekesên wêna ji bo jiyana xweşî û pirrengiyê , Ew ricîm li rojhilata navîn bi şerfiroşî û zorkariyan ve dagirtî ne , Turkiya ya Osmanî a li pey wê bermayek giran heye ji desthilatî , bêdadî , qirkirina gelan û pişaftina wan di xwe de , Îrana Farisî ya dildarê şehnaziyên demborîna tije desthilatî û mirin û Sûrî û Îraqa Bassî yên li paş wana Erebûnekî Islamî bi xwînê li ser çand û gelan xwe sepandibû , û mora xwe yê Erebî Islamî li ser wan danîbû , û ev ricîmên sitemkar xwe bi bermaya belavkirina tirs û mirinê , ta dema îro xwebicî kiribûn , wekî dirêjiyekê ji çax û serdemên berê , û Kurdistan ya dagirkirî ji van ricîman ew nîşanekî ronakbîrî ye ji vegerandina çanda netewekê re û hişyariya gellekî ji çepelên pişaftin û qirkirinê , û nîşana berxwedanekî piştrast dike , hebûna netewên yên kêferata azadiya xwe dikin bi xwîn û hesin diyar dibe , û tirs ji yek dîmenê xwe ve têkiliya xwe bi mafxwarî û bêdadiyê re xuyakirin dide , bi talankirin û diziya erdên Kurdistanî li Sûrî bi navê çaksaziya çandinî , û ev yeka mîna pepûkiyekê ji aliyê dewleta şofînizma a serkotker ve hatibû sepandin , bi palpişta xwe li ser pişaftin û helandina hemî pêkhatiyên netewî di nav darêjga xwe yê Erebî de , û ev lîstina bi maf û destdayîna li ser semyan û jiyana civakî mîna mezintirîn rewşeke zorbaziyê ye li Rojavayê Kurdistanê li gel wê Erebkirina gund û bajarên Kurdî bi navên Erebî , qewitandina kurdan ji navçeyên wan ve ji bo berjewendiya bicihkirina Ereban şûna wan û wisa jî dijberiya Sûrî bi piştgiriya Turkiya vê siyasetê li Girê Sipî , Serê Kaniyê û bi taybet li Efrînê bi rêk û pêk bicihanîbû , û pirojeyên nijadperestî mirovê rojhilatnavînî yê Kurd şaşkiribû , û ev bawerî bi sazî , dewlet û yase têkbiribû , û jiyan kiribû holekî ji neyîniya dagirtî tîjandin û bêdadiya bi rêk û pêk , Tirs ne tenê bûyereke , lê nîşaneke rastîn e bi jiyan , xuristî û rûgeyên wê ve têkildar e , û bû rengekî naskirî di jiyana civakê de a ku bi ricîma bavanî maskirî û mirin têkiliya xwe pê re heye , metirsiya nemanê , nemana ewlehiyê , û metirsiya desthilatdar ji kesên ku daxwazên azadiyê dikin , ew tirsa ji nemana serdestbûn û cih e , ji ber vê hemî ji bo girtinheviyê hewil didin ta reştariya tirsê qasî tê xwestin dûrbixin , berhinde bîrnasê Elmanî Haydger bawer dibe , divê mirin nebe ew metirsiya a ku nivîna me bihejîne , Lê ew bi xwe metirsiyek rastîn e nivîna takekesên yên civakê bi alavên serkotkirin û tirsê kontirol dikin dihejîne , û ewa jî jiyaneke jiyanbûyî ye li cem gelekan yên ku nikarin mafên xwe yên sirûştî bi dest xwe bixin û çalakirina yaseya binpêbûyî a pala xwe dide li ser dadmendiyê û diyarkirina nirxê piraliyê siyasî û aborî û çendîn di xwe de encamên erênî berz dike li ser dewlet û civakan bi giştî ve , berhinde desthilatên sitemkar rê nadin ku hişên takekesên wê ji derveyî kêmanî û binpêbûnên wê biramin , ji ber reftar û karê mirovê bindest tenê birame bi serkotkirin û pepûkiyê ve yê ku di jiyan û qonaxên xwe yên cuda de wêna dijî , û rojeva axaftinan dibe tenê li ser binpêkirin û xweziyên nediyar û yên nayên pêkanîn , û wisa em dibînin çendîn peywendî di nav gotara olî û desthilatî de heye , Ev koçberiya rastîn hîştibû jiyan raweste , û berhem tenê kedekî bê beranber be , tê pêşkêşkirin ji xwediyên berîkên fereh û yên jiyan û saziyên wê di destê wan de ye , desthilatiya serkotker kiryarên xwe di hizrên gelên xwe de bicî kiribûn , ji bo gel li hember wê raperînê lidarnexîne , û gel bi vî awayî bi pir hijmarên xwe dibû alav bi destê wê desthilatê wê berdide hevdû û gel bi rêve dibe çawa bixwaze û kengî bixwaze , û di demekê ew kerî ji nav hevşiyên xwe rabûn , di baweriya xwe de wê karibin li ser serkotkirinê serbikevin , lê qurşînên wê bervajî wê hatin , û bi xwe zemînekê ji desthilatiyeke tarîtir re ava kirin mebesta min bê guman serhildana yê tê naskirin bi gelê Sûrî yê ku Mark Sayksê Ingilîzî û Cûrc Bîkoyê Ferensî sînorê wê danîbûn , û ew berve demborînekê ve diçe li gor xwestekên wan desthilatan bi hişmendî û nehestbûna xwe ve , berhinde ku desthilata dûrkar êdî piştrastbû ku berdewambûn û hebûna wê girêdayî ye bi çendîn serkeftina cîgirkirina ricîma xwe yê desthilatdar ve di hiş û dilên civakên yên wê kontrol dike , û bi vî awayî guman kir wê ji bergê gelê bindest ji aliyê hiş û giyanê derkeve û xwe nû dike mîna dema mar an xemgurî eyarê xwe diguhêre , û derketina Daiş û berî wê Elqaîde û Elixwan û van komên pêşîn ji van bijardeyên yên rastî nezaniyeke bi rêk û pêk hatibûn û hişbirinekî giştî ji aliyê mêrên ol û desthilatê ve , civakê hîştibûn bibe zinarekî teqemenî û mayînên bi hev ve girêdayî , li ku biteqe wê hemî ferehiyê bigre , û ev ji me re piştrast dike ku desthilat bi hevkariya xwe bi mêrên ol û bi palpiştbûn li ser deqên pîroz giştî serketin di dagirtina cemawer de li gorî armancên xwe , û bi girtina zanyaran bi serketibûn , kuştin an dûrkirina wan ji derveyê vê bixêrîkê , Wêrankirina hatinên heyînê û sînordankirina rengirtina jiyan û mirov çêdibe li gel kiryarên serkotkirin û nûjenkirina koletiyê bi heman awayên wê ji bo cengên nû , û qelişên bi dû hevdû ve , buhayê wê tenê sawîlkan didin , berhinde alozkirina cureyê jiyanê ji reng û kiryarê desthilatê û serdestbûna wê derdikeve , mîna dezgehekî tirsê di nav bijardeyên cemawerên ciwan de , lêbelê dijminatiya aşkere bi sirûştê xwe riwê xwe aşkere dike li hember çi dengekî bi bandor bernama guhertin û serhildanê di hizrê xwe de danîbû û kiribû pêşî hizrê xwe ve , berhinde zanyar mirin û serkotkirinê bi riwekî bi ken pêşwaz dikin , bergiriyê li hember hêzên nezanîkirin û serkotkirinê nîşan didin , li ser pabendîbûnê xwe bi naveroka bedewbûn , dadmendî û nirxê xweşiyê di jiyanê de derbirîn dikin , dema hatin û hinirên xelkê bi awayekê ji awayan hêviyên wê di guhertina demukratî de wêzim dikin , Nimûna mirina sepandîbûyî li ser van civakan serkotkirineke bê dawî ye , û cîgirkirina wê mîna binemake olî pîroz ji xwedê hatiye sepandin û bi rêya pasvanên wî li erdê , ev bû tiştekî li ser guftogo nabe , û tenê ronakbîr dibe jêre qurban , yê li gemiyê rizgariyê digere ji bo mirovên yên bi lehiyê ve bar dikin , û ev yeka hevgariya Suqrat tîne bîra me , dema koça jiyanê bi rûkenî kiribû û ji şagirtê xwe re digot , divê mirov mirinê bi geşbînî û şadî pêşwaz bike ji ber vê divê hûn aram û hevseng bin , Mirina gewdehî jêra ne meraq bû lê tirsa wî li ser takekes û xelkê bû , ku li şikeftên nezanî û tirsa ji serkotkirin û malgirtina desthilatî ji her tiştekî bedew re koç bikin , metirsiya wî bi asta tiştê ku ji raman û pirsê radikir , ji ber vê ricîma fermandariya totelîter hêza xwe ji qirkirina zanyaran û zanînên ku mêjî dilivînin wergirtibû , û cemaweran dihêlin ku ji aloziyên xwe yên ramanî bi awayekî taybet ve li çareyan bigerin , ji ber ku tirs dihêle şoreşger milhûr be û wêjevan hînckarekî hov be û civak peykerên wêrankirî be , ev diyarbûneke ji dijminatiya jiyana nû re ye , an rizgarî ji serdestbûna efsaniya ya ku zordarî ji kunên destpêktiyê anîbû , û tiştê ku civak hîştibû awanteyê bijî sertiya desthilatiyê ye û zorkariya wê li hember civakê , ji ber ku êş , derd û windabûn bûn e binema civaka barketî bin siha ricîmekî serkotker , dadmendî û dadperwerî rakiribû , û pêşeroj li gor vê yekê nediyar bû , ev dojeha ezmanî rewş dagirtî ye , û mirin yek ji bedtirîn riwê wî ye , û serdestbûna koletiyê mîna ricîmekî ewlehî li ser movikên jiyanê , mirovan hîştibûn di rewşeke ji tirsekî berdewam de bimînin , sedema wê ezeziya malgirtîkaran ji hatinan re û nediyarbûna rengên bîraweriya bi hevjiyana aştiyan e ve , li rex serdestbûna ramana olî li ser bijardeyên civakê li gor têgeha Islama siyasî yê ricîma serkotker biserket ku ew raman bibe bîrdozî , berhinde wêjeyên partiya Baas ya fermandar pişta xwe dabû li ser dîtina Islamî olî ji fermandariyê , û Erebûnê dîtibû bîngehekî ji ol re , û li gor wê fermandariya xwe ji civakê re û serkotkirina xwe ji kêmnetewan re rewa kiribû , yên ew jî xwe li paş maf û taybetmendiyên xwe yên netewî veşartibûn mîna bersivekê ji paşguhkirin û dûrkariyê rêbazbûyî re , li gel wê bi dijwarî li pêş xwesteka guhertin û hevberînê tê rawestandin û herdû beşek in ji tevgera dîrok û jiyanê bi giştî ve , û li pêş nebûn û mehfbûna a ew binema her jîndarekî saxlem e derbasî qonaxên cuda dibe ta bedenketîbûn û nexweşiyê têgehên fêzbûn û mirinê rawestîne , em ricîma serkotker dibînin bi aliyê mirinê bêhtirî jiyanê ve diçe , ji ber desthilatdaran helkelkî bi dû guhertina jiyanê dikevin ji bo bibe meydana azarbûn û kuştinê , ji ber ku ji gel ditirsin , û cemawer jiyana xwe diqedînin di razaneke veguhêz ji tirsekî ta hêrsekê , û ji encamê wê bi lez kiryarek dijwar encam dide bi bayên hingemeya bê dawî re , li gel wê civakan di zîndanên xwe yên mezin de dijîn li ser dirêjî pîneya warên xwe , û rewşeke ji koçberiya hundirî dijîn , û ji bilî penaberiyê çareyekî tal nabînin bi dawî neçar dibin bipejirînin , ji ber vê yekê mirina di navbera erdnîgarî û bazdanê de tirsekî berdewam e ji pêşerojeke nepenî re , zêdetir derd û dilzariya reş pêşbînî dike , li gel wê henasan li piştrastiyeke windayî digerin bi sedema serkotkirina bi rêk û pêk yê ew dijîn bin siha ricîmên fermandar yê çi axaftineke sawîrî nahilînê ji bo kedîkirin û mêtina hêrsa cemawer , li gel wê civak , kom û rêxistinên ji hevdû re dijhev tên e dabeşkirin , Hevxistina Baasî wek nimûne li ser bîngeha dijminatiya ji bilî Ereban li Sûrî an Îraqê pêktê û li wan dinêrin ku ew şaneyên razayî ne dibe ku dijminên li derve wana dema ew bixwazin bikarbînin , ji ber vê yekê pêdiviye li wan bê tengavkirin , ev ji derveyî tirsa desthilatê ji gel ve bi giştî , ji ber ku zîndanvan ji zîndaniyan ditirse tevî ku li zîndanê ne , li gel wê berdewam kelem di navbera netewan têne çandin , û di navbera rageh û ragehekî de , di navbera qatan de jî , aliyê bi ricîmê re û aliyê bi dijberiyê re , û zoreng di navbera vîna guhertin û tirs bibû feraqekî di nav de nirx û têgehên rojhilata navîn ya ku bi xwe ji wê girtinheviyê hatibû cîgirkirin , û têgihiştina me jêre pala xwe dide li ser derbasbûna me bi sirûştiya têkiliya nişteciyê derveyî bi erdnîgariya wê deverê û xwedîkirina wê bi dîmenên hewesdarî bi desthilat û sitemkariyê ji bo hebûnê , û mîtingerî hatibû kirin bi rêya tirs û serkotkirinê , û bi rêya herdûkan ve rolên afrênerê azad hatibû têkbirin , û li şûna wê lîstoka desthilatê cihê xwe girt bi qutîkirin û reşkirina her sirûştiyekê û rewşeke cîgir hewil dide tiştekî ava bike ku karibe vê wêraniya a ku peywendiyên civakî wêran kiribûn jêbibe , bi rêya çandina tovên tîjandinê yê bi sirûştiya xwe tevgera civak û takekes sînordar dike , û şiyana berzbûna tevgera ronakbîrî ya bi armanc li paş dixe , ji bo jêbirina mayînên desthilatî ya li dor mêjî , û paşêxistina tevgera civakê yek ji erkên desthilata serkotker e , ji bo rûbirûbûna maf û xwe şimitandina ji erk beranberî gel , tirs namîne cîgir di demeke dirêj de , û bi lez belav û pûç dibe , di serhildanekê her tirsekê hildikşîne , wekî dema bajarên Kurdistanî li Sûrî rabûn taku sozê bi gel , xwîna şehîdên xwe û xwediyên xwe yên aram li Qamişlo nûkirin , û herwiha em tirsê dibînin bi hêrs û hebûna vînê neman dibe , ji ber vê her çare li pêş komê gelê westiyayî dima ew bergirî di rû bêhêvî û piştsariyê , berve vejînkirina şiyarbûna mirov , cenga wî ji bo azadî û dadmendiyê , li gel wê gel ew kelevajiya sexte bi navê welatîbûnê danezanîkirin bin siha desthilatiyeke ji wan re ti soz an peyman nedabû , û ev rabûna gelerî derbirînek bû ji yekîtiya gelê Kurdistanî re li hemî bajar û gundên wêna , û hewildanek bû ji bo binaxkirina tirsê heta dawiyê , tevî sertiya sitemkar û şêweyên serkotkirina wî lê vîna gelan saweke dikarê wana bin guhê hevdû bixe , tirs dibe destmaya desthilatdar yê pala xwe dide li ser ji bo li desthilatê bimîne û qezenc û hatina xwe zêde bike , û herwiha nanê civakên oldar û tîjandî ye bi awayê siyasî , ricîmên sitemkar li ser binema tirsê wek şêweyeke gerentor ji serdestbûna wê re dijîn , ricîma tirsê damezrandin li ser binema gefa bi dojehê wekî encamekê serpêçî bi xwedê re û şîretên yê di deqên pîroz de hatî , ev yeka cureyekî ji hevkariya bed di navbera mêrên ol û desthilatê de çêkiribû , wekî du pêkhatiyên çalak ji bo têkbirina çavkaniyên şoreşa hişmendî a hatibû cîgirkirina li ser pêşdebirina dan û standina ramanî , û rê li pêşiya gotûbêjê bi siyaset , ol û zayend ve hate girtin , û bûn efyon li paş perdan tê duristkirin , ji bo mijolkirina xortan , û razandina wan demeke dirêj , û belavkirina bêkariyê û rêbaza xwendinê a hişk û vala ji hînkirina naverokî tenê nezanîkirin û mijolkirina xortên zanîngehan ku tenê bi dawîkirina xwendinê û kardîtinê piştî qedandinê biramin bi siha tenêbûneke aborî xenqoyî , û gendeliyeke giştî perîşan û hilweşîneke paş perdeyê tê kirin , û bişanhildana diravê yê rê ji mirov re vedike ji bo dizî û tembelîkirinê , ev hemî tê birêvebirin ji bo tek encamê û ewa berşûnbûna rewiştî û paşxistina deronî ya henasî û têkbirina qezencên xelkê , li gel wê ricîmên sitemkar li ser çandina gumaniyê di nav bijardeyên civakê de dixebitin , ji bo bawerî di nav xelkê de tune bibe , û awante bibe pergalê giştî ji hemî nakokiyên sert yên dikarin stonên saziyan hemî hilweşînin , û ev zorenga har di navbera alîgirên guhertina zanyarî û sertiya desthilatdarî kevin e kevinê dîrokê , kevinê têkiliya reşepêş di navbera fermandar û cemawer de , di navbera mêrê ol û cemawer de , di navbera bav û kuran de , ji ber vê berdewam pirsên gelek berdide , û ji ber vê tê veqetandin di kêliya hêrs de ji çi tiştê ku hatibû cîgirkirin di jiyaneke pala xwe dide li ser sertî û neçariyê , û ev raperîn qonaxên bê nîşan didan nerîna gel û gotina wî têde li pêş be li jor ricîma sertbûn û zorê , ji bo sînorekî bê danîn ji wan lîstina yê giyanên sawîlke têkbiribû , û civakê hîştibû rizî bibe , ev qelşandin bicî dibe û kelemekî kûr durist dike , ji ber vê em desthilata serkotker dibînin ku ew jî di gezencê de ne ji dûrketina xelkê ji bîraweriya ronakbîrî û felsefeyê ve bi rêya belavkirina wê ji raman û efsanan re bi rêya dezgehên ragihandina wê û herwiha bi rêya rêbaza olî , ji bilî ramanên tek netewê û bicîkirina têkelbûna bi zorê re , ji ber vê ew girtinheviya di navbera netewan de hatibû belavkirin , netewa herî bi hêz û bi zimanê olî xwe bi çek dike û jêre desthilat û serdestbûna li ser çand û şaristaniyan vedigere , ew şaristanî û çandên yên taybetmendiyên xwe diparêzin û têkoşînê dikin li hember hewildanên setimandin û qirkirina rewşenbîrî , li gel wê Baas bi bîrdoziya xwe yê reş baş nûnertiya qirkirina rewşenbîrî kiribû , û armancên wê ji bo erebkirina navçeya kurdistanî li rojavayê kurdistanê derbirîneke ji sertbûna rewşenbîrî re û nediyarkirina nasnameyên gelên deverê ji bo bicîkirina dûrkarî û ne aramiyê ji bo hemî pêkhatiyan ligel pêkhatiya fermandar yê ew jî zorkarî û gendeliyê dibîne ji aliyê wê desthilata yê ku ti destik nehiland û bikaranî li hember qezen , ewlehî û azadiya gelê xwe , ew bawer kiribû ku bi rêya tewriya pilanê û dijminê derveyî , Israil , wê bihane bide ji bo bimîne destpak li ser xewinên netewî lawaz li dor eywanên rewrew û xapandina cemaweran dizîvire , herdû Baasên li Sûrî û Îraqê , ji bo dûrxistina wê ji xuristiya dema niha û hewildana netewên demukratîk û guhertina naverokî ji desthilat û ricîma fermandariyê , li gel wê mijûlkirina mêjiyên wê bi navê şerê dijminê li derve , hîştibû xelk xwe radestî lîstin û binpêkirinên ku li dijî wê hatibûn e kirin bibe , û deverê hemî hîştibû dagirtî girtinheviyên aşkere û hundirî bibe , û wisa em dikarin bêjin ku ew bi duristkirina hingemeyê heta demekî dûr bi serketibû , Çanda dûrxistinê ji berhema şaştiyên desthilatî ne , û civakan di rewşeke ji girtinheviya giştî û bê dawî hîştibûn , di baweriya xwe de wê bi vî rengî cihên hebûn û serdestbûna xwe li ser hatinan biparêze , li gel wê her awanteyekê bi karên derveyî ve girêdayî ye ji bo rewakirina hebûna xwe , li gel wê tekçand pala xwe dabû hêzê û pişaftina pêkhateyên din di xwe de mîna pêdiviyeke desthilatî didît , bîrdoziyeke dîrokî sertî û pizbûn piştgiriya wê dike , ta bibe asteng li pêş afirandin û dostaniya civakî ya şaristanî , taku mirovahî hemî buhayên gendeliya desthilatê û xwarbûna wê bide , Ev hemî jiyan hîştibû di windabûn û jevketina giyanî û ramanî de bîzivire , û ji girawbirinê re hewşekî fereh dîtibû ji bo xistina çi ramanekî azad an pêşveçûnekî sozdar , li gel wê sepandina çand û reftarên ku ji ol dertên ji çawaniya hîştina xelkê ku bi rêya bijandin û tirsandinê ve di eynî demê de bandor bibin , û ev rêyeke baştir e ji bo çewsandina rengên civakî û kireberîkirina wê bi yek reng , çand û tek zimanî ve û pişt re erdnîgariyekî têde yek fermandarî cîgir dibe , desthilatiya xwe ji serdestbûna ola Islamî werdigre , û rêya ku xwediyên belavbûna wê ji talankirina hemî deverên din bikaranîn û sepandina ol bi rengekî zordar li ser gel û çandan ji bo pişaftina û helandina wan di pergalê zimanê Erebî de , û berdêla amade wekî ku di van lêpirsînên rewa û vekirî de ye ewa di pêşkêşkirina berdêla berzbûyî di pêgirtina bi kok , çand û zimên ve taku neman û bi dawî nebe , li gel wê nemana vê êrîşa rewşenbîrî ya siyasî mîna destpêka hevjiyanê ye di nav gelan de , bi nemana navê kêmnetew û pirnetew ji bo jiyanek bêhtir cûrebûn û lihevhatin , û dibe ku talana rewşenbîrî li hember nasname û çandên din hingemeyê kiribû zimanê rewşa wê , herwiha navendîbûna olî û netewî bi zor û pizbûna xwe ve li ser bijardeyan her tiştî derbaskiribûn , Ew bijarde taliya girtinheviyê xwar , û di xwe de kesayetek nizim derxistibû bi taybetmendiyên nefretê ji serwerî û desthilatiya hêztirîn ve hatibû naskirin , yê ku zorê dikir bin balkêşeya pîrozbûna bîrdozî an olî , Û li gel wê Ewrûpî zorkariya xwe li ser Efrîqiyan kirin , ev dîtina dûrkar ji bo çewsandina nîşanên şaristaniyên mirovî ji gelên Efrîqiyayê , wek dema Ereb bi rêya ola Islamî zorkariyê berdewam kirin bi bihaneya cîhanîbûna ol û li zimanê Erebî dûriyekî olî pîroz danîbûn , wekî kiryarê yekîtiya Sofiyêt û hewildana wî ji sepandina zimanê Rosî li ser gelê din yên li ser wan serweriyê kiribûn , ji ber vê ziman hatibûn weşandin bi kuştin û mêtingeriyê û pişaftina gelan , hinek ziman dewsa gelek zimanan girtin , piştî ew gel zimanê xwe jibîrakiribûn û dev ji ziman û nasnameyê xwe berdabûn , dema rastî işkence û azariyê hatin , û ev yeka rengekî berdarbûyî ji qirkirina rewşenbîrî ye , Wisa serkotkirina siyasî rex li rex li gel alavên pişaftin û helandinê dixebite , û ev yeka şerên girtinheviya navxweyî durist kiribû , û ol siwareyekî dîrokî û bîngehîn bû li ser bîngeha wê helandin di pergalê netewî a fermandar de hatibû pêkanîn , mîna gotûbêja Islam û Erebûnê , bi rêya wê sitemkariyên netewî di hundirê erdên xwe de karîbûn şerê gelên resen bikin , ev yeka di ramana Elqayîde1 û Elixwan2 de şaxdayî û berz bû , alavên cengê xwe ji dîrok û talanên Islamî wergirtibûn , ji ber vê em dibînin ku cenga desthilatî gelek xalên hevbeş di navbera gelan de jinavbirin , û her kargêrekî şaristanî bi destê mirovê zanyar ji kevin ve hatibû pêkanîn , û ev tişt gotinê Ishaq Niyotin 3 1727 tîne bîra me , Em gelek dîwar ava dikin lê em têr piran ava nakin , û ev wêrankirina bi rêk û pêk ji peywendiyên hevjiyan û dostaniyê ye , di navbera gelan de tirsê hîştibû xwedayekî fermandar li ser erdê û di kesayeta rêber û peykerên yên ku li her goşeyê de ava bûn e xuya dibe , Elqaîda , an rêxistina Elqaîde an bingeha tekoşînê , ew rêxistin û tevgerekî pir regeznamî ye , di dema Tebaxa 1988 û dawiya 1989 de hatibû damezrandin , banga tekoşîna navdewletî dike , Elixwan Elmuslîmon , komeleyeke Islamî ye û ew tevgera dijberiyeke siyasî ye li gelek dewletên Erebî , Esêr Ishaq Niyotin 25 Berçele 1642 , 20 Adarê 1727 , zanisvanekî Ingilîzî ye , yek ji navdartirîn zanistvanên Fîzîk û bîrkarî ye bi derbasbûna serdeman û yek ji nîşanên şoreşa zanistî ne , Li gel wê berzbûna vîna çanda sade ya ku mayîna li ser kenarê , pişaftin û destdayînê napejirîne , bi berhelistbûna tirsê ve a ku peyker nûnertiya wê dike diyar dibe , û berxwdaniya li hember qirkirina rêbazbûyî yê jiyana civakî û siyasî li xwe digre , li gel wê li gelên yên bi nasnameya xwe ve girêdayî tê nêrandin wekî metirsiyekê ferehbûna û serdestbûna wê li ser movikên dewletê bi sazîyên wê bi awayekê giştî asteng dike , li gel wê wêrankirina peyker nîşaneke ji şikestina sihwa tirsê û serkotkirina desthilatî , û şopandina zorengê û tiştê wekî nirx di çarçoveyê wê de di girêdana azadîxwazan bi jiyanê ve tê kurtaskirin li hember hêzên yên ku li ser wêrankirina çi avakirin an destketiyê ve dijîn , û erka wê piştrast bû li ser hilweşînê û weşandina bizdanê di nav henasan de , Zanîn wekî rewşekî ronakbîrî diyar bû , metirsî û bedkariyên kiryarên desthilata serkotker celew dike ji ber ziyanê dighîne jiyan û pêşeroja gelan û pêkvejiyana wan bi hevdû re , herwiha bandora xwe bi awayekî neyînî li ser başiya ramandina wê dike û ji ber vê pêdivî çêdibe ji bo li hember wê bê rawestandin li ser bîngeha bicîkirina têgeha raperîna cemawerî , ew nîşana zengila dawîbûna wê desthilat û alîgirên wê ye , Tiştê ku desthilat ji vekirina peywendiyên sirûştî di navbera civakên serkotbûyî kiribû bi rêya çandina tirsê wekî efyonê , hêza dij xwe li hember amade dike bi rêya civandina bijardeyê ciwan yê dikare jiyanek nû bide û dikare li hember binpêkirin û aşkerekirina wê bi gelek şêweyan raweste , dibe ku xebata çekdarî jêre çareyekî dawî be , berî wê bîraweriyek cemawerî bi jiyana rêxistinî pêşde tê , bîngeha wê xebatê beşadarîbûnê ne dûrkarî ye , û navendiya netewî a olî di pergalê xwe yê desthilatî de tenahiya civakê durist dike û wêna ji her bihinberdanekî ve durxistibû , taku ramanên erênî dernekevin , yên ji kiryarekî afrênerî dertên , gelek berketî û raberî hembêz dike û nûnertiya rewana civak û bedewbûna wê di heyînê de dike , li gel wê mijolbûna gelên serkotbûyî wek nimûne gelê Kurdistanî bi parastina nasnameyê û di berdewambûna zorengê ji bo parastina ramandina wê , li gel wê bin siha serkotkirinê mirov nikare bi tiştekî cuda û nû birame , berhinde naverokên desthilata serkotker a totelîter bi derbasbûna demê ve û ji hundirê ve genî dibin , û destên çavkar dikevin pêşbirkê ji bo bêhtir destê xwe li ser movikên serdestbûn û fermandariyê deynin , ta bihevkevin û ji hev dûr bikevin û qerbalixiyeke rastîn biqewime bi wê û civakê ve bibin e heldêrê , li gel wê hişmendiya gelemperatî di amûrîtiya xwe ya bijardî de ji fermandariyê re metirsiyekî li ser hebûna mirovî û aştiya xuristî çêkiribû , herwiha jî dibû bîngehekî ji cengên bê re , sirûştê wêran dike , ji ber ku dema nefret belav dibe tîjandin jî di navbera civakê de belav dibe , kesayeta takekes pelixî dibe , ev girtinhevî û zoreng çêdibe , armanca wê pevçûnê , têkbirina çi rabûnekî hişmendî ye , ji yekîtiya zanyar û xwediyên raberiyan çêdibe , yên ku hewil didin bi rolên xwe lihevhatinekê ji bo siberoja gelan û demûkrasîbûna wê çêbikin , ta zêdetir ewle , aram û di xweşiyê de bin , Bêkariya xortan û tengavkirina wan û herwiha sînordarkirina raberî û berketiyên nêdar a gelên barketî ji aliyê milhûriyên wê ve jiyanekî gelek metirsîdar aşkere dike , bi rêya wê ceng û aloziyên yên şîn û işk çinî dikin bêhtir dibe , parçebûna sawdar ji gelên rojhilata navîn netewî , olî û ragehî perdeyê aşkere kiribû ji komek cengên bi dû hevdû dikeve di wêzima hêzên desthilat û qezencê de , berhinde windabûna nasname û şerê mirov ji hatinrêz an ziman û baweriyê wî re nûnertiya siha xweda li ser erdê kiribû , berhinde bermaya olan ew bermaya hunera serdestbûna bi cemaweran e , tê wateyê ku ol ew roparta desthilatê ji xelkê re ye , û dibe tiştê ku hîşt têkelê reftar û reweştan çêbibin û ji aliyê xelkê ve bi heman bijardeyên xwe bên e mêtin ew desthilatdar û hevbendiya xwe bi mêrên ol re , bi derbasbûna demê ricîma tirsa pîroz saz kirin , Ew ricîm bi raman û dîtinan re bi awayekî hişyar dide û distîne , û timî pêre dikeve di ciyawazbûn û lihevketinê , tenê ji raman û dîtinan sûd wedigere di warê pêşveçûna ricîmê û cîgirkirina tirsê mîna rewşeke pêwîst û divê bê jiyankirin , û herwiha nûnertiya siha desthilata ronakbîr li ser erdê dike ji ber ku ol rêya jiyanekê ye , ew amaneke nirx û reweştên desthilatê hembêz dike û herwiha bermayê gelerî û efsanî bi awyekî gurayî , li gel wê baweriyên kisilgirtî bûn e peyker û nîşanekî samê û şikestina vîna cemawer bi rêya şerê ramanên rabûyî , dibe ku guhertina jiyana xortan bi rengekî pûç bîngeha xwe pişûdan e hîştibû desthilat bêhtir dêwtir be bi rêya pencereya bêkariyê , Ji tirsê re dest û nepirçekên toj çêbûn , herwiha jê ricîma bawerî bi çarenivîsê çêbû û mal û semyan ya xwedê ye dide kesê dixwaze , wisa roparta olî bi mêrê desthilatê re destêkel bû , û şaxên saloxgêrî bi rengê koma firiştan hatibû sazkirin , firişteyekî giyan distîne û yek li zurneyê dide , û yek bi miriyan re di gorê de diaxive û bi awayê wê şaxên tirsê hatin sazkirin li warên ku ji derveyî bêdengî û sertî di şîret û deqên xwe yên pîroz tiştekî pîroz ranekirin , berhinde desthilat reweştên xwe yên li ser binçavkirin û reşkujiyê danîn , ji bo armanca xwe ji belavkirina tirsê pêkbîne , çi kesê ku mafên xwe bixwaze wê bê qirkirin , bi taybetî kesayetên yên navderiyek wana li cem xelkê hene , berhinde reşkujî dibe yek çirûsînin tolê li ser tirsê , û xelkê bi zorê dihêvoje ku raperînê bikin , û ew ne wekî ku Tomas Mor dibêje 1 , Alavekî ji alavên hunera fermandariyê ye , û destikekî ji bo dûrxistina welatiyên asayî ji zehmetiyên cengê ve yên ku rêberên wan li ser wê berpirs bûn , Tomas Mor , 1478 , 1535 , rêberekî siysî bû û daner û zanistvanekî Ingilîzî bû , di çerxa 15 de jiyabû , Reşkujî dibe destika rikberiya pêla hêza cemawerî , bi dijminatîbûnê hest dibe dema desthilat ronakbîrên wê dikuje , û ev tişt zengila dawiya wê desthilatê ye bi demê re , reşkujiya siyasî hingemiya deronî li cem xelkê dadimezrîne , bi awayekî ji bo berzbûna hêza dij û bi armanc ve dixebite ta bikeve dewsa desthilata heyî , berhinde çendîn reşkujî wekî veguhêztinekê ye li qonaxeke metirsîdar têde bê aramî û ceng durist dibe , û ew mîna nîşanekê ye ji veguhêztina desthilatî ji ber ku riwê qonaxê bi temamî diguhêre , li gel wê reşkujî dibe diyardeyeke dirindî dighîne kaşkirina pêlên hêrs û tolê , yê bi awayê xwe ve desthilata heyî li ser deriyên rodanek e movikî datîne , berhinde reşkujî guhertina bedxwaziyê taku bibe rageh û bîrdoziyekî di nav xelk û ciwanan de bi taybet ve leztir dike , Ev yek ji me re evqasiya wêraniya giyanî diyar dike yên ku hêzên reşkujiyan wêna ligel xwe parve kiribûn ji bo wêrankirina têkiliyên sazîker , û bicîkirina tirs û hêrsê mîna du sedeman ji awanteya giştî re , Desthilata netewî mezinayî û hûnîjandin bi xewinên Erebûn , yekbûn û serdestiyê belav kir , herwiha binyadkirina Islama siyasî û rewakirina reşkujî û binçavkirinê , û desteberkirina wî ji olekî desthilatî xwedan bermayekî dîrokî û rastîn , û civakan hîştibû bi demê re xwe pê bibînin ji berjewendiya guhdana wê ji wêje , huner û raberiyan , tam bervajî vê yekê şerekî dijwar durist kiribû li hember meydanên bedewbûn , raman û hunerê , van tiştan hatibûn paşguhkirin û dewsa wan hişmendiya saloxgêrî yên vîna cemawer têkibirin hatibû bicîkirin , ji bo bêne belavkirin û rolên zanyarên wê bêne gunokirin , ta wan bihêle di zîndanan de nediyarbûyî bin an ew zanyar ji wan re destgîr bin , Diyarkirina hevrêzîkirina zanyarî ji vê pevxistinê mîna nîşanekî diyar e li ser zehmetiya bûyerê û jiyankirina wêna , ji ber ku gel ti carî nabe kirêkarekî li cem bijardeyekî desthilatî bi wê serdest ve , eger fermandar nebe li cem gel kirêkarekî , ji ber vê tirs dibe mîna efyonekî heyî di navbera fermandar û fermanber de , ji ber hemî fêrî wê bûn e ta sînorê yê ku ew ricîm danîbû rizî bibe bi sedema harbûna tirs û sertiyê û pirbûna sitemkarî û gendeliyan ta her tiştekî bedew wêran bibe , ji ber ku bîngeha mayîna milhûriyê tevî ku li ser bê gotin ku ew jêdera aramî û ewlehiyê ye û bijardeyên hûrbûyî bihecandina xwe heta demekê celew bike , lê ew nizane ku ew celewkirin li hember hatina bavlîzoka mezintirîn bê sûd e , Û ji vir rastiya girtinheviya desthilatî li ser berjewendiya mirovê aştiyane xuya dibe , ji cîgeh û bi rêya xuristiya hatinrêza wî û rêya têgihiştina wî ji çi tiştê ku di jiyana wî de diqewime , ji binpêkirin û derbaskirinên yên li hember wî durist dibin , û ew bi vî awayî li ser misoger e ku wê zorengê bijî bin siha sîstemeke totelîter netewî bi hebûna civekeke pirreng ji pêkhate û şartistanî mikûr nabe , ji ber vê serkotkirin û reşkujiyê destikekin ji bo gerentiya serdestbûnê ne , ji ber vê civaka sertbûnê hatibû afirandin , û ew ji pêwîstiyên hebûna desthilata netewislamî , û di eynî demê de nîşanekî ji roxandina wê ye , berhinde bikaranîna nasnama netewî bîngeheke ji hilweşandina hatinrêzan e , mîna derbasbûna di talîzoka hingemiyeke bê dawî , bandora xwe li dewlet û kêleka wê dike , Dibe rewşa Sûrî ji 2011 ve teqînek bijardî diyar kir di hundirê wê desthilatê de , desthilatekî rizî navê wê dijberî berhem dabû , û mîna wê desthilatê bi rengê xwe yê rizî diyar bû , bi gel û alîgirên xwe re ji devê roparta ragehî axivî , hişmendiya desthilatiya heyî parastibû , bi şerê xwe li hember netew û kêmnetewan , ji derveyî bergê xwe yî Erebî derneketibû , û ev rikberî xwe bi hevkariyeke herêmî biçek kiribû , dewsa desthilatiya cîgirbûyî , em zorengê desthilatî dibînin , li gel hevkariyek hebeş di navbera wan de û ew nûjenkirina hişmendiya netewperest bi moreke Islamî tarî , ramanekî bi kîn li hember filetiya Ewrûpî rahijtibû , ew bi navê cengên dîrokî û mîna dirêjeyekê jê re talan û kuştinê dikirin , komên li rojavayê bakûrê Sûrî , û civakê parçe kirin ji bo armancên xwe ji rewakirina teror û hingemiyê pêkbînin û li desthilatiyê bimînin , Ji ber vê em bersivdan û kargêrîkirina azarkirinê li girtîgehan dibînin diyardeyekî desthilatî ye ji wêrankirina deroniya civakî ve û ajotina wê li hengemî û nemanê , herwiha hîştina tirs bibe nanê civakên serkotbûyî , bi rêya girtinheviya bijardî , yê bedkarî û derdên xwe di nav bijardeyên civakê de aşkere dike bi rêya lîstina li ser têla hobebûn an netewbûnê , Ev hemî bûn e sedem ji hilweşîna bîngehên hevjiyana aştiyane di nav civakan de û pêwîstiyên wê bi derbasbûna demê ve hatibûn e windakirin , û desthilatiyeke sexte hatibû damezrandin , li gel wê takekes bi slogan û xewinên mezin û vala ve hatibû niquçandin , mîna xewinên yeksaniyê di nav qatan de û herwiha yekbûna welatê mezin , û binavkirina çi kesê ku ji derveyî sirûda netewî û hatinrêza partîtî ve fîxan bide ajanekî ye divê were jinavbirin li gel hunerbaziya bi reşkujiyê ve û mehfkirina taybetiyên şaristanî û helandina wê di çarçova pişaftina nijadî de , ev takekesan hîştibûn e di rewşeke ji koçberî û pepûkiyê de , xelkê bi rêvebiribû ji dûbarkirina dûrişmên vala , herwiha diyardeya qutbûna civakê ji demê niha cîgir bû , û herwisa qutbûna wê ji geşepêdan û pêşveçûnê ve , berhinde desthilata bîrdozî a netewî berzbû mîna dirêjiyekê ji bermaya talanan û daqurtandina erdan û kargêrîkirina qirkirina rewşenbîrî û siyasî bi rêya paşêxistina karbîniya mêjî bi rêya danîna xet û qedexeyan ve û herwiha hişbirkirina cemaweran bi xewinên yekbûnê û binavkirina kêmnetewan mîna nexweşî di hundirê desthilatê de belav dibin û dibin e kelemekê li pêş pêkanîna xewinê li gor pesindana wan , herwiha rawestandina di riwê pêşverûtiya kokî a ku roparta Islamî tundirewî hîştibû bibe naveroka herî sert û bi saw û yê tê bikaranîn ta bikeve dewsa serdema desthilatiya netewî , wisa ew bihaneyekê dîtin ji bo mayîna xwe û rojbûna kufletekê ji wan kirêtir , bi rengekî aşkere bi rêya ola tundirew sitemkariya xwe li hember wan berdewam kirin , ji ber vê pîrozbûna deqa olî ji pîrzobûna hewildana desthilatî dertê , bi serdesbûna xwe li ser rewan û çêja xelkê , ji ber vê zehmet dibe ku ew bermaya bê binkeftîkirin , ji wê têkiliya cêwîtî di navbera ol û desthilatê de , ji ber vê pêdivî heye bi dîtina berdêlekê ji wê hilkirinê , ji kêşeya veguhêztina demukrasî ya rastîn û li ser rabûna zanyarî cîgir û geşkirina takekesan bi rengekî hişmendî bi rêya veqetandina bawerî ji dewlet û saziyan ve , û xistina wê di çarçoveya henasê de , û bîrdoziya netewî a totelîter li ser şopa pêşiyan xwe meşîn , yên ku dara ol û deqa pîroz rahijtibûn ji bo bi rêya herdûkan xwîna hênikan birjînin , welatan hatibûn e hûrhûrîkirin û gelê Kurdistanî ji mafên xwe yên li ser erdê , ziman , taybetîbûna a ku bi dewletê ve tê naskirin hatibû bêparkirin , ji ber vê em birçîbûn , bêparbûn ji netewî mîna destikeke bergiriyê li hember desthilatên yên netewbûnê mîna rewşeke êrîşker hewşvedatî û hilkişandî bikaranîn , armanca wan kok û nîşanên yên gellekî ji ya din û zimanekî ji ya din cuda dike binpêbikin , û li vir divê em li ser bandora aloziyên cîhanî û siyasî li ser sirûştê civakê , raman , bawerî û guhertinên wêna bipirsin , herwiha bandora vê girtinheviyê li ser ricîma wê ya ramanî û bîrdozî , Hewayên milhûrî û zorkariyê cûreyên zorbazî û serkotkirinê berhemdan ji encamê wê raperînên gelek derkertin , li dor rêyên bidestxistina maf tevdigeriyan , û şerê maf piştîneke dîrokî jêre dibû piştgir , bîrdoziyên nûjen wêna ciwan û sererast dikin , bi wateyeke din aloziyên herêmî û navdewletî riwekî nû ji erdnîgariyeke nehevcisnbûyî diyar kir , di çarçova gelên yên ji nû ve ji bindestbûn desthilata navendî ya gelemperatî derketin , ji ber vê şerê maf nerewayîya vê têgehê û rewrewka wê bi demê re aşkere kiribû , mîna destikekê ji bo rewabûnekî rewiştî û nirxî ji serdestbûna desthilatî re diyarbû , li ser bîngeha sawêrkirina cemaweran û xapandina wan bi dirûşman û hêzên desthilatî vê yekê birêvbiribû , yên ku mezin û binyad dibûn û li ser binemayên bangeşiya deronî xwe jiyankirindan bi rêya dîroka a pala xwe li ser ezmûnên cengên yên li ser berferehbûnê cîgir bûn e dabû ji bo berjewendiya vekişîn û berfirhbûna aliyê beranber û hatinhevê wê , pişt re ew hatinrêz ji artêşkirinê re diyar bû , Ew di sirûştiya xwe de gerentiyeke ji berdewambûna cengên yên li ser qirkirinê cîgirbûn e li ser binema malgirtina erdnîgarî , çand û pêşerojê , bi vî rengî ew bawermend bûn êzing ji cengên ku riwê gewretir ji cîhanê nixûmandibûn , bi gelên bazdayî yên bê welat hatin aşkerekirin , ji ber vê yekê em du zorengên rastîn û qayim ji nîvê dîrokê dibînin , di navbera çandên xwîn û serdestbûnê de û hêzên şaristanî têkelbûyî yên karîbûn bermayê zanyaran têkel bikin li hemî hebûnê bin siha cîhangeriyeke rewşenbîrî qerpolî rastiya xwe ji têgeha pêkvejiyan , dostanî û hevberîna zanyariyan werdigre , ji ber vê çêdibe ku em bi serketina hevjiyana beşdarîbûyî ya dadmend di nav gelan de pêşbîn bibin li gor bîngehên hemwelatiya naverokî li ser hesabê vekişîna hişmendiya wêdekar , û sedem ji ber ku ew qurbanî û pîşekarên xwe hînbûnên sert û bi êş dabûn , bi serdemên cengên olî û pîroz û herdû cengên cîhanî li Ewrûpayê diyar dibe , dawiya wê ew cenga gerdûnî bi ser navê şoreşên buhara Erebî bû , Veqetandina Kurdistanî ji ziman û çanda wî ve ew cîgirkirina parçebûna welatê wî ye bi rêya pişaftina wî bi Erebûn , Toranîbûn û Farisbûnê ve , Ez li vir behsa nasnameyekê dikim ku dikare xwe bide diyarkirin bin siha hingemiya desthilatê , dikare hatinrêza xwe ji welatê xwe re nû bike , herwiha vegerandina jiyanê ji derverê xwe yî rastîn re , tevî ku wekhevî di maf û erkan de wê tiştekî dûr be bin siha peyketina desthilatên nû , Dijberî , ji bo parvekirina desthilata ya ku bi roxandinê ve hatiye gefdan , dijberî hewil dide bibe cîgirekî ji ricîma sertbûn û dûrkariyê , taku rewşekî dirûşma wê hingeme û parçekirin damezrîne , û nediyarbûna pirrengiya rewşenbîrî û bêvînkirina rolên bijardeyan û ciyawazbûna wan ji hevdû ve mîna ragihandina cengekî bêhûdeyî ye li ser civaka rojhilatnavînî bi giştî , cengekî li hember vînan e , rêzên piraliyê xwar dike , ji ber vê armanca çi rabûnekî gelerî an raperînekî cemawerî ew afirandina civaka xweşiyê ye , û bîngeha vê xweşiyê pala xwe dide li ser rizgarkirina vînan ji cûreyên koletiya nerm , ya ku desthilata serkotker bi rêya ragihandin , perwerde û fêrkirinê sepandibû , ji bilî pirrengiya şaxên ewlehî û bikaranîna wan ji bo girtina dev û bidûketina li pey xwediyên nerînê , Çawa mirov vê girêkê dikare derbas bike , ya ku ricîma desthilatî wêna dibîne gerentiyekî ji bo li desthilatê bimîne û avahiyên gendelî û sitemkariyê saz bike , ji ber ew bê serokê nîşan û xwedawendiya wî rastî gefa roxandinê tê , çima cîhana sivîlbûyî bi serketibû bi roxandina kesên yên bibûn sedem ji ziyandîtina wê bi rêya milhûriya tek rêberî , ji ber ku Ewrûpa gelek talî çêj kiribû ji Musolînî 1 , Firanko 2 û Hitler , û ji kesên hatibûn û destê xwe li ser azadî û xweşiyê danîbûn , û çi kesê li hember wan rawestiyan bi hesin û êgir hatibûn têkbirin , lê li Rojhilata navîn riwê xwe yî kirêt bi reng û pergalên cûr bi cûr diyar kiribû , û cemawer li hember wê tiştekî nakin ji bilî çepiklêdanê heta pileyekî dîn , liv û lebatên serok dişopînin , ew mîna dirêjiyekî tiyoqratîk e ji tewriya mirovê xweda an pêxemberê yê bi derhozan ve sertacbûy ye , Bînto Endiriya Musolînî 29 , 1883 , 1945 fermandarê Îtaliya ye di navbera 1922 û 1943 , serokê dewleta Îtaliya yê û serokwezîrên wê ye , û li hinek qonaxan de wezîrê derve û hundir bû , ew ji dameznerê tevgera faşî a Îtalî ye û serwerên wê ye , bi navê Dûtşî hatibû naskirin ango rêber ji sal 1930 ve heta 1943 , ew yek ji kesayetên bîngehîn bû ji avakirina faşizmê , 2 – Firatîsko Firanko Bûmhamund , 12 1892 – 20 , 1975 ew General û milhûrekî Ispanî bû , yek ji rêvebirê lêdanê bû sal 1936 , ji bo roxandina komara Ispanî a duyem , yê bi encamê cenga navxweyî a Ispanî encam dabû , pişte fermandariya Ispaniya fermandariyeke milhûr kiribû ji 1939 heta 1975 , navê kodiyo an serwer li xwe kiribû , serokê dewletê ye heta mirina wî sala 1975 #Rêber Hebûn ريبر هبون #Rêber Hebûn #Reber Hebun #kurdische film #stranê kurdî #رسائل ألمانية #تعلم اللغة #kurdish mashup tik tok #kurdisch film #kurdmax music #helbestên kurdî #rexne #helbestvan #helbest û stran #helbestên kurmancî #Çîrokên akurdî | #Rêşad Sorgul (رێشاد سۆرگول) #KURDI HELBEST #NÛ HELBEST #(Helbest) #*Helbest: Rêber Hebûn #تعلم اللغة الكردية #تعلم #الكردية #fêrkirina zimanê kurdî #kurd #kurdî #رێبەر #RÊBER APO #Ripper / ريبر #چۆپی #MaroWeltShow 976 #Ein Tag in Düsseldorf #شعر #kurdistanş
سما صافيه
منذ 2 سنوات

حرب لبنان صور وثائق أحداث

❞ يقدم هذا الكتاب عرضا مصورا لبدايات الحرب الأهلية اللبنانية في العام 1975 وتتسلسل الصور من حادثة حافلة عين الرمانة، ثم انتشار المسلحين والمتاريس في الشوارع والتصعيد العسكري واستخدام الاسلحة الخفيفة والثقيلة.
كثير من الصور تبعث على الحزن والألم فالشوارع تتناثر فيها الجثث التي تم ذبحها بناء على الهوية ووجوه الأحياء تعكس المأساة الإنسانية التي يعيشونها ومن حولهم المصانع والأسواق المحترقة. عانى الإنسان العربي ولايزال يعاني من الفقر والبؤس والبطالة ومرارة الهجرة وما هذا الكتاب المصور إلا لمحة من هذا التاريخ المؤلم. ❝ ⏤ليلى بديع عيتانى

❞ يقدم هذا الكتاب عرضا مصورا لبدايات الحرب الأهلية اللبنانية في العام 1975 وتتسلسل الصور من حادثة حافلة عين الرمانة، ثم انتشار المسلحين والمتاريس في الشوارع والتصعيد العسكري واستخدام الاسلحة الخفيفة والثقيلة.
كثير من الصور تبعث على الحزن والألم فالشوارع تتناثر فيها الجثث التي تم ذبحها بناء على الهوية ووجوه الأحياء تعكس المأساة الإنسانية التي يعيشونها ومن حولهم المصانع والأسواق المحترقة. عانى الإنسان العربي ولايزال يعاني من الفقر والبؤس والبطالة ومرارة الهجرة وما هذا الكتاب المصور إلا لمحة من هذا التاريخ المؤلم . ❝

⏤ ليلى بديع عيتانى

يقدم هذا الكتاب عرضا مصورا لبدايات الحرب الأهلية اللبنانية في العام 1975 وتتسلسل الصور من حادثة حافلة عين الرمانة , ثم انتشار المسلحين والمتاريس في الشوارع والتصعيد العسكري واستخدام الاسلحة الخفيفة والثقيلة , كثير من الصور تبعث على الحزن والألم فالشوارع تتناثر فيها الجثث التي تم ذبحها بناء على الهوية ووجوه الأحياء تعكس المأساة الإنسانية التي يعيشونها ومن حولهم المصانع والأسواق المحترقة , عانى الإنسان العربي ولايزال يعاني من الفقر والبؤس والبطالة ومرارة الهجرة وما هذا الكتاب المصور إلا لمحة من هذا التاريخ المؤلم #سما صافيه #ليلى بديع عيتانى #دار ميسرة #1982 #حرب لبنان صور وثائق أحداث #ليلى بديع عيتانى #1982 #التاريخ #وثائقية #قراءة #وقائع تاريخية #مهارات القراءة #تاريخ لبنان #الحرب #حرب لبنان #دراسات تاريخيه #دراسه تاريخيه #وثائقية #وقائع تاريخية #مهارات القراءة #تاريخ لبنان #الحرب #دراسه تاريخيه #دار ميسرة #تاريخ لبنان #الدين الاسلامى #التاريخ #وثائقية #الشرق الأوسط #ثقافه #ثقافات #شعوب #الإسلام #تربية دينية #الاسلام

الكتب العامة أسمك عالتورته كتابة أسماء عالصور Switzerland United Kingdom United States of America معاني الأسماء الكتابة عالصور كورسات مجانية كتابة على تورتة الخطوبة شخصيات هامة مشهورة اقتباسات ملخصات كتب معاني الأسماء تورتة عيد ميلاد حكمة كتب اسلامية معرض القاهرة للكتاب برمجة المواقع معنى اسم القرآن الكريم المساعدة بالعربي كتابة على تورتة مناسبات وأعياد Facebook Text Art حروف توبيكات مزخرفة بالعربي حكم قصيرة كتب قصص و روايات كتب القانون والعلوم السياسية كتب الأدب كتب الطبخ و المطبخ و الديكور زخرفة توبيكات اصنع بنفسك كتب للأطفال مكتبة الطفل الطب النبوي كتب السياسة والقانون Online يوتيوب كورسات اونلاين كتب تعلم اللغات تورتة عيد الميلاد زخرفة أسامي و أسماء و حروف..معرض الكتاب زخرفة الأسماء خدمات كتب التاريخ قراءة و تحميل الكتب كتب الروايات والقصص كتابة على تورتة الزفاف التنمية البشرية

..