█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ وأما القسم الثاني وهو أن تُطلق ألفاظ الذم على من ليس من أهلها فمثلُ نهيه ﷺ عن سَبَّ الدهر ، وقال ( إنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ ) وفي حديث آخر ( يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ فَيَسُبُّ الدَّهْرَ ، وأنا الدَّهْرُ ، بِيَدِي الأَمْرُ أَقَلْبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، وفي حديث آخر ( لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُم : يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ) ، في هذا ثلاث مفاسد عظيمة ، 🔸️إحداها سَبَّه مَنْ ليس بأهل أن يُسب ، فإن الدهرَ خَلْقٌ مُسَخَّرٌ مِن خلق الله ، منقاد لأمره ، مذلل لتسخيره ، فسابه أولى بالذم والسب منه ،🔸️الثانية أن سبه متضمن للشرك ، فإنه إنما سبه لظنه أنه يضر وينفع ، وأنه ذلك ظالم قد ضر من لا يستحق الضرر ، وأعطى من لا يستحق العطاء ، ورفع من لا يستحق الرفعة ، وحرم من لا يستحق الحرمان ، وهو عند شاتميه من أظلم الظلمة ، وأشعار هؤلاء الظلمة الخونة في سبه كثيرة جداً ، وكثير من الجهال يُصرح بلعنه وتقبيحه ، 🔸️الثالثة أن السب منهم إنما يقع على من فعل هذه الأفعال التي لو اتَّبَعَ الحق فيها أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ، وإذا وقعت أهواؤهم ، حَمِدُوا الدهر ، وأثنوا عليه ، وفي حقيقة الأمر ، فرَبَّ الدهر تعالى هو المعطي المانع ، الخافِضُ الرافع ، المعز المذِلُّ ، والدهرُ ليس له من الأمر شيء ، فمسبتهم للدهر مسبة الله عز وجل ، ولهذا كانت مؤذية للرب تعالى ، كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة ، عن النبي ﷺ قال ( قالَ اللَّهُ تَعَالَى : يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وأَنَا الدَّهْرُ ) ، فساب الدهر دائر بين أمرين لا بد له من أحدهما 🔸️إما سبه لِلَّهِ ، أو الشرك به ، فإنه إذا اعتقد أن الدهر فاعل مع الله فهو مشرك ، وإن اعتقد أن الله وحده هو الذي فعل ذلك وهو يسبُّ مَن فعله ، فقد سب الله ، ومن هذا قوله ﷺ ( لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُم : تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَإِنَّهُ يَتَعاظَمُ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ البَيْتِ ، فَيَقُولُ : بِقُوَّتِي صَرَعْتُهُ ، ولَكنْ لِيَقُلْ : بِسْمِ اللَّهِ ، فَإِنَّهُ يَتَصَاغَرُ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الذَّبَابِ) ، وفي حديث آخر ( إنَّ العَبْدَ إِذَا لَعَنَ الشَّيْطَانَ يقُولُ : إِنَّكَ لَتَلْعَنُ مُلَعْناً ) ، ومثل هذا قول القائل : أخزى الله الشيطان ، وقبح الله الشيطان ، فإن ذلك كُلَّهُ يُفْرِحُه ويقول : علم ابنُ آدم أني قد نلته بقوتي ، وذلك ممَّا يُعينه على إغوائه ، ولا يُفيده شيئاً ، فأرشد النبي ﷺ من مسه شيء من الشيطان أن يذكر الله تعالى ، ويذكر اسمه ، ويستعيذ بالله منه ، فإن ذلك أنفع له ، وأغيظ للشيطان . ❝