❞❝
❞ وأكملت بنبرة حزن وأسى: ˝أطلقوا على من كان مثلي ˝مورسكيون˝˝.
-˝زوجك أين هو؟˝.
-˝تعرض لعمليات تعذيب شديدة؛ حتى يقبل بتغيير اسمه وديانته، بعد مدة لا أتذكر كم استغرقت، عاد إلينا ˝هشام˝، أقصد˝ فرناندو˝، عاش أيامًا يهذي بكلمات لا نفهمها، يحدثنا باللغة العربية ثم تظهر على وجهه علامات الرعب والفزع، فجأة يتحدث الأسبانية بطريقة ركيكة؛ فلم يكن يتقنها بعد، حاولت أن أعالجه أو أعيده لصوابه، أن أذكّره بالأيام السابقة. في أحد الأيام خرج من المنزل ولم يعد!، لا أعلم إن ظل عربيًا مسلمًا أم تحوّل إلى قشتاليًا!!˝.
˝وحيد˝ في نبرة تقطر بالحزن والأمل معًا: ˝لقد عشت مأساة حقيقية، فقدت الأمان، بماذا تشعرين نحوي الآن؟˝.
-˝لقد بدأت أشعر نحوك ببعض المشاعر˝.
-˝هذا جميل؛ فأنا بدأت أحبك، وأحب كل مورسكي˝.
-˝أنت لم تعرف ما تعرض له المورسكيون حقيقة˝.
-˝تذكّر أننا الآن في الآخرة، كل من ظُلم؛ وعُذِّب؛ وطُرد من أرضه؛ سوف يعود له حقه، من تعرَّض للتعذيب في لحظة رؤية الجنة كأنه لم يرَ عذابًا قط˝ . ❝
❞ بعدَ تناولِ الطّعامِ، نهضَ عمّهُ قائلاً: هذا بيتُكَ يا دلشاد.
واتّجهَ إلى غرفتِهِ، ثمّ ما لبثتْ أن نهضَتْ زوجتُه، واتّجهتْ إلى إحدى الغُرف.
عند ذاك قال: الوقتُ تأخّرَ يا سَروة، ولا بدّ أنْ أرجعَ للبيتِ.
لم تستطعْ أنْ تتخيَّلَ بأنّه سيخرجُ مرةً أخرى، ويغيبُ عن أنظارِها، يبتعدُ عنها، وهذا البابُ الذي دخلَهُ، سيُخرجه كما دخلهُ. وغدَتْ مجدّداً تتساءَلُ بينها وبين نفسِها، وهي تنظرُ إليه: تُرى ما هو السرّ الغريبُ الذي يجذبُني نحوكَ بكلّ هذه القوّةِ يا دلشاد، نحوَكَ دونَ غيركَ، لماذا فقطْ عندما تكونُ قريباً مني أشعُرُ بأمانِ العالمِ، بأيّ قلبٍ ستتركنِي، وأنا مُستعدّةٌ لأن أسافرَ إلى أبعدِ موضعٍ في العالمِ، حتى أراكَ ولو لنصفِ ساعةٍ. ألا تعلم يا دلشاد أن تلكَ الأيّام المجيدة التي أمضيتَها في بيتنَا كانتْ من أعظمِ أيام حياتِي، كل ما في البيت كانَ سحريّاً بالنسبةِ لي لمجرَّدِ شعوري بأنّكَ كنتَ مُقيماً فيهِ.
قالت: نمْ عندنَا، وفي الصّباحِ يمكنكَ أن تذهَبَ.
قال: تسلمي، أريدُ أن أرجِعَ. ثم بعد صمتٍ لم يدمْ طويلاً أردفَ:
جئتكِ يا بنة عمّي بحاجةٍ، أريدُ مساعدتَكِ إذا كنتِ قادرةً.
اعتراها إرباكٌ وهي تنظرُ إليهِ: هل جاءَ ليفاتحَنِي بمشاعرِهِ نحوي، جاء ليعرفَ إن كنتُ على علاقةٍ بشخصٍ ما، كي ينسحبَ.
قالت: أكيدْ لا أقصّر في أي شيءٍ أكونُ قادرةً عليهِ. قالتها وهي ما تزالُ مركّزةً بنظراتِها إليهِ، وتزدادُ إرباكاً، فقال: يومَ الحادثِ يا بنة عمّي، رأيتُ بطريقةٍ عجيبةٍ فتاةً كانتْ مُرتميةً بجانبي في الصّالةِ، أريدُ أنْ أعرفَ إن كانتْ حيةً، أم ميتةً . ❝