█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ وتأمل كيف اُشتُقَّ للنبي ﷺ من وصفه اسمان مطابقان لمعناه ، وهما أحمد ومحمد ، فهو لكثرة ما فيه من الصفات المحمودة محمد ، ولشرفها وفضلها على صفات غيره ، أحمد ، فارتبط الاسم بالمُسمى ارتباط الروح بالجسد ، وكذلك تكنيته لأبي الحكم بن هشام بأبي جهل كنية مطابقة لوصفه ومعناه ، وهو أحقُّ الخَلْقِ بهذه الكنية ، وكذلك تكنية الله عز وجل لعبد العُزَّى بأبي لهب ، لما كان مصيره إلى نار ذات لهب كانت هذه الكنية أليق به وأوفق ، وهو بها أحقُّ وأخلقُ ، ولما قَدِمَ النبي ﷺ المدينة ، واسمها يَثْرِبُ لا تُعرف بغير هذا الاسم ، غَيَّره بطيبة ، لما زال عنها ما في لفظ يثرب من التثريب بما في معنى طيبة من الطيب ، استحقت هذا الاسم ، وازدادت به طيباً آخر ، فأثر طيبها في استحقاق الاسم ، وزادها طيباً إلى طيبها . ❝
❞ أَبُو القَاسِم مُحَمَّد بنِ عَبد الله بنِ عَبدِ المُطَّلِب (22 أبريل 571 - 8 يونيو 632) هو رسول الله إلى الإنس والجن في الإسلام؛ أُرسِل ليعيدهم إلى توحيد الله وعبادته شأنه شأن كل الأنبياء والمُرسَلين، وهو خاتمهم، وأُرسِل للنَّاس كافَّة، ويؤمنون أيضا بأنّه أشرف المخلوقات وسيّد البشر، كما يعتقدون فيه العِصمة.
عند ذكر اسمه، يُلحِق المسلمون عبارة «صلى الله عليه وسلم» مع إضافة «وآله» و«وصحبه» في بعض الأحيان، لِمَا جاء في القرآن والسنة النبوية مما يحثهم على الصلاة عليه. ترك محمد أثرًا كبيرًا في نفوس المسلمين، وكثرت مظاهر محبّتهم وتعظيمهم له باتباعهم لأمره وأسلوب حياته وتعبده لله، وقيامهم بحفظ أقواله وأفعاله وصفاته وجمع ذلك في كتب عُرفت بكتب السّيرة والحديث النبوي، واحتفالهم بمولده في شهر ربيع الأول في كل عام. اعتبره الكاتب اليهودي مايكل هارت أعظم الشخصيّات أثرًا في تاريخ الإنسانية كلّها باعتباره «الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحًا مطلقًا على المستوى الديني والدنيوي».
وُلد في مكة في شهر ربيع الأول من عام الفيل قبل ثلاث وخمسين سنة من الهجرة (هجرته من مكة إلى المدينة)، ما يوافق سنة 570 أو 571 ميلادياً و52 ق هـ. ولد يتيم الأب، وفقد أمه في سنّ مبكرة فتربى في كنف جده عبد المطلب، ثم من بعده عمه أبي طالب حيث ترعرع، وكان في تلك الفترة يعمل بالرعي ثم بالتجارة. تزوج في سنِّ الخامسة والعشرين من خديجة بنت خويلد وأنجب منها كل أولاده باستثناء إبراهيم. كان قبل الإسلام يرفض عبادة الأوثان والممارسات الوثنية التي كانت منتشرة في مكة.
ويؤمن المسلمون أن الوحي نزل عليه وكُلّف بالرسالة وهو ذو أربعين سنة، أمر بالدعوة سرًا لثلاث سنوات، قضى بعدهنّ عشر سنوات أُخَر في مكة مجاهرًا بدعوة أهلها، وكل من يرد إليها من التجار والحجيج وغيرهم. هاجر إلى المدينة المنورة والمسماة يثرب آنذاك عام 622م وهو في الثالثة والخمسين من عمره بعد أن تآمر عليه سادات قريش ممن عارضوا دعوته وسعوا إلى قتله، فعاش فيها عشر سنين أُخر داعيًا إلى الإسلام، وأسس بها نواة الحضارة الإسلامية، التي توسعت لاحقًا وشملت مكة وكل المدن والقبائل العربية، حيث وحَّد العرب لأول مرة على ديانة توحيدية ودولة موحدة، ودعا لنبذ العنصرية والعصبية القبلية . ❝
❞ في اليوم الثالث بعد الخروج من الغار .. بات الجميع في منطقة وادي لقف.
وهي منطقة توازي "الأبواء" .. التي يمر بها طريق القوافل.
الأبواء!
كان قد مر بها عليه الصلاة السلام قبل ذلك.
قبل ذلك بكثير، قرابة الخمسين عامًا.
كان طفلًا في السادسة، لكن من الصعب على أي طفل أن ينسى ما حدث يومها.
ذكرى كهذه ستبدو دومًا كما لو أنها حدثت للتو.
يومها كان مع أمه عائدين إلى مكة وحيدًا مع بقية القافلة. حدث كل شيء سريعًا مثل طعنة لا تنسى في الذاكرة.
لعل الدليل يومها أشار إلى الأبواء، غربي وادي قلف، حيث باتوا ليلتها.
ولعله عليه الصلاة والسلام نظر إلى الأفق بالاتجاه الذي يضم رفات أمه ... كم تغير كل شيء خلال هذه العقود التي تفصل بين الرحلتين، ها هو يعود إلى يثرب في رحلة مختلفة عن كل ما عرفه العرب...
تراه تذكر المنام الذي رأته أمه يوم أنجبته؟
النور الذي خرج منها ليضيء قصور الشام!
كان النور قد سار ووصل الآن إلى يثرب ... وستبقى مسيرة النور مستمرة إلى أن تضيء مناطق لم تسمع آمنة بوجودها...
لا أتحدث عن قارات ومدن لم تسمع بها، بل عن النور يتوغل في مجاهل النفس البشرية، يضيء حياة آخرين ولدوا بعد قرون مما رأته السيدة آمنة .. يجدون أنفسهم في حياته عليه الصلاة والسلام، في كلمة قالها، في موقف له، في دعاء دعاه ذات شدة، في تسبيحة ذكر قالها وقت رخاء...
مهما كان فهمها لدور ابنها عميقًا ... فلا يمكن أن تكون استوعبت "كل هذا النور"...
بطريقة ما، ما رأته السيدة آمنة لا يمكن له أن يتوقف...
الأحداث تنتهي، تصبح فعلًا ماضيًا لا سبيل لتغيير صيغته...
لكن النور الخارج من تلك الأحداث، سيبقى يسير..
وستبقى سيرة هذا النور مستمرة...
عليه الصلاة والسلام . ❝
❞ وسوف تذكر « مكة » عودته هذه ، يوم يخرج منها بعد أقل من نصف قرن ،تحت جنح الظلام ، مهاجرا بدينه الجديد إلى«يثرب » في صحبة شيخ صديق ، وقريش من ورائه تعدو في أثره وتلح في طلبه .
وكذلك سوف تذكر « مكة » عودة الصبي اليتيم من دار هجرته عام الفتح ، ويدخلها ظافراً منتصراً ليحطم الأصنام التي شوهت جلال الحرم ، ويهتف من أعلى البيت الحرام:
هذه ، يوم يرجع إليها
« الله أكبر ! »
فترجع أرجاء الجزيرة هذا الدعاء ... ، ثم تتجاوب به آفاق الأرض على مر العصور والأجيال . ❝