❞ وكان من هديه ﷺ إذا علم من الرجل أنه من أهل الزكاة أعطاه ، وإن سأله أحد من أهل الزكاة ولم يعرف حاله ، أعطاه بعد أن يخبره أنه لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب ، وكان يأخذها من أهلها ويضعها في حقها ، وكان من هديه ﷺ تفريق الزكاة على المستحقين الذين في بلد المال ، وما فضل عنهم منها حُملت إليه ، ففرقها هو ، ولذلك كان يبعث سعاته إلى البوادي ، ولم يكن يبعثهم إلى القُرى ، بل أمر معاذ بن جبل أن يأخذ الصدقة من أغنياء أهل اليمن ، ويُعطيها فقراءهم ، ولم يأمره بحملها إليه ، ولم يكن من هديه ﷺ أن يبعث سعاته إلَّا إلى أهل الأموال الظاهرة من المواشي والزروع والثمار ، وكان يبعث الخارِصَ فيخرص على أرباب النخيل تمر نخيلهم ، وينظر كم يجيء منه وَسْقاً ، فَيَحْسِبُ عليهم من الزكاة بقدره ، وكان يأمر الخَارِصَ أن يدع لهم الثلث أو الربع ، فلا يخرصه عليهم لما يعروُ النخيل من النوائب ، وكان هذا الخرصُ لكي تُحصى الزكاة قبل أن تؤكل الثمارُ وتُصْرَمَ ، وليتصرف فيها أربابها بما شاؤوا ، ويضمنوا قدر الزكاة ، ولذلك كان يبعث الخارِصَ إلى من ساقاه من أهل خيبر وزارعه فيخرص عليهم الثمار والزروع ، ويُضمِّنُهم شطرها ، وكان يبعث إليهم عبد الله بن رواحة ، فأرادوا أن يَرشُوه ، فقال عبد الله : تُطعموني السُّحتَ ؟! والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إليَّ ، ولأنتُم أبغض إليَّ من عِدَّتِكم من القردة والخنازير ، ولا يحملني بغضي لكم وحُبي إياه ، أن لا أعدل عليكم ، فقالوا : بهذا قامت السماوات والأرض ، ولم يكن من هديه ﷺ أخذ الزكاة من الخيل ، والرقيق ، ولا البغال ولا الحمير ، ولا الخضراوات ولا المباطخ والمقاتي والفواكه التي لا تكال ولا تدَّخر ، إلَّا العنب والرُّطب فإنه كان يأخذ الزكاة منه جملة ولم يفرق بين ما يبس منه وما لم ييبس ، واُختلف عنه في العسل ، وكان ﷺ إذا جاءه الرجل بالزكاة دعا له فتارة يقول ( اللَّهُمَّ بَارِك فيه وفي إبله ) ، وتارة يقول ( اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ ) ، ولم يكن من هديه ﷺ أخذ كرائم الأموال في الزكاة ، بل وسط المال ، ولهذا نهى معاذا عن ذلك ، وكان ﷺ ينهى المتصدق أن يشتري صدقته ، وكان يبيح للغني أن يأكل من الصدقة إذا أهداها إليه الفقير ، وأكل ﷺ من لحم تُصدِّقَ به على بريرة وقال ( هوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ ولنا مِنْها هَدِية ) ، وكان ﷺ أحياناً يستدين لمصالح المسلمين على الصدقة ، كما جهز جيشاً فَنَفِدَتِ الإبل ، فأمر عبد الله بن عمرو أن يأخذ من قلائص الصدقة ، وكان ﷺ يَسِمُ إبل الصَّدَقَةِ بيده ، وكان ﷺ يَسِمُها في آذانها . وكان ﷺ إذا عراه أمر ، استسلف الصدقة من أربابها ، كما استسلف من العباس رضي الله عنه صدقة عامين. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وكان من هديه ﷺ إذا علم من الرجل أنه من أهل الزكاة أعطاه ، وإن سأله أحد من أهل الزكاة ولم يعرف حاله ، أعطاه بعد أن يخبره أنه لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب ، وكان يأخذها من أهلها ويضعها في حقها ، وكان من هديه ﷺ تفريق الزكاة على المستحقين الذين في بلد المال ، وما فضل عنهم منها حُملت إليه ، ففرقها هو ، ولذلك كان يبعث سعاته إلى البوادي ، ولم يكن يبعثهم إلى القُرى ، بل أمر معاذ بن جبل أن يأخذ الصدقة من أغنياء أهل اليمن ، ويُعطيها فقراءهم ، ولم يأمره بحملها إليه ، ولم يكن من هديه ﷺ أن يبعث سعاته إلَّا إلى أهل الأموال الظاهرة من المواشي والزروع والثمار ، وكان يبعث الخارِصَ فيخرص على أرباب النخيل تمر نخيلهم ، وينظر كم يجيء منه وَسْقاً ، فَيَحْسِبُ عليهم من الزكاة بقدره ، وكان يأمر الخَارِصَ أن يدع لهم الثلث أو الربع ، فلا يخرصه عليهم لما يعروُ النخيل من النوائب ، وكان هذا الخرصُ لكي تُحصى الزكاة قبل أن تؤكل الثمارُ وتُصْرَمَ ، وليتصرف فيها أربابها بما شاؤوا ، ويضمنوا قدر الزكاة ، ولذلك كان يبعث الخارِصَ إلى من ساقاه من أهل خيبر وزارعه فيخرص عليهم الثمار والزروع ، ويُضمِّنُهم شطرها ، وكان يبعث إليهم عبد الله بن رواحة ، فأرادوا أن يَرشُوه ، فقال عبد الله : تُطعموني السُّحتَ ؟! والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إليَّ ، ولأنتُم أبغض إليَّ من عِدَّتِكم من القردة والخنازير ، ولا يحملني بغضي لكم وحُبي إياه ، أن لا أعدل عليكم ، فقالوا : بهذا قامت السماوات والأرض ، ولم يكن من هديه ﷺ أخذ الزكاة من الخيل ، والرقيق ، ولا البغال ولا الحمير ، ولا الخضراوات ولا المباطخ والمقاتي والفواكه التي لا تكال ولا تدَّخر ، إلَّا العنب والرُّطب فإنه كان يأخذ الزكاة منه جملة ولم يفرق بين ما يبس منه وما لم ييبس ، واُختلف عنه في العسل ، وكان ﷺ إذا جاءه الرجل بالزكاة دعا له فتارة يقول ( اللَّهُمَّ بَارِك فيه وفي إبله ) ، وتارة يقول ( اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ ) ، ولم يكن من هديه ﷺ أخذ كرائم الأموال في الزكاة ، بل وسط المال ، ولهذا نهى معاذا عن ذلك ، وكان ﷺ ينهى المتصدق أن يشتري صدقته ، وكان يبيح للغني أن يأكل من الصدقة إذا أهداها إليه الفقير ، وأكل ﷺ من لحم تُصدِّقَ به على بريرة وقال ( هوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ ولنا مِنْها هَدِية ) ، وكان ﷺ أحياناً يستدين لمصالح المسلمين على الصدقة ، كما جهز جيشاً فَنَفِدَتِ الإبل ، فأمر عبد الله بن عمرو أن يأخذ من قلائص الصدقة ، وكان ﷺ يَسِمُ إبل الصَّدَقَةِ بيده ، وكان ﷺ يَسِمُها في آذانها . وكان ﷺ إذا عراه أمر ، استسلف الصدقة من أربابها ، كما استسلف من العباس رضي الله عنه صدقة عامين. ❝
❞ والسفينة التي جاء ذكرها في سورة الكهف مَثل من أمثلة تلك الخفايا .. فهي سفينه كانت لمساكين يعملون في البحر .. و كان في أعلى البحر ملك يتربص لكل سفينه فيأخذها غصبًا . . ولم يكن موسى يعلم من أمر هذا الملك شيئًا ولا أصحاب السفينه المساكين كانوا يدرون شيئًا عمّا ينتظرهم . . الوحيد الذي كان يعلم كان رجلًا حكيمًا آتاه الله العلم. وعمدَ الرجل الى السفينه فخرقها ليرى فيها الملك شيئًا تالفًا هالكًا لا يستحق أن يغصبه فيتركها لأهلها .
وفوجيء موسى بهذا العدوان الصارخ وهذا الإتلاف المتعمد الذي يقوم به الرجل لشئ لا يملكه، ورأى فيما يفعله جريمة غادرة بدون وجه حقّ . . ولم يستطع صبرًا ولا سكوتًا ورفع صوته بالاحتجاج والاعتراض. . وكان على خطأ في اعتراضه ولم يدرك أن ما يفعله الرجل هو الإنقاذ وليس التخريب .
وكانت هذه القصة درساً لموسى ليتعلم التواضع وليعرف أن هناك من يعلم أكثر منه . .
وهي درس لنا لنعلم أن لا شيء يحدث عبثاً .. وأن وراء الأقدار التي تبدو غادرة في مظهرها حكمة . .
وأن كل قطرة دم تسيل لا تُهدَر سُدَى وإن ظهر لنا من سطح الحوادث أنها أُهدرت سُدَى .. إنها تبدو كالعبث و اللامعقول بالنسبة لمن لا يعرف كيف يقرأ الحوادث، ولكن الذين أوتوا البصائر يعرفون أنه سيكون لها دور لأن كل سطر في ملحمة الوجود له معنى .
من كتـــاب " رأيـت اللــّـه "
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ والسفينة التي جاء ذكرها في سورة الكهف مَثل من أمثلة تلك الخفايا . فهي سفينه كانت لمساكين يعملون في البحر . و كان في أعلى البحر ملك يتربص لكل سفينه فيأخذها غصبًا . . ولم يكن موسى يعلم من أمر هذا الملك شيئًا ولا أصحاب السفينه المساكين كانوا يدرون شيئًا عمّا ينتظرهم . . الوحيد الذي كان يعلم كان رجلًا حكيمًا آتاه الله العلم. وعمدَ الرجل الى السفينه فخرقها ليرى فيها الملك شيئًا تالفًا هالكًا لا يستحق أن يغصبه فيتركها لأهلها .
وفوجيء موسى بهذا العدوان الصارخ وهذا الإتلاف المتعمد الذي يقوم به الرجل لشئ لا يملكه، ورأى فيما يفعله جريمة غادرة بدون وجه حقّ . . ولم يستطع صبرًا ولا سكوتًا ورفع صوته بالاحتجاج والاعتراض. . وكان على خطأ في اعتراضه ولم يدرك أن ما يفعله الرجل هو الإنقاذ وليس التخريب .
وكانت هذه القصة درساً لموسى ليتعلم التواضع وليعرف أن هناك من يعلم أكثر منه . .
وهي درس لنا لنعلم أن لا شيء يحدث عبثاً . وأن وراء الأقدار التي تبدو غادرة في مظهرها حكمة . .
وأن كل قطرة دم تسيل لا تُهدَر سُدَى وإن ظهر لنا من سطح الحوادث أنها أُهدرت سُدَى . إنها تبدو كالعبث و اللامعقول بالنسبة لمن لا يعرف كيف يقرأ الحوادث، ولكن الذين أوتوا البصائر يعرفون أنه سيكون لها دور لأن كل سطر في ملحمة الوجود له معنى .
من كتـــاب " رأيـت اللــّـه "
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝
❞ قدوم وفد بني فَزَارة على رسول الله ﷺ ..
ولما رجع رسول الله ﷺ مِن تبوك ، قَدِمَ عليه وفد بني فَزَارة بِضعة عشر رجلاً فيهم خارجة بن حصن ، والحُرُّ بن قيس ابن أخي عُيينة بن حصن ، وهو أصغرهم ، فنزلوا في دار رملة بنت الحارث وجاؤوا رسول الله ﷺ مُقرين بالإسلام وهم مُسنِتونَ على رِكاب عِجاف ، فسألهم رسول الله ﷺ عن بلادهم ، فقال أحدهم : يا رسول الله ! اسنتت بلادنا ، وَهَلَكَتْ مواشينا ، وأجدب جنابنا ، وغَرثَ ( جاع ) عيالنا، فادع لنا ربك يُغيثُنا ، واشفع لنا إلى ربك ، وليشفع لنا ربُّك إليك ، فقال رسول الله ﷺ ( سُبْحانَ الله وَيْلَكَ هذا إِنَّما شَفَعْتُ إِلى رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ ، فَمَنِ الَّذِي يَشْفَعُ رَبُّنا إليه ؟ لا إله إلا هو العَظِيمُ ، وَسِعَ كُرْسِيه السماواتِ والأرضَ فَهِي تَئطُ مِنْ عَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ كَما يَئطُ الرَّحلُ الجَدِيد ) ، وقال رسول الله ﷺ ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لِيَضْحَكُ مِنْ شَغَفِكُمْ وَأَزْلِكُمْ ، وَقُربِ غِيَاثكُمْ ) ، فقال الأعرابي : يا رسول الله ! ويضحك ربنا عز وجل؟ قال ﷺ ( نعم ) ، فقال الأعرابي : لَنْ نَعْدَم مِنْ رَبِّ يضحَكُ خيراً، فضحِكَ النبي ﷺ من قوله ، وصعِدَ المنبر ، فتكلم بكلمات ، وكان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا رفع الاستسقاء ، فرفع يديه حتى رؤي بياض إبطيه ، وكان مما حُفِظَ دعائه ﷺ ( اللهُمَّ اسْقِ بَلادَكَ وبَهَائِمَكَ ، وانْشُرْ رَحْمَتَكَ ، وأحييْ بَلَدَكَ الميت ، اللهُمَّ اسْقِنا غَيْئاً مُغيثاً مَرِيئًا مَرِيعا طَبقاً واسعاً عَاجِلا غَيْرَ آجِلٍ نَافِعاً غَيْرَ ضَارُ ، اللَّهُمَّ سُقْيا رَحْمَةٍ لا سُقْيًا عَذَابٍ ولا هَدم ، ولا غَرَقٍ ، ولا مَحْق ، اللَّهُمَّ اسْقِنا الغيثَ وانْصُرنا على الأَعْدَاء ). ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ قدوم وفد بني فَزَارة على رسول الله ﷺ .
ولما رجع رسول الله ﷺ مِن تبوك ، قَدِمَ عليه وفد بني فَزَارة بِضعة عشر رجلاً فيهم خارجة بن حصن ، والحُرُّ بن قيس ابن أخي عُيينة بن حصن ، وهو أصغرهم ، فنزلوا في دار رملة بنت الحارث وجاؤوا رسول الله ﷺ مُقرين بالإسلام وهم مُسنِتونَ على رِكاب عِجاف ، فسألهم رسول الله ﷺ عن بلادهم ، فقال أحدهم : يا رسول الله ! اسنتت بلادنا ، وَهَلَكَتْ مواشينا ، وأجدب جنابنا ، وغَرثَ ( جاع ) عيالنا، فادع لنا ربك يُغيثُنا ، واشفع لنا إلى ربك ، وليشفع لنا ربُّك إليك ، فقال رسول الله ﷺ ( سُبْحانَ الله وَيْلَكَ هذا إِنَّما شَفَعْتُ إِلى رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ ، فَمَنِ الَّذِي يَشْفَعُ رَبُّنا إليه ؟ لا إله إلا هو العَظِيمُ ، وَسِعَ كُرْسِيه السماواتِ والأرضَ فَهِي تَئطُ مِنْ عَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ كَما يَئطُ الرَّحلُ الجَدِيد ) ، وقال رسول الله ﷺ ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لِيَضْحَكُ مِنْ شَغَفِكُمْ وَأَزْلِكُمْ ، وَقُربِ غِيَاثكُمْ ) ، فقال الأعرابي : يا رسول الله ! ويضحك ربنا عز وجل؟ قال ﷺ ( نعم ) ، فقال الأعرابي : لَنْ نَعْدَم مِنْ رَبِّ يضحَكُ خيراً، فضحِكَ النبي ﷺ من قوله ، وصعِدَ المنبر ، فتكلم بكلمات ، وكان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا رفع الاستسقاء ، فرفع يديه حتى رؤي بياض إبطيه ، وكان مما حُفِظَ دعائه ﷺ ( اللهُمَّ اسْقِ بَلادَكَ وبَهَائِمَكَ ، وانْشُرْ رَحْمَتَكَ ، وأحييْ بَلَدَكَ الميت ، اللهُمَّ اسْقِنا غَيْئاً مُغيثاً مَرِيئًا مَرِيعا طَبقاً واسعاً عَاجِلا غَيْرَ آجِلٍ نَافِعاً غَيْرَ ضَارُ ، اللَّهُمَّ سُقْيا رَحْمَةٍ لا سُقْيًا عَذَابٍ ولا هَدم ، ولا غَرَقٍ ، ولا مَحْق ، اللَّهُمَّ اسْقِنا الغيثَ وانْصُرنا على الأَعْدَاء ). ❝