█ وكان من هديه ﷺ إذا علم الرجل أنه أهل الزكاة أعطاه وإن سأله أحد ولم يعرف حاله بعد أن يخبره لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب يأخذها أهلها ويضعها حقها تفريق المستحقين الذين بلد المال وما فضل عنهم منها حُملت إليه ففرقها هو ولذلك كان يبعث سعاته إلى البوادي يكن يبعثهم القُرى بل أمر معاذ بن جبل يأخذ الصدقة أغنياء اليمن ويُعطيها فقراءهم يأمره بحملها إلَّا الأموال الظاهرة المواشي والزروع والثمار الخارِصَ فيخرص أرباب النخيل تمر نخيلهم وينظر كم يجيء منه وَسْقاً فَيَحْسِبُ عليهم بقدره يأمر الخَارِصَ يدع لهم الثلث أو الربع فلا يخرصه لما يعروُ النوائب هذا الخرصُ لكي تُحصى قبل تؤكل الثمارُ وتُصْرَمَ وليتصرف أربابها بما شاؤوا ويضمنوا قدر ساقاه خيبر وزارعه الثمار ويُضمِّنُهم شطرها إليهم عبد الله رواحة فأرادوا يَرشُوه فقال : تُطعموني السُّحتَ ؟! والله لقد جئتكم عند أحب كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف الكتب أثناء السفر تكن معه أية مصادر ينقل ما يحتاج أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم القيم يحفظ مسند الإمام أحمد حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ وكان ﷺ يقول بعد الإستفتاح للصلاة : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، ثم يقرأ الفاتحة ، وكان يجهر ب بسم الله الرحمن الرحيم ، تارة ، ويخفيها أكثر مما يجهر بها ، كانت قراءته مداً ، يقف عند كل آية ، ويَمُد بها صوته ، فإذا فرغ من قراءة الفاتحة قال : آمين ، فإن كان يجهر بالقراءة رفع بها صوته ، وقالها من خلفه ، وكان له سكتتان ، سكتة بين التكبير والقراءة ، وعنها سأله أبو هريرة ، واختلف في الثانية ، فروي أنها بعد الفاتحة ، وقيل إنها بعد القراءة وقبل الركوع ، وقيل هي سكتتان غير الأولى ، فتكون ثلاثاً ، والظاهر إنما هي اثنتان فقط ، وأما الثالثة فلطيفة جداً لأجل تَراد النّفس ، ولم يكن يَصِل القراءة بالركوع ، بخلاف السكتة الأولى ، فإنه كان يجعلها بقدر الاستفتاح ، والثانية قد قيل إنها لأجل قراءة المأموم ، فعلى هذا ينبغي تطويلها بقدر قراءة الفاتحة ، وأما الثالثة ، فللراحة والنفس فقط ، وهي سكتة لطيفة ، فمن لم يذكرها فلقصرها ، ومن اعتبرها جعلها سكتة ثالثة ، فلا اختلاف بين الروايتين ، فإذا فرغ من الفاتحة أخذ في سورة غيرها ، وكان يُطيلها تارة ، ويُخففها لعارض من سفر أو لغيره ، ويتوسط فيها غالبا . ❝
❞ فلما كان في رمضان من السنة الثانية للهجرة ، بلغ رسول الله ﷺ خبر العير المقبلة من الشام لقريش صحبة أبي سفيان ، وهي العير التي خرجوا في طلبها لما خرجت من مكة ، وكانوا نحو أربعين رجلاً ، وفيها أموال عظيمة لقريش ، فندب رسول الله ﷺ الناس للخروج إليها ، وأمر من كان ظهره حاضراً بالنهوض ، ولم يحتفل لها احتفالاً بليغاً ، لأنه خرج مُسْرِعاً في ثلاثمئة وبضعة عشر رجلاً ، ولم يكن معهم من الخيل إلَّا فَرَسانِ : فرس للزبير بن العوام ، وفرس للمقداد بن الأسود الكندي ، وكان معهم سبعون بعيراً يَعتَقِبُ الرجلان والثلاثةُ على البعير الواحد ، فكان رسول الله ﷺ ، وعلي ، ومَرْثَدُ بنُ أَبي مَرْتَدِ الغَنوي ، يعتقبُون بعيراً ، وزيد بن حارثة ، وابنه وكبشة موالي رسول الله ﷺ ، يعتَقِبُونَ بعيراً ، وأبو بكر ، وعمر ، وعبد الرحمن بن عوف يعتقبُونَ بعيراً ، واستخلف على المدينة وعلى الصلاة ابن أم مكتوم ، فلما كان بالرَّوحاء ، رَدَّ أبا لبابة بن عبد المنذر ، واستعمله على المدينة ، ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير ، والراية الواحدة إلى علي بن أبي طالب ، والأخرى التي للأنصار إلى سعد بن معاذ ، وجعل على الساقة قيس بن أبي صَعْصَعَةً ، وسار ، فلما قَرُبَ مِن الصَّفْرَاء ، بعث بَسْبَسَ بنَ عمرو الجهني ، وعدي بن أبي الزغباء إلى بدر يتجسسان أخبار العير ، وأما أبو سفيان ، فإنه بلغه مخرج رسول الله ﷺ وقصده إياه ، فاستأجر ضَمْضَمَ بن عمرو الغفاري إلى مكة ، مُستضرخاً لقريش بالنفير إلى عيرهم ، ليمنعوه من محمد وأصحابه ، وبلغ الصريخ أهل مكة ، فنهضوا مسرعين ، وأوعبوا في الخروج ، فلم يتخلف من أشرافهم أحد سوى أبي لهب ، فإنه عوض عنه رجلاً كان له عليه دين ، وحشدُوا فيمن حولهم من قبائل العرب ، ولم يتخلف عنهم أحد من بطون قريش إلا بني عدي ، فلم يخرُج معهم منهم أحد ، وخرجوا من ديارهم كما قال تعالى { بَطَرًا وَرِثَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عن سَبِيلِ اللَّهِ } ، وأقبلوا كما قال رسول الله ﷺ ( بِحَدِّهِمْ وَحَدِيدِهِم ، تُحَادُّهُ وتُحَادُّ رَسُولَه ) ، وجاؤوا على حَرْدٍ قادرين ، وعلى حمية ، وغضب ، وحَنَقٍ على رسول الله ﷺ وأصحابه ، لما يُريدون من أخذ عيرهم ، وقتل من فيها ، وقد أصابوا بالأمس عمرو بن الحضرمي ، والعير التي كانت معه ، فجمعهما الله على غير ميعاد كما قال الله تعالى { وَلَوْ تواعَدتُّمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَد ولكن ليقضى الله أمرا كَانَ مَفْعُولاً } ، ولما بلغ رسول الله ﷺ خروجُ قريش ، استشار أصحابه ، فتكلم المهاجرون فأحسَنُوا ، ثم استشارهم ثانياً ، فتكلم المهاجرون فأحسنوا ، ثم استشارهم ثالثاً ، ففهمت الأنصار أنه يعنيهم ، فبادر سعدُ بنُ معاذ ، فقال : يا رسول الله ! كَأَنَّكَ تُعَرِّضُ بنا ؟ وكان إنما يعنيهم ، لأنهم بايعوه على أن يمنعوه من الأحمر والأسود في ديارهم ، فلما عزم على الخروج ، استشارهم ليعلم ما عندهم ، فقال له سعد : لَعَلَّكَ تَخْشَى أَنْ تَكُون الأَنصارُ تَرَى حقاً عليها أن لا ينصروك إلا في ديارها ، وإني أقول عن الأنصار ، وأجيب عنهم : فاظْعَنْ حَيْثُ شِئْتَ ، وَصِلْ حَبْلَ مَنْ شِئْتَ ، وَاقْطَعْ حَبْلَ مَنْ شِئْتَ ، وَخُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا شِئْتَ ، وَأعطِنَا مَا شِئْتَ ، وَمَا أَخَذْتَ مِنَّا كَانَ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِمَّا تَرَكْتَ ، وَمَا أَمَرْتَ فِيهِ مِنْ أَمْرٍ فَأَمْرُنَا تَبَعٌ لأَمْرِكَ ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ سِرْتَ حَتَّى تَبْلُعَ البَرْكَ مِنْ عمدانَ ، لَنَسِيَرَنَّ مَعَكَ ، وَوَاللَّهِ لَيْنِ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا هَذا البَحْرَ خُضْنَاهُ مَعَكَ ، وقَالَ لَهُ المَقْدَادُ : لا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسى : اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ ، وَلَكِنَّا نُقَاتِلُ عَنْ يَمِينكَ ، وَعَنْ شِمَالِكَ ، وَمِنْ بَيْنِ يَدَيْكَ ، وَمِنْ خَلْفِكَ ، فأشرق وَجْهُ رَسُولِ اللهِ ﷺ ، وَسُرَّ بِمَا سَمِعَ مِنْ أصحابه ، وقال ﷺ ( سِيرُوا وأبشروا ، فإنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَنِي إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ ، وإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَصارِعَ القَوْمِ ) . ❝
❞ كان دأبه ﷺ في إحرامه للصلاة لفظة ( الله أكبر ) وكان يرفع يديه معها ممدودة الأصابع ، مستقبلاً بها القبلة إلى فروع أذنيه ، وروي إلى منكبيه ، فأبو حميد الساعدي ومن معه قالوا : حتى يحاذي بهما المنكبين ، وكذلك قال ابن عمر ، وقال وائل بن حجر : إلى حيال أذنيه ، وقال البراء : قريباً من أذنيه . وقيل : هو من العمل المخير فيه ، وقيل : كان أعلاها إلى فروع أذنيه ، وكفاه إلى منكبيه ، فلا يكون اختلافاً ، ولم يختلف عنه في محل هذا الرفع .
ثم يضع اليمني على ظهر اليسرى ، وكان يستفتح تارة بـ ( اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد ، اللهم نقني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ) وتارة يقول ( اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل ، فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهـدنـي لمـا اختلـف فيـه مـن الـحـق بإذنك ، إنك تهـدي مـن تـشـاء إلى صراط ) وتـارة يقول ( اللهم لك الحمد ، أنـت نـور السّماوات والأرض ، ومن فيهن .. ) الحديث ، وتارة يقول ( الله أكبر ثلاثاً ، الحمد لله كثيراً ثلاثا ، وسبحان الله بكرة وأصيلاً ثلاثا ، اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه) ، وتارة يقول ( الله أكبر عشر مرات ، ثم يسبح عشر مرات ، ثم يحمد عشراً ، ثم يهلل عشراً ، ثم يستغفر عشراً ) ثم يقول ( اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني عشراً ) ثم يقول ( اللهم إني أعوذ بك من ضيق المقام يوم القيامة عشرا ) فكل هذه الأنواع صحت عنه .
وروي عنه أنه كان يستفتح بـ ( سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك . ❝