█ فلما كان رمضان من السنة الثانية للهجرة بلغ رسول الله ﷺ خبر العير المقبلة الشام لقريش صحبة أبي سفيان وهي التي خرجوا طلبها لما خرجت مكة وكانوا نحو أربعين رجلاً وفيها أموال عظيمة فندب الناس للخروج إليها وأمر ظهره حاضراً بالنهوض ولم يحتفل لها احتفالاً بليغاً لأنه خرج مُسْرِعاً ثلاثمئة وبضعة عشر يكن معهم الخيل إلَّا فَرَسانِ : فرس للزبير بن العوام وفرس للمقداد الأسود الكندي وكان سبعون بعيراً يَعتَقِبُ الرجلان والثلاثةُ البعير الواحد فكان وعلي ومَرْثَدُ بنُ أَبي مَرْتَدِ الغَنوي يعتقبُون وزيد حارثة وابنه وكبشة موالي رسول يعتَقِبُونَ وأبو بكر وعمر وعبد الرحمن عوف يعتقبُونَ واستخلف المدينة وعلى الصلاة ابن أم مكتوم بالرَّوحاء رَدَّ أبا لبابة عبد المنذر واستعمله ودفع اللواء إلى مصعب عمير والراية الواحدة علي طالب والأخرى للأنصار سعد معاذ وجعل الساقة قيس صَعْصَعَةً وسار قَرُبَ مِن الصَّفْرَاء بعث بَسْبَسَ بنَ عمرو الجهني وعدي الزغباء بدر كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر تكن معه أية مصادر ينقل منها ما يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم أن القيم يحفظ مسند الإمام أحمد حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ ثبت عنه ﷺ أنه مر بصبيان فسلم عليهم ، ذكره مسلم ، وذكر الترمذي في جامعه عنه ﷺ مَرَّ يَوْماً بجماعة نسوة ، فألوى بيده بالتسليم ، وقال أبو داود عن أسماء بنت يزيد مر علينا النبي ﷺ في نسوة ، فسلم علينا ، وفي صحيح البخاري أن الصحابة كانوا ينصرفُونَ مِن الجمعة فَيَمُرُّونَ عَلَى عجوز في طريقهم ، فَيُسلمون عليها ، فتقدم لهم طعاماً من أصول السلق والشعير ، وهذا هو الصواب في مسألة السلام على النساء يُسلم على العجوز وذوات المحارم دون غيرهن ، وثبت عنه ﷺ في صحيح البخاري وغيره تسليم الصغير على الكبير ، والمارّ على القاعد ، والراكب على الماشي ، والقليل على الكثير ، وفي جامع الترمذي عنه ﷺ : يُسلّم الماشي على القائم ، وفي مسند البزار عنه ﷺ : يسلم الراكب على الماشي ، والماشي على القاعد ، والماشيان أيهما بدأ فهو أفضل ، وفي سنن أبي داود عنه ﷺ ( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بالسَّلَامِ ) ، وكان من هديه ﷺ السلام عند المجيء إلى القوم ، والسلام عند الإنصراف عنهم ، وثبت عنه ﷺ أنه قال ( إِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ ، فَلْيُسَلِّمْ ، وَإِذَا قَامَ ، فَلْيُسَلِّمْ ، وَلَيْسَتِ الأُولَى أَحَقَّ مِنَ الآخِرَةِ ) ، وذكر أبو داود عنه ﷺ ( إذا لَقِيَ أَحَدُكُمْ صَاحِبَهُ فَلْيُسَلِّم عَلَيْهِ ، فَإِنْ حَالَ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَو جِدَارٌ ، ثُمَّ لَقِيَهُ ، فَلْيُسَلَّمْ عَلَيْهِ أَيْضاً) ، وقال أنس : كان أصحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَتَمَاشَوْنَ ، فَإِذَا اسْتَقْبَلَتْهُم شَجَرَةٌ أَوْ أَكَمَةٌ ، تَفَرَّقُوا يَمِيناً وَشِمَالاً ، وَإِذَا الْتَقَوْا مِنْ وَرَائِهَا ، سَلَّمَ بَعْضُهُم عَلَى بعض . ❝
❞ بعض ما في قصة الحديبية من الفوائد الفقهية ...
فمنها🔸️اعتمارُ النبي ﷺ في أشهر الحج ، فإنه خرج إليها في ذي القعدة🔸️ومنها : أن الإحرام بالعُمرة من الميقات أفضل ، كما أن الإحرام بالحج كذلك ، فإنه ﷺ أحرم بهما من ذي الحليفة ، وبينها وبين المدينة ميل أو نحوه🔸️ومنها : أن إشعار الهدي سُنَّة لا مُثَلَةٌ منهي عنها🔸️ومنها : استجاب مغايظة أعداء الله ، فإن النبي ﷺ أهدى في جملة هديه جملاً لأبي جهل في أَنْفِهِ بُرَةٌ مِن فضةٍ يغيظ به المشركين🔸️ومنها : أن أمير الجيش ينبغي له أن يبعثَ العُيونَ أمامه نحو العدو🔸️ومنها : أن الاستعانة بالمُشْرِكِ المأمون في الجهاد جائزة عند الحاجة ، لأن عُيَّنه الخزاعي كَانَ كافراً إذ ذاك ، وفيه من المصلحة أنه أقرب إلى اختلاطه بالعدو ، وأخذه أخبارهم🔸️ومنها : استحباب مشورة الإمام رعيته وجيشه ، استخراجاً لوجه الرأي ، واستطابة لنفوسهم ، لعتبهم ، وتعرفاً لمصلحة يختص بعلمها بعضُهم دونَ بعض ، وامتثالاً لأمر الرب في قوله تعالى { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ }🔸️ومنها : جواز سَبّي ذراري المشركين إذا انفردوا عن رجالهم قبل مقاتلة الرجال🔸️ومنها : ردُّ الكلام الباطل ولو نسب إلى غير مُكَلَّف ، فإنهم لما قالوا : خلأتِ القَصْوَاءُ ، يعني حَرَنَتْ والحَتْ فَلَمْ تَسِر ، والخلاء في الإبل بكسر الخاء والمد ، نظير الحران في الخيل ، فلما نسبوا إلى الناقة ما ليس من خُلُقِهَا وطبعها ، رده عليهم ﷺ ، وقال ( ما خَلَأَتْ ومَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُق ) ، ثم أخبر عن سبب بروكها ، وأن الذي حَبَسَ الفيل عن مكة حبسها للحكمة العظيمة التي ظهرت بسبب حبسها، وما جرى بعده🔸️ومنها : أن تسمية ما يُلابسه الرجلُ مِن مراكبه ونحوها سُنَّة🔸️ ومنها : جواز الحِلف بل استحبابه على الخبر الديني الذي يريد تأكيده ، وقد حفظ عن النبي ﷺ الحلف في أكثر من ثمانين موضعاً ، وأمره الله تعالى بالحَلِفِ على تصدِيقِ ما أخبر به في ثلاثة مواضع: في سورة يونس ، وسبأ ، والتغابن)🔸️ومنها : أن المُشْرِكين وأهل البدع والفجور والبغاة والظلمة ، إذا طَلَبُوا أمراً يُعَظْمُونَ فيه حُرمةً مِن حُرُماتِ الله تعالى أجيبوا إليه وأعطوه ، وأعينوا عليه وإن منعوا غيره فيُعاملون على ما فيه تعظيم حرمات الله تعالى لا على كفرهم وبغيهم ، ويُمنعون مما سوى ذلك ، فكُلُّ من التمس المعاونة على محبوب لِلَّهِ تعالي مُرْضِ له ، أجيب إلى ذلك كائناً من كان ، ما لم يترتب على إعانته على ذلك المحبوب مبغوض الله أعظم منه🔸️ومنها : أن النبي ﷺ عَدَلَ ذات اليمين إلى الحديبية ، قال الشافعي : بعضُهَا مِن الحِل ، وبعضُها مِن الحَرَم ، وروي الإمام أحمد في هذه القصة أن النبي ﷺ كان يُصلِّي في الحرم ، وهو مضطرب في الحِل ، وفي هذا كالدلالة على أن مضاعفة الصلاة بمكة تتعلق بجميع الحرم لا يخص بها المسجد الذي هو مكان الطواف ، وأن قوله ﷺ ( صَلَاةٌ في المَسْجِدِ الحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِئة صَلَاةٍ في مَسْجِدي ) كقوله تعالى { فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ } ، وقوله تعالى { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } ، وكان الإسراء من بيت أم هانی🔸️ومنها : أن من نزل قريباً من مكة ، فإنه ينبغي له أن ينزل في الحِل ، ويصلي في الحرم ، وكذلك كان ابنُ عمر يصنعُ🔸️ومنها : جواز ابتداء الإمام بطلب صلح العَدُوِّ إذا رأى المصلحة للمسلمين فيه ، ولا يتوقف ذلك على أن يكون ابتداء الطلب منهم🔸️وفي قيام المغيرة بن شعبة على رأس رسول الله بالسيف ، ولم يكن عادته أن يُقام على رأسه ، وهو قاعد ، سُنةٌ يُقتدى بها عند قدوم رسل العدو من إظهار العز والفخر وتعظيم الإمام وطاعته ووقايته بالنفوس ، وهذه هي العادة الجارية عند قدوم رسل المؤمنين على الكافرين وقدوم رسل الكافرين على المؤمنين ، وليس هذا من هذا النوع الذي ذمه النبي بقوله ﷺ ( مَنْ أَحَبُّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامَاً فَلْيَتَبوا النار ) . ❝