❞ *مِن القسطنطينية إلى إسطنبول*
القسطنطينية هي تلك المدينة التي أسسها الأمبراطور البيزنطي قسطنطين الأول، وفي عام (٣٣٠م) جعلها عاصمة الإمبراطورية الرومانية الشرقية، وقد أنشأها لتكون عاصمة للمسيحية بعدما أعترف بالمسيحية عام (٣١٣م)، حيث قيام المسيحية في روما الوثنية لم يكُن مرحبًا به، وحتى وإن تم الترحيب به لاحقًا ستظل روما أساس الوثنية، لذلك أراد قسطنطين أن تكون العاصمة الجديدة بعيدة كُل البعد عن أي شيء له علاقة بالوثنية.
ونحن نعلم جيدًا مكانتها ذات الموقع العالمي المتميز، وهُناك مقولة منسوبة إلى نابليون بونابرت تقول\" لو كانت الدنيا مملكة لكانت القسطنطينية أصلح عاصمة لها\"
بل قبل نابيلون قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لتفتحن القسطنطينية، ولنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش» (الجامع الصغير:7227).
وكان خلفاء المسلمون يتنافسون على فتحها لينالوا ذلك الشرف العظيم، وتتحقق فيهم بشارة الرسول.
وِمن تلك المُحاولات وأولهم، مُحاولة الخليفة الأموي \"معاوية بن أبي سفيان\" ثم مُحاولات \"سليمان بن عبد الملك \" وغيرهم، لكن جميعها باءت بالفشل، واستطاعت القسطنطينية الصمود أمامهم، حتى جاء مَن تحققت به البشارة النبوية وهو \"محمد الثاني بن مراد الثاني\" أو ما لُقب بي\"محمد الفاتح\"، استطاع وأخيرًا أن يفتح تلك المدينة التي أبت أن تخضع للكثير مِن قبله عام \"١٤٥٣م\"، بعد تخطيط مُحكم وتجهيز وترتيب كبير، حاصرها ٥٣ يوم ثم فتحها بفضل لله وشجاعته وجنوده.
جعلها عاصمة للدولة العثمانية بعدما كانت العاصمة أدرنة، وغير اسمها مِن قسطنطينة إلى إسلامبول (أي مدينة الإسلام أو تخت الإسلام)، وحُرّف اسمها لاحقًا لتصبح \"إسطنبول\".
اجتمع محمد الفاتح في كنيسة آيا صوفيا قبل تحويلها إلى مسجد مع الرهبان الذين تسلل الرعب في قلوبهم مِن ذلك الفاتح، لكنه تسامح معهم وأعطاهم حرية إقامة شعائرهم الدينية، بل أنه أيضًا أنشأ ما يُعرف بنظام \"الملل\" الذي يقوم على أن كُل جالية لها حكم ذاتي في مسائلها الدينية.
في الحقيقة الكثير يجهل تاريخ وماضي إسطنبول، ولا يعرفون أنها هي نفسها القسطنطينية عاصمة المسيحية التي أسسها قسطنطين الأول.
#ساعة تاريخ
ك/ملك مصطفى. ❝ ⏤𝓜𝓛𝓚 𝓜𝓢𝓣𝓕𝓐
❞*مِن القسطنطينية إلى إسطنبول*
القسطنطينية هي تلك المدينة التي أسسها الأمبراطور البيزنطي قسطنطين الأول، وفي عام (٣٣٠م) جعلها عاصمة الإمبراطورية الرومانية الشرقية، وقد أنشأها لتكون عاصمة للمسيحية بعدما أعترف بالمسيحية عام (٣١٣م)، حيث قيام المسيحية في روما الوثنية لم يكُن مرحبًا به، وحتى وإن تم الترحيب به لاحقًا ستظل روما أساس الوثنية، لذلك أراد قسطنطين أن تكون العاصمة الجديدة بعيدة كُل البعد عن أي شيء له علاقة بالوثنية.
ونحن نعلم جيدًا مكانتها ذات الموقع العالمي المتميز، وهُناك مقولة منسوبة إلى نابليون بونابرت تقول˝ لو كانت الدنيا مملكة لكانت القسطنطينية أصلح عاصمة لها˝
بل قبل نابيلون قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لتفتحن القسطنطينية، ولنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش» (الجامع الصغير:7227).
وكان خلفاء المسلمون يتنافسون على فتحها لينالوا ذلك الشرف العظيم، وتتحقق فيهم بشارة الرسول.
وِمن تلك المُحاولات وأولهم، مُحاولة الخليفة الأموي ˝معاوية بن أبي سفيان˝ ثم مُحاولات ˝سليمان بن عبد الملك ˝ وغيرهم، لكن جميعها باءت بالفشل، واستطاعت القسطنطينية الصمود أمامهم، حتى جاء مَن تحققت به البشارة النبوية وهو ˝محمد الثاني بن مراد الثاني˝ أو ما لُقب بي˝محمد الفاتح˝، استطاع وأخيرًا أن يفتح تلك المدينة التي أبت أن تخضع للكثير مِن قبله عام ˝١٤٥٣م˝، بعد تخطيط مُحكم وتجهيز وترتيب كبير، حاصرها ٥٣ يوم ثم فتحها بفضل لله وشجاعته وجنوده.
جعلها عاصمة للدولة العثمانية بعدما كانت العاصمة أدرنة، وغير اسمها مِن قسطنطينة إلى إسلامبول (أي مدينة الإسلام أو تخت الإسلام)، وحُرّف اسمها لاحقًا لتصبح ˝إسطنبول˝.
اجتمع محمد الفاتح في كنيسة آيا صوفيا قبل تحويلها إلى مسجد مع الرهبان الذين تسلل الرعب في قلوبهم مِن ذلك الفاتح، لكنه تسامح معهم وأعطاهم حرية إقامة شعائرهم الدينية، بل أنه أيضًا أنشأ ما يُعرف بنظام ˝الملل˝ الذي يقوم على أن كُل جالية لها حكم ذاتي في مسائلها الدينية.
في الحقيقة الكثير يجهل تاريخ وماضي إسطنبول، ولا يعرفون أنها هي نفسها القسطنطينية عاصمة المسيحية التي أسسها قسطنطين الأول.
❞ وكان ﷺ يقرأ في الفجر بنحو ستين آية إلى مائة آية ، وصلاها بسورة (ق) ، وصلاها بـ (الروم) وصلاها بـ (إذا الشمس كورت) وصلاها بـ (إذا زلزلت) في الركعتين كليهما ، وصلاها بـ (المعوذتين) وكان في السفر وصلاها ، فافتتح بـ (سورة المؤمنين) حتى إذا بلغ ذكر موسى وهارون في الركعة الأولى ، أخذته سَعلَة فركع ، وكان يصليها يوم الجمعة بـ (ألم تنزيل السجدة) وسورة (هل أتى على الإنسان) كاملتين ، ولم يفعل ما يفعله كثير من الناس اليوم من قراءة بعض هذه وبعض هذه في الركعتين ، وقراءة السجدة وحدها في الركعتين ، وهو خلاف السنة ، وأما ما يظنه كثير من الجهال أن صبح يوم الجمعة فضل بسجدة فجهل عظيم ، ولهذا كره بعض الأئمة قراءة سورة السجدة لأجل هذا الظن ، وإنما كان ﷺ يقرأ هاتين السورتين لما اشتملتا عليه من ذكر المبدا والمعاد ، وخلق آدم ودخول الجنة والنار وذلك مما كان ويكون في يوم الجمعة ، فكان يقرأ في فجرها ما كان ويكون في ذلك اليوم ، تذكيراً للأمة بحوادث هذا اليوم ، كما كان يقرأ في المجامع العظام كالأعياد والجمعة بسورة (ق) و (واقتربت) و (سبح) و (الغاشية) .. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وكان ﷺ يقرأ في الفجر بنحو ستين آية إلى مائة آية ، وصلاها بسورة (ق) ، وصلاها بـ (الروم) وصلاها بـ (إذا الشمس كورت) وصلاها بـ (إذا زلزلت) في الركعتين كليهما ، وصلاها بـ (المعوذتين) وكان في السفر وصلاها ، فافتتح بـ (سورة المؤمنين) حتى إذا بلغ ذكر موسى وهارون في الركعة الأولى ، أخذته سَعلَة فركع ، وكان يصليها يوم الجمعة بـ (ألم تنزيل السجدة) وسورة (هل أتى على الإنسان) كاملتين ، ولم يفعل ما يفعله كثير من الناس اليوم من قراءة بعض هذه وبعض هذه في الركعتين ، وقراءة السجدة وحدها في الركعتين ، وهو خلاف السنة ، وأما ما يظنه كثير من الجهال أن صبح يوم الجمعة فضل بسجدة فجهل عظيم ، ولهذا كره بعض الأئمة قراءة سورة السجدة لأجل هذا الظن ، وإنما كان ﷺ يقرأ هاتين السورتين لما اشتملتا عليه من ذكر المبدا والمعاد ، وخلق آدم ودخول الجنة والنار وذلك مما كان ويكون في يوم الجمعة ، فكان يقرأ في فجرها ما كان ويكون في ذلك اليوم ، تذكيراً للأمة بحوادث هذا اليوم ، كما كان يقرأ في المجامع العظام كالأعياد والجمعة بسورة (ق) و (واقتربت) و (سبح) و (الغاشية). ❝
❞ – قال سفيان بن حسين : ” ذكرت رجلاً بسوء عند إياس بن معاوية ، فنظر في وجهي ، وقال أغزوت الروم؟
قلت : لا ، قال: فالسند والهند والترك؟ قلت: لا ،
قال: أتسلم منك الروم والسند والهند والترك ، ولم يسلم منك أخوك المسلم؟
! قال: فلم أعد بعدها. ❝ ⏤حنان عبد المنان
❞ – قال سفيان بن حسين : ” ذكرت رجلاً بسوء عند إياس بن معاوية ، فنظر في وجهي ، وقال أغزوت الروم؟
قلت : لا ، قال: فالسند والهند والترك؟ قلت: لا ،
قال: أتسلم منك الروم والسند والهند والترك ، ولم يسلم منك أخوك المسلم؟
❞ لكل محبي الروايات الرومانسيه
دي روايتي الورقي الأولي في معرض الكتاب أتمني أنها تنال إعجابكم
اسم العمل _ خيانه
اسم الكاتب _ أمل مصطفي
العمل _ رومانسي اجتماعي
نبذه عن العمل _ يحكي عن وجع الحب من طرف واحد
العمل _ سرد فصحي حوار عامي
متواجده حاليا بالمكتبات لمن يرغب في إقتنائها
**************
اقتباس
رجعت المنزل وهي تحمل الهدايه وتحتضن ذلك الدبدوب الضخم هديه جنه بسعاده ووضعت قدمها علي أول الدرج عندما سمعت صوته وهو يتحدث
بغضب
حمدالله على سلامتك يا ست هانم ما لسه بدري
طبعا ما هو مافيش معاكي راجل تأخدي أذنه قبل
ما تخرجي
تجمدت قدمها علي أول درجات السلم لحظه
ثم إلتفت له بتوتر هي معترفه بخطأها لأنها
خرجت دون علمه رعبها علي صديقتها أنساها
أنا أسفه أصل هاجر وجنه عملوا فيه مقلب ومن لبختي نسيت
هتف بغضب عاصف ::
طبعا لأزم تنسي ما أنا مش مالي عينك ولا ليا وجود
تحدثة بتبرير::
لا أبدا مش قصدي والله بس النهارده عيد ميلادي
ومتعودين يحتفلوا بيه معايا
جذب ما بيدها بغضب والقاه علي الأرض وهو يصرخ
عليها أول وأخر مره تخرجي من غير أذني ولو مين مات فاهمه ولا لاء
نظرت للهدايه بدموع ثم رفعت عينها له وهي تقترب
منه بحزن وألم
خرجت حروف كلماتها مشبعه بدموعها المحبوسه بحلقها أنت أتجوزتني ليه يا عمرو في أيه بيني وبينك أنا معرفوش عايز تكسرني بسببه لو في ذنب لقسوتك دي قولي عليه
وأنا أكفر عنه لكن بلاش تدمرني أكتر من كده
لم تعد تتحمل كبت مشاعرها تعيش معه كابوس تتمني زواله الإشتياق وتمني القرب أهلك روحها البريئه
لتكمل بقهر وعتاب أنا بموت معاك في اليوم مليون مره
مش قادره تعبت والله أنا كنت عايشه قبلك راضيه بحياتي ووحدتي عمري ما طمعت في شيء مش ليا
حمدت ربنا علي جنه وهاجر وحبهم ليا كنت بقضي وقت فراغي مع ولاد جيراني عشان ماحسش أني وحيده لحد ما أتقدمت ليا
قولت أخيرا ربنا أراد أحب وأتحب وأعيش زي باقي البشر
قسوتك وإهمالك ليا خلقوا جوايا وجع مافيش حاجه تقدر تداويه
مسحت دموعها بطرف ثوبها أنت رافض تحس بيه
رافض تشوفني بقالي معاك شهور طويله ورغم كده مش متقبل وجودي وكمان مستخسر فيه أفرح مع أصحابي
الوحدين اللي بيخففوا عني وبحس بينهم أن ليا قيمه
عايز يحصلي أيه أكتر من كده عشان ترضي
أخرجت كل ما في جوفها مرة واحده ثم تركته وصعدت درجات السلم
لا تري أمامها من كثرة الدموع لقد كسر قلبها في عز إحتياجها له
أغمض عيونه بقوه وحمل فاظه بيده القاها في المرآه أمامه ظل ينظر لنفسه من خلالها لقد أصبح
مشوه الروح والقلب مثلها لا يستطيع لملمت شتات نفسه
لما كل تلك القسوه لما كل هذا الغضب يعلم أنه مريض يحتاج علاج نفسي حتي يتخلص من عقدة طفولته ترك الفيلا وهو يلعن نفسه وحياته بأكملها
********
أتمني تشجيعكم. ❝ ⏤أمل مصطفي سرحان
❞ لكل محبي الروايات الرومانسيه
دي روايتي الورقي الأولي في معرض الكتاب أتمني أنها تنال إعجابكم
اسم العمل _ خيانه
اسم الكاتب _ أمل مصطفي
العمل _ رومانسي اجتماعي
نبذه عن العمل _ يحكي عن وجع الحب من طرف واحد
العمل _ سرد فصحي حوار عامي
متواجده حاليا بالمكتبات لمن يرغب في إقتنائها
**************
اقتباس
رجعت المنزل وهي تحمل الهدايه وتحتضن ذلك الدبدوب الضخم هديه جنه بسعاده ووضعت قدمها علي أول الدرج عندما سمعت صوته وهو يتحدث
بغضب
حمدالله على سلامتك يا ست هانم ما لسه بدري
طبعا ما هو مافيش معاكي راجل تأخدي أذنه قبل
ما تخرجي
تجمدت قدمها علي أول درجات السلم لحظه
ثم إلتفت له بتوتر هي معترفه بخطأها لأنها
خرجت دون علمه رعبها علي صديقتها أنساها
أنا أسفه أصل هاجر وجنه عملوا فيه مقلب ومن لبختي نسيت
هتف بغضب عاصف ::
طبعا لأزم تنسي ما أنا مش مالي عينك ولا ليا وجود
تحدثة بتبرير::
لا أبدا مش قصدي والله بس النهارده عيد ميلادي
ومتعودين يحتفلوا بيه معايا
جذب ما بيدها بغضب والقاه علي الأرض وهو يصرخ
عليها أول وأخر مره تخرجي من غير أذني ولو مين مات فاهمه ولا لاء
نظرت للهدايه بدموع ثم رفعت عينها له وهي تقترب
منه بحزن وألم
خرجت حروف كلماتها مشبعه بدموعها المحبوسه بحلقها أنت أتجوزتني ليه يا عمرو في أيه بيني وبينك أنا معرفوش عايز تكسرني بسببه لو في ذنب لقسوتك دي قولي عليه
وأنا أكفر عنه لكن بلاش تدمرني أكتر من كده
لم تعد تتحمل كبت مشاعرها تعيش معه كابوس تتمني زواله الإشتياق وتمني القرب أهلك روحها البريئه
لتكمل بقهر وعتاب أنا بموت معاك في اليوم مليون مره
مش قادره تعبت والله أنا كنت عايشه قبلك راضيه بحياتي ووحدتي عمري ما طمعت في شيء مش ليا
حمدت ربنا علي جنه وهاجر وحبهم ليا كنت بقضي وقت فراغي مع ولاد جيراني عشان ماحسش أني وحيده لحد ما أتقدمت ليا
قولت أخيرا ربنا أراد أحب وأتحب وأعيش زي باقي البشر
قسوتك وإهمالك ليا خلقوا جوايا وجع مافيش حاجه تقدر تداويه
مسحت دموعها بطرف ثوبها أنت رافض تحس بيه
رافض تشوفني بقالي معاك شهور طويله ورغم كده مش متقبل وجودي وكمان مستخسر فيه أفرح مع أصحابي
الوحدين اللي بيخففوا عني وبحس بينهم أن ليا قيمه
عايز يحصلي أيه أكتر من كده عشان ترضي
أخرجت كل ما في جوفها مرة واحده ثم تركته وصعدت درجات السلم
لا تري أمامها من كثرة الدموع لقد كسر قلبها في عز إحتياجها له
أغمض عيونه بقوه وحمل فاظه بيده القاها في المرآه أمامه ظل ينظر لنفسه من خلالها لقد أصبح
مشوه الروح والقلب مثلها لا يستطيع لملمت شتات نفسه
لما كل تلك القسوه لما كل هذا الغضب يعلم أنه مريض يحتاج علاج نفسي حتي يتخلص من عقدة طفولته ترك الفيلا وهو يلعن نفسه وحياته بأكملها
❞ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10)
قوله تعالى : إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى : إذ أوى الفتية إلى الكهف روي أنهم قوم من أبناء أشراف مدينة دقيوس الملك الكافر ، ويقال فيه دقينوس . وروي أنهم كانوا مطوقين مسورين بالذهب ذوي ذوائب ، وهم من الروم واتبعوا دين عيسى . وقيل : كانوا قبل عيسى ، والله أعلم . وقال ابن عباس : إن ملكا من الملوك يقال له دقيانوس ظهر على مدينة من مدائن الروم يقال لها أفسوس . وقيل هي طرسوس وكان بعد زمن عيسى - عليه السلام - فأمر بعبادة الأصنام فدعا أهلها إلى عبادة الأصنام ، وكان بها سبعة أحداث يعبدون الله سرا ، فرفع خبرهم إلى الملك وخافوه فهربوا ليلا ، ومروا براع معه كلب فتبعهم فأووا إلى الكهف فتبعهم الملك إلى فم الغار ، فوجد أثر دخولهم ولم يجد أثر خروجهم ، فدخلوا فأعمى الله أبصارهم فلم يروا شيئا ; فقال الملك : سدوا عليهم باب الغار حتى يموتوا فيه جوعا وعطشا . وروى مجاهد عن ابن عباس أيضا أن هؤلاء الفتية كانوا في دين ملك يعبد الأصنام ويذبح لها ويكفر بالله ، وقد تابعه على ذلك أهل المدينة ، فوقع للفتية علم من بعض الحواريين - حسبما ذكر النقاش أو من مؤمني الأمم قبلهم - فآمنوا بالله ورأوا ببصائرهم قبيح فعل الناس ، فأخذوا نفوسهم بالتزام الدين وعبادة الله ; فرفع أمرهم إلى الملك وقيل له : إنهم قد فارقوا دينك واستخفوا آلهتك وكفروا بها ، فاستحضرهم الملك إلى مجلسه وأمرهم باتباع دينه والذبح لآلهته ، وتوعدهم على فراق ذلك بالقتل ; فقالوا له فيما روي : ربنا رب السماوات والأرض - إلى قوله - وإذ اعتزلتموهم وروي أنهم قالوا نحو هذا الكلام وليس به ، فقال لهم الملك : إنكم شبان أغمار لا عقول لكم ، وأنا لا أعجل بكم بل أستأني فاذهبوا إلى منازلكم ودبروا رأيكم وارجعوا إلى أمري ، وضرب لهم في ذلك أجلا ، ثم إنه خلال الأجل فتشاور الفتية في الهروب بأديانهم ، فقال لهم أحدهم : إني أعرف كهفا في جبل كذا ، وكان أبي يدخل فيه غنمه فلنذهب فلنختف فيه حتى يفتح الله لنا ; فخرجوا فيما روي يلعبون بالصولجان والكرة ، وهم يدحرجونها إلى نحو طريقهم لئلا يشعر الناس بهم . وروي أنهم كانوا مثقفين فحضر عيد خرجوا إليه فركبوا في جملة الناس ، ثم أخذوا باللعب بالصولجان حتى خلصوا بذلك . وروى وهب بن منبه أن أول أمرهم إنما كان حواري لعيسى ابن مريم جاء إلى مدينة أصحاب الكهف يريد دخولها ، فأجر نفسه من صاحب الحمام وكان يعمل فيه ، فرأى صاحب الحمام في أعماله بركة عظيمة ، فألقى إليه بكل أمره ، وعرف ذلك الرجل فتيان من المدينة فعرفهم الله - تعالى - فآمنوا به واتبعوه على دينه ، واشتهرت خلطتهم به ; فأتى يوما إلى ذلك الحمام ولد الملك بامرأة أراد الخلوة بها ، فنهاه ذلك الحواري فانتهى ، ثم جاء مرة أخرى فنهاه فشتمه ، وأمضى عزمه في دخول الحمام مع البغي ، فدخل فماتا فيه جميعا ; فاتهم ذلك الحواري وأصحابه بقتلهما ; ففروا جميعا حتى دخلوا الكهف . وقيل في خروجهم غير هذا .
وأما الكلب فروي أنه كان كلب صيد لهم ، وروي أنهم وجدوا في طريقهم راعيا له كلب فاتبعهم الراعي على رأيهم وذهب الكلب معهم ; قاله ابن عباس . واسم الكلب حمران وقيل قطمير .
وأما أسماء أهل الكهف فأعجمية ، والسند في معرفتها واه . والذي ذكره الطبري هي هذه : مكسلمينا وهو أكبرهم والمتكلم عنهم ، ومحسيميلنينا ويمليخا ، وهو الذي مضى بالورق إلى المدينة عند بعثهم من رقدتهم ، ومرطوس وكشوطوش ودينموس ويطونس وبيرونس . قال مقاتل : وكان الكلب لمكسلمينا ، وكان أسنهم وصاحب غنم .
الثانية : هذه الآية صريحة في الفرار بالدين وهجرة الأهل والبنين والقرابات والأصدقاء والأوطان والأموال خوف الفتنة وما يلقاه الإنسان من المحنة . وقد خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فارا بدينه ، وكذلك أصحابه ، وجلس في الغار حسبما تقدم في سورة " النحل " . وقد نص الله - تعالى - على ذلك في " براءة " وقد تقدم . وهجروا أوطانهم وتركوا أرضهم وديارهم وأهاليهم وأولادهم وقراباتهم وإخوانهم ، رجاء السلامة بالدين والنجاة من فتنة الكافرين . فسكنى الجبال ودخول الغيران ، والعزلة عن الخلق والانفراد بالخالق ، وجواز الفرار من الظالم هي سنة الأنبياء - صلوات الله عليهم - والأولياء . وقد فضل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العزلة ، وفضلها جماعة العلماء لا سيما عند ظهور الفتن وفساد الناس ، وقد نص الله - تعالى - عليها في كتابه فقال : فأووا إلى الكهف .
قال العلماء الاعتزال عن الناس يكون مرة في الجبال والشعاب ، ومرة في السواحل والرباط ، ومرة في البيوت ; وقد جاء في الخبر : إذا كانت الفتنة فأخف مكانك وكف لسانك . ولم يخص موضعا من موضع . وقد جعلت طائفة من العلماء العزلة اعتزال الشر وأهله بقلبك وعملك ، إن كنت بين أظهرهم . وقال ابن المبارك في تفسير العزلة : أن تكون مع القوم فإذا خاضوا في ذكر الله فخض معهم ، وإن خاضوا في غير ذلك فاسكت . وروى البغوي عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : نعم صوامع المؤمنين بيوتهم من مراسل الحسن وغيره . وقال عقبة بن عامر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما النجاة يا رسول الله ؟ فقال : يا عقبة أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك . وقال - صلى الله عليه وسلم - : يأتي على الناس زمان خير مال الرجل المسلم الغنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن . خرجه البخاري . وذكر علي بن سعد عن الحسن بن واقد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا كانت سنة ثمانين ومائة فقد حلت لأمتي العزبة والعزلة والترهب في رءوس الجبال . وذكر أيضا علي بن سعد عن عبد الله بن المبارك عن مبارك بن فضالة عن الحسن يرفعه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : يأتي على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من فر بدينه من شاهق إلى شاهق أو حجر إلى حجر فإذا كان ذلك لم تنل المعيشة إلا بمعصية الله فإذا كان ذلك حلت العزبة . قالوا : يا رسول الله ، كيف تحل العزبة وأنت تأمرنا بالتزويج ؟ قال : إذا كان ذلك كان فساد الرجل على يدي أبويه فإن لم يكن له أبوان كان هلاكه على يدي زوجته فإن لم تكن له زوجة كان هلاكه على يدي ولده فإن لم يكن له ولد كان هلاكه على يدي القرابات والجيران . قالوا وكيف ذلك يا رسول الله ؟ قال : يعيرونه بضيق المعيشة ويكلفونه ما لا يطيق فعند ذلك يورد نفسه الموارد التي يهلك فيها .
قلت : أحوال الناس في هذا الباب تختلف ، فرب رجل تكون له قوة على سكنى الكهوف والغيران في الجبال ، وهي أرفع الأحوال لأنها الحالة التي اختارها الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في بداية أمره ، ونص عليها في كتابه مخبرا عن الفتية ، فقال : وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف . ورب رجل تكون العزلة له في بيته أخف عليه وأسهل ; وقد اعتزل رجال من أهل بدر فلزموا بيوتهم بعد قتل عثمان فلم يخرجوا إلا إلى قبورهم . ورب رجل متوسط بينهما فيكون له من القوة ما يصبر بها على مخالطة الناس وأذاهم ، فهو معهم في الظاهر ومخالف لهم في الباطن . وذكر ابن المبارك حدثنا وهيب بن الورد قال : جاء رجل إلى وهب بن منبه فقال : إن الناس وقعوا فيما وقعوا وقد حدثت نفسي ألا أخالطهم . فقال : لا تفعل إنه لا بد لك من الناس ، ولا بد لهم منك ، ولك إليهم حوائج ، ولهم إليك حوائج ، ولكن كن فيهم أصم سميعا ، أعمى بصيرا ، سكوتا نطوقا . وقد قيل : إن كل موضع يبعد عن الناس فهو داخل في معنى الجبال والشعاب ; مثل الاعتكاف في المساجد ، ولزوم السواحل للرباط والذكر ، ولزوم البيوت فرارا عن شرور الناس . وإنما جاءت الأحاديث بذكر الشعاب والجبال واتباع الغنم - والله أعلم - لأن ذلك هو الأغلب في المواضع التي يعتزل فيها ; فكل موضع يبعد عن الناس فهو داخل في معناه ، كما ذكرنا ، والله الموفق وبه العصمة . وروى عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : يعجب ربك من راعي غنم في رأس شظية الجبل يؤذن بالصلاة ويصلي فيقول الله - عز وجل - انظروا إلى عبدي يؤذن ويقيم الصلاة يخاف مني قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة . خرجه النسائي .
الثالثة : قوله تعالى : وهيئ لنا من أمرنا رشدا لما فروا ممن يطلبهم اشتغلوا بالدعاء ولجئوا إلى الله - تعالى - فقالوا : ربنا آتنا من لدنك رحمة أي مغفرة ورزقا .
وهيئ لنا من أمرنا رشدا توفيقا للرشاد . وقال ابن عباس : مخرجا من الغار في سلامة . وقيل صوابا . ومن هذا المعنى أنه - عليه السلام - كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة .. ❝ ⏤محمد بن صالح العثيمين
❞ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10)
قوله تعالى : إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى : إذ أوى الفتية إلى الكهف روي أنهم قوم من أبناء أشراف مدينة دقيوس الملك الكافر ، ويقال فيه دقينوس . وروي أنهم كانوا مطوقين مسورين بالذهب ذوي ذوائب ، وهم من الروم واتبعوا دين عيسى . وقيل : كانوا قبل عيسى ، والله أعلم . وقال ابن عباس : إن ملكا من الملوك يقال له دقيانوس ظهر على مدينة من مدائن الروم يقال لها أفسوس . وقيل هي طرسوس وكان بعد زمن عيسى - عليه السلام - فأمر بعبادة الأصنام فدعا أهلها إلى عبادة الأصنام ، وكان بها سبعة أحداث يعبدون الله سرا ، فرفع خبرهم إلى الملك وخافوه فهربوا ليلا ، ومروا براع معه كلب فتبعهم فأووا إلى الكهف فتبعهم الملك إلى فم الغار ، فوجد أثر دخولهم ولم يجد أثر خروجهم ، فدخلوا فأعمى الله أبصارهم فلم يروا شيئا ; فقال الملك : سدوا عليهم باب الغار حتى يموتوا فيه جوعا وعطشا . وروى مجاهد عن ابن عباس أيضا أن هؤلاء الفتية كانوا في دين ملك يعبد الأصنام ويذبح لها ويكفر بالله ، وقد تابعه على ذلك أهل المدينة ، فوقع للفتية علم من بعض الحواريين - حسبما ذكر النقاش أو من مؤمني الأمم قبلهم - فآمنوا بالله ورأوا ببصائرهم قبيح فعل الناس ، فأخذوا نفوسهم بالتزام الدين وعبادة الله ; فرفع أمرهم إلى الملك وقيل له : إنهم قد فارقوا دينك واستخفوا آلهتك وكفروا بها ، فاستحضرهم الملك إلى مجلسه وأمرهم باتباع دينه والذبح لآلهته ، وتوعدهم على فراق ذلك بالقتل ; فقالوا له فيما روي : ربنا رب السماوات والأرض - إلى قوله - وإذ اعتزلتموهم وروي أنهم قالوا نحو هذا الكلام وليس به ، فقال لهم الملك : إنكم شبان أغمار لا عقول لكم ، وأنا لا أعجل بكم بل أستأني فاذهبوا إلى منازلكم ودبروا رأيكم وارجعوا إلى أمري ، وضرب لهم في ذلك أجلا ، ثم إنه خلال الأجل فتشاور الفتية في الهروب بأديانهم ، فقال لهم أحدهم : إني أعرف كهفا في جبل كذا ، وكان أبي يدخل فيه غنمه فلنذهب فلنختف فيه حتى يفتح الله لنا ; فخرجوا فيما روي يلعبون بالصولجان والكرة ، وهم يدحرجونها إلى نحو طريقهم لئلا يشعر الناس بهم . وروي أنهم كانوا مثقفين فحضر عيد خرجوا إليه فركبوا في جملة الناس ، ثم أخذوا باللعب بالصولجان حتى خلصوا بذلك . وروى وهب بن منبه أن أول أمرهم إنما كان حواري لعيسى ابن مريم جاء إلى مدينة أصحاب الكهف يريد دخولها ، فأجر نفسه من صاحب الحمام وكان يعمل فيه ، فرأى صاحب الحمام في أعماله بركة عظيمة ، فألقى إليه بكل أمره ، وعرف ذلك الرجل فتيان من المدينة فعرفهم الله - تعالى - فآمنوا به واتبعوه على دينه ، واشتهرت خلطتهم به ; فأتى يوما إلى ذلك الحمام ولد الملك بامرأة أراد الخلوة بها ، فنهاه ذلك الحواري فانتهى ، ثم جاء مرة أخرى فنهاه فشتمه ، وأمضى عزمه في دخول الحمام مع البغي ، فدخل فماتا فيه جميعا ; فاتهم ذلك الحواري وأصحابه بقتلهما ; ففروا جميعا حتى دخلوا الكهف . وقيل في خروجهم غير هذا .
وأما الكلب فروي أنه كان كلب صيد لهم ، وروي أنهم وجدوا في طريقهم راعيا له كلب فاتبعهم الراعي على رأيهم وذهب الكلب معهم ; قاله ابن عباس . واسم الكلب حمران وقيل قطمير .
وأما أسماء أهل الكهف فأعجمية ، والسند في معرفتها واه . والذي ذكره الطبري هي هذه : مكسلمينا وهو أكبرهم والمتكلم عنهم ، ومحسيميلنينا ويمليخا ، وهو الذي مضى بالورق إلى المدينة عند بعثهم من رقدتهم ، ومرطوس وكشوطوش ودينموس ويطونس وبيرونس . قال مقاتل : وكان الكلب لمكسلمينا ، وكان أسنهم وصاحب غنم .
الثانية : هذه الآية صريحة في الفرار بالدين وهجرة الأهل والبنين والقرابات والأصدقاء والأوطان والأموال خوف الفتنة وما يلقاه الإنسان من المحنة . وقد خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فارا بدينه ، وكذلك أصحابه ، وجلس في الغار حسبما تقدم في سورة " النحل " . وقد نص الله - تعالى - على ذلك في " براءة " وقد تقدم . وهجروا أوطانهم وتركوا أرضهم وديارهم وأهاليهم وأولادهم وقراباتهم وإخوانهم ، رجاء السلامة بالدين والنجاة من فتنة الكافرين . فسكنى الجبال ودخول الغيران ، والعزلة عن الخلق والانفراد بالخالق ، وجواز الفرار من الظالم هي سنة الأنبياء - صلوات الله عليهم - والأولياء . وقد فضل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العزلة ، وفضلها جماعة العلماء لا سيما عند ظهور الفتن وفساد الناس ، وقد نص الله - تعالى - عليها في كتابه فقال : فأووا إلى الكهف .
قال العلماء الاعتزال عن الناس يكون مرة في الجبال والشعاب ، ومرة في السواحل والرباط ، ومرة في البيوت ; وقد جاء في الخبر : إذا كانت الفتنة فأخف مكانك وكف لسانك . ولم يخص موضعا من موضع . وقد جعلت طائفة من العلماء العزلة اعتزال الشر وأهله بقلبك وعملك ، إن كنت بين أظهرهم . وقال ابن المبارك في تفسير العزلة : أن تكون مع القوم فإذا خاضوا في ذكر الله فخض معهم ، وإن خاضوا في غير ذلك فاسكت . وروى البغوي عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : نعم صوامع المؤمنين بيوتهم من مراسل الحسن وغيره . وقال عقبة بن عامر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما النجاة يا رسول الله ؟ فقال : يا عقبة أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك . وقال - صلى الله عليه وسلم - : يأتي على الناس زمان خير مال الرجل المسلم الغنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن . خرجه البخاري . وذكر علي بن سعد عن الحسن بن واقد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا كانت سنة ثمانين ومائة فقد حلت لأمتي العزبة والعزلة والترهب في رءوس الجبال . وذكر أيضا علي بن سعد عن عبد الله بن المبارك عن مبارك بن فضالة عن الحسن يرفعه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : يأتي على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من فر بدينه من شاهق إلى شاهق أو حجر إلى حجر فإذا كان ذلك لم تنل المعيشة إلا بمعصية الله فإذا كان ذلك حلت العزبة . قالوا : يا رسول الله ، كيف تحل العزبة وأنت تأمرنا بالتزويج ؟ قال : إذا كان ذلك كان فساد الرجل على يدي أبويه فإن لم يكن له أبوان كان هلاكه على يدي زوجته فإن لم تكن له زوجة كان هلاكه على يدي ولده فإن لم يكن له ولد كان هلاكه على يدي القرابات والجيران . قالوا وكيف ذلك يا رسول الله ؟ قال : يعيرونه بضيق المعيشة ويكلفونه ما لا يطيق فعند ذلك يورد نفسه الموارد التي يهلك فيها .
قلت : أحوال الناس في هذا الباب تختلف ، فرب رجل تكون له قوة على سكنى الكهوف والغيران في الجبال ، وهي أرفع الأحوال لأنها الحالة التي اختارها الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في بداية أمره ، ونص عليها في كتابه مخبرا عن الفتية ، فقال : وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف . ورب رجل تكون العزلة له في بيته أخف عليه وأسهل ; وقد اعتزل رجال من أهل بدر فلزموا بيوتهم بعد قتل عثمان فلم يخرجوا إلا إلى قبورهم . ورب رجل متوسط بينهما فيكون له من القوة ما يصبر بها على مخالطة الناس وأذاهم ، فهو معهم في الظاهر ومخالف لهم في الباطن . وذكر ابن المبارك حدثنا وهيب بن الورد قال : جاء رجل إلى وهب بن منبه فقال : إن الناس وقعوا فيما وقعوا وقد حدثت نفسي ألا أخالطهم . فقال : لا تفعل إنه لا بد لك من الناس ، ولا بد لهم منك ، ولك إليهم حوائج ، ولهم إليك حوائج ، ولكن كن فيهم أصم سميعا ، أعمى بصيرا ، سكوتا نطوقا . وقد قيل : إن كل موضع يبعد عن الناس فهو داخل في معنى الجبال والشعاب ; مثل الاعتكاف في المساجد ، ولزوم السواحل للرباط والذكر ، ولزوم البيوت فرارا عن شرور الناس . وإنما جاءت الأحاديث بذكر الشعاب والجبال واتباع الغنم - والله أعلم - لأن ذلك هو الأغلب في المواضع التي يعتزل فيها ; فكل موضع يبعد عن الناس فهو داخل في معناه ، كما ذكرنا ، والله الموفق وبه العصمة . وروى عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : يعجب ربك من راعي غنم في رأس شظية الجبل يؤذن بالصلاة ويصلي فيقول الله - عز وجل - انظروا إلى عبدي يؤذن ويقيم الصلاة يخاف مني قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة . خرجه النسائي .
الثالثة : قوله تعالى : وهيئ لنا من أمرنا رشدا لما فروا ممن يطلبهم اشتغلوا بالدعاء ولجئوا إلى الله - تعالى - فقالوا : ربنا آتنا من لدنك رحمة أي مغفرة ورزقا .
وهيئ لنا من أمرنا رشدا توفيقا للرشاد . وقال ابن عباس : مخرجا من الغار في سلامة . وقيل صوابا . ومن هذا المعنى أنه - عليه السلام - كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة. ❝