[اقتباسات] 📘 ❞ ضوابط للدراسات الفقهية ❝ كتاب ــ سلمان العودة اصدار 1984

كتب الفقه العام - 📖 اقتباسات كتاب ❞ ضوابط للدراسات الفقهية ❝ ــ سلمان العودة 📖

█ _ سلمان العودة 1984 حصريا كتاب ❞ ضوابط للدراسات الفقهية ❝ 2024 الفقهية: مقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا يهده الله فلا مضل له يضلل هادي وأشهد أن لا إلا وحده شريك محمدًا عبده ورسوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا إِنَّ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [الحشر:18 19] وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70 71] النَّاسُ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1] أما بعد: فإن تعالى خلق الخلق: جِنَّهم وإنسهم؛ لحكمة بينها سبحانه بقوله: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات:56] فهو الخالق وهو المعبود يملك الخلق والرزق والإحياء والإماتة والضر والنفع هو الذي الأمر والنهي والحكم والتحليل والتحريم؛ ولذلك قال تعالى: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ) [الأعراف:54] ونعى المشركين اعترافهم بالربوبية وعدم التزام ما يترتب عليها؛ الاعتراف بالألوهية والإفراد بالعبادة جاء ذلك آيات كثيرة كما قوله (قُلْ لِمَنِ الأرْضُ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ تَتَّقُونَ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ يُجَارُ عَلَيْهِ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) [المؤمنون: 84 89] وغيرها فالله المتصرف المبدئ المعيد المشرع يجوز يُشْرَك معه تشريعه أحد ولا يقبل العباد شرعًا غير شرعه (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا مِنَ الدِّينِ لَمْ يَأْذَنْ الله) [الشورى:21] وقال (مَا دُونِهِ وَلِيٍّ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا) [الكهف: 26] وفي بعض القراءات: (وَلا تُشْرِكْ أنها خطاب للرسول صلى عليه وسلم ولأمته بعده؛ يتضمن النهي عن الإشراك الحكم؛ أي: قبول حكم أو شرع وفي القرآن الكريم نجد صورتين متقابلتين متباينتين؟ الأولى: صورة المؤمن المسلِّم لربه الممتثل لأمره وأمر رسوله فهذا يقف دائمًا بانتظار ثم يقول: سمعنا وأطعنا ففي هذا الصنف يقول (إِنَّمَا قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ الْمُفْلِحُونَ وَيَخْشَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ الْفَائِزُونَ) [النور: 51 52] ويقول: لِمُؤْمِنٍ مُؤْمِنَةٍ قَضَى وَرَسُولُهُ أَمْرًا يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ أَمْرِهِمْ) [الأحزاب:36] والثانية: هي المنافق يعبد هواه ومصلحته ويتبع يوافقهما؛ فإن وأمره موافقًا لهواه أخذ به لأنه ولكن موافق ولو كانت مصلحته وهواه الكفر الصراح لأقدم بلا تردد (وَإِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ يَحِيفَ عَلَيْهِمْ بَلْ الظَّالِمُونَ) 48 50] ويقول: (وَمِنَ النَّاسِ يَعْبُدُ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا والآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) [الحج: 11] وهناك أخرى وصف هؤلاء العابدين لأهوائهم الخابطين عميائهم المضطربين ولائهم وخلاصة القول: إن اختار طريق الإسلام طرق والنفاق؛ ليس مع أمر ونهيه نهي وقوله قول؛ إنما الإذعان والتسليم المطلق المجرد كل سبب دافع طاعة والرضا بهما وبحكمهما فليس يعنيه يعرف حكمة ذاك مفسدة المنهي عنه مصلحة ضده؛ بل يعرف: المسألة الفلانية؟ وما أمارة الحكم ودليله؟ ينقاد بعد انقياد الواثق المطمئن البصير وإذا هذه الحقيقة الواضحة أسُّ ولبه؛ فإنه عليها يدرك المستسلم: مسألة حُكمًا؛ عَلِمَهُ وجهله جهله وقد يكون الإيجاب الندب والاستحباب الجواز والإباحة الكراهة التحريم فهذه الأحكام الخمسة التي تخرج المسائل عنها بحال الأحوال ولذلك يسعى إلى معرفة والقضايا: كان عالمًا سعى يحتاجه الناس الأحكام؛ ليرشدهم ويبين لهم الحلال الحرام وشرعه مقرونًا بدليله الصحيح السنة القياس السليم الإجماع وإن عامّيًا متخصص علوم الشريعة؛ حياته العملية أحكام العبادات المعاملات غيرها: إما بالبحث الكتب الميسَّرَة ممن يستطيع وإما بسؤال العلماء الذين ذكرهم (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ تَعْلَمُونَ) [النحل: 43] جعل علامات وأمارات يُتعرف بها حكمه تسمى بـ"الأدلة الشرعية" سواء المتفق كالقرآن والسنة والإجماع المختلف فيها كباقي الأدلة غير تنـزيل الحوادث المفردة المحددة مواقعها النصوص الواسعة العامة بالميسور لكل وأضرب لذلك مثلا واحدًا: علمنا يقينًا فيه الشرع بجلب المصالح وتحصيلها وتكميلها ودرء المفاسد ودفعها وتقليلها عام واقعة بأنها جلب درء مفسدة؛ يحتاج يقظة وتحرٍّ وفهم وإدراك؛ يكاد يوجد مصالح محضة البتة مفاسد صلاح البتة؛ لما غلب هذين فما غلبت مطلوب مفسدته مردود وهكذا صار المهم اللازم لحياة المسلمين بينهم يُعْنِيهم الاشتغال بتمحيص وتحقيقها ودراستها وتحري وهؤلاء هم الفقهاء العاملون المبلغون سائر يمكنه الوصول طريقهم أصحاب رسول أول المجتهدين وطليعة العاملين كلهم يصدرون والقياس يجتمعون فيما نص فيُجمِعون بعدهم التابعون فأتباعهم زال يبين ويدعوهم إليه؛ إذ يخلو عصر قائم بحجة ولكن الجبلة البشرية فطر عليها: الاختلاف الأفهام وقوى العقل والإدراك التفاوت بين واستيعابها حيث الثبوت الدلالة ومع تصور أبعادها إضافة تفاوت مقدار الإخلاص والصدق بعيدًا تعصب مذهبي تقليد بصير؛ والباحثين والمؤلفين يختلفون طرائقهم يسلكونها ذات توصلوا إليها وعلى رغم كثرة أُلِّف وكُتب علم (أصول الفقه) العلم يُعنى ببحث طرائق استخراج الشرعية أدلتها التفصيلية جميع المذاهب مما يقع تحت الحصر وعلى الاختلافات الهائلة مناهج والتباين البعيد مسالكهم؛ فقلما يلتفت وخاصة العصر التفكير بوضع الأصول والقواعد تعين الباحث المنصف التعصب بطريقة سليمة خاصة وقد التبس الحق بالباطل والخطأ بالصواب كثير الأحيان؛ حتى عسر تمييز وفقه للفهم ورزقه وعصمه بالبصيرة النافذة ولست أعني والقواعد: إنشاءها واختراعها؛ سبيل لمن أراد مسلمًا حقًا فالابتداع الفروع فضلاً القواعد والأصول ضلال واستدراك وطعن المبلغ قيل: وخيرُ الأمورِ السالفاتُ الهدى وشرُّ المحدثاتُ البدائـعُ وقيل: وكلُّ خيرٍ اتباعِ مَـنْ سَلَـف وكُلُّ شرٍّ ابتداعِ خلـف وإنما بذلك تمحيصها كتب والفقه والحديث والعقائد وجمعها والتنسيق تناسب وتيسر وأعني أيضًا دراسة الأمور يكثر النـزاع صـادقة يُتَحرى الصواب شيء غيره ؛ لتكون نبراسًا للباحثين يعصمهم التردي مهاوي الإفراط التفريط وذلك كمسألة "الاجتهاد والتقليد" مثلاً استعنت بدء المحاولة ضعف الآلة وضعف الهمة والله المستعان لعل حاولته الصفحات داعية لبعض المخلصين والغيورين؛ يتناولوا الموضوع جديد تناولاً جادًا يكشف غوامضه ويجلي خوافيه قسمت الدراسة إلى: تمهيد وثلاثة أبواب وخاتمة ففي التمهيد: تحدثت أهمية الفقه الدين وفضله وأنه شرط رئيس للخيرية والسؤدد نطقت الباب الأول: حاولت أعمل "تقويمًا" عامًّا للمكتبة الإسلامية فتحدثت الفصل الأول عن: القديمة وتحدثت الثاني الحديثة الثاني: فصلين الشروط المنهجية البحث العلمي أيًا اختصاصه ومجاله والمراحل يمر ثم الصفات العلمية للباحث لأي باحث الخاصة لبحث موضوع بعينه ولتطبيق يبحث مجال الفقه؛ وسَّعت الكلام صفات العلوم الثالث: جوهر حصر توصلت الضوابط طويلاً واحتوى تسعة فصول الفصل التيسير والتشديد الثانى: كراهة التنطع والتوسع افتراض الاجتهاد والتقليد الرابع: مبحث الخلاف والترجيح الخامس: حول فقه النوازل السادس: ألفاظ التحليل والتحريم والتسرع إطلاقها السابع: التربية والعبادة والبناء الخلقي الثامن: وترتيبها وكيفية إعمالها التاسع: كلمة المراجع ختمت بخاتمة سجلت أهم مر النتائج وأتبعت بذكر المصادر والمراجع استفدت منها وإنني لأسأل يجعل عملي خالصًا لوجهه وأن يتقبله مني يثيبني ويغفر لي قصرت وأستغفر وأتوب والحمد رب العالمين وصلى نبينا محمد آله وصحبه أجمعين في الرياض 20 7 1404 هـ * * العام مجاناً PDF اونلاين الْفِقْهُ اللغة: الْفَهْمُ للشيء والعلم الدقيقة والمسائل الغامضة الأصل مطلق الفهم وغلب استعماله العرف مخصوصا بعلم لشرفها وتخصيص اسم بهذا الاصطلاح حادث واسم يعم الشريعة جملتها يتوصل ووحدانيته وتقديسه وسائر صفاته وإلى أنبيائه ورسله عليهم السلام ومنها والأخلاق والآداب والقيام بحق العبودية وغير وذكر بدر الزركشي قول أبي حامد الغزالي: «أن تصرفوا فخصوه الفتاوى ودلائلها وعللها» يطلق على: «علم الآخرة ومعرفة دقائق آفات النفس ومفسدات الأعمال وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا وشدة التطلع نعيم واستلاب الخوف القلب» وعند الفقهاء: حفظ وأقله ثلاث مسائل وعند أهل الحقيقة: الجمع والعمل لقول الحسن البصري: «إنما الفقيه المعرض الزاهد بعيوب نفسه» وعرفه أبو حنيفة بأنه: «معرفة مالها عليها» وعموم التعريف ملائماً لعصر لم يكن قد استقل وعرف الشافعي بالتعريف المشهور بعده عند «العلم بالأحكام المكتسب التفصيلية» اصطلاح علماء أصول الفقه: المكتسبة ويسمي المتأخرين ويطلق العصور المتأخرة التاريخ الإسلامي بالفروع والفقيه العالم بالفقه المجتهد وللفقه مكانة مهمة دلت فضله ووجوب التفقه وكان أعلام فقهاء الصحابة ذوو تخصص استنباط وكانت اجتهادات ومذاهب فقهية وأخذ عنهم التابعين مختلف البلدان وبذلك تأسيس المدارس الحجاز والعراق والشام واليمن ومصر وتلخصت أشهرها الأربعة وقد بداية عموما وبعد تطوير الدراسات والبحوث ووضع وتدوينها تتضمن: والفروع وتاريخ والمدارس ومداخل ومراتب وأصبح بمعناه الاصطلاحي فروع أنواع وهو: المستمدة فروع هي: الفرعية المتعلقة بأفعال عباداتهم كطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج والعمرة معاملاتهم مثل: البيوع كالإجارة والرهن والربا والوقف والجعالة والبيع والمعاوضة الربوية والنكاح يتعلق كالطلاق والصداق والخلع والظهار والإيلاء واللعان والعدة والرضاع والحضانة والنفقات والعلاقات الأسرية وأبواب المواريث والجنايات والأقضية والشهادات والأيمان والنذور والكفارات والأطعمة والأشربة وأحكام الصيد والذبائح والذكاة ومعاملات الكتاب الجهاد والسبق والرمي العتق ويدخل ضمن مواضيع بعضهم البعض وبينهم وبين غيرهم السلم والحرب تلك الأفعال واجبة محرمة مندوبة مكروهة مباحة وأنها صحيحية فاسدة ذلك؛ بناء الواردة المعتبرة وفروع بالمعنى الاصطلاحي: وفق منهج وتنقسم حسب ذكره ابن عابدين شرعية وأدبية ورياضية وعقلية والعلوم التفسير والتوحيد وعلم خلاصة ونتائج ويعد وواضعه الأئمة المجتهدون ومسائله جملة موضوعها فعل المكلف ومحمولها كقولنا: الفعل واجب وفضيلته كونه أفضل سوى والتفسير وأصول ونسبته لصلاح الظاهر كنسبة العقائد والتصوف الباطن موضوع الفقه موضوع الفِقْه ثبوتا سلبا إنه مكلف؛ عما يعرض لفعله حل وحرمة وندب وموضوع علم: عوارضه الذاتية المراحل الأولى تاريخ يشمل النظرية والعملية والأحكام الكلية والجزئية وفروعها وقواعدها (علم العقيدة) وفروعه والإيمان والسلوكيات وأصولها ظهور الكبرى: تحديد مراحل وضع لها وقسم أصغر أكبر وجعل العقيدة الأكبر فوضع أنه دونه وجمعه مستقل مستقلا بموضوعه هو: وبعد تدوين تميز واختص المكلّفين لأفعالهم حلّ وكراهة فيختص أما العلمية؛ التوحيد) ثابتة يتفق المسلمون وإنما حصل بسبب الفرق المخالفة لمذهب والجماعة ولم تظهر مباحث التوحيد لهدف الرد الأهواء والزيغ غايته وغايته ثمرته المترتبة عليه: الفوز بسعادة الدارين: دار بنقل نفسه حضيض الجهل ذروة وببيان للناس لقطع الخصومات ودار بالنعم الفاخرة هذا الركن يحمل المؤلفة

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
ضوابط للدراسات الفقهية
كتاب

ضوابط للدراسات الفقهية

ــ سَلْمَانُ الْعَوْدَةَ

صدر 1984م
ضوابط للدراسات الفقهية
كتاب

ضوابط للدراسات الفقهية

ــ سَلْمَانُ الْعَوْدَةَ

صدر 1984م
مميّز
عن كتاب ضوابط للدراسات الفقهية:
مقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ.وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا الله فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [الحشر:18، 19].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا.يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70، 71].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا الله الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1].
أما بعد:
فإن الله تعالى خلق الخلق: جِنَّهم، وإنسهم؛ لحكمة بينها سبحانه بقوله: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات:56]. فهو الخالق، وهو المعبود سبحانه، ومن يملك الخلق والرزق، والإحياء والإماتة، والضر والنفع هو الذي يملك الأمر والنهي، والحكم، والتحليل والتحريم؛ ولذلك قال تعالى: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ) [الأعراف:54].
ونعى سبحانه على المشركين اعترافهم له بالربوبية، وعدم التزام ما يترتب عليها؛ من الاعتراف بالألوهية والإفراد بالعبادة. جاء ذلك في آيات كثيرة كما في قوله تعالى: (قُلْ لِمَنِ الأرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ.سَيَقُولُونَ لله قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ.قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ.سَيَقُولُونَ لله قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ.قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ.سَيَقُولُونَ لله قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) [المؤمنون: 84 - 89] وغيرها.
فالله المتصرف المبدئ المعيد، هو المشرع الذي لا يجوز أن يُشْرَك معه في تشريعه أحد، ولا أن يقبل العباد شرعًا غير شرعه، قال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الله) [الشورى:21]
وقال تعالى: (مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا) [الكهف: 26]، وفي بعض القراءات: (وَلا تُشْرِكْ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا) على أنها خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ولأمته من بعده؛ يتضمن النهي عن الإشراك في الحكم؛ أي: النهي عن قبول حكم غير حكم الله، أو شرع غير شرعه.
وفي القرآن الكريم نجد صورتين متقابلتين متباينتين؟
الأولى: صورة المؤمن المسلِّم لربه، الممتثل لأمره، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فهذا يقف دائمًا بانتظار حكم الله تعالى، أو حكم رسوله، ثم يقول: سمعنا وأطعنا. ففي هذا الصنف يقول تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى الله وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.وَمَنْ يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ الله وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) [النور: 51، 52].
ويقول: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) [الأحزاب:36].
والثانية: هي صورة المنافق الذي يعبد هواه ومصلحته، ويتبع ما يوافقهما؛ فإن جاء شرع الله وأمره موافقًا لهواه أخذ به، لا لأنه شرع الله، ولكن لأنه موافق لهواه ومصلحته.
ولو كانت مصلحته وهواه في الكفر الصراح لأقدم عليه بلا تردد، وفي هذا الصنف يقول تعالى: (وَإِذَا دُعُوا إِلَى الله وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ.وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ.أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ الله عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [النور: 48-50]، ويقول: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ الله عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا والآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) [الحج: 11].
وهناك آيات أخرى كثيرة في وصف هؤلاء العابدين لأهوائهم، الخابطين في عميائهم، المضطربين في ولائهم.
وخلاصة القول: إن المؤمن الذي اختار طريق الإسلام على طرق الكفر والنفاق؛ ليس له مع أمر الله ونهيه أمر ولا نهي، ولا مع حكم الله وقوله حكم ولا قول؛ إنما هو الإذعان والتسليم المطلق المجرد عن كل سبب أو دافع إلا طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والرضا بهما وبحكمهما.
فليس يعنيه أن يعرف حكمة هذا الأمر أو ذاك، أو مفسدة هذا المنهي عنه، أو مصلحة ضده؛ بل كل ما يعنيه أن يعرف: ما حكم الله في المسألة الفلانية؟ وما هي أمارة هذا الحكم ودليله؟ ثم ينقاد -بعد ذلك- انقياد الواثق المطمئن البصير.
وإذا كانت هذه الحقيقة الواضحة هي أسُّ الإسلام ولبه؛ فإنه يترتب عليها أن يدرك المؤمن المستسلم: أن لله تعالى في كل مسألة حُكمًا؛ عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وجهله من جهله.
وقد يكون هذا الحكم هو الإيجاب، أو الندب والاستحباب، أو الجواز والإباحة، أو الكراهة، أو التحريم، فهذه هي الأحكام الخمسة التي لا تخرج مسألة من المسائل عنها بحال من الأحوال.
ولذلك يسعى المؤمن إلى معرفة حكم الله في المسائل والقضايا: فإن كان عالمًا سعى إلى معرفة ما يحتاجه الناس من الأحكام؛ ليرشدهم إلى ما يجوز وما لا يجوز، ويبين لهم الحلال من الحرام في حكم الله وشرعه، مقرونًا بدليله الصحيح من القرآن أو السنة أو القياس السليم أو الإجماع أو غير ذلك.
وإن كان عامّيًا، أو غير متخصص في علوم الشريعة؛ سعى إلى معرفة ما يحتاجه هو في حياته العملية من أحكام في العبادات، أو المعاملات، أو غيرها: إما بالبحث في الكتب الميسَّرَة -إن كان ممن يستطيع ذلك-، وإما بسؤال العلماء الذين ذكرهم الله بقوله: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [النحل: 43].
وقد جعل الله تعالى علامات وأمارات يُتعرف بها إلى حكمه في كل مسألة، هي ما تسمى بـ"الأدلة الشرعية"، سواء المتفق عليها كالقرآن والسنة والإجماع، أو المختلف فيها كباقي الأدلة.
غير أن تنـزيل الحوادث المفردة المحددة على مواقعها من النصوص الواسعة العامة أمر ليس بالميسور لكل أحد. وأضرب لذلك مثلا واحدًا:
علمنا يقينًا لا تردد فيه أن الشرع جاء بجلب المصالح وتحصيلها وتكميلها، ودرء المفاسد ودفعها وتقليلها.. فهذا حكم عام، ولكن الحكم على مسألة واقعة بأنها جلب مصلحة، أو درء مفسدة؛ يحتاج إلى يقظة وتحرٍّ وفهم وإدراك؛ لأنه لا يكاد يوجد مصالح محضة لا مفسدة فيها البتة، كما لا يكاد يوجد مفاسد محضة لا صلاح فيها البتة؛ بل الحكم لما غلب من هذين، فما غلبت مصلحته فهو مطلوب، وما غلبت مفسدته فهو مردود وهكذا.
ولذلك صار من المهم اللازم لحياة المسلمين أن يوجد من بينهم من يُعْنِيهم الاشتغال بتمحيص المسائل وتحقيقها ودراستها، وتحري حكم الشرع فيها، وهؤلاء هم الفقهاء العاملون المبلغون عن الله حكمه إلى سائر من لا يمكنه الوصول إلى هذا الحكم إلا عن طريقهم.
وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أول المجتهدين، وطليعة العلماء العاملين، كلهم يصدرون عن القرآن والسنة والقياس الصحيح، أو يجتمعون -فيما لا نص فيه- فيُجمِعون. ثم جاء من بعدهم التابعون، فأتباعهم، وما زال في المسلمين من يبين لهم شرع الله، ويدعوهم إليه؛ إذ لا يخلو عصر من قائم لله بحجة.
ولكن الجبلة البشرية، التي فطر الله الناس عليها: من الاختلاف في الأفهام، وقوى العقل والإدراك، مع التفاوت بين الناس في معرفة الأدلة واستيعابها، سواء من حيث الثبوت، أو من حيث الدلالة، ومع التفاوت بينهم في تصور المسائل، وفهم أبعادها، إضافة إلى تفاوت مقدار الإخلاص والصدق في معرفة الحكم بعيدًا عن كل تعصب مذهبي، أو تقليد غير بصير؛ كل ذلك جعل العلماء والباحثين والمؤلفين يختلفون في طرائقهم التي يسلكونها في معرفة الأحكام، ثم يختلفون في ذات الأحكام التي توصلوا إليها.
وعلى رغم كثرة ما أُلِّف وكُتب في علم (أصول الفقه) -وهو العلم الذي يُعنى ببحث طرائق استخراج الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية- في جميع المذاهب مما لا يكاد يقع تحت الحصر، وعلى رغم الاختلافات الهائلة بين مناهج الفقهاء، والتباين البعيد بين مسالكهم؛ فقلما يلتفت أحد من المسلمين -وخاصة في هذا العصر- إلى التفكير بوضع الأصول الشرعية، والقواعد العامة، التي تعين الباحث المنصف البعيد عن التعصب على معرفة الأحكام بطريقة سليمة، خاصة وقد التبس الحق بالباطل، والخطأ بالصواب، في كثير من الأحيان؛ حتى عسر تمييز ذلك إلا على من وفقه الله للفهم، ورزقه الإخلاص، وعصمه بالبصيرة النافذة.
ولست أعني بوضع الأصول والقواعد: إنشاءها واختراعها؛ فهذا ما لا سبيل إليه لمن أراد أن يكون مسلمًا حقًا، فالابتداع في الفروع -فضلاً عن القواعد والأصول- ضلال، واستدراك على الشرع، وطعن في المبلغ صلى الله عليه وسلم، وقد قيل:
وخيرُ الأمورِ السالفاتُ على الهدى
وشرُّ الأمورِ المحدثاتُ البدائـعُ
وقيل:
وكلُّ خيرٍ في اتباعِ مَـنْ سَلَـف
وكُلُّ شرٍّ في ابتداعِ مَنْ خلـف
وإنما أعني بذلك تمحيصها من كتب الأصول والفقه والحديث والعقائد، وجمعها، والتنسيق بينها بطريقة تناسب العصر، وتيسر الأمر.
وأعني -أيضًا- دراسة الأمور التي يكثر فيها النـزاع من القواعد والأصول، دراسة صـادقة يُتَحرى فيها الصواب -ولا شيء غيره-؛ لتكون نبراسًا للباحثين عن الحق، يعصمهم الله بها من التردي في مهاوي الإفراط أو التفريط، وذلك كمسألة "الاجتهاد والتقليد" مثلاً.
وقد استعنت الله تعالى في بدء المحاولة، على ضعف الآلة، وضعف الهمة، وضعف الإخلاص -والله المستعان-. ولكن لعل ما حاولته في هذه الصفحات يكون داعية لبعض المخلصين والغيورين؛ أن يتناولوا الموضوع -من جديد- تناولاً جادًا، يكشف غوامضه، ويجلي خوافيه.
وقد قسمت هذه الدراسة إلى: تمهيد، وثلاثة أبواب، وخاتمة.
ففي التمهيد: تحدثت عن أهمية الفقه في الدين، وفضله، وأنه شرط رئيس للخيرية والسؤدد في الإسلام -كما نطقت بذلك النصوص-.
وفي الباب الأول: حاولت أن أعمل "تقويمًا" عامًّا للمكتبة الإسلامية الفقهية.
فتحدثت في الفصل الأول عن: الكتب الفقهية القديمة.
وتحدثت في الفصل الثاني عن: الكتب الفقهية الحديثة.
وفي الباب الثاني: تحدثت في فصلين عن: الشروط المنهجية في البحث العلمي -أيًا كان اختصاصه ومجاله- والمراحل التي يمر بها.
ثم عن الصفات العلمية للباحث، سواء الصفات العامة لأي باحث، أو الصفات الخاصة لبحث موضوع بعينه. ولتطبيق هذه الصفات العامة على من يبحث في مجال الفقه؛ وسَّعت الكلام على صفات الباحث في الأمور الفقهية، وعلى العلوم التي يحتاج إليها في اختصاصه.
وفي الباب الثالث: -وهو جوهر الموضوع- حاولت حصر ما توصلت إليه من الضوابط العامة للباحث في الفقه؛ ولذلك جاء هذا الباب طويلاً، واحتوى على تسعة فصول.
الفصل الأول: بين التيسير والتشديد.
الفصل الثانى: كراهة التنطع والتوسع في افتراض المسائل.
الفصل الثالث: بين الاجتهاد والتقليد.
الفصل الرابع: مبحث الخلاف والترجيح.
الفصل الخامس: حول فقه النوازل.
الفصل السادس: عن ألفاظ التحليل والتحريم، والتسرع في إطلاقها.
الفصل السابع: عن التربية والعبادة والبناء الخلقي.
الفصل الثامن: الأدلة الشرعية، وترتيبها، وكيفية إعمالها.
الفصل التاسع: كلمة في المراجع.
ثم ختمت البحث بخاتمة، سجلت فيها أهم ما مر في البحث من النتائج، وأتبعت ذلك بذكر المصادر والمراجع التي استفدت منها في البحث.
وإنني لأسأل الله تعالى أن يجعل عملي خالصًا لوجهه الكريم، وأن يتقبله مني، وأن يثيبني عليه، ويغفر لي ما قصرت فيه.
وأستغفر الله وأتوب إليه، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
في الرياض 20/ 7/ 1404 هـ

* *
الترتيب:

#475

0 مشاهدة هذا اليوم

#20K

7 مشاهدة هذا الشهر

#35K

7K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 150.
المتجر أماكن الشراء
سلمان العودة ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية