❞❝
❞ ولما رجع ﷺ إلى المَدِينَةِ ، جاءه أبو بصير رجل من قريش مسلماً ، فأرسلوا في طلبه رجلين ، وقالوا : العهد الذي جعلت لنا ، فدفعه إلى الرجلين ، فخرجا به حتى بلغا ذا الحُلَيْفَةِ ، فنزلوا يأكلون من تمر لهم ، فقال أبو بصير لأحد الرجلين : واللهِ إِنِّي لأرى سيفك هذا جيداً ، فاستله الآخر ، فقال : أَجَلْ والله إنه لجيد ، لقد جربت به ثم جربت ، فقال أبو بصير : أرني أنظر إليه ، فأمكنه منه ، فضربه به حتى برد ، وفر الآخر يعدو حتى بلغ المدينة ، فدخل المسجد ، فقال رسول الله ﷺ حين رآه ( لَقَدْ رَأى هذا ذُعْرَاً ) ، فلما انتهى إلى النبي ﷺ قال : قُتِلَ والله صاحبي ، وإني لمقتول ، فجاء أبو بصير ، فقال : يا نبي الله ، قد والله أوفى الله ذمتك ، قد رددتني إليهم ، فأنجاني الله منهم ، فقال النبي ﷺ: ( وَيْلُ أمهِ مِسْعَرٍ حَرْبٍ ، لو كَانَ لَهُ أَحَدٌ ) ، فلما سمِع ذلك ، عرف أنه سيرده إليهم ، فخرج حتى أتى سيف البحر ، وينفلت منهم جندل بن سهيل ، فلحق بأبي بصير ، فلا يخرُجُ مِن قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير ، حتى اجتمعت منهم عصابة ، فوالله لا يسمعُونَ بعير لقُريش خرجت إلى الشام إلا اعترضُوا لها ، فقتلوهم ، وأخذوا أموالهم فأرسلت قريش إلى النبي ﷺ تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم ، فمن أتاه منهم ، فهو آمن ، فأنزل الله عز وجل { وهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ } حتى بلغ { حَميَّةَ الْجاهِلِيَّة } ، وكانت حميتهم أنهم لم يُقِرُّوا أنه نبي الله ، ولم يَقرُّوا ببسم الله الرحمن الرحيم ، وحالوا بينهم وبين البيت . ❝
❞ من حِكَمه سبحانه وتعالى في صُلح الحُديبية 🔹️ما سببه سبحانه للمؤمنين من زيادة الإيمان والإذعان ، والانقيادِ على ما أحبوا وكرهوا وما حصل لهم في ذلك من الرضى بقضاء الله ، وتصديق موعوده وانتظارِ ما وُعِدُوا به ، وشهودِ مِنَّة الله ونعمته عليهم بالسَّكينة التي أنزلها في قلوبهم ، أحوج ما كانوا إليها في تلك الحال التي تَزَعْزَعُ لها الجبال ، فأنزل الله عليهم من سكينته ما اطمأنت به قلوبهم ، و قویت به نفوسهم ، وازدادوا به إيماناً على إيمانهم🔹️ومنها : أنه سبحانه جعل هذا الحكم الذي حكم به لرسوله وللمؤمنين سبباً لما ذكره من المغفرة لرسوله ﷺ ما تقدَّم من ذنبه وما تأخر ، ولإتمام نعمته عليه ، ولهدايته الصِّراط المستقيم ، ونصره النصر العزيز ، ورضاه به ، ودخوله تحته ، وانشراح صدره به مع مافيه من الضيم وإعطاء ما سألوه ، كان من الأسباب التي نال بها الرسول ﷺ وأصحابه ذلك ، ولهذا ذكره الله سبحانه جَزَاءً وغاية ، وإنما يكون ذلك على فعل قام بالرسول والمؤمنين عند حكمه تعالى . ❝