❞ من دمشق .. هنا القاهرة.. ومن الخرطوم ... إلى غزة : تاريخ لا ينفى بضجيج.
بقلم / فتحى عبدالحميد
عندما يخرج علينا البعض مطالباً بترحيل السوريين أو السودانيين من مصر بزعم أو حتى بثبوت إرتكاب بعضهم لمخالفات أو جرائم مرفوضة تستحق العقاب.. فإن أول ما يجب أن نذكره ونتمسك به هو أن العقوبة لابد أن تكون شخصية. هذا مبدأ شرعي قبل أن يكون قانونياً. فلا تزر وازرة وزر أخرى. وكل نفس بما كسبت رهينة. ولا يجوز شرعا ولا عدلا ولا منطقا أن نحمل بريئا وزر مذنب. أو نعاقب شعبا كاملا بخطأ فرد. أو نجعل من جرم عابر ذريعة لخلق فتنة عابرة للقلوب والحدود.
الشريعة الإسلامية واضحة حاسمة في فردية المسؤولية. والقانون يؤكد القاعدة ذاتها. فلا يحاسب الأبناء بذنوب الآباء ولا الأوطان بخطيئة وافد منها .
كما أن الشعوب لا تؤخذ بذنوب حكامها. والسياسة متقلبة. وأصدقاء اليوم قد يصبحون أعداء الغد وأعداء الأمس قد يصبحون حلفاء اليوم. أما الشعوب فتبقى على حقيقتها. الناس للناس. والرحمة للرحمة. والإنسانية لا ينبغي لها أن تسقط أمام موجة تحريض إعلامي أو توجهات خفية تريد زرع الشقاق بين من جمعهم الدين والتاريخ والمصير.
كيف ننسى أن الإسلام علمنا أن نجير المشرك فكيف لا نجير المسلم. وكيف نقبل أن نحارب ضيفا دخل بلادنا بحق واحتياج. ونحن الذين كان أجدادنا يقولون إن المصري الحقيقي يفتح بيته قبل أن يفتح كلامه ..بالترحاب .
ولا ينبغي لنا أن نتناسى ما قدمه الشعب السوري لمصر. فمن أرض الشام كان الإذاعي السوري صبري بكار يعلن بصوت يجلجل في السماء.. من دمشق هنا القاهرة دعما لصمود مصر بعد عدوان 1956. وكانت سوريا من الدول العربية التي شاركت في جبهة المواجهة مع اسرائيل عام 1967 ثم خاضت الحرب جنبا الى جنب مع مصر في اكتوبر 1973 على جبهتين متوازيتين في معركة عربية واحدة من اجل الكرامة واسترداد الارض. كما شارك الكثير من السوريين في نهضة مصر التعليمية والثقافية منذ ستينيات القرن العشرين من أطباء ومعلمين وفنانين واكاديميين اصبحوا جزءا من النسيج الوطني المصري .
وكذلك الشعب السوداني الكريم الذي جمعته بمصر وحدة الدم قبل وحدة الجغرافيا. فقد شاركت قوات سودانية رسميا في حرب اكتوبر 1973 دعما للجيش المصري وظل السودان حاضنا للمصريين في كل فترات التنقل والعمل بين البلدين دون قيود حقيقية. ولم يكن ذلك يوما مبادرة حكومية فقط بل كان موقفا شعبياً أصيلاً تجلى في علاقات إنسانية ممتدة عبر التاريخ وفي تمازج إجتماعي وثقافي لا يعرف حدوداً.
هذه ليست شعارات عاطفية بل حقائق تؤكد أن مصر لم تكن يوما وحدها وان ما بين شعبها وبين الشعبين السوري والسوداني روابط تكتبها المواقف الصادقة قبل أن تسجلها كتب التاريخ.
ثم يخرج علينا من لا يقرأ التاريخ ولا يعرف حقيقة الجار ليقول نطرد السوري أو نرحل السوداني. وكأننا لم نتقاسم الرغيف والعرق والمصير عبر آلاف السنين.
بل إننا اليوم نرى بعض الأصوات تطال حتى الشعب الفلسطيني. ذلك الشعب الذي يجب أن تكون له خصوصية استثنائية. فهو ليس ضيفا عابرا. فلسطين كانت وستظل جزءا من وعينا وهويتنا وعقيدتنا. المصريون لا ينسون أن فلسطين كانت بوابة دمهم في ٤٨ و٥٦ و٦٧ و٧٣ وأن أبناء مصر قضوا على ترابها شهداء قبل أن يولد كثير ممن يتكلمون اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي.
إن مصر لم تغلق أبوابها يوما في وجه أشقائها. ولن تغلق. المصريون الحقيقيون يرحبون بكل عربي شريف. ولا يحملون إلا الخير للجميع. مصر ليست صفحات الفيسبوك. فهؤلاء الذين يتفرغون للضجيج الإلكتروني هم في غالبهم جيل لم يعرف معنى التضحية ولا درس الوطنية. جيل ينقصه الخبرة والحكمة والثقافة. إلا ما رحم ربى. أما مصر الحقيقية فهي في آبائنا وأمهاتنا وإخواننا الكبار الذين لم تتلوث عقولهم بإعلام موجه ولا بأجندات خفية ولا بسموم فضائيات ممولة.
مصر الحقيقية كانت وستظل قبلة لكل محتاج إلى الأمان. تمد يدها بالخير بينما تضبط أمنها بالعدل. ترحب بالجميع كما كانت دائما. لكنها في الوقت نفسه تضرب بيد من حديد على كل مخالف لنظامها. منتهك لحقوقها. عابث بأمنها. أيا كانت جنسيته. فمثل هذا مرفوض ومعاقب بحكم القانون والعدل.
إن كلمة الحق التي يجب أن تقال اليوم أن الشعوب العربية جسد واحد. وأن الخطأ يُحاسب مرتكبه لا أمته. وأن مصر التي احتضنت وقدمت الخير للسوري والفلسطيني والسوداني والسعودي والخليجى عامة والمغربي واليمني والليبي ....الخ ، ستظل كما كانت بيت العرب جميعا. لا تعادي أحدا ولا تظلم أحدا. لكنها لا تقبل أن يعبث فيها أحد.
هذه هي مصر التي نعرفها وننتمي إليها. وهذه هي الأخوة التي يجب أن تبقى. وهذه هي الرسالة التي ينبغي أن تُقال في زمن كثرت فيه الأصوات وقلت فيه الحكمة.. ❝ ⏤فتحى عبدالحميد
❞ من دمشق . هنا القاهرة. ومن الخرطوم .. إلى غزة : تاريخ لا ينفى بضجيج.
بقلم / فتحى عبدالحميد
عندما يخرج علينا البعض مطالباً بترحيل السوريين أو السودانيين من مصر بزعم أو حتى بثبوت إرتكاب بعضهم لمخالفات أو جرائم مرفوضة تستحق العقاب. فإن أول ما يجب أن نذكره ونتمسك به هو أن العقوبة لابد أن تكون شخصية. هذا مبدأ شرعي قبل أن يكون قانونياً. فلا تزر وازرة وزر أخرى. وكل نفس بما كسبت رهينة. ولا يجوز شرعا ولا عدلا ولا منطقا أن نحمل بريئا وزر مذنب. أو نعاقب شعبا كاملا بخطأ فرد. أو نجعل من جرم عابر ذريعة لخلق فتنة عابرة للقلوب والحدود.
الشريعة الإسلامية واضحة حاسمة في فردية المسؤولية. والقانون يؤكد القاعدة ذاتها. فلا يحاسب الأبناء بذنوب الآباء ولا الأوطان بخطيئة وافد منها .
كما أن الشعوب لا تؤخذ بذنوب حكامها. والسياسة متقلبة. وأصدقاء اليوم قد يصبحون أعداء الغد وأعداء الأمس قد يصبحون حلفاء اليوم. أما الشعوب فتبقى على حقيقتها. الناس للناس. والرحمة للرحمة. والإنسانية لا ينبغي لها أن تسقط أمام موجة تحريض إعلامي أو توجهات خفية تريد زرع الشقاق بين من جمعهم الدين والتاريخ والمصير.
كيف ننسى أن الإسلام علمنا أن نجير المشرك فكيف لا نجير المسلم. وكيف نقبل أن نحارب ضيفا دخل بلادنا بحق واحتياج. ونحن الذين كان أجدادنا يقولون إن المصري الحقيقي يفتح بيته قبل أن يفتح كلامه .بالترحاب .
ولا ينبغي لنا أن نتناسى ما قدمه الشعب السوري لمصر. فمن أرض الشام كان الإذاعي السوري صبري بكار يعلن بصوت يجلجل في السماء. من دمشق هنا القاهرة دعما لصمود مصر بعد عدوان 1956. وكانت سوريا من الدول العربية التي شاركت في جبهة المواجهة مع اسرائيل عام 1967 ثم خاضت الحرب جنبا الى جنب مع مصر في اكتوبر 1973 على جبهتين متوازيتين في معركة عربية واحدة من اجل الكرامة واسترداد الارض. كما شارك الكثير من السوريين في نهضة مصر التعليمية والثقافية منذ ستينيات القرن العشرين من أطباء ومعلمين وفنانين واكاديميين اصبحوا جزءا من النسيج الوطني المصري .
وكذلك الشعب السوداني الكريم الذي جمعته بمصر وحدة الدم قبل وحدة الجغرافيا. فقد شاركت قوات سودانية رسميا في حرب اكتوبر 1973 دعما للجيش المصري وظل السودان حاضنا للمصريين في كل فترات التنقل والعمل بين البلدين دون قيود حقيقية. ولم يكن ذلك يوما مبادرة حكومية فقط بل كان موقفا شعبياً أصيلاً تجلى في علاقات إنسانية ممتدة عبر التاريخ وفي تمازج إجتماعي وثقافي لا يعرف حدوداً.
هذه ليست شعارات عاطفية بل حقائق تؤكد أن مصر لم تكن يوما وحدها وان ما بين شعبها وبين الشعبين السوري والسوداني روابط تكتبها المواقف الصادقة قبل أن تسجلها كتب التاريخ.
ثم يخرج علينا من لا يقرأ التاريخ ولا يعرف حقيقة الجار ليقول نطرد السوري أو نرحل السوداني. وكأننا لم نتقاسم الرغيف والعرق والمصير عبر آلاف السنين.
بل إننا اليوم نرى بعض الأصوات تطال حتى الشعب الفلسطيني. ذلك الشعب الذي يجب أن تكون له خصوصية استثنائية. فهو ليس ضيفا عابرا. فلسطين كانت وستظل جزءا من وعينا وهويتنا وعقيدتنا. المصريون لا ينسون أن فلسطين كانت بوابة دمهم في ٤٨ و٥٦ و٦٧ و٧٣ وأن أبناء مصر قضوا على ترابها شهداء قبل أن يولد كثير ممن يتكلمون اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي.
إن مصر لم تغلق أبوابها يوما في وجه أشقائها. ولن تغلق. المصريون الحقيقيون يرحبون بكل عربي شريف. ولا يحملون إلا الخير للجميع. مصر ليست صفحات الفيسبوك. فهؤلاء الذين يتفرغون للضجيج الإلكتروني هم في غالبهم جيل لم يعرف معنى التضحية ولا درس الوطنية. جيل ينقصه الخبرة والحكمة والثقافة. إلا ما رحم ربى. أما مصر الحقيقية فهي في آبائنا وأمهاتنا وإخواننا الكبار الذين لم تتلوث عقولهم بإعلام موجه ولا بأجندات خفية ولا بسموم فضائيات ممولة.
مصر الحقيقية كانت وستظل قبلة لكل محتاج إلى الأمان. تمد يدها بالخير بينما تضبط أمنها بالعدل. ترحب بالجميع كما كانت دائما. لكنها في الوقت نفسه تضرب بيد من حديد على كل مخالف لنظامها. منتهك لحقوقها. عابث بأمنها. أيا كانت جنسيته. فمثل هذا مرفوض ومعاقب بحكم القانون والعدل.
إن كلمة الحق التي يجب أن تقال اليوم أن الشعوب العربية جسد واحد. وأن الخطأ يُحاسب مرتكبه لا أمته. وأن مصر التي احتضنت وقدمت الخير للسوري والفلسطيني والسوداني والسعودي والخليجى عامة والمغربي واليمني والليبي ..الخ ، ستظل كما كانت بيت العرب جميعا. لا تعادي أحدا ولا تظلم أحدا. لكنها لا تقبل أن يعبث فيها أحد.
هذه هي مصر التي نعرفها وننتمي إليها. وهذه هي الأخوة التي يجب أن تبقى. وهذه هي الرسالة التي ينبغي أن تُقال في زمن كثرت فيه الأصوات وقلت فيه الحكمة. ❝