❞ (ذكريات وليلة ودقه)
عالم موَازي بِداخل عقلى بين اليابس والماءَ عقلى!، بين ذكريات الماضِى و تلاشِي الوقت بين أحضَان الأرق أسْكن ويسْكن داخِلى بعض ذكريات المتقطعة عن ليلةَ أين ذهب ليلةَ؟، ليلةَ الغارقة في بحُور العقلِي الضائع بدَاخلهَا كأني خلقت لـأكون بداخلهَا وخلقت لتسْكن بداخلِي، جسد يسكنهُ روحانَ و جسدين تسكنهم روحَ وكيف لا تسكن ليلة العقل!، دُمرت صخُور العَقل من قبل و القلب من قبلهُ شُقت طريق الانهَاراً بداخلى، أبكى من الحزن انهِار ومن العشق انهارٍ، أبكى بصوره سكون من أجل الا أُسمع أحد صوت أنِيني وكيف أبكى! وكيف لا أبكى! أتحدث عنكِ وصوت أنين يقتلني أنا لست أنا بدونك أصبحت جماداً من الخارج لا يتحرك ومن داخل طفل يبكى كيف أمضى؟!، كم أحبكِ، أنا لا أحبكَ، كم أحبكَ لا أحبكَ كلا أنا عاشق في بحور الحزن غارق يبحث عن سبيل لي نجاةَ أو طريق من أجل العودة إلي الحياةَ، مازلت أنهار الحزن تصُب من عيني وكيف لا أبكى الان وأنا لا أملك سوىٰ عينيكي وأحزاني.
ڪ/ علي محمد. ❝ ⏤الكاتب /علي محمد
❞ (ذكريات وليلة ودقه)
عالم موَازي بِداخل عقلى بين اليابس والماءَ عقلى!، بين ذكريات الماضِى و تلاشِي الوقت بين أحضَان الأرق أسْكن ويسْكن داخِلى بعض ذكريات المتقطعة عن ليلةَ أين ذهب ليلةَ؟، ليلةَ الغارقة في بحُور العقلِي الضائع بدَاخلهَا كأني خلقت لـأكون بداخلهَا وخلقت لتسْكن بداخلِي، جسد يسكنهُ روحانَ و جسدين تسكنهم روحَ وكيف لا تسكن ليلة العقل!، دُمرت صخُور العَقل من قبل و القلب من قبلهُ شُقت طريق الانهَاراً بداخلى، أبكى من الحزن انهِار ومن العشق انهارٍ، أبكى بصوره سكون من أجل الا أُسمع أحد صوت أنِيني وكيف أبكى! وكيف لا أبكى! أتحدث عنكِ وصوت أنين يقتلني أنا لست أنا بدونك أصبحت جماداً من الخارج لا يتحرك ومن داخل طفل يبكى كيف أمضى؟!، كم أحبكِ، أنا لا أحبكَ، كم أحبكَ لا أحبكَ كلا أنا عاشق في بحور الحزن غارق يبحث عن سبيل لي نجاةَ أو طريق من أجل العودة إلي الحياةَ، مازلت أنهار الحزن تصُب من عيني وكيف لا أبكى الان وأنا لا أملك سوىٰ عينيكي وأحزاني.
❞ وكانت الدولةُ أوَّل النهار للمسلمين على الكفار ، فانهزم عدو الله ، وولُّوا مُدْبِرِينَ حتى انتَهَوْا إلى نسائهم ، فلما رأى الرُّمَاةُ هزيمتهم تركوا مركزهم الذي أمرهم رسول الله ﷺ بحفظه ، وقالوا : يا قوم الغنيمة ، فذكرهم أميرهم عهد رسول الله ﷺ فلم يسمعوا ، وظنوا أن ليس للمشركين رجعة ، فذهبوا في طلب الغنيمة ، وأخْلُو الثَّغْرَ ، وكرَّ فُرسَانُ المشركين ، فوجدوا الثغر خالياً ، قد خلا مِن الرماة ، فجازُوا منه ، وتَمكَّنُوا حتى أقبل آخرهم ، فأحاطوا بالمسلمين ، فأكرم اللهُ مَنْ أكرم منهم بالشهادة ، وهم سبعون ، وتولَّى الصَّحَابة ، وخلص المشركون إلى رسول الله ﷺ فجرحُوا وجهه ، وكسروا رَباعِيَّته اليمنى ، وكانت السُّفلى ، وهَشَمُوا البيضة على رأسه ، ورمَوْهُ بالحِجَارة حتى وقع لشقه ، وسقط في حفرة مِن الحُفَرِ التي كان أبو عامر الفاسِقُ يَكيدُ بها المسلمين ، فأخذ علي بيده ، واحتضنه طلحة بن عبيد الله ، وكان الذي تولى أذاه ﷺ عَمْرُو بنُ فَمِئَةَ ، وعُتُبَةُ بن أبي وقاص ، وقيل : إن عبد الله بن شهاب الزهري ، عم محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، هو الذي شجّه ، وقُتِلَ مصعب بن عمير بين يديه ﷺ ، فدفع اللواء إلى علي بن أبي طالب ، ونشبت حَلَقَتَانِ مِن حلق المِغْفَرِ في وجهه الشريف ، فانتزعهما أبو عبيدة بن الجراح ، وعض عليهما حتى سقطت ثنيتاه من شَدَّةِ غوصِهِمَا فِي وَجْهِهِ ، وامتصَّ مَالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري الدَّمَ من وجنته ﷺ ، وأدركه المشركون يُريدُونَ ما الله حائل بينهم وبينه ، فحال دُونَه ﷺ نفر من المسلمين نحو عشرة حتى قُتلوا ، ثم جالدهم طلحة أجهضهم عنه ، وترس أبو دُجانة عليه بظهره ، والنبل يقع فيه ، وهو لا يتحرك ، وأصيبت يومئذ عين قتادة ابن النعمان ، فأتى بها رسول الله ﷺ فردها عليه بيده ، وكانَتْ أصح عينيه وأحسنهما. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وكانت الدولةُ أوَّل النهار للمسلمين على الكفار ، فانهزم عدو الله ، وولُّوا مُدْبِرِينَ حتى انتَهَوْا إلى نسائهم ، فلما رأى الرُّمَاةُ هزيمتهم تركوا مركزهم الذي أمرهم رسول الله ﷺ بحفظه ، وقالوا : يا قوم الغنيمة ، فذكرهم أميرهم عهد رسول الله ﷺ فلم يسمعوا ، وظنوا أن ليس للمشركين رجعة ، فذهبوا في طلب الغنيمة ، وأخْلُو الثَّغْرَ ، وكرَّ فُرسَانُ المشركين ، فوجدوا الثغر خالياً ، قد خلا مِن الرماة ، فجازُوا منه ، وتَمكَّنُوا حتى أقبل آخرهم ، فأحاطوا بالمسلمين ، فأكرم اللهُ مَنْ أكرم منهم بالشهادة ، وهم سبعون ، وتولَّى الصَّحَابة ، وخلص المشركون إلى رسول الله ﷺ فجرحُوا وجهه ، وكسروا رَباعِيَّته اليمنى ، وكانت السُّفلى ، وهَشَمُوا البيضة على رأسه ، ورمَوْهُ بالحِجَارة حتى وقع لشقه ، وسقط في حفرة مِن الحُفَرِ التي كان أبو عامر الفاسِقُ يَكيدُ بها المسلمين ، فأخذ علي بيده ، واحتضنه طلحة بن عبيد الله ، وكان الذي تولى أذاه ﷺ عَمْرُو بنُ فَمِئَةَ ، وعُتُبَةُ بن أبي وقاص ، وقيل : إن عبد الله بن شهاب الزهري ، عم محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، هو الذي شجّه ، وقُتِلَ مصعب بن عمير بين يديه ﷺ ، فدفع اللواء إلى علي بن أبي طالب ، ونشبت حَلَقَتَانِ مِن حلق المِغْفَرِ في وجهه الشريف ، فانتزعهما أبو عبيدة بن الجراح ، وعض عليهما حتى سقطت ثنيتاه من شَدَّةِ غوصِهِمَا فِي وَجْهِهِ ، وامتصَّ مَالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري الدَّمَ من وجنته ﷺ ، وأدركه المشركون يُريدُونَ ما الله حائل بينهم وبينه ، فحال دُونَه ﷺ نفر من المسلمين نحو عشرة حتى قُتلوا ، ثم جالدهم طلحة أجهضهم عنه ، وترس أبو دُجانة عليه بظهره ، والنبل يقع فيه ، وهو لا يتحرك ، وأصيبت يومئذ عين قتادة ابن النعمان ، فأتى بها رسول الله ﷺ فردها عليه بيده ، وكانَتْ أصح عينيه وأحسنهما. ❝
❞ قصة قصيرة
المتميز
• في احد الشوارع الرئيسية يتحرك موكب عاصم رشدي احد رجال الأعمال حيث سيارته المرسيدس وسط عربيتان jeep بهما بودي جارد يجلس داخل عربيته الخاصة في يده السيجار واليد الأخرى كوب من القهوة لينظر اللي السواق ويقول له
عاصم رشدي : اطلع على مخزن الشركة الجديدة اللي انا لسه مشتريها كده كده لسه المؤتمر بليل
السواق : حاضر يا فندم
• يتغير خط سير الموكب اللي المخزن وكان في ذلك الوقت في المخزن التوتر والقلق يسيطر عليهم بسبب معرفتهم بأن الشركة اتباعت لشخص آخر والجميع خائفين على إن يخسروا عملهم
• ينزل الشيخ محمد مدير المخزن ومعه مدير العمال ليجمعوا امين المخزن والعمال والمهندسين ليخطب عليهم الشيخ محمد
الشيخ محمد : بصوا يا شباب علشان نبقى متفهمين الأمر الشركة اه اتباعت بس لمين لسه منعرفش مصيركم ومصيرنا ايه برضو معرفش طيب ايه وضعنا دلوقتي احنا هنفضل شغالين و هنستمر في العمل لحد ما نعرف الوضع وجزاكم الله خير وان شاء الله.......
• يقطع كلامه كلاكس وصوت فرامل العربيات لينزل الجارد من العربية ليفتحوا باب العربية لينزل عاصم رشدي من عربيته ويدخل المخزن وخلفه الجاردات ليقلع نضارته الشمسية ويبدأ في التحدث
عاصم : طبعا كلكم قلقانين خايفين على أكل عيشكم وسيدنا الشيخ محمد بيطمنكم
الشيخ محمد : مين حضرتك وبتتكلم ازاي كده ومين سامحلك بالدخول
عاصم : انا عاصم رشدي صاحب المخروبة دي الجديد وانت يا شيخ محمد بقا معلش هتتعب نفسك وتطلع تستناني فوق في مكتبك انت والشيخ صادق وخدو معاكم محمود بتاع الصيانه قريبك يا شيخ محمد وانت يا شيخ صادق تستناني في مكتبك لوحدك وهما يستنوا في مكتب الشيخ محمد
الشيخ محمد : اوي اوي يا استاذ عاصم
الشيخ صادق : حاضر يا استاذ عاصم انت تؤمر
• يذهبون اللي مكاتبهم ليبدأ عاصم بالتحدث اللي العمال
عاصم : انا عارفكم كويس واحد واحد وعارف مين بيشتغل ومين لأ ومين قلبه على الشغل ومين لأ ومين فارق معاه الشغل ومين مش فارق بصو بقا انا بحب اللي يشتغل صح اعرفكم الأول بنفسي
انا عاصم رشدي صاحب سلسلة المتميز والمخزن ده جزء منها دلوقتي ليا طبعا قاعدة معاكم هفهمكم كل اللي هيحصل الفترة الجاية بس الاول هطلع للغجر اللي فوق دول اعرفهم مصيرهم
• يذهب عاصم اللي الدور العلوي ليذهب اللي مكاتب الشيوخ ليدخل مكتب الشيخ صادق اولا
عاصم : متشبهش كتير يا شيخ صادق ايوه انا هو انا عاصم صيانة اللي كنت شغال هنا زمان وكلكم ظلمتوه
الشيخ صادق : يا حج عاصم انا مظلمتكش بالعكس والله انا عبد المأمور وكلكم عارفين ان الشيخ محمد مديري وهو اللي كان حاطتني في الصورة
عاصم : اولا انا مش حج انا اسمي الاستاذ عاصم ثانيا مش الجملتين دول اللي هيشفعولك عندي انا اللي هيشفعلك عندي موقف واحد عاملته زمان لما كنت انا شغال والعربية مليانة بضاعة وقولتلهم متخلوش عاصم يشيل علشان ضهره تعبه؛ هي الحركة دي اللي خلتني أرحمك وعلشان كده قررت انا عاصم رشدي صاحب سلسلة شركات المتميز ان انا هرفدك بس هديك مكافأه نهاية الخدمة الا وهي ٥٠ الف جنيه وده علشان الموقف اللي انت عملته
شوف حركة جدعنه واحدة كسبتك ايه ما بالك بقا لو كنت اتجدعنت معايا من اول ما اشتغلت
الشيخ صادق : بص حضرتك يا استاذ عاصم..
عاصم : (مقاطعا) انا مش حضرتك انا ذي ابنك
الشيخ صادق : بص طيب انا لو قعدت من الشغل هتعب فأنت خد الفلوس وسيبني شغال
عاصم : مهو ده عقابك انك تقعد من الشغل انت عديت الخمسة وستون سنة يا راجل وانا عايز اريحك وبعدين مش من مصلحة العمل اني اقعد واحد كبير في السن في شركتي انا عايز الشباب المتعلم المتطور اللي لسه بصحته هو ده اللي هيفيد وهيستفيد أو برضو لو حد كبير بس قراراته من دماغه مش عامل يحركه يمين وشمال بكلمه انا عايز مدير يخوف مش يخاف
• يخرج عاصم شيك ويكتب به خمسون الف جنبه ويمضي عليه ليأخذه الشيخ صادق وينزل الشيخ صادق ليو ع العمال فيودعوه بسخرية ليراهم عاصم من فوق ثم يتوجه اللي مكتب الشيخ محمد ليدخل ويجلس على المكتب بينما الشيخ محمد ومحمود الفني يقفان امامه ليشير لهم بيده بالجلوس ليجلسو ثم ينظر اللي محمود ويقول له بعصبية
عاصم : انت هتقعد قدامي قوم أقف انا شاورت للشيخ محمد بس احتراما لسنه مش اكتر
محمود : انا اسف يا فندم
عاصم : اسكت مسمعش صوتك
الشيخ محمد : انا مش فاهم في ايه انت بتعاملنا ازاي كده
عاصم : انا هقولك ازاي كده تقدر انت تقولي من كام سنة عملت ايه مع واحد اسمه عاصم الابيض اللي كان شغال في الصيانة
الشيخ محمد : عاصم الأبيض؟!
عاصم: خلا هحكيلك انا ارجع معايا بالزمن كده لورا
Flash Back
من حوالي سنتين او اكثر
• يدخل احد الشباب المخزن وهو في كامل شياكته ليدخل على البصمة يبصم حضور ثم يتجه اللي مكتبه ليضيئ الانوار ثم يتوجه اللي العمال ليقول لهم
عاصم : ابيض على الأبيض
• ليسلم عليهم جميعا ويحضنهم وتكون بينهم محبة ليدخل عاصم اللي مكتبه مرة أخرى حيث كان هو مساعد فني الصيانة وكانت الناس تحبه وكان يعمل بأجتهاد ولكن كان يوجد الشخص الحاقد في كل عمل وهو سليم مهندس الليزر الذي كان ينظر له بحقد ودائما كان يقول انه لا يعمل بجد ويمسك التليفون أثناء العمل وفي يوم كان لا يوجد شغل لدي عاصم فأمسك بالتليفون قليلا حيث استغل سليم الفرصة وطلع اللي مكتب الشيخ محمد وراجع معه الكاميرات ليريه عاصم
سليم : شوفت حضرتك ذي ما قولتلك بالظبط عاصم ده مش بتاع شغل وعالطول ماسك التليفون
الشيخ محمد : اديني شايف بعيني ومن بكره هجيب واحد جديد يشتغل بكفاءة وشكرا ليك يا سليم على خوفك علي الشغل
سليم : حضرتك ده شغلي لو مش هخاف عليه مكنتش اشتغلت بقا واستهترت ذي غيري
• يشكره الشيخ محمد ويأذن له بالنزول حيث يمسك تليفونه ليطلب احد الأرقام ليرد عليه الرقم الاخر
الشيخ محمد : ابسط ياعم هتنزل من بكرة الشغل عندي وبمرتب كويس كمان انت عليك تطلب وانا عليا انفذ يا ابو نسب
• وفي منتصف اليوم التالي داخل المخزن يدخل الشيخ محمد ومعه محمود نسيبه يذهبون اللي مخزن الصيانة ليجدون عاصم يعمل
الشيخ محمد : عاصم ده محمود يشتغل معاكم هنا انت وحسن الفني من انهاردة
عاصم : اهلا وسهلا يا حودة اتفضل
• يتركهم الشيخ محمد ويذهب اللي مكتبه ثم يبدأ عاصم بالتعرف على محمود ويعمل له فنجان قهوة كنوع من انواع الترحيب ثم يبدأ محمود بالتظاهر انه يفقه كل شئ في الصيانة وهو لايفهم اي حاجة ثم يشير حسن الي عاصم ليرد عليه ليقطع حديثهم الشيخ صادق الذي يدخل المكتب فجأه
الشيخ صادق : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جميعا : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الشيخ صادق : من انهاردة ان شاء الله حسن ومحمود بس اللي هنا وانت يا عاصم هتطلع برة في المخزن تشتغل مع العمال
عاصم : نعم؟!
• يذهب عاصم مسرعا اللي مكتب الشيخ محمد يستأذن ويسمح له بالدخول
عاصم : السلام عليكم يا شيخ محمد
الشيخ مخمد : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اتفضل يا عاصم
عاصم : حضرتك يا شيخ محمد انا نازل هنا مساعد فني عن خبرة ازاي اطلع اشتغل برة مع العمال
الشيخ محمد : الموضوع منهي خلاص ومفيش كلام تاني فيه ده قرار من الإدارة
عاصم : ازاي يعني
الشيخ محمد : اللي مش عاجبه بالسلامة
Admission
عاصم رشدي : ولا اقولك بلاش الملامة سيدي انا حمدالله على السلامه
ومشي عاصم الأبيض وبقي حاليا عاصم رشدي اللي قدامك
• ينظر الشيخ محمد ومحمود لبعضها البعض ثم يخرج عاصم من المكتب لينظر من سور الدور التاني على العمال ليعلو صوته فجأة
عاصم رشدي : انا ابويا الله يرحمه قالي متخفش غير من الشيخ وحرص منهم لأنهم مستخبين وراء اللحية وانت يا ياشيخ مش معانا من انهاردة انت و ابو نسب اخو مراتك يلا اتفضلو منغير مطرود وحقكم هيوصلكم لحد عندكم واحنا لا بناكل حق حد ولا بندي حد حقه مع السلامة يا شيخ
• ينزل عاصم من الدور الثاني ليتجه اللي مكنة الليزر ليقف سليم الذي كان يجلس على الماكنة
سليم : اهلا وسهلا يا استاذ عاصم
عاصم : اهلا وسهلا يا حبيبي اتفضل بقا خد بعدك وامشي ورا اللي مشيو علشان المصانع بتاعتي الاسطامبات اللي فيها عليها لوجو الشركة يأما بقا تقعد تشتغل مع العمال برة
• يخرج سليم من سكات خارج المخزن لينظر عاصم اللي العمال
عاصم : من انهاردة احنا شغالين في نوع واحد بس وهو الانت بكتريا وكلكم مهندسين مفيش عمال كلكم هتتعلمو وتعملوا نفس الحاجة مفيش حد احسن من حد كلنا هنا واحد كلنا متميزين
• يهتفون العمال بأسمه من السعادة وشدة الفرح ثم يتجه عاصم اللي سيارته ليذهب اللي المؤتمر ويحضر المؤتمر ثم يقدموه اللي المنصة ليتكلم عن نجاحه في فترة صغيرة حيث تسأله إحدى المذيعات ما هو سر نجاحك
عاصم : اولا الحمد لله والشكر لله طبعا ونجاحي ده رضا ورزق من ربنا سبحانه وتعالى إنما بقا سر نجاحي هو اني لغيت التحفيز والتمييز في جميع شركاتي لان حاجة ذي كده بتخلق حقد في العمل وبالتالي يبدأ العمال بأنهم يركزوا على أنهم يوقعوا بعض في العمل وبالتالي الي بيخسر صاحب الشركة
علشان كده انا معنديش حد احسن من حد في جميع شركاتي معنديش مهند وعمال لأ كلنا متميزون
السلام عليكم
• يصفق الجميع لعاصم الذي اول ما ينزل من على المنصة يقول
عاصم رشدي : ابيض على الأبيض. ❝ ⏤أحمد خالد أمام
❞ قصة قصيرة
المتميز
• في احد الشوارع الرئيسية يتحرك موكب عاصم رشدي احد رجال الأعمال حيث سيارته المرسيدس وسط عربيتان jeep بهما بودي جارد يجلس داخل عربيته الخاصة في يده السيجار واليد الأخرى كوب من القهوة لينظر اللي السواق ويقول له
عاصم رشدي : اطلع على مخزن الشركة الجديدة اللي انا لسه مشتريها كده كده لسه المؤتمر بليل
السواق : حاضر يا فندم
• يتغير خط سير الموكب اللي المخزن وكان في ذلك الوقت في المخزن التوتر والقلق يسيطر عليهم بسبب معرفتهم بأن الشركة اتباعت لشخص آخر والجميع خائفين على إن يخسروا عملهم
• ينزل الشيخ محمد مدير المخزن ومعه مدير العمال ليجمعوا امين المخزن والعمال والمهندسين ليخطب عليهم الشيخ محمد
الشيخ محمد : بصوا يا شباب علشان نبقى متفهمين الأمر الشركة اه اتباعت بس لمين لسه منعرفش مصيركم ومصيرنا ايه برضو معرفش طيب ايه وضعنا دلوقتي احنا هنفضل شغالين و هنستمر في العمل لحد ما نعرف الوضع وجزاكم الله خير وان شاء الله....
• يقطع كلامه كلاكس وصوت فرامل العربيات لينزل الجارد من العربية ليفتحوا باب العربية لينزل عاصم رشدي من عربيته ويدخل المخزن وخلفه الجاردات ليقلع نضارته الشمسية ويبدأ في التحدث
عاصم : طبعا كلكم قلقانين خايفين على أكل عيشكم وسيدنا الشيخ محمد بيطمنكم
الشيخ محمد : مين حضرتك وبتتكلم ازاي كده ومين سامحلك بالدخول
عاصم : انا عاصم رشدي صاحب المخروبة دي الجديد وانت يا شيخ محمد بقا معلش هتتعب نفسك وتطلع تستناني فوق في مكتبك انت والشيخ صادق وخدو معاكم محمود بتاع الصيانه قريبك يا شيخ محمد وانت يا شيخ صادق تستناني في مكتبك لوحدك وهما يستنوا في مكتب الشيخ محمد
الشيخ محمد : اوي اوي يا استاذ عاصم
الشيخ صادق : حاضر يا استاذ عاصم انت تؤمر
• يذهبون اللي مكاتبهم ليبدأ عاصم بالتحدث اللي العمال
عاصم : انا عارفكم كويس واحد واحد وعارف مين بيشتغل ومين لأ ومين قلبه على الشغل ومين لأ ومين فارق معاه الشغل ومين مش فارق بصو بقا انا بحب اللي يشتغل صح اعرفكم الأول بنفسي
انا عاصم رشدي صاحب سلسلة المتميز والمخزن ده جزء منها دلوقتي ليا طبعا قاعدة معاكم هفهمكم كل اللي هيحصل الفترة الجاية بس الاول هطلع للغجر اللي فوق دول اعرفهم مصيرهم
• يذهب عاصم اللي الدور العلوي ليذهب اللي مكاتب الشيوخ ليدخل مكتب الشيخ صادق اولا
عاصم : متشبهش كتير يا شيخ صادق ايوه انا هو انا عاصم صيانة اللي كنت شغال هنا زمان وكلكم ظلمتوه
الشيخ صادق : يا حج عاصم انا مظلمتكش بالعكس والله انا عبد المأمور وكلكم عارفين ان الشيخ محمد مديري وهو اللي كان حاطتني في الصورة
عاصم : اولا انا مش حج انا اسمي الاستاذ عاصم ثانيا مش الجملتين دول اللي هيشفعولك عندي انا اللي هيشفعلك عندي موقف واحد عاملته زمان لما كنت انا شغال والعربية مليانة بضاعة وقولتلهم متخلوش عاصم يشيل علشان ضهره تعبه؛ هي الحركة دي اللي خلتني أرحمك وعلشان كده قررت انا عاصم رشدي صاحب سلسلة شركات المتميز ان انا هرفدك بس هديك مكافأه نهاية الخدمة الا وهي ٥٠ الف جنيه وده علشان الموقف اللي انت عملته
شوف حركة جدعنه واحدة كسبتك ايه ما بالك بقا لو كنت اتجدعنت معايا من اول ما اشتغلت
الشيخ صادق : بص حضرتك يا استاذ عاصم.
عاصم : (مقاطعا) انا مش حضرتك انا ذي ابنك
الشيخ صادق : بص طيب انا لو قعدت من الشغل هتعب فأنت خد الفلوس وسيبني شغال
عاصم : مهو ده عقابك انك تقعد من الشغل انت عديت الخمسة وستون سنة يا راجل وانا عايز اريحك وبعدين مش من مصلحة العمل اني اقعد واحد كبير في السن في شركتي انا عايز الشباب المتعلم المتطور اللي لسه بصحته هو ده اللي هيفيد وهيستفيد أو برضو لو حد كبير بس قراراته من دماغه مش عامل يحركه يمين وشمال بكلمه انا عايز مدير يخوف مش يخاف
• يخرج عاصم شيك ويكتب به خمسون الف جنبه ويمضي عليه ليأخذه الشيخ صادق وينزل الشيخ صادق ليو ع العمال فيودعوه بسخرية ليراهم عاصم من فوق ثم يتوجه اللي مكتب الشيخ محمد ليدخل ويجلس على المكتب بينما الشيخ محمد ومحمود الفني يقفان امامه ليشير لهم بيده بالجلوس ليجلسو ثم ينظر اللي محمود ويقول له بعصبية
الشيخ محمد : انا مش فاهم في ايه انت بتعاملنا ازاي كده
عاصم : انا هقولك ازاي كده تقدر انت تقولي من كام سنة عملت ايه مع واحد اسمه عاصم الابيض اللي كان شغال في الصيانة
الشيخ محمد : عاصم الأبيض؟!
عاصم: خلا هحكيلك انا ارجع معايا بالزمن كده لورا
Flash Back
من حوالي سنتين او اكثر
• يدخل احد الشباب المخزن وهو في كامل شياكته ليدخل على البصمة يبصم حضور ثم يتجه اللي مكتبه ليضيئ الانوار ثم يتوجه اللي العمال ليقول لهم
عاصم : ابيض على الأبيض
• ليسلم عليهم جميعا ويحضنهم وتكون بينهم محبة ليدخل عاصم اللي مكتبه مرة أخرى حيث كان هو مساعد فني الصيانة وكانت الناس تحبه وكان يعمل بأجتهاد ولكن كان يوجد الشخص الحاقد في كل عمل وهو سليم مهندس الليزر الذي كان ينظر له بحقد ودائما كان يقول انه لا يعمل بجد ويمسك التليفون أثناء العمل وفي يوم كان لا يوجد شغل لدي عاصم فأمسك بالتليفون قليلا حيث استغل سليم الفرصة وطلع اللي مكتب الشيخ محمد وراجع معه الكاميرات ليريه عاصم
سليم : شوفت حضرتك ذي ما قولتلك بالظبط عاصم ده مش بتاع شغل وعالطول ماسك التليفون
الشيخ محمد : اديني شايف بعيني ومن بكره هجيب واحد جديد يشتغل بكفاءة وشكرا ليك يا سليم على خوفك علي الشغل
سليم : حضرتك ده شغلي لو مش هخاف عليه مكنتش اشتغلت بقا واستهترت ذي غيري
• يشكره الشيخ محمد ويأذن له بالنزول حيث يمسك تليفونه ليطلب احد الأرقام ليرد عليه الرقم الاخر
الشيخ محمد : ابسط ياعم هتنزل من بكرة الشغل عندي وبمرتب كويس كمان انت عليك تطلب وانا عليا انفذ يا ابو نسب
• وفي منتصف اليوم التالي داخل المخزن يدخل الشيخ محمد ومعه محمود نسيبه يذهبون اللي مخزن الصيانة ليجدون عاصم يعمل
الشيخ محمد : عاصم ده محمود يشتغل معاكم هنا انت وحسن الفني من انهاردة
عاصم : اهلا وسهلا يا حودة اتفضل
• يتركهم الشيخ محمد ويذهب اللي مكتبه ثم يبدأ عاصم بالتعرف على محمود ويعمل له فنجان قهوة كنوع من انواع الترحيب ثم يبدأ محمود بالتظاهر انه يفقه كل شئ في الصيانة وهو لايفهم اي حاجة ثم يشير حسن الي عاصم ليرد عليه ليقطع حديثهم الشيخ صادق الذي يدخل المكتب فجأه
الشيخ صادق : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جميعا : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الشيخ صادق : من انهاردة ان شاء الله حسن ومحمود بس اللي هنا وانت يا عاصم هتطلع برة في المخزن تشتغل مع العمال
عاصم : نعم؟!
• يذهب عاصم مسرعا اللي مكتب الشيخ محمد يستأذن ويسمح له بالدخول
عاصم : السلام عليكم يا شيخ محمد
الشيخ مخمد : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اتفضل يا عاصم
عاصم : حضرتك يا شيخ محمد انا نازل هنا مساعد فني عن خبرة ازاي اطلع اشتغل برة مع العمال
الشيخ محمد : الموضوع منهي خلاص ومفيش كلام تاني فيه ده قرار من الإدارة
عاصم : ازاي يعني
الشيخ محمد : اللي مش عاجبه بالسلامة
Admission
عاصم رشدي : ولا اقولك بلاش الملامة سيدي انا حمدالله على السلامه
ومشي عاصم الأبيض وبقي حاليا عاصم رشدي اللي قدامك
• ينظر الشيخ محمد ومحمود لبعضها البعض ثم يخرج عاصم من المكتب لينظر من سور الدور التاني على العمال ليعلو صوته فجأة
عاصم رشدي : انا ابويا الله يرحمه قالي متخفش غير من الشيخ وحرص منهم لأنهم مستخبين وراء اللحية وانت يا ياشيخ مش معانا من انهاردة انت و ابو نسب اخو مراتك يلا اتفضلو منغير مطرود وحقكم هيوصلكم لحد عندكم واحنا لا بناكل حق حد ولا بندي حد حقه مع السلامة يا شيخ
• ينزل عاصم من الدور الثاني ليتجه اللي مكنة الليزر ليقف سليم الذي كان يجلس على الماكنة
سليم : اهلا وسهلا يا استاذ عاصم
عاصم : اهلا وسهلا يا حبيبي اتفضل بقا خد بعدك وامشي ورا اللي مشيو علشان المصانع بتاعتي الاسطامبات اللي فيها عليها لوجو الشركة يأما بقا تقعد تشتغل مع العمال برة
• يخرج سليم من سكات خارج المخزن لينظر عاصم اللي العمال
عاصم : من انهاردة احنا شغالين في نوع واحد بس وهو الانت بكتريا وكلكم مهندسين مفيش عمال كلكم هتتعلمو وتعملوا نفس الحاجة مفيش حد احسن من حد كلنا هنا واحد كلنا متميزين
• يهتفون العمال بأسمه من السعادة وشدة الفرح ثم يتجه عاصم اللي سيارته ليذهب اللي المؤتمر ويحضر المؤتمر ثم يقدموه اللي المنصة ليتكلم عن نجاحه في فترة صغيرة حيث تسأله إحدى المذيعات ما هو سر نجاحك
عاصم : اولا الحمد لله والشكر لله طبعا ونجاحي ده رضا ورزق من ربنا سبحانه وتعالى إنما بقا سر نجاحي هو اني لغيت التحفيز والتمييز في جميع شركاتي لان حاجة ذي كده بتخلق حقد في العمل وبالتالي يبدأ العمال بأنهم يركزوا على أنهم يوقعوا بعض في العمل وبالتالي الي بيخسر صاحب الشركة
علشان كده انا معنديش حد احسن من حد في جميع شركاتي معنديش مهند وعمال لأ كلنا متميزون
السلام عليكم
• يصفق الجميع لعاصم الذي اول ما ينزل من على المنصة يقول
❞ \"إنه عالم مفعم بالحياة، مهووس بها، ولا يعترف بسواها
وحده الموت ينتظر، يقبع، يراقب، يلبد مثل أسد جائع، ويتحرك إلى هذا المحيط المليء بعنفوان الحياة لينهش روحاً هنا أو هناك، ثم يعود إلى مكانه، يراقب من جديد وينتظر بلا ملل هذا الطوفان الذي لا يتوقف.\". ❝ ⏤أيمن العتوم
❞ ˝إنه عالم مفعم بالحياة، مهووس بها، ولا يعترف بسواها
وحده الموت ينتظر، يقبع، يراقب، يلبد مثل أسد جائع، ويتحرك إلى هذا المحيط المليء بعنفوان الحياة لينهش روحاً هنا أو هناك، ثم يعود إلى مكانه، يراقب من جديد وينتظر بلا ملل هذا الطوفان الذي لا يتوقف.˝. ❝
❞ حوار مع صديقي الملحد
الروح ؟
قال صديقي الدكتور وهو يعلم هذه المرة أن الإشكال سيكون
عسيرا.
_ما دليلك على أن الإنسان له روح وأنه يبعث بعد موت وأنه ليس
مجرد الجسد الذي ينتهي إلى تراب .. وماذا يقول دينكم في
تحضير الأرواح ؟
قلت بعد برهة تفكير:
-لاشك أن السؤال اليوم صعب والكلام عن الروح ضرب في تيه
والحقائق الموجودة قليلة ولكنها مع ذلك في صفنا نحن وليست
في صفكم.
ومضيت برهة أغرقت فيها في التفكير ثم قلت مردفا:
-فكر معي قليلا .. إن أول المؤشرات التي تساعدنا على التدليل
على وجود الروح..
أن الإنسان ذو طبيعة مزدوجة.
الإنسان له طبيعتان:
طبيعة خارجية ظاهرة مشهودة هي جسده تتصف بكل صفات
المادة ، فهي قابلة للوزن والقياس متحيزة في المكان متزمنة
بالزمان دائمة التغير والحركة والصيرورة من حال إلى حال ومن
لحظة إلى لحظة فالجسد تتداول عليه الأحوال من صحة إلى
مرض إلى سمنة إلى هزال إلى تورد إلى شحوب إلى نشاط إلى
كسل إلى نوم إلى يقظة إلى جوع إلى شبع ، وملحق بهذه
الطبيعة الجسدية شريط من الانفعالات والعواطف والغرائز
والمخاوف لا يكف لحظة عن الجريان في الدماغ.
ولأن هذه الطبيعة والانفعالات الملحقة بها تتصف بخواص المادة
نقول إن جسد الإنسان ونفسه الحيوانية هما من المادة.
ولكن هناك طبيعة أخرى مخالفة تماما للأولى ومغايرة لها في
داخل الإنسان.
طبيعة من نوع آخر تتصف بالسكون واللازمان واللامكان والديمومة
.. هي العقل بمعاييره الثابتة وأقيسته ومقولاته .. والضمير
بأحكامه ، والحس الجمالي ، وال أنا التي تحمل كل تلك الصفات "
من عقل وضمير وحس جمالي وحس أخلاقي."
وال أنا غير الجسد تماما وغير النفس الحيوانية التي تلتهب بالجوع
والشبق.
ال أنا هي الذات العميقة المطلقة وعن طريق هذه الذات
والكينونة والشخوص والمثول في العالم .. وبأنه هنا وبأنه كان
دائما هنا .. وهو شعور ثابت ممتد لا يطرأ عليه التغير لا يسمن ولا
يهزل ولا يمرض لولا يتصف بالزمان .. وليس فيه ماض وحاضر
ومستقبل .. إنما هو " كن " مستمر لا ينصرم كما ينصرم الماضي ..
وإنما يتمثل في شعور بالدوام .. بالديمومة.
هنا نوع آخر من الوجود لا يتصف بصفات المادة فلا هو يطرأ عليه
التغير ولا هو يتحيز في المكان أو يتزمن بالزمان ولا هو يقبل الوزن
والقياس .. بالعكس نجد أن هذا الوجود هو الثابت الذي نقيس به
المتغيرات والمطلق الذي نعرف به كل ما هو نسبي في عالم
المادة.
وأصدق ما نصف به هذا الوجود أنه روحي وأن طبيعته روحية.
ولنا أن نسأل بعد ذلك.
أي الطبيعتين هي الإنسان حقا.
هل الإنسان بالحقيقة هو جسده أو روحه.
ولنعرف الجواب علينا أن نبحث أي الطبيعتين هي الحاكمة على
الأخرى.
يقول لنا الماديون أن الإنسان هو جسده ، وأن الجسد هو الحاكم
وأن كل ما ذكرت من عقل ومنطق وحس جمالي وحس أخلاقي
وضمير وهذه " التخريفة " التي اسمها الذات أو ال أنا كل هذه
ملحق بالجسد ثانوي عليه تابع له يأتمر بأمره ويقوم على خدمته
ويتولى إشباع شهواته وأهوائه.
هذا كلام إخواننا الماديين وهو خطأ ، فالحقيقة أن الجسد تابع
وليس متبوعا مأمور وليس آمرا ألا يجوع الجسد فنرفض إمداده
بالطعام لأننا قررنا أن نصوم هذا اليوم لله .. ألا يتحرك بشهوة
فنزجره ؟!
ألا نصحوا في الصباح فيبدأ الجسد تلقائيا في تنفيذ خطة عمل
وضعها العقل وصنف بنودها بندا بندا .. من ساعة إلى ساعة من
التابع هنا ومن المتبوع ؟
ولحظة التضحية بالنفس حينما يضع الفدائي حزام الديناميت حول
جسده ويتقدم ليحطم الدبابة ومن فيها .. أين جسده هنا .. أين
المصلحة المادية التي يحققها بموته .. ومن الذي يأمر الآخر .. إن
الروح تقرر إعدام الجسد في لحظة مثالية تماما لا يمكن أن
يفسرها مذهب مادي بأي مكسب مادي والجسد لا يستطيع أن
يقاوم هذا الأمر .. ولا يملك أي قوة لمواجهته ، لا يملك إلا أن
يتلاشى تماما .. وهنا يظهر أي الوجودين هو الأعلى .. وأي
الطبيعتين هي الإنسان حقا.
وعندنا اليوم أكثر من دليل على أن الجسد هو الوجود الثانوي .. ما
يجري الآن من حوادث البتر والاستبدال وزرع الأعضاء .. وما نقرأه
عن القلب الإلكتروني والكلية الصناعية وبنك الدم وبنك العيون
ومخازن الإكسسوار البشري حيث يجري تركيب السيقان والأذرع
والقلوب.
ولن تكون نكتة أن يدخل العريس على عروسه سنة 2000
فيجدها تخلع طقم الأسنان والباروكة والنهود الكاوتشوك والعين
الصناعية والساق الخشبية فلا يتبقى منها إلا هيكل مثل شاسيه
السيارة بعد نزع الجلد والكراسي والأبواب.
إلى هذه الدرجة يجري فك الجسم وتركيبه واستبداله دون أن
يحدث شيء للشخصية لأن هذه الذراع أو تلك الساق أو ذلك
الشعر أو العين أو النهد كل هذه الأشياء ليست هي الإنسان ..
فها هي تنقل وتستبدل وتوضع مكانها بطاريات ومسامير وقطع
من الألومنيوم دون أن يحدث شيء .. فالإنسان ليس هذه الأعضاء
وإنما هو الروح الجالسة على عجلة القيادة لتدير هذه الماكينة
التي اسمها الجسد .
إنها الإدارة التي يمثلها مجلس إدارة من خلايا المخ .. ولكنها
ليست المخ.
فالمخ مثله مثل خلايا الجسد يصدع بالأوامر التي تصدر إليه ويعبر
عنها ولكنه في النهاية ليس أكثر من قفاز لها .. قفاز تلبسه هذه
اليد الخفية التي اسمها الروح وتتصرف به في العالم المادي.
نفهم من هذه الشواهد كلها أن الإنسان له طبيعتان:
طبيعة جوهرية حاكمة هي روحه.
وطبيعة ثانوية زائلة هي جسده.
وما يحدث بالموت أن الطبيعة الزائلة تلتحق بالزوال والطبيعة
الخالدة تلتحق بالخلود فيلتحق الجسد بالتراب وتلتحق الروح
بعالمها الباقي.
ولعشاق الفلسفة نقدم دليلا آخر على وجود الروح من الخاصية
التي تتميز بها الحركة.
فالحركة لا يمكن رصدها إلا من خارجها.
لا يمكن أن تدرك الحركة وأن تتحرك معها في نفس الفلك وإنما لا
بد من عتبة خارجية تقف تقف عليها لترصدها .. ولهذا تأتي عليك
لحظة وأنت في أسانسير متحرك لا تستطيع أن تعرف هل هو
واقف أم متحرك لأنك أصبحت قطعة واحدة معه في حركته .. لا
تستطيع ادراك هذه الحركة إلا إذا نظرت من باب الأسانسير إلى
الرصيف الثابت في الخارج.
ونفس الحالة في قطار يسير بنعومة على القضبان .. لا تدرك
حركة مثل هذا القطار وأنت فيه إلا لحظة شروعه في الوقوف أو
لحظة إطلالك من النافذة على الرصيف الثابت في الخارج.
وبالمثل لا يمكنك رصد الشمس وأنت فوقها ولكن يمكنك رصدها
من القمر أو الأرض .. كما لا يمكنك رصد الأرض وأنت تسكن عليها
وإنما تستطيع رصدها من القمر.
لا تستطيع أن تحيط بحالة إلا إذا خرجت خارجها.
ولهذا ما كنا نستطيع إدراك مرور الزمن لولا أن الجزء المدرك فينا
يقف على عتبة منفصلة وخارجة عن هذا المرور الزمني المستمر
" أي على عتبة خلود " .ولو كان إدراكنا يقفز مع عقرب الثواني كل
لحظة لما استطعنا أن ندرك هذه الثواني أبدا ، ولا نصرم إدراكنا
كما تنصرم الثواني بدون أن يلاحظ شيئا.
وهي نتيجة مذهلة تعني أن هناك جزءا من وجودنا خارجا عن
إطار المرور الزمني " أي خالد " هو الذي يلاحظ الزمن من عتبة
سكون ويدركه دون أن يتورط فيه ولهذا لا يكبر ولا يشيخ ولا يهرم
ولا ينصرم .. ويوم يسقط الجسد ترابا سوف يظل هذا الجزء على
حاله حيا حياته الخاصة غير الزمنية هذا الجز هو الروح.
وكل منا يستطيع أن يحس بداخله هذا الوجود الروحي على صورة
حضور وديمومة وشخوص وكينونة مغايرة تماما للوجود المادي
المتغير المتقلب النابض مع الزمن خارجه.
هذه الحالة الداخلية التي ندركها في لحظات الصحو الباطني
والتي أسميتها حالة حضور .. هي المفتاح الذي يقودنا إلى
الوجود الروحي بداخلنا ويضع يدنا على هذا اللغز الذي اسمه
الروح...
ودليل آخر على طبيعتنا الروحية هو شعورنا الفطري بالحرية ، ولو
كنا أجساما مادية ضمن إطار حياة مادية تكمنا القوانين المادية
الحتمية لما كان هناك معنى لهذا الشعور الفطري بالحرية.
لنا الروح إذا تعلو على الزمن وتتخطى الموت وتتخطى الحتميات
المادية.
ماذا عن البعث إذا.
لم يعد أحد بعد الموت ليخبرنا ماذا جرى له.
ولم يأت يوم البعث لنقدم دليلا ملموسا أو شاهد عيان.
وكل ما يمكن قوله في موضوع البعث أنه حقيقة دينية يرجحها
العقل والعلم.
لماذا يرجحها العقل والعلم ؟
لأن شواهد الوجود وظواهره تشير جميعها إلى أن هناك عودا
على بدء ودورة لكل شيء .. بعد النهار يأتي الليل ثم يعود من
جديد فيأتي النهار ، والشمس تشرق ثم تغرب ثم تعود فتشرق.
الصيف والخريف والشتاء والربيع ثم تعود فتتكرر الدورة من جديد
فيأتي الصيف ثم الخريف ثم الشتاء الخ..بعد اليقظة ونوم الليل
نعود فنستيقظ من جديد .. وهذا يرجح أنه بعد رقود الموت هناك
صحوة بعث .. لأن هناك عودا لكل شيء .. والله يسمي نفسه في
القرآن المبدئ المعيد.
( كما بدأكم تعودون ).
(يبدأ الخلق ثم يعيده ).
ألا يدور كل شيء في فلك من الذرة إلى المجرة ، حتى الحضارات
لها دورات والتاريخ له دورات.
الدليل الآخر على البعث هو النظام المحكم الذي ليس فيه بادرة
خلل واحدة من أكبر المجرات حتى أصغر الذرات حتى الإلكترون
الذي لا يرى نجد النظام والقانون يهيمن على كل شيء .. حتى
الإلكترون المتناهي في الصغر لا يستطيع أن ينتقل من فلك إلى
فلك في الذرة إلا إذا أعطى أو أخذ مقدارا من الطاقة يساوي
حركته .. وكأنه راكب قطار لا يستطيع ،،،،، أي مكان بدون تذكرة ..
فكيف نتصور في هذا النظام ،،،،، يهرب قاتل أو يفر ظالم من
الجزاء لمجرد أنه ضلل ،،،،، إن العقل يتصور أنه لابد سيلقى جزاءه
حتما ، وإن هناك لابد عالما آخر يسوى فيه الحساب .. هكذا يقول
العدل.
ونحن مفطورون على تحري العدل وعلى حب العدل والبحث عن
العدل ومحاولة تحقيق العدل.
ومع ذلك فالعدل في الدنيا غير موجود.
وكما يقول أهل الفكر إذا كان الظمأ إلى الماء يدل على وجود الماء
.. فلا بد أن الظمأ إلى العدل يدل على وجود العدل .. فإن لم يكن
موجودا في دنيانا فلا بد أن له يوما وساعة تنصب فيها موازينه.
كل هذه مؤشرات تشير وترجح أن هناك بعثا وحسابا وعالما آخر.
والمؤمن الذي يصدق القرآن في غير حاجة إلى هذه الاستدلالات
لأنه آمن بقلبه وأراح نفسه من الجدل.
يبقى بعد ذلك أن نسأل وما الروح:
( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم
إلا قليلا)
هي لغز ولا أحد يعلم عنها شيئا.
والعجيب أنه كلما جاء ذكر الروح في القرآن ذكرت معها كلمة من
أمر ربي.
( يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده ).
( ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده ).
( تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ).
( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا )
دائما كلمة " من أمرنا " .. " من أمره " .. " من أمر ربي " .. كلما
ذكرت الروح .
أيكون أمر الله روحا ؟
وكلمة الله روحا ؟
ألم يقل الله عن المسيح عليه السلام أنه:
( كلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم ).
وأنه:
(كلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ).
الكلمة .. الأمر .. الروح .. هل هي ألفاظ مترادفة لمعنى واحد.
هي مجرد إشارات.
ولا أحد يعلم الحقيقة إلا العليم.
يبقى بعد ذلك سؤالك عن تحضير الأرواح.
وتحضير الأرواح عندنا أمر مشكوك فيه.
مشكوك فيه أنه ظواهر الغرفة المظلمة سببها حضور روح فلان أو
علان.
ومفكر كبير مثل هنري سودر يقول: إن تلك الظواهر مصدرها
العقل الباطن للوسيط والقوى الروحية للوسيط ذاته.. ولاشيء
يحضر بالمرة.
ويقول المفكرون الهنود : إن الذي يتلبس الوسيط أثناء التحضير
هي أرواح سفلية تعرف بعض الأشياء عن الموتى وتستخدمها
في السخرية بعقول الموجودين والضحك عليهم.
ويقول الصوفية المسلمون إن الذي يحضر في تلك الجلسات ليس
الروح ولكن القرين ، وهو الجن الذي كان يصاحب الميت أثناء حياته
..وهو بحكم هذه الصحبة يعرف أسراره .. ولأن الجن معمر فإنه
يبقى حيا بعد موت صاحبه .. وهو الذي يحضر الجلسات ويفشي
أسرار صاحبه ويقلد صوته وعاداته ليسخر من الموجودين على
عادة الجن في عدائهم للإنسان.
وهم يقولون : إننا إذا دققنا جرس المكتب فإن الذي يحضر هو
الخادم .. أما السادة فإنهم لا يتركون عالمهم ويحضرون بهذه
السذاجة وبالمثل في عالم الأرواح .. فالذي يحضر في الجلسات
ويهرج على الموجودين هي الأرواح السفلية والجن ومن في
مستواهم .
أما الأرواح البشرية فهي في عالم آخر هو عالم البرزخ ولا يمكن
استحضارها .. ولكنها قد تتصل بمن تحب في الحلم أو في اليقظة
إذا توفرت الظروف الملائمة.
ومن الجلسات الكثيرة التي حضرناها ومما جمعنا من خبرة خاصة
في هذا الموضوع نقول :أنه لا يوجد دليل واحد على أن ظواهر
الغرفة المظلمة سببها حضور الروح المطلوبة.
وربما كان رأي الصوفية المسلمين أكثر الآراء تفسيرا لما يحدث.
والمسألة ما زالت قيد البحث.
وللأسف الشعوذات في هذا الموضوع أكثر من الحقائق .. والكلمة
الأخيرة لم تقل بعد.
لا شك أنك سوف تضحك على كلمات مثل الجن والأرواح السفلية
.. والقرين.
ولك عذرك .. فإذا آنت لا تؤمن بروحك أنت فكيف يتوقع منك أن
تؤمن بجني..
وإذا آنت لا تؤمن بالله فكيف ينتظر منك أن تؤمن بشياطينه.
ومع ذلك لو كنت ولدت منذ مئة سنة وجاءك رجل يحدثك عن
أشعة غير منظورة تخرق الحديد ، وصور تنتقل في الهواء عبر
المحيطات في أقل من ثانية ، ورائد فضاء يمشي على تراب القمر
.. ألم تكن تضحك وتقهقه وتستلقي على قفاك أضعاف ما تضحك
الآن .. وتقول لنفسك .. هذا رجل هارب من مستشفى المجانين
ومع ذلك فيا لها من حقائق ملء السمع والبصر الآن.
من كتــاب حوار مع صديقي الملحد
للدكتور مصطفى محمود رحمه الله... ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ حوار مع صديقي الملحد
الروح ؟
قال صديقي الدكتور وهو يعلم هذه المرة أن الإشكال سيكون
عسيرا.
_ما دليلك على أن الإنسان له روح وأنه يبعث بعد موت وأنه ليس
مجرد الجسد الذي ينتهي إلى تراب . وماذا يقول دينكم في
تحضير الأرواح ؟
قلت بعد برهة تفكير:
- لاشك أن السؤال اليوم صعب والكلام عن الروح ضرب في تيه
والحقائق الموجودة قليلة ولكنها مع ذلك في صفنا نحن وليست
في صفكم.
ومضيت برهة أغرقت فيها في التفكير ثم قلت مردفا:
- فكر معي قليلا . إن أول المؤشرات التي تساعدنا على التدليل
على وجود الروح.
أن الإنسان ذو طبيعة مزدوجة.
الإنسان له طبيعتان:
طبيعة خارجية ظاهرة مشهودة هي جسده تتصف بكل صفات
المادة ، فهي قابلة للوزن والقياس متحيزة في المكان متزمنة
بالزمان دائمة التغير والحركة والصيرورة من حال إلى حال ومن
لحظة إلى لحظة فالجسد تتداول عليه الأحوال من صحة إلى
مرض إلى سمنة إلى هزال إلى تورد إلى شحوب إلى نشاط إلى
كسل إلى نوم إلى يقظة إلى جوع إلى شبع ، وملحق بهذه
الطبيعة الجسدية شريط من الانفعالات والعواطف والغرائز
والمخاوف لا يكف لحظة عن الجريان في الدماغ.
ولأن هذه الطبيعة والانفعالات الملحقة بها تتصف بخواص المادة
نقول إن جسد الإنسان ونفسه الحيوانية هما من المادة.
ولكن هناك طبيعة أخرى مخالفة تماما للأولى ومغايرة لها في
داخل الإنسان.
طبيعة من نوع آخر تتصف بالسكون واللازمان واللامكان والديمومة
. هي العقل بمعاييره الثابتة وأقيسته ومقولاته . والضمير
بأحكامه ، والحس الجمالي ، وال أنا التي تحمل كل تلك الصفات "
من عقل وضمير وحس جمالي وحس أخلاقي."
وال أنا غير الجسد تماما وغير النفس الحيوانية التي تلتهب بالجوع
والشبق.
ال أنا هي الذات العميقة المطلقة وعن طريق هذه الذات
والكينونة والشخوص والمثول في العالم . وبأنه هنا وبأنه كان
دائما هنا . وهو شعور ثابت ممتد لا يطرأ عليه التغير لا يسمن ولا
يهزل ولا يمرض لولا يتصف بالزمان . وليس فيه ماض وحاضر
ومستقبل . إنما هو " كن " مستمر لا ينصرم كما ينصرم الماضي .
وإنما يتمثل في شعور بالدوام . بالديمومة.
هنا نوع آخر من الوجود لا يتصف بصفات المادة فلا هو يطرأ عليه
التغير ولا هو يتحيز في المكان أو يتزمن بالزمان ولا هو يقبل الوزن
والقياس . بالعكس نجد أن هذا الوجود هو الثابت الذي نقيس به
المتغيرات والمطلق الذي نعرف به كل ما هو نسبي في عالم
المادة.
وأصدق ما نصف به هذا الوجود أنه روحي وأن طبيعته روحية.
ولنا أن نسأل بعد ذلك.
أي الطبيعتين هي الإنسان حقا.
هل الإنسان بالحقيقة هو جسده أو روحه.
ولنعرف الجواب علينا أن نبحث أي الطبيعتين هي الحاكمة على
الأخرى.
يقول لنا الماديون أن الإنسان هو جسده ، وأن الجسد هو الحاكم
وأن كل ما ذكرت من عقل ومنطق وحس جمالي وحس أخلاقي
وضمير وهذه " التخريفة " التي اسمها الذات أو ال أنا كل هذه
ملحق بالجسد ثانوي عليه تابع له يأتمر بأمره ويقوم على خدمته
ويتولى إشباع شهواته وأهوائه.
هذا كلام إخواننا الماديين وهو خطأ ، فالحقيقة أن الجسد تابع
وليس متبوعا مأمور وليس آمرا ألا يجوع الجسد فنرفض إمداده
بالطعام لأننا قررنا أن نصوم هذا اليوم لله . ألا يتحرك بشهوة
فنزجره ؟!
ألا نصحوا في الصباح فيبدأ الجسد تلقائيا في تنفيذ خطة عمل
وضعها العقل وصنف بنودها بندا بندا . من ساعة إلى ساعة من
التابع هنا ومن المتبوع ؟
ولحظة التضحية بالنفس حينما يضع الفدائي حزام الديناميت حول
جسده ويتقدم ليحطم الدبابة ومن فيها . أين جسده هنا . أين
المصلحة المادية التي يحققها بموته . ومن الذي يأمر الآخر . إن
الروح تقرر إعدام الجسد في لحظة مثالية تماما لا يمكن أن
يفسرها مذهب مادي بأي مكسب مادي والجسد لا يستطيع أن
يقاوم هذا الأمر . ولا يملك أي قوة لمواجهته ، لا يملك إلا أن
يتلاشى تماما . وهنا يظهر أي الوجودين هو الأعلى . وأي
الطبيعتين هي الإنسان حقا.
وعندنا اليوم أكثر من دليل على أن الجسد هو الوجود الثانوي . ما
يجري الآن من حوادث البتر والاستبدال وزرع الأعضاء . وما نقرأه
عن القلب الإلكتروني والكلية الصناعية وبنك الدم وبنك العيون
ومخازن الإكسسوار البشري حيث يجري تركيب السيقان والأذرع
والقلوب.
ولن تكون نكتة أن يدخل العريس على عروسه سنة 2000
فيجدها تخلع طقم الأسنان والباروكة والنهود الكاوتشوك والعين
الصناعية والساق الخشبية فلا يتبقى منها إلا هيكل مثل شاسيه
السيارة بعد نزع الجلد والكراسي والأبواب.
إلى هذه الدرجة يجري فك الجسم وتركيبه واستبداله دون أن
يحدث شيء للشخصية لأن هذه الذراع أو تلك الساق أو ذلك
الشعر أو العين أو النهد كل هذه الأشياء ليست هي الإنسان .
فها هي تنقل وتستبدل وتوضع مكانها بطاريات ومسامير وقطع
من الألومنيوم دون أن يحدث شيء . فالإنسان ليس هذه الأعضاء
وإنما هو الروح الجالسة على عجلة القيادة لتدير هذه الماكينة
التي اسمها الجسد .
إنها الإدارة التي يمثلها مجلس إدارة من خلايا المخ . ولكنها
ليست المخ.
فالمخ مثله مثل خلايا الجسد يصدع بالأوامر التي تصدر إليه ويعبر
عنها ولكنه في النهاية ليس أكثر من قفاز لها . قفاز تلبسه هذه
اليد الخفية التي اسمها الروح وتتصرف به في العالم المادي.
نفهم من هذه الشواهد كلها أن الإنسان له طبيعتان:
طبيعة جوهرية حاكمة هي روحه.
وطبيعة ثانوية زائلة هي جسده.
وما يحدث بالموت أن الطبيعة الزائلة تلتحق بالزوال والطبيعة
الخالدة تلتحق بالخلود فيلتحق الجسد بالتراب وتلتحق الروح
بعالمها الباقي.
ولعشاق الفلسفة نقدم دليلا آخر على وجود الروح من الخاصية
التي تتميز بها الحركة.
فالحركة لا يمكن رصدها إلا من خارجها.
لا يمكن أن تدرك الحركة وأن تتحرك معها في نفس الفلك وإنما لا
بد من عتبة خارجية تقف تقف عليها لترصدها . ولهذا تأتي عليك
لحظة وأنت في أسانسير متحرك لا تستطيع أن تعرف هل هو
واقف أم متحرك لأنك أصبحت قطعة واحدة معه في حركته . لا
تستطيع ادراك هذه الحركة إلا إذا نظرت من باب الأسانسير إلى
الرصيف الثابت في الخارج.
ونفس الحالة في قطار يسير بنعومة على القضبان . لا تدرك
حركة مثل هذا القطار وأنت فيه إلا لحظة شروعه في الوقوف أو
لحظة إطلالك من النافذة على الرصيف الثابت في الخارج.
وبالمثل لا يمكنك رصد الشمس وأنت فوقها ولكن يمكنك رصدها
من القمر أو الأرض . كما لا يمكنك رصد الأرض وأنت تسكن عليها
وإنما تستطيع رصدها من القمر.
لا تستطيع أن تحيط بحالة إلا إذا خرجت خارجها.
ولهذا ما كنا نستطيع إدراك مرور الزمن لولا أن الجزء المدرك فينا
يقف على عتبة منفصلة وخارجة عن هذا المرور الزمني المستمر
" أي على عتبة خلود " .ولو كان إدراكنا يقفز مع عقرب الثواني كل
لحظة لما استطعنا أن ندرك هذه الثواني أبدا ، ولا نصرم إدراكنا
كما تنصرم الثواني بدون أن يلاحظ شيئا.
وهي نتيجة مذهلة تعني أن هناك جزءا من وجودنا خارجا عن
إطار المرور الزمني " أي خالد " هو الذي يلاحظ الزمن من عتبة
سكون ويدركه دون أن يتورط فيه ولهذا لا يكبر ولا يشيخ ولا يهرم
ولا ينصرم . ويوم يسقط الجسد ترابا سوف يظل هذا الجزء على
حاله حيا حياته الخاصة غير الزمنية هذا الجز هو الروح.
وكل منا يستطيع أن يحس بداخله هذا الوجود الروحي على صورة
حضور وديمومة وشخوص وكينونة مغايرة تماما للوجود المادي
المتغير المتقلب النابض مع الزمن خارجه.
هذه الحالة الداخلية التي ندركها في لحظات الصحو الباطني
والتي أسميتها حالة حضور . هي المفتاح الذي يقودنا إلى
الوجود الروحي بداخلنا ويضع يدنا على هذا اللغز الذي اسمه
الروح..
ودليل آخر على طبيعتنا الروحية هو شعورنا الفطري بالحرية ، ولو
كنا أجساما مادية ضمن إطار حياة مادية تكمنا القوانين المادية
الحتمية لما كان هناك معنى لهذا الشعور الفطري بالحرية.
لنا الروح إذا تعلو على الزمن وتتخطى الموت وتتخطى الحتميات
المادية.
ماذا عن البعث إذا.
لم يعد أحد بعد الموت ليخبرنا ماذا جرى له.
ولم يأت يوم البعث لنقدم دليلا ملموسا أو شاهد عيان.
وكل ما يمكن قوله في موضوع البعث أنه حقيقة دينية يرجحها
العقل والعلم.
لماذا يرجحها العقل والعلم ؟
لأن شواهد الوجود وظواهره تشير جميعها إلى أن هناك عودا
على بدء ودورة لكل شيء . بعد النهار يأتي الليل ثم يعود من
جديد فيأتي النهار ، والشمس تشرق ثم تغرب ثم تعود فتشرق.
الصيف والخريف والشتاء والربيع ثم تعود فتتكرر الدورة من جديد
فيأتي الصيف ثم الخريف ثم الشتاء الخ.بعد اليقظة ونوم الليل
نعود فنستيقظ من جديد . وهذا يرجح أنه بعد رقود الموت هناك
صحوة بعث . لأن هناك عودا لكل شيء . والله يسمي نفسه في
القرآن المبدئ المعيد.
( كما بدأكم تعودون ).
(يبدأ الخلق ثم يعيده ).
ألا يدور كل شيء في فلك من الذرة إلى المجرة ، حتى الحضارات
لها دورات والتاريخ له دورات.
الدليل الآخر على البعث هو النظام المحكم الذي ليس فيه بادرة
خلل واحدة من أكبر المجرات حتى أصغر الذرات حتى الإلكترون
الذي لا يرى نجد النظام والقانون يهيمن على كل شيء . حتى
الإلكترون المتناهي في الصغر لا يستطيع أن ينتقل من فلك إلى
فلك في الذرة إلا إذا أعطى أو أخذ مقدارا من الطاقة يساوي
حركته . وكأنه راكب قطار لا يستطيع ،،،،، أي مكان بدون تذكرة .
فكيف نتصور في هذا النظام ،،،،، يهرب قاتل أو يفر ظالم من
الجزاء لمجرد أنه ضلل ،،،،، إن العقل يتصور أنه لابد سيلقى جزاءه
حتما ، وإن هناك لابد عالما آخر يسوى فيه الحساب . هكذا يقول
العدل.
ونحن مفطورون على تحري العدل وعلى حب العدل والبحث عن
العدل ومحاولة تحقيق العدل.
ومع ذلك فالعدل في الدنيا غير موجود.
وكما يقول أهل الفكر إذا كان الظمأ إلى الماء يدل على وجود الماء
. فلا بد أن الظمأ إلى العدل يدل على وجود العدل . فإن لم يكن
موجودا في دنيانا فلا بد أن له يوما وساعة تنصب فيها موازينه.
كل هذه مؤشرات تشير وترجح أن هناك بعثا وحسابا وعالما آخر.
والمؤمن الذي يصدق القرآن في غير حاجة إلى هذه الاستدلالات
لأنه آمن بقلبه وأراح نفسه من الجدل.
يبقى بعد ذلك أن نسأل وما الروح:
( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم
إلا قليلا)
هي لغز ولا أحد يعلم عنها شيئا.
والعجيب أنه كلما جاء ذكر الروح في القرآن ذكرت معها كلمة من
أمر ربي.
( يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده ).
( ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده ).
( تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ).
( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا )
دائما كلمة " من أمرنا " . " من أمره " . " من أمر ربي " . كلما
ذكرت الروح .
أيكون أمر الله روحا ؟
وكلمة الله روحا ؟
ألم يقل الله عن المسيح عليه السلام أنه:
( كلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم ).
وأنه:
(كلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ).
الكلمة . الأمر . الروح . هل هي ألفاظ مترادفة لمعنى واحد.
هي مجرد إشارات.
ولا أحد يعلم الحقيقة إلا العليم.
يبقى بعد ذلك سؤالك عن تحضير الأرواح.
وتحضير الأرواح عندنا أمر مشكوك فيه.
مشكوك فيه أنه ظواهر الغرفة المظلمة سببها حضور روح فلان أو
علان.
ومفكر كبير مثل هنري سودر يقول: إن تلك الظواهر مصدرها
العقل الباطن للوسيط والقوى الروحية للوسيط ذاته. ولاشيء
يحضر بالمرة.
ويقول المفكرون الهنود : إن الذي يتلبس الوسيط أثناء التحضير
هي أرواح سفلية تعرف بعض الأشياء عن الموتى وتستخدمها
في السخرية بعقول الموجودين والضحك عليهم.
ويقول الصوفية المسلمون إن الذي يحضر في تلك الجلسات ليس
الروح ولكن القرين ، وهو الجن الذي كان يصاحب الميت أثناء حياته
.وهو بحكم هذه الصحبة يعرف أسراره . ولأن الجن معمر فإنه
يبقى حيا بعد موت صاحبه . وهو الذي يحضر الجلسات ويفشي
أسرار صاحبه ويقلد صوته وعاداته ليسخر من الموجودين على
عادة الجن في عدائهم للإنسان.
وهم يقولون : إننا إذا دققنا جرس المكتب فإن الذي يحضر هو
الخادم . أما السادة فإنهم لا يتركون عالمهم ويحضرون بهذه
السذاجة وبالمثل في عالم الأرواح . فالذي يحضر في الجلسات
ويهرج على الموجودين هي الأرواح السفلية والجن ومن في
مستواهم .
أما الأرواح البشرية فهي في عالم آخر هو عالم البرزخ ولا يمكن
استحضارها . ولكنها قد تتصل بمن تحب في الحلم أو في اليقظة
إذا توفرت الظروف الملائمة.
ومن الجلسات الكثيرة التي حضرناها ومما جمعنا من خبرة خاصة
في هذا الموضوع نقول :أنه لا يوجد دليل واحد على أن ظواهر
الغرفة المظلمة سببها حضور الروح المطلوبة.
وربما كان رأي الصوفية المسلمين أكثر الآراء تفسيرا لما يحدث.
والمسألة ما زالت قيد البحث.
وللأسف الشعوذات في هذا الموضوع أكثر من الحقائق . والكلمة
الأخيرة لم تقل بعد.
لا شك أنك سوف تضحك على كلمات مثل الجن والأرواح السفلية
. والقرين.
ولك عذرك . فإذا آنت لا تؤمن بروحك أنت فكيف يتوقع منك أن
تؤمن بجني.
وإذا آنت لا تؤمن بالله فكيف ينتظر منك أن تؤمن بشياطينه.
ومع ذلك لو كنت ولدت منذ مئة سنة وجاءك رجل يحدثك عن
أشعة غير منظورة تخرق الحديد ، وصور تنتقل في الهواء عبر
المحيطات في أقل من ثانية ، ورائد فضاء يمشي على تراب القمر
. ألم تكن تضحك وتقهقه وتستلقي على قفاك أضعاف ما تضحك
الآن . وتقول لنفسك . هذا رجل هارب من مستشفى المجانين
ومع ذلك فيا لها من حقائق ملء السمع والبصر الآن.
من كتــاب حوار مع صديقي الملحد
للدكتور مصطفى محمود رحمه الله. ❝