█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ وسواس الخوف
كما يقال ˝لكل بداية نهاية˝ فحكايتنا ليس لها نهاية، أحداثها مشوقه مليئة بالمغامرة والحزن والحب والشجاعة والخوف، نعم الخوف الذي يتملكنا كليًا ويجعل منَّا أشخاص أكثر هشاشة لا تستطيع مواجهة الحياة، أشخاص تلتفت حولها كل دقيقة خوفًا أن يلتهما شيء، أشخاص تنام ولكن عيناها مفتوحتان تتلفت يمينًا ويسارًا خوفًا من الأشباح الذي تظهر في العتمة بعد منتصف الليل.
تجلس في شرفة المنزل وفي يداها كوبًا من الشاي -المنعنع- واليد الأخرى بها كتابٌ تقرأ فيه، ثم تغلق الكتاب وتنظر إلى السماء وترفع يداها وتدعو أن يهدأ فؤادها وينزع الله منه شعور الخوف الذي يتملكها، حتى سمعت صوت ينادى باسمها:
- أطياف.
= من المنادى
- أنا أنت.
= من أنت ولماذا أتيتِ؟
- لا تخافي لقد جئتُ لأساعدك عزيزتي، أنا طيفك وجئت لأتخلص من الخوف الذي بداخلك وأمحو الصراع الذي تعيشيه كل ليلة مع نفسك.
= أنا هنا لأساعد نفسي ولست بحاجة لكِ.
- منذ سنوات طويلة وأنتِ تُعاني من الوسواس الذي جعل الخوف يتملكك كليًا ولا تستطيعي طرد تلك الأفكار من عقلك بل تسيطر عليه أكثر.
شعرت أطياف أنها على حق ولأول مرة يصارحها أحد بالحقيقة المُرة.
كانت أطياف تعاني من الوسواس منذ صغرها فقد تركها والديها وأختها الصغرى وتوفاهم الله وهي في سن العاشرة وعاشت مع جدتها حتى تركتها جدتها أيضًا وعاشت وحيدة بقية حياتها ربما مؤنسها هو الخوف كأنه صديق وفي يكمل معها لنهاية المطاف.
فكرت أطياف بكلام تلك المرأة التي تشبهها كثيرًا كأنها هي ولكن تختلف عنها داخليًا فتلك المرأة شجاعة من داخلها تمتلك القوة التي تجعلها سعيدة.
ذهبت أطياف إلى فراشها وتركت روحها للقدر ونامت في ثبات عميق، ولكن تلك المرأة التي تدعى طيف تلاحقها حتى في أحلامها وتخبرها أنها هنا لها؛ وجاءت لكي تمحو الخوف الذي بداخلها وتجعل منها شخصًا سوى نفسيًا وشجاع.
استيقظت أطياف على صوت يخبرها أنها قوية ولكنها لا تمتلك الخطوة الأولي وعليها أن تصدق قلبها ولا تترك نفسها لأفاكرها التي تُهلكها، نهضت أطياف إلى شرفة المنزل حتى فكرت بشيء كانت تفكر فيه منذ سنوات عديدة ولكنها كانت بداخلها خائفة بدلت ملابسها وذهبت إلى مكان يذهب إليه بعض البشر للتعافي من أشياء بداخلهم تسبب لهم مخاوف في حياتهم، وجدت نفسها عند طبيبة نفسية تدعى د/ونيسة، كانت أقدامها تقودها بسرعة رهيبة كأنها تخبرها أنها فعلت الخطوة الصواب، دلفت الباب بصعوبة فكانت داخلها خائفة حتى اتجهت إلى المقعد وجلست عليه وتحدثت قائلة؛ أنا لستُ مريضة نفسية ولكن تعرضت لأشياء جعلت مني شخصًا أكثر هشاشة لا أستطيع مواجهة الحياة، لدي أحلام كثيرة ولكني لا أمتلك الخطوة الأولى، دائمًا الخوف يتملكني وجعل مني شخصًا لا أعرفه، لا أستطيع التعامل مع البشر لأنني خائفة أخاف أن أعتاد على أحد يتركني كما فعلت عائلتي معي.
قالت الطبيبة: أنا هنا لست طبيبة نفسية أنا هنا صديقة لكِ.
قالت أطياف بصوت يرتجف: أخاف أن أعتبرك صديقة وبعدما ننتهي من فترة العلاج والتعافي تتكريني وأعود وحيدة مرة أخري.
قالت الطبيبة: الأصدقاء الحقيقيون لا يتركون بعض أبدًا، وأنا سأكون صديقة لكِ وونيسة لكِ.
قالت أطياف: هل يوجد علاج للوسواس؟
قالت الطبيبة: أولًا الوسواس أفكار متكررة ومستمرة وغير مرغوب فيها، وأعراض الوسواس كثيرة منها: الخوف من التلوث والقاذورات، الشك وعدم اليقين، أفكار عدوانية أو مروعة حول فقدان السيطرة وإيذاء نفسك أو الآخرين.
أولًا للتخلص من الوسواس عليك الإيمان بالله والإستعاذة من الشيطان الرجيم والتحصن بالقرآن الكريم والإكثار من الذكر والدعاء والصلاة على النبي دائمًا.
قالت أطياف: الوسواس الذي يتملكني هو الوسواس بالأفكار وعدم اليقين والخوف من كل شيء حتى نفسي والتفكير الزائد الذي يتملكني وعدم الثقة في نفسي والآخرين.
قالت الطبيبة: لكل داء دواء، وإن شاء الله سوف تتعافي تمامًا من الوسواس.
قالت أطياف: وشيء آخر أريد أن أخبرك عنه، هناك امرأة تدعى طيف تظهر لي دائمًا كأنها روحي الداخلية؛ تخبرني أنها تريد مساعدتي وتريد التخلص من الخوف الذي بداخلي.
قالت الطبيبة: إنها روحك ولكن هذه شخصية وهمية تظهر لكِ لتساعدك على التعافي من الوسواس.
ذهبت أطياف من عند الطبيبة وقررت أن تمنح نفسها فرصة لتصبح شخصًا أحسن مما هي عليه الآن، ذهبت إلى منزلها وقررت أن تدون كل اللحظات التي مرت بها وفي صفحة جديدة وورقة بيضاء وفي أول السطر كتبت بداية جديدة.
كل شخص منّا يحتاج إلى بداية جديدة، بداية تبدأ فيها حياتك من جديد، حياة أنت التي تصنعها بنفسك، تصنع السعادة بنفسك تجعل نفسك في المقدمة دائمًا، أنت فقط.
كانت أطياف كل ليلة تنتظر طيف أن تأتي ولكنها منذ أشهر مرت لها لم تأتي مجددًا كانت تنتظرها حتى في المنام ولكنها لم تأتي أيضًا.
كانت أطياف تذهب للطبيبة كُل أسبوع حتى أصبحوا أصدقاء أوفياء وبعد عام كامل من العلاج تعافت أطياف تمامًا وكان السبب في هذا التعافي هي ونيسة؛ فكانت تمتلك من اسمها نصيب، كانت مؤنسة أطياف طوال العُمر.
عادت أطياف ترى الزهور مجددًا، ترى الحياة كأنها ربيع، تستمتع بكل الأوقات وما زالت تتذكر عائلتها وتذهب لهم وتشاركهم كل لحظاتها، وكانت ونيسة هي من جعلت الربيع يأتي.
عادت الحياة تضحك من جديد، وعادت معها كل المعاني الجميلة، وذهب الخوف الذي كان الشبح بالنسبة لنا، وعاد مكانه الأمان، ولأول مرة تمتلك لذة النصر وتشعر بالأمان.
تمت
مَدِيحَة مُحَمَّد بَنْدِيرِي
كيان خطوط . ❝
❞ سرت وراء قلبي بعواطفه، وطيبته، من وقتها وأنا أطيب جروح قلبي، ولم أتعافَ أبدًا من وقتها، تركت مشاعري على جانب آخر، وتحكمت في قلبي بقوة عقلي، تركت الجميع وسرت أبحث عن مكان اجلس فيه بمفردي لاأخد هدنه من الجميع.
الاسم: منَيٰ الشامي˝صمت˝ . ❝
❞ وفاه امي لم اتخيل فقدانها ذات يوم حتى الان لم اصدق خبر وفاتها لن انسى هذا اليوم عندما رايتها تتالم كان عقلي يقول لي سوف تفتقدها وتتركك وترحل الى الابد ولكن قلبي كان يقول لعقلي اصمت ولا تتكلم انها بخير وسوف تغير ثوب المرض وترتدي ثوب الصحه والعافيه وتستعيد صحتها وتعود الى بيتها ونفرح بعودتها بيننا ولكن يشاء القدر ان اذهب للمستشفى لامي لكي اراها واطمئن عليها كان عقلي يعلم بانها اخر مره ارى فيها امي واسمع صوتها وقلبي كان يكذب احساسه بانها لحظه الوداع جلست معها وانا اتذكر كل شيء حدث بيني وبينها ولساني لا ينطق سوى الدعاء لها بالشفاء ويغرق وجهي بين دموع عيني ويكاد قلبي يخرج من بين ضلوعي من شده المه على امي حينما تنطق كلمه الاه تركتها وذهبت الى بيتنا ذهبت للحظات وكنت ادعو لها بالعوده معافاه و أحادثهم هاتفيا لكي أطمئن عليها فيقولون لي انها بخير وانشغلت في كلامي عنها والتفكير بها وترديد الدعاء لها وحينها خرجت على صوت صراخ قوي يكاد ان يزلزل المكان وقلب ارتجف ولكني لم افكر بان هذا الصراخ على امي ولكن يشاء القدر بأن تكون هي المتوفاه اراها محموله بين يديهم فتكون الصدمه بان يقف قلبي وعقلي ولساني الذي كان يردد دعاء الشفاء فالآن لا ينطق هل فعلا هذه النهايه؟!
أيُعقل بأن أمي تتركني وترحل!
وجسدها تحت التراب يُدفن
وأن أُناديها لا تجيب!
لا لا هذا غير صحيح
بقىّ قلبى يتألم وعقلي بالفكر فى أمى لا يغير
اراها مُنذ طفولتي تدللني وعلى اكتافها تحملني وارى في ذلك الجانب جلوس امام امي وهي تمشط لي شعري وتضع يدها مازحه معي فوق رأسي هذا عقلك وتضعها فوق ظهري وتقول الى هنا يصل شعرك ارى كمان هناك امي تنادي تستعجلني للعشاء ارى امي وهي تحملني وأنا نائمة أراها وهى تحضننى أراها بجوارى ف كل شئ أراها وهى تحمل همى وهى مشغولة لأمرى أرى فرحة أمى ف كل شي يرضينى أراها عندما مرضت والقلق انتابها أراها جالسة معى تحادثنى أراها تأكل معى وتقول أغسلى يديكى وسمى الله أراها تختلط بى عندما أصيبتُ بفيرس كورونا المعدى ف وقت الأنعزال لم تتركني لحظة وكان وقتها صيام رمضان لم تخف ع نفسها م العدوى ولا تعبها ف وقت الصيام أراها عندما أفرح تلمع عيناها وتتمنى م الفرح البقاء أراها عند أغماءى قتلها القلق وقلبها كان ينادى إبنتى عليكى أسم الله أراها هناك تلقى ع كل م يقابلها السلام أراها وأنا عائدة إلى بيت زوحى خارجه معى قائلة هل شئ ينقصكوتحمل شنطة ف يديها واضعه بها م كل شئ موجود عندها ف البيت أراها لا تدخل البيت حتى أذهب بعيدا عن عيناها أراها ف كل شئ فكيف أمى تفارق
كل هذه الأشياء دارت ف عقلى وقت وصول جثمان أمى البيت
وددت أن لو كان الموت يأخذنى معها كنت وقتها شعرت بالأرتياح فقد تعذبت عند خروجها محمولة ع الأكتاف ذهبت أمى وكل شئ جميل رحل معها . ❝
❞ *˝أوشكت الدموع على النفاذ، ولم يلتئم جرحي بعد˝*
ترقرقت الدموع داخل عينايَ، مُعلنة استسلامي لتلك الجروح، تلك الذكريات التي جعلت قلبي يتمزق ألمًا، ذلك الألم الذي يُعد ملاذ ليَّ، تذرف عبراتي على وجنتي بغزارة، باحثةُ عن السلامِ، لم أكن أعلم من قبل أنه في يومٍ من الأيامِ ستجف دموعي، ولم تلتئم الجروح التي كانت سببًا في سيلانها، أتساءل: كيف لي أن أظهر ابتسامتي وقلبي مليء بذلك الألم؟
تُفيض عينايَ من كثرة دموعها، وكأنها في سباقِ، وقد تفوقت وامتازت على الشلالِ، روحي منهكة، ومشتتة كليًا، يتسلل الشجن داخل أحشائي، اسندت رأسي بين قدمي، وتركت العنان لنفسي، لأتذكر سبب دموعي، حينها تذكرت سبب تلك الدموع التي تحالفت علي الهطولِ وكأنها تروى اشتياقي، أتتذكر تراهيلك التي القيتها عليَّ وقت غرامِنا؟
ألستَ أنتَ من وعدتني ألا تندفِعُ راحِلًا مع الرياح؟
أم رُميتَ بأسقِمةِ الغرام؛ فأنساتكَ وعودك؟
وعدتني ألا تتهُب مع الرياح، وقد انحدرتَّ بكامِلِ إرادتك؛ فأين الوعود وأناشيد تِلاوتك؟
تركتني وحيدة وفراقك كان كاللعنة بالنسبة لي؛ فقد أُصيبت عينايَ بالجواد اشتياقًا لك، أبكي حسرةً على خسارتك وفراقك، لا أعلم ماذا أفعل؟
لتعود لي مرةً أخرى، كنتَ دائمًا تُحدثني وتقول لي: لا تبكين، الآن لم أجد أحدًا يقول لي ذلك؛ لقد أخبرتني أنك تُحب عيوني، لماذا جعلتها تذرف الدموعَ إذن؟
ألم يحن الوقت؟
لينتهي ذلك الفراق؛ كي تعود لي ابتسامتي التي ذهبت معكَ، مقلتايَ تدور في كل مكانِ تبحث عن طيفك، جففت دموعي وأسرعت بالوقوفِ، أنظر هنا وهناك؛ كي أراك، ولكن لم تأتي بعد، أيقظت نفسي حينها، وجعلتها تُعاهدني ألا تبكي مجددًا، عنفتها بشدة لاشتياقها لك، وأنت لم تتذكرها ونسيتها، حينها وجدت قوة تتسلل داخل قلبي؛ لتمحي ألمي، ولكن لم يلتئم جرحي بالكامل؛ فحين أجلس مُنفردة أتذكرك وكأنك محفور داخل عقلي، ويرفض نسيانك، الدموع تنفذ، والقلب لم يستريح بعد؛ فسحقًا لكَ على تدمير قلبي.
گ/إنجي محمد˝بنت الأزهر˝ . ❝
❞ الخـــروج . . .
كان يزدرد الطعام كأنه يزدرد كُرات من العجين يُلقي بها في جوفه دون تَلذُذ .. و كان الهواء راكداً ثقيلاً .. و كل شيء راكد ثقيل .. و صفحة النهار تبدو كليلٍ بلا نجوم ..
و لم يكن يدري كم من الوقت قد مضى عليه و هو جالس في كُرسيه في مقهى الروف بأعلى البرج ..
ربما بِضع ساعات و هو يجلس نفس الجلسة لم يُحرك إصبعاً .. و ربما بنفس النظرة الذاهلة المحملقة في الهواء دون أن يختلج له جفن ، و كأنما تسمرت نفسه و بات عقله مصلوباً على فكرة واحدة لا يبرحها .. أن يتخلص من حياته .
مريض بلا شفاء .. يتنقل من طبيب إلى طبيب .. و من دواء إلى دواء .. و من مُخدِر إلى مخدر .. و من أمل إلى أمل .. ثم تذوي الآمال ثم يكتشف أنه لم يبق له إلا الصبر .
و في البيت وحده .. و فِراش بارد .. و مائدة عليها عشرات العقاقير، و خِطابات لا يجف حبرها .. تجري سطورها اللاهِثة بنداء واحد لا يهدأ :
سوزان . . سوزان . .
عودي .. أحبك .. لا أستطيع أن أحيا بدونك .. و لا أن أموت بدونك .
حياتي ليل بدون ضوء عينيك .
و دائماً تُرسَل الخطابات و تسافر عبر البحر .. و لا يأتي لها رد ، و لا يُسمَع لها صَدى .
الزوجة الأوروبية عادت إلى بلادها بقلب ينزف ، و تركت وراءها قلباً آخر ينزف .
و في ذلك الصمت الشبيه بالصراخ يعيش ..
و في تلك الغرفة المُترَفة الوثيرة ذات الديكورات الغالية يتقلب .. و كأنما يتقلب على صحراء مُوحِشة تسرح فيها الأفاعي .. ثم ينفد الصبر .. و تنقطع حِبال الإنتظار .
و لا تبقى في ذهنه إلا فكرة واحدة .. أن يتخلص من حياته .
تأتيه الفكرة في البداية زائرة ثم تصبح طَوّافة ثم تُلِح عليه ثم تُقيم في رأسه ثم تتحول إلى حصار ثم تغدو كابوساً قهرياً يحتويه و يجثم عليه و يخنقه رويداً رويداً .
و يتحرك أخيراً .. فينظر إلى ساعته .
لقد مضت أربع سنوات و هو مُتجمد في كُرسيه كتمثال ، و شيء في داخله ينخر في بنيانه و يأكل جوفه .. و بنظرة سريعة عبر الشرفة يطل على الناس الذين يبدون كالنمل الصغير أسفل البرج .. و تتسمر عيناه على الهُوّة التي تَفغُر فاها تحت قدميه .
ثم في لحظة يرمي بنفسه من شاهِق .
و يتجمع الناس أسفل البرج .. و هُم يحكون في ذهول ..
هناك رجل رمى بنفسه من أعلى البرج فسقط على كتفي عامل فقتله لساعته .. أما هو فلم يُصَب بخدش ..
و حينما أفاق الرجل من صدمته و أدرك ما فعل .. إنكَبَّ على شفرة حديد صَدِئة إلتقطها من الطريق و قطع شرايينه .
و حملوه إلى المستشفى و هو ينزف .. و أسعفوه ..
و حينما فتح عينيه و اكتشف أنه لم يمُت بعد .. إبتلع زجاجة الأقراص المنومة كلها في غفلة من الممرضة ..
و لكنهم غسلوا معدته ، و أعطوه شيئاً .. و أنقذوه ..
و فتح عينيه من جديد ليجد أنه لم يمت بعد ثلاث محاولات قاتلة .. قتل فيها رجل آخر و لم يَمُت .. و سقط مغشياً عليه ..
و في النوم و بين لحظات الخدر ، و فيما يشبه الرؤيا شاهد الرجل نوراً و سمع صوتاً يقول له :
●● ماذا فعلت بنفسك ؟
● أردت أن أقتل نفسي لأستريح .
●● و من أين لك العلم بأنك سوف تستريح .. أعلِمت بما ينتظرك بعد الموت ؟
● إنه على أي حال أفضل من حالي في الدنيا .
●● هذا ظنك .. و لا يقتُل الناس أنفسهم بالظن .
● و ماذا كنت أستطيع أن أفعل .. و ماذا بقيَ لي ؟
●● أن تصبر و تنتظر أمرنا ..
● صبِرت .
●● تصبر يوماً آخر إلى غَد .
● سيكون غداً مشئوماً مثل سالفه .
●● كيف علمت .. هل أنت الذي خلقت الأيام .. هل أنت الذي خلقت نفسك ؟
● لا .
●● فكيف تحكم على ما لا تعلم ، و كيف تتصرف فيما لا تملك ؟
● هذا عمري و قد ضقت به .
●● أتعلم ماذا نُخفي لك غداً ؟
● لا .
●● إذاً فهو ليس عُمرك .
● لا أريد أن أعيش .. خلوا بيني و بين الموت .. دعوني .. ارحموني .
●● لو تركناك فما رحمناك .. إنما نحول بينك و بين رغبتك رحمةً مِنا و فضلاً ، و لو تخلينا عنك لهلَكت .
● يا مرحباً بالهلاك .. ما أريد إلا الهلاك .. يا أهلاً بالهلاك .
●● لن يكون الهلاك رقدة مُطمَئنة تحت التراب كما تتصور .
● أريد أن أخرج مما أنا فيه و كَفَى .
●● و لو إلى النار ؟
● و هل هناك نار غير هذه ؟
●● أتصَوَّرت أنه لا وجود إلا لما يقع تحت حسك من جنة و نار .. أظننت أنه لا جنة و لا نار إلا نعيمكم و عذابكم .. أظننتنا فقراء لا يتسع ملكنا إلا لهذا العالَم .. أتصَوَّرتَ أنه ليس عندنا لك إلا هذه الشقة في المعادي .. و ليس عند رب العالمين غير هذه الكرة الأرضية المعلقة كذرة غبار في الفضاء .. ؟
بئس ما خَيَّل لك بَصرُك الضرير عن فقرنا .
● ضقت ذرعاً مما أنا فيه .. إنسدت أمامي المسالك .. إنطبقت السماء على الأرض .. إختنقْت .. أريد الخروج .. أريد الخروج .
●● ألا تصبر لحظات أخرى .. أترفض عطيّتنا في الغد قبل أن تراها ؟
● رأيت منها ما يكفيني .
●● هذا رفض لنا و يأس مِنّا و اتهام لحكمتنا و سوء ظن بتدبيرنا و انتقاص لملكنا .. بئس ما قررت لنفسك .. إذهب .. رفضناك كما رفضتنا ، و حرمناك ما حرمت نفسك .. خَلّوا بينه و بين الموت ..
و في تلك الليلة شنق الرجل نفسه بملاءة الفراش .. و مات في هذه المحاولة الرابعة .. و فشلت كل الإسعافات في إنقاذه .
و جاء الغــد . .
فطلعت صفحات الجرائد الأولى بخبر مثير عن اكتشاف علاج جديد حاسم للمرض الذي كان يشكو منه .
و جاءت سوزان تدق بابه في شوق و في يدها بضع زجاجات من هذا الترياق الجديد و قلبها يطفح بالحب و الأمل .
و لكنه كان قد ذهب .
لم ينتظر العطية .
ظلم المُعطي و العَطيّة و ظلم نفسه و ظلم الغد الذي لم يره و اتهم الرحيم في رحمته و أنكر على المدبر تدبيره .
و خـــرج . .
إلى حيــث لا رحمـــة . . و لا عــودة . .
..
قصة : الخروج
من كتـــاب / نقطــة الغليـــان
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله) . ❝