█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ ولقد جرَّبت اللذات على تصرُّفها، وأدركت الحظوظ على اختلافها، فما للدنوِّ من السلطان، ولا المال المُستفاد، ولا الوجود بعد العدم، ولا الأوبة بعد طول الغَيبة، ولا الأمن بعد الخوف، ولا التروُّح على المال، من الموقع في النفس، ما للوصل؛ ولا سيما بعد طول الامتناع، وحلول الهجر، حتى يتأجج عليه الجوى، ويتوقد لهيب الشوق، وتنصرم نار الرجاء . ❝
❞ احتوى المجلد الأول من كتاب سكب العبرات على المواضيع التالية :
ياخليفة الأموات اذكر هادم اللذات
يا بن آدم
الموت
الموت السر الخافي وراء الستر المسبل
يقظة القلب باليقين بالموت
ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون
ربي الذي يحيي ويميت
النهي عن تمني الموت
تمني الموت يقع على وجوه
تمني الموت عند حضور أسباب الشهادة
تمني الموت لمن وثق بعمله شوقا إلى لقاء الله
تعوذ بالله أن نعير بطول العمر
يا خليفة الأموات
الموت خير غائب اجعله منك على بال
المنهمك في الدنيا والتائب والعارف وذكر الموت
الموت مصيبة والغفلة عنه أعظم المصائب
الأعمال بالخواتيم
حسن الخاتمة وسوء الخاتمة أسباب وعلامات
أسباب حسن الخاتمة
1الاستقامة
2التقوى
3حسن الظن بالله تعالى
4الصدق
5التوبة
6الحذر من أسباب سوء الخاتمة
7ذكر الموت ورؤية المحتضرين وتغسيل الموتى
علامات حسن الخاتمة
الأولى : نطقة بالشهادةعند الموت
الثانية :الموت برشح الجبين
الثالثة : الموت ليلة الجمعة أونهارها
الرابعة : الاستشهاد في ساعة القتال
الموت بسبب من أسباب الشهادة غير القتل في سبيل الله
الخامسة : الموت غازياً في سبيل الله
السادسة : الموت بالطاعون
السابعة : الموت بداء البطن
الثامنة والتاسعة : الموت بالغرق والهدم
العاشرة : موت المرأة في نفاسها بسبب ولدها
الحادية عشر والثانية عشر : الموت بالحرق وذات الجنب
الثالثة عشر : الموت بداء السل لقوله صلى الله عليه وسلم
الرابعة عشر : الموت في سبيل الدفاع عن المال غصبه
الخامسة عشر والسادسة عشر والسابعة عشر : الموت في الدفاع عن الدين والنفس والأهل
الثامنة عشر والتاسعة عشر والعشرون : من صرع عن دابته في سبيل الله ومن وقصه بعيره ومن لدغته هامة في سبيل الله
الحادية والعشرون : المائد في البحر
الثانية والعشرون : الشريق
الثالثة والعشرون : من تردي من رؤوس الجبال
الرابعة والعشرون : من افترسه السبع
الخامسة والعشرون : من قام إلى إمام جائر فأمره بمعروف فقتله
السادسة والعشرون : من سأل الشهادة بصدق ومات على ذلك
السابعة والعشرون : الدعوة إلى السنة في وقت الفتن والموت عليها
الثامنة والعشرون : رباط يوم وليله
التاسعة والعشرون : الموت على عمل صالح
الموت بالمدينة المنورة
أسباب سوء الخاتمة
1فساد المعتقد
2مخالفة الباطن للظاهر
3الذنوب والمعاصي . ❝
❞ و كان اليوم جمعة في شتاء قارص من يناير و قد صحا من نومه مُتأخِراً بعد ليلة عب فيها من اللذة ما شاء و اعتصر من ضرع الحياة أقصى ما استطاعت الحياة أن تعطيه ، و أغفَى في حضن امرأة و ذاق أحلى قبلة و استمتع بأجمل عِناق .
و أمام إغراء المال قل من كُنَّ يستطعن الصمود .. و من حسن حظه أن أكثر الجميلات
المُترَفات من النساء كُنَّ مثله متخصصات في نفس فنه الرفيع .. و هو كيف يأخذن من الحياة خلاصتها دون أن يشغلن أنفسهن بأن يعطينها شيئاً .
و لهذا كانت الصفقة دائماً طيبة .. و كانت دائماً رابحة .
و لم يُخطئ تقديره مرة واحدة .
و كانت عادته في تلك الأيام بعد أن يلتهم إفطاره الدَسِم أن يمضي يفتش مَناحِله ، و أن يقضي الساعات يتأمل ذلك السعي الدءوب لألوف النحلات الشغالة و هي تمضي إلى الحقول لتعمل في دأب و صمت في جمع الرحيق من الزهور لتعود مُحَمَّلة بمحصولها الوافر قبل الغروب .
و في صمت تعمل في تحويل هذا الرحيق في بطونها إلى شهد .. ثم تصبه في الخلايا لتخزنه ثم تختم عليه بالشمع .. ثم توزع بينها الوظائف ..
البعض يرعى البيض .. و البعض يُطعِم اليرقات الضغيرة التي خرجت من الفقس .. و البعض يطعم الملكة بالغذاء الملكي و ينظفها و يغسلها .. و البعض يمرح بأجنحته على باب الخلية ليكيف هواءها .. و البعض يحرس الباب من الأعداء و ينتشر حول الخلية ليستطلع أخبار أي عدو ..
بينما ألوف الذكور تأكل و تنام في كسل .. و تعيش بلا عمل في انتظار ذلك اليوم الوحيد من كل سنة حينما تغادر الملكة الخلية و تُحَلِق بأجنحتها في الجو .. فيتبعها سرب الذكور .. فتظل ترتفع و ترتفع .. و الذكور يتسابقون خلفها .. حتى يلحق بها أقواهم ، و لهذا الذكر الأقوى من الجميع تترك الملكة نفسها ليلقحها ..
و بعد التلقيح تعود الملكة إلى الخلية لتبدأ دورة جديدة من التكاثر و وضع البيض ..
أما الذكور فيعودون إلى الخلية ليلاقوا حـتفهم .. إذ لم تعد لهم فائدة .. و أصبح تركهم يأكلون عالة على الجميع تبذيراً لا معنى له ..
و لهذا كانت النحلات الشغالة تستقبلهم عند الباب باللدغ و الضرب و الركل .. ثم تلقي بهم إلى الخارج ليتكفل البرد و الجوع بالقضاء على البقية الباقية منهم .
و كان حظ صاحبنا في ذلك اليوم البارد من يناير أن يرى هذه المجزرة الغريبة التي تجري أمام عينيه كأنها شريط سينمائي .
رأى الذكور العائدين بعد التلقيح تقتلهم النحلات الشغالة واحداً بعد الآخر .. و تُلقي بهم في البرد و العراء .
و كان غريباً أن يتأمل حال هذا المجتمع الحشري العجيب حيث لا تحتل العملية الجنسية إلا يوماً واحدا ..ً بل لحظة واحدة من يوم من عامٍ كامل يمضي كله في عمل دءوب مخلص للبناء و الإنتاج .
لحظة واحدة ذات يوم كل عام ينال ينال أحد الذكور حظاً من تلك اللذة .. ثم يجد بعد ذلك مَنْ يقتله على الباب و يقول له . . شـــكـراً . . لـقد أديــت وظيـفـتــك . . و لم يعد لنا بك حاجة ..
ثم تدور العجلة بعد ذلك لعام كامل .. لا يذكر أحد تلك اللذة و لا يفكر فيها و لا يسعى إليها .. و إنما ينقطع الكل للبناء و الإنتاج و تكوين الشهد .. الذي يأكله صاحبنا ..
صاحبنا الذي فرغ كل حياته و كل يوم و كل لحظة من سِني عمره في سعي دءوب مستمر لجني اللذة أينما وجدها .. في القاهرة أو روما أو باريس أو لندن أو آثينا .. و كل ما يأتي من أعمال إنما هو في خدمة تلك اللذات و لتكثيرها و تنويعها .
و ذلك هو الإنسان .. و تلك هي الحشرة .. التي نعتبرها في أدنى الدرك الحيواني .
هل كانت مصادفة في ذلك اليوم و صاحبنا يقلب الأمر في فكره .. و قد اعتمد رأسه بين يديه و غرق في التأمل .. أن مرقت رصاصة طائشة من ساحات التدريب القريبة و اخترقت ذلك الرأس .. و أسكتت ما فيه من الفِكر إلى الأبد .. !
أكانت رصاصة طائشة حقاً كما ذُكِر بعد ذلك في محضر البوليس .. أم كانت رصاصة من بندقية مخدوع عرف طريقه إلى رأس غريمه .. أم كانت رصاصة وَجَّهتها العناية الإلهية و قادها مَلَك الموت إلى ذلك الرأس .. هامِساً كعادته في أدب جَم كما يفعل كل الملائكة ..
شـــكـرا . . لـقــد أديــت وظيفـتــك . . و لـم تـعــد للدنيــا بــك حـاجــة .
قصة / شكراً لقد أديت وظيفتك
من كتاب / نقطة الغليان
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله) . ❝