❞ عندما تحضر عيناكِ تذهب لُغتي! تسكتُ أصوات ُ المدافعِ، ويخرس الرّصاص تصبح البيوت المُهدّمة قصائد، والمقابر حدائق ويصبح هذا الثّائر قطاً أليفاً لا يريدُ إلا لمسة من رأسهِ علي سيدتهِ.. ❝ ⏤أدهم شرقاوي
❞ عندما تحضر عيناكِ تذهب لُغتي! تسكتُ أصوات ُ المدافعِ، ويخرس الرّصاص تصبح البيوت المُهدّمة قصائد، والمقابر حدائق ويصبح هذا الثّائر قطاً أليفاً لا يريدُ إلا لمسة من رأسهِ علي سيدتهِ. ❝
❞ يا خيبتي ، يا خيبة ! يا وحدتي وانفرادي ، إنك لأعز لدي من ألف انتصار ، وأحلى على قلبي من كل أمجاد الأقطار .
يا خيبتي ، يا خيبة !
يا معرفتي لنفسي واحتقاري لذاتي ، بك أعرف أني لا أزال فتياً سريع الخطى ، فلا تغريني أكاليل الغار الذابلة الفانية ، بك قد حظيت بوحدتي وانفرادي ، وتذوقت لذة فراري واحتقاري .
يا خيبتي ، يا خيبة !
يا سيفي البتار وترسي البراق ، قد قرأت في عينيك : أن الإنسان متى جلس على عرش الملك ، فقد صار عبداً ، ومتى أدرك الناس أعماق روحه فقد طوى كتاب حياته ، ومتى بلغ أوج كماله ، فقد قضى نحبه ، بل هو كالثمرة إذا نضجت سقطت واندثرت ؛ يا خيبتي يا خيبة ! يا رفيقي الباسل الودود ؛ أنت وحدك تسمعين إنشادي ، وصراخي ، وسكوتي ، وليس غيرك بمحدثي عن خفقان الأجنحة ، وهدير البحار ، وعن قذائف البراكين الثائرة في دوامس الليالي .
أنت وحدك تتسلقين صخور نفسي الجلمودية الشامخة .
يا خيبتي ، يا خيبة ! يا شجاعتي التي لا تموت ، أنت تضحكين معي في العاصفة ، وتحفرين معي قبوراً لما يموت مني ومنك ، وتقفين معي أمام وجه الشمس بجلد وثبات ، فنكون معاً هائلين مرعبين .. ❝ ⏤جبران خليل جبران
❞ يا خيبتي ، يا خيبة ! يا وحدتي وانفرادي ، إنك لأعز لدي من ألف انتصار ، وأحلى على قلبي من كل أمجاد الأقطار .
يا خيبتي ، يا خيبة !
يا معرفتي لنفسي واحتقاري لذاتي ، بك أعرف أني لا أزال فتياً سريع الخطى ، فلا تغريني أكاليل الغار الذابلة الفانية ، بك قد حظيت بوحدتي وانفرادي ، وتذوقت لذة فراري واحتقاري .
يا خيبتي ، يا خيبة !
يا سيفي البتار وترسي البراق ، قد قرأت في عينيك : أن الإنسان متى جلس على عرش الملك ، فقد صار عبداً ، ومتى أدرك الناس أعماق روحه فقد طوى كتاب حياته ، ومتى بلغ أوج كماله ، فقد قضى نحبه ، بل هو كالثمرة إذا نضجت سقطت واندثرت ؛ يا خيبتي يا خيبة ! يا رفيقي الباسل الودود ؛ أنت وحدك تسمعين إنشادي ، وصراخي ، وسكوتي ، وليس غيرك بمحدثي عن خفقان الأجنحة ، وهدير البحار ، وعن قذائف البراكين الثائرة في دوامس الليالي .
أنت وحدك تتسلقين صخور نفسي الجلمودية الشامخة .
يا خيبتي ، يا خيبة ! يا شجاعتي التي لا تموت ، أنت تضحكين معي في العاصفة ، وتحفرين معي قبوراً لما يموت مني ومنك ، وتقفين معي أمام وجه الشمس بجلد وثبات ، فنكون معاً هائلين مرعبين. ❝
❞ تكملة حادثة الإِفك ..
فإن قيل : فما بال رسول الله ﷺ توقف في أمرها ، وسأل عنها ، وبحثَ ، واستشار ، وهو أعرف بالله وبمنزلتِهِ عِنده وبما يليقُ به ، وهَلَّا قال : سُبْحَانَكَ هذا بهتان عظيم ، كما قاله فضلاء الصحابة ؟ ، فالجواب أن هذا من تمام الحِكَمِ البَاهِرَةِ التي جعل الله هذهِ القِصة سبباً لها ، وامتحاناً وابتلاء لرسوله ﷺ ، ولجميع الأمة إلى يوم القيامة ، ليرفع بهذه القصة أقواماً ، ويضع بها آخرين ، ويزيد الله الذين اهتدَوْا هُدى وإيماناً ، ولا يزيد الظالمين إلا خَساراً ، واقتضى تمام الامتحان والابتلاء أن حُبِسَ عن رسول الله ﷺ الوحي شهراً في شأنها ، لا يُوحى إليه في ذلك شيء لتتم حكمته التي قدرها وقضاها ، وتظهر على أكمل الوجوه ، ويزداد المؤمنون الصادِقُونَ إيماناً وثباتاً على العدل والصدق ، وحُسْنِ الظن بالله ورسوله ﷺ ، وأهل بيته ، والصِّدِّيقينَ مِن عباده ، ويزداد المنافقون إفكاً ونفاقاً ، ويُظهر لرسوله وللمؤمنين سرائرهم ، ولتتم العبودية المرادة من الصدِّيقة وأبويها ، وتتم نعمة الله عليهم ، ولتشتد الفاقة والرغبة منها ومن أبويها ، والافتقار إلى الله والذلُّ له ، وحُسن الظن به ، والرجاء له ، ولينقطع رجاؤها من المخلوقين ، وتيأس من حصول النصرةِ والفرج على يد أحد من الخلق ، ولهذا وقت هذا المقام حقه ، لما قال لها أبواها : قومي إليه ، وقد أنزل الله عليه براءتها ، فقالت : واللَّهِ لا أَقُومُ إِلَيْهِ ، ولا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي ، وأيضاً فكان حكمة حَبْسِ الوحي شهراً ، أن القضية مُحْصَتْ وتمحضت ، واستشرفت قلوب المؤمنين أعظم استشراف إلى ما يُوحيه الله إلى رسوله فيها ، وتطلعت إلى ذلك غاية التطلع ، فوافى الوحي أحوج ما كان إليه رسول الله ﷺ ، وأهل بيته ، والصديق وأهله ، وأصحابه والمؤمنون ، فورد عليهم ورود الغيث على الأرض أحوج ما كانت إليه ، فوقع منهم أعظم موقع وألطفه ، وسُرُّوا به أتمَّ السُّرورِ ، وحصل لهم به غاية الهناء ، فلو أطلع الله رسوله على حقيقة الحالِ مِن أول وهلة ، وأنزل الوحي على الفور بذلك ، لفاتت هذه الحكم وأضعافها ، بل أضعاف أضعافها ،
وأيضاً فإن الله سبحانه أحب أن يُظْهِرَ منزلَةَ رسوله وأهل بيته عنده ، وكرامتهم عليه ، وأن يُخرِج رسوله هذه القضية ، ويتولى هو بنفسه الدفاع والمنافحة عنه والرد على أعدائه ، وذمهم وعيبهم بأمر لا يكون له فيه ، عمل ولا يُنسب إليه ، بل يكون هو وحده المتولي لذلك ، الثائر لرسوله وأهل بيته ، وأيضاً فإن رسول الله ﷺ كان هو المقصود بالأذى ، والتي رُمِيَتْ زوجته ، فلم يكن يليق به أن يشهد ببراءتها علمه ، أو ظنه الظن المقارب للعلم ببراءتها ، ولم يظن بها سُوءاً قط ، وحاشاه - وحاشاها ، ولذلك لما استعذر من أهل الإفك ، قال ﷺ ( مَنْ يَعْذِرُني فِي رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي ، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلى أَهْلِي إِلَّا خَيْراً ، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً ما عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْراً ، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا معي ) ، فكان عنده مِنَ القرائن التي تشهد ببراءة الصديقة أكثر مما عند المؤمنين ، ولكن لكمال صبره وثباته ، ورفقه وحُسن ظنه بربه ، وثقته به ، وفى مقام الصبر والثبات ، وحسن الظن بالله حقه ، حتى جاءه الوحي بما أقر عينه ﷺ ، وسرَّ قلبه ، وعظم قدره ، وظهر لأمته احتفال ربه به ، واعتناؤه بشأنه. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ تكملة حادثة الإِفك .
فإن قيل : فما بال رسول الله ﷺ توقف في أمرها ، وسأل عنها ، وبحثَ ، واستشار ، وهو أعرف بالله وبمنزلتِهِ عِنده وبما يليقُ به ، وهَلَّا قال : سُبْحَانَكَ هذا بهتان عظيم ، كما قاله فضلاء الصحابة ؟ ، فالجواب أن هذا من تمام الحِكَمِ البَاهِرَةِ التي جعل الله هذهِ القِصة سبباً لها ، وامتحاناً وابتلاء لرسوله ﷺ ، ولجميع الأمة إلى يوم القيامة ، ليرفع بهذه القصة أقواماً ، ويضع بها آخرين ، ويزيد الله الذين اهتدَوْا هُدى وإيماناً ، ولا يزيد الظالمين إلا خَساراً ، واقتضى تمام الامتحان والابتلاء أن حُبِسَ عن رسول الله ﷺ الوحي شهراً في شأنها ، لا يُوحى إليه في ذلك شيء لتتم حكمته التي قدرها وقضاها ، وتظهر على أكمل الوجوه ، ويزداد المؤمنون الصادِقُونَ إيماناً وثباتاً على العدل والصدق ، وحُسْنِ الظن بالله ورسوله ﷺ ، وأهل بيته ، والصِّدِّيقينَ مِن عباده ، ويزداد المنافقون إفكاً ونفاقاً ، ويُظهر لرسوله وللمؤمنين سرائرهم ، ولتتم العبودية المرادة من الصدِّيقة وأبويها ، وتتم نعمة الله عليهم ، ولتشتد الفاقة والرغبة منها ومن أبويها ، والافتقار إلى الله والذلُّ له ، وحُسن الظن به ، والرجاء له ، ولينقطع رجاؤها من المخلوقين ، وتيأس من حصول النصرةِ والفرج على يد أحد من الخلق ، ولهذا وقت هذا المقام حقه ، لما قال لها أبواها : قومي إليه ، وقد أنزل الله عليه براءتها ، فقالت : واللَّهِ لا أَقُومُ إِلَيْهِ ، ولا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي ، وأيضاً فكان حكمة حَبْسِ الوحي شهراً ، أن القضية مُحْصَتْ وتمحضت ، واستشرفت قلوب المؤمنين أعظم استشراف إلى ما يُوحيه الله إلى رسوله فيها ، وتطلعت إلى ذلك غاية التطلع ، فوافى الوحي أحوج ما كان إليه رسول الله ﷺ ، وأهل بيته ، والصديق وأهله ، وأصحابه والمؤمنون ، فورد عليهم ورود الغيث على الأرض أحوج ما كانت إليه ، فوقع منهم أعظم موقع وألطفه ، وسُرُّوا به أتمَّ السُّرورِ ، وحصل لهم به غاية الهناء ، فلو أطلع الله رسوله على حقيقة الحالِ مِن أول وهلة ، وأنزل الوحي على الفور بذلك ، لفاتت هذه الحكم وأضعافها ، بل أضعاف أضعافها ،
وأيضاً فإن الله سبحانه أحب أن يُظْهِرَ منزلَةَ رسوله وأهل بيته عنده ، وكرامتهم عليه ، وأن يُخرِج رسوله هذه القضية ، ويتولى هو بنفسه الدفاع والمنافحة عنه والرد على أعدائه ، وذمهم وعيبهم بأمر لا يكون له فيه ، عمل ولا يُنسب إليه ، بل يكون هو وحده المتولي لذلك ، الثائر لرسوله وأهل بيته ، وأيضاً فإن رسول الله ﷺ كان هو المقصود بالأذى ، والتي رُمِيَتْ زوجته ، فلم يكن يليق به أن يشهد ببراءتها علمه ، أو ظنه الظن المقارب للعلم ببراءتها ، ولم يظن بها سُوءاً قط ، وحاشاه - وحاشاها ، ولذلك لما استعذر من أهل الإفك ، قال ﷺ ( مَنْ يَعْذِرُني فِي رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي ، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلى أَهْلِي إِلَّا خَيْراً ، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً ما عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْراً ، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا معي ) ، فكان عنده مِنَ القرائن التي تشهد ببراءة الصديقة أكثر مما عند المؤمنين ، ولكن لكمال صبره وثباته ، ورفقه وحُسن ظنه بربه ، وثقته به ، وفى مقام الصبر والثبات ، وحسن الظن بالله حقه ، حتى جاءه الوحي بما أقر عينه ﷺ ، وسرَّ قلبه ، وعظم قدره ، وظهر لأمته احتفال ربه به ، واعتناؤه بشأنه. ❝
❞ “أتمنى لكِ اليأس يا حبيبتي؛ لكي تصيرين مبدعة. اليائسون هم المبدعون، لا تنتظريني ولا تنتظري أحدًا. انتظري الفكرة، لا تنتظري المفكّر. انتظري القصيدة، ولا تنتظري الشاعر. انتظري الثورة، ولا تنتظري الثائر. المفكّر يخطئ، والشاعر يكذب، والثائر يتعب.”. ❝ ⏤محمود درويش
❞ أتمنى لكِ اليأس يا حبيبتي؛ لكي تصيرين مبدعة. اليائسون هم المبدعون، لا تنتظريني ولا تنتظري أحدًا. انتظري الفكرة، لا تنتظري المفكّر. انتظري القصيدة، ولا تنتظري الشاعر. انتظري الثورة، ولا تنتظري الثائر. المفكّر يخطئ، والشاعر يكذب، والثائر يتعب.”. ❝
❞ صاحب البِشارة الملكُ المُجاهد والسُلطان الغازي أبي الفتح والمعالي مُحمَّد خان الثاني بن مُراد بن مُحمَّد العُثماني (بالتُركيَّة العُثمانيَّة: صاحب بِشارۀ الملكُ المُجاهد غازى سُلطان مُحمَّد خان ثانى بن مُراد بن مُحمَّد عُثمانى؛ وبالتُركيَّة المُعاصرة: Sultan II. Mehmed Han ben Gazi Murad)، ويُعرف اختصارًا باسم مُحمَّد الثاني، وبِلقبه الأشهر مُحمَّد الفاتح (بالتُركيَّة العُثمانيَّة: مُحمَّد ثانى أو مُحمَّد فاتح أو فاتح سُلطان مُحمَّد؛ وبالتُركيَّة المُعاصرة: II. Mehmed أو Fatih Sultan Mehmed)؛ هو سابع سلاطين آل عُثمان وخامس من تلقَّب بِلقب سُلطانٍ بينهم بعد والده مُراد وجدُّه مُحمَّد الأوَّل وجدَّاه بايزيد ومُراد، وثاني من لُقِّب بِالـ«ثاني» من سلاطين آل عُثمان، وأوَّل من حمل لقب «قيصر الروم» من الحُكَّام المُسلمين عُمومًا والسلاطين العُثمانيين خُصوصًا. يُلقَّب بِـ«صاحب البِشارة» اعتقادًا من جُمهُور المُسلمين أنَّ نُبُوءة الرسول مُحمَّد القائلة بِفتح القُسطنطينيَّة قد تحققت على يديه، كما لُقِّب في أوروپَّا بِـ«التُركي الكبير» (باللاتينية: Grand Turco) و«إمبراطور التُرك» (باللاتينية: Turcarum Imperator) نظرًا لِأهميَّة وعظمة إنجازاته وانتصاراته العسكريَّة التي حققها على حساب القوى المسيحيَّة، علمًا بِأنَّ المقصود بِـ«التُركي» هُنا هو «المُسلم» عُمومًا، وليس التُركي عرقيًّا، لأنَّ التسميتان كانتا تعنيان شيئًا واحدًا في المفهوم الأوروپي آنذاك.(1)
جلس مُحمَّد الثاني على عرش الدولة العُثمانيَّة مرَّتين: الأولى بُعيد وفاة شقيقه الأكبر علاء الدين واعتزال والده مُراد الحياة السياسيَّة بعد تلقيه هزيمة نكراء على يد تحالُفٍ صليبيٍّ، فانقطع لِلعبادة في تكيَّة مغنيسية وترك شُؤون الحُكم لِولده، وفي تلك الفترة كان السُلطان الجديد ما يزال قاصرًا، فلم يتمكَّن من الإمساك بِمقاليد الحُكم إمساكًا متينًا، لا سيَّما وأنَّ الدوائر الحاكمة في أوروپَّا استغلَّت حداثة سن السُلطان ففسخت الهدنة التي أبرمتها مع والده، وجهَّزوا جُيُوشًا لِمُحاربة الدولة العُثمانيَّة، فأُجبر السُلطان مُراد على الخُرُوج من عُزلته والعودة إلى السلطنة لِإنقاذها من الأخطار المُحدقة بها، فقاد جيشًا جرَّارًا والتقى بِالعساكر الصليبيَّة عند مدينة وارنة (ڤارنا) البُلغاريَّة وانتصر عليها انتصارًا كبيرًا، ثُمَّ عاد إلى عُزلته لكنَّهُ لم يلبث بها طويلًا هذه المرَّة أيضًا، لأنَّ عساكر الإنكشاريَّة ازدروا بِالسُلطان مُحمَّد الفتى، وعاثوا فسادًا في العاصمة أدرنة، فعاد السُلطان مُراد إلى الحُكم وأشغل جُنُوده بِالحرب في أوروپَّا، وبِالأخص في الأرناؤوط، لِإخماد فتنة إسكندر بك الذي شقَّ عصا الطاعة وثار على الدولة العُثمانيَّة، لكنَّ المنيَّة وافت السُلطان قبل أن يُتم مشروعه بِالقضاء على الثائر المذكور، فاعتلى ابنه مُحمَّد العرش لِلمرَّة الأُخرى، التي قُدِّر لها أن تكون مرحلةً ذهبيَّة في التاريخ الإسلامي.. ❝ ⏤عبدالسلام عبدالعزيز فهمي
❞ صاحب البِشارة الملكُ المُجاهد والسُلطان الغازي أبي الفتح والمعالي مُحمَّد خان الثاني بن مُراد بن مُحمَّد العُثماني (بالتُركيَّة العُثمانيَّة: صاحب بِشارۀ الملكُ المُجاهد غازى سُلطان مُحمَّد خان ثانى بن مُراد بن مُحمَّد عُثمانى؛ وبالتُركيَّة المُعاصرة: Sultan II. Mehmed Han ben Gazi Murad)، ويُعرف اختصارًا باسم مُحمَّد الثاني، وبِلقبه الأشهر مُحمَّد الفاتح (بالتُركيَّة العُثمانيَّة: مُحمَّد ثانى أو مُحمَّد فاتح أو فاتح سُلطان مُحمَّد؛ وبالتُركيَّة المُعاصرة: II. Mehmed أو Fatih Sultan Mehmed)؛ هو سابع سلاطين آل عُثمان وخامس من تلقَّب بِلقب سُلطانٍ بينهم بعد والده مُراد وجدُّه مُحمَّد الأوَّل وجدَّاه بايزيد ومُراد، وثاني من لُقِّب بِالـ«ثاني» من سلاطين آل عُثمان، وأوَّل من حمل لقب «قيصر الروم» من الحُكَّام المُسلمين عُمومًا والسلاطين العُثمانيين خُصوصًا. يُلقَّب بِـ«صاحب البِشارة» اعتقادًا من جُمهُور المُسلمين أنَّ نُبُوءة الرسول مُحمَّد القائلة بِفتح القُسطنطينيَّة قد تحققت على يديه، كما لُقِّب في أوروپَّا بِـ«التُركي الكبير» (باللاتينية: Grand Turco) و«إمبراطور التُرك» (باللاتينية: Turcarum Imperator) نظرًا لِأهميَّة وعظمة إنجازاته وانتصاراته العسكريَّة التي حققها على حساب القوى المسيحيَّة، علمًا بِأنَّ المقصود بِـ«التُركي» هُنا هو «المُسلم» عُمومًا، وليس التُركي عرقيًّا، لأنَّ التسميتان كانتا تعنيان شيئًا واحدًا في المفهوم الأوروپي آنذاك.(1)
جلس مُحمَّد الثاني على عرش الدولة العُثمانيَّة مرَّتين: الأولى بُعيد وفاة شقيقه الأكبر علاء الدين واعتزال والده مُراد الحياة السياسيَّة بعد تلقيه هزيمة نكراء على يد تحالُفٍ صليبيٍّ، فانقطع لِلعبادة في تكيَّة مغنيسية وترك شُؤون الحُكم لِولده، وفي تلك الفترة كان السُلطان الجديد ما يزال قاصرًا، فلم يتمكَّن من الإمساك بِمقاليد الحُكم إمساكًا متينًا، لا سيَّما وأنَّ الدوائر الحاكمة في أوروپَّا استغلَّت حداثة سن السُلطان ففسخت الهدنة التي أبرمتها مع والده، وجهَّزوا جُيُوشًا لِمُحاربة الدولة العُثمانيَّة، فأُجبر السُلطان مُراد على الخُرُوج من عُزلته والعودة إلى السلطنة لِإنقاذها من الأخطار المُحدقة بها، فقاد جيشًا جرَّارًا والتقى بِالعساكر الصليبيَّة عند مدينة وارنة (ڤارنا) البُلغاريَّة وانتصر عليها انتصارًا كبيرًا، ثُمَّ عاد إلى عُزلته لكنَّهُ لم يلبث بها طويلًا هذه المرَّة أيضًا، لأنَّ عساكر الإنكشاريَّة ازدروا بِالسُلطان مُحمَّد الفتى، وعاثوا فسادًا في العاصمة أدرنة، فعاد السُلطان مُراد إلى الحُكم وأشغل جُنُوده بِالحرب في أوروپَّا، وبِالأخص في الأرناؤوط، لِإخماد فتنة إسكندر بك الذي شقَّ عصا الطاعة وثار على الدولة العُثمانيَّة، لكنَّ المنيَّة وافت السُلطان قبل أن يُتم مشروعه بِالقضاء على الثائر المذكور، فاعتلى ابنه مُحمَّد العرش لِلمرَّة الأُخرى، التي قُدِّر لها أن تكون مرحلةً ذهبيَّة في التاريخ الإسلامي. ❝