📘 ❞ السلطان محمد الفاتح فاتح القسطنطينية وقاهر الروم ❝ كتاب ــ عبدالسلام عبدالعزيز فهمي اصدار 1993

التراجم والأعلام - 📖 ❞ كتاب السلطان محمد الفاتح فاتح القسطنطينية وقاهر الروم ❝ ــ عبدالسلام عبدالعزيز فهمي 📖

█ _ عبدالسلام عبدالعزيز فهمي 1993 حصريا كتاب السلطان محمد الفاتح فاتح القسطنطينية وقاهر الروم عن دار القلم للنشر والتوزيع 2024 الروم: صاحب البِشارة الملكُ المُجاهد والسُلطان الغازي أبي الفتح والمعالي مُحمَّد خان الثاني بن مُراد العُثماني (بالتُركيَّة العُثمانيَّة: بِشارۀ غازى سُلطان ثانى عُثمانى؛ وبالتُركيَّة المُعاصرة: Sultan II Mehmed Han ben Gazi Murad) ويُعرف اختصارًا باسم وبِلقبه الأشهر أو مُحمَّد؛ Fatih Mehmed)؛ هو سابع سلاطين آل عُثمان وخامس من تلقَّب بِلقب سُلطانٍ بينهم بعد والده وجدُّه الأوَّل وجدَّاه بايزيد ومُراد وثاني لُقِّب بِالـ«ثاني» وأوَّل حمل لقب «قيصر الروم» الحُكَّام المُسلمين عُمومًا والسلاطين العُثمانيين خُصوصًا يُلقَّب بِـ«صاحب البِشارة» اعتقادًا جُمهُور أنَّ نُبُوءة الرسول القائلة بِفتح القُسطنطينيَّة قد تحققت يديه كما أوروپَّا بِـ«التُركي الكبير» (باللاتينية: Grand Turco) و«إمبراطور التُرك» Turcarum Imperator) نظرًا لِأهميَّة وعظمة إنجازاته وانتصاراته العسكريَّة التي حققها حساب القوى المسيحيَّة علمًا بِأنَّ المقصود بِـ«التُركي» هُنا «المُسلم» وليس التُركي عرقيًّا لأنَّ التسميتان كانتا تعنيان شيئًا واحدًا المفهوم الأوروپي آنذاك (1) جلس عرش الدولة العُثمانيَّة مرَّتين: الأولى بُعيد وفاة شقيقه الأكبر علاء الدين واعتزال الحياة السياسيَّة تلقيه هزيمة نكراء يد تحالُفٍ صليبيٍّ فانقطع لِلعبادة تكيَّة مغنيسية وترك شُؤون الحُكم لِولده وفي تلك الفترة كان السُلطان الجديد ما يزال قاصرًا فلم يتمكَّن الإمساك بِمقاليد إمساكًا متينًا لا سيَّما وأنَّ الدوائر الحاكمة استغلَّت حداثة سن ففسخت الهدنة أبرمتها مع وجهَّزوا جُيُوشًا لِمُحاربة فأُجبر الخُرُوج عُزلته والعودة إلى السلطنة لِإنقاذها الأخطار المُحدقة بها فقاد جيشًا جرَّارًا والتقى بِالعساكر الصليبيَّة عند مدينة وارنة (ڤارنا) البُلغاريَّة وانتصر عليها انتصارًا كبيرًا ثُمَّ عاد لكنَّهُ لم يلبث طويلًا هذه المرَّة أيضًا عساكر الإنكشاريَّة ازدروا بِالسُلطان الفتى وعاثوا فسادًا العاصمة أدرنة فعاد وأشغل جُنُوده بِالحرب وبِالأخص الأرناؤوط لِإخماد فتنة إسكندر بك الذي شقَّ عصا الطاعة وثار لكنَّ المنيَّة وافت قبل أن يُتم مشروعه بِالقضاء الثائر المذكور فاعتلى ابنه العرش لِلمرَّة الأُخرى قُدِّر لها تكون مرحلةً ذهبيَّة التاريخ الإسلامي ولمَّا تولَّى المُلك أبيه يكن بِآسيا الصُغرى خارجًا سُلطانه إلَّا جُزءٌ بلاد القرمان وبعض مُدن ساحل بحر البنطس (الأسود) وإمبراطوريَّة طرابزون الروميَّة وصارت الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة قاصرة وضواحيها وكان إقليم المورة مُجزَّأ بين البنادقة وعدَّة إمارات صغيرة يحكُمُها بعض أعيان الإفرنج الذين تخلَّفوا إخوانهم انتهاء الحُرُوب وبلاد وإپيروس حمى العاصي البُشناق مُستقلَّة والصرب تابعة لِلدولة تابعيَّة سياديَّة وقسمٌ كبير ممَّا بقي شبه الجزيرة البلقانيَّة داخلًا تحت السُلطة وقد سعى الشاب تحقيق وصيَّة ورغب بِتتميم فتح البلقان حتَّى أملاكه مُتصلة يتخلَّلُها أعداءٌ وثغراتٌ أمنيَّة سنة 857هـ المُوافقة لِسنة 1453م حاصر حشد لِقتال البيزنطيين عظيمًا مُزوَّدًا بِالمدافع الكبيرة وأُسطُولًا ضخمًا وبِذلك حاصرهم ناحيتيّ البر والبحر معًا والواقع استماتوا الدفاع عاصمتهم ولكنَّ جُهُودهم ذهبت أدراج الريح فما انقضى شهرٌ الحصار تهدَّمت أجزاء الأسوار كانت تحمي المدينة وتدفَّق العُثمانيُّون خلال الثغرات قلب فسقطت أيديهم وأصبحت جُزءًا ديار الإسلام وشكَّل سُقُوطُ نهاية استمرَّت أحد عشر قرنًا ونيفًا وعدَّ المُؤرِّخون الغربيُّون هذا الحدث العُصُور الوُسطى وبداية الحقبة الحديثة ومُنذ عُرفت «إستانبول إسلامبول» «الآستانة» ولُقِّب بـ«الفاتح» وعُدَّ مُنذُ ذلك الوقت أبطال ومن كبار القادة الفاتحين انسابت موجات الفُتُوحات الإسلاميَّة بِقيادة سُقُوط أثار مخاوف الدُول الأوروپيَّة فشنَّت حربًا طويلة بِزعامة جُمهُوريَّة البُندُقيَّة وحاولت التحالف أعداء آسيا تمكَّن وأجبر توقيع مُعاهدة صُلحٍ حوالي 16 القتال تميَّز عهد بِالتمازج الحضاري والمسيحي بعدما هضمت الكثير مؤسسات وعملت إحياء بعضها وصبغه بِصبغة إسلاميَّة جديدة فانتعشت عاصمة العتيقة إحدى أهم المراكز الثقافيَّة العالم ابتنى فيها عدَّة مدارس ومكتبات وتكايا ومُؤسساتٍ خيريَّةٍ ووقفيَّة وأبقى أبنائها الأصليين المسيحيين واليهود سبيل الاستفادة خبراتهم وشجَّع الانتقال إليها مزاياها التجاريَّة وعلم أهلها ظهر بِمظهر راعي بطريركيَّة الأرثوذكسيَّة المسكونيَّة مُواجهة البابويَّة والكنيسة الكاثوليكيَّة وشهد دُخُول أعدادٍ كبيرةٍ الأرناؤوطيين والبُشناقيين قُدَّر لِبعض هؤلاء يلعب أدوارًا بارزةً الميادين والمدنيَّة لاحقًا عالي الثقافة تحدَّث لُغات جانب لُغته التُركيَّة الأُم وهي: العربيَّة والفارسيَّة والعبرانيَّة والروميَّة واللاتينيَّة والصربيَّة تمتع بِمهاراتٍ إداريَّةٍ فذَّة فأصدر القوانين العُرفيَّة لِتنظيم دولته له اهتمامات وهوايات عديدة كالبستنة وصناعة الخواتم شغفهُ الحقيقيّ رسم الخرائط تقيًّا صالحًا مُلتزمًا بِحُدُود الشريعة يقول المُؤرِّح أحمد يُوسُف القرماني: « وَهُوَ السُّلطَانُ الضِّلِّيلُ الفَاضِلُ النَّبِيلُ أَعظَمَ المُلُوكِ جِهَادًا وَأَقوَاهُم إِقدَامًا وَاجتِهَادًا وَأَكثَرُهُم تَوَكُّلًا عَلَى اللهِ تَعَالَىٰ وَاعتِمَادًا الذِي أَسَّسَ مُلكَ بَنِي عُثمَان وَقَنَّنَ لَهُم قَوَانِين صَارَت كَالطَّوقِ فِي أَجيَادِ الزَّمَانِ وَلَهُ مَنَاقِبَ جَمِيلَة ومَزَايَا فَاضِلَة جَلِيلَة وَآثَارٌ بَاقِيَةٌ صَفَحَاتِ اللَّيَالِي وَالأَيَّام وَمَآثِرٌ لَا يَمحُوهَا تَعَاقُب السِّنِينِ وَالأَعوَام» دوافع الفتح بعد مكث بِبورصة أيَّام قام وعاد مُلكه وعبر طريق قوجه إيلي بلغه سُفن سدَّت معبر گليپولي يضمرُ وصمَّم إليه فشرع إعداد العدَّة لِلفتح الكبير المُنتظر والحقيقة أنَّهُ لِمُحمَّدٍ أسباب لِفتح رغبته بِتنفيذ وتحقيق البشارة النبويَّة ويُمكن شمل الأسباب يلي: انتعشت جديد سياسة الفُتُوح والنظام المركزي اللذين يجري تطبيقهما وراح تقليد الغزو التُركماني يتحوَّلُ غايةٍ داخل الإطار العائق الوحيد أمام لِتنفيذ سياسته العالميَّة المُحرِّك لِلتهديد الصليبي فكان بُدَّ حلٍّ لِهذه المُشكلة ظلَّت تُقاوم نصف قرنٍ الزمن غزو تيمورلنك مُعتمدةً التلاعب بِورقة الطامعين بِالعرش والتهديد بِشنِّ حملاتٍ صليبيَّةٍ جديدةٍ وهكذا بيزنطة انشغال بِالهُجُوم الإمارة القرمانيَّة فهدَّدت بِإطلاق سراح الشاهزاده أورخان المُطالب لِتُرغم تقديم التنازُلات الإمبراطور البيزنطي أرسل وفدًا مقرِّه العسكري بِالأناضول طالبًا منه زيادة المبلغ المُقرَّر دفعه الخزينة مُقابل مصروف سالف الذِكر ضعفيه؛ مُشيرًا إن يزد فإنَّهُ سوف يجعل حُرًّا طليقًا يُنازعه وبِموجب الروايات فإنَّ مُحمَّدًا يُريد نُشُوب أي مُشكلة وضع ذكر لِأعضاء الوفد لمَّا يرجع فسوف يحل المسألة رجع رواية أُخرى رفض الطلب الفور وهُناك تُشير التصرُّف الغريب والصبياني لهُ تأثيرٌ كبيرٌ التعجيل إنَّ هدفًا دائمًا لِلمُسلمين خِلافة مُعاوية سُفيان مُحاولاتهم المُتكرِّرة لِفتحها باءت بِالفشل بِفضل موقع وقُوَّة وبِفعل الخطط المُنفَّذة والقائمة أساسٍ غير سليم وعندما قامت ونمت قُوَّتها وتحويل المحليَّة دولةٍ ذات توجُّهٍ عالميّ حُلمًا يُراودُ السلاطين ورث دولةً تزال مُنقسمةً قسمين: الأناضول أضحى بلادًا إسلاميَّةً اندمجت حضارة وثقافة والروملِّي فُتح حديثًا ولا منطقة ثُغُور وتأثَّر تأثُرًا عميقًا بِنظريَّات وتقاليد مُجاهدي الثُغُور استوطنوه تأثَّر بِمُعتقدات وطُرق الدراويش الصوفيَّة صحبوا المُجاهدين الوضع يتطلَّب إيجاد صلة القسمين القديمة بورصة والعاصمة الجديدة الروملِّي وكانت تُشكِّلُ الصلة سبق لِلسلاطين حاولوا شعروا بِأنَّها الطبيعيَّة لِدولتهم إذ بقاءها أيدي شأنه يُهدِّد المُوصلات وعمليَّات نقل القُوَّات أملاكهم الآسيويَّة والأوروپيَّة أمَّا فتحها كفيل بِتشديد قبضتهم الأراضي يحكمونها ويخلع عليهم المهابة والعظمة وأضحى ضرورة سياسيَّة واستراتيجيَّة مُلحَّة فضلًا عمَّا فيه مغزى ديني الإعداد الكبير لمَّا الهم لِلسُلطان عليه السيطرة مضيق البوسفور وإحكام الرقابة جميع السُفن المارَّة المضيق أجل فكَّر بِبناء قلعةٍ حصينةٍ تتحكَّم بِحركة الملاحة المياه وكي يشرع الرُّوم بِأي أعمالٍ حربيَّةٍ إتمام القلعة يطلب منهُ إذن الشُرُوع البناء بِحُجَّة حماية المُمتلكات وتوفير الأمن لكن يبدو فطن لِقصد فاعتذر بِإنَّ الطرف المطلوب ليس أملاك حُكمه وإنما الجنويين فقال حاجة لِلعُثمانيين الاستئذان فأمر البنَّائين وكانوا أربعمائة وأعانهم العسكر فبنوا الحصينة خِلال فترةٍ وجيزة أظهر مُسالمة طلب يهبه أرضًا طرف بلاده بِمقدار جلد ثور فتعجَّب قُسطنطين منح نظيره المُسلم فأرسل جماعة والصُنَّاع فاجتازوا وقدُّوا ثورٍ قدًّا رقيقًا فبسطوه وجه الأرض أضيق محل فم الخليج القدر أحاطه الجلد سورًا منيعًا شامخًا وحصنًا رفيعًا باذخًا وركَّبوا المدافع وجعلوا المزاغل (4) وصل يوم الأحد 5 ربيع 855هـ المُوافق 26 آذار (مارس) 1451م لِيُشرف بِنفسه حُسن سير العمل أمر بهدم أطلال كنيسة القدِّيس ميخائيل الموجودة الناحية وأضاف أنقاضها المواد أتى بالأخشاب اللازمة المناطق الخاضعة شواطئ إزميد وبقي الموقع اكتملت بضعة أشهُر ولمَّا العملُ جاريًا قدمٍ وساقٍ بناء العتيدة يُضيف الملاحق قلعة أناضولي حصار شيَّدها بِبر فرمَّم استحكاماتها وشحنها والمُقاتلة التحكُّم محلٍّ الجانبين ويُذكر أعمال الإنشاء والبناء سُمِّيت المصادر «بوغاز كسن حصاري» «القلعة قاطعة المضيق» بِـ«قلعة روملِّي حصار» تمَّت أربعة أشهُرٍ؛ وتذكر أنَّها أربعين يومًا حين تُقدِّرُ دراساتٌ مُعاصرة الهائل اكتمل ثلاثة أشهر ونصف شحنها بِأربعمائة جُندي مُختار فيروز آغا ونُصبت مدافعٌ بِمُختلف الأبعاد وأمر بِتوقيف بِالمضيق وتفتيشها وتحصيل مُناسب حُمُولاتها وإغراق سفينة تُطيع الأوامر ولقد الأمر حيثُ أغرق لِلبُندُقيَّة شهر شعبان لِشهر آب (أغسطس) لِرفضها امتثال الإثنين 12 28 لِيُتابع استعدادات يمثل السند القاسم أهمية خاصة لدى باحثي التراجم والأعلام؛ حيث يندرج ضمن نطاق مؤلفات وما يرتبط فروع الفكر الاجتماعي والثقافة والأعلام مجاناً PDF اونلاين علم العلم يتناول حياة الأعلام الناس عبر العصور المختلفة وهو دقيق يبحث أحوال الشخصيات والأفراد تركوا آثارا المجتمع ويتناول كافة طبقات الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء والقادة والعلماء شتى المجالات والفقهاء والأدباء والشعراء والفلاسفة وغيرهم ويهتم بذكر حياتهم الشخصية ومواقفهم وأثرهم وتأثيرهم ويعتبر عموما فرعا اهتم المسلمون بعلم اهتماما كبيرا بدأت العناية بهذا عندهم صلى الله وسلم بزمن يسير حرص العلماء وصيانة المصدر مصادر التشريع الحديث النبوي حرصوا صيانته الكذب والتزوير والغش والتلفيق والدس فنشأ كقاعدة تلقّي الأخبار وبالأخص فيما يتعلق بالحديث أولا ثم الآثار المروية الصحابة والتابعين وباقي خصوصا والناس روى مسلم صحيحه مجاهد قال: «جاء بشير العدوي ابن عباس فجعل يحدث ويقول: قال رسول يأذن لحديثه ينظر فقال: يا مالي أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك تسمع؟ عباس: إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا ابتدرته أبصارنا وأصغينا بآذاننا فلما ركب الصعب والذلول نأخذ إلا نعرف » واستمر القاعدة معرفة الرجال ناقلي بسبب حال نقلة النبوية وذلك لما ينبني المعرفة قبول والتعبد بما لله تعالى رد والحذر اعتبارها ديناً وروى سيرين «لم يكونوا يسألون الإسناد وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر البدع فلا يؤخذ حديثهم» وجاءت عبارات الأئمة بيان الرواة صريحة وواضحة الأهمية بمكان البحث نواح تفصيلية الراوي ونواح استنتاجية (تُستنتج حديثه وطريقته التحديث) مباحث العلم: تاريخ ميلاد وتاريخ طلبه للعلم وممن سمع سِنِيِّ هم الشيوخ عنهم (من منهم حدث عنه سماعاً دلس شيئاً عنه) مدة ملازمته لكلّ شيخ شيوخه وكيف ذاك وكم الأحاديث والآثار روى ذلك؛ وهل كثير الضعفاء والمجاهيل؟ ورحلاته العلمية حدّث به؛ ومتى يحدِّث؟ حفظه أم كتابه؛ سماعٌ عرض؛ المستملون والوراقون استخدمهم؟) إقبال عدد الحاضرين عنده؟ هي الأوهام وقع والسَّقطات أُخذت عليه؟ أخلاق وعبادته ومهنته؛ يأخذ أجراً التحديث؟ عسِراً التحديث سمحاً بعلمه متساهلاً ؟ وتفرّع وانبثق علوم كثيرة متعلّقة الباب منها تفرّدته به الأمة الإسلامية باقي الأمم مصطلح ناحية العدالة والتوثيق والضبط العلل الجرح والتعديل وغيرها أقسام التراجم هنالك تقسيمات متنوعة لعلم والكتب العديدة المؤلفة فمنها: التراجم الطبقات التراجم الحروف الوفيات القرون البلدان وقسّمهم البعض الآخر أبواب مختلفة منها: التراجم المتعلقة معيّن المتعلّقة بمذهب بفنّ بشخص الترجمة الذاتية وقد أسهب التأليف الأبواب يكاد يخلوا باب وصنّفت عشرات الكتب وهذا ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل وتراجم ومذكرات فيشمل حول المجال

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
السلطان محمد الفاتح فاتح القسطنطينية وقاهر الروم
كتاب

السلطان محمد الفاتح فاتح القسطنطينية وقاهر الروم

ــ عبدالسلام عبدالعزيز فهمي

صدر 1993م عن دار القلم للنشر والتوزيع
السلطان محمد الفاتح فاتح القسطنطينية وقاهر الروم
كتاب

السلطان محمد الفاتح فاتح القسطنطينية وقاهر الروم

ــ عبدالسلام عبدالعزيز فهمي

صدر 1993م عن دار القلم للنشر والتوزيع
مميّز
عن كتاب السلطان محمد الفاتح فاتح القسطنطينية وقاهر الروم:
صاحب البِشارة الملكُ المُجاهد والسُلطان الغازي أبي الفتح والمعالي مُحمَّد خان الثاني بن مُراد بن مُحمَّد العُثماني (بالتُركيَّة العُثمانيَّة: صاحب بِشارۀ الملكُ المُجاهد غازى سُلطان مُحمَّد خان ثانى بن مُراد بن مُحمَّد عُثمانى؛ وبالتُركيَّة المُعاصرة: Sultan II. Mehmed Han ben Gazi Murad)، ويُعرف اختصارًا باسم مُحمَّد الثاني، وبِلقبه الأشهر مُحمَّد الفاتح (بالتُركيَّة العُثمانيَّة: مُحمَّد ثانى أو مُحمَّد فاتح أو فاتح سُلطان مُحمَّد؛ وبالتُركيَّة المُعاصرة: II. Mehmed أو Fatih Sultan Mehmed)؛ هو سابع سلاطين آل عُثمان وخامس من تلقَّب بِلقب سُلطانٍ بينهم بعد والده مُراد وجدُّه مُحمَّد الأوَّل وجدَّاه بايزيد ومُراد، وثاني من لُقِّب بِالـ«ثاني» من سلاطين آل عُثمان، وأوَّل من حمل لقب «قيصر الروم» من الحُكَّام المُسلمين عُمومًا والسلاطين العُثمانيين خُصوصًا. يُلقَّب بِـ«صاحب البِشارة» اعتقادًا من جُمهُور المُسلمين أنَّ نُبُوءة الرسول مُحمَّد القائلة بِفتح القُسطنطينيَّة قد تحققت على يديه، كما لُقِّب في أوروپَّا بِـ«التُركي الكبير» (باللاتينية: Grand Turco) و«إمبراطور التُرك» (باللاتينية: Turcarum Imperator) نظرًا لِأهميَّة وعظمة إنجازاته وانتصاراته العسكريَّة التي حققها على حساب القوى المسيحيَّة، علمًا بِأنَّ المقصود بِـ«التُركي» هُنا هو «المُسلم» عُمومًا، وليس التُركي عرقيًّا، لأنَّ التسميتان كانتا تعنيان شيئًا واحدًا في المفهوم الأوروپي آنذاك.(1)

جلس مُحمَّد الثاني على عرش الدولة العُثمانيَّة مرَّتين: الأولى بُعيد وفاة شقيقه الأكبر علاء الدين واعتزال والده مُراد الحياة السياسيَّة بعد تلقيه هزيمة نكراء على يد تحالُفٍ صليبيٍّ، فانقطع لِلعبادة في تكيَّة مغنيسية وترك شُؤون الحُكم لِولده، وفي تلك الفترة كان السُلطان الجديد ما يزال قاصرًا، فلم يتمكَّن من الإمساك بِمقاليد الحُكم إمساكًا متينًا، لا سيَّما وأنَّ الدوائر الحاكمة في أوروپَّا استغلَّت حداثة سن السُلطان ففسخت الهدنة التي أبرمتها مع والده، وجهَّزوا جُيُوشًا لِمُحاربة الدولة العُثمانيَّة، فأُجبر السُلطان مُراد على الخُرُوج من عُزلته والعودة إلى السلطنة لِإنقاذها من الأخطار المُحدقة بها، فقاد جيشًا جرَّارًا والتقى بِالعساكر الصليبيَّة عند مدينة وارنة (ڤارنا) البُلغاريَّة وانتصر عليها انتصارًا كبيرًا، ثُمَّ عاد إلى عُزلته لكنَّهُ لم يلبث بها طويلًا هذه المرَّة أيضًا، لأنَّ عساكر الإنكشاريَّة ازدروا بِالسُلطان مُحمَّد الفتى، وعاثوا فسادًا في العاصمة أدرنة، فعاد السُلطان مُراد إلى الحُكم وأشغل جُنُوده بِالحرب في أوروپَّا، وبِالأخص في الأرناؤوط، لِإخماد فتنة إسكندر بك الذي شقَّ عصا الطاعة وثار على الدولة العُثمانيَّة، لكنَّ المنيَّة وافت السُلطان قبل أن يُتم مشروعه بِالقضاء على الثائر المذكور، فاعتلى ابنه مُحمَّد العرش لِلمرَّة الأُخرى، التي قُدِّر لها أن تكون مرحلةً ذهبيَّة في التاريخ الإسلامي.

ولمَّا تولَّى مُحمَّد الثاني المُلك بعد أبيه لم يكن بِآسيا الصُغرى خارجًا عن سُلطانه إلَّا جُزءٌ من بلاد القرمان وبعض مُدن ساحل بحر البنطس (الأسود) وإمبراطوريَّة طرابزون الروميَّة. وصارت الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة قاصرة على مدينة القُسطنطينيَّة وضواحيها. وكان إقليم المورة مُجزَّأ بين البنادقة وعدَّة إمارات صغيرة يحكُمُها بعض أعيان الروم أو الإفرنج الذين تخلَّفوا عن إخوانهم بعد انتهاء الحُرُوب الصليبيَّة، وبلاد الأرناؤوط وإپيروس في حمى العاصي إسكندر بك، وبلاد البُشناق مُستقلَّة والصرب تابعة لِلدولة العُثمانيَّة تابعيَّة سياديَّة، وقسمٌ كبير ممَّا بقي من شبه الجزيرة البلقانيَّة داخلًا تحت السُلطة العُثمانيَّة. وقد سعى السُلطان الشاب إلى تحقيق وصيَّة والده بِفتح القُسطنطينيَّة ورغب بِتتميم فتح ما بقي من بلاد البلقان أيضًا حتَّى تكون أملاكه مُتصلة لا يتخلَّلُها أعداءٌ وثغراتٌ أمنيَّة. وفي سنة 857هـ المُوافقة لِسنة 1453م، حاصر السُلطان مُحمَّد القُسطنطينيَّة بعد أن حشد لِقتال البيزنطيين جيشًا عظيمًا مُزوَّدًا بِالمدافع الكبيرة، وأُسطُولًا ضخمًا، وبِذلك حاصرهم من ناحيتيّ البر والبحر معًا. والواقع أنَّ البيزنطيين استماتوا في الدفاع عن عاصمتهم، ولكنَّ جُهُودهم ذهبت أدراج الريح، فما انقضى شهرٌ على الحصار حتَّى تهدَّمت بعض أجزاء الأسوار التي كانت تحمي المدينة، وتدفَّق العُثمانيُّون من خلال الثغرات إلى قلب القُسطنطينيَّة، فسقطت في أيديهم وأصبحت جُزءًا من ديار الإسلام، وشكَّل سُقُوطُ المدينة نهاية الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة بعد أن استمرَّت أحد عشر قرنًا ونيفًا، وعدَّ المُؤرِّخون الغربيُّون هذا الحدث نهاية العُصُور الوُسطى وبداية الحقبة الحديثة، ومُنذ تلك الفترة عُرفت القُسطنطينيَّة باسم «إستانبول أو إسلامبول» أو «الآستانة»، ولُقِّب السُلطان مُحمَّد بـ«الفاتح»، وعُدَّ مُنذُ ذلك الوقت أحد أبطال الإسلام ومن كبار القادة الفاتحين في التاريخ. انسابت موجات الفُتُوحات الإسلاميَّة في البلقان بِقيادة السُلطان مُحمَّد بعد سُقُوط القُسطنطينيَّة، ممَّا أثار مخاوف الدُول الأوروپيَّة، فشنَّت على العُثمانيين حربًا طويلة بِزعامة جُمهُوريَّة البُندُقيَّة، وحاولت هذه القوى التحالف مع بعض أعداء السلطنة في آسيا، لكنَّ مُحمَّد الفاتح تمكَّن من هزيمة هذا التحالف، وأجبر البنادقة على توقيع مُعاهدة صُلحٍ مع العُثمانيين بعد حوالي 16 سنة من القتال.

تميَّز عهد مُحمَّد الفاتح بِالتمازج الحضاري الإسلامي والمسيحي، بعدما هضمت الدولة العُثمانيَّة الكثير من مؤسسات الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، وعملت على إحياء بعضها وصبغه بِصبغة إسلاميَّة جديدة، فانتعشت عاصمة الروم العتيقة، وأصبحت إحدى أهم المراكز الثقافيَّة في العالم الإسلامي، لا سيَّما بعدما ابتنى فيها السُلطان عدَّة مدارس ومكتبات وتكايا ومُؤسساتٍ خيريَّةٍ ووقفيَّة، وأبقى فيها الكثير من أبنائها الأصليين من المسيحيين واليهود في سبيل الاستفادة من خبراتهم، وشجَّع المُسلمين على الانتقال إليها في سبيل الاستفادة من مزاياها التجاريَّة وعلم أهلها. وقد ظهر السُلطان مُحمَّد بِمظهر راعي بطريركيَّة القُسطنطينيَّة الأرثوذكسيَّة المسكونيَّة في مُواجهة البابويَّة والكنيسة الكاثوليكيَّة. وشهد عهد مُحمَّد الفاتح أيضًا دُخُول أعدادٍ كبيرةٍ من الأرناؤوطيين والبُشناقيين في الإسلام، وقد قُدَّر لِبعض هؤلاء أن يلعب أدوارًا بارزةً في الميادين العسكريَّة والمدنيَّة في التاريخ العُثماني لاحقًا. وكان السُلطان مُحمَّد عالي الثقافة، وقد تحدَّث عدَّة لُغات إلى جانب لُغته التُركيَّة الأُم، وهي: العربيَّة والفارسيَّة والعبرانيَّة والروميَّة واللاتينيَّة والصربيَّة. كما تمتع مُحمَّد الفاتح بِمهاراتٍ إداريَّةٍ فذَّة، فأصدر الكثير من القوانين العُرفيَّة لِتنظيم الحُكم في دولته، وكان له اهتمامات وهوايات عديدة، كالبستنة وصناعة الخواتم، لكنَّ شغفهُ الحقيقيّ كان رسم الخرائط. وكان مُحمَّد الفاتح تقيًّا صالحًا مُلتزمًا بِحُدُود الشريعة الإسلاميَّة، وفي ذلك يقول المُؤرِّح أحمد بن يُوسُف القرماني: «...وَهُوَ السُّلطَانُ الضِّلِّيلُ، الفَاضِلُ النَّبِيلُ، أَعظَمَ المُلُوكِ جِهَادًا، وَأَقوَاهُم إِقدَامًا وَاجتِهَادًا، وَأَكثَرُهُم تَوَكُّلًا عَلَى اللهِ تَعَالَىٰ وَاعتِمَادًا. وَهُوَ الذِي أَسَّسَ مُلكَ بَنِي عُثمَان، وَقَنَّنَ لَهُم قَوَانِين، صَارَت كَالطَّوقِ فِي أَجيَادِ الزَّمَانِ. وَلَهُ مَنَاقِبَ جَمِيلَة، ومَزَايَا فَاضِلَة جَلِيلَة، وَآثَارٌ بَاقِيَةٌ فِي صَفَحَاتِ اللَّيَالِي وَالأَيَّام، وَمَآثِرٌ لَا يَمحُوهَا تَعَاقُب السِّنِينِ وَالأَعوَام».

دوافع الفتح
بعد أن مكث السُلطان بِبورصة عدَّة أيَّام، قام وعاد إلى أدرنة عاصمة مُلكه، وعبر إليها من طريق قوجه إيلي بعد أن بلغه بِأنَّ سُفن الإفرنج قد سدَّت معبر گليپولي. وكان يضمرُ فتح القُسطنطينيَّة، وصمَّم على وصيَّة والده إليه، فشرع في إعداد العدَّة لِلفتح الكبير المُنتظر. والحقيقة أنَّهُ كان لِمُحمَّدٍ الثاني عدَّة أسباب لِفتح القُسطنطينيَّة، إلى جانب رغبته بِتنفيذ وصيَّة والده وتحقيق البشارة النبويَّة، ويُمكن شمل هذه الأسباب في ما يلي:


انتعشت من جديد، في عهد مُحمَّد الثاني، سياسة الفُتُوح والنظام المركزي، اللذين كان يجري تطبيقهما في أيَّام السُلطان بايزيد الأوَّل، وراح تقليد الغزو التُركماني يتحوَّلُ إلى غايةٍ داخل الإطار الإسلامي، وكان العائق الوحيد أمام مُحمَّد الثاني، لِتنفيذ سياسته العالميَّة، هو الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة التي كانت المُحرِّك الأوَّل لِلتهديد الصليبي، فكان لا بُدَّ من حلٍّ لِهذه المُشكلة.
ظلَّت الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة تُقاوم نصف قرنٍ من الزمن بعد غزو تيمورلنك، مُعتمدةً في ذلك على التلاعب بِورقة الطامعين بِالعرش العُثماني، والتهديد بِشنِّ حملاتٍ صليبيَّةٍ جديدةٍ. وهكذا استغلَّت بيزنطة انشغال مُحمَّد الثاني بِالهُجُوم على الإمارة القرمانيَّة فهدَّدت بِإطلاق سراح الشاهزاده أورخان، المُطالب بِالعرش العُثماني، لِتُرغم السُلطان على تقديم بعض التنازُلات. وكان الإمبراطور البيزنطي قد أرسل وفدًا إلى السُلطان مُحمَّد في مقرِّه العسكري بِالأناضول، طالبًا منه زيادة المبلغ المُقرَّر دفعه إلى الخزينة البيزنطيَّة، مُقابل مصروف الشاهزاده سالف الذِكر، إلى ضعفيه؛ مُشيرًا إلى أنَّهُ إن لم يزد ذلك المبلغ، فإنَّهُ سوف يجعل أورخان حُرًّا طليقًا، يُنازعه الحُكم. وبِموجب إحدى الروايات، فإنَّ مُحمَّدًا الثاني، الذي لم يكن يُريد نُشُوب أي مُشكلة مع بيزنطة قبل وضع الحصار على القُسطنطينيَّة، ذكر لِأعضاء الوفد أنَّهُ لمَّا يرجع إلى أدرنة فسوف يحل المسألة، وبِذلك رجع الوفد البيزنطي. وبِموجب رواية أُخرى أنَّهُ رفض الطلب على الفور. وهُناك رواية تُشير إلى أنَّ هذا التصرُّف الغريب والصبياني، من الإمبراطور البيزنطي، كان لهُ تأثيرٌ كبيرٌ في التعجيل بِفتح القُسطنطينيَّة.
إنَّ فتح عاصمة الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة كان هدفًا دائمًا لِلمُسلمين مُنذُ خِلافة مُعاوية بن أبي سُفيان، لكنَّ مُحاولاتهم المُتكرِّرة لِفتحها باءت بِالفشل بِفضل موقع المدينة وقُوَّة الإمبراطوريَّة، وبِفعل الخطط العسكريَّة المُنفَّذة والقائمة على أساسٍ غير سليم. وعندما قامت الدولة العُثمانيَّة ونمت قُوَّتها، كان فتح القُسطنطينيَّة، وتحويل الدولة المحليَّة إلى دولةٍ ذات توجُّهٍ عالميّ، حُلمًا يُراودُ السلاطين العُثمانيين مُنذُ عهد بايزيد الأوَّل.
ورث مُحمَّد الثاني دولةً كانت لا تزال مُنقسمةً إلى قسمين: الأناضول الذي أضحى بلادًا إسلاميَّةً اندمجت في حضارة وثقافة الإسلام، والروملِّي الذي كان قد فُتح حديثًا ولا يزال منطقة ثُغُور، وتأثَّر تأثُرًا عميقًا بِنظريَّات وتقاليد مُجاهدي الثُغُور الذين استوطنوه، كما تأثَّر بِمُعتقدات وطُرق الدراويش الصوفيَّة الذين صحبوا هؤلاء المُجاهدين، فكان الوضع يتطلَّب إيجاد صلة بين القسمين، بين العاصمة القديمة بورصة، في آسيا الصُغرى، والعاصمة الجديدة أدرنة، في الروملِّي، وكانت القُسطنطينيَّة تُشكِّلُ هذه الصلة.
سبق لِلسلاطين العُثمانيين، قبل مُحمَّد الثاني، أن حاولوا فتح القُسطنطينيَّة، وقد شعروا بِأنَّها العاصمة الطبيعيَّة لِدولتهم، إذ أنَّ بقاءها في أيدي البيزنطيين من شأنه أن يُهدِّد المُوصلات وعمليَّات نقل القُوَّات ما بين أملاكهم الآسيويَّة والأوروپيَّة، أمَّا فتحها فإنَّهُ كفيل بِتشديد قبضتهم على الأراضي التي يحكمونها، ويخلع عليهم المهابة والعظمة، وأضحى هذا الفتح ضرورة سياسيَّة واستراتيجيَّة مُلحَّة، فضلًا عمَّا فيه من مغزى ديني كبير.
الإعداد لِلفتح الكبير

لمَّا كان الهم الأكبر لِلسُلطان مُحمَّد هو فتح العاصمة الروميَّة العتيقة، كان عليه السيطرة على مضيق البوسفور وإحكام الرقابة العُثمانيَّة على جميع السُفن المارَّة من المضيق المذكور. ومن أجل هذا، فكَّر بِبناء قلعةٍ حصينةٍ تتحكَّم بِحركة الملاحة في تلك المياه، وكي لا يشرع الرُّوم بِأي أعمالٍ حربيَّةٍ قبل إتمام القلعة، أرسل إلى الإمبراطور البيزنطي يطلب منهُ إذن الشُرُوع في البناء بِحُجَّة حماية المُمتلكات العُثمانيَّة وتوفير الأمن بين الأناضول والروملِّي، لكن يبدو أنَّ الإمبراطور فطن لِقصد السُلطان، فاعتذر إليه بِإنَّ الطرف المطلوب ليس من أملاك الروم ولا يجري حُكمه فيه، وإنما هو من أملاك الإفرنج الجنويين، فقال السُلطان أنَّ لا حاجة لِلعُثمانيين في الاستئذان من الإفرنج، فأمر البنَّائين - وكانوا أربعمائة - وأعانهم العسكر أيضًا، فبنوا تلك القلعة الحصينة خِلال فترةٍ وجيزة. وفي إحدى الروايات أنَّ السُلطان لمَّا أظهر مُسالمة الإمبراطور، طلب منه أن يهبه أرضًا من طرف بلاده بِمقدار جلد ثور، فتعجَّب ذلك قُسطنطين لكنَّهُ منح نظيره المُسلم ما طلب. فأرسل السُلطان جماعة البنَّائين والصُنَّاع، فاجتازوا المضيق وقدُّوا جلد ثورٍ قدًّا رقيقًا، فبسطوه على وجه الأرض على أضيق محل من فم الخليج، فبنوا على القدر الذي أحاطه ذلك الجلد سورًا منيعًا شامخًا، وحصنًا رفيعًا باذخًا، وركَّبوا فيه المدافع وجعلوا له المزاغل.(4) وكان السُلطان مُحمَّد قد وصل إلى موقع البناء في يوم الأحد 5 ربيع الأوَّل 855هـ المُوافق فيه 26 آذار (مارس) 1451م، لِيُشرف بِنفسه على حُسن سير العمل، وقد أمر بهدم أطلال كنيسة القدِّيس ميخائيل الموجودة في تلك الناحية وأضاف أنقاضها إلى المواد التي أتى بها من الأناضول، كما أتى بالأخشاب اللازمة من المناطق الخاضعة له على شواطئ بحر البنطس (الأسود) ومن إزميد. وبقي السُلطان في هذا الموقع إلى أن اكتملت القلعة بعد بضعة أشهُر. ولمَّا كان العملُ جاريًا على قدمٍ وساقٍ في بناء القلعة العتيدة، كان السُلطان مُحمَّد يُضيف بعض الملاحق إلى قلعة أناضولي حصار التي شيَّدها السُلطان بايزيد الأوَّل بِبر آسيا، فرمَّم بعض استحكاماتها، وشحنها بِالمدافع والمُقاتلة، وبِذلك تمكَّن من التحكُّم في البوسفور في أضيق محلٍّ منه من الجانبين. ويُذكر أنَّ أعمال الإنشاء والبناء في القلعة الجديدة، التي سُمِّيت في المصادر العُثمانيَّة القديمة «بوغاز كسن حصاري» أي «القلعة قاطعة المضيق»، ثُمَّ عُرفت لاحقًا بِـ«قلعة روملِّي حصار»، تمَّت في أربعة أشهُرٍ؛ وتذكر إحدى الروايات أنَّها اكتملت في أربعين يومًا، في حين تُقدِّرُ دراساتٌ مُعاصرة أنَّ هذا العمل الهائل اكتمل خِلال ثلاثة أشهر ونصف. ولمَّا اكتملت القلعة، شحنها السُلطان بِأربعمائة جُندي مُختار بِقيادة فيروز آغا، ونُصبت فيها مدافعٌ بِمُختلف الأبعاد. وأمر السُلطان فيروز آغا بِتوقيف جميع السُفن المارَّة بِالمضيق وتفتيشها، وتحصيل رسم مُناسب مع حُمُولاتها، وإغراق أي سفينة لا تُطيع الأوامر. ولقد قام فيروز آغا بِتنفيذ هذا الأمر، حيثُ أغرق سفينة تابعة لِلبُندُقيَّة، في شهر شعبان المُوافق لِشهر آب (أغسطس)، نظرًا لِرفضها امتثال الأوامر. وعاد السُلطان إلى أدرنة يوم الإثنين 12 شعبان المُوافق فيه 28 آب (أغسطس)، لِيُتابع استعدادات فتح القُسطنطينيَّة.


يمثل كتاب فاتح السند محمد بن القاسم أهمية خاصة لدى باحثي التراجم والأعلام؛ حيث يندرج كتاب فاتح السند محمد بن القاسم ضمن نطاق مؤلفات التراجم وما يرتبط بها من فروع الفكر الاجتماعي والثقافة.


الترتيب:

#13K

0 مشاهدة هذا اليوم

#6K

107 مشاهدة هذا الشهر

#4K

34K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 183.
المتجر أماكن الشراء
عبدالسلام عبدالعزيز فهمي ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
دار القلم للنشر والتوزيع 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية