📘 ❞ معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية (ت: الأشقر) ❝ كتاب ــ عمر سليمان عبد الله الأشقر اصدار 1992

كتب السياسة الشرعية - 📖 ❞ كتاب معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية (ت: الأشقر) ❝ ــ عمر سليمان عبد الله الأشقر 📖

█ _ عمر سليمان عبد الله الأشقر 1992 حصريا كتاب معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية (ت: الأشقر) عن دار النفائس للنشر والتوزيع 2024 الأشقر): من أهم جهل الناس بحقيقة وقدرتها مواكبة متطلبات العصر الحديث؛ إذ يظنون أنها عاجزة الوفاء بهذه المتطلبات والنوازل وأن مصادر التشريع قد خلت معالجة المسائل العصرية المستحدثة وهذه الظنون مبناها الجهل وبمصادر الإسلامي وقد تولدت نتيجة تقصير الدعاة بيان محاسن ووجوه إعجازه وأصوله وأحكامه ومصادره وإذا كنا نريد فلزاماً أن نُبيِّن للناس محاسنها وإيجابياتها[2] وفضائلها وما فيها خير الدنيا قبل الآخرة ونبرز لهم وجوه إعجازها وعلوّ كعبها غيرها الشرائع والتقنينات ونقدم صورة واضحة الإسلام وقدرته التعامل مع غير المسلمين بإنصاف وعدل وفي الجملة صالحة لكل زمان ومكان؛ لكثرة علومها وتعدُّد مصادرها وتنوُّع قواعدها ما بين كلية وجزئية يمكن تنزيل والفروع عليها مهما كانت عصرية أو مستحدثة نحو يضبط حياة ومعاملاتهم ثانياً: ضعف الإيمان عند كثير وشعورهم بالهزيمة النفسية: من وهذا الضعف يتمثل جانبين: الأول: عدم الثقـة موعود اللـه تعالى بنصره للمسلمين إذا تمسـكوا بدينهـم وعادوا لشـريعتهم مصـداقاً لقول تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِـحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} [النور: ٥٥] الثاني: الثقة أحكام التطور وتنظيم أحوال المجتمعات طرأ والوفاء بحاجات وحل مشاكلهم ومنازعاتهم ولضعف المتقدم أسباب متعددة بعضها نفسي عقائدي يتعلق ببُعد دينهم وعقيدتهم الصحيحة وتأثرهم بالفكر العَلماني وفكرة فصل الدين الدولة واعتقاد مصدر التخلف وبعضها بأسباب تاريخية وواقعية جراء الهزائم المتوالية التي تعرَّض لها المسلمون الفترة الأخيرة تاريخهم وانقسامهم وتشتتهم وتخلفهم اقتصادياً وعسكرياً تقدم أعدائهم وتزايد نفوذ العَلمانيين أجهزة الإعلام ومؤسسات كل هذه الأسباب أدت إلى إيمان وتغلغل الهزيمة النفسية أعماقهم حتى ظنوا أنه سبيل للخروج الكبوة والنهوض الغفلة لمسايرة ركب التقدم والحضارة إلا بتتبع الغرب وفصل ويمكن التغلب هذا المعوق بالتربية والتوجيه والإرشاد وتوضيح إيجابيات مسايرة الاجتماعية القضائية ثالثاً: انعدام النخبة الإسلامية: إن الإسلاميين مفكرين وسياسيين وقانونيين منوطٌ بهم وضعُ موضعها الصحيح النظام السياسي والقانوني للدولة أدى فَقْد الإسلامي؛ سيما الجوانب تتعلق بعلاقة غيرهم حدث أمرين: الأول: تعليق الحكم بحكمهم ونخبة المفكرين والسياسيين والقانونيين الممارسات الخاطئة لبعض هؤلاء السياسيين وهو ينعكس بالضرورة دعوتهم وسياساتهم ومناهجهم ولئن هناك بعض والمفكرين والداعمين لقضية فهذا يَضير ولا يعيبها؛ وإنما العيب الأشخاص وممارساتهم وعليه فيجب التفرقة المنهج والداعي للمنهج رابعاً: التأثر بفكر دعاة حقوق الإنسان: من تأثُّر الإنسان الذين يتهمون نظام العقوبات وتشريعات الحدود بالقسوة وانتهاكها لحقوق نابع الفهم لحقيقة والجهل بحكمتها وتعدد أغراضها وتنوعها لتحقيق الزجر والردع والتأديب للشريرين والمفسدين بحسب نوع الجُرم المرتكَب؛ فما مفسدته عظيمة عقوبته يسيرة فعقوبته مختَلَف اختلاف الزمان والمكان فتقدير متروك لولي الأمر تولى عز وجل بحكمته وعلمه ورحمته تقدير عقوبات الجرائم نوعاً وقَدْراً لما المفسدة الثابتة التـي تتبـدل مهمـا اختلـف الـزمان والمكـان رفعـاً منه للحرج وإزالةً للاختلاف فله الحمد والمنة خامساً: التعصب المذهبي والفكري المسلمين: فالتعصب لدى جعلهم يتشددون الخلافية ويثرِّبون مخالفيهم ويوصدوا باب الاجتهاد فنجم إساءة الظن بالشرع والرضا بالقوانين الوضعية بديلاً يقول الأستاذ القادر عودة رحمه : (ومن الثابت تاريخياً القوانين الأوروبية نُقلَت مصر عهد الخديوي إسماعيل وأنه كان يود يضع لمصر مجموعات تشريعية مأخوذة ومذاهب الفقه المختلفة طلب علماء الأزهر يضعوا المجاميع ولكنهم رفضوا إجابة طلبه؛ لأن منعهم يتعاونوا إظهار أجمل صورها فضحُّوا بالشريعة جميعها واحتفظ كل بمذهبه والتعصب له وأضاعوا العالم فرصة طالما بكوا ضياعها وحق يبكوا تعود)[3] ويقول الدكتور (والذي زاد الطين بِلَّة: جمود المتفقهة المفتين والمعلمين والواعظين نصوص كتب متبوعيهم المتأخرين بدون تبصُّر وإعمال روية ورجوع أصول وأقوال السلف وجهلهم بمقتضى والعمران ونفورهم جديد يزِنِوه بميزان ومناوأتهم المجددين إصغاء براهينهم ومكافحتهم العلوم العقلية والكونية وتحذير دراستها وتحجيرهم الاستهداء الكتاب والسنة لزعمهم ذلك كله مخالف للدين لجهلهم الدين؛ الغراء السمحة تسير العلم جنباً جنب واسعة تسع قواعدُها العامة كلَّ مقتضيات والعمران؛ لأنها محض رحمة وسعادة وأغرب الجامدين أُسَرَاء التقليد يتأثمون مداهنة الحكام والتجسس وغشيان ولائمهم يتخللها المنكرات تقطع بتحريمه وتوقيعه المقررات المستمدة الأوضاع الإدارية الاستحسان الكيفي حرصاً رواتبهم يتقاضونها خزينة الحكومة تعزيزاً لجاههم ومكانتهم ويتورعون نازلةٍ نزلت بالمسلمين منصوص بصريح العبارة تورعهم هجرُ والاستعاضة عنها وتشتُّت شمل المسلمين؛ ضربت الفوضى أطنابها وألقى كلُّ واحد حبله غاربه وخُيِّل الجاهلين عقبة كؤود الرقي والتجدد والسعادة كما رسخ أذهان كثيرٍ أبنائها وافية بمقتضيات لعدم وقوفهم الواسعة الشاملة؛ حالوا بتكاثف جمودهم وتبلُّد غبواتهم بينها وبين يريد اقتباس أنوارها والاستضاءة بأشعتها واقتطاف ثمرها واستنشاق أريج نورها)[4] القسم الثاني: المعوقات المادية والواقعية: أولاً: الاستعمار والاقتصادي: المقصود بالاستعمار هو: تحكُّم الدول الغربية العظمى النظم السياسية للبلاد بُغيَة السيطرة القرارات السيادية والسياسية مجالات الأمن الداخلي والنظام القانوني والتشريعي والسياسة الخارجية أما الاقتصادي فيقصد به: ثروات البلاد ومواردها الطبيعية واحتكار المواد الخام والسيطرة أسواق المال والذهب بها يحرم استغلال مواردها والمواد ويجعلها عداد الاستهلاكية تعتمد اقتصادها الدول: إما تصدِّره سلع ومنتجات تمنحه قروض تقدِّمه مساعدات مالية عينية وهذا هو حقيقته احتلالٌ مباشر لجأت إليه بعد تكبدت خسائر فادحة الأموال والأرواح حروبها وأثناء استعمارها والإفريقية؛ بحيث تُحكِم سيطرتها والاقتصادية وتحول تقرير مصيرها بإرادتها الحرة بطريقة تثير ثورات الشعوب استنكار الرأي العام العالمي وللدول عدة وسائل تحقيق منها: دعم التسلطية المتجبرة وعقد الاتفاقيات المتكافئة ومنح القروض والمساعدات المالية المشروطة وتقديم المنح العينية كالآلات والمصنوعات والمركبات والمعدات الحربية دون قطع غيارها التسهيلات اللازمة لتصدير منتجاتها لغيرها ووضع العراقيل والعقبات لاستيراد منتجات وإعارة الخبراء والمتخصصين المساعدات الفنية والمساهمة تنفيذ المشروعات الاقتصادية طويلة المدى والحصول القواعد العسكرية البرية والبحرية والجوية وإنشاء البنوك الربوية (البورصات) وأسواق الذهب وإثارة الاضطرابات الداخلية والانقسامات الطائفية والحزبية وغير ثانياً: توجهات الحُكام وتسلطهم: فأكثر يرفضون فكرة الإسلامية: لأنهم ينتهجون سياسة وإما يخافون يؤدي تأخُّرهم وتخلُّفهم يجُرُّ عليهم النزاعات وغضب يثير الفتن والرأي الغربي قِبَلهم؛ فهم علمانية محضة تخوفات متوهمة السياسة الشرعية مجاناً PDF اونلاين أبواب والفقه قيادة الأمة وتحقيق مصالحها الدينية الدنيوية جليل القدر عظيم النفع أفرده جماعة العلماء بالتصنيف القديم والحديث وانتشرت مباحثه مسائلة بطون التفسير والتاريخ وشروح الحديث الباب خطره ينتج الغلط فيه وعدم شر مستطير والخطأ التفريط كالخطأ الإفراط؛ كلاهما يقود نتائج مرذولة مقبولة وضح شيخ ابن القيم فقال: 'وهذا موضع مزلة أقدام ومضلة أفهام مقام ضنك ومعترك صعب فرط طائفة فعطلوا وضيعوا الحقوق وجرءوا أهل الفجور الفساد وجعلوا قاصرة تقوم بمصالح العباد محتاجة وسدوا نفوسهم طرقًا صحيحة طرق معرفة الحق والتنفيذ وعطلوها وأفرطت أخرى قابلت الطائفة فسوغت ينافي حكم ورسوله وكلتا الطائفتين أتيت تقصيرها بعث به رسوله وأنزل كتابه' وإدراكًا منَّا لأهمية وموقعه وحاجة فقد رأينا نجعل زاوية دورية المجلة؛ سائلين يتحقق المقصود منها بالدور المراد الوجه الذي يحب ربنا ويرضى وراء القصد ـ اللغة: لفظ 'السياسة' لغة العرب محمل بكثير الدلالات والإرشادات والمضامين فهي إصلاح واستصلاح بوسائل الإرشاد والتهذيب والأمر والنهي تنطلق خلال قدرة الولاية الرئاسة جاء معاجم اللغة يدل تاج العروس مادة سوس: 'سست الرعية سياسة' أمرتها ونهيتها القيام الشيء بما يصلحه' لسان المادة نفسها: 'السوس: الرياسة رأسوه قيل سوسوه وأساسوه وسوس أمر بني فلان: أي كلف سياستهم وسُوِّس الرجل لم يسم فاعله: ملك أمرهم وساس سياسة: قام والسياسة: يصلحه والسياسة: فعل السائس يقال: يسوس الدواب وراضها والوالي رعتيه' والإصلاح ليس مجرد هدف غاية تسعى حركتها لتحقيقه بل نفسها وحقيقتها فقدته فقدت النص الشرعي: لم يرد لفظ شيء مادته سبحانه وتعالى وإن الصلاح والإصلاح والحكم المعاني اشتمل السنة قوله صلى عليه وسلم: 'كادت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه ' وقوله 'تسوسهم الأنبياء'؛ أي: تتولى أمورهم يفعل الأمراء والولاة بالرعية' ويتبين استخدمت بمعناها اللغوي وهي تعني: القيام شأن قِبَل ولاتهم يصلحهم يحتاج وضع تنظيمات ترتيبات إدارية تؤدي مصالح بجلب المنافع الأمور الملائمة ودفع المضار والشرور المنافية التعريف يبرز الجانب العملي للسياسة فالسياسة هنا إجراءات وأعمال وتصرفات للإصلاح وعلى فإن تتطلب القدرة القيادة الحكيمة تتمكن طريق إتقان التدبير وحسن التأتي يراد فعله تركه بدوره تامة تتطلبه والرئاسة خبرة وحنكة وقدرة استعمال واستغلال الإمكانات المتاحة الأمثل المطلوب وقد كلام لذلك فمن ذلك: قال جرير الطبري ـ السبب أجله جعل رضي عنه الخلافة الستة اختارهم: 'لم يكن أحد المنزلة والهجرة والسابقة والعقل والعلم والمعرفة بالسياسة؛ للستة شورى بينهم' وقال حجر ـ: 'والذي يظهر سيرة أمرائه يؤمرهم يراعي الأفضل فقط يضم مزيد المعرفة بالسياسة اجتناب يخالف الشرع منها' ومما ورد أيضًا شرح قول النبي 'يا عائشة لولا قومك حديث عهدهم بكفر لنقضت الكعبة فجعلت بابين؛ يدخل وباب يخرجون' والذي ترجم البخاري صحيحه بقوله: ترك الاختيار مخالفة يقصر فيقعوا أشد منه' حجر: 'ويستفاد الإمام رعيته إصلاحهم ولو مفضولاً محرمًا' والسياسة فيما مجالها رحب فسيح ليست مقصورة محجوزة شيء؛ هي 'القيام يحمله العموم والشمول فيعمل بنا صاحب ولاية تدبير ولايته وهذا الركن يتضمن الكتب تتحدث الموضوع شتى جوانبه

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية (ت: الأشقر)
كتاب

معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية (ت: الأشقر)

ــ عمر سليمان عبد الله الأشقر

صدر 1992م عن دار النفائس للنشر والتوزيع
معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية (ت: الأشقر)
كتاب

معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية (ت: الأشقر)

ــ عمر سليمان عبد الله الأشقر

صدر 1992م عن دار النفائس للنشر والتوزيع
عن كتاب معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية (ت: الأشقر):
من أهم معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية جهل الناس بحقيقة الشريعة وقدرتها على مواكبة متطلبات العصر الحديث؛ إذ يظنون أنها عاجزة عن الوفاء بهذه المتطلبات والنوازل، وأن مصادر التشريع قد خلت من معالجة المسائل العصرية المستحدثة.

وهذه الظنون مبناها على الجهل بحقيقة الشريعة وبمصادر التشريع الإسلامي، وقد تولدت نتيجة تقصير الدعاة عن بيان محاسن التشريع ووجوه إعجازه وأصوله وأحكامه ومصادره، وإذا كنا نريد تطبيق الشريعة فلزاماً أن نُبيِّن للناس محاسنها وإيجابياتها[2] وفضائلها وما فيها من خير في الدنيا قبل الآخرة ، ونبرز لهم وجوه إعجازها وعلوّ كعبها على غيرها من الشرائع والتقنينات، ونقدم لهم صورة واضحة عن الإسلام وأحكامه وقدرته على التعامل مع غير المسلمين بإنصاف وعدل، وفي الجملة بيان أن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان؛ لكثرة علومها، وتعدُّد مصادرها، وتنوُّع قواعدها ما بين كلية وجزئية يمكن تنزيل المسائل والفروع عليها - مهما كانت عصرية أو مستحدثة - على نحو يضبط حياة الناس ومعاملاتهم.

ثانياً: ضعف الإيمان عند كثير من المسلمين، وشعورهم بالهزيمة النفسية:

من معوقات تطبيق الشريعة ضعف الإيمان عند كثير من المسلمين، وهذا الضعف يتمثل في جانبين:

الأول: عدم الثقـة في موعود اللـه - تعالى - بنصره للمسلمين إذا ما تمسـكوا بدينهـم وعادوا لشـريعتهم مصـداقاً لقول اللـه - تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِـحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} [النور: ٥٥].

الثاني: عدم الثقة في أحكام الشريعة وقدرتها على مواكبة التطور وتنظيم أحوال المجتمعات وما طرأ عليها والوفاء بحاجات الناس وحل مشاكلهم ومنازعاتهم.

ولضعف الإيمان المتقدم أسباب متعددة، بعضها نفسي عقائدي يتعلق ببُعد المسلمين عن دينهم وعقيدتهم الصحيحة، وتأثرهم بالفكر العَلماني وفكرة فصل الدين عن الدولة، واعتقاد أن الدين مصدر التخلف. وبعضها يتعلق بأسباب تاريخية وواقعية جراء الهزائم المتوالية التي تعرَّض لها المسلمون في الفترة الأخيرة من تاريخهم، وانقسامهم وتشتتهم، وتخلفهم اقتصادياً وعسكرياً مع تقدم أعدائهم، وتزايد نفوذ العَلمانيين في أجهزة الإعلام ومؤسسات الدولة.

كل هذه الأسباب أدت إلى ضعف إيمان كثير من المسلمين وتغلغل الهزيمة النفسية في أعماقهم حتى ظنوا أنه لا سبيل لهم للخروج من هذه الكبوة، والنهوض من هذه الغفلة لمسايرة ركب التقدم والحضارة، إلا بتتبع الغرب وفصل الدين عن الدولة.

ويمكن التغلب على هذا المعوق بالتربية والتوجيه والإرشاد، وتوضيح إيجابيات أحكام الشريعة ووجوه إعجازها وقدرتها على مسايرة التطور والوفاء بحاجات الناس وحل مشاكلهم الاجتماعية ومنازعاتهم القضائية.

ثالثاً: انعدام الثقة في النخبة الإسلامية:

إن انعدام الثقة في الإسلاميين من مفكرين وسياسيين وقانونيين منوطٌ بهم وضعُ الشريعة الإسلامية في موضعها الصحيح في النظام السياسي والقانوني للدولة، أدى إلى فَقْد الناس الثقة في التشريع الإسلامي؛ لا سيما الجوانب التي تتعلق بعلاقة المسلمين مع غيرهم، وقد حدث هذا نتيجة أمرين:

الأول: تعليق كثير من الناس الحكم على التشريع الإسلامي بحكمهم على الدعاة ونخبة المفكرين والسياسيين والقانونيين الإسلاميين.

الثاني: الممارسات الخاطئة لبعض هؤلاء السياسيين والقانونيين، وهو ما ينعكس بالضرورة على دعوتهم وسياساتهم ومناهجهم.

ولئن كانت هناك بعض الممارسات الخاطئة لبعض الدعاة والمفكرين والداعمين لقضية تطبيق الشريعة من السياسيين والقانونيين فهذا لا يَضير الشريعة ولا يعيبها؛ وإنما العيب في الأشخاص وممارساتهم الخاطئة، وعليه فيجب التفرقة في الحكم بين المنهج والداعي للمنهج.

رابعاً: التأثر بفكر دعاة حقوق الإنسان:

من معوقات تطبيق الشريعة تأثُّر كثير من الناس بفكر بعض دعاة حقوق الإنسان الذين يتهمون نظام العقوبات الإسلامي وتشريعات الحدود بالقسوة وانتهاكها لحقوق الإنسان. وهذا نابع من عدم الفهم الصحيح لحقيقة نظام العقوبات في التشريع الإسلامي، والجهل بحكمتها وتعدد أغراضها وتنوعها لتحقيق الزجر والردع والتأديب للشريرين والمفسدين بحسب نوع الجُرم المرتكَب؛ فما كانت مفسدته عظيمة كانت عقوبته عظيمة، وما كانت مفسدته يسيرة فعقوبته يسيرة، وما كانت مفسدته مختَلَف فيها بحسب اختلاف الزمان والمكان فتقدير عقوبته متروك لولي الأمر، وقد تولى الله - عز وجل - بحكمته وعلمه ورحمته تقدير عقوبات بعض هذه الجرائم نوعاً وقَدْراً لما فيها من المفسدة الثابتة التـي لا تتبـدل مهمـا اختلـف الـزمان والمكـان رفعـاً منه - عز وجل - للحرج وإزالةً للاختلاف فله الحمد والمنة.

خامساً: التعصب المذهبي والفكري بين المسلمين:

فالتعصب المذهبي والفكري لدى بعض المسلمين جعلهم يتشددون في المسائل الخلافية، ويثرِّبون على مخالفيهم، ويوصدوا باب الاجتهاد، فنجم عن هذا إساءة الظن بالشرع، والرضا بالقوانين الوضعية بديلاً عن الشريعة.

يقول الأستاذ عبد القادر عودة - رحمه الله -: (ومن الثابت تاريخياً أن القوانين الأوروبية نُقلَت إلى مصر في عهد الخديوي إسماعيل، وأنه كان يود أن يضع لمصر مجموعات تشريعية مأخوذة من الشريعة ومذاهب الفقه الإسلامي المختلفة وقد طلب من علماء الأزهر أن يضعوا هذه المجاميع، ولكنهم رفضوا إجابة طلبه؛ لأن التعصب المذهبي منعهم من أن يتعاونوا على إظهار الشريعة في أجمل صورها، فضحُّوا بالشريعة جميعها، واحتفظ كل بمذهبه، والتعصب له وأضاعوا على العالم الإسلامي فرصة طالما بكوا على ضياعها، وحق لهم أن يبكوا عليها حتى تعود)[3].

ويقول الدكتور عمر سليمان الأشقر - رحمه الله -: (والذي زاد الطين بِلَّة: جمود المتفقهة المفتين والمعلمين والواعظين على نصوص كتب متبوعيهم المتأخرين، بدون تبصُّر وإعمال روية، ورجوع إلى أصول الشريعة وأقوال السلف، وجهلهم بمقتضى الزمان والعمران، ونفورهم من كل جديد بدون أن يزِنِوه بميزان الشريعة، ومناوأتهم المجددين بدون إصغاء إلى براهينهم، ومكافحتهم العلوم العقلية والكونية، وتحذير الناس من دراستها، وتحجيرهم على غيرهم الاستهداء من الكتاب والسنة لزعمهم أن ذلك كله مخالف للدين، لجهلهم بحقيقة الدين؛ لأن هذه الشريعة الغراء السمحة تسير مع العلم جنباً إلى جنب، واسعة تسع قواعدُها العامة كلَّ جديد من مقتضيات الزمان والعمران؛ لأنها محض رحمة وسعادة.

وأغرب من هذا أن هؤلاء الجامدين من أُسَرَاء التقليد لا يتأثمون من مداهنة الحكام والتجسس لهم، وغشيان ولائمهم التي يتخللها من المنكرات ما تقطع الشريعة بتحريمه، وتوقيعه المقررات المستمدة من القوانين الوضعية، أو الأوضاع الإدارية، أو الاستحسان الكيفي حرصاً على رواتبهم التي يتقاضونها من خزينة الحكومة، أو تعزيزاً لجاههم ومكانتهم، ويتورعون عن الاجتهاد في نازلةٍ نزلت بالمسلمين لأنها غير منصوص عليها بصريح العبارة في كتب المتأخرين من متبوعيهم، فنجم عن تورعهم هذا هجرُ الشريعة والاستعاضة عنها بالقوانين وتشتُّت شمل المسلمين؛ إذ ضربت الفوضى أطنابها، وألقى كلُّ واحد حبله على غاربه، وخُيِّل إلى الجاهلين بالشريعة أنها عقبة كؤود في سبيل الرقي والتجدد والسعادة، كما رسخ في أذهان كثيرٍ من أبنائها أنها غير وافية بمقتضيات هذا الزمان، لعدم وقوفهم على قواعدها العامة الواسعة الشاملة؛ لأن هؤلاء الجامدين حالوا بتكاثف جمودهم، وتبلُّد غبواتهم بينها وبين من يريد اقتباس أنوارها والاستضاءة بأشعتها، واقتطاف ثمرها واستنشاق أريج نورها)[4].

القسم الثاني: المعوقات المادية والواقعية:

أولاً: الاستعمار السياسي والاقتصادي:

المقصود بالاستعمار السياسي، هو: تحكُّم الدول الغربية العظمى في النظم السياسية للبلاد الإسلامية بُغيَة السيطرة على القرارات السيادية والسياسية فيها في مجالات الأمن الداخلي والنظام القانوني والتشريعي والسياسة الخارجية.

أما الاستعمار الاقتصادي فيقصد به: تحكُّم الدول العظمى في مصادر ثروات البلاد الإسلامية ومواردها الطبيعية، واحتكار المواد الخام، والسيطرة على أسواق المال والذهب بها، على نحو يحرم هذه البلاد من استغلال مواردها الطبيعية والمواد الخام بها ويجعلها في عداد الدول الاستهلاكية التي تعتمد في اقتصادها على غيرها من الدول: إما لما تصدِّره لها من سلع ومنتجات، أو لما تمنحه لها من قروض وما تقدِّمه من مساعدات مالية أو عينية.

وهذا الاستعمار هو في حقيقته احتلالٌ غير مباشر للبلاد، لجأت إليه الدول الغربية بعد أن تكبدت خسائر فادحة في الأموال والأرواح في حروبها وأثناء استعمارها للبلاد الإسلامية والإفريقية؛ بحيث تُحكِم سيطرتها السياسية والاقتصادية على هذه البلاد وتحول بينها وبين تقرير مصيرها بإرادتها الحرة بطريقة لا تثير ثورات الشعوب أو استنكار الرأي العام العالمي.

وللدول الغربية عدة وسائل في تحقيق هذا الاستعمار، منها: دعم النظم السياسية التسلطية المتجبرة، وعقد الاتفاقيات غير المتكافئة، ومنح القروض والمساعدات المالية المشروطة، وتقديم المنح العينية كالآلات والمصنوعات والمركبات والمعدات الحربية دون قطع غيارها، وتقديم التسهيلات اللازمة لتصدير منتجاتها لغيرها من البلاد، ووضع العراقيل والعقبات لاستيراد منتجات هذه البلاد، وإعارة الخبراء والمتخصصين وتقديم المساعدات الفنية المشروطة، والمساهمة في تنفيذ المشروعات الاقتصادية طويلة المدى، والحصول على القواعد العسكرية البرية والبحرية والجوية، وإنشاء البنوك الربوية، والسيطرة على أسواق المال (البورصات) وأسواق الذهب، وإثارة الاضطرابات الداخلية والانقسامات الطائفية والحزبية، وغير ذلك.

ثانياً: توجهات الحُكام وتسلطهم:

فأكثر الحُكام في البلاد الإسلامية يرفضون فكرة تطبيق الشريعة الإسلامية: إما لأنهم ينتهجون سياسة فصل الدين عن الدول، وإما لأنهم يخافون من أن يؤدي تطبيق الشريعة إلى تأخُّرهم وتخلُّفهم، أو يجُرُّ عليهم النزاعات الداخلية وغضب الدول الغربية، أو يثير الفتن الطائفية والرأي العام الغربي قِبَلهم؛ فهم بين علمانية محضة أو تخوفات متوهمة.
الترتيب:

#11K

0 مشاهدة هذا اليوم

#26K

22 مشاهدة هذا الشهر

#20K

11K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 185.
المتجر أماكن الشراء
عمر سليمان عبد الله الأشقر ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
دار النفائس للنشر والتوزيع 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية
نتيجة البحث