█ من هديه ﷺ حفظ المنطق واختيار الألفاظ كان يتخير خطابه ويختار لأمته أحسن وأجملها وألطفها وأبعدها الفاظ أهل الجفاء والغلظة والفحش فلم يكن فاحشاً ولا متفحشاً صَحاباً فَظًّا وكان يكره أن يُسْتَعْمَلَ اللفظ الشريف المصون حقِّ مَنْ ليس كذلك وأن يُسْتَعمل المهين المكروه حق أهله فمِن الأول منعه يُقال للمنافق : يا سيدنا وقال ( فإنَّه إنْ يكُ سَيِّداً قَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُم عَزَّ وَجَلَّ ) ومنعه تُسمى شجرة العنب كرماً تسمية أبي جهل بأبي الحكم وكذلك تغييره لاسم الصحابة شريح إن الله هو وإليه ومن ذلك نهيه للمملوك يقول لسيده أو لسيدته ربِّي وَرَبَّتِي وللسَّيِّدِ لمملوكِهِ عَبْدِي ولَكِن يَقُولُ المالِكُ فَتَايَ وفَتَاتي ويَقُولُ المملوك سيدي وسيدتي لمن ادعى أنه طبيب أَنْتَ رجلٌ رَفِيقٌ وَطَبِيبُها الَّذِي خَلَقَهَا والجاهلون يُسمون الكافر الذي له عِلْمٌ بشيء الطبيعة حكيماً وهو أسفه الخلق هذا قوله للخطيب قال يُطع اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَد غَوَى بَئسَ الخطيبُ كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف الكتب أثناء السفر ولم تكن معه أية مصادر ينقل منها ما يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع يخصه مع العلم القيم يحفظ مسند الإمام أحمد بن حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ وَكَانَ ﷺ يَسْتَحِبُّ القِتَالَ أَوَّلَ النَّهَارِ ، كَمَا يَسْتَحِبُّ الخُرُوجَ لِلسِّفَرِ أَوَّلَهُ ، فَإِنْ لَم يُقَاتِلُ أَوَّلَ النَّهَارِ ، أَخْرَ الْقِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ ، وَتَهُبْ الرِّياحُ ، وَيَنْزِلَ النَّصْرُ ، وقَالﷺ ( والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُكلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ الله - والله أعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ - إِلَّا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّم ، والرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ ) ، وفي الترمذي عنه ﷺ ( لَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ قَطْرَتَيْنِ أَوْ أَثَرَيْنِ ، قَطْرَةِ دَمْعَةٍ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ، وَقَطْرَةِ دَم تُهْرَاقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَأَمَّا الْأَثرَانِ، فَأَثَرٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَأَثَرٌ فِي فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ ) . ❝
❞ في قصة الحُديبية ...
ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب رسول الله ﷺ بعينيه ، فواللهِ مَا تَنَخَّمَ النبيُّ ﷺ نُخامة إِلَّا وقعت في كفْ رَجُلٍ منهم ، فَدَلَكَ بها جلده ووجهه، وإذا أمرهم ، ابتدروا أمره ، وإذا توضأ ، كادوا يقتَتِلُون على وضوئه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يُحِدُّون إليه النظر تعظيماً له ، فرجع عروة إلى أصحابه ، فقال: أي قوم ، والله لقد وفدتُ على الملوك ، على كسرى وقيصر والنجاشي ، والله ما رأيت ملكاً يُعظمه أصحابه ما يُعظْمُ أصحاب محمد محمداً ، والله إن تنخم نُخامة إِلَّا وقَعَتْ في كفٌ رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلم خفضُوا أصواتهم عنده ، وما يُحِدُّون إليه النظر تعظيماً له ، وقد عرض عليكم خُطَّةَ رُشد فاقبلُوها ، فقال رجل من بني كنانة : دعوني آته ، فقالوا : إئته ، فلما أشرف على النبي ﷺ وأصحابه ، قال رسول الله ﷺ ( هذا فُلانٌ ، وهو من قوم يُعظمون البُدْنَ فابعثوها له ) فبعثوها له ، واستقبله القوم يُلبون ، فلما رأى ذلك قال : سُبْحَانَ اللَّهِ مَا يَنْبَغِي لِهؤُلاء أن يُصَدُّوا عَنِ البَيتِ ، فرجع إلى أصحابه ، فقال : رأيتُ البُدن قد قُلْدَتْ وأُشْعِرَتْ ، وما أرى أن يُصَدُّوا عن البيت ، فقام مِكْرَرُ بنُ حَفص ، فقال : دعوني آته ، فقالوا إئته ، فلما أشرف عليهم ، قال النبي ﷺ ( هذا مِكْرَرُ بن حَفْصٍ ، وهو رجل فاجر فجعل يُكَلِّم رسول الله ، فبينا هُوَ يكلمه ، إذ جاء سهيل بن عمرو ، فقال النبي ﷺ (قَدْ سُهْلَ لَكُمْ من أمْركُم ) ، فقال ﷺ (هاتِ اكتب بيننا وبينكم كتاباً ) ، فدعا الكاتب ، فقال ( اكتب بسم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) ، فقال سهيل : أما الرحمن ، فوالله ما ندري ما هو ، ولكن اكتب : باسمِكَ اللهم كما كنتَ تكتب ، فقال المسلمون : والله لا نكتبها إلَّا الرحيم ، فقال النبي ﷺ ( اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُم ) ، ثم قال ( اكْتُبْ هذا ما قاضى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله ) ، فقال سهيل : فوالله لو كنا نعلم أنك رسول الله ، ما صددناك البيت ولا قاتلناك ، ولكن اكتب : محمد بن عبد الله ، فقال النبي ﷺ ( إِنِّي رَسُولُ الله وإنْ كَذَبْتُمُونِي اكْتُبْ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ) ، فَقال النبي ﷺ ( على أنْ تَخُلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْن البَيْتِ ، فَنَطُوفَ به ) فقال سهيل : والله لا تتحدَّثُ العربُ أَنَّا أَخِذْنَا ضَغْطَةً ، ولكن ذلك من العام المقبل ، فكتب ، فقال سهيل : على أن لا يأتيكَ مِنَّا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا ، فقال المسلمون : سُبْحَانَ اللَّهِ ، كيف يُرد إلى المشركين ، وقد جاء مسلماً ، بينا هم كذلك ، إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسُفُ في قيوده قَدْ خَرَح من أسفل مكة حتى رَمَى بنفسه بين ظُهُورِ المُسلمين ، فقال سهيل : هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترُدَّهُ إلي ، فقال النبي ﷺ ( إنا لم نقض الكتاب بعد ) ، فقال : فوالله إذاً لا أصالحك على شيء أبداً ، فقال النبي ﷺ (فَأَجِزْهُ لي ) قال : ما أنا بمجيزه لك ، قال ( بلى فافعل ) قال : ما أنا بفاعل قال مكرز بلى قد أجزناه ، فقال أبو جندل : يا معشر المسلمين أرد إلى المشركين ، وقد جئت مسلماً ألا ترون ما لقيتُ ، وكان قد عُذِّبَ في الله عذاباً شديداً ، قال عُمَرُ بنُ الخطاب : والله ما شككت منذ أسلمتُ إلا يومئذ ، فأتيتُ النبي ﷺ فقلت ( يا رسول الله : ألست نبي الله حقاً ؟ ، قال : بلى ، قلتُ : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال : بلى ، فقلتُ : علام نعطي الدنيَّة في ديننا إذا ، ونَرْجِعَ ولَمَّا يَحْكُم اللهُ بيننا وبين أعدائنا ؟ فقال : إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، وَهُوَ نَاصِرِي ، وَلَسْتُ أعْصِيهِ ، قلتُ : أو لست كنتَ تُحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به ؟ قال : بَلَى ، أَفَأَخْبَرْتُكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ العام ؟ قلتُ : لا ، قال : فَإِنَّكَ آتِيهِ ومُطَوِّفٌ به ، قال : فأتيتُ أبا بكر ، فقلتُ له كما قلتُ لرسول الله ، ورد على أبو بكر كما ردَّ علي رسول الله ﷺ سواء ، وزاد : فَاسْتَمْسِك بِغَرْزِهِ حَتَّى تَمُوتَ ، فواللهِ إنَّه لَعَلى الحَقِّ ، قال عمر : فعملت لذلك أعمالاً ) . ❝
❞ قبسات من غزوة تبوك .
وجاء البكاؤون وهم سبعة يستحمِلُون رسول الله ﷺ ، فقال ( لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُم عَلَيْه ) ، { فتولَّوْا وأعينهم تفيضُ من الدمع حزناً أن لا يجدوا ما يُنفقون } ، وأرسل أبا موسى أصحابه إلى رسول الله ﷺ ليحملهم ، فوافاه غضبان فقال ﷺ والله لا أحملكم ، ولا أجد ما أحملكم عليه ) ، ثم أتاه إبل فأرسل إليهم ثم قال ( مَا أَنَا حَمَلْتُكُم ، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُم ، وإِنِّي وَاللَّهِ لا أَحلِفُ عَلَى يَمِينِ ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرَا مِنْهَا ، إِلَّا كَفَّرتُ عَنْ يَمِينِي وَأَتَيْتُ الذي هُوَ خَيْرٌ ) . ❝