█ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) قوله تعالى : ومن شر النفاثات العقد يعني الساحرات اللائي ينفثن عقد الخيط حين يرقين عليها شبه النفخ كما يعمل من يرقي قال الشاعر : أعوذ بربي النافثات عضه العاضه المعضه وقال متمم بن نويرة : نفثت شبيه الرقى خشية الجنة والحاسد وقال عنترة : فإن يبرأ فلم أنفث عليه وإن يفقد فحق له الفقود السابعة وروى النسائي عن أبي هريرة رسول الله صلى وسلم عقدة ثم نفث فيها فقد سحر أشرك تعلق شيئا وكل إليه واختلف النفث عند فمنعه قوم وأجازه آخرون عكرمة لا ينبغي للراقي أن ينفث ولا يمسح يعقد إبراهيم كانوا يكرهون وقال بعضهم دخلت الضحاك وهو وجع فقلت ألا أعوذك يا أبا محمد ؟ شيء ذلك ولكن تنفث ؛ فعوذته بالمعوذتين ابن جريج قلت لعطاء القرآن ينفخ به أو تقرؤه هكذا بعد انفث إن شئت وسئل سيرين الرقية فقال أعلم بها بأسا وإذا اختلفوا فالحاكم بينهم السنة روت عائشة النبي كان رواه الأئمة وقد ذكرناه أول السورة وفي ( سبحان ) وعن حاطب كتاب تفسير سورة الفلق مجاناً PDF اونلاين 2024 هي إحدى سور الكريم وهي العشرين تعداد النزول نزلت قبلها الفيل ونزلت بعدها الناس وعدد آياتها خمسة آيات قول تعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ*مِن شَرِّ مَا خَلَقَ*وَمِن غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ*وَمِن النَّفَّاثَاتِ الْعُقَدِ*وَمِن حَاسِدٍ حَسَدَ) [١] اختلف العلماء كانت مكيّة أم مدنيّة والغالب أنّها مكيّة؛ لقبول الروايات الواردة بمقابل روايات كونها والمقصد الأكبر هو الاستعاذة بالله واللجوء دفع كلّ الشرور المحيطة بالإنسان شرّ الليل شديد الظّلمة الحسد والحاسدين وما فيهم قال الآية الأولى الفلق: الْفَلَقِ) [٣] والتفسير: أي قل ألتجأ وأحتمي برب والاستعاذة ضرباً ونوع الدعاء أمّا الرّب فهو المالك السّيد الذي يأمر فيطاع المُصلح والفَلق فصل الأشياء بعضها وفَطر وخَلق وفَلق كلّها بمعنى واحد والخلق إيجاد الشيء العدم وفالق خالق وفاطر فالِقُ الإِصباحِ وَجَعَلَ اللَّيلَ سَكَنًا) [٤] فالفلَق جميع مخلوقات وجميع ما انفلق عنها ونتج منها وربّ تعادل ربّ العالمين الآية الثانية (مِن خَلَقَ) [٦] والمُراد مخلوق فيه ويدلّ هذا المعنى الرسول صلّى وسلّم: (أعوذ بك شرِّ كلِّ دابةٍ أنت آخذٌ بناصيتِها) [٧] وليس المقصود بل وبهذا تشمل ظلمة وشرّ حسد الحاسدين المذكورين الآيات التي تلي هذه ولكنّ أراد يخصّ هذين النوعين بالذكر؛ لخفائهما فهما يأتيان الإنسان بغتة دون يعلم فعَطفُ الخاص العام يفيد مزيد الاعتناء بالخاص المذكور سمى بقل أعوذ روى عقبة عامر قال: اتبعت راكب فوضعت يدي قدمه فقلت: أقرئني هود وسورة يوسف فقال: لن تقرأ شيئًا أبلغ وقل عنونها البخاري صحيحه صحيح وجاء بعض كلام الصحابة تسميتها مع أبو داود والترمذي وأحمد حنبل أمرني أقرأ بالمعوذات أي: السورتين رواية دبر كل صلاة ولم يذكر أحد المفسرين الواحدة منهما تسمى المعوذة بالإفراد سماها عطية وسميت أكثر المصاحف ومعظم كتب التفسير بسورة الإتقان: أنها تسميان المشقشقتين مسترسل القول تشبيهًا بالفحل الإبل يهدر بشقشقة القرطبي والكشاف المقشقشتين وزاد القرطبي: تبرئان النفاق وكذلك الطيبي فيكون اسم المقشقشة مشتركا بين أربع التوبة الكافرون سبب النزول وقال الواحدي المفسرون إنها بسبب لبيد الأعصم قيل: سبب نزولها والسورة قريش ندبوا اشتهر أنه يصيب بعينه فأنزل المعوذتين ليتعوذ منهم بهما ذكره الفخر سعيد المسيب الرسالة المختصرة عبارة تلخيص الإمام عبد الوهاب لسورة القيم رحمهما جاءت نافعةً لعوام المسلمين؛ لما ازدانَت بأسلوبٍ مُيسَّر سهلة الانتقاء وقريبة المأخذ
❞ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)
قوله تعالى : ومن شر غاسق إذا وقب اختلف فيه ؛ فقيل : هو الليل . والغسق : أول ظلمة الليل ؛ يقال منه : غسق الليل يغسق أي أظلم . قال ابن قيس الرقيات :
إن هذا الليل قد غسقا واشتكيت الهم والأرقا
وقال آخر :
يا طيف هند لقد أبقيت لي أرقا إذ جئتنا طارقا والليل قد غسقا
هذا قول ابن عباس والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم . و وقب على هذا التفسير : أظلم ؛ قاله ابن عباس . والضحاك : دخل . قتادة : ذهب . يمان بن رئاب : سكن . وقيل : نزل ؛ يقال : وقب العذاب على الكافرين ؛ نزل . قال الشاعر :
وقب العذاب عليهم فكأنهم لحقتهم نار السموم فأحصدوا
وقال الزجاج : قيل الليل غاسق لأنه أبرد من النهار . والغاسق : البارد . والغسق : البرد ؛ ولأن في الليل تخرج السباع من آجامها ، والهوام من أماكنها ، وينبعث أهل الشر على العبث والفساد . وقيل : الغاسق : الثريا ؛ وذلك أنها إذا سقطت كثرت الأسقام والطواعين ، وإذا طلعت ارتفع ذلك ؛ قاله عبد الرحمن بن زيد . وقيل : هو الشمس إذا غربت ؛ قاله ابن شهاب . وقيل : هو القمر . قال القتبي : إذا وقب القمر : إذا دخل في ساهوره ، وهو كالغلاف له ، وذلك إذا خسف به . وكل شيء أسود فهو غسق . وقال قتادة : إذا وقب إذا غاب . وهو أصح ؛ لأن في الترمذي عن عائشة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نظر إلى القمر ، فقال : ˝ يا عائشة ، استعيذي بالله من شر هذا ، فإن هذا هو الغاسق إذا وقب ˝ . قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح . وقال أحمد بن يحيى ثعلب عن ابن الأعرابي في تأويل هذا الحديث : وذلك أن أهل الريب يتحينون وجبة القمر . وأنشد :
أراحني الله من أشياء أكرهها منها العجوز ومنها الكلب والقمر
هذا يبوح وهذا يستضاء به وهذه ضمرز قوامة السحر
وقيل : الغاسق : الحية إذا لدغت . وكأن الغاسق نابها ؛ لأن السم يغسق منه ؛ أي يسيل . ووقب نابها : إذا دخل في اللديغ . وقيل : الغاسق : كل هاجم يضر ، كائنا ما كان ؛ من قولهم : غسقت القرحة : إذا جرى صديدها . ❝
❞ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)
قوله تعالى : ومن شر حاسد إذا حسد قد تقدم في سورة ( النساء ) معنى الحسد ، وأنه تمني زوال نعمة المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها . والمنافسة هي تمني مثلها وإن لم تزل . فالحسد شر مذموم . والمنافسة مباحة وهي الغبطة . وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : المؤمن يغبط ، والمنافق يحسد . وفي الصحيحين : لا حسد إلا في اثنتين يريد لا غبطة وقد مضى في سورة ( النساء ) والحمد لله .
قلت : قال العلماء : الحاسد لا يضر إلا إذا ظهر حسده بفعل أو قول ، وذلك بأن يحمله الحسد على إيقاع الشر بالمحسود ، فيتبع مساوئه ، ويطلب عثراته . قال - صلى الله عليه وسلم - : ˝ إذا حسدت فلا تبغ . . . ˝ الحديث . وقد تقدم . والحسد أول ذنب عصي الله به في السماء ، وأول ذنب عصي به في الأرض ، فحسد إبليس آدم ، وحسد قابيل هابيل . والحاسد ممقوت مبغوض مطرود ملعون ولقد أحسن من قال :
قل للحسود إذا تنفس طعنة يا ظالما وكأنه مظلوم
التاسعة : هذه سورة دالة على أن الله سبحانه خالق كل شر ، وأمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يتعوذ من جميع الشرور . فقال : من شر ما خلق . وجعل خاتمة ذلك الحسد ، تنبيها على عظمه ، وكثرة ضرره . والحاسد عدو نعمة الله . قال بعض الحكماء : بارز الحاسد ربه من خمسة أوجه : أحدها : أنه أبغض كل نعمة ظهرت على غيره .
وثانيها : أنه ساخط لقسمة ربه ، كأنه يقول : لم قسمت هذه القسمة ؟
وثالثها : أنه ضاد فعل الله ، أي إن فضل الله يؤتيه من يشاء ، وهو يبخل بفضل الله .
ورابعها : أنه خذل أولياء الله ، أو يريد خذلانهم وزوال النعمة عنهم . وخامسها : أنه أعان عدوه إبليس . وقيل : الحاسد لا ينال في المجالس إلا ندامة ، ولا ينال عند الملائكة إلا لعنة وبغضاء ، ولا ينال في الخلوة إلا جزعا وغما ، ولا ينال في الآخرة إلا حزنا واحتراقا ، ولا ينال من الله إلا بعدا ومقتا .
وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ˝ ثلاثة لا يستجاب دعاؤهم : آكل الحرام ، ومكثر الغيبة ، ومن كان في قلبه غل أو حسد للمسلمين ˝ . والله سبحانه وتعالى أعلم . ❝