█ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) تفسير سورة الفلق وهي خمس آيات و هي مكية قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر ومدنية أحد قولي ابن عباس وقتادة وهذه السورة وسورة ( الناس ) الإخلاص : تعوذ بهن رسول الله صلى عليه وسلم حين سحرته اليهود ؛ ما يأتي وقيل إن المعوذتين كان يقال لهما المقشقشتان أي تبرئان من النفاق وقد تقدم وزعم مسعود أنهما دعاء به وليستا القرآن خالف الإجماع الصحابة وأهل البيت قال قتيبة لم يكتب عبد بن مصحفه لأنه يسمع يعوذ والحسين رضي عنهما بهما فقدر بمنزلة أعيذكما بكلمات التامة كل شيطان وهامة ومن عين لامة أبو بكر الأنباري وهذا مردود لأن كلام رب العالمين المعجز لجميع المخلوقين البشر بين وكلام الخالق الذي هو آية لمحمد خاتم النبيين وحجة له باقية جميع الكافرين لا يلتبس بكلام الآدميين مثل الفصيح اللسان العالم باللغة العارف بأجناس الكلام وأفانين القول وقال بعض أمن عليهما كتاب تفسير الفلق مجاناً PDF اونلاين 2024 إحدى سور الكريم وهي العشرين تعداد النزول نزلت قبلها الفيل ونزلت بعدها وعدد آياتها خمسة آيات تعالى: (قُلْ بِرَبِّ الْفَلَقِ*مِن شَرِّ مَا خَلَقَ*وَمِن غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ*وَمِن النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ*وَمِن حَاسِدٍ حَسَدَ) [١] اختلف العلماء فيها كانت مكيّة أم مدنيّة والغالب أنّها مكيّة؛ لقبول الروايات الواردة ذلك بمقابل روايات كونها والمقصد الأكبر الاستعاذة بالله تعالى واللجوء إليه دفع كلّ الشرور المحيطة بالإنسان شرّ الليل شديد الظّلمة شر الحسد والحاسدين وما فيهم قال الآية الأولى الفلق: الْفَلَقِ) [٣] والتفسير: قل ألتجأ وأحتمي برب والاستعاذة ضرباً ونوع الدعاء أمّا الرّب فهو المالك أو السّيد يأمر فيطاع المُصلح والفَلق فصل الأشياء عن بعضها وفَطر وخَلق وفَلق كلّها بمعنى واحد والخلق إيجاد الشيء العدم وفالق خالق وفاطر فالِقُ الإِصباحِ وَجَعَلَ اللَّيلَ سَكَنًا) [٤] فالفلَق مخلوقات وجميع انفلق عنها ونتج منها وربّ تعادل ربّ الآية الثانية (مِن خَلَقَ) [٦] والمُراد مخلوق فيه ويدلّ هذا المعنى الرسول صلّى وسلّم: (أعوذ بك شرِّ كلِّ دابةٍ أنت آخذٌ بناصيتِها) [٧] وليس المقصود بل وبهذا تشمل ظلمة وشرّ حسد الحاسدين المذكورين الآيات التي تلي هذه ولكنّ أراد أن يخصّ هذين النوعين بالذكر؛ لخفائهما فهما يأتيان الإنسان بغتة دون يعلم فعَطفُ الخاص العام يفيد مزيد الاعتناء بالخاص المذكور سمى النبي محمد بقل أعوذ فقد روى النسائي عقبة عامر قال: اتبعت وهو راكب فوضعت يدي قدمه فقلت: أقرئني يا هود يوسف فقال: لن تقرأ شيئًا أبلغ عند وقل عنونها البخاري صحيحه صحيح وجاء تسميتها مع بالمعوذتين داود والترمذي وأحمد حنبل أمرني أقرأ بالمعوذات أي: السورتين وفي رواية دبر صلاة ولم يذكر المفسرين الواحدة منهما تسمى المعوذة بالإفراد سماها عطية وسميت أكثر المصاحف ومعظم كتب التفسير بسورة الإتقان: أنها تسميان المشقشقتين مسترسل تشبيهًا بالفحل الإبل يهدر بشقشقة القرطبي والكشاف المقشقشتين وزاد القرطبي: وكذلك الطيبي فيكون اسم المقشقشة مشتركا أربع التوبة الكافرون سبب النزول وقال الواحدي المفسرون إنها بسبب لبيد الأعصم سحر قيل: سبب نزولها والسورة قريش ندبوا اشتهر بينهم أنه يصيب بعينه فأنزل ليتعوذ منهم ذكره الفخر سعيد المسيب الرسالة المختصرة عبارة تلخيص الإمام الوهاب لسورة القيم رحمهما جاءت نافعةً لعوام المسلمين؛ لما ازدانَت بأسلوبٍ مُيسَّر سهلة الانتقاء وقريبة المأخذ
❞ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)
قوله تعالى : ومن شر النفاثات في العقد يعني الساحرات اللائي ينفثن في عقد الخيط حين يرقين عليها . شبه النفخ كما يعمل من يرقي . قال الشاعر :
أعوذ بربي من النافثات في عضه العاضه المعضه
وقال متمم بن نويرة :
نفثت في الخيط شبيه الرقى من خشية الجنة والحاسد
وقال عنترة :
فإن يبرأ فلم أنفث عليه وإن يفقد فحق له الفقود
السابعة : وروى النسائي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من عقد عقدة ثم نفث فيها ، فقد سحر ، ومن سحر فقد أشرك ، ومن تعلق شيئا وكل إليه . واختلف في النفث عند الرقى فمنعه قوم ، وأجازه آخرون . قال عكرمة : لا ينبغي للراقي أن ينفث ، ولا يمسح ولا يعقد . قال إبراهيم : كانوا يكرهون النفث في الرقى . وقال بعضهم : دخلت ، على الضحاك وهو وجع ، فقلت : ألا أعوذك يا أبا محمد ؟ قال : لا شيء من ذلك ولكن لا تنفث ؛ فعوذته بالمعوذتين . وقال ابن جريج قلت لعطاء : القرآن ينفخ به أو ينفث ؟ قال : لا شيء من ذلك ولكن تقرؤه هكذا . ثم قال بعد : انفث إن شئت . وسئل محمد بن سيرين عن الرقية ينفث فيها ، فقال : لا أعلم بها بأسا ، وإذا اختلفوا فالحاكم بينهم السنة . روت عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينفث في الرقية ؛ رواه الأئمة ، وقد ذكرناه أول السورة وفي ( سبحان ) . وعن محمد بن حاطب أن يده احترقت فأتت به أمه النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل ينفث عليها ويتكلم بكلام ؛ زعم أنه لم يحفظه . وقال محمد بن الأشعث : ذهب بي إلى عائشة - رضي الله عنها - وفي عيني سوء ، فرقتني ونفثت .
وأما ما روي عن عكرمة من قوله : لا ينبغي للراقي أن ينفث ، فكأنه ذهب فيه إلى أن الله تعالى جعل النفث في العقد مما يستعاذ به ، فلا يكون بنفسه عوذة . وليس هذا هكذا ؛ لأن النفث في العقد إذا كان مذموما لم يجب أن يكون النفث بلا عقد مذموما . ولأن النفث في العقد إنما أريد به السحر المضر بالأرواح ، وهذا النفث لاستصلاح الأبدان ، فلا يقاس ما ينفع بما يضر . وأما كراهة عكرمة المسح فخلاف السنة . قال علي - رضي الله عنه - : اشتكيت ، فدخل علي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أقول : اللهم إن كان أجلي قد حضر فأرحني ، وإن كان متأخرا فاشفني وعافني ، وإن كان بلاء فصبرني . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ˝ كيف قلت ˝ ؟ فقلت له : فمسحني بيده ، ثم قال : ˝ اللهم اشفه ˝ فما عاد ذلك الوجع بعد . وقرأ عبد الله بن عمرو وعبد الرحمن بن سابط وعيسى بن عمر ورويس عن يعقوب ( من شر النافثات ) في وزن ( فاعلات ) . ورويت عن عبد الله بن القاسم مولى أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما - . وروي أن نساء سحرن النبي - صلى الله عليه وسلم - في إحدى عشرة عقدة ، فأنزل الله المعوذتين إحدى عشرة آية . قال ابن زيد : كن من اليهود ؛ يعني السواحر المذكورات . وقيل : هن بنات لبيد بن الأعصم . ❝
❞ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)
قوله تعالى : ومن شر غاسق إذا وقب اختلف فيه ؛ فقيل : هو الليل . والغسق : أول ظلمة الليل ؛ يقال منه : غسق الليل يغسق أي أظلم . قال ابن قيس الرقيات :
إن هذا الليل قد غسقا واشتكيت الهم والأرقا
وقال آخر :
يا طيف هند لقد أبقيت لي أرقا إذ جئتنا طارقا والليل قد غسقا
هذا قول ابن عباس والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم . و وقب على هذا التفسير : أظلم ؛ قاله ابن عباس . والضحاك : دخل . قتادة : ذهب . يمان بن رئاب : سكن . وقيل : نزل ؛ يقال : وقب العذاب على الكافرين ؛ نزل . قال الشاعر :
وقب العذاب عليهم فكأنهم لحقتهم نار السموم فأحصدوا
وقال الزجاج : قيل الليل غاسق لأنه أبرد من النهار . والغاسق : البارد . والغسق : البرد ؛ ولأن في الليل تخرج السباع من آجامها ، والهوام من أماكنها ، وينبعث أهل الشر على العبث والفساد . وقيل : الغاسق : الثريا ؛ وذلك أنها إذا سقطت كثرت الأسقام والطواعين ، وإذا طلعت ارتفع ذلك ؛ قاله عبد الرحمن بن زيد . وقيل : هو الشمس إذا غربت ؛ قاله ابن شهاب . وقيل : هو القمر . قال القتبي : إذا وقب القمر : إذا دخل في ساهوره ، وهو كالغلاف له ، وذلك إذا خسف به . وكل شيء أسود فهو غسق . وقال قتادة : إذا وقب إذا غاب . وهو أصح ؛ لأن في الترمذي عن عائشة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نظر إلى القمر ، فقال : ˝ يا عائشة ، استعيذي بالله من شر هذا ، فإن هذا هو الغاسق إذا وقب ˝ . قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح . وقال أحمد بن يحيى ثعلب عن ابن الأعرابي في تأويل هذا الحديث : وذلك أن أهل الريب يتحينون وجبة القمر . وأنشد :
أراحني الله من أشياء أكرهها منها العجوز ومنها الكلب والقمر
هذا يبوح وهذا يستضاء به وهذه ضمرز قوامة السحر
وقيل : الغاسق : الحية إذا لدغت . وكأن الغاسق نابها ؛ لأن السم يغسق منه ؛ أي يسيل . ووقب نابها : إذا دخل في اللديغ . وقيل : الغاسق : كل هاجم يضر ، كائنا ما كان ؛ من قولهم : غسقت القرحة : إذا جرى صديدها . ❝