❞ حين يغلق أحدهم باب قلبه في وجهك! لأيِّ سبب كان أو سيكون دَعـهُ يُحكِم إغلاقهُ جيداً! ولا تكترِث لِصُدودهِ هذا..اذهـب بِـقلبٍ يكسوهُ اليقين والأمل أن هـناك أبوابًا أخرى بِـالحُبِّ مُـشـرَّعة! تنتظر قُدومَ كفيَّـك بِشـغـف كي تُصافحهـا... ❝ ⏤بشاير عبداللطيف العمار
❞ حين يغلق أحدهم باب قلبه في وجهك! لأيِّ سبب كان أو سيكون دَعـهُ يُحكِم إغلاقهُ جيداً! ولا تكترِث لِصُدودهِ هذا.اذهـب بِـقلبٍ يكسوهُ اليقين والأمل أن هـناك أبوابًا أخرى بِـالحُبِّ مُـشـرَّعة! تنتظر قُدومَ كفيَّـك بِشـغـف كي تُصافحهـا. ❝
❞ .. البحث عن زوجة ..
يا سادة يا كرام ..
أغلى شيء في الدنيا هو العلم .
والإنسان لا يتعلم مجانًا .
و إنما يستخلص المعرفة بالألم والمعاناة.
من مكتبة الحياة نأخذ علمنا الحقيقي، وليس من الكتب والأسفار .
وأقدم لكم نفسي أولًا .. دكتور توفيق زكي .. دكتوراه في الذرة والعلوم النووية من أمريكا، أب لولدين وزوج للمرة الثانية.
وحكاية المرة الثانية هي الموضوع ..
وكالعادة كانت هناك مرة ثانية لأن الزواج الأول فشل بجدارة .
وكانت فكرتي في الزواج الأول هي البحث عن ست بيت وأم وامرأة تقدّس الحياة الأسرية، لا يهم الثقافة ولا التعليم ولا الشهادات، واخترتها ساقطة إبتدائية تكاد تفك الخط، لكن طباخة ممتازة وأستاذة في تسبيك الصواني والطواجن، وتنفيض السجاجيد وإرضاع الأطفال.
لكن كالمعتاد وبعد الشهور الأولى وبعد أن شَبَعت المعدة وامتلأت الأمعاء، وأصبحت المسألة الطريفة حكاية مكررة كل ليلة، بدأ النكد يدخل إلى البيت السعيد، وبدأت أشعر بالفجوة الهائلة بيني وبينها وبدأنا نختلف كل يوم في كل شيء .. وأصبح الشارع يسمع صراخنا كل ليلة .
وبرغم نومنا متعانقين في فراش واحد كنت أشعر بأن بيننا قارات، وأن كل واحد فينا يسبح في محيط.
لم يكن هناك أي شيء مشترك يجمعنا سوى طاجن البطاطس بالفرن، وصواني المحشي وأطباق الكوسة بالباشاميل، فإذا غسلت يدي بعد الغداء عدت إلى الوحدة والغربة وكأني مجرد نزيل في فندق أجنبي.
عجزت تمامًا عن أن أشدّها إلى أي إهتمام مشترك، حتى لو إلى الصحيفة اليومية وأعمدة الأخبار وحوادث الأسبوع.
كانت إنسانة عقلها مُغلق على ثلاث غرف وصالة، لا يهمها ما يجري في فيتنام وكمبوديا ونيكاراجوا، ولا يعنيها ما يجري في جارة عربية قريبة مثل فلسطين.
ويستوي عندها أن تحترق لبنان، أو تندك بغداد أو تنفجر دمشق أو يخرج الشاه من إيران، ويحكمها خوميني أو خلقلي أو بازرجان ما دامت قد وجدت البصل في الجمعية التعاونية، والأرز عند البقال والجرجير عند الخضري.
فإذا حاولت أن أفتح معها هذه الموضوعات أسكتتني بغلظة، فإذا حاولت أن أتلطف ناولتني لكمة وهي تقول:
نام بلا وجع دماغ أنا ما صدقت نيمت الواد!
وتصوروا ما يحدث لي يا سادة في هذه الوحدة والغربة والخواء حينما أتعرف بالأخرى د. شهيرة سرور الأستاذة في الكونسرفتوار وعازفة البيانو، والحائزة على ماجستير ودكتوراه في التوزيع الكورالي وفي الهارموني من باريس.
السيدة الناعمة الحريرة التي تكاد تذوب في الفم من فرط نعومتها، والمتحدثة الرقيقة الودودة والفنانة الأنثى والنجمة التي لا ينطفيء لها تألق.
ويمكن لكم أن تتصوروا كيف أصبحت مكالماتنا في التليفون تمتد إلى خمس وست ساعات ولا نشبع، فنلتقي على النيل ثم تأخذني إلى بيتها لتسمعني معزوفة رقيقة على البيانو، ثم تحكي لي تاريخ هذه المعزوفة وكيف ومتى كتبها بيتهوفن .
نسيت أن أقول لكم أنها طُلّقت بعد زواج فاشل.
وهذا طبيعي .. فمن يستطيع أن يفهم ويقدر هذه التحفة الجمالية النادرة .. ومن يستطيع أن يُعاشر هذا الفن الرفيع إلا إنسان ذوّاقة.
ولقد كنت أنا ذلك الذواقة.
ولقد جُننت بها حبًا .. وإمتلكتني حتى ملأت علي أقطار حياتي وأصبحت لا أرى سواها، ولا آكل سواها ولا أشرب سواها ولا أتنفس سواها.
وكان طبيعيًا أن يرتمي كل منا في حضن الآخر كأنه يتيم وجد أمه، وأن نغرق في حمى من الانصهار العذب الذي لا تجدونه إلا في الكتب والأشعار والسيمفونيات.
وكان طبيعيًا جدًا أن أطلق زوجتي وأتزوجها وأنا أحلم بأقصى الراحة، وبأني قد وجدت أخيرًا شقة خالية في صدر امرأة.
ولكن القدر خلاف الظنون، والدنيا التي أرادها الله تعبًا للكل ما لبثت أن قدمت صورة أخرى من زواج طريف غاية الطرافة.
واسمعوا معي نموذج من هذا الحوار الذي يجري بيننا.
الوقت صباحًا، وأنا أميل عليها وأمسح على شعرها في حنان وأهمس في أذنها:
- إيه رأيك يا حبيبتي نأكل إيه النهاردة .
- زي امبارح يا حبيبي.
- احنا مكلناش امبارح يا حبيبتي .
- لحقت تنسى سندوتشات الأمريكانا اللي جبتهالك معايا.
- نفسي تعملي لي الملوخية بتاعتك.. ده انتي ملوخيتك تجنن.. أنا قربت أنساها بقالك شهر مطبختليش حاجة.
- مش حاسة إني عاوزة أقف في المطبخ.
- أمال حاسة بإيه ؟
- حاسة بإني عاوزه أدور حوالين الهرم وأسمع كاسيت لشوبان.
وأخذها معي إلى الهرم.
ونطوف حول مقابر الأسرة السادسة ونحن نستمع إلى معزوفة القمر لشوبان، ونسرح في التاريخ والجغرافيا والحكيم أمحوتب.
وتكلمني طويلًا عن الحكيم أمحوتب .
وأقطع حديثها محاولًا أن أكون رقيقًا غاية الرقة .
- ولكن أظن أن أمحوتب يا حبيبتي كان يأكل .. وكانت زوجته الحبيبة تصنع له أشهى الأطعمة.
- لا أظن .. أنت تخلط يا حبيبي بين أمحوتب وبين أبو شقرا ..
عيبك أنك لا تقرأ كفاية في التاريخ.
- لقد قرأت وقرأت حتى جعت من كثرة القراءة.
ونشتري كنتاكي في الطريق ونعود إلى البيت .
وتتمدد على الفراش وتسرح ..
ثم تبتلع حبة فاليوم .. ثم حبة ليبريوم .. وأحاول أن أتقرب منها فتقول في فتور :
- سيبني شوية.
- مالك ؟
- جوايا تعبان .. حاسة جوايا بكآبة وضلمة وعتمة. وليل الدنيا جوايا عتمة أوي.
- أنا يا حبيبتي أنورها لك.
فتنظر إلي نظرة فارغة كأنها لا تعرفني إطلاقًا .
وكأني رجل لقيط التقت به صدفة، وأخذته إلى بيتها و قدمت إليه طعامًا على سبيل الإحسان .. و أن عليه الآن أن يرحل وأن يعود إلى حال سبيله دون كلمة.
وأقترب أكثر وأهمس في حنان:
- حبيبتي أنا جنبك .
- أنا عندي صداع يا توفيق أنا مش شايفاك. ولا شايفة حد.
وأهتف في أعماقي : يا نهار أسود عليك يا توفيق وعلى بختك .. ثم أعود فأتودد إليها.
- أجيب لك كولونيا تنعش ..
- سيبني لوحدي .. نفسي أقعد سنين لوحدي.
سنين .. سنين .. نفسي أحط الحمل اللي على كتفي وأنام.
- حطيه على كتفي أنا.
- جوايا كلام كتير مش عاوز يطلع .. كياني مسروق مني .. بدور على عنوان نفسي مش لاقياه .. متهيأ لي إني مشيت في الشارع الغلط.
- أنا مش فاهمك.
- أنا اخترتك من أربعين مليون إنسان عشان تصورت إنك حتفهمني وحا تحس بي .
- حا أحس بإيه يا حبيبتي ده إنتي معيشاني في ألغاز .. دنا بنام مع أينشتين .. أنا الدكتور في الذرة والعلوم النووية و اللي مسكت الإلكترون مش قادر أمسك أفكارك!
- نفسي نبعد عن بعض شوية يا توفيق .
- نعم .. ؟
- يعني كده تسافر لك كام يوم إسكندرية تغير جو عشان توحشني شوية.
- كمان .. أكثر من كده .. ده إحنا بقالنا شهرين مقربناش لبعض .
- كمان شهر .. ما يجراش حاجة .
- ده أنا بقالي خمسة أشهر بقوللك إعملي لي كيكة تبصي لي كأني باتكلم مالطي أو هيروغليفي .
- ياه ده أنا نسيت خالص حكاية الكيكة دي .. عجيبة .. الله يضحكك يا شيخ.
- وكل ده وإحنا في شهور العسل أمال بعدين هنعمل ايه .. ده إنتي بتكلمي البيانو أكثر مني .. بتعرفي عن فطور شوبان و مزاجه الشخصي أكثر من اللي بتعرفيه عني.
كل يوم برجع تعبان بعد يوم مرهق من الشغل المتواصل في العمل ألاقيكي بتقوليلي عندي انغلاق ذاتي وتقلص نفسي وانكماش روحي .. .. أجي ألمسك تقوليلي سيبني شوية حاسة الشمس بتغرب جوايا .. عاوزة أموت .. أتلاشى .. و مرة تقوليلي سقف عقلي وقع، و أن جدران قلبي أتهدت .. وفيه حاجة بتسويني بالأرض ومرة تقوليلي العصافير بتغني في صدري..
ومرة تقوليليي عاوزة كل الرجالة يبوسوني، وأشد شعر من الجنون فتقوليلي :
- ما هو كل الرجالة يعني إنت يا حبيبي .. من إمتى وأنا حبيبك ؟ و إنتي عايشة في فلك وأنا في فلك .. توصلني منك كلمة بالتلكس وتضيع ألف .. أنا وحيد يا شهيرة .. وحيد .
- وأنا وحيدة أكتر منك يا حبيبي .
- أمال احنا في حضن بعض ازاي .
- ساكنين بالصدفة سوا في نفس الشقة على النيل وبنبص احنا الاثنين للسقف.
- بالضبط هو ده الشيء الوحيد المشتركين فيه .. للدرجة دي ممكن يتغير الناس .. أمال فين الدموع والآهات .. فين أغاني الحب .. كانت معزوفة بيانو .. عمود شعر في صحيفة يومية اتقطعت مع الأيام وبقت ورق تواليت .. ساعات بحس إن مش بس لازم نبعد كام يوم .. أبدًا .. ده إحنا لازم نتعرف على بعض من جديد .. لازم نقابل بعض صدفة في الصالون الأخضر .. و أعزمك على شاي في جروبي و اسألك على نمرة تيليفونك .. و أقوللك اسمك ايه يا مدام .
- صحيح فعلًا .
- احنا مش متجوزين يا حبيبتي .. احنا متطلقين جدًا .
- صحيح فعلًا متطلقين .
وهكذا طلقت الثقافة الرفيعه و الدكتوراه والماجستير في الهارموني والتحفة الجمالية .. د. شهيرة سرور .. لأني لم أعرف ماذا تريد ولا ماذا تحب .. ولا ماذا يرضيها .. ظننت في لحظة أن أقصى أملها أن تعيش معي .. فلما عاشت معي رأيتها تهرب مني وتعيش في غيبوبة الفاليوم .. وتنطوي على نفسها حتى تشبه قوقعة حزن.
وشككت في عقلي وتفكيري، وعدت أشد شعري من الوحدة والبؤس.
يا سادة يا كرام . .
أنا أبحث الآن عن بائعة فجل أو بائعة جرجير .. مجرد إنسانة على الفطرة لأتزوجها وأعيش معها على الفطرة البسيطة التي خلقها الله.
امرأة تنظر إلى زوجها على أنه ربها وتغسل له رجليه وتطهو طعامه، وتشاركه مشاركة التوأم في كل ما يُشركها فيه دون جدل.
امرأة تنظر إلى كل ما ينطق بها زوجها على أنه سماوي ومقدس ، وتحبه لأنها لابد أن تحبه وليس لأن عندها انفتاحًا ذاتيًا وانغلاقًا استبطانيا، يا سادة يا كرام .. أنا أعلن على الملأ أني رجل رجعي وبدائي .. وأرى للأسف الشديد أن عصر الرجل انتهى!. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ البحث عن زوجة .
يا سادة يا كرام .
أغلى شيء في الدنيا هو العلم .
والإنسان لا يتعلم مجانًا .
و إنما يستخلص المعرفة بالألم والمعاناة.
من مكتبة الحياة نأخذ علمنا الحقيقي، وليس من الكتب والأسفار .
وأقدم لكم نفسي أولًا . دكتور توفيق زكي . دكتوراه في الذرة والعلوم النووية من أمريكا، أب لولدين وزوج للمرة الثانية.
وحكاية المرة الثانية هي الموضوع .
وكالعادة كانت هناك مرة ثانية لأن الزواج الأول فشل بجدارة .
وكانت فكرتي في الزواج الأول هي البحث عن ست بيت وأم وامرأة تقدّس الحياة الأسرية، لا يهم الثقافة ولا التعليم ولا الشهادات، واخترتها ساقطة إبتدائية تكاد تفك الخط، لكن طباخة ممتازة وأستاذة في تسبيك الصواني والطواجن، وتنفيض السجاجيد وإرضاع الأطفال.
لكن كالمعتاد وبعد الشهور الأولى وبعد أن شَبَعت المعدة وامتلأت الأمعاء، وأصبحت المسألة الطريفة حكاية مكررة كل ليلة، بدأ النكد يدخل إلى البيت السعيد، وبدأت أشعر بالفجوة الهائلة بيني وبينها وبدأنا نختلف كل يوم في كل شيء . وأصبح الشارع يسمع صراخنا كل ليلة .
وبرغم نومنا متعانقين في فراش واحد كنت أشعر بأن بيننا قارات، وأن كل واحد فينا يسبح في محيط.
لم يكن هناك أي شيء مشترك يجمعنا سوى طاجن البطاطس بالفرن، وصواني المحشي وأطباق الكوسة بالباشاميل، فإذا غسلت يدي بعد الغداء عدت إلى الوحدة والغربة وكأني مجرد نزيل في فندق أجنبي.
عجزت تمامًا عن أن أشدّها إلى أي إهتمام مشترك، حتى لو إلى الصحيفة اليومية وأعمدة الأخبار وحوادث الأسبوع.
كانت إنسانة عقلها مُغلق على ثلاث غرف وصالة، لا يهمها ما يجري في فيتنام وكمبوديا ونيكاراجوا، ولا يعنيها ما يجري في جارة عربية قريبة مثل فلسطين.
ويستوي عندها أن تحترق لبنان، أو تندك بغداد أو تنفجر دمشق أو يخرج الشاه من إيران، ويحكمها خوميني أو خلقلي أو بازرجان ما دامت قد وجدت البصل في الجمعية التعاونية، والأرز عند البقال والجرجير عند الخضري.
فإذا حاولت أن أفتح معها هذه الموضوعات أسكتتني بغلظة، فإذا حاولت أن أتلطف ناولتني لكمة وهي تقول:
نام بلا وجع دماغ أنا ما صدقت نيمت الواد!
وتصوروا ما يحدث لي يا سادة في هذه الوحدة والغربة والخواء حينما أتعرف بالأخرى د. شهيرة سرور الأستاذة في الكونسرفتوار وعازفة البيانو، والحائزة على ماجستير ودكتوراه في التوزيع الكورالي وفي الهارموني من باريس.
السيدة الناعمة الحريرة التي تكاد تذوب في الفم من فرط نعومتها، والمتحدثة الرقيقة الودودة والفنانة الأنثى والنجمة التي لا ينطفيء لها تألق.
ويمكن لكم أن تتصوروا كيف أصبحت مكالماتنا في التليفون تمتد إلى خمس وست ساعات ولا نشبع، فنلتقي على النيل ثم تأخذني إلى بيتها لتسمعني معزوفة رقيقة على البيانو، ثم تحكي لي تاريخ هذه المعزوفة وكيف ومتى كتبها بيتهوفن .
نسيت أن أقول لكم أنها طُلّقت بعد زواج فاشل.
وهذا طبيعي . فمن يستطيع أن يفهم ويقدر هذه التحفة الجمالية النادرة . ومن يستطيع أن يُعاشر هذا الفن الرفيع إلا إنسان ذوّاقة.
ولقد كنت أنا ذلك الذواقة.
ولقد جُننت بها حبًا . وإمتلكتني حتى ملأت علي أقطار حياتي وأصبحت لا أرى سواها، ولا آكل سواها ولا أشرب سواها ولا أتنفس سواها.
وكان طبيعيًا أن يرتمي كل منا في حضن الآخر كأنه يتيم وجد أمه، وأن نغرق في حمى من الانصهار العذب الذي لا تجدونه إلا في الكتب والأشعار والسيمفونيات.
وكان طبيعيًا جدًا أن أطلق زوجتي وأتزوجها وأنا أحلم بأقصى الراحة، وبأني قد وجدت أخيرًا شقة خالية في صدر امرأة.
ولكن القدر خلاف الظنون، والدنيا التي أرادها الله تعبًا للكل ما لبثت أن قدمت صورة أخرى من زواج طريف غاية الطرافة.
واسمعوا معي نموذج من هذا الحوار الذي يجري بيننا.
الوقت صباحًا، وأنا أميل عليها وأمسح على شعرها في حنان وأهمس في أذنها:
فتنظر إلي نظرة فارغة كأنها لا تعرفني إطلاقًا .
وكأني رجل لقيط التقت به صدفة، وأخذته إلى بيتها و قدمت إليه طعامًا على سبيل الإحسان . و أن عليه الآن أن يرحل وأن يعود إلى حال سبيله دون كلمة.
وأقترب أكثر وأهمس في حنان:
- حبيبتي أنا جنبك .
- أنا عندي صداع يا توفيق أنا مش شايفاك. ولا شايفة حد.
وأهتف في أعماقي : يا نهار أسود عليك يا توفيق وعلى بختك . ثم أعود فأتودد إليها.
- أجيب لك كولونيا تنعش .
- سيبني لوحدي . نفسي أقعد سنين لوحدي.
سنين . سنين . نفسي أحط الحمل اللي على كتفي وأنام.
- حطيه على كتفي أنا.
- جوايا كلام كتير مش عاوز يطلع . كياني مسروق مني . بدور على عنوان نفسي مش لاقياه . متهيأ لي إني مشيت في الشارع الغلط.
- أنا مش فاهمك.
- أنا اخترتك من أربعين مليون إنسان عشان تصورت إنك حتفهمني وحا تحس بي .
- حا أحس بإيه يا حبيبتي ده إنتي معيشاني في ألغاز . دنا بنام مع أينشتين . أنا الدكتور في الذرة والعلوم النووية و اللي مسكت الإلكترون مش قادر أمسك أفكارك!
- نفسي نبعد عن بعض شوية يا توفيق .
- نعم . ؟
- يعني كده تسافر لك كام يوم إسكندرية تغير جو عشان توحشني شوية.
- كمان . أكثر من كده . ده إحنا بقالنا شهرين مقربناش لبعض .
- كمان شهر . ما يجراش حاجة .
- ده أنا بقالي خمسة أشهر بقوللك إعملي لي كيكة تبصي لي كأني باتكلم مالطي أو هيروغليفي .
- ياه ده أنا نسيت خالص حكاية الكيكة دي . عجيبة . الله يضحكك يا شيخ.
- وكل ده وإحنا في شهور العسل أمال بعدين هنعمل ايه . ده إنتي بتكلمي البيانو أكثر مني . بتعرفي عن فطور شوبان و مزاجه الشخصي أكثر من اللي بتعرفيه عني.
كل يوم برجع تعبان بعد يوم مرهق من الشغل المتواصل في العمل ألاقيكي بتقوليلي عندي انغلاق ذاتي وتقلص نفسي وانكماش روحي . . أجي ألمسك تقوليلي سيبني شوية حاسة الشمس بتغرب جوايا . عاوزة أموت . أتلاشى . و مرة تقوليلي سقف عقلي وقع، و أن جدران قلبي أتهدت . وفيه حاجة بتسويني بالأرض ومرة تقوليلي العصافير بتغني في صدري.
ومرة تقوليليي عاوزة كل الرجالة يبوسوني، وأشد شعر من الجنون فتقوليلي :
- ما هو كل الرجالة يعني إنت يا حبيبي . من إمتى وأنا حبيبك ؟ و إنتي عايشة في فلك وأنا في فلك . توصلني منك كلمة بالتلكس وتضيع ألف . أنا وحيد يا شهيرة . وحيد .
- وأنا وحيدة أكتر منك يا حبيبي .
- أمال احنا في حضن بعض ازاي .
- ساكنين بالصدفة سوا في نفس الشقة على النيل وبنبص احنا الاثنين للسقف.
- بالضبط هو ده الشيء الوحيد المشتركين فيه . للدرجة دي ممكن يتغير الناس . أمال فين الدموع والآهات . فين أغاني الحب . كانت معزوفة بيانو . عمود شعر في صحيفة يومية اتقطعت مع الأيام وبقت ورق تواليت . ساعات بحس إن مش بس لازم نبعد كام يوم . أبدًا . ده إحنا لازم نتعرف على بعض من جديد . لازم نقابل بعض صدفة في الصالون الأخضر . و أعزمك على شاي في جروبي و اسألك على نمرة تيليفونك . و أقوللك اسمك ايه يا مدام .
- صحيح فعلًا .
- احنا مش متجوزين يا حبيبتي . احنا متطلقين جدًا .
- صحيح فعلًا متطلقين .
وهكذا طلقت الثقافة الرفيعه و الدكتوراه والماجستير في الهارموني والتحفة الجمالية . د. شهيرة سرور . لأني لم أعرف ماذا تريد ولا ماذا تحب . ولا ماذا يرضيها . ظننت في لحظة أن أقصى أملها أن تعيش معي . فلما عاشت معي رأيتها تهرب مني وتعيش في غيبوبة الفاليوم . وتنطوي على نفسها حتى تشبه قوقعة حزن.
وشككت في عقلي وتفكيري، وعدت أشد شعري من الوحدة والبؤس.
يا سادة يا كرام . .
أنا أبحث الآن عن بائعة فجل أو بائعة جرجير . مجرد إنسانة على الفطرة لأتزوجها وأعيش معها على الفطرة البسيطة التي خلقها الله.
امرأة تنظر إلى زوجها على أنه ربها وتغسل له رجليه وتطهو طعامه، وتشاركه مشاركة التوأم في كل ما يُشركها فيه دون جدل.
امرأة تنظر إلى كل ما ينطق بها زوجها على أنه سماوي ومقدس ، وتحبه لأنها لابد أن تحبه وليس لأن عندها انفتاحًا ذاتيًا وانغلاقًا استبطانيا، يا سادة يا كرام . أنا أعلن على الملأ أني رجل رجعي وبدائي . وأرى للأسف الشديد أن عصر الرجل انتهى!. ❝
❞ مراجعة رواية ( مجدولين ) للكاتب مصطفى لطفي المنفلوطي :
لطالما جذبني اسم هذا الكاتب الجليل ورغبت في قراءة أحد أعماله وها قد بادرت بذلك حينما عثرت على تلك الرواية التي طالما بحثت عنها ،
هي رواية يغلُب عليها الطابع الرومانسي مشتقة من بعض الأشعار الفرنسية وقد أعجبني كثيراً أسماء الأبطال وكذلك تلك الرسائل التي كانت تُتبادَل بينهم طيلة أحداثها فطالما رغبت في قراءة شيء كهذا ورغم كونها رومانسية المضمون إلا أنَّ اللغة قد أَثرت الأحداث وجعلها تنتقل لطور آخر وكأنها آتيةٌ من عالم سرمدي بعيداً عن عالمنا الحالي المشحون بالضجيج والفوضى والصخب الذي يَدُك عقولنا ويحيط بنا من كل صوب وحدب ، ورُغم انقلاب الأحداث عمَّا توقعت إلا أن العنصر الجاذب سوف يجعلك تغوص في القراءة راغباً في معرفة النهاية والتوصُّل لأسباب هذا الانفصال الذي حدث بغتةً ،،،
للخيانة أوجه كثيرة لا يشعر بآلامها سوى من تجرَّع مَرارتها ويبقى أقساها عدم الوفاء بالعهد والإخلال به بعدما يُعلِّق الطرف الآخر كل آماله على محبوبه ثم يرحل عنه في منتصف الطريق دون إبداء أية أسباب أو مبررات جلية وهو ما يَدفعه للسقوط في هوة الحزن الذي يدوم لفترة طويلة كي يتمكن من الإفاقة من الصدمة والتعافي من آثار هذا الألم البالغ الذي أصاب قلبه وأَدماه ، فقد ذرف الكثير من الدموع في سبيل النسيان وتبقى بعض الأمور عالقةً في القلب بلا قدرة على تجاوزها ، وهذا ما حدث مع صاحبنا بطل الرواية الذي أَسكب كل مشاعره على تلك الفتاة التي أحبَّها من أعمق نقطة في قلبه وقد وعدته بالبقاء معه وانتظاره كي يجد العمل الذي يُمكِّنه من ادخار بعض المال كي يؤسِّس هذا المنزل الذي سوف يقيمان فيه ويُعِدُّه على الشكل الذي أرادته ولكنها غدرت به ، خدعته ، طعنته بخنجر الحب وضيَّعت حياته ، أطاحت بآماله ، بدَّدت أحلامه التي بناها معها ولم يَكُن ليتوقع ذلك فصُدم على إثر هذا الفراق المُفجِع الذي لم يكن يُصدِّقه في بادئ الأمر وأخذ يُكذِّب نفسه كثيراً إلى أنْ تحامل على نفسه وحاول تحمُّل الصدمة واستكمال حياته ولكن الألم كان ينخُر بقلبه كثيراً وما زاد الطين بِلَّة وضاعف ألمه أن صديقه الذي طالما أخبره عن هذا الحُلم بالزواج من تلك الفتاة هو مَنْ سلبه إياها بتلك البساطة حيث أغواها بالمال وتلك الحياة الجديدة التي كانت مشدوهةً بها ، منجذبةً إليها في بادئ الأمر ولكنها اكتشفت بمرور الوقت أنه لم يكن يُشبهها في أي شيء وأنها ورَّطت نفسها واختارت لها التعاسة وفرَّطت في الحب الصادق الذي فيه سعادتها ولكنها لم تُدرك ذلك سوى بعد فوات الأوان ، وبمرور الوقت تمكَّن من استعادة أوضاعه السابقة شيئاً فشيئاً وبدأ يزاول مهامه من جديد ، وقد ساعده في ذلك صديقٌ له طالما سانده واتخذ من أسرته ملاذاً له يأوى إليه ويعاونهم في أمور الإنفاق وخلافها ، وبدأ يعتاد الحياة بعد وقت طويل وحقَّق نجاحاً باهراً في تلك المهمة التي طالما شغف بها في الماضي وصار ذا شأن كبير فيها بل أصبح من النابغين في هذا المجال أيضاً ، ولم يُدهَش حينما ألتقى بهما من جديد فلم يَعُد يحمِل أي مشاعر تجاهها بعد اليوم إذْ اتخذ عهداً مع نفسه أنْ يلتفت لحياته ويُولِّي اهتمامه لذاته وينصرف عن التفكير فيها أو تذكُّر أيامه معها فيكفي العمر الذي انقضى في سبيل إسعادها ومحاولة البقاء معها ولم تُقدِّر كل تلك الجهود المستميتة التي بَذلها في سبيلها ، فلم يكن الحب ليستمر سوى بمزيد من المحاولات من كليهما فهو أمر مختلف نوعاً ما عن القَدر فقد اختارت الطريق الأسهل الذي يضمَن لها حياة يسيرة بعيداً عن الفقر والبؤس والشقاء الذي كانت ستُعانيه مع مَنْ أحبَّت بالفعل وهذا ما أَحال حياتها لسوادٍ قاتم بلا أي نوع من أنواع البهجة أو السعادة ، فقد بدَّد زوجها تلك الثروة التي تزوجته من أجلها حيث ضيَّعها في المقامرة التي كان يزاولها أغلب وقته بعدما ملَّ الحياة معها وكأنه زهد فيها بعدما نالها وصارت مِلْكَه ، فانصرف عنها لتلك التصرفات الصبيانية التي ضيَّعت حياته بالفعل وأَودَت به لنهاية لم يكن ليتوقعها فقد قرَّر الانتحار حينما خسر كل ما ملكت يداه ونفدت كل الحيل التي تُسدِّد ديونه التي تراكمت عليه فاضطر لبيع بيت الزوجية الذي كان يسكُنه معها ومع ذلك لم يَكفي لسداد ديونه فلم يجد بُداً من السفر واضطر لإنهاء حياته بأشنع طريقة ممكنة تاركاً تلك الفتاة المسكينة تعاني من بعده ولا تَجِدْ ما يَسِد رمقها أو يُعينها على شئون الحياة ، فسدَّدت ديونه حفاظاً على كرامته ورحلت في هدوء بعد ضغط من صاحب البيت الجديد محاولة البحث عن مكان يأويها فلم تعثر عليه وحينما لجأت لصديقتها خذلتها أيضاً ، صارت تَجوب أنحاء البلاد علَّها تصل لمكان يستقر به المَقام وحينما وصلت لبيت أبيها وجدت البستانيّ الذي طلبت منه أنْ يؤجِّر لها تلك الغرفة في أعلى المبنى وقد كان ، وبمرور الأيام تدهور حالها كثيراً فاضطرت للجوء لاستيفن الذي لم يساعدها سوى شفقة على حالها وكان يستنكر حبه الذي ما زال ساكناً في قلبه تجاهها ، ولما ضاقت بها الحال اتخذت قراراً مفجعاً فقد وضعت الطفلة في إناء وتركته في مدخل بيت استيفن وألقَت بنفسها في النهر وحينما حاول الجميع إنقاذها كانت قد هَلكت بالفعل ، كان رد فعل استيفن عجيباً إذْ ظل واجماً لا ينطِق أو يتحرك وفي اليوم التالي دفنها وطلب من الجميع أنْ يُدفَن بجانبها حينما يلقَى حتفه ، لقد عاش حياة بائسة وقد عصَف الحب بقلبه ولم يساعده على الخروج من تلك الأزمة سوى صديقه فرتز واندماجه في تلك المهمة التي وَلِع بها في الماضي وكان قد نسيها ولكنها أعادت إليه حياته حينما عاد إليها وقد لقي الجميع مصرعهم بالطريقة التي تليق بهم وتلك عاقبة مَنْ يظلم إنساناً ليس له ذنب سوى أنَّ مشاعره صادقة ويُحِب بصِدق وعمق دون أي زيف أو خداع أو مكائد من أجل الوصول لأهداف أو مصالح شخصية وهذا هو حال الحب في كل الأزمان والأوقات ...
#خلود_أيمن
#مراجعة_رواية_مجدولين #كتب #مراجعات .. ❝ ⏤Kholoodayman1994 Saafan
❞ مراجعة رواية ( مجدولين ) للكاتب مصطفى لطفي المنفلوطي :
لطالما جذبني اسم هذا الكاتب الجليل ورغبت في قراءة أحد أعماله وها قد بادرت بذلك حينما عثرت على تلك الرواية التي طالما بحثت عنها ،
هي رواية يغلُب عليها الطابع الرومانسي مشتقة من بعض الأشعار الفرنسية وقد أعجبني كثيراً أسماء الأبطال وكذلك تلك الرسائل التي كانت تُتبادَل بينهم طيلة أحداثها فطالما رغبت في قراءة شيء كهذا ورغم كونها رومانسية المضمون إلا أنَّ اللغة قد أَثرت الأحداث وجعلها تنتقل لطور آخر وكأنها آتيةٌ من عالم سرمدي بعيداً عن عالمنا الحالي المشحون بالضجيج والفوضى والصخب الذي يَدُك عقولنا ويحيط بنا من كل صوب وحدب ، ورُغم انقلاب الأحداث عمَّا توقعت إلا أن العنصر الجاذب سوف يجعلك تغوص في القراءة راغباً في معرفة النهاية والتوصُّل لأسباب هذا الانفصال الذي حدث بغتةً ،،،
للخيانة أوجه كثيرة لا يشعر بآلامها سوى من تجرَّع مَرارتها ويبقى أقساها عدم الوفاء بالعهد والإخلال به بعدما يُعلِّق الطرف الآخر كل آماله على محبوبه ثم يرحل عنه في منتصف الطريق دون إبداء أية أسباب أو مبررات جلية وهو ما يَدفعه للسقوط في هوة الحزن الذي يدوم لفترة طويلة كي يتمكن من الإفاقة من الصدمة والتعافي من آثار هذا الألم البالغ الذي أصاب قلبه وأَدماه ، فقد ذرف الكثير من الدموع في سبيل النسيان وتبقى بعض الأمور عالقةً في القلب بلا قدرة على تجاوزها ، وهذا ما حدث مع صاحبنا بطل الرواية الذي أَسكب كل مشاعره على تلك الفتاة التي أحبَّها من أعمق نقطة في قلبه وقد وعدته بالبقاء معه وانتظاره كي يجد العمل الذي يُمكِّنه من ادخار بعض المال كي يؤسِّس هذا المنزل الذي سوف يقيمان فيه ويُعِدُّه على الشكل الذي أرادته ولكنها غدرت به ، خدعته ، طعنته بخنجر الحب وضيَّعت حياته ، أطاحت بآماله ، بدَّدت أحلامه التي بناها معها ولم يَكُن ليتوقع ذلك فصُدم على إثر هذا الفراق المُفجِع الذي لم يكن يُصدِّقه في بادئ الأمر وأخذ يُكذِّب نفسه كثيراً إلى أنْ تحامل على نفسه وحاول تحمُّل الصدمة واستكمال حياته ولكن الألم كان ينخُر بقلبه كثيراً وما زاد الطين بِلَّة وضاعف ألمه أن صديقه الذي طالما أخبره عن هذا الحُلم بالزواج من تلك الفتاة هو مَنْ سلبه إياها بتلك البساطة حيث أغواها بالمال وتلك الحياة الجديدة التي كانت مشدوهةً بها ، منجذبةً إليها في بادئ الأمر ولكنها اكتشفت بمرور الوقت أنه لم يكن يُشبهها في أي شيء وأنها ورَّطت نفسها واختارت لها التعاسة وفرَّطت في الحب الصادق الذي فيه سعادتها ولكنها لم تُدرك ذلك سوى بعد فوات الأوان ، وبمرور الوقت تمكَّن من استعادة أوضاعه السابقة شيئاً فشيئاً وبدأ يزاول مهامه من جديد ، وقد ساعده في ذلك صديقٌ له طالما سانده واتخذ من أسرته ملاذاً له يأوى إليه ويعاونهم في أمور الإنفاق وخلافها ، وبدأ يعتاد الحياة بعد وقت طويل وحقَّق نجاحاً باهراً في تلك المهمة التي طالما شغف بها في الماضي وصار ذا شأن كبير فيها بل أصبح من النابغين في هذا المجال أيضاً ، ولم يُدهَش حينما ألتقى بهما من جديد فلم يَعُد يحمِل أي مشاعر تجاهها بعد اليوم إذْ اتخذ عهداً مع نفسه أنْ يلتفت لحياته ويُولِّي اهتمامه لذاته وينصرف عن التفكير فيها أو تذكُّر أيامه معها فيكفي العمر الذي انقضى في سبيل إسعادها ومحاولة البقاء معها ولم تُقدِّر كل تلك الجهود المستميتة التي بَذلها في سبيلها ، فلم يكن الحب ليستمر سوى بمزيد من المحاولات من كليهما فهو أمر مختلف نوعاً ما عن القَدر فقد اختارت الطريق الأسهل الذي يضمَن لها حياة يسيرة بعيداً عن الفقر والبؤس والشقاء الذي كانت ستُعانيه مع مَنْ أحبَّت بالفعل وهذا ما أَحال حياتها لسوادٍ قاتم بلا أي نوع من أنواع البهجة أو السعادة ، فقد بدَّد زوجها تلك الثروة التي تزوجته من أجلها حيث ضيَّعها في المقامرة التي كان يزاولها أغلب وقته بعدما ملَّ الحياة معها وكأنه زهد فيها بعدما نالها وصارت مِلْكَه ، فانصرف عنها لتلك التصرفات الصبيانية التي ضيَّعت حياته بالفعل وأَودَت به لنهاية لم يكن ليتوقعها فقد قرَّر الانتحار حينما خسر كل ما ملكت يداه ونفدت كل الحيل التي تُسدِّد ديونه التي تراكمت عليه فاضطر لبيع بيت الزوجية الذي كان يسكُنه معها ومع ذلك لم يَكفي لسداد ديونه فلم يجد بُداً من السفر واضطر لإنهاء حياته بأشنع طريقة ممكنة تاركاً تلك الفتاة المسكينة تعاني من بعده ولا تَجِدْ ما يَسِد رمقها أو يُعينها على شئون الحياة ، فسدَّدت ديونه حفاظاً على كرامته ورحلت في هدوء بعد ضغط من صاحب البيت الجديد محاولة البحث عن مكان يأويها فلم تعثر عليه وحينما لجأت لصديقتها خذلتها أيضاً ، صارت تَجوب أنحاء البلاد علَّها تصل لمكان يستقر به المَقام وحينما وصلت لبيت أبيها وجدت البستانيّ الذي طلبت منه أنْ يؤجِّر لها تلك الغرفة في أعلى المبنى وقد كان ، وبمرور الأيام تدهور حالها كثيراً فاضطرت للجوء لاستيفن الذي لم يساعدها سوى شفقة على حالها وكان يستنكر حبه الذي ما زال ساكناً في قلبه تجاهها ، ولما ضاقت بها الحال اتخذت قراراً مفجعاً فقد وضعت الطفلة في إناء وتركته في مدخل بيت استيفن وألقَت بنفسها في النهر وحينما حاول الجميع إنقاذها كانت قد هَلكت بالفعل ، كان رد فعل استيفن عجيباً إذْ ظل واجماً لا ينطِق أو يتحرك وفي اليوم التالي دفنها وطلب من الجميع أنْ يُدفَن بجانبها حينما يلقَى حتفه ، لقد عاش حياة بائسة وقد عصَف الحب بقلبه ولم يساعده على الخروج من تلك الأزمة سوى صديقه فرتز واندماجه في تلك المهمة التي وَلِع بها في الماضي وكان قد نسيها ولكنها أعادت إليه حياته حينما عاد إليها وقد لقي الجميع مصرعهم بالطريقة التي تليق بهم وتلك عاقبة مَنْ يظلم إنساناً ليس له ذنب سوى أنَّ مشاعره صادقة ويُحِب بصِدق وعمق دون أي زيف أو خداع أو مكائد من أجل الوصول لأهداف أو مصالح شخصية وهذا هو حال الحب في كل الأزمان والأوقات ..
#خلود_أيمن #مراجعة_رواية_مجدولين#كتب#مراجعات. ❝
❞ قصة قصيرة
\"العناق الأخير\"
بين جنبات مهابة القصر وطيات حديقته الغناء نشأت شجن، ابنة الخادمة، كانت أمها الدادة حبيبة الكل ومربيتهم التي عانت الأمرين حتى أنجبتها،
حظيت شجن بحب كل من بالقصر، وخاصة شاهر، دارت الأيام والعود الصغير قد نما وترعرع، كعنايته بزهوره الحمراء اعتنى بها شاهر الابن الكبير، تكفل بكل ما يخصها، لم تشعر أبدًا أنها ابنة الخادمة إلا حين يقفل باب غرفتها الصغيرة عليها وعلى والدتها.
كبرت شجن على يدي شاهر، لم يكن في عقلها من الرجال سواه، ولم يهتف قلبها سوى باسمه، لم تعرف متى سقطت صريعة عيناه، أو حبيسة لمساته الحانية عليها في نجاحها وتفوقها، لم تعرف من كل الأحاسيس والمشاعر سوى شاهر، نعم أحبته بكل جوارحها، كان هدفها في الحياة أن تسعده وأن يرضى عنها.
فارق السن بينهما كبير يقترب من العشرين عامًا أو يزيد، لكنها لا يهمها أبدًا ذلك، تراه فارسها الممتطى صهوة جواده، مادًا يده لها ليحملها خلفه ويجوبا البلاد، أحلامٌ ساذجة لكنها أحلامها.
يوم ظهور نتيجة الثانوية العامة عادت وجناحي السعادة يرفرفان على قلبها، تجري مسرعة لتخبره أنها تفوقت كما أراد، لكن كان الحزن يغلف المنزل، حزن مقيت كئيب كجني أسود خبيث يزحف مادًا سواده على المنزل، أزاحت قبضة قلبها جانبًا، ألقت على مسامعه نبأ نجاحها، لكنه أسمعها نبأ آخر لقد رحلت والدتها، لم تشعر إلا وهي تفيق بين ذراعيه باكية منهارة، رفضت الطعام والشراب إلا من بين يديه هو، كما غرس الحزن أنيابه بروحها لفقد أمها، استولى شاهر على كل ما بقى من قلبها، لم يترك حصنًا في قلبها إلا وقد احتله، ويا للسهولة فكل حصون القلب كانت بالأصل مفتوحة له، تدعوه للاستيطان، لكم تلاقت تلك الحدقتان بلون القهوة، مع ذلك البحر الشديد الزرقة في عناق طويل، همست فيها بحبها له وتيمها به، كان أملها في الحياة أن يبادلها شاهر هذا الحب، لكنه كان يظن ككل من حوله أن شجن تحبه حب الابنة لأبيها.
عزوف شاهر عن الزواج كان أكبر مصادر سعادة شجن، رويدًا مرت الأيام وطيور الحب تعزف في قلبها معزوفات الغرام، أصبحت الطبيبة شجن فخره الذي يتباهى به أمام الكل، نسى الكل أنها ابنة الخادمة، إنها فقط الطبيبة شجن ربيبة شاهر وشاهر راعيها.
عادت يوم تخرجها مسرعة الخطى، لتجد الحديقة وكأنها خلية نحل العمال في كل مكان يقلمون ويزينون، ظنت أنه احتفال بتخرجها، هرعت له يسابقها قلبها، وقفت بين يديه، اليوم هي عاقدة العزم على أن تصرح له بكل ما أخفته من حب، ستعلنها له صريحة واضحة، ستعترف له بحبها، سبقها هو أمسك يديها ونظر في عينيها نظرة يملأها الحب
وتوالت طعناته، طعنة وراء طعنة لم يدع لها مجالًا حتى لتلتقط أنفاسها.
الزينة بالخارج لزفافه، نعم لزفافه من محبوبة عمره التي كان ينتظرها، الآن تطلقت وعادت وسيتزوجها
نظرت له وعيناها تتوسلان أن يكون كاذبًا أو مخادعًا، أي شيء إلا أن يكون صادقًا.
لم يقو لسانها على النطق كانت تنازع في سكرات موت قلبها لتزداد الضجة بالخارج ويقتحم الباب رجل غريب حاملًا سلاحًا ناريًا موجههًا إياه لقلب شاهر وتنطلق الرصاصة لتستقر في القلب تمامًا، لكنه ليس قلب شاهر، استقرت في قلبها هي، لقد ضحت بنفسها فداءً له، القاتل كان الزوج السابق لحبيبة شاهر جاء منتقمًا منه، تحولت خلية النحل لهرج ومرج، الصياح والصرخات عما المكان، وهي ترقد ممددة على الأرض بين ذراعيه، تغرق دموعه وجهها، يصرخ طلبًا للأطباء، وشجن متمسكة بملابسه، يخرج صوتها ضعيفًا لا يسمعه سواه
\"أحس بالبرودة، ضمني بين ذراعيك، احتويني، اسمعني نبضات قلبك\"
احتضنها بقوة فتابعت بوهن
\"لقد كنت لي الدنيا وما فيها، أنا أحبك، أحبك كما أحببت أنت حبيبتك وليس كراعٍ لي\"
لم تصدق أذناه لم يستطع أن ينطق فلقد رحلت للأبد
تمت بحمد الله
#نشوه_أبوالوفا
#nashwa_aboalwafa. ❝ ⏤nashwaaboalwafa
❞ قصة قصيرة
˝العناق الأخير˝
بين جنبات مهابة القصر وطيات حديقته الغناء نشأت شجن، ابنة الخادمة، كانت أمها الدادة حبيبة الكل ومربيتهم التي عانت الأمرين حتى أنجبتها،
حظيت شجن بحب كل من بالقصر، وخاصة شاهر، دارت الأيام والعود الصغير قد نما وترعرع، كعنايته بزهوره الحمراء اعتنى بها شاهر الابن الكبير، تكفل بكل ما يخصها، لم تشعر أبدًا أنها ابنة الخادمة إلا حين يقفل باب غرفتها الصغيرة عليها وعلى والدتها.
كبرت شجن على يدي شاهر، لم يكن في عقلها من الرجال سواه، ولم يهتف قلبها سوى باسمه، لم تعرف متى سقطت صريعة عيناه، أو حبيسة لمساته الحانية عليها في نجاحها وتفوقها، لم تعرف من كل الأحاسيس والمشاعر سوى شاهر، نعم أحبته بكل جوارحها، كان هدفها في الحياة أن تسعده وأن يرضى عنها.
فارق السن بينهما كبير يقترب من العشرين عامًا أو يزيد، لكنها لا يهمها أبدًا ذلك، تراه فارسها الممتطى صهوة جواده، مادًا يده لها ليحملها خلفه ويجوبا البلاد، أحلامٌ ساذجة لكنها أحلامها.
يوم ظهور نتيجة الثانوية العامة عادت وجناحي السعادة يرفرفان على قلبها، تجري مسرعة لتخبره أنها تفوقت كما أراد، لكن كان الحزن يغلف المنزل، حزن مقيت كئيب كجني أسود خبيث يزحف مادًا سواده على المنزل، أزاحت قبضة قلبها جانبًا، ألقت على مسامعه نبأ نجاحها، لكنه أسمعها نبأ آخر لقد رحلت والدتها، لم تشعر إلا وهي تفيق بين ذراعيه باكية منهارة، رفضت الطعام والشراب إلا من بين يديه هو، كما غرس الحزن أنيابه بروحها لفقد أمها، استولى شاهر على كل ما بقى من قلبها، لم يترك حصنًا في قلبها إلا وقد احتله، ويا للسهولة فكل حصون القلب كانت بالأصل مفتوحة له، تدعوه للاستيطان، لكم تلاقت تلك الحدقتان بلون القهوة، مع ذلك البحر الشديد الزرقة في عناق طويل، همست فيها بحبها له وتيمها به، كان أملها في الحياة أن يبادلها شاهر هذا الحب، لكنه كان يظن ككل من حوله أن شجن تحبه حب الابنة لأبيها.
عزوف شاهر عن الزواج كان أكبر مصادر سعادة شجن، رويدًا مرت الأيام وطيور الحب تعزف في قلبها معزوفات الغرام، أصبحت الطبيبة شجن فخره الذي يتباهى به أمام الكل، نسى الكل أنها ابنة الخادمة، إنها فقط الطبيبة شجن ربيبة شاهر وشاهر راعيها.
عادت يوم تخرجها مسرعة الخطى، لتجد الحديقة وكأنها خلية نحل العمال في كل مكان يقلمون ويزينون، ظنت أنه احتفال بتخرجها، هرعت له يسابقها قلبها، وقفت بين يديه، اليوم هي عاقدة العزم على أن تصرح له بكل ما أخفته من حب، ستعلنها له صريحة واضحة، ستعترف له بحبها، سبقها هو أمسك يديها ونظر في عينيها نظرة يملأها الحب
وتوالت طعناته، طعنة وراء طعنة لم يدع لها مجالًا حتى لتلتقط أنفاسها.
الزينة بالخارج لزفافه، نعم لزفافه من محبوبة عمره التي كان ينتظرها، الآن تطلقت وعادت وسيتزوجها
نظرت له وعيناها تتوسلان أن يكون كاذبًا أو مخادعًا، أي شيء إلا أن يكون صادقًا.
لم يقو لسانها على النطق كانت تنازع في سكرات موت قلبها لتزداد الضجة بالخارج ويقتحم الباب رجل غريب حاملًا سلاحًا ناريًا موجههًا إياه لقلب شاهر وتنطلق الرصاصة لتستقر في القلب تمامًا، لكنه ليس قلب شاهر، استقرت في قلبها هي، لقد ضحت بنفسها فداءً له، القاتل كان الزوج السابق لحبيبة شاهر جاء منتقمًا منه، تحولت خلية النحل لهرج ومرج، الصياح والصرخات عما المكان، وهي ترقد ممددة على الأرض بين ذراعيه، تغرق دموعه وجهها، يصرخ طلبًا للأطباء، وشجن متمسكة بملابسه، يخرج صوتها ضعيفًا لا يسمعه سواه
˝أحس بالبرودة، ضمني بين ذراعيك، احتويني، اسمعني نبضات قلبك˝
احتضنها بقوة فتابعت بوهن
˝لقد كنت لي الدنيا وما فيها، أنا أحبك، أحبك كما أحببت أنت حبيبتك وليس كراعٍ لي˝
لم تصدق أذناه لم يستطع أن ينطق فلقد رحلت للأبد
تمت بحمد الله
#نشوه_أبوالوفا #nashwa_aboalwafa. ❝