❞ الرسالة الأولى ارشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد للعلامة الصنعانيعمل المتأخر بتصحيح المتقدم الحديث تقليد أم إجتهاد والخلاف فيهتعريف الحديث الصحيح الواجب او الراجح العمل بخبر العدل وقبوله ليس من التقليداشتراط السلامة من الشذوذ والعلة لا يمنع انه أجتهادتصحيح البخاري تقليد ام اجتهادفصل جواز التصحيح للمتاخر كونه مجتهدا فيهرد القول بحالة الإجتهادضرورة علم اللغة للحديثفضل علماء الحديثفصل سهولة الإطلاع والتصحيح الإجتهاد اليوم عنه فيما سبقتصحيح الشافعي والبخاريرد من نفى الاجتهاد المطلقاختلاف الرأي في التصحيح عمل بالراوية التوفيق بين رأي مالك وشعبة في ابن اسحاق اختلاف العلماء في تصحيح الاخبار ناشئ عن الرواةفصل مصحح الحديث راو فيجب معرفة حاله أيضافصل ما يجب في المخبرين بالصحة مزية الصحيحينمزية الصحيحين معرفة الحق من أقوال أئمة الجرح والتعديلالقوادح المذهبية لا يلتفت اليها الاجتهاد موهبة من اللهبيان ما سهل الاجتهادشروط الاجتهادالمتعة وما جاء فيهاقول الشافعي واحمد وأبي حنيفة في أنه لا يقدم على السنة قول أحدما التقليد .
حقيقتهالقول بجوازهالتوقف بتصديق الخبر حتى تقوم البينةاقامة البينة على المدعيمكابرة المكابرين وتنعتهمقبول خبر الآحاد مشروطسؤال أهل العلمتأثير كلام الله ورسوله في العامة حديث اجتهاد الحاكمكلام الله ورسوله أقرب إلى الافهامما جاء في صيام الشكرد الأئمة لأدلة جواز التقليدسؤال الصحابة لنسائه صلى الله عليه وسلمرد أدلة المقلدينالواجب على كل عبد ما يخصه من الأحكام_ الحكامالرسالة الثانية_ رفع الريبة عما يجوز وما لا يجوز من الغيبة للشوكانيجواز الغيبة في ستة مواضعتحريمها ثابت في الكتاب والسنة والاجماعلا يحب الله الجهر بالسوءالامر بالمعروف والنهي عن المنكر ذهاب الدين بترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكرترجيح أدلة تحريم الغيبة ما جاء في اغتياب هند لأبي سفيانحديث خير القرون قرنهالاخبار بالغيبة عند المشاورةذكر المجاهر بالفسق ما جاهر بهحديث (( بئس اخو العشيرة ))الغيبة ذكر أخاك بما يكرهالرسالة الثالثة شرح الصدور في تحريم رفع القبور للعلامة الشوكانيالعالم كالجاهل في التكاليف والتعبدرفع القبور والبناء عليها بدعة منهي عنهاقول الامام يحيى لا باس بالقباب ألخطاعة الرسول عليه الصلاة والسلام طاعة اللهالنهي عن اتخاذ القبور مساجدحديث لا تتخذوا قبري وثنا حديث يا فاطمة بنت محمد لا اغني عنك من الله شيئالا نذر في معصية النحر من أنواع العبادةلا يقتدي بالعالم إذا خالف الكتاب أو السنةالرسالة الرابعة مسائل من علم الأصول للإمام ابن حزمالموقوف والمرسل لا تقوم بهما حجة برهان البطلانرواية المجهول القرآن ينسخ بالقرآن والسنة والسنة تنسخ القرآن والسنةما لا يحل قوله في الآية أو في الحديثالاجماع اليقين بأن جميع الصحابة عرفوا به وقالوا بهما صح فيه خلاف آخر من الصحابة لم يكن اجماعا يتعين اجماع أهل عصر على حكم بإجماع الصحابة يوجب القطع بأنه حق وحجة ولا يكون اجماعاوجوب الرجوع إلى القرآن والسنة لا يحل القول في الدين بالقياسالاعتبار معناه التعجب لا القياسالحجة على إبطاب القياسما يضاف على النص للقول بالقياس باطل حديث افتراق الأمة على بضع وسبعين فرقةحديث أيها الناس إن الله فرض عليكم الحج فحجوا الفرض من أفعال النبي ما كان بيانا لأمر لا يحل اتباع شريعة نبي قبل نبينا محمد صلى لله عليه وسلمحديث أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبليمن قلد عالما لم يطع الله ولا رسولهالرأي والقياس ظن والظن باطلضعيف الحديث أقوم من الرأي من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردإذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجرالرسالة الخامسة مسالة القدر للإمام ابن تيمية الرسالة السادسة عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني عقيدة أصحاب الحديثقول أهل الحديث في صفات الله عز وجل عقيدتهم في القرآن تكفيرهم من قال بخلق القرآنقولهم في آية (( الرحمن على العرش استوى))ما جاء في تفسير الإستواءحديث ينزل ربنا تبارك وتعالى في كل ليلة ألخالنزول بلا كيف (( إن الله يمهل حتى أذا كان ثلث الليل ألخ))ذكر أخبار ثابتة في نزول الرب من غير صفة كيفية النزول مع اثبات النزولحديث (( انكم تنظرون إلى ربكم الخ ))قصة صبيغ بن عثل مع عمر بن الخطابأحاديث الصفات والرؤنةالحديث الطويل (( لكل شيئ شرف وأشراف المجالس ما استقبل به القبلة الخالايمان بالحوض والكوثر والرؤية الايمان قول وعمل ومعرفة تكفير تارك الصلاة عمدا اعتقاد أن الخير والشر بقضاء الله وقدرهعواقب العباد مبهمةالعشرة المبشرون بالجنة الصلاة خلف البر والفاجرلكل مخلوق أجل وسوسة الشيطان للآدميينمن علامات اهل البدع تجنبهم سماع الحديثقلة العلم من علامات الساعةالرسالة السابعة تحذير اهل الايمان عن الحكم بغير ما انزل الرحمنبيان أعظم أسباب التاخرترك الوحي السماوي والتمسك بالقوانينالحاجة إلى الشريعة ضرورية جداالشرع المنزل والشرع المؤول والشرع المبدلدين الأنبياء كلهم الاسلامما جاء في معنى (( وما كنا معذبين )) الآيةلا يخل النار من لا ذنب له لا يدخلها إلا من قامت عليه الحجة بالرسل الاعتياض عن القانون السماوي بالقانون الأرضيالدعوة إلى القانون الموضوع خروج عن طاعة الله عز وجل لا عذر لمن ضل وحسب نفسه مهتديا وجوب التقيد بالأحكام المنزلةتفسير (( الطاغوت )) (( لا تجتمع أمتي على ضلالة))حال الصحابة وحالنا (( إن تنصروا الله ينصركم ))التحذير عن اتباع غير ما أنزل الله اتباع الاهواء منهي عنه وسبب للاصابة بالشدائد والبلاءإذا ظن الناس .. ❝ ⏤أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني
❞ الرسالة الأولى ارشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد للعلامة الصنعانيعمل المتأخر بتصحيح المتقدم الحديث تقليد أم إجتهاد والخلاف فيهتعريف الحديث الصحيح الواجب او الراجح العمل بخبر العدل وقبوله ليس من التقليداشتراط السلامة من الشذوذ والعلة لا يمنع انه أجتهادتصحيح البخاري تقليد ام اجتهادفصل جواز التصحيح للمتاخر كونه مجتهدا فيهرد القول بحالة الإجتهادضرورة علم اللغة للحديثفضل علماء الحديثفصل سهولة الإطلاع والتصحيح الإجتهاد اليوم عنه فيما سبقتصحيح الشافعي والبخاريرد من نفى الاجتهاد المطلقاختلاف الرأي في التصحيح عمل بالراوية التوفيق بين رأي مالك وشعبة في ابن اسحاق اختلاف العلماء في تصحيح الاخبار ناشئ عن الرواةفصل مصحح الحديث راو فيجب معرفة حاله أيضافصل ما يجب في المخبرين بالصحة مزية الصحيحينمزية الصحيحين معرفة الحق من أقوال أئمة الجرح والتعديلالقوادح المذهبية لا يلتفت اليها الاجتهاد موهبة من اللهبيان ما سهل الاجتهادشروط الاجتهادالمتعة وما جاء فيهاقول الشافعي واحمد وأبي حنيفة في أنه لا يقدم على السنة قول أحدما التقليد .
حقيقتهالقول بجوازهالتوقف بتصديق الخبر حتى تقوم البينةاقامة البينة على المدعيمكابرة المكابرين وتنعتهمقبول خبر الآحاد مشروطسؤال أهل العلمتأثير كلام الله ورسوله في العامة حديث اجتهاد الحاكمكلام الله ورسوله أقرب إلى الافهامما جاء في صيام الشكرد الأئمة لأدلة جواز التقليدسؤال الصحابة لنسائه صلى الله عليه وسلمرد أدلة المقلدينالواجب على كل عبد ما يخصه من الأحكام_ الحكامالرسالة الثانية_ رفع الريبة عما يجوز وما لا يجوز من الغيبة للشوكانيجواز الغيبة في ستة مواضعتحريمها ثابت في الكتاب والسنة والاجماعلا يحب الله الجهر بالسوءالامر بالمعروف والنهي عن المنكر ذهاب الدين بترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكرترجيح أدلة تحريم الغيبة ما جاء في اغتياب هند لأبي سفيانحديث خير القرون قرنهالاخبار بالغيبة عند المشاورةذكر المجاهر بالفسق ما جاهر بهحديث (( بئس اخو العشيرة ))الغيبة ذكر أخاك بما يكرهالرسالة الثالثة شرح الصدور في تحريم رفع القبور للعلامة الشوكانيالعالم كالجاهل في التكاليف والتعبدرفع القبور والبناء عليها بدعة منهي عنهاقول الامام يحيى لا باس بالقباب ألخطاعة الرسول عليه الصلاة والسلام طاعة اللهالنهي عن اتخاذ القبور مساجدحديث لا تتخذوا قبري وثنا حديث يا فاطمة بنت محمد لا اغني عنك من الله شيئالا نذر في معصية النحر من أنواع العبادةلا يقتدي بالعالم إذا خالف الكتاب أو السنةالرسالة الرابعة مسائل من علم الأصول للإمام ابن حزمالموقوف والمرسل لا تقوم بهما حجة برهان البطلانرواية المجهول القرآن ينسخ بالقرآن والسنة والسنة تنسخ القرآن والسنةما لا يحل قوله في الآية أو في الحديثالاجماع اليقين بأن جميع الصحابة عرفوا به وقالوا بهما صح فيه خلاف آخر من الصحابة لم يكن اجماعا يتعين اجماع أهل عصر على حكم بإجماع الصحابة يوجب القطع بأنه حق وحجة ولا يكون اجماعاوجوب الرجوع إلى القرآن والسنة لا يحل القول في الدين بالقياسالاعتبار معناه التعجب لا القياسالحجة على إبطاب القياسما يضاف على النص للقول بالقياس باطل حديث افتراق الأمة على بضع وسبعين فرقةحديث أيها الناس إن الله فرض عليكم الحج فحجوا الفرض من أفعال النبي ما كان بيانا لأمر لا يحل اتباع شريعة نبي قبل نبينا محمد صلى لله عليه وسلمحديث أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبليمن قلد عالما لم يطع الله ولا رسولهالرأي والقياس ظن والظن باطلضعيف الحديث أقوم من الرأي من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردإذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجرالرسالة الخامسة مسالة القدر للإمام ابن تيمية الرسالة السادسة عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني عقيدة أصحاب الحديثقول أهل الحديث في صفات الله عز وجل عقيدتهم في القرآن تكفيرهم من قال بخلق القرآنقولهم في آية (( الرحمن على العرش استوى))ما جاء في تفسير الإستواءحديث ينزل ربنا تبارك وتعالى في كل ليلة ألخالنزول بلا كيف (( إن الله يمهل حتى أذا كان ثلث الليل ألخ))ذكر أخبار ثابتة في نزول الرب من غير صفة كيفية النزول مع اثبات النزولحديث (( انكم تنظرون إلى ربكم الخ ))قصة صبيغ بن عثل مع عمر بن الخطابأحاديث الصفات والرؤنةالحديث الطويل (( لكل شيئ شرف وأشراف المجالس ما استقبل به القبلة الخالايمان بالحوض والكوثر والرؤية الايمان قول وعمل ومعرفة تكفير تارك الصلاة عمدا اعتقاد أن الخير والشر بقضاء الله وقدرهعواقب العباد مبهمةالعشرة المبشرون بالجنة الصلاة خلف البر والفاجرلكل مخلوق أجل وسوسة الشيطان للآدميينمن علامات اهل البدع تجنبهم سماع الحديثقلة العلم من علامات الساعةالرسالة السابعة تحذير اهل الايمان عن الحكم بغير ما انزل الرحمنبيان أعظم أسباب التاخرترك الوحي السماوي والتمسك بالقوانينالحاجة إلى الشريعة ضرورية جداالشرع المنزل والشرع المؤول والشرع المبدلدين الأنبياء كلهم الاسلامما جاء في معنى (( وما كنا معذبين )) الآيةلا يخل النار من لا ذنب له لا يدخلها إلا من قامت عليه الحجة بالرسل الاعتياض عن القانون السماوي بالقانون الأرضيالدعوة إلى القانون الموضوع خروج عن طاعة الله عز وجل لا عذر لمن ضل وحسب نفسه مهتديا وجوب التقيد بالأحكام المنزلةتفسير (( الطاغوت )) (( لا تجتمع أمتي على ضلالة))حال الصحابة وحالنا (( إن تنصروا الله ينصركم ))التحذير عن اتباع غير ما أنزل الله اتباع الاهواء منهي عنه وسبب للاصابة بالشدائد والبلاءإذا ظن الناس. ❝
⏤
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني
❞ الذي يسبح الله حق التسبيح
محال ان ينادي بالتعددية
بقلم د محمد عمر
أيها السادة لا يغرنكم هذا الرجل صاحب العمامة الأزهرية الذي ينادي بتعددية الأديان السماوية
فهو إما متعالم أو جاحد لأصول هذا الدين العظيم الذي قوامه تسبيح الله تعالي
وهذا التسبيح إنما مفاده تنزيه الله عز وجل عن كل عيب وكل نقيصة .
وقد افتتح ربنا تبارك وتعالي سبع سور من سور القرآن الكريم بذكر التسبيح وهي علي التوالي
سبحان الذي أسري(الإسراء) ثم سبح لله( الحديد) ثم سبح لله( الحشر) ثم سبح لله (الصف) ثم يسبح لله ( الجمعة) ثم يسبح لله (التغابن) وآخرهم سبح اسم ربك (الأعلي) .
بل إن الله عز وجل جعل آخر أعمال المرء في الدنيا يجب أن تكون التسبيح والاستغفار حتي تكون عليها خاتمة المرء في الدنيا قال تعالي
( إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا)
ومقتضي هذا الكلام أن قوام التوحيد الذي هو أصل دين الله تبارك وتعالي إنما هو تسبيح الله عز وجل وتنزيهه عن كل عيب وعلي كل نقيصة فمن وصف الله عز وجل بالصفات البشرية فقد انتقص من الذات الإلهية وهذا هو الاذدراء الذي يعد من الشرك الأكبر المخرج من الملة إذ أن الله تبارك وتعالي منزه عن النقيصة وهذا هو كمال التوحيد.
لكن هذا الرجل الذي يتعالم علي الفضائيات والمسمي بكريمة يخرج علينا بين الحين والآخر وهو يصر علي جعل الكتابيين بفرقتيهم المغضوب عليهم والضالين في اعلي منازل عليين بصحبة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ولا أدري أهو من الجاهلين فيعذر بجهله أم هو من الجاحدين الذين جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا.
فإن كان من الجهلة فعليه أن يستمع إلي أهل العلم الربانيين وإن كان من الجاحدين فإنا نعلن برائتنا منه ومن أمثاله أجمعين.
فمما يقوله الرجل أن أهل الكتاب المنحرفين بفرقتيهم المغضوب عليهم والضالين إنما هم أصحاب دين وهم يؤمنون بالله رب العالمين وأتباع سيدنا عيسي وموسي ومن سبقوهم من الأنبياء والمرسلين رغم تكذيبهم لسيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين ورغم إنكارهم لآخر الشرائع السماوية وهي القرآن والسنة شريعة سيدنا محمد خاتم المرسلين ولا أدري كيف يكون القوم أصحاب دين وهم ينكرون نبيا من المرسلين ولا يؤمنون بآخر الشرائع السماوية بل وقد سبوا رب العالمين
وهذه هي القضية محل الكلام.وهي اذدراء هؤلاء القوم لرب العالمين وهذا يتعارض مع تسبيح الله عز وجل أو تمجيده علي حد قولهم.
فهل من قال أن الله والد أو مولود يعد من المسبحين؟
ومن قال أن الله عز وجل عاش أشهر داخل رحم امرأة ومر من محل ولادتها وهو ملطخ بدم الحيض والنفاث ومخاط فرج امرأة فهل هذا يعد من المسبحين؟
ولما قامت أمه بربط حبله السري لفصله عن المشيمة وحولته إلي ثديها يرضع بنهم شديد ثم يخرج الفضلات بولا وغائطا حتي أتم عامين كاملين فهل هذا يعد تسبيحا وتمجيد لرب العزة سبحانه أم هو الاذدراء والنقص والعيب في حق رب العزة خالق السموات والأراضي؟
بل لما أتم سبعة أيام من ولادته فقامت أمه بحمله إلي الخاتن فختنه مثل بقية ذكور زمانه فهل هذا يليق بالله رب العالمين؟
بل لما كان يكسر الخبز وسط تلاميذه فيعطيهم ويأكل وسطهم هل منعه هذا من التبول والتغوط مثلهم أم أنه كان يتبول ويتغوط ويتنزه عن النجاسة بالوضوء والغسل شأنه شأن بقية البشر أجمعين؟
فهل هذا يعد تنزيها لله عن كل نقص ؟
وهل من يصدق بهذا يعد من المسبحين؟
بل لما كان يدخل عليه الليل ألم يكن يعتريه الإجهاد والتعب فينام مثل بقية البشر أم أنه كان لا تأخذه سنة ولا نوم ؟
فمن قال أن الله يتعب وينام هل هذا من المسبحين؟
ومن قال أن الإله قبض عليه أمام أعين الناس فمزقوا ثيابه وأهانوه ووضعوا علي رأسه إكليلا من الشوك بعد أن جرعوه الخل شرابا يروي ظمأه فلما خرجت روحه قبروه في القبر جسدا بلا روح فمن يقول بهذا هل هو من المسبحين الممجدين ؟
وأما عن المغضوب عليهم فقد قالو في ذاته ما لا يقوله إلا المكذبين فقد قالوا عنه أنه أنجب عزيرا وقالوا عنه بالبخل والعجز والجهل فيالهم من شياطين بل وسبوا رسوله المسيح واتهموا أمه الصديقة بنت عمران بالزنا بل وشوهوا صور بقية الأنبياء والمرسلين وكأن الله جل جلاله أخطأ في اختيار رسله إلي البشر فما اختار لهم إلا الزناة والمنحرفين
فمن يقول بهذا هل يعد مسبحا لرب العزة سبحانه جل جلاله أم يعد من أعوان الشياطين
ونحن لا يعنينا ضلال أهل الكتاب فمردهم إلي ربهم فهو سبحانه من قال لا إكراه في الدين
إنما يعنينا هذ الشيخ صاحب العمامة الذي يضلل الناس بقول الله تعالي (لكم دينكم وليا دين) وكأنه نسي أن هذه السورة اسمها سورة الكافرين
وهي تستفتح بنداء الله لهم قل يا أيها الكافرون ثم تستكمل بالبراءة من عباداتهم فتقول ( لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد) وتختتم بالبراءة مما هم عليه من الكفر المبين فتقول(لكم دينكم وليا دين)
وكأنها تقول لكم ما أنتم عليه من الكفر الواضح وأنا ليا دين مختلف عما أنتم عليه من الضلال المبين فهو ليس ديني
وقد جاءت كلمة دين لييت مكرونة بياء المتكلم لكي تدل علي أنه ليس لي إنما هو دين الله الذي كان عليه كل الرسل ألا وهو دين الإسلام والمرسلين
فتصير هذه الآية وهذه السورة كانها سورة البراءة من كفر الكفار وليس الإقرار بكفرهم كما يصور لنا الشيخ صاحب العمامة الازهرية لأخذها دليل علي تعدد الأديان السماوية فيجعل دين الكتابيين الذي وضعوه لأنفسهم بعد ذهاب رسلهم أنه دين لله تبارك وتعالي الذي ما سبحوه ولا مجدوه إنما اذدروه وانتقصوه .فهذه الحقيقة التي لا بد أن نعلنها لكل عاقل ومنصف
أن دين الله واحد وهو الإسلام وأن الرسل جميعا كانوا عليه بما فيهم موسي وعيسي عليهما السلام وأنه لا تعددية في الدين وأنه لا يجوز تفسير لكم دينكم ولي دين أنه إقرار بالكفر لكنه براءة منه ومن الكافرين هداني الله وإياكم إلي الحق انتهي....... ❝ ⏤محمد عمر عبد العزيز محمد
❞ الذي يسبح الله حق التسبيح
محال ان ينادي بالتعددية
بقلم د محمد عمر
أيها السادة لا يغرنكم هذا الرجل صاحب العمامة الأزهرية الذي ينادي بتعددية الأديان السماوية
فهو إما متعالم أو جاحد لأصول هذا الدين العظيم الذي قوامه تسبيح الله تعالي
وهذا التسبيح إنما مفاده تنزيه الله عز وجل عن كل عيب وكل نقيصة .
وقد افتتح ربنا تبارك وتعالي سبع سور من سور القرآن الكريم بذكر التسبيح وهي علي التوالي
سبحان الذي أسري(الإسراء) ثم سبح لله( الحديد) ثم سبح لله( الحشر) ثم سبح لله (الصف) ثم يسبح لله ( الجمعة) ثم يسبح لله (التغابن) وآخرهم سبح اسم ربك (الأعلي) .
بل إن الله عز وجل جعل آخر أعمال المرء في الدنيا يجب أن تكون التسبيح والاستغفار حتي تكون عليها خاتمة المرء في الدنيا قال تعالي
( إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا)
ومقتضي هذا الكلام أن قوام التوحيد الذي هو أصل دين الله تبارك وتعالي إنما هو تسبيح الله عز وجل وتنزيهه عن كل عيب وعلي كل نقيصة فمن وصف الله عز وجل بالصفات البشرية فقد انتقص من الذات الإلهية وهذا هو الاذدراء الذي يعد من الشرك الأكبر المخرج من الملة إذ أن الله تبارك وتعالي منزه عن النقيصة وهذا هو كمال التوحيد.
لكن هذا الرجل الذي يتعالم علي الفضائيات والمسمي بكريمة يخرج علينا بين الحين والآخر وهو يصر علي جعل الكتابيين بفرقتيهم المغضوب عليهم والضالين في اعلي منازل عليين بصحبة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ولا أدري أهو من الجاهلين فيعذر بجهله أم هو من الجاحدين الذين جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا.
فإن كان من الجهلة فعليه أن يستمع إلي أهل العلم الربانيين وإن كان من الجاحدين فإنا نعلن برائتنا منه ومن أمثاله أجمعين.
فمما يقوله الرجل أن أهل الكتاب المنحرفين بفرقتيهم المغضوب عليهم والضالين إنما هم أصحاب دين وهم يؤمنون بالله رب العالمين وأتباع سيدنا عيسي وموسي ومن سبقوهم من الأنبياء والمرسلين رغم تكذيبهم لسيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين ورغم إنكارهم لآخر الشرائع السماوية وهي القرآن والسنة شريعة سيدنا محمد خاتم المرسلين ولا أدري كيف يكون القوم أصحاب دين وهم ينكرون نبيا من المرسلين ولا يؤمنون بآخر الشرائع السماوية بل وقد سبوا رب العالمين
وهذه هي القضية محل الكلام.وهي اذدراء هؤلاء القوم لرب العالمين وهذا يتعارض مع تسبيح الله عز وجل أو تمجيده علي حد قولهم.
فهل من قال أن الله والد أو مولود يعد من المسبحين؟
ومن قال أن الله عز وجل عاش أشهر داخل رحم امرأة ومر من محل ولادتها وهو ملطخ بدم الحيض والنفاث ومخاط فرج امرأة فهل هذا يعد من المسبحين؟
ولما قامت أمه بربط حبله السري لفصله عن المشيمة وحولته إلي ثديها يرضع بنهم شديد ثم يخرج الفضلات بولا وغائطا حتي أتم عامين كاملين فهل هذا يعد تسبيحا وتمجيد لرب العزة سبحانه أم هو الاذدراء والنقص والعيب في حق رب العزة خالق السموات والأراضي؟
بل لما أتم سبعة أيام من ولادته فقامت أمه بحمله إلي الخاتن فختنه مثل بقية ذكور زمانه فهل هذا يليق بالله رب العالمين؟
بل لما كان يكسر الخبز وسط تلاميذه فيعطيهم ويأكل وسطهم هل منعه هذا من التبول والتغوط مثلهم أم أنه كان يتبول ويتغوط ويتنزه عن النجاسة بالوضوء والغسل شأنه شأن بقية البشر أجمعين؟
فهل هذا يعد تنزيها لله عن كل نقص ؟
وهل من يصدق بهذا يعد من المسبحين؟
بل لما كان يدخل عليه الليل ألم يكن يعتريه الإجهاد والتعب فينام مثل بقية البشر أم أنه كان لا تأخذه سنة ولا نوم ؟
فمن قال أن الله يتعب وينام هل هذا من المسبحين؟
ومن قال أن الإله قبض عليه أمام أعين الناس فمزقوا ثيابه وأهانوه ووضعوا علي رأسه إكليلا من الشوك بعد أن جرعوه الخل شرابا يروي ظمأه فلما خرجت روحه قبروه في القبر جسدا بلا روح فمن يقول بهذا هل هو من المسبحين الممجدين ؟
وأما عن المغضوب عليهم فقد قالو في ذاته ما لا يقوله إلا المكذبين فقد قالوا عنه أنه أنجب عزيرا وقالوا عنه بالبخل والعجز والجهل فيالهم من شياطين بل وسبوا رسوله المسيح واتهموا أمه الصديقة بنت عمران بالزنا بل وشوهوا صور بقية الأنبياء والمرسلين وكأن الله جل جلاله أخطأ في اختيار رسله إلي البشر فما اختار لهم إلا الزناة والمنحرفين
فمن يقول بهذا هل يعد مسبحا لرب العزة سبحانه جل جلاله أم يعد من أعوان الشياطين
ونحن لا يعنينا ضلال أهل الكتاب فمردهم إلي ربهم فهو سبحانه من قال لا إكراه في الدين
إنما يعنينا هذ الشيخ صاحب العمامة الذي يضلل الناس بقول الله تعالي (لكم دينكم وليا دين) وكأنه نسي أن هذه السورة اسمها سورة الكافرين
وهي تستفتح بنداء الله لهم قل يا أيها الكافرون ثم تستكمل بالبراءة من عباداتهم فتقول ( لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد) وتختتم بالبراءة مما هم عليه من الكفر المبين فتقول(لكم دينكم وليا دين)
وكأنها تقول لكم ما أنتم عليه من الكفر الواضح وأنا ليا دين مختلف عما أنتم عليه من الضلال المبين فهو ليس ديني
وقد جاءت كلمة دين لييت مكرونة بياء المتكلم لكي تدل علي أنه ليس لي إنما هو دين الله الذي كان عليه كل الرسل ألا وهو دين الإسلام والمرسلين
فتصير هذه الآية وهذه السورة كانها سورة البراءة من كفر الكفار وليس الإقرار بكفرهم كما يصور لنا الشيخ صاحب العمامة الازهرية لأخذها دليل علي تعدد الأديان السماوية فيجعل دين الكتابيين الذي وضعوه لأنفسهم بعد ذهاب رسلهم أنه دين لله تبارك وتعالي الذي ما سبحوه ولا مجدوه إنما اذدروه وانتقصوه .فهذه الحقيقة التي لا بد أن نعلنها لكل عاقل ومنصف
أن دين الله واحد وهو الإسلام وأن الرسل جميعا كانوا عليه بما فيهم موسي وعيسي عليهما السلام وأنه لا تعددية في الدين وأنه لا يجوز تفسير لكم دينكم ولي دين أنه إقرار بالكفر لكنه براءة منه ومن الكافرين هداني الله وإياكم إلي الحق انتهي. ❝
❞ قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ (54)
قال هل أنتم مطلعون ف " قال " الله تعالى لأهل الجنة : هل أنتم مطلعون . وقيل : هو من قول المؤمن لإخوانه في الجنة هل أنتم مطلعون إلى النار لننظر كيف حال ذلك القرين . وقيل : هو من قول الملائكة . وليس هل أنتم مطلعون باستفهام ، إنما هو بمعنى الأمر ، أي : اطلعوا ، قاله ابن الأعرابي وغيره . ومنه لما نزلت آية الخمر ، قام عمر قائما بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم رفع رأسه إلى السماء ، ثم قال : يا رب بيانا أشفى من هذا في الخمر . فنزلت : فهل أنتم منتهون قال : فنادى عمر : انتهينا يا ربنا . وقرأ ابن عباس : " هل أنتم مطلعون " بإسكان الطاء خفيفة " فأطلع " بقطع الألف مخففة على معنى هل أنتم مقبلون ، فأقبل . قال النحاس " فأطلع فرآه " فيه قولان : أحدهما : أن يكون فعلا مستقبلا معناه : فأطلع أنا ، ويكون منصوبا على أنه جواب الاستفهام . والقول الثاني : أن يكون فعلا ماضيا ويكون اطلع وأطلع واحدا . قال الزجاج : يقال طلع وأطلع واطلع بمعنى واحد . وقد حكي هل أنتم مطلعون بكسر النون وأنكره أبو حاتم وغيره . النحاس : وهو لحن لا يجوز ; لأنه جمع بين النون والإضافة ، ولو كان مضافا لكان هل أنتم مطلعي ، وإن كان سيبويه والفراء قد حكيا مثله ، وأنشدا :
هم القائلون الخير والآمرونه إذا ما خشوا من محدث الأمر معظما
وأنشد الفراء : والفاعلونه . وأنشد سيبويه وحده :
ولم يرتفق والناس محتضرونه
وهذا شاذ خارج عن كلام العرب ، وما كان مثل هذا لم يحتج به في كتاب الله عز وجل ، ولا يدخل في الفصيح . وقد قيل في توجيهه : إنه أجرى اسم الفاعل مجرى المضارع لقربه منه ، فجرى مطلعون مجرى يطلعون . ذكره أبو الفتح عثمان بن جني وأنشد :
أرأيت إن جئت به أملودا مرجلا ويلبس البرودا
أقائلن أحضروا الشهودا
فأجرى أقائلن مجرى أتقولن . وقال ابن عباس في قوله تعالى : هل أنتم مطلعون فاطلع فرآه إن في الجنة كوى ينظر أهلها منها إلى النار وأهلها . وكذلك قال كعب فيما ذكر ابن المبارك ، قال : إن بين الجنة والنار كوى ، فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدو كان له في الدنيا اطلع من بعض الكوى ،. ❝ ⏤محمد بن صالح العثيمين
❞ قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ (54)
قال هل أنتم مطلعون ف ˝ قال ˝ الله تعالى لأهل الجنة : هل أنتم مطلعون . وقيل : هو من قول المؤمن لإخوانه في الجنة هل أنتم مطلعون إلى النار لننظر كيف حال ذلك القرين . وقيل : هو من قول الملائكة . وليس هل أنتم مطلعون باستفهام ، إنما هو بمعنى الأمر ، أي : اطلعوا ، قاله ابن الأعرابي وغيره . ومنه لما نزلت آية الخمر ، قام عمر قائما بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم رفع رأسه إلى السماء ، ثم قال : يا رب بيانا أشفى من هذا في الخمر . فنزلت : فهل أنتم منتهون قال : فنادى عمر : انتهينا يا ربنا . وقرأ ابن عباس : ˝ هل أنتم مطلعون ˝ بإسكان الطاء خفيفة ˝ فأطلع ˝ بقطع الألف مخففة على معنى هل أنتم مقبلون ، فأقبل . قال النحاس ˝ فأطلع فرآه ˝ فيه قولان : أحدهما : أن يكون فعلا مستقبلا معناه : فأطلع أنا ، ويكون منصوبا على أنه جواب الاستفهام . والقول الثاني : أن يكون فعلا ماضيا ويكون اطلع وأطلع واحدا . قال الزجاج : يقال طلع وأطلع واطلع بمعنى واحد . وقد حكي هل أنتم مطلعون بكسر النون وأنكره أبو حاتم وغيره . النحاس : وهو لحن لا يجوز ; لأنه جمع بين النون والإضافة ، ولو كان مضافا لكان هل أنتم مطلعي ، وإن كان سيبويه والفراء قد حكيا مثله ، وأنشدا :
هم القائلون الخير والآمرونه إذا ما خشوا من محدث الأمر معظما
وأنشد الفراء : والفاعلونه . وأنشد سيبويه وحده :
ولم يرتفق والناس محتضرونه
وهذا شاذ خارج عن كلام العرب ، وما كان مثل هذا لم يحتج به في كتاب الله عز وجل ، ولا يدخل في الفصيح . وقد قيل في توجيهه : إنه أجرى اسم الفاعل مجرى المضارع لقربه منه ، فجرى مطلعون مجرى يطلعون . ذكره أبو الفتح عثمان بن جني وأنشد :
أرأيت إن جئت به أملودا مرجلا ويلبس البرودا
أقائلن أحضروا الشهودا
فأجرى أقائلن مجرى أتقولن . وقال ابن عباس في قوله تعالى : هل أنتم مطلعون فاطلع فرآه إن في الجنة كوى ينظر أهلها منها إلى النار وأهلها . وكذلك قال كعب فيما ذكر ابن المبارك ، قال : إن بين الجنة والنار كوى ، فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدو كان له في الدنيا اطلع من بعض الكوى ،. ❝
❞ سر الصلاة وروحها و لُبُّها هو إقبالك على الله بكل ذرة من كيانك ، وكما أنه لا يجوز لك أن تصرف وجهك عن القبلة إلى غيرها ، فكذلك لا ينبغي لك أن تصرف قلبك عن ربَّك إلى غيره في الصلاة. ❝ ⏤خالد أبو شادى
❞ سر الصلاة وروحها و لُبُّها هو إقبالك على الله بكل ذرة من كيانك ، وكما أنه لا يجوز لك أن تصرف وجهك عن القبلة إلى غيرها ، فكذلك لا ينبغي لك أن تصرف قلبك عن ربَّك إلى غيره في الصلاة. ❝
❞ خطر لي ذات مساء أن أقوم ببحث في سراديب ذاكرتي .. فأرصد في ورقة كل ما أحفظه من أرقام ..
رقم الباسبور ورقم العربة ورقم الشقة ورقم البطاقة العائلية وتليفونات من أعرف من الأصدقاء والزملاء .. وتليفونات المصالح والجرائد .. وأرقام جدول الضرب التي أحفظها غيباً وعمليات الجمع والطرح والقسمة الأولية التي أعرفها بالبداهة .. وتواريخ ميلادي وميلاد أولادي .. وثوابت الرياضة والطبيعة مثل النسبة التقريبية وسرعة الضوء وسرعة الصوت ومجموع زوايا المثلث ودرجة غليان الماء .. وما تعلمته في كلية الطب عن نسبة سكر الدم وعدد الكريات الحمراء وعدد الكريات البيضاء وحجم الدم وسرعة النبض وسرعة التنفس وجرعات العقاقير ..
وفي لحظات تجمعت تحت يدي عدة صفحات من مئات الأرقام .. تداعت في ذهني ولمعت كالبرق وكأني حاسب إلكتروني .. وكان المشهد مذهلاً .
كيف أحفظ هذا الكم الهائل من الأعداد .. كل عدد يبلغ طوله ستة أو سبعة أرقام ؟
وأين تختفي هذه الأرقام في تلافيف المخ ؟
وكيف يتم استدعاؤها فتلمع في الوعي كالبرق الخاطف ؟
وبأي أسلوب تصطف هذه الأرقام في أعداد متمايزة .. كل عدد له مذكرة تفسيرية ملحقة به تشرح دلالته ومعناه ؟
وكيف تتراكم المئات والمئات من هذه الأرقام في ذاكرتنا ولا تختلط ولايطمس بعضها بعضاً؟
وغير الأرقام .. هناك الأسماء والإصطلاحات والكلمات .. والأشكال والوجوه .. تزدحم بها رأسنا . وهناك معالم الطبيعة التي طُفنا بها والأماكن التي زرناها .. وهناك الروائح .. ومع كل رائحة صورة لامرأة عرفناها أو مشهد نذكره ولواعج وأشواق وقصص وسيناريو من آلاف اللقطات .. وهناك الطعوم .. والنكهات .. يأتي الطعم في الفم فيسيل اللعاب شوقاً أو يتحرك الغثيان إشمئزازاً .. ومع كل طعم .. يجري شريط يحكي عن وليمة دسمة ذات يوم أو جرعة دواء مريرة ومرض طويل ممض وأوجاع أليمة .. حتى لمسة النسيم الحريرية ورائحة أصداف الشاطئ تحفظها لنا الذاكرة فتهب علينا لفحات الهواء الرطيب مع ذكراها وكأننا نعيشها من جديد .
حتى الأصوات والهمسات والوشوشات والصخَب والصراخ والضجيج والعويل والنشيج .
وفاصل من موسيقى ..
ومقطع من أغنية ..
ولطمة على وجه ..
وقرقعة عصاً على الظهر ..
وحشرجة ألم ..
كل هذا تحفظه الذاكرة وتسجله في دقة شديدة وأمانة .. ومعه بطاقة بالتاريخ والمناسبة وأسماء الأشخاص وظروف الواقعة ومحضر بالأقوال .. معجزة .. إسمها الذاكرة .
إن معنا رقيباً حقيقياً يكتب بالورقة والقلم كل دبة نمل في قلوبنا ؟
وما نتخيل أحياناً أننا نسيناه نكتشف أننا لم ننسه وأنه موجود يظهر لنا فجأة في لحظة استرخاء أو حلم أو بعد كأس أو في عيادة طبيب نفسي .. وأحياناً يظهر في زلة لسان أو خطأ إملائي .
لا شيء يُنسَى أبداً .. ولا شيء يضيع .. والماضي مكتوب بالفعل لحظة بلحظة ودقة قلب بدقة قلب .
والسؤال الكبير بل اللغز المحير هو .. أين توجد هذه الصور .. أين هذا الأرشيف السري ؟
وهو سؤال حاول أن يجيب عليه أكثر من عالِم وأكثر من فيلسوف .
الفلاسفة الماديون قالوا إن الذاكرة في المخ .. وإنها ليست أكثر من تغيرات كيميائية كهربائية تحدث لمادة المخ نتيجة الفعل العصبي للحوادث تماماً كما يحدث لشريط ريكوردر عند التسجيل .. وإن هذه اللفائف المسجلة تُحفَظ بالمخ وإنها تدور تلقائياً لحظة محاولة التذكر فتعيد ما كان .. في أمانة ودِقة .
الذاكرة مجرد نقش وحفر على مادة الخلايا .
ومصيرها أن تَبلَى وتتآكل كما تبلى النقوش وتتآكل وينتهي شأنها حينما ينتهي الإنسان بالموت وتتآكل خلاياه .
رأي مريح وسهل ولكنه أوقع أصحابه في مطلب لم يستطيعوا الخروج منه ..
فإذا كانت الذاكرة هي مجرد طارئ مادي يطرأ على مادة الخلايا فينبغي أن تتلف الذاكرة لأي تلف مادي مناظر في الخلايا المخية .. وينبغي أن يكون هناك توازٍ بين الحادثين .. كل نقص في ذاكرة معينة لا بد أن يقابله تلف في الخلايا المختصة المقابلة .. وهو أمر لا يشاهَد في إصابات المخ وأمراضه .. بل ما يشاهد هو العكس .
يصاب مركز الكلمات فلا تصاب ذاكرة الكلمات بأي تلف , وإنما الذي يحدث هو عاهة في النطق .. في الأداء الحركي للعضلات التي تنطق الكلمات . إن الموتور هو الذي يتلف بتلف الخلايا .. أما الذاكرة .. أما صورة الكلمات في الذهن فتظل سليمة .
♦♦ وهذا دليل على أن وظيفة المخ ليست الذاكرة ولا التذكر .
وإنما المخ هو مجرد سنترال يعطي التوصيلة .
هو مجرد أداة تُعَبّر به الكلمة عن نفسها في وسط مادي فتصبح صوتًا مسموعًا .. كما يفعل الراديو حينما يحوّل الموجة اللاسلكية إلى نبض كهربائي مسموع .. فإذا أصيب الراديو بعطل فلا يكون معنى هذا العطل أن تتعطل موجة الأثير .. وإنما فقط يحدث شلل في جهاز النطق في الراديو . أما الموجة فتظل سليمة على حالها يمكن أن يلتقطها راديو آخر سليم .
وهذا حال الذاكرة .. فهي صور وأفكار ورُؤى مستقلة مسكنها ومستقرها الروح وليس المخ ولا الجسد بحال .. وما المخ إلا وسيلة لنقل هذه الصور لتصبح كلمات منطوقة مسموعة في عالم ماديّ .
فإذا أصيب المخ بتلف .. يصاب النطق بالتلف ولا تصاب الذاكرة لأن الذاكرة حكمها حكم الروح ولا يجري عليها ما يجري على الجسد .
التوازي مفقود بين الإثنين مما يدل على أننا أمام مستويين (جسد .. وروح ) لا مستوى واحد إسمه المادة .
وفي حوادث النسيان المرحلي .. الذي تنسى فيه مرحلة زمنية بعينها ( وهو الموضوع المحبب عند مؤلفي السينما المصريين ) .. ينسى المصاب فترة زمنية بعينها فتُمحى تمامًا من وعيه وتكشط من ذاكرته .
وكان يتحتم تبعًا للنظرية المادية أن نعثر على تلف مخي جزئي مقابل ومناظر للفترة المنسية .
لكن من الملاحَظ أن أغلب تلك الحالات هي حالات صدمة نفسية عامة وليست تلفًا جزئيًا محددًا .
مرة أخرى نجد أن التوازي مفقود بين حجم الحادث وبين حجم التلف المادي .
وفي حالات التلف المادي الشديد للمخ نتيجة الكسور أو الإلتهابات أو النمو السرطاني , حينما يبدأ النسيان الكامل يلاحظ دائمًا أن هذا النسيان يتخذ نظامًا خاصًا فتُنسَى في البداية أسماء الأعلام وآخر ما يُنسَى هي الكلمات الدالة على الأفعال .
وهذا التسلسل المنتظم في النسيان في مقابل إصابة غير منتظمة .. وفي مقابل تلف مشوش أصاب المخ كيفما اتفق , هو مرة أخرى عدم توازٍ له معنى .. فهنا إصابة في الذاكرة لا علاقة لها من حيث المدى والكم والنظام بالإصابة المادية للمخ .
وهكذا تتحطم النظرية المادية للذاكرة على حائط مسدود .
ونجد أنفسنا أمام ظاهرة متعالية على الجسد وعلى خلايا المخ .
وسوف تموت وتتعفن الخلايا المخية وتظل الذاكرة شاخصة حية بتفصيلاتها ودقائقها تذكرنا في حياتنا الروحية الثانية بكل ما فعلناه .
ولم يكن الجسد إلا جهازاً تنفيذيّاً للفعل وللإفصاح عن النوايا في عالم الدنيا المادي .. كان مجرد أداة للروح ومطية لها .
لم يكن المخ إلا سنترالًا .. وكابلات توصيل .
وكل دوره هو أن يعطي التوصيلة من عالم الروح إلى عالم المادة أو كما يقول برجسون DONNER LA COMMUNICATION ....... يعطي الخط .
كابلات الأعصاب تنقل مكنون الروح وتحوله إلى نبض إلكتروني لتنطق به عضلات اللسان على الطرف الآخر .. كما يفعل الراديو بالموجة اللاسلكية ..
وهكذا نتبادل الكلام كأجساد في عالم مادي .. فإذا ماتت أجسادنا عدنا أرواحًا .. لنتذاكر ما فعلناه في دنيانا لحظة بلحظة حيث كل حرف وكل فعل مسجل .
بل إن هناك نظريات علمية تمضي لأكثر من هذا فترى أن التحصيل هو في ذاته عملية تذكر لعلم قديم مكنوز ومسطور في الروح .. وليس تعلماً من السبورة .. فنحن لا نكتشف أن 2 × 2 = 4 من عدم , وإنما نولد بها .. وكل ما نفعله أننا نتذكرها .. وكذلك بداهات الرياضة والهندسة والمنطق .. كلها بداهات نولد بها مكنوزة فينا .. وكل ما يحدث أننا نتذكرها .. تُذكِرنا بها الخبرة الدنيوية كل لحظة .
وبالمثل شخصيتنا .. نولد بها مسطورة في روحنا .. وكل ما يحدث أن الواقع الدنيوي يقدم المناسبات والملابسات والقالب المادي لتفصح هذه الشخصية عن خيرها وشرها .. فيسجل عليها فعلها .
والتسجيل هو الأمر الجديد الذي يتم في الدنيا .
الإنتقال من حالة النية إلى حالة التلبس .
وهذا ما تُعبِّر عنه الأديان بأن يحق القول على المذنب بعد الإبتلاء والإختبار في الدنيا .. فتحق عليه الضلالة وتلزمه رتبته .
وهو أمر قد سبق إليه علم الله .. علم الحصر لا علم الإلزام .. فالله لا يلزم أحداً بخطيئة ولا يقهره على شر .. وإنما كل واحد يتصرف على وفاق طبيعته الداخلية .. فعله هو ذاته .. وليس في ذلك أي معنى من معاني الجبر .. لأن هذه الطبيعة الداخلية هي التي نسميها أحيانًا الضمير وأحيانًا السريرة وأحيانًا الفؤاد .. ويسميها الله (( السر )) .
(( يعلم السر وأخفَى )) .
ونقول عنها في تعبيراتنا الشعبية عن الموت (( طلع السر الإلهي )) أي صعدت الروح إلى بارئها ..
هذا السر المطلسم هو ابتداء حر ومبادرة أعتقها الله من كل القيود ليكون فعلها هو ذاتها وليكون هواها دالاً عليها .
ومِن هنا لا يصح القول بالحتميات في المجال الإنساني أمثال حتمية الصراع الطبقي والجبرية التاريخية .. لأن الإنسان مجال حر وليس مسمارًا أو ترسًا في ماكينة .
وكما لا يمكن التنبؤ بما يأتي به الغد في حياة فرد فإنه يستحيل القول بالحتم أو الجبر في مجال المجتمعات والتاريخ .. وكل ما يمكن القول به هو الترجيح والإحتمال بناء على مقدمات إحصائية .. وهو ترجيح يخطئ ويصيب ويحدث فيه تفاوت في طرفيه .. فمعدل عمر الإنسان في إنجلترا مثلاً هو ستون سنة .. وهذا المعدل معدل إحصائي مأخوذ من متوسطات أرقام .. وهو غير ملزم بالنسبة للفرد , فقد يعيش فرد مثل برناردشو في إنجلترا أكثر من تسعين سنة ويتجاوز المعدل . وقد يموت في سن العشرين في حادثة . وقد يموت وهو طفل بمرضٍ معدٍ ..
ثم إن المعدل ذاته قابل للتذبذب من طرفيه صعودًا وهبوطًا من سنة لأخرى ..
فلا يصح القول بالحتمية والجَبر في هذا الموضوع .. ولا يجوز إخضاع المجال الإنساني سواء كان فرداً أو مجتمعاً أو تاريخاً لقالب نظري أو معادلة أو حسبة إحصائية أو فرض فلسفي .
إنما تأتي فكرة الحتمية الخاطئة من التصور الخاطئ للإنسان على أنه جسد بلا نفس وبلا روح وبلا عقل ..واعتبار النفس والعقل مجرد مجموعة الوظائف العليا للجهاز العصبي.
ومن الواقع المشاهد من خضوع الجسم للقوانين الفسيولوجية يستنتج المفكر المادي أن الإنسان والإنسانية بأسرها مغلولة في القوانين المادية.
وهكذا يجعل من الإنسان كتلة مادية أشبه بكتلة القمر محكومة في دورانه حول الأرض والشمس بالحتميات الفلكية.
وينسى أن الإنسان يعيش في مستويين.
مستوى الزمن الخارجي الموضوعي المادي .. زمن الساعة .. وفي هذا الزمن يرتبط بالمواعيد والضرورات الإجتماعية ويعيش في أَسر القوانين والحتميات .
ومستوى زمنه الخاص الداخلي .. زمن الشعور وزمن الحلم .. وفي هذا المستوى يعيش حياة حرة بالفعل .. فيفكر ويحلم ويبتكر ويخترع و يقف من كل المجتمع و التاريخ موقف الثورة .. بل يستطيع أن ينقل هذه الثورة الداخلية إلى فعل خارجي فيقلب المجتمع و يغير التاريخ من أساسه كما حدث في كل الثورات التقدمية .
هذه الثنائية هي صفة ينفرد بها الإنسان .
وهذه الحياة الداخلية الحرة يختص بها الإنسان دون الجماد
وهذه النفس التي يملكها تتصف بصفات مختلفة مغايرة لصفت الجماد .. فهنا نحن أمام وحدة لا امتداد لها في المكان ..
هي الـ (( أنا )) تتصف بالحضور والديمومة والشخوص والكينونة والمثول الدائم في الوعي .. ثم هي تفرض نفسها على الواقع الخارجي وتغيره .. وتفرض نفسها على الجسد وتحكمه وتقوده وتعلو على ضروراته .. فتفرض عليه الصوم والحرمان إختياراً .
بل قد تقوده إلى الموت فداء وتضحية ..
مثل هذه النفس لا يمكن أن تكون مجرد ناتج ثانوي من نواتج الجسد وذيلًا تابعًا له ومادة تطورت منه .. مثل هذه النظريات المادية لا تفسر لنا شيئًا .. وإنما لابد لنا أن نسلم أن هذه النفس عالية على الجسد متعالية عليه وأنها من جوهر مفارق لجوهر الجسد وحاكم عليه .. فهي في واقع الأمر تستخدم الجسد كأداة لأغراضها ومطية لأهدافها كما يستخدم العقل المخ مجرد توصيلة أو سنترال .
ولا بد أن يتداعى إلى ذهننا الإحتمال البديهي من أن هذه النفس لا يمكن أن يجري عليها ما يجري على الجسد من موت وتآكل وتعفن بحكم جوهرها الذي تشعر به متصفًا بالحضور والديمومة والشخوص في الوعي طوال الوقت .. فلا تتآكل كما يتآكل الجسد ولا هي تقع كما يقع الشعر ولا هي تبلى كما تبلى الأسنان .
وإنه لأمر بديهي تمامًا أن نتصور بقاءها بعد الموت .
فإذا نحن تأملنا ما يصاحب أفعالنا من تردد قبل اختيار القرار ثم شعور بالمسئولية في أثناء العمل ثم ندم أو راحة بعد تمامه .. فنحن نستنتج أننا أمام حالة مراقبة فطرية وفكرة ملحة بالحساب وبأن هناك خطأ وصوابًا . وإننا نعلم بداهةً وبالفطرة التي ولدنا بها أن العدل والنظام هو ناموس الوجود .. وأن المسئولية هي القاعدة .
ويفترض لنا هذا الشعور الفطري القهري أن الظالم الذي أفلت من عقاب الأرض .. والقاتل الذي أفلت من محاسبة القانون البري الأرضي .. لابد أن يعاقَب ويحاسَب .. لأن العالم الذي نعيش فيه يفصح عن النظام والإنضباط من أصغر ذرة إلى أكبر فلك .. والعبث غير موجود إلا في عقولنا وأحكامنا المنحرفة .
وفكرة العدل والنظام وضرورة العدل عالم آخر يتم فيه العدل والنظام والمحاسبة .
كل هذا علم نولد به .. وحقيقة تقول بها الفطرة والبداهة .
ولا غرابة في أن يعترف مفكر غربي ألماني وهو (( عمانويل كانت )) بهذه الحقيقة في كتابة (( نقد العقل العلمي )) .
ولا غرابة في أن يصل إلى هذه النتيجة السليمة دون أن يقرأ قرآنًا .
إنها الفطرة والبداهة التي تقوم عليها جميع العلوم .
ولا حاجة لأن يقرأ العقل السليم الكتاب المقدس ليكتشف أن له روحًا و أن له حياة بعد الموت و أن هناك حساباًَ .. فالفطرة السليمة تضيء لصاحبها الطريق إلى هذه الحقائق .
وهذا العلم الذي نولد به .. وهذه البداهة التي نولد بها .. تقوم شاهدة على جميع العلوم المكتسبة وملزمة لها .. فجميع العلوم المكتسبة يجوز فيها الخطأ والصواب .. أما العلم الذي نولد به فهو جزء من نظام الكون المحكم .. وهو الحقيقة الأولى التي نعمل على ضوئها نرى جميع الحقائق الفرعية .. وهي المعيار والمقياس .. وإذا فسد المعيار فسد كل شيء وأصبح كل شيء عبثًا في عبث وهو أمر غير صحيح .
وإذا اتهمنا بالبداهة فإن جميع العلوم والمعارف سوف ينسحب عليها الإتهام وسوف تنهدم لأنها تقوم أصلاً على البداهات .
فنحن هنا أمام أصل من أصول المعرفة ومرجع لا يجوز الشك فيه ( لأن هذا المرجع شأنه شأن الحياة ذاتها ) نحن أمام متن هو لحم المعرفة ودمها . وكما نأتي إلى الحياة مزودين بعضلات لنتحرك بها وندافع عن أنفسنا كذلك نولد مزودين بالبداهات الأولى لنحتكم إليها في إدراك الحق من الباطل والصواب من الخطأ .
وأعلى درجات المعرفة هي ما يأتيك من داخلك , فأنت تستطيع أن تدرك وضعك ( هل أنت واقف أو جالس أو راقد ) دون أن تنظر إلى نفسك .. يأتيك هذا الإدراك وأنت مغمض العينين .. يأتيك من داخلك .. وتقوم هذه المعرفة حجة على أية مشاهدة .
وحينما تقول .. أنا سعيد .. أنا شقيّ .. أنا أتألم .. فكلامك يقوم حجة بالغة ولا يجوز تكذيبه بحجة منطقية .. بل إن تناول هذا الأمر بالمنطق هو تنطع ولجاجة لا معنى لها .. فلا أحد أعرف بحال نفسك من نفسك ذاتها .
وبالمثل شهادة الفطرة وحكم البداهة هي حجة على أعلى مستوى .. وحينما تقول الفطرة والبداهة مؤيدة بالعلم والفكر والتأمل حينما تقول بوجود الروح والنفس .. وبالحرية وبالمسئولية والمحاسبة , وحينما توحي بالتصرف على أساس أن في الكون نظامًا .. فنحن هنا أمام حجة على أعلى مستوى من اليقين .
وهو يقين مثل يقين العيَان أو أكثر .. فالفطرة عضو مثل العين نولد به .
وهو يقين أعلى من يقين العلم .. لأن الصدق العلمي هو صدق إحصائي والنظريات العلمية تُستنتَج من متوسطات الأرقام .. أما حكم البداهة فله صفة القطع والإطلاق
2 × 2 = 4 هي حقيقة مطلقة صادقة صدقًا مطلقًا , لا يجوز عليها ما يجوز من نسخ وتطور وتغير في نظريات العلم لأنها مقبولة بديهية .
1 + 1 = 2 مسألة لا تقبل الشك لأنها حقيقة ألقتها إلينا الفطرة من داخلنا وأوحت بها البداهة .
وهي معرفة أولى جاءت إلينا مع شهادة الميلاد .
لو أدرك الإنسان هذا لأراح واستراح .. ولوفّر على نفسه كثيراً من الجدل والشقشقة والسفسطة والمكابرة في مسألة الروح والجسد .. والعقل والمخ .. والحرية والجبر .. والمسئولية والحساب .. ولاكتفى بالإصغاء إلى ما تهمس به فطرته وما يُفتي به قلبه وما تشير به بصيرته .
وذرة من الإخلاص أفضل من قناطير من الكتب .
لنصغي إلى صوت نفوسنا وهمس بصائرنا في إخلاص شديد دون محاولة تشويه ذلك الصوت البكر بحبائل المنطق وشراك الحجج .
وعلى من يشك في كلامي .. وعلى هواة الجدل والنقاش والمقارعة المنطقية أن يعودوا فيقرأوا مقالي من أوله .
..
مقال / الروح
من كتاب : رحلتي من الشك إلى الإيمان
للدكتور : مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ خطر لي ذات مساء أن أقوم ببحث في سراديب ذاكرتي . فأرصد في ورقة كل ما أحفظه من أرقام .
رقم الباسبور ورقم العربة ورقم الشقة ورقم البطاقة العائلية وتليفونات من أعرف من الأصدقاء والزملاء . وتليفونات المصالح والجرائد . وأرقام جدول الضرب التي أحفظها غيباً وعمليات الجمع والطرح والقسمة الأولية التي أعرفها بالبداهة . وتواريخ ميلادي وميلاد أولادي . وثوابت الرياضة والطبيعة مثل النسبة التقريبية وسرعة الضوء وسرعة الصوت ومجموع زوايا المثلث ودرجة غليان الماء . وما تعلمته في كلية الطب عن نسبة سكر الدم وعدد الكريات الحمراء وعدد الكريات البيضاء وحجم الدم وسرعة النبض وسرعة التنفس وجرعات العقاقير .
وفي لحظات تجمعت تحت يدي عدة صفحات من مئات الأرقام . تداعت في ذهني ولمعت كالبرق وكأني حاسب إلكتروني . وكان المشهد مذهلاً .
كيف أحفظ هذا الكم الهائل من الأعداد . كل عدد يبلغ طوله ستة أو سبعة أرقام ؟
وأين تختفي هذه الأرقام في تلافيف المخ ؟
وكيف يتم استدعاؤها فتلمع في الوعي كالبرق الخاطف ؟
وبأي أسلوب تصطف هذه الأرقام في أعداد متمايزة . كل عدد له مذكرة تفسيرية ملحقة به تشرح دلالته ومعناه ؟
وكيف تتراكم المئات والمئات من هذه الأرقام في ذاكرتنا ولا تختلط ولايطمس بعضها بعضاً؟
وغير الأرقام . هناك الأسماء والإصطلاحات والكلمات . والأشكال والوجوه . تزدحم بها رأسنا . وهناك معالم الطبيعة التي طُفنا بها والأماكن التي زرناها . وهناك الروائح . ومع كل رائحة صورة لامرأة عرفناها أو مشهد نذكره ولواعج وأشواق وقصص وسيناريو من آلاف اللقطات . وهناك الطعوم . والنكهات . يأتي الطعم في الفم فيسيل اللعاب شوقاً أو يتحرك الغثيان إشمئزازاً . ومع كل طعم . يجري شريط يحكي عن وليمة دسمة ذات يوم أو جرعة دواء مريرة ومرض طويل ممض وأوجاع أليمة . حتى لمسة النسيم الحريرية ورائحة أصداف الشاطئ تحفظها لنا الذاكرة فتهب علينا لفحات الهواء الرطيب مع ذكراها وكأننا نعيشها من جديد .
حتى الأصوات والهمسات والوشوشات والصخَب والصراخ والضجيج والعويل والنشيج .
وفاصل من موسيقى .
ومقطع من أغنية .
ولطمة على وجه .
وقرقعة عصاً على الظهر .
وحشرجة ألم .
كل هذا تحفظه الذاكرة وتسجله في دقة شديدة وأمانة . ومعه بطاقة بالتاريخ والمناسبة وأسماء الأشخاص وظروف الواقعة ومحضر بالأقوال . معجزة . إسمها الذاكرة .
إن معنا رقيباً حقيقياً يكتب بالورقة والقلم كل دبة نمل في قلوبنا ؟
وما نتخيل أحياناً أننا نسيناه نكتشف أننا لم ننسه وأنه موجود يظهر لنا فجأة في لحظة استرخاء أو حلم أو بعد كأس أو في عيادة طبيب نفسي . وأحياناً يظهر في زلة لسان أو خطأ إملائي .
لا شيء يُنسَى أبداً . ولا شيء يضيع . والماضي مكتوب بالفعل لحظة بلحظة ودقة قلب بدقة قلب .
والسؤال الكبير بل اللغز المحير هو . أين توجد هذه الصور . أين هذا الأرشيف السري ؟
وهو سؤال حاول أن يجيب عليه أكثر من عالِم وأكثر من فيلسوف .
الفلاسفة الماديون قالوا إن الذاكرة في المخ . وإنها ليست أكثر من تغيرات كيميائية كهربائية تحدث لمادة المخ نتيجة الفعل العصبي للحوادث تماماً كما يحدث لشريط ريكوردر عند التسجيل . وإن هذه اللفائف المسجلة تُحفَظ بالمخ وإنها تدور تلقائياً لحظة محاولة التذكر فتعيد ما كان . في أمانة ودِقة .
الذاكرة مجرد نقش وحفر على مادة الخلايا .
ومصيرها أن تَبلَى وتتآكل كما تبلى النقوش وتتآكل وينتهي شأنها حينما ينتهي الإنسان بالموت وتتآكل خلاياه .
رأي مريح وسهل ولكنه أوقع أصحابه في مطلب لم يستطيعوا الخروج منه .
فإذا كانت الذاكرة هي مجرد طارئ مادي يطرأ على مادة الخلايا فينبغي أن تتلف الذاكرة لأي تلف مادي مناظر في الخلايا المخية . وينبغي أن يكون هناك توازٍ بين الحادثين . كل نقص في ذاكرة معينة لا بد أن يقابله تلف في الخلايا المختصة المقابلة . وهو أمر لا يشاهَد في إصابات المخ وأمراضه . بل ما يشاهد هو العكس .
يصاب مركز الكلمات فلا تصاب ذاكرة الكلمات بأي تلف , وإنما الذي يحدث هو عاهة في النطق . في الأداء الحركي للعضلات التي تنطق الكلمات . إن الموتور هو الذي يتلف بتلف الخلايا . أما الذاكرة . أما صورة الكلمات في الذهن فتظل سليمة .
♦♦ وهذا دليل على أن وظيفة المخ ليست الذاكرة ولا التذكر .
وإنما المخ هو مجرد سنترال يعطي التوصيلة .
هو مجرد أداة تُعَبّر به الكلمة عن نفسها في وسط مادي فتصبح صوتًا مسموعًا . كما يفعل الراديو حينما يحوّل الموجة اللاسلكية إلى نبض كهربائي مسموع . فإذا أصيب الراديو بعطل فلا يكون معنى هذا العطل أن تتعطل موجة الأثير . وإنما فقط يحدث شلل في جهاز النطق في الراديو . أما الموجة فتظل سليمة على حالها يمكن أن يلتقطها راديو آخر سليم .
وهذا حال الذاكرة . فهي صور وأفكار ورُؤى مستقلة مسكنها ومستقرها الروح وليس المخ ولا الجسد بحال . وما المخ إلا وسيلة لنقل هذه الصور لتصبح كلمات منطوقة مسموعة في عالم ماديّ .
فإذا أصيب المخ بتلف . يصاب النطق بالتلف ولا تصاب الذاكرة لأن الذاكرة حكمها حكم الروح ولا يجري عليها ما يجري على الجسد .
التوازي مفقود بين الإثنين مما يدل على أننا أمام مستويين (جسد . وروح ) لا مستوى واحد إسمه المادة .
وفي حوادث النسيان المرحلي . الذي تنسى فيه مرحلة زمنية بعينها ( وهو الموضوع المحبب عند مؤلفي السينما المصريين ) . ينسى المصاب فترة زمنية بعينها فتُمحى تمامًا من وعيه وتكشط من ذاكرته .
وكان يتحتم تبعًا للنظرية المادية أن نعثر على تلف مخي جزئي مقابل ومناظر للفترة المنسية .
لكن من الملاحَظ أن أغلب تلك الحالات هي حالات صدمة نفسية عامة وليست تلفًا جزئيًا محددًا .
مرة أخرى نجد أن التوازي مفقود بين حجم الحادث وبين حجم التلف المادي .
وفي حالات التلف المادي الشديد للمخ نتيجة الكسور أو الإلتهابات أو النمو السرطاني , حينما يبدأ النسيان الكامل يلاحظ دائمًا أن هذا النسيان يتخذ نظامًا خاصًا فتُنسَى في البداية أسماء الأعلام وآخر ما يُنسَى هي الكلمات الدالة على الأفعال .
وهذا التسلسل المنتظم في النسيان في مقابل إصابة غير منتظمة . وفي مقابل تلف مشوش أصاب المخ كيفما اتفق , هو مرة أخرى عدم توازٍ له معنى . فهنا إصابة في الذاكرة لا علاقة لها من حيث المدى والكم والنظام بالإصابة المادية للمخ .
وهكذا تتحطم النظرية المادية للذاكرة على حائط مسدود .
ونجد أنفسنا أمام ظاهرة متعالية على الجسد وعلى خلايا المخ .
وسوف تموت وتتعفن الخلايا المخية وتظل الذاكرة شاخصة حية بتفصيلاتها ودقائقها تذكرنا في حياتنا الروحية الثانية بكل ما فعلناه .
ولم يكن الجسد إلا جهازاً تنفيذيّاً للفعل وللإفصاح عن النوايا في عالم الدنيا المادي . كان مجرد أداة للروح ومطية لها .
لم يكن المخ إلا سنترالًا . وكابلات توصيل .
وكل دوره هو أن يعطي التوصيلة من عالم الروح إلى عالم المادة أو كما يقول برجسون DONNER LA COMMUNICATION .... يعطي الخط .
كابلات الأعصاب تنقل مكنون الروح وتحوله إلى نبض إلكتروني لتنطق به عضلات اللسان على الطرف الآخر . كما يفعل الراديو بالموجة اللاسلكية .
وهكذا نتبادل الكلام كأجساد في عالم مادي . فإذا ماتت أجسادنا عدنا أرواحًا . لنتذاكر ما فعلناه في دنيانا لحظة بلحظة حيث كل حرف وكل فعل مسجل .
بل إن هناك نظريات علمية تمضي لأكثر من هذا فترى أن التحصيل هو في ذاته عملية تذكر لعلم قديم مكنوز ومسطور في الروح . وليس تعلماً من السبورة . فنحن لا نكتشف أن 2 × 2 = 4 من عدم , وإنما نولد بها . وكل ما نفعله أننا نتذكرها . وكذلك بداهات الرياضة والهندسة والمنطق . كلها بداهات نولد بها مكنوزة فينا . وكل ما يحدث أننا نتذكرها . تُذكِرنا بها الخبرة الدنيوية كل لحظة .
وبالمثل شخصيتنا . نولد بها مسطورة في روحنا . وكل ما يحدث أن الواقع الدنيوي يقدم المناسبات والملابسات والقالب المادي لتفصح هذه الشخصية عن خيرها وشرها . فيسجل عليها فعلها .
والتسجيل هو الأمر الجديد الذي يتم في الدنيا .
الإنتقال من حالة النية إلى حالة التلبس .
وهذا ما تُعبِّر عنه الأديان بأن يحق القول على المذنب بعد الإبتلاء والإختبار في الدنيا . فتحق عليه الضلالة وتلزمه رتبته .
وهو أمر قد سبق إليه علم الله . علم الحصر لا علم الإلزام . فالله لا يلزم أحداً بخطيئة ولا يقهره على شر . وإنما كل واحد يتصرف على وفاق طبيعته الداخلية . فعله هو ذاته . وليس في ذلك أي معنى من معاني الجبر . لأن هذه الطبيعة الداخلية هي التي نسميها أحيانًا الضمير وأحيانًا السريرة وأحيانًا الفؤاد . ويسميها الله (( السر )) .
(( يعلم السر وأخفَى )) .
ونقول عنها في تعبيراتنا الشعبية عن الموت (( طلع السر الإلهي )) أي صعدت الروح إلى بارئها .
هذا السر المطلسم هو ابتداء حر ومبادرة أعتقها الله من كل القيود ليكون فعلها هو ذاتها وليكون هواها دالاً عليها .
ومِن هنا لا يصح القول بالحتميات في المجال الإنساني أمثال حتمية الصراع الطبقي والجبرية التاريخية . لأن الإنسان مجال حر وليس مسمارًا أو ترسًا في ماكينة .
وكما لا يمكن التنبؤ بما يأتي به الغد في حياة فرد فإنه يستحيل القول بالحتم أو الجبر في مجال المجتمعات والتاريخ . وكل ما يمكن القول به هو الترجيح والإحتمال بناء على مقدمات إحصائية . وهو ترجيح يخطئ ويصيب ويحدث فيه تفاوت في طرفيه . فمعدل عمر الإنسان في إنجلترا مثلاً هو ستون سنة . وهذا المعدل معدل إحصائي مأخوذ من متوسطات أرقام . وهو غير ملزم بالنسبة للفرد , فقد يعيش فرد مثل برناردشو في إنجلترا أكثر من تسعين سنة ويتجاوز المعدل . وقد يموت في سن العشرين في حادثة . وقد يموت وهو طفل بمرضٍ معدٍ .
ثم إن المعدل ذاته قابل للتذبذب من طرفيه صعودًا وهبوطًا من سنة لأخرى .
فلا يصح القول بالحتمية والجَبر في هذا الموضوع . ولا يجوز إخضاع المجال الإنساني سواء كان فرداً أو مجتمعاً أو تاريخاً لقالب نظري أو معادلة أو حسبة إحصائية أو فرض فلسفي .
إنما تأتي فكرة الحتمية الخاطئة من التصور الخاطئ للإنسان على أنه جسد بلا نفس وبلا روح وبلا عقل .واعتبار النفس والعقل مجرد مجموعة الوظائف العليا للجهاز العصبي.
ومن الواقع المشاهد من خضوع الجسم للقوانين الفسيولوجية يستنتج المفكر المادي أن الإنسان والإنسانية بأسرها مغلولة في القوانين المادية.
وهكذا يجعل من الإنسان كتلة مادية أشبه بكتلة القمر محكومة في دورانه حول الأرض والشمس بالحتميات الفلكية.
وينسى أن الإنسان يعيش في مستويين.
مستوى الزمن الخارجي الموضوعي المادي . زمن الساعة . وفي هذا الزمن يرتبط بالمواعيد والضرورات الإجتماعية ويعيش في أَسر القوانين والحتميات .
ومستوى زمنه الخاص الداخلي . زمن الشعور وزمن الحلم . وفي هذا المستوى يعيش حياة حرة بالفعل . فيفكر ويحلم ويبتكر ويخترع و يقف من كل المجتمع و التاريخ موقف الثورة . بل يستطيع أن ينقل هذه الثورة الداخلية إلى فعل خارجي فيقلب المجتمع و يغير التاريخ من أساسه كما حدث في كل الثورات التقدمية .
هذه الثنائية هي صفة ينفرد بها الإنسان .
وهذه الحياة الداخلية الحرة يختص بها الإنسان دون الجماد
وهذه النفس التي يملكها تتصف بصفات مختلفة مغايرة لصفت الجماد . فهنا نحن أمام وحدة لا امتداد لها في المكان .
هي الـ (( أنا )) تتصف بالحضور والديمومة والشخوص والكينونة والمثول الدائم في الوعي . ثم هي تفرض نفسها على الواقع الخارجي وتغيره . وتفرض نفسها على الجسد وتحكمه وتقوده وتعلو على ضروراته . فتفرض عليه الصوم والحرمان إختياراً .
بل قد تقوده إلى الموت فداء وتضحية .
مثل هذه النفس لا يمكن أن تكون مجرد ناتج ثانوي من نواتج الجسد وذيلًا تابعًا له ومادة تطورت منه . مثل هذه النظريات المادية لا تفسر لنا شيئًا . وإنما لابد لنا أن نسلم أن هذه النفس عالية على الجسد متعالية عليه وأنها من جوهر مفارق لجوهر الجسد وحاكم عليه . فهي في واقع الأمر تستخدم الجسد كأداة لأغراضها ومطية لأهدافها كما يستخدم العقل المخ مجرد توصيلة أو سنترال .
ولا بد أن يتداعى إلى ذهننا الإحتمال البديهي من أن هذه النفس لا يمكن أن يجري عليها ما يجري على الجسد من موت وتآكل وتعفن بحكم جوهرها الذي تشعر به متصفًا بالحضور والديمومة والشخوص في الوعي طوال الوقت . فلا تتآكل كما يتآكل الجسد ولا هي تقع كما يقع الشعر ولا هي تبلى كما تبلى الأسنان .
وإنه لأمر بديهي تمامًا أن نتصور بقاءها بعد الموت .
فإذا نحن تأملنا ما يصاحب أفعالنا من تردد قبل اختيار القرار ثم شعور بالمسئولية في أثناء العمل ثم ندم أو راحة بعد تمامه . فنحن نستنتج أننا أمام حالة مراقبة فطرية وفكرة ملحة بالحساب وبأن هناك خطأ وصوابًا . وإننا نعلم بداهةً وبالفطرة التي ولدنا بها أن العدل والنظام هو ناموس الوجود . وأن المسئولية هي القاعدة .
ويفترض لنا هذا الشعور الفطري القهري أن الظالم الذي أفلت من عقاب الأرض . والقاتل الذي أفلت من محاسبة القانون البري الأرضي . لابد أن يعاقَب ويحاسَب . لأن العالم الذي نعيش فيه يفصح عن النظام والإنضباط من أصغر ذرة إلى أكبر فلك . والعبث غير موجود إلا في عقولنا وأحكامنا المنحرفة .
وفكرة العدل والنظام وضرورة العدل عالم آخر يتم فيه العدل والنظام والمحاسبة .
كل هذا علم نولد به . وحقيقة تقول بها الفطرة والبداهة .
ولا غرابة في أن يعترف مفكر غربي ألماني وهو (( عمانويل كانت )) بهذه الحقيقة في كتابة (( نقد العقل العلمي )) .
ولا غرابة في أن يصل إلى هذه النتيجة السليمة دون أن يقرأ قرآنًا .
إنها الفطرة والبداهة التي تقوم عليها جميع العلوم .
ولا حاجة لأن يقرأ العقل السليم الكتاب المقدس ليكتشف أن له روحًا و أن له حياة بعد الموت و أن هناك حساباًَ . فالفطرة السليمة تضيء لصاحبها الطريق إلى هذه الحقائق .
وهذا العلم الذي نولد به . وهذه البداهة التي نولد بها . تقوم شاهدة على جميع العلوم المكتسبة وملزمة لها . فجميع العلوم المكتسبة يجوز فيها الخطأ والصواب . أما العلم الذي نولد به فهو جزء من نظام الكون المحكم . وهو الحقيقة الأولى التي نعمل على ضوئها نرى جميع الحقائق الفرعية . وهي المعيار والمقياس . وإذا فسد المعيار فسد كل شيء وأصبح كل شيء عبثًا في عبث وهو أمر غير صحيح .
وإذا اتهمنا بالبداهة فإن جميع العلوم والمعارف سوف ينسحب عليها الإتهام وسوف تنهدم لأنها تقوم أصلاً على البداهات .
فنحن هنا أمام أصل من أصول المعرفة ومرجع لا يجوز الشك فيه ( لأن هذا المرجع شأنه شأن الحياة ذاتها ) نحن أمام متن هو لحم المعرفة ودمها . وكما نأتي إلى الحياة مزودين بعضلات لنتحرك بها وندافع عن أنفسنا كذلك نولد مزودين بالبداهات الأولى لنحتكم إليها في إدراك الحق من الباطل والصواب من الخطأ .
وأعلى درجات المعرفة هي ما يأتيك من داخلك , فأنت تستطيع أن تدرك وضعك ( هل أنت واقف أو جالس أو راقد ) دون أن تنظر إلى نفسك . يأتيك هذا الإدراك وأنت مغمض العينين . يأتيك من داخلك . وتقوم هذه المعرفة حجة على أية مشاهدة .
وحينما تقول . أنا سعيد . أنا شقيّ . أنا أتألم . فكلامك يقوم حجة بالغة ولا يجوز تكذيبه بحجة منطقية . بل إن تناول هذا الأمر بالمنطق هو تنطع ولجاجة لا معنى لها . فلا أحد أعرف بحال نفسك من نفسك ذاتها .
وبالمثل شهادة الفطرة وحكم البداهة هي حجة على أعلى مستوى . وحينما تقول الفطرة والبداهة مؤيدة بالعلم والفكر والتأمل حينما تقول بوجود الروح والنفس . وبالحرية وبالمسئولية والمحاسبة , وحينما توحي بالتصرف على أساس أن في الكون نظامًا . فنحن هنا أمام حجة على أعلى مستوى من اليقين .
وهو يقين مثل يقين العيَان أو أكثر . فالفطرة عضو مثل العين نولد به .
وهو يقين أعلى من يقين العلم . لأن الصدق العلمي هو صدق إحصائي والنظريات العلمية تُستنتَج من متوسطات الأرقام . أما حكم البداهة فله صفة القطع والإطلاق
2 × 2 = 4 هي حقيقة مطلقة صادقة صدقًا مطلقًا , لا يجوز عليها ما يجوز من نسخ وتطور وتغير في نظريات العلم لأنها مقبولة بديهية .
1 + 1 = 2 مسألة لا تقبل الشك لأنها حقيقة ألقتها إلينا الفطرة من داخلنا وأوحت بها البداهة .
وهي معرفة أولى جاءت إلينا مع شهادة الميلاد .
لو أدرك الإنسان هذا لأراح واستراح . ولوفّر على نفسه كثيراً من الجدل والشقشقة والسفسطة والمكابرة في مسألة الروح والجسد . والعقل والمخ . والحرية والجبر . والمسئولية والحساب . ولاكتفى بالإصغاء إلى ما تهمس به فطرته وما يُفتي به قلبه وما تشير به بصيرته .
وذرة من الإخلاص أفضل من قناطير من الكتب .
لنصغي إلى صوت نفوسنا وهمس بصائرنا في إخلاص شديد دون محاولة تشويه ذلك الصوت البكر بحبائل المنطق وشراك الحجج .
وعلى من يشك في كلامي . وعلى هواة الجدل والنقاش والمقارعة المنطقية أن يعودوا فيقرأوا مقالي من أوله .
.
مقال / الروح
من كتاب : رحلتي من الشك إلى الإيمان
للدكتور : مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝