❞ خديجة بنت خويلد بن أسد القرشية (68 ق.هـ - 3 ق.هـ/ 556م - 619م)؛ أم المؤمنين وأولى زوجات الرسول محمد وأم كل أولاده ما عدا ولده إبراهيم، عاشت خديجة مع النبي فترة ما قبل البعثة، وكانت تستشعر نبوة زوجها، فكانت تعتني ببيتها وأولادها، وتسير قوافلها التجارية، وتوفر للنبي مَؤُونته في خلوته عندما كان يَعتَكف ويَتعَبد في غار حراء، وعندما أنزل الله وحيه على النبي كانت خديجة أول من صدقته فيما حَدّث، وذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل الذي بَشَّره بأنه نبي الأُمّة، فكانت أول من آمن بالنبي من الرجال والنساء، وأول من توضأ وصلّى، وظلت بعد ذلك صابرة مُصابرة مع الرسول في تكذيب قريش وبطشها بالمسلمين، حتى وقع حصار قريش على بني هاشم وبني المطلب في شِعب أبي طالب، فالتحقت بزوجها في الشِعب، وعانت ما عاناه بنو هاشم من جوع ومرض مدة ثلاث سنين، وبعد أن فُك الحصار عن الرسول ومن معه مرضت خديجة، وما لبثت أن توفيت بعد وفاة عم النبي أبي طالب بن عبد المطلب بثلاثة أيام وقيل بأكثر من ذلك، في شهر رمضان قبل هجرة الرسول بثلاث سنين عام 619م وعمرها خمس وستون سنة، وكان مقامها مع الرسول بعدما تزوجها أربعاً وعشرين سنة وستة أشهر، ودفنها الرسول بالحجون (مقبرة المعلاة).
تحظى خديجة بنت خويلد بمكانة كبيرة ومنزلة عظيمة عند جميع الطوائف الإسلامية، فقد روى أبو هريرة: «قال رسول الله: خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسيا ابنة مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد»، وأتى جبريل عليه السلام إلى النبي مرة فقال: «يا رسول الله، هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربّها عزّ وجل ومنّي، وبشّرها ببيت في الجنّة من قصب لا صخب فيه ولا نَصَب».
توفيت خديجة بنت خويلد بعد وفاة عم النبي أبو طالب بن عبد المطلب بثلاثة أيام وقيل بأكثر من ذلك، في شهر رمضان قبل الهجرة بثلاث سنين عام 619م، ولها من العمر خمس وستون سنة، وكان مقامها مع رسول الله بعدما تزوجها أربعًا وعشرين سنة وستة أشهر، ودفنها رسول الله بالحجون ولم تكن الصلاة على الجنائز يومئذ، وحزن عليها النبي ونزل في حفرتها، وتتابعت على رسول الله بموت أبي طالب وخديجة المصائب لأنهما كانا من أشد المعضدين له المدافعين عنه، فاشتد أذى قريش عليه حتى نثر بعضهم التراب على رأسه وطرح بعضهم عليه سلى الشاة وهو يصلي، وسُمي العام الذي مات فيه أبو طالب وخديجة بعام الحزن، ولم ينسَ رسول الله محبته لخديجة بعد وفاتها وكان دائما يثني عليها ولم يتزوج عليها حتى ماتت إكراما لها، وقد كانت مثال الزوجة الصالحة الوفية، فبذلت نفسها ومالها لرسول الله وصدقته حين نزل عليه الوحي.
قال ابن حجر العسقلاني «وماتَت عَلى الصحيح بعد المبعث بعشر سنين في شهر رمضان، وقيل: بثمان، وقيل: بسبع، فأقامت مع الرسول خمساً وعشرين سنة على الصحيح، وقال ابن عبد البر أربعا وعشرين سنة وأربعة أشهر، وسَيأتي من حديث عائشة ما يؤَيد الصحيح في أَن موْتها قبل الهجرة بثلاث سنين، وذلك بعد المبعث على الصّواب بعشر سنين»، وقال بدر الدين العيني «وكانت وفاتها بعد وفاة أبي طالب بثلاثة أيام».
فقه خديجة
كان يَظهرُ على خديجة رجاحة الرأي وحسن التدبير وصواب المشورة في حياتها قبل زواجها من الرسول، وفي اختيارها للرسول زوجًا لها، ثم في حياتها معه حتى وفاتها، وكان الرسول يأنس بمشورتها ويحرص على عرض الأمور عليها والاستئناس برأيها، ومن تتبع بعض الحوادث التي عرضت عليها وأبدت فيها رأيًا أو أشارت به، وُجد في ذلك فقهًا وفكرًا وحصافة تميزت به في فترة البعثة النبوية، ومن نماذج فقهها:
من فقه خديجة وحصافتها أنها ما إن سمعت بالرسول وسيرته اقتربت منه، وحرصت على أن تربطها معه علاقة عمل، وكان بعدها زواجها منه.
أجمع أهل السير والمؤرخون أن أول من آمن بالرسول هي خديجة، ولم يكن إيمانها إيمان عاطفة، بل كان إيمان بصيرة ويقين وتصديق، ومنه موقفها من الوحي: لما رجع الرسول من غار حراء ترجف بوادره، دخل على خديجة فقال: زملوني، زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة: أي خديجة ما لي لقد خشيت على نفسي، فأخبرها الخبر، قالت خديجة: كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا، فوالله إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكلَّ وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق.
من مظاهر فقه خديجة، أنها ذهبت إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وهي تعرف ما لديه من العلم وما له من دين، وطلبت منه أن يسمع الرسول ويقص عليه ما رأى وما سمع، وكان جواب ورقة: قدوس قدوس إنه الناموس الذي نزل على موسى، وإنك يا محمد نبي هذه الأمة، وكانت هذه الكلمات تأكيدًا وتوثيقًا لشعورها وحدسها بأن محمد رسول الله.
ذهبت خديجة ذات مرة للرسول في غار حراء تحمل معها الماء والزاد، فأتى رسول الله جبريل فقال : «يا محمد، هذه خديجة تحمل حيسا في حلاب، وقد أرسلني الله إليها بالسلام، فجاءت خديجة فقال لها الرسول: معك حيس، قالت: نعم يا رسول الله، قال: إن جبريل أخبرني ذاك وأخبرني أن الله أرسله إليك بالسلام، فقالت خديجة: يا رسول الله، الله السلام ومنه السلام وعلى جبريل السلام»، يظهر فقه خديجة في تأدبها مع الله، فلم تقل على الله السلام، وإنما قالت الله السلام وعلى جبريل السلام، قال ابن حجر العسقلاني: «قال العلماء في هذه القصة دليل على وفور فقهها لأنها لم تقل وعليه السلام كما وقع لبعض الصحابة حيث كانوا يقولون في التشهد السلام على الله، فنهاهم النبي وقال: إنّ الله هو السلام فقولوا التحيات لله، فعرفت خديجة لصحة فهمها أنّ الله لا يُرد عليه السلام كما يُرد على المخلوقين لأنّ السلام اسم من أسماء الله، وهو أيضاً دعاء بالسلامة وكلاها لا يصلح أن يرد به على الله، فكأنها قالت: كيف أقول عليه السلام، والسلام اسمه ومنه يطلب ومنه يحصل، فيستفاد منه أنه لا يليق بالله، إلا الثناء عليه، فجعلت مكان رد السلام عليه الثناء عليه ثم غايرت بين ما يليق بالله وما يليق بغيره، فقالت: وعلى جبريل السلام ثم قالت: وعليك السلام، ويستفاد منه رد السلام على من أرسل السلام وعلى من بلغه، والذي يظهر أنّ جبريل كان حاضراً عند جوابها فردّت عليه وعلى النبي مرتين، مرة بالتخصيص ومرة بالتعميم ثم أخرجت الشيطان ممن سمع لأنه لا يستحق الدعاء بذلك».
بر الرسول بها بعد موتها
روى البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة قالت: «ما غرت على أحد من نساء النبي ما غرت على خديجة وما رأيتها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يُقطّعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة فيقول: إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد».
رُويَ عن النبي أنه: «كان إذا ذبح الشاة يقول أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة».
رَوى مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة قالت: «استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف استئذان خديجة فارتاح لذلك فقال اللهم هالة بنت خويلد».
وفي رواية لأحمد عن أم المؤمنين عائشة قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء قالت فغِرتُ يوماً فقلت: ما أكثر ما تذكرها، حمراء الشدق قد أبدلك الله عز وجل بها خيراً منها، قال: ما أبدلني الله عز و جل خيراً منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء»، قال النووي: «في هذا الحديث دلالة لحسن العهد وحفظ الود ورعاية حرمة الصاحب، والمعاشر حيًا أو ميتًا، وإكرام معارف ذلك الصاحب».
عن أنس بن مالك قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أُتي بالشيء يقول: اذهبوا به إلى فلانة، فإنها كانت صديقة خديجة، اذهبوا به إلى بيت فلانة، فإنها كانت تحب خديجة».
روى ابن الأعرابي في معجمه عن أم المؤمنين عائشة قالت: «جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي، فقال لها رسول الله: من أنت، فقالت: أنا جَُّثامَُة المزنية، فقال: بل أنت حَسَّانَةُ المزنية، كيف أنتم، كيف حالكم، كيف كنتم بعدنا، قالت: بخير بأبي أنت وأمّي يا رسول اللهَِّ، فلما خرجت قلت: يا رسول اللهَِّ تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال، فقال: إنهاَ كانت تأتينا زمن خديجة، وإنِّ حسْن العهد من الإيمان».
روى أحمد بن حنبل في مسنده عن عبّاد عن عائشة زوج النبي قالت: «لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم، فبعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أبي العاص بن الربيع بمال، وبعثت فيه بقلادة لها كانت لخديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها، قالت: فلما رآها رسول الله رق لها رقةً شديدة، وقال: إن رأيتم أنْ تطلقوا لها أسيرها، وتردوا عليها الذي لها فافعلوا، فقالوا: نعم يا رسول الله، فأطلقوه وردوا عليها الذي لها».
فضلها
لخديجة بنت خويلد مكانة كبيرة وفضل عظيم عند المسلمين، فهي أول الناس إيمانًا بالرسول، ولم يتزوج عليها في حياتها قطّ، ولا تسرّى بامرأة حتى فارقت الدنيا، وهي خير نساء الأمة مطلقاً، فقد روى البخاري في صحيحه عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله: «خير نسائها مريم، وخير نسائها خديجة».
قال الذهبي: «ومناقبها جمّة، وهي ممن كمل من النساء، كانت عاقلة جليلة دَينة مصونةً كريمةً، من أهل الجنة، وكان النبي يُثني عليها، ويُفضّلها على سائر أمهات المؤمنين، ويُبالغ في تعظيمها، بحيث إنّ عائشة كانت تقول: ما غِرت من امرأة ما غرت من خديجة، من كثرةِ ذِكر النبي لها، ومن كرامتها عليه أنها لم يتزوج امرأة قبلها، وجاءه منها عدة أولاد، ولم يتزوج عليها قطّ، ولا تسرّى إلى أن قضت نحبها، فوجد لفقدها، فإنها كانت نعم القرين، وكانت تنفق عليه من مالها، ويتجر هو لها. وقد أمره الله أن يُبشِّرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب»، وقال ابن حجر العسقلاني: «وقد تقدم في أبواب بدء الوحي بيان تصديقها للنبي في أول وهلة ومن ثباتها في الأمر ما يدل على قوة يقينها ووفور عقلها وصحة عزمها لا جرم كانت أفضل نسائه على الراجح». رجح عدد من العلماء أفضلية خديجة على سائر نساء النبي وبالذات أٌم المؤمنين عائشة، قال ابن حجر العسقلاني: «قال السهيلي استدل أبو بكر بن داود على أنّ خديجة أفضل من عائشة لأن عائشة سلّم عليها جبريل من قبل نفسه، وخديجة أبلغها السلام من ربها، وزعم ابن العربي أنه لا خلاف في أنّ خديجة أفضل من عائشة، وردّ بأنّ الخلاف ثابت قديماً وإن كان الراجح أفضلية خديجة بهذا وبما تقدم، قلت: ومن صريح ماجاء في تفضيل خديجة ما أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم من حديث ابن عباس رفعه أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد، قال السبكي الكبير: لعائشة من الفضائل ما لا يُحصى ولكن الذي نختاره وندين الله به أنّ فاطمة أفضل ثم خديجة ثم عائشة، واستدل لفضل فاطمة بما تقدم في ترجمتها أنها سيدة نساء المؤمنين، قلت: وقال بعض من أدركناه: الذي يظهر أنّ الجمع بين الحديثين أولى، وأن لا نفضل إحداهما على الأخرى، وسئل السبكي هل قال أحد أنّ أحداً من نساء النبي غير خديجة وعائشة أفضل من فاطمة، فقال: قال به من لا يُعتد بقوله، وهو من فضل نساء النبي على جميع الصحابة لأنهن في درجته في الجنة، قال: وهو قول ساقط مردود انتهى، قال السبكي: ونساء النبي بعد خديجة وعائشة متساويات في الفضل».
أحاديث وردت في شأنها
روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن أبي أوفى قال: «اعتمر رسول الله واعتمرنا معه فلما دخل مكة طاف وطفنا معه، وأتى الصفا والمروة وأتيناهما معه وكنا نستره من أهل مكة أن يرميه أحد، فقال له صاحب لي أكان دخل الكعبة، قال: لا، قال: فحدّثنا ما قال لخديجة، قال: بشروا خديجة ببيت من الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب».
روى البخاري عن علي بن أبي طالب قال: «سمعت النبي يقول خير نسائها مريم ابنة عمران وخير نسائها خديجة».
روى أحمد بن حنبل في مسنده عن عبد الله بن عباس قال: «خط رسول الله في الأرض أربعة خطوط، قال: تدرون ما هذا، فقالوا: الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله: أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومريم ابنة عمران».
رَوى الحاكم النيسابوري أن أم المؤمنين عائشة قالت: «أّن رسول الله كان يُكثر ذكر خديجة، فقلت: لقد أعقبك الله من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر الأول، قالت: فتمعر وجهه تمعراً ما كنت أراه إلا عند نزول الوحي، وإذا رأى مخيلة الرعد والبرق حتى يعلم أرحمة هي أم عذاب».
حديث اختبار خديجة لجبريل وإثباتها للوحي
الرواية
أرادت خديجة أن تختبر جبريل لتتأكد من حقيقته فقالت للنبي: «أي ابن عم أتستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك، قال نعم، قالت فإذا جاءك فأخبرني به، فجاءه جبريل عليه السلام كما كان يصنع، فقال رسول الله لخديجة يا خديجة هذا جبريل قد جاءني، قالت قم يا ابن عم فاجلس على فخذي اليسرى، قال فقام رسول الله فجلس عليها، قالت هل تراه، قال نعم، قالت فتحول فاجلس على فخذي اليمنى، قالت فتحول رسول الله فجلس على فخذها اليمنى، فقالت هل تراه، قال نعم، قالت فتحول فاجلس في حجري، قالت فتحول رسول الله فجلس في حجرها، قالت هل تراه، قال نعم قال فتحسرت وألقت خمارها ورسول الله جالس في حجرها، ثم قالت له هل تراه، قال لا، قالت يا ابن عم اثبت وأبشر فوالله إنه لملك وما هذا بشيطان» استنبطت خديجة ذلك لأن الملك غادر المكان عندما كشفت عن رأسها، وأدركت أن هذا التصرف لا يتصرفه شيطان، بل هو ملك من الملائكة. ❝ ⏤إبراهيم محمد حسن الجمل
❞ خديجة بنت خويلد بن أسد القرشية (68 ق.هـ 3 ق.هـ/ 556م 619م)؛ أم المؤمنين وأولى زوجات الرسول محمد وأم كل أولاده ما عدا ولده إبراهيم، عاشت خديجة مع النبي فترة ما قبل البعثة، وكانت تستشعر نبوة زوجها، فكانت تعتني ببيتها وأولادها، وتسير قوافلها التجارية، وتوفر للنبي مَؤُونته في خلوته عندما كان يَعتَكف ويَتعَبد في غار حراء، وعندما أنزل الله وحيه على النبي كانت خديجة أول من صدقته فيما حَدّث، وذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل الذي بَشَّره بأنه نبي الأُمّة، فكانت أول من آمن بالنبي من الرجال والنساء، وأول من توضأ وصلّى، وظلت بعد ذلك صابرة مُصابرة مع الرسول في تكذيب قريش وبطشها بالمسلمين، حتى وقع حصار قريش على بني هاشم وبني المطلب في شِعب أبي طالب، فالتحقت بزوجها في الشِعب، وعانت ما عاناه بنو هاشم من جوع ومرض مدة ثلاث سنين، وبعد أن فُك الحصار عن الرسول ومن معه مرضت خديجة، وما لبثت أن توفيت بعد وفاة عم النبي أبي طالب بن عبد المطلب بثلاثة أيام وقيل بأكثر من ذلك، في شهر رمضان قبل هجرة الرسول بثلاث سنين عام 619م وعمرها خمس وستون سنة، وكان مقامها مع الرسول بعدما تزوجها أربعاً وعشرين سنة وستة أشهر، ودفنها الرسول بالحجون (مقبرة المعلاة).
تحظى خديجة بنت خويلد بمكانة كبيرة ومنزلة عظيمة عند جميع الطوائف الإسلامية، فقد روى أبو هريرة: «قال رسول الله: خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسيا ابنة مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد»، وأتى جبريل عليه السلام إلى النبي مرة فقال: «يا رسول الله، هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربّها عزّ وجل ومنّي، وبشّرها ببيت في الجنّة من قصب لا صخب فيه ولا نَصَب».
توفيت خديجة بنت خويلد بعد وفاة عم النبي أبو طالب بن عبد المطلب بثلاثة أيام وقيل بأكثر من ذلك، في شهر رمضان قبل الهجرة بثلاث سنين عام 619م، ولها من العمر خمس وستون سنة، وكان مقامها مع رسول الله بعدما تزوجها أربعًا وعشرين سنة وستة أشهر، ودفنها رسول الله بالحجون ولم تكن الصلاة على الجنائز يومئذ، وحزن عليها النبي ونزل في حفرتها، وتتابعت على رسول الله بموت أبي طالب وخديجة المصائب لأنهما كانا من أشد المعضدين له المدافعين عنه، فاشتد أذى قريش عليه حتى نثر بعضهم التراب على رأسه وطرح بعضهم عليه سلى الشاة وهو يصلي، وسُمي العام الذي مات فيه أبو طالب وخديجة بعام الحزن، ولم ينسَ رسول الله محبته لخديجة بعد وفاتها وكان دائما يثني عليها ولم يتزوج عليها حتى ماتت إكراما لها، وقد كانت مثال الزوجة الصالحة الوفية، فبذلت نفسها ومالها لرسول الله وصدقته حين نزل عليه الوحي.
قال ابن حجر العسقلاني «وماتَت عَلى الصحيح بعد المبعث بعشر سنين في شهر رمضان، وقيل: بثمان، وقيل: بسبع، فأقامت مع الرسول خمساً وعشرين سنة على الصحيح، وقال ابن عبد البر أربعا وعشرين سنة وأربعة أشهر، وسَيأتي من حديث عائشة ما يؤَيد الصحيح في أَن موْتها قبل الهجرة بثلاث سنين، وذلك بعد المبعث على الصّواب بعشر سنين»، وقال بدر الدين العيني «وكانت وفاتها بعد وفاة أبي طالب بثلاثة أيام».
فقه خديجة
كان يَظهرُ على خديجة رجاحة الرأي وحسن التدبير وصواب المشورة في حياتها قبل زواجها من الرسول، وفي اختيارها للرسول زوجًا لها، ثم في حياتها معه حتى وفاتها، وكان الرسول يأنس بمشورتها ويحرص على عرض الأمور عليها والاستئناس برأيها، ومن تتبع بعض الحوادث التي عرضت عليها وأبدت فيها رأيًا أو أشارت به، وُجد في ذلك فقهًا وفكرًا وحصافة تميزت به في فترة البعثة النبوية، ومن نماذج فقهها:
من فقه خديجة وحصافتها أنها ما إن سمعت بالرسول وسيرته اقتربت منه، وحرصت على أن تربطها معه علاقة عمل، وكان بعدها زواجها منه.
أجمع أهل السير والمؤرخون أن أول من آمن بالرسول هي خديجة، ولم يكن إيمانها إيمان عاطفة، بل كان إيمان بصيرة ويقين وتصديق، ومنه موقفها من الوحي: لما رجع الرسول من غار حراء ترجف بوادره، دخل على خديجة فقال: زملوني، زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة: أي خديجة ما لي لقد خشيت على نفسي، فأخبرها الخبر، قالت خديجة: كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا، فوالله إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكلَّ وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق.
من مظاهر فقه خديجة، أنها ذهبت إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وهي تعرف ما لديه من العلم وما له من دين، وطلبت منه أن يسمع الرسول ويقص عليه ما رأى وما سمع، وكان جواب ورقة: قدوس قدوس إنه الناموس الذي نزل على موسى، وإنك يا محمد نبي هذه الأمة، وكانت هذه الكلمات تأكيدًا وتوثيقًا لشعورها وحدسها بأن محمد رسول الله.
ذهبت خديجة ذات مرة للرسول في غار حراء تحمل معها الماء والزاد، فأتى رسول الله جبريل فقال : «يا محمد، هذه خديجة تحمل حيسا في حلاب، وقد أرسلني الله إليها بالسلام، فجاءت خديجة فقال لها الرسول: معك حيس، قالت: نعم يا رسول الله، قال: إن جبريل أخبرني ذاك وأخبرني أن الله أرسله إليك بالسلام، فقالت خديجة: يا رسول الله، الله السلام ومنه السلام وعلى جبريل السلام»، يظهر فقه خديجة في تأدبها مع الله، فلم تقل على الله السلام، وإنما قالت الله السلام وعلى جبريل السلام، قال ابن حجر العسقلاني: «قال العلماء في هذه القصة دليل على وفور فقهها لأنها لم تقل وعليه السلام كما وقع لبعض الصحابة حيث كانوا يقولون في التشهد السلام على الله، فنهاهم النبي وقال: إنّ الله هو السلام فقولوا التحيات لله، فعرفت خديجة لصحة فهمها أنّ الله لا يُرد عليه السلام كما يُرد على المخلوقين لأنّ السلام اسم من أسماء الله، وهو أيضاً دعاء بالسلامة وكلاها لا يصلح أن يرد به على الله، فكأنها قالت: كيف أقول عليه السلام، والسلام اسمه ومنه يطلب ومنه يحصل، فيستفاد منه أنه لا يليق بالله، إلا الثناء عليه، فجعلت مكان رد السلام عليه الثناء عليه ثم غايرت بين ما يليق بالله وما يليق بغيره، فقالت: وعلى جبريل السلام ثم قالت: وعليك السلام، ويستفاد منه رد السلام على من أرسل السلام وعلى من بلغه، والذي يظهر أنّ جبريل كان حاضراً عند جوابها فردّت عليه وعلى النبي مرتين، مرة بالتخصيص ومرة بالتعميم ثم أخرجت الشيطان ممن سمع لأنه لا يستحق الدعاء بذلك».
بر الرسول بها بعد موتها
روى البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة قالت: «ما غرت على أحد من نساء النبي ما غرت على خديجة وما رأيتها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يُقطّعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة فيقول: إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد».
رُويَ عن النبي أنه: «كان إذا ذبح الشاة يقول أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة».
رَوى مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة قالت: «استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف استئذان خديجة فارتاح لذلك فقال اللهم هالة بنت خويلد».
وفي رواية لأحمد عن أم المؤمنين عائشة قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء قالت فغِرتُ يوماً فقلت: ما أكثر ما تذكرها، حمراء الشدق قد أبدلك الله عز وجل بها خيراً منها، قال: ما أبدلني الله عز و جل خيراً منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء»، قال النووي: «في هذا الحديث دلالة لحسن العهد وحفظ الود ورعاية حرمة الصاحب، والمعاشر حيًا أو ميتًا، وإكرام معارف ذلك الصاحب».
عن أنس بن مالك قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أُتي بالشيء يقول: اذهبوا به إلى فلانة، فإنها كانت صديقة خديجة، اذهبوا به إلى بيت فلانة، فإنها كانت تحب خديجة».
روى ابن الأعرابي في معجمه عن أم المؤمنين عائشة قالت: «جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي، فقال لها رسول الله: من أنت، فقالت: أنا جَُّثامَُة المزنية، فقال: بل أنت حَسَّانَةُ المزنية، كيف أنتم، كيف حالكم، كيف كنتم بعدنا، قالت: بخير بأبي أنت وأمّي يا رسول اللهَِّ، فلما خرجت قلت: يا رسول اللهَِّ تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال، فقال: إنهاَ كانت تأتينا زمن خديجة، وإنِّ حسْن العهد من الإيمان».
روى أحمد بن حنبل في مسنده عن عبّاد عن عائشة زوج النبي قالت: «لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم، فبعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أبي العاص بن الربيع بمال، وبعثت فيه بقلادة لها كانت لخديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها، قالت: فلما رآها رسول الله رق لها رقةً شديدة، وقال: إن رأيتم أنْ تطلقوا لها أسيرها، وتردوا عليها الذي لها فافعلوا، فقالوا: نعم يا رسول الله، فأطلقوه وردوا عليها الذي لها».
فضلها
لخديجة بنت خويلد مكانة كبيرة وفضل عظيم عند المسلمين، فهي أول الناس إيمانًا بالرسول، ولم يتزوج عليها في حياتها قطّ، ولا تسرّى بامرأة حتى فارقت الدنيا، وهي خير نساء الأمة مطلقاً، فقد روى البخاري في صحيحه عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله: «خير نسائها مريم، وخير نسائها خديجة».
قال الذهبي: «ومناقبها جمّة، وهي ممن كمل من النساء، كانت عاقلة جليلة دَينة مصونةً كريمةً، من أهل الجنة، وكان النبي يُثني عليها، ويُفضّلها على سائر أمهات المؤمنين، ويُبالغ في تعظيمها، بحيث إنّ عائشة كانت تقول: ما غِرت من امرأة ما غرت من خديجة، من كثرةِ ذِكر النبي لها، ومن كرامتها عليه أنها لم يتزوج امرأة قبلها، وجاءه منها عدة أولاد، ولم يتزوج عليها قطّ، ولا تسرّى إلى أن قضت نحبها، فوجد لفقدها، فإنها كانت نعم القرين، وكانت تنفق عليه من مالها، ويتجر هو لها. وقد أمره الله أن يُبشِّرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب»، وقال ابن حجر العسقلاني: «وقد تقدم في أبواب بدء الوحي بيان تصديقها للنبي في أول وهلة ومن ثباتها في الأمر ما يدل على قوة يقينها ووفور عقلها وصحة عزمها لا جرم كانت أفضل نسائه على الراجح». رجح عدد من العلماء أفضلية خديجة على سائر نساء النبي وبالذات أٌم المؤمنين عائشة، قال ابن حجر العسقلاني: «قال السهيلي استدل أبو بكر بن داود على أنّ خديجة أفضل من عائشة لأن عائشة سلّم عليها جبريل من قبل نفسه، وخديجة أبلغها السلام من ربها، وزعم ابن العربي أنه لا خلاف في أنّ خديجة أفضل من عائشة، وردّ بأنّ الخلاف ثابت قديماً وإن كان الراجح أفضلية خديجة بهذا وبما تقدم، قلت: ومن صريح ماجاء في تفضيل خديجة ما أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم من حديث ابن عباس رفعه أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد، قال السبكي الكبير: لعائشة من الفضائل ما لا يُحصى ولكن الذي نختاره وندين الله به أنّ فاطمة أفضل ثم خديجة ثم عائشة، واستدل لفضل فاطمة بما تقدم في ترجمتها أنها سيدة نساء المؤمنين، قلت: وقال بعض من أدركناه: الذي يظهر أنّ الجمع بين الحديثين أولى، وأن لا نفضل إحداهما على الأخرى، وسئل السبكي هل قال أحد أنّ أحداً من نساء النبي غير خديجة وعائشة أفضل من فاطمة، فقال: قال به من لا يُعتد بقوله، وهو من فضل نساء النبي على جميع الصحابة لأنهن في درجته في الجنة، قال: وهو قول ساقط مردود انتهى، قال السبكي: ونساء النبي بعد خديجة وعائشة متساويات في الفضل».
أحاديث وردت في شأنها
روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن أبي أوفى قال: «اعتمر رسول الله واعتمرنا معه فلما دخل مكة طاف وطفنا معه، وأتى الصفا والمروة وأتيناهما معه وكنا نستره من أهل مكة أن يرميه أحد، فقال له صاحب لي أكان دخل الكعبة، قال: لا، قال: فحدّثنا ما قال لخديجة، قال: بشروا خديجة ببيت من الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب».
روى البخاري عن علي بن أبي طالب قال: «سمعت النبي يقول خير نسائها مريم ابنة عمران وخير نسائها خديجة».
روى أحمد بن حنبل في مسنده عن عبد الله بن عباس قال: «خط رسول الله في الأرض أربعة خطوط، قال: تدرون ما هذا، فقالوا: الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله: أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومريم ابنة عمران».
رَوى الحاكم النيسابوري أن أم المؤمنين عائشة قالت: «أّن رسول الله كان يُكثر ذكر خديجة، فقلت: لقد أعقبك الله من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر الأول، قالت: فتمعر وجهه تمعراً ما كنت أراه إلا عند نزول الوحي، وإذا رأى مخيلة الرعد والبرق حتى يعلم أرحمة هي أم عذاب».
حديث اختبار خديجة لجبريل وإثباتها للوحي
الرواية
أرادت خديجة أن تختبر جبريل لتتأكد من حقيقته فقالت للنبي: «أي ابن عم أتستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك، قال نعم، قالت فإذا جاءك فأخبرني به، فجاءه جبريل عليه السلام كما كان يصنع، فقال رسول الله لخديجة يا خديجة هذا جبريل قد جاءني، قالت قم يا ابن عم فاجلس على فخذي اليسرى، قال فقام رسول الله فجلس عليها، قالت هل تراه، قال نعم، قالت فتحول فاجلس على فخذي اليمنى، قالت فتحول رسول الله فجلس على فخذها اليمنى، فقالت هل تراه، قال نعم، قالت فتحول فاجلس في حجري، قالت فتحول رسول الله فجلس في حجرها، قالت هل تراه، قال نعم قال فتحسرت وألقت خمارها ورسول الله جالس في حجرها، ثم قالت له هل تراه، قال لا، قالت يا ابن عم اثبت وأبشر فوالله إنه لملك وما هذا بشيطان» استنبطت خديجة ذلك لأن الملك غادر المكان عندما كشفت عن رأسها، وأدركت أن هذا التصرف لا يتصرفه شيطان، بل هو ملك من الملائكة . ❝
❞ ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ (35)
قوله تعالى : ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين فيه أربع مسائل : الأولى : قوله تعالى : ثم بدا لهم أي ظهر للعزيز وأهل مشورته من بعد أن رأوا الآيات أي علامات براءة يوسف - من قد القميص من دبر ; وشهادة الشاهد ، وحز الأيدي ، وقلة صبرهن عن لقاء يوسف : أن يسجنوه كتمانا للقصة ألا تشيع في العامة ، وللحيلولة بينه وبينها . وقيل : هي البركات التي كانت تنفتح عليهم ما دام يوسف فيهم ; والأول أصح . قال مقاتل عن مجاهد عن ابن عباس في قوله : ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات قال : القميص من الآيات ، وشهادة الشاهد من الآيات ، وقطع الأيدي من الآيات ، وإعظام النساء إياه من الآيات . وقيل : ألجأها الخجل من الناس ، والوجل من اليأس إلى أن رضيت بالحجاب مكان خوف الذهاب ، لتشتفي إذا منعت من نظره ، قال :
وما صبابة مشتاق على أمل من اللقاء كمشتاق بلا أمل
أو كادته رجاء أن يمل حبسه فيبذل نفسه .
الثانية : قوله تعالى : ليسجننه يسجننه في موضع الفاعل ; أي ظهر لهم أن يسجنوه ; هذا قول سيبويه . قال المبرد : وهذا غلط ; لا يكون الفاعل جملة ، ولكن الفاعل ما دل عليه بدا وهو مصدر ; أي بدا لهم بداء ; فحذف لأن الفعل يدل عليه ; كما قال الشاعر :
وحق لمن أبو موسى أبوه يوفقه الذي نصب الجبالا
أي وحق الحق ، فحذف . وقيل : المعنى ثم بدا لهم رأي لم يكونوا يعرفونه ; وحذف هذا لأن في الكلام دليلا عليه ، وحذف أيضا القول ; أي قالوا : ليسجننه ، واللام جواب ليمين مضمر ; قاله الفراء ، وهو فعل مذكر لا فعل مؤنث ; ولو كان فعلا مؤنثا لكان يسجنانه ; ويدل على هذا قوله لهم ولم يقل لهن ، فكأنه أخبر عن النسوة وأعوانهن فغلب المذكر ; قاله أبو علي . وقال السدي : كان سبب حبس يوسف أن امرأة العزيز شكت إليه أنه شهرها ونشر خبرها ; فالضمير على هذا في لهم للملك .
الثالثة : قوله تعالى : ˝ حتى حين ˝ أي إلى مدة غير معلومة ; قاله كثير من المفسرين . وقال ابن عباس : إلى انقطاع ما شاع في المدينة . وقال سعيد بن جبير : إلى ستة أشهر . وحكى إلكيا أنه عنى ثلاثة عشر شهرا . عكرمة : تسع سنين . الكلبي : خمس سنين . مقاتل : سبع . وقد مضى في ˝ البقرة ˝ القول في الحين وما يرتبط به من الأحكام . وقال وهب : أقام في السجن اثنتي عشرة سنة . و ˝ حتى ˝ بمعنى إلى ; كقوله : حتى مطلع الفجر . وجعل الله الحبس تطهيرا ليوسف - صلى الله عليه وسلم - من همه بالمرأة . وكأن العزيز - وإن عرف براءة يوسف - أطاع المرأة في سجن يوسف . قال ابن عباس : عثر يوسف ثلاث عثرات : حين هم بها فسجن ، وحين قال للفتى : اذكرني عند ربك فلبث في السجن بضع سنين ، وحين قال لإخوته : إنكم لسارقون فقالوا : إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل .
الرابعة : أكره يوسف - عليه السلام - على الفاحشة بالسجن ، وأقام خمسة أعوام ، وما رضي بذلك لعظيم منزلته وشريف قدره ; ولو أكره رجل بالسجن على الزنا ما جاز له إجماعا . فإن أكره بالضرب فقد اختلف فيه العلماء ، والصحيح أنه إذا كان فادحا فإنه يسقط عنه إثم الزنا وحده . وقد قال بعض علمائنا : إنه لا يسقط عنه الحد ، وهو ضعيف ; فإن الله تعالى لا يجمع على عبده العذابين ، ولا يصرفه بين بلاءين ; فإنه من أعظم الحرج في الدين . وما جعل عليكم في الدين من حرج . وسيأتي بيان هذا في ˝ النحل ˝ إن شاء الله . وصبر يوسف ، واستعاذ به من الكيد ، فاستجاب له على ما تقدم. ❝ ⏤محمد رشيد رضا
❞ ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ (35)
قوله تعالى : ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين فيه أربع مسائل : الأولى : قوله تعالى : ثم بدا لهم أي ظهر للعزيز وأهل مشورته من بعد أن رأوا الآيات أي علامات براءة يوسف من قد القميص من دبر ; وشهادة الشاهد ، وحز الأيدي ، وقلة صبرهن عن لقاء يوسف : أن يسجنوه كتمانا للقصة ألا تشيع في العامة ، وللحيلولة بينه وبينها . وقيل : هي البركات التي كانت تنفتح عليهم ما دام يوسف فيهم ; والأول أصح . قال مقاتل عن مجاهد عن ابن عباس في قوله : ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات قال : القميص من الآيات ، وشهادة الشاهد من الآيات ، وقطع الأيدي من الآيات ، وإعظام النساء إياه من الآيات . وقيل : ألجأها الخجل من الناس ، والوجل من اليأس إلى أن رضيت بالحجاب مكان خوف الذهاب ، لتشتفي إذا منعت من نظره ، قال :
وما صبابة مشتاق على أمل من اللقاء كمشتاق بلا أمل
أو كادته رجاء أن يمل حبسه فيبذل نفسه .
الثانية : قوله تعالى : ليسجننه يسجننه في موضع الفاعل ; أي ظهر لهم أن يسجنوه ; هذا قول سيبويه . قال المبرد : وهذا غلط ; لا يكون الفاعل جملة ، ولكن الفاعل ما دل عليه بدا وهو مصدر ; أي بدا لهم بداء ; فحذف لأن الفعل يدل عليه ; كما قال الشاعر :
وحق لمن أبو موسى أبوه يوفقه الذي نصب الجبالا
أي وحق الحق ، فحذف . وقيل : المعنى ثم بدا لهم رأي لم يكونوا يعرفونه ; وحذف هذا لأن في الكلام دليلا عليه ، وحذف أيضا القول ; أي قالوا : ليسجننه ، واللام جواب ليمين مضمر ; قاله الفراء ، وهو فعل مذكر لا فعل مؤنث ; ولو كان فعلا مؤنثا لكان يسجنانه ; ويدل على هذا قوله لهم ولم يقل لهن ، فكأنه أخبر عن النسوة وأعوانهن فغلب المذكر ; قاله أبو علي . وقال السدي : كان سبب حبس يوسف أن امرأة العزيز شكت إليه أنه شهرها ونشر خبرها ; فالضمير على هذا في لهم للملك .
الثالثة : قوله تعالى : ˝ حتى حين ˝ أي إلى مدة غير معلومة ; قاله كثير من المفسرين . وقال ابن عباس : إلى انقطاع ما شاع في المدينة . وقال سعيد بن جبير : إلى ستة أشهر . وحكى إلكيا أنه عنى ثلاثة عشر شهرا . عكرمة : تسع سنين . الكلبي : خمس سنين . مقاتل : سبع . وقد مضى في ˝ البقرة ˝ القول في الحين وما يرتبط به من الأحكام . وقال وهب : أقام في السجن اثنتي عشرة سنة . و ˝ حتى ˝ بمعنى إلى ; كقوله : حتى مطلع الفجر . وجعل الله الحبس تطهيرا ليوسف صلى الله عليه وسلم من همه بالمرأة . وكأن العزيز وإن عرف براءة يوسف أطاع المرأة في سجن يوسف . قال ابن عباس : عثر يوسف ثلاث عثرات : حين هم بها فسجن ، وحين قال للفتى : اذكرني عند ربك فلبث في السجن بضع سنين ، وحين قال لإخوته : إنكم لسارقون فقالوا : إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل .
الرابعة : أكره يوسف عليه السلام على الفاحشة بالسجن ، وأقام خمسة أعوام ، وما رضي بذلك لعظيم منزلته وشريف قدره ; ولو أكره رجل بالسجن على الزنا ما جاز له إجماعا . فإن أكره بالضرب فقد اختلف فيه العلماء ، والصحيح أنه إذا كان فادحا فإنه يسقط عنه إثم الزنا وحده . وقد قال بعض علمائنا : إنه لا يسقط عنه الحد ، وهو ضعيف ; فإن الله تعالى لا يجمع على عبده العذابين ، ولا يصرفه بين بلاءين ; فإنه من أعظم الحرج في الدين . وما جعل عليكم في الدين من حرج . وسيأتي بيان هذا في ˝ النحل ˝ إن شاء الله . وصبر يوسف ، واستعاذ به من الكيد ، فاستجاب له على ما تقدم . ❝
❞ قبل شبكة الإنترنت كنت أبحث عن أي رواية أو مجموعة قصص قصيرة من البلد المقصود .. مثلاً مجموعة قصيرة من الأدب الفنلندي أو رواية روسية. مباريات كرة القدم ممتازة .. فقط تواجد أمام شاشة التلفزيون ومعك قلم وورقة عندما يعلن المذيع التشكيل الذي سيلعب .. هكذا تجد لديك أسماء كاميرونية وتايلاندية أو تركية. كنت أتعب جداً في إيجاد أسماء مصاصي الدماء. ثم أكتشف أن الفريق الروماني عبارة عن أروع تشكيلة من أسماء مصاصي الدماء يمكن أن تحلم بها: تشورتش هاجي، يانوت فرنكزي، يوليان بودسكو .. إلخ.
ذات مرة قابلت سائحاً يونانياً يحمل اسم (ستافروس دندرينوس) فكدت أبكي من روعة الاسم، ووضعته في حافظتي عدة أعوام إلى أن كتبت قصة تدور في اليونان .. هكذا استعملت هذا الاسم الرائع. ❝ ⏤أحمد خالد توفيق
❞ قبل شبكة الإنترنت كنت أبحث عن أي رواية أو مجموعة قصص قصيرة من البلد المقصود .. مثلاً مجموعة قصيرة من الأدب الفنلندي أو رواية روسية. مباريات كرة القدم ممتازة .. فقط تواجد أمام شاشة التلفزيون ومعك قلم وورقة عندما يعلن المذيع التشكيل الذي سيلعب .. هكذا تجد لديك أسماء كاميرونية وتايلاندية أو تركية. كنت أتعب جداً في إيجاد أسماء مصاصي الدماء. ثم أكتشف أن الفريق الروماني عبارة عن أروع تشكيلة من أسماء مصاصي الدماء يمكن أن تحلم بها: تشورتش هاجي، يانوت فرنكزي، يوليان بودسكو .. إلخ.
ذات مرة قابلت سائحاً يونانياً يحمل اسم (ستافروس دندرينوس) فكدت أبكي من روعة الاسم، ووضعته في حافظتي عدة أعوام إلى أن كتبت قصة تدور في اليونان .. هكذا استعملت هذا الاسم الرائع . ❝
أيام زمان.. لم تكن المرأة في حاجة إلى أي مجهود لإجتذاب الرجل.. فهو دائمآ مجذوب من تلقاء نفسه
كان مجذوبآ.. لأنه لم يكن يعثر لها على أثر.. كان يعيش في عالم كله من الرجال ويعمل في عالم كله من الرجال.. وكانت المرأة شيء شحيح نادر لا يظهر في الطرقات..
ولا يظهر في المدارس.. ولا في المكاتب.. وإنما يختبئ في البيوت داخل عباءات وملاءات وجلاليب طويلة.
ولم يكن هناك طريق للوصول.. إليها سوى أن يتزوجها على سنة الله ورسوله بدون معاينة وبدون كلام كثير .
ولم تكن المرأة في حاجة إلى ترويج بضاعتها لأنها كانت رائجة تتزاحم عليها المناكب.. ويأتيها الزواج حتى الباب...
ولكن الظروف الآن تغيرت تماما.
خرجت المرأة من البيت إلى الشارع.. نتيجة ظروف وعوامل كثيرة فاصبح الرجل يتمتع برؤيتها بكم قصير.. وصدر عريان... وأخيرا بالمايوه.. كل هذا ببلاش... بدون زواج..
ونتيجة هذا التطور، كانت نتيجة خطرة..
لقد بدأنا نشبع من رؤية النساء بالروج والشورت والمايوه..
ولم تحمل لنا الحياة الجديدة متعة الرؤية فقط.. وإنما حملت لنا أيضاً متعة أخرى هي.. الهزار.. والمزاح بحكم الزمالة في العمل ورفع الكلفة.. والجري واللعب.. وتناول الغداء معا والعشاء معا.. والذهاب إلى السينما والمشارب والمطاعم..
وهكذا فقدت المرأة هيبتها.. وأصبحت قريبة وسهلة. وهذه السهولة أبعدت فكرة الزواج من ذهن الشباب أكثر وأكثر..
وعندما اصبحت المرأة تشارك الرجل في عمله وكفاحه وعرق جبينه.. أصبح لها مثله الحق في أن تروح عن نفسها وتستمتع وتقضي وقتا طيباً لذيذا.. تنسى فيه العمل و مشاكله ..
ولكن كيف تستمتع.. والرجل لا يريد الزواج ويهرب منه ..
لا مفر إذن من أن تتنازل عن تمنعها التقليدي وتسمح بقبلة أو حضن او غير ذلك ..
أعطت المرأة نفسها للرجل وهي تبكي في حرقة.. وتقول: إنها تفعل ذلك بسبب الحب والغرام له وحده.. تقول إنها لحظة ضعف.. ولن تعود.. إلا إذا كانت هناك وعود وعهود..
ولكن الرجل غالبا ما يسمع هذا الكلام من أذن ويخرجه من أذن أخرى.. وينام على هذه اللذة المجانية.. وينسى حكاية الزواج أكثر وأكثر....
اصبح الرجل يتردد في الزواج اكثر فاكثر
اصبح يرى الزواج مجازفة تقتضي منه كل شجاعته
اصبح الرجل يرى الزواج تضحية ..تضحية بحريته وراحة باله في سبيل اقامة بيت لايعرف مصيره و بانه سوف يصبح ربا وسيدا وقواما على اسرة وسيصبح عبدا لالف حاجة وحاجة والف طلب وطلب وخادما لاصغر فرد في هذه الاسرة
ثم إن لذة المرأة الكبرى هي أن تحبل وتلد وتكون أما وملكة على بيت وأسرة.. وصانعة لجيل جديد تربيه وترعاه.. وزوجة لحبيب تؤنسه.. ويؤنسها. وتتمنع بعشرته وحنانه وحبه واحترامه..
وكيف تصل المرأة إلى هذه الغاية.. في هذه الظروف الجديدة التي قلبت المقاييس.. وقلبت المرأة رجلا والرجل امرأة؟
إن الحل الوحيد هو أن تكف عن إعتبار جسدها وجمالها وأنوثتها وسيلة كافية وحدها لإجتذاب زوج ..
إن الرجل الجديد طماع .. إنه يطلب أكثر ..
والأكثر هو أن تكون للمرأة قيمة في ذاتها .. أن تكون على قدر من الذكاء .. على قدر من التعليم. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ نصيحة .. لكل امرأة
أيام زمان.. لم تكن المرأة في حاجة إلى أي مجهود لإجتذاب الرجل.. فهو دائمآ مجذوب من تلقاء نفسه
كان مجذوبآ.. لأنه لم يكن يعثر لها على أثر.. كان يعيش في عالم كله من الرجال ويعمل في عالم كله من الرجال.. وكانت المرأة شيء شحيح نادر لا يظهر في الطرقات..
ولا يظهر في المدارس.. ولا في المكاتب.. وإنما يختبئ في البيوت داخل عباءات وملاءات وجلاليب طويلة.
ولم يكن هناك طريق للوصول.. إليها سوى أن يتزوجها على سنة الله ورسوله بدون معاينة وبدون كلام كثير .
ولم تكن المرأة في حاجة إلى ترويج بضاعتها لأنها كانت رائجة تتزاحم عليها المناكب.. ويأتيها الزواج حتى الباب...
ولكن الظروف الآن تغيرت تماما.
خرجت المرأة من البيت إلى الشارع.. نتيجة ظروف وعوامل كثيرة فاصبح الرجل يتمتع برؤيتها بكم قصير.. وصدر عريان... وأخيرا بالمايوه.. كل هذا ببلاش... بدون زواج..
ونتيجة هذا التطور، كانت نتيجة خطرة..
لقد بدأنا نشبع من رؤية النساء بالروج والشورت والمايوه..
ولم تحمل لنا الحياة الجديدة متعة الرؤية فقط.. وإنما حملت لنا أيضاً متعة أخرى هي.. الهزار.. والمزاح بحكم الزمالة في العمل ورفع الكلفة.. والجري واللعب.. وتناول الغداء معا والعشاء معا.. والذهاب إلى السينما والمشارب والمطاعم..
وهكذا فقدت المرأة هيبتها.. وأصبحت قريبة وسهلة. وهذه السهولة أبعدت فكرة الزواج من ذهن الشباب أكثر وأكثر..
وعندما اصبحت المرأة تشارك الرجل في عمله وكفاحه وعرق جبينه.. أصبح لها مثله الحق في أن تروح عن نفسها وتستمتع وتقضي وقتا طيباً لذيذا.. تنسى فيه العمل و مشاكله ..
ولكن كيف تستمتع.. والرجل لا يريد الزواج ويهرب منه ..
لا مفر إذن من أن تتنازل عن تمنعها التقليدي وتسمح بقبلة أو حضن او غير ذلك ..
أعطت المرأة نفسها للرجل وهي تبكي في حرقة.. وتقول: إنها تفعل ذلك بسبب الحب والغرام له وحده.. تقول إنها لحظة ضعف.. ولن تعود.. إلا إذا كانت هناك وعود وعهود..
ولكن الرجل غالبا ما يسمع هذا الكلام من أذن ويخرجه من أذن أخرى.. وينام على هذه اللذة المجانية.. وينسى حكاية الزواج أكثر وأكثر....
اصبح الرجل يتردد في الزواج اكثر فاكثر
اصبح يرى الزواج مجازفة تقتضي منه كل شجاعته
اصبح الرجل يرى الزواج تضحية ..تضحية بحريته وراحة باله في سبيل اقامة بيت لايعرف مصيره و بانه سوف يصبح ربا وسيدا وقواما على اسرة وسيصبح عبدا لالف حاجة وحاجة والف طلب وطلب وخادما لاصغر فرد في هذه الاسرة
ثم إن لذة المرأة الكبرى هي أن تحبل وتلد وتكون أما وملكة على بيت وأسرة.. وصانعة لجيل جديد تربيه وترعاه.. وزوجة لحبيب تؤنسه.. ويؤنسها. وتتمنع بعشرته وحنانه وحبه واحترامه..
وكيف تصل المرأة إلى هذه الغاية.. في هذه الظروف الجديدة التي قلبت المقاييس.. وقلبت المرأة رجلا والرجل امرأة؟
إن الحل الوحيد هو أن تكف عن إعتبار جسدها وجمالها وأنوثتها وسيلة كافية وحدها لإجتذاب زوج ..
إن الرجل الجديد طماع .. إنه يطلب أكثر ..
والأكثر هو أن تكون للمرأة قيمة في ذاتها .. أن تكون على قدر من الذكاء .. على قدر من التعليم . ❝