❞ إلى قرة العين.. إلى نبض القلب.. إلى حربي وسلمي.. إلى فرحي وحزني.. إلى من كانت في كفة.. والكون كله خارج الكفة.. إلى التي لا تُشبه أحداً.. ولا يُشبهها أحداً..
وبينما الجميع جهزوا سيوفهم لقتلي.. كنتِ أنتِ نجاتي.. كنتِ أمني وأماني..
سآخبركِ سراً.. فقط إحتفظي فيه أنتِ.. إياك ِ إخبارهم.. فالحساد أكثر ما يكون..
سري لك يا رفيقة الحياة.. وبلسمها.. يا عطر الكون كله وأناقته..
سري ليس سراً عادياً.. قد يصل إلى ما يُشبه الإعلان والتحدي.. إلى بلوغ الغاية.. إلى البقاء قيدك دون خوفٍ أو هلع.. فقط بإختصار العبارات في الحب والعشق والغرام.. أنتِ بعد الله..
لا يهمني يا رحلتي في الدنيا والآخرة سوى أنتِ.. وأنتِ فقط..
كونكِ معي.. فأنا أحسُ بأنني المنتصر.. ودونكِ مهزوم.. مكسور الجناح
فلتبقي أنتِ وليهلك الجميع.. ما همني إنسٌ قبلكِ ولا جآنٌ بعدك..
إمسكي في قلبي.. إلتحفيني كما أنا.. منتصرون نحن.. والبقاء للحب..
أحبك بحجم رحمة الله. ❝ ⏤خالد الخطيب
❞ إلى قرة العين.. إلى نبض القلب.. إلى حربي وسلمي.. إلى فرحي وحزني.. إلى من كانت في كفة.. والكون كله خارج الكفة.. إلى التي لا تُشبه أحداً.. ولا يُشبهها أحداً..
وبينما الجميع جهزوا سيوفهم لقتلي.. كنتِ أنتِ نجاتي.. كنتِ أمني وأماني..
سآخبركِ سراً.. فقط إحتفظي فيه أنتِ.. إياك ِ إخبارهم.. فالحساد أكثر ما يكون..
سري لك يا رفيقة الحياة.. وبلسمها.. يا عطر الكون كله وأناقته..
سري ليس سراً عادياً.. قد يصل إلى ما يُشبه الإعلان والتحدي.. إلى بلوغ الغاية.. إلى البقاء قيدك دون خوفٍ أو هلع.. فقط بإختصار العبارات في الحب والعشق والغرام.. أنتِ بعد الله..
لا يهمني يا رحلتي في الدنيا والآخرة سوى أنتِ.. وأنتِ فقط..
كونكِ معي.. فأنا أحسُ بأنني المنتصر.. ودونكِ مهزوم.. مكسور الجناح
فلتبقي أنتِ وليهلك الجميع.. ما همني إنسٌ قبلكِ ولا جآنٌ بعدك..
إمسكي في قلبي.. إلتحفيني كما أنا.. منتصرون نحن.. والبقاء للحب..
❞ أتعبتِنِي.. والحرف ينظر مصرعي
طوقتِني.. والقيد يكسر معصمي
وأنا الذي بين الحروف أرافقك
وأنا الذي فوق السطور أراقصك
وأغني لحناً.. تضحكين
وأقول أينكِ..؟.. تهربين
بل أين تهتي..؟
أخبريني حبيبتي
لِما الأنين..؟
ولِما الحزن الكبير ضل يرافقك..؟
هيا انزعي ذاك الوجع
وترفقي في حالي منك
إني بكيت لأدمعك
إني العَصي
إني المُتيم لو تهاجري ألف عام.. سأتبعك
لو تتركيني بِلا عتاب
بِلا رسائل
أو خواطر
أو قصائد في كتاب
لن آتركك
زاد الحنين
وأنا الذي ناري على الأحزان تلك توقدت
أنا في رحابكِ ساكناً
لا تجزعي
لا زلت أحفظ عهدكِ
إن تتركيها ساحتي
وتمزقيها رسائلي
وتُوقِدي حول إنفعالي ناراً تحرق لوعتي
إني أحاول أن ألملم أحرفي
من أسطري.. من بين فتات مشاعري
منها غبارها غرفتي
إني جمعت طلاسمك
من أدمعك.. لمّا تركتي حجرتي
من دون لين
لا لا تصدقي لو أقول أطيقه ذاك الفراق
بآت إنفعالي دون جدوى أتعلمين..؟
بآت الضياع دون مأوى أتسمعين..؟
صوت الألم
صوت النغم
صوت البكاء والأنين من القلم
بآتت حروفي بالكسور تولعت
كسراً علآني وأستقام بأضلعي
مُهمشاً منذ الغياب..
ظلمتِني
أتذكرين..؟
منذ نويتي على الرحيل
أخبرتِني.. لا لن أعود
ورحلتي عني لا أظنكِ مُجبرة
تركتِني من دون ذنبٍ
الذنبُ أني أحترق
وتظني أني أحرقك
والذنبُ أتبع صورتك
وتظني أني أتركك
وأسيرُ من ذاك الوداع بِلا وداع
نعشي بكف
وبكفي أحمل ذكريات بدفتري
وكأني بين عيونكِ
سفاح شيخ الآثمين
#خالد_الخطيب. ❝ ⏤خالد الخطيب
❞ أتعبتِنِي.. والحرف ينظر مصرعي
طوقتِني.. والقيد يكسر معصمي
وأنا الذي بين الحروف أرافقك
وأنا الذي فوق السطور أراقصك
وأغني لحناً.. تضحكين
وأقول أينكِ..؟.. تهربين
بل أين تهتي..؟
أخبريني حبيبتي
لِما الأنين..؟
ولِما الحزن الكبير ضل يرافقك..؟
هيا انزعي ذاك الوجع
وترفقي في حالي منك
إني بكيت لأدمعك
إني العَصي
إني المُتيم لو تهاجري ألف عام.. سأتبعك
لو تتركيني بِلا عتاب
بِلا رسائل
أو خواطر
أو قصائد في كتاب
لن آتركك
زاد الحنين
وأنا الذي ناري على الأحزان تلك توقدت
أنا في رحابكِ ساكناً
لا تجزعي
لا زلت أحفظ عهدكِ
إن تتركيها ساحتي
وتمزقيها رسائلي
وتُوقِدي حول إنفعالي ناراً تحرق لوعتي
إني أحاول أن ألملم أحرفي
من أسطري.. من بين فتات مشاعري
منها غبارها غرفتي
إني جمعت طلاسمك
من أدمعك.. لمّا تركتي حجرتي
من دون لين
لا لا تصدقي لو أقول أطيقه ذاك الفراق
بآت إنفعالي دون جدوى أتعلمين..؟
بآت الضياع دون مأوى أتسمعين..؟
صوت الألم
صوت النغم
صوت البكاء والأنين من القلم
بآتت حروفي بالكسور تولعت
كسراً علآني وأستقام بأضلعي
مُهمشاً منذ الغياب..
ظلمتِني
أتذكرين..؟
منذ نويتي على الرحيل
أخبرتِني.. لا لن أعود
ورحلتي عني لا أظنكِ مُجبرة
تركتِني من دون ذنبٍ
الذنبُ أني أحترق
وتظني أني أحرقك
والذنبُ أتبع صورتك
وتظني أني أتركك
وأسيرُ من ذاك الوداع بِلا وداع
نعشي بكف
وبكفي أحمل ذكريات بدفتري
وكأني بين عيونكِ
سفاح شيخ الآثمين
سؤال سوف يجيب عليه الكل بنعم .. فكل واحد يتصور أنه صادق وأنه لا يكذب .. وقد يعترف أحدهم بكذبة أو بكذبتين ويعتبر نفسه بلغ الغاية من الدقة والصراحة مع النفس وأنه أدلى بحقيقة لا تقبل مراجعة .
ومع ذلك فدعونا نراجع معًا هذا الإدعاء العريض وسوف نكتشف أن الصدق شيء نادر جدّاً .. وأن الصادق الحقيقي يكاد يكون غير موجود .
وأكثرنا في الواقع مغشوش في نفسه حينما يتصور أنه من أهل الصدق .
بل إننا نبدأ في الكذب من لحظة أن نتيقظ في الصباح وقبل أن نفتح فمنا بكلمة .
أحياناً تكون مجرد تسريحة الشعر التي نختارها كذبة .
الكهل الذي يسرح شعره خنافس ليبدو أصغر من سِنه يكذب , والمرأة العجوز التي تصبغ شعرها لتبدو أصغر من سنها تكذب .
والباروكة على رأس الأصلع كذبة .
وطقم الأسنان في فم الأهتم كذبة .
والبدلة السبور الخفيفة التي تخفي تحتها فانلة صوف كذبة .
والكورسيه والمشدّات حول البطن المترهلة كذبة .
والنهد الكاوتشوك على الصدر المنهك من الرضاع كذبة .
والمكياج الذي يحاول صاحبه إن يخفي به التجاعيد هو نوع آخر من الكذب الصامت .
والبودرة والأحمر والكحل والريميل والرموش الصناعية .. كلها أكاذيب ينطق بها لسان الحال قبل أن يفتح الواحد منا فمه ويتكلم .
بل إن مجرد ضفيرة المدارس على رأس بنت الثلاثين كذبة .
واللبانة في فم رجل كهل هي كذبة أكثر وقاحة .
كل هذا ولم يبدأ اللسان ينطق ولم يُفتح الفم بعد .
فإذا فتح الواحد منا فمه وقال صباح الخير .. فإنه يقولها على سبيل العرف والعادة .. لم ينوي له الخير ولم ينوي له الشر .. فهو يكذب .. وهو يقرأ السلام على من يبيت له العدوان .. فهو يكذب .
فإذا رفع سماعة التليفون مضى يطلب ما لا يريد من الأشياء لمجرد أنها مظاهر ومجاملات .. فهو يكذب .. وقد يرفض ما يريد خجلًا وادعاء .. فهو يكذب .
والولد والبنت يتكلمان طوال ساعتين في كل شيء إلا ما يتحرقان شوقًا إلى أن يتصارحا به .. فهما يكذبان .
وفتاة البار تبدؤك الحديث بالحب وهو لا يخطر لها على بال ولا تشغلها سوى حافظة نقودك . وكم زجاجة من الشمبانيا ستفتح لها .
والإعلان الذي يصف لك نكهة السيجارة وفوائدها الصحية يكذب عليك .
والإعلان الذي يقول لك إن قرص الإسبرين يشفي من الإنفلونزا كذب حتى بالقياس إلى علم الأدوية ذاته .
وكل ما يدور في عالم البيع والشراء يبدأ بالكذب .
وصورة لاعب التنس في يده زجاجة ويسكي وصورة الأسد الذي يحتضن زجاجة الكينا .. وبطل الجري الذي يدخن سيجارة فرجينيا كلها صنوف من الأكاذيب الظريفة التي تراها ملصقة على الجدران وعلى أغلفة الصحف وفي إعلانات السينما والتلفزيون وكأنما أصبح الكذب عُرفًا تجاريًا لا لوم عليه .
وفي عالم السياسة والسياسيين وفي أروقة الأمم المتحدة وعلى أفواه الدبلوماسيين نجد أن الكذب هو القاعدة .
بل إن فن الدبلوماسية الرفيع هو كيف تستطيع أن تجعل الكذب يبدو كالصدق .. وكيف تقول ما لا تعني .. وكيف تخفي ما تريد .. وكيف تحب ما تكره .. وكيف تكره ما تحب .
وأذكر بهذه المناسبة النكتة التي رويت عن تشرشل حينما رأى شاهد مقبرة مكتوبًا عليها ..
(( هنا يرقد الرجل الصادق والسياسي العظيم )) .
فقال ضاحكاً :
هذه أول مرة أرى فيها رجلين يدفنان في تابوت واحد .
فلم يكن من الممكن إطلاقاً في نظر تشرشل أن يكون الرجل الصادق والسياسي العظيم رجلاً واحداً .. إذ أن أول مؤهلات العظمة السياسية في نظر تشرشل هو الكذب .
وشرط السياسة هو أن تخفي الحقيقة لحساب المصلحة .. وتتأخر العاطفة لتتقدم الحيلة .. والفطنة .. والذكاء .. والمراوغة .
والدبلوماسي الذي يجاهر بعاطفته هو دبلوماسي أبله .. بل إنه لا يكون دبلوماسيّاً على الإطلاق .
وفي عالم الدين ودنيا العبادات يطل الكذب الخفي من وراء الطقوس والمراسيم .
شهر الصيام الذي هو امتناع عن الأكل يتحول إلى شهر أكل فتظهر المشهيات والحلويات والمخللات والمتبلات .. من كنافة إلى مشمشية إلى قطايف إلى مكسرات ويرتفع استهلاك اللحم في شهر رمضان فتقول لنا الإحصاءات بالأرقام إنه يصل إلى الضعف ويصبح شهر رمضان هو شهر الصواني والطواجن .
وبين كل مائة مُصَل أكثر من تسعين يقفون بين يدي الله وهم شاردون مشغولون بصوالحهم الدنيوية يعبدون الله وهم في الحقيقة يعبدون مصالحهم وأغراضهم ويركعون الركعة لتُقضَى لهم هذه المصالح والأغراض .
وقد عاش بابوات القرون الوسطى في ترف الملوك والسلاطين وسبحوا في الذهب والحرير والسلطة والنفوذ , وامتلكوا الإقطاعيات والقصور بإسم الدين وبإسم الإنجيل الذي يقول إن الغني لن يدخل ملكوت الله إلا إذا دخل الجمل في ثقب الإبرة .
بل إنهم تصوروا أنهم امتلكوا الجنة فباعوها صكوكًا لطالبي الغفران .
وفي دولة الحب نجد أن مخادعة النفس هي الأسلوب المتعارف عليه .. يخدع كل واحد نفسه ويخدع الآخر أحيانًا بوعي وأحيانًا بدون وعي .. فيتحدث العاشقان عن الحب وهما يريدان أن يقدما مبررًا شريفًا مقبولًا للوصول إلى الفراش .. ويخيل للحبيب أنه قد جن حبّاً وهو في الواقع يلتمس لنفسه وسيلة للهرب من واقع مرير .
كنوع من إظهار البراعة والمهارة أو كمظهر من مظاهر النجاح .
وأحياناً تكون كلمة الحب كذبة معسولة تخفي وراءها رغبة شريرة في الإمتلاك والإستحواذ والسيطرة .
وأحياناً تكون كلمة الحب خطة محبوكة وشِركاً للوصول إلى ميراث .
وهي في أكثر صورها شيوعاً وسيلة للوصول إلى لذّة سريعة وطريقة لتدليك الضمير والتغلب على الخجل ورفع الكلفة .
وهي ذريعتنا الدائمة للتغلب على عقدة الذنب فتخلع المرأة آخر قطعة ثياب وهي تطمئن نفسها بأنها ضحية الحب .. وأن الحب إحساس طاهر وأنه أمر الله وأنه قضاء وقدر .. وأنها ليست أول من أحبت ولا آخر من أعطت .
ولا توجد شبكة حريرية من الأكاذيب كما توجد في الحب .. ففي كل كلمة كذبة .. وفي كل لمسة كذبة .. والغريزة الجنسية ذاتها تكذب فما أسرع ما تشتعل وما أسرع ما تنطفئ . وما أسرع ما تضجر وتمل وتطالب بتغيير الطعام .
والصدق في الحب وقصص الحب نادر أندر من الماس في الصحاري .. وهو من أخلاق الصديقين وليس من أخلاق الغمر العادي من الناس .
وتتواطأ أغاني الحب وقصص الحب وتتآمر هي الأخرى لتنصب شراكاً من الأكاذيب المنمقة الجميلة وترسي دعامات ساحرة من الأوهام والأحلام الوردية والصور البراقة الخادعة عن القبلة والضمة ولقاء الفراش ولذة العذاب وعذاب اللذة ولسعة الحرمان ودموع الوسادة وإغماء السعادة وصحوة الفراق .. وضباب وضباب .. وعطور وصور خلابة مرسومة بريشة فنانين كذابين عظام .
والكذب في الفن عادة قديمة بدأها الشعراء من زمن طويل .
وقصائد المديح وقصائد الهجاء في شعرنا العربي شاهد على انتشار هذه العادة السيئة .
لقد جعل الله هذه الفطرة نازعة إليه بطبيعتها تطلبه دواماً كما تطلب البوصلة أقطابها مشيرة إليه دالة عليه .
فليكن كل منا كما تملي عليه طبيعته لا أكثر .
وسوف تدله طبيعته على الحق .
وسوف تهديه فطرته إلى الله بدون جهد .
كن كما أنت .. وسوف تهديك نفسك إلى الصراط .
مقال / ماذا قالت لي الخلوة ؟!
من كتاب / رحلتي من الشك إلى الإيمان
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ هل أنت صادق ؟
سؤال سوف يجيب عليه الكل بنعم .. فكل واحد يتصور أنه صادق وأنه لا يكذب .. وقد يعترف أحدهم بكذبة أو بكذبتين ويعتبر نفسه بلغ الغاية من الدقة والصراحة مع النفس وأنه أدلى بحقيقة لا تقبل مراجعة .
ومع ذلك فدعونا نراجع معًا هذا الإدعاء العريض وسوف نكتشف أن الصدق شيء نادر جدّاً .. وأن الصادق الحقيقي يكاد يكون غير موجود .
وأكثرنا في الواقع مغشوش في نفسه حينما يتصور أنه من أهل الصدق .
بل إننا نبدأ في الكذب من لحظة أن نتيقظ في الصباح وقبل أن نفتح فمنا بكلمة .
أحياناً تكون مجرد تسريحة الشعر التي نختارها كذبة .
الكهل الذي يسرح شعره خنافس ليبدو أصغر من سِنه يكذب , والمرأة العجوز التي تصبغ شعرها لتبدو أصغر من سنها تكذب .
والباروكة على رأس الأصلع كذبة .
وطقم الأسنان في فم الأهتم كذبة .
والبدلة السبور الخفيفة التي تخفي تحتها فانلة صوف كذبة .
والكورسيه والمشدّات حول البطن المترهلة كذبة .
والنهد الكاوتشوك على الصدر المنهك من الرضاع كذبة .
والمكياج الذي يحاول صاحبه إن يخفي به التجاعيد هو نوع آخر من الكذب الصامت .
والبودرة والأحمر والكحل والريميل والرموش الصناعية .. كلها أكاذيب ينطق بها لسان الحال قبل أن يفتح الواحد منا فمه ويتكلم .
بل إن مجرد ضفيرة المدارس على رأس بنت الثلاثين كذبة .
واللبانة في فم رجل كهل هي كذبة أكثر وقاحة .
كل هذا ولم يبدأ اللسان ينطق ولم يُفتح الفم بعد .
فإذا فتح الواحد منا فمه وقال صباح الخير .. فإنه يقولها على سبيل العرف والعادة .. لم ينوي له الخير ولم ينوي له الشر .. فهو يكذب .. وهو يقرأ السلام على من يبيت له العدوان .. فهو يكذب .
فإذا رفع سماعة التليفون مضى يطلب ما لا يريد من الأشياء لمجرد أنها مظاهر ومجاملات .. فهو يكذب .. وقد يرفض ما يريد خجلًا وادعاء .. فهو يكذب .
والولد والبنت يتكلمان طوال ساعتين في كل شيء إلا ما يتحرقان شوقًا إلى أن يتصارحا به .. فهما يكذبان .
وفتاة البار تبدؤك الحديث بالحب وهو لا يخطر لها على بال ولا تشغلها سوى حافظة نقودك . وكم زجاجة من الشمبانيا ستفتح لها .
والإعلان الذي يصف لك نكهة السيجارة وفوائدها الصحية يكذب عليك .
والإعلان الذي يقول لك إن قرص الإسبرين يشفي من الإنفلونزا كذب حتى بالقياس إلى علم الأدوية ذاته .
وكل ما يدور في عالم البيع والشراء يبدأ بالكذب .
وصورة لاعب التنس في يده زجاجة ويسكي وصورة الأسد الذي يحتضن زجاجة الكينا .. وبطل الجري الذي يدخن سيجارة فرجينيا كلها صنوف من الأكاذيب الظريفة التي تراها ملصقة على الجدران وعلى أغلفة الصحف وفي إعلانات السينما والتلفزيون وكأنما أصبح الكذب عُرفًا تجاريًا لا لوم عليه .
وفي عالم السياسة والسياسيين وفي أروقة الأمم المتحدة وعلى أفواه الدبلوماسيين نجد أن الكذب هو القاعدة .
بل إن فن الدبلوماسية الرفيع هو كيف تستطيع أن تجعل الكذب يبدو كالصدق .. وكيف تقول ما لا تعني .. وكيف تخفي ما تريد .. وكيف تحب ما تكره .. وكيف تكره ما تحب .
وأذكر بهذه المناسبة النكتة التي رويت عن تشرشل حينما رأى شاهد مقبرة مكتوبًا عليها ..
(( هنا يرقد الرجل الصادق والسياسي العظيم )) .
فقال ضاحكاً :
هذه أول مرة أرى فيها رجلين يدفنان في تابوت واحد .
فلم يكن من الممكن إطلاقاً في نظر تشرشل أن يكون الرجل الصادق والسياسي العظيم رجلاً واحداً .. إذ أن أول مؤهلات العظمة السياسية في نظر تشرشل هو الكذب .
وشرط السياسة هو أن تخفي الحقيقة لحساب المصلحة .. وتتأخر العاطفة لتتقدم الحيلة .. والفطنة .. والذكاء .. والمراوغة .
والدبلوماسي الذي يجاهر بعاطفته هو دبلوماسي أبله .. بل إنه لا يكون دبلوماسيّاً على الإطلاق .
وفي عالم الدين ودنيا العبادات يطل الكذب الخفي من وراء الطقوس والمراسيم .
شهر الصيام الذي هو امتناع عن الأكل يتحول إلى شهر أكل فتظهر المشهيات والحلويات والمخللات والمتبلات .. من كنافة إلى مشمشية إلى قطايف إلى مكسرات ويرتفع استهلاك اللحم في شهر رمضان فتقول لنا الإحصاءات بالأرقام إنه يصل إلى الضعف ويصبح شهر رمضان هو شهر الصواني والطواجن .
وبين كل مائة مُصَل أكثر من تسعين يقفون بين يدي الله وهم شاردون مشغولون بصوالحهم الدنيوية يعبدون الله وهم في الحقيقة يعبدون مصالحهم وأغراضهم ويركعون الركعة لتُقضَى لهم هذه المصالح والأغراض .
وقد عاش بابوات القرون الوسطى في ترف الملوك والسلاطين وسبحوا في الذهب والحرير والسلطة والنفوذ , وامتلكوا الإقطاعيات والقصور بإسم الدين وبإسم الإنجيل الذي يقول إن الغني لن يدخل ملكوت الله إلا إذا دخل الجمل في ثقب الإبرة .
بل إنهم تصوروا أنهم امتلكوا الجنة فباعوها صكوكًا لطالبي الغفران .
وفي دولة الحب نجد أن مخادعة النفس هي الأسلوب المتعارف عليه .. يخدع كل واحد نفسه ويخدع الآخر أحيانًا بوعي وأحيانًا بدون وعي .. فيتحدث العاشقان عن الحب وهما يريدان أن يقدما مبررًا شريفًا مقبولًا للوصول إلى الفراش .. ويخيل للحبيب أنه قد جن حبّاً وهو في الواقع يلتمس لنفسه وسيلة للهرب من واقع مرير .
كنوع من إظهار البراعة والمهارة أو كمظهر من مظاهر النجاح .
وأحياناً تكون كلمة الحب كذبة معسولة تخفي وراءها رغبة شريرة في الإمتلاك والإستحواذ والسيطرة .
وأحياناً تكون كلمة الحب خطة محبوكة وشِركاً للوصول إلى ميراث .
وهي في أكثر صورها شيوعاً وسيلة للوصول إلى لذّة سريعة وطريقة لتدليك الضمير والتغلب على الخجل ورفع الكلفة .
وهي ذريعتنا الدائمة للتغلب على عقدة الذنب فتخلع المرأة آخر قطعة ثياب وهي تطمئن نفسها بأنها ضحية الحب .. وأن الحب إحساس طاهر وأنه أمر الله وأنه قضاء وقدر .. وأنها ليست أول من أحبت ولا آخر من أعطت .
ولا توجد شبكة حريرية من الأكاذيب كما توجد في الحب .. ففي كل كلمة كذبة .. وفي كل لمسة كذبة .. والغريزة الجنسية ذاتها تكذب فما أسرع ما تشتعل وما أسرع ما تنطفئ . وما أسرع ما تضجر وتمل وتطالب بتغيير الطعام .
والصدق في الحب وقصص الحب نادر أندر من الماس في الصحاري .. وهو من أخلاق الصديقين وليس من أخلاق الغمر العادي من الناس .
وتتواطأ أغاني الحب وقصص الحب وتتآمر هي الأخرى لتنصب شراكاً من الأكاذيب المنمقة الجميلة وترسي دعامات ساحرة من الأوهام والأحلام الوردية والصور البراقة الخادعة عن القبلة والضمة ولقاء الفراش ولذة العذاب وعذاب اللذة ولسعة الحرمان ودموع الوسادة وإغماء السعادة وصحوة الفراق .. وضباب وضباب .. وعطور وصور خلابة مرسومة بريشة فنانين كذابين عظام .
والكذب في الفن عادة قديمة بدأها الشعراء من زمن طويل .
وقصائد المديح وقصائد الهجاء في شعرنا العربي شاهد على انتشار هذه العادة السيئة .
❞ لم أشعر أبدًا بأني أحبكِ إلا حين أفترقنا، لهذا حاولت جاهدًا أن أصل إليكِ لأخبركِ بذلك، فهذا أقل ما يجب علي فعله نحوكِ، ولكن لأنكِ رحلتي بعيدًا، ولم يعد في إمكاني أن أعلم أي الطرق ستؤدي بي إليكِ، فقد قررت أن أكتب لكِ هذه الرسالة، وأن أضع صورتي عليها، حتى إذا رأيتها على أحد رفوف المكتبة، تعرفي أن هذا الكتاب لكِ وتقرأيه، بالمناسبة أنظري إلى من يقف في الصورة خلفي، إنه طيفكِ المشاغب الذي لم يفارقني في غيابكِ لحظة، إنظري كم هو جميل وأنيق, وهو يقف خلف كتفي الأيمن، مرتديًا فستان الزفاف الأبيض الذي كان من المفترض أن ترتدينه لي قريبًا لو أننا لم نفترق…. ❝ ⏤أحمد آل حمدان
❞ لم أشعر أبدًا بأني أحبكِ إلا حين أفترقنا، لهذا حاولت جاهدًا أن أصل إليكِ لأخبركِ بذلك، فهذا أقل ما يجب علي فعله نحوكِ، ولكن لأنكِ رحلتي بعيدًا، ولم يعد في إمكاني أن أعلم أي الطرق ستؤدي بي إليكِ، فقد قررت أن أكتب لكِ هذه الرسالة، وأن أضع صورتي عليها، حتى إذا رأيتها على أحد رفوف المكتبة، تعرفي أن هذا الكتاب لكِ وتقرأيه، بالمناسبة أنظري إلى من يقف في الصورة خلفي، إنه طيفكِ المشاغب الذي لم يفارقني في غيابكِ لحظة، إنظري كم هو جميل وأنيق, وهو يقف خلف كتفي الأيمن، مرتديًا فستان الزفاف الأبيض الذي كان من المفترض أن ترتدينه لي قريبًا لو أننا لم نفترق… . ❝