❞ ومما لا بد منه الصمت إلا عن ذكر الله تعالى، (وتلاوة القرآن الكريم)، وإرشاد الضال، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإصلاح بين المتهاجرين، والتحريض على الصدقة، بل على كل خير. ❝ ⏤أبو حامد الغزالى
❞ ومما لا بد منه الصمت إلا عن ذكر الله تعالى، (وتلاوة القرآن الكريم)، وإرشاد الضال، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإصلاح بين المتهاجرين، والتحريض على الصدقة، بل على كل خير. ❝
❞ "كلُّ شيء هالكٌ إلا وجَهه" [القصص 88]، بالظاهر والباطن، يعني: لا موجود إلا هو؛ ولا وجود لغيره فيحتاج إلى الهلاك. و"يبقى وجهُه" [الرحمن 27] يعني: لا شيء إلا وجهه. فكما أن مَن لم يعرف شيئًا، ثم عَرَفَه، ما فني وجودُه بوجود آخر، ولا تركَّب وجودُ المُنكِر بوجود العارف، ولا تداخَل بالأثر. <هنا> يقع الجهل: فلا تظن أنك تحتاج إلى الفناء؛ فإن احتجت إلى الفناء فأنت إذًا حجابه – والحجاب غير الله؛ فليزم غلبةُ غيره عليه بالدفع عن رؤيته له. – وهذا غلط وسهو. ❝ ⏤محيي الدين بن عربي
❞ ˝كلُّ شيء هالكٌ إلا وجَهه˝ [القصص 88]، بالظاهر والباطن، يعني: لا موجود إلا هو؛ ولا وجود لغيره فيحتاج إلى الهلاك. و˝يبقى وجهُه˝ [الرحمن 27] يعني: لا شيء إلا وجهه. فكما أن مَن لم يعرف شيئًا، ثم عَرَفَه، ما فني وجودُه بوجود آخر، ولا تركَّب وجودُ المُنكِر بوجود العارف، ولا تداخَل بالأثر. يقع الجهل: فلا تظن أنك تحتاج إلى الفناء؛ فإن احتجت إلى الفناء فأنت إذًا حجابه – والحجاب غير الله؛ فليزم غلبةُ غيره عليه بالدفع عن رؤيته له. – وهذا غلط وسهو. ❝
❞ حوار مع صديقي الملحد
قال صاحبي :-
تقول إن القرآن لا يتناقض مع نفسه فما بالك بهذه الآية :
( فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر ) 39- الكهف
و الآية الأخرى التي تنقضها :
( و ما تشاءون إلا أن يشاء الله ) 30- الإنسان
ثم نجد القرآن يقول عن حساب المذنبين إنهم سوف يسألون :
( ستكتب شهادتهم و يسألون ) 19- الزخرف
( و إنه لذكر لك و لقومك و سوف تسألون ) 44- الزخرف
و مرة أخرى يقول :
( و لا يسأل عن ذنوبهم المجرمون ) 78- القصص
و أنهم سوف يعرفون بسيماهم :
( فيؤخذ بالنواصى و الأقدام ) 41- الرحمن
ومرة يقول إنه لا أحد سوف يشد وثاق المجرم .
( ولا يوثق وثاقه أحد ) 26- الفجر
بمعنى أن كل واحد سوف يتكفل بتعذيب نفسه .
( كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) 14- الإسراء
و مرة يقول :
( ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ) 32- الحاقة
قلت له :
هذه ليست تناقضات .. و لنفكر فيها معاً ، فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر .. آية صريحة تشير إلى حرية العبد و اختياره .. و لكن هذه الحرية لم نأخذها من الله غصباً وغلاباً .. و إنما أعطاها إيانا بمشيئته .. فتأتي الآية الثانية لتشرح ذلك فتقول :
( و ما تشاءون إلا أن يشاء الله )
أي أن حرية العبد "ضمن" مشيئة الرب و ليست ضدها .. أي أن حرية العبد يمكن أن تناقض الرضا الإلهي فتختار المعصية و لكنها لا يمكن أن تناقض المشيئة .. فهي تظل دائماً ضمن المشيئة ، ولو خالفت الرضا .. و هي نقطة دقيقة .. و قلنا إن التسيير الإلهي هو عين التخيبر، لأن الله يختار للعبد من جنس نيته و قلبه.. و معنى ذلك أنه يريد للعبد نفس ما أراد العبد لنفسه بنيته و اختيار قلبه ... أي أن العبد مسير إلى ما اختار .. و معنى ذلك أنه لا إكراه و أنه لا ثنائية و لا تناقض .. و أن التسيير هو عين التخيير .. و هي مسألة من أدق المسائل في فهم لغز المخير و المسير .. و ما تسميه أنت تناقضاً هو في الحقيقة جلاء ذلك السر .
أما الآيات الواردة عن الحساب فإن كل آية تعنى طائفة مختلفة ، فهناك من سوف يسأل و تطلب شهادته ، و هناك من ستكون ذنوبه من الكثرة بحيث تطفح على وجهه ، و هؤلاء هم الذين سوف يعرفون بسيماهم فيؤخذون بالنواصى و الأقدام ، و هناك المعاند المنكر الذي سوف تشهد عليه يداه ورجلاه :
( اليوم نختم على أفواههم و تكلمنا أيديهم و تشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ) 65- يس
و هناك من سيكون حسيباً على نفسه يعذبها بالندم و يشد وثاقها بالحسرة .. و هو الذي لا يوثق وثاقه أحد .. و هناك أكابر المجرمين الجبارين الذين سوف يكذبون على الله ، و هم يواجهونه و يحلفون الكذب و هم في الموقف العظيم :
( يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم و يحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون ) 18- المجادلة
و هؤلاء هم الذين سوف يسحبون على وجوههم و يوثقون في السلاسل .. و أبو حامد الغزالي يفسر هذه السلاسل بأنها سلاسل الأسباب .
- وما رأيك في كلام القرآن عن العلم الإلهي ؟ :
( إن الله عنده علم الساعة و ينزل الغيث و يعلم ما في الأرحام و ما تدرى نفس ماذا تكسب غداً و ما تدرى نفس بأي أرض تموت ) 34- لقمان
يقول القرآن إن الله اختص نفسه بهذا العلم لا يعلمه غيره :
( و عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ) 51- الأنعام
فما بالك الآن بالطبيب الذي يستطيع أن يعلم ما بالأرحام ، ويستطيع أن يتنبأ إن كان ذكراً أم أنثى .. و ما بالك بالعلماء الذين أنزلوا المطر الصناعي بالأساليب الكيماوية .
- لم يتكلم القرآن عن إنزال المطر وإنما عن إنزال الغيث ، و هو المطر الغزير الكثيف الذي ينزل بكميات تكفى لتغيير مصير أمة و إغاثتها و نقلها من حال الجدب إلى حال الخصب و الرخاء .. و المطر بهذه الكميات لا يمكن إنزاله بتجربة .
أما علم الله لما في الأرحام فهو علم كلي محيط و ليس فقط علماً بجنس المولود هل هو ذكر أو أنثى ، و إنما علم بمن يكون ذلك المولود و ما شأنه و ماذا سيفعل في الدنيا ، و ما تاريخه من يوم يولد إلى يوم يموت : و هو أمر لا يستطيع أن يعلمه طبيب .
- و ما حكاية كرسي الله الذي تقولون إنه وسع السموات والأرض .. و عرش الله الذي يحمله ثمانية .
- إن عقلك يسع السموات والأرض و أنت البشر الذي لا تذكر .. فكيف لا يسعها كرسي الله .. و الأرض و الشمس و الكواكب و النجوم وا لمجرات محمولة بقوة الله في الفضاء .. فكيف تعجب لحمل عرش ..
- و ما هو الكرسي و ما العرش ؟
- قل لي ما الإلكترون أقل لك ما الكرسي ؟ قل لي ما الكهرباء ؟ قل لي ما الجاذبية ؟ قل لي ما الزمان ؟ إنك لا تعرف ماهية أي شيء لتسألني ما الكرسي و ما العرش ؟ إن العالم مملوء بالأسرار و هذه بعض أسراره .
- و النملة التي تكلمت في القرآن و حذرت بقية النمل من قدوم سليمان و جيشه :
( قالت نملة يأيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان و جنوده ) 18- النمل
- لو قرأت القليل عن علم الحشرات الآن لما سألت هذا السؤال .. إن علم الحشرات حافل بدراسات مستفيضة عن لغة النمل و لغة النحل .
و لغة النمل الآن حقيقة مؤكدة .. فما كان من الممكن أن تتوزع الوظائف في خلية من مئات الألوف و يتم التنظيم و تنقل الأوامر و التعليمات بين هذا الحشد الحاشد لولا أن هناك لغة للتفاهم ، و لا محل للعجب في أن نملة عرفت سليمان .. ألم يعرف الإنسان الله ؟
- و كيف يمحو الله ما يكتب في لوح قضائه :
( يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب ) 38- الرعد
أيخطيء ربكم كما نخطيء في الحساب فنمحو و نثبت .. أم يراجع نفسه كما نراجع أنفسنا ؟!
- الله يمحو السيئة بأن يلهمك بالحسنة ويقول في كتابه :
( إن الحسنات يذهبن السيئات ) 114- هود
و يقول عن عباده الصالحين : ( و أوحينا إليهم فعل الخيرات و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة ) 73- الأنبياء
و بذلك يمحو الله دون أن يمحو و هذا سر الآية 39 من سورة الرعد التي ذكرتها .
- و ما رأيك في الآية ؟
( و ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) 56- الذاريات
هل كان الله في حاجة لعبادتنا ؟!
- بل نحن المحتاجون لعبادته .. أتعبد المرأة الجميلة حباً بأمر تكليف ، أم أنك تلتذ بهذا الحب و تنتشي و تسعد لتذوقك لجمالها ؟
كذلك الله و هو الأجمل من كل جميل إذا عرفت جلاله و جماله و قدره عبدته ، و وجدت في عبادتك له غاية السعادة و النشوة .
إن العبادة عندنا لا تكون إلا عن معرفة .. والله لا يعبد إلا بالعلم .. و معرفة الله هي ذروة المعارف كلها ، و نهاية رحلة طويلة من المعارف تبدأ منذ الميلاد و أول ما يعرف الطفل عند ميلاده هو ثدي أمه ، و تلك أول لذة ، ثم يتعرف على أمه وأبيه و عائلته و مجتمعه و بيئته ، ثم يبدأ في استغلال هذه البيئة لمنفعته ، فإذا هي ثدي آخر كبير يدر عليه الثراء و المغانم و الملذات ، فهو يخرج من الأرض الذهب و الماس ، و من البحر اللآليء ، و من الزرع الفواكه و الثمار ، و تلك هي اللذة الثانية في رحلة المعرفة .
ثم ينتقل من معرفته لبيئته الأرضية ليخرج إلى السموات و يضع رجله على القمر ، و يطلق سفائنه إلى المريخ في ملاحة نحو المجهول ليستمتع بلذة أخرى أكبر هي لذة استطلاع الكون ، ثم يرجع ذلك الملاح ليسأل نفسه .. و من أنا الذي عرفت هذا كله .. ليبدأ رحلة معرفة جديدة إلى نفسه .. بهدف معرفة نفسه و التحكم في طاقاتها و إدارتها لصالحه و صالح الآخرين ، و تلك لذة أخرى ..
ثم تكون ذروة المعارف بعد معرفة النفس هي معرفة الرب الذي خلق تلك النفس .. و بهذه المعرفة الأخيرة يبلغ الإنسان ذروة السعادات ، لأنه يلتقى بالكامل المتعال الأجمل من كل جميل .. تلك هي رحلة العابد على طريق العبادة .. و كلها ورود و مسرات ..
و إذا كانت في الحياة مشقة ، فلأن قاطف الورود لابد أن تدمي يديه الأشواك .. و الطامع في ذرى اللانهاية لابد أن يكدح إليها .. و لكن وصول العابد إلى معرفة ربه و انكشاف الغطاء عن عينيه .. ما أروعه .
يقول الصوفي لابس الخرقة : " نحن في لذة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف "
تلك هي لذة العبادة الحقة .. و هي من نصيب العابد .. و لكن الله في غنى عنها و عن العالمين .. و نحن لا نعبده بأمر تكليف و لكنا نعبده لأننا عرفنا جماله و جلاله .. و نحن لا نجد في عبادته ذلاً بل تحرراً و كرامة .. تحرراً من كل عبوديات الدنيا .. تحرراً من الشهوات و الغرائز و الأطماع و المال .. و نحن نخاف الله فلا نعود نخاف أحداً بعده و لا نعود نعبأ بأحد ..
خوف الله شجاعة .. و عبادته حرية .. و الذل له كرامة .. و معرفته يقين و تلك هي العبادة ..
نحن الذين نجني أرباحها و مسراتها .. أما الله فهو الغني عن كل شيء .. إنما خلقنا الله ليعطينا لا ليأخذ منا .. خلقنا ليخلع علينا من كمالاته فهو السميع البصير ، و قد أعطانا سمعاً و بصراً و هو العليم الخبير ، و قد أعطانا العقل لنتزود من علمه ، و الحواس لنتزود من خبرته و هو يقول لعبده المقرب في الحديث القدسى : ( عبد أطعني أجعلك ربانيا تقول للشيء كن فيكون ) ..
ألم يفعل هذا لعيسى عليه السلام .. فكان عيسى يحي الموتى بإذنه و يخلق من الطين طيراً بإذنه و يشفى الأعمى و الأبرص بإذنه .
العبودية لله إذن هي عكس العبودية في مفهومنا .. فالعبودية في مفهومنا هي أن يأخذ السيد خير العبد ، أما العبودية لله فهي على العكس ، أن يعطى السيد عبده ما لا حدود له من النعم ، و يخلع عليه ما لا نهاية من الكمالات .. فحينما يقول الله : ( و ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) فمعناها الباطن ما خلقت الجن والإنس إلا لأعطيهم و أمنحهم حباً و خيراً ، و كرامة و عزة ، و أخلع عليهم ثوب التشريف و الخلافة .
فالسيد الرب غني مستغن عن عبادتنا .. و نحن المحتاجون إلى هذه العبادة و الشرف ، و المواهب و الخيرات التي لا حد لها .
فالله الكريم سمح لنا أن ندخل عليه في أي وقت بلا ميعاد ، و نبقى في حضرته ما شئنا و ندعوه ما وسعنا .. بمجرد أن نبسط سجادة الصلاة و نقول "الله أكبر" نصبح في حضرته نطلب منه ما نشاء .
أين هو الملك الذي نستطيع أن ندخل عليه بلا ميعاد و نلبث في حضرته ما نشاء ؟!
و في ذلك يقول مولانا العبد الصالح الشيخ محمد متولي الشعراوي في شعر جميل :
حسب نفسي عزاً إنني عبد
يحتفل بي بلا مواعيد رب
هو في قدسه الأعز و لكن
أنا ألقى متى وحين أحب
و يقول : أرونى صنعة تعرض على صانعها خمس مرات في اليوم "يقصد الصلوات الخمس " و تتعرض للتلف !
و هذه بعض المعاني الباطنة في الآية التي أثارت شكوكك : ( و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون ) و لو تأملتها لما أثارت فيك إلا الذهول و الإعجاب .
من كتاب / حوار مع صديقي الملحد
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ حوار مع صديقي الملحد
قال صاحبي :-
تقول إن القرآن لا يتناقض مع نفسه فما بالك بهذه الآية :
( فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر ) 39- الكهف
و الآية الأخرى التي تنقضها :
( و ما تشاءون إلا أن يشاء الله ) 30- الإنسان
ثم نجد القرآن يقول عن حساب المذنبين إنهم سوف يسألون :
( ستكتب شهادتهم و يسألون ) 19- الزخرف
( و إنه لذكر لك و لقومك و سوف تسألون ) 44- الزخرف
و مرة أخرى يقول :
( و لا يسأل عن ذنوبهم المجرمون ) 78- القصص
و أنهم سوف يعرفون بسيماهم :
( فيؤخذ بالنواصى و الأقدام ) 41- الرحمن
ومرة يقول إنه لا أحد سوف يشد وثاق المجرم .
( ولا يوثق وثاقه أحد ) 26- الفجر
بمعنى أن كل واحد سوف يتكفل بتعذيب نفسه .
( كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) 14- الإسراء
و مرة يقول :
( ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ) 32- الحاقة
قلت له :
هذه ليست تناقضات . و لنفكر فيها معاً ، فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر . آية صريحة تشير إلى حرية العبد و اختياره . و لكن هذه الحرية لم نأخذها من الله غصباً وغلاباً . و إنما أعطاها إيانا بمشيئته . فتأتي الآية الثانية لتشرح ذلك فتقول :
( و ما تشاءون إلا أن يشاء الله )
أي أن حرية العبد ˝ضمن˝ مشيئة الرب و ليست ضدها . أي أن حرية العبد يمكن أن تناقض الرضا الإلهي فتختار المعصية و لكنها لا يمكن أن تناقض المشيئة . فهي تظل دائماً ضمن المشيئة ، ولو خالفت الرضا . و هي نقطة دقيقة . و قلنا إن التسيير الإلهي هو عين التخيبر، لأن الله يختار للعبد من جنس نيته و قلبه. و معنى ذلك أنه يريد للعبد نفس ما أراد العبد لنفسه بنيته و اختيار قلبه .. أي أن العبد مسير إلى ما اختار . و معنى ذلك أنه لا إكراه و أنه لا ثنائية و لا تناقض . و أن التسيير هو عين التخيير . و هي مسألة من أدق المسائل في فهم لغز المخير و المسير . و ما تسميه أنت تناقضاً هو في الحقيقة جلاء ذلك السر .
أما الآيات الواردة عن الحساب فإن كل آية تعنى طائفة مختلفة ، فهناك من سوف يسأل و تطلب شهادته ، و هناك من ستكون ذنوبه من الكثرة بحيث تطفح على وجهه ، و هؤلاء هم الذين سوف يعرفون بسيماهم فيؤخذون بالنواصى و الأقدام ، و هناك المعاند المنكر الذي سوف تشهد عليه يداه ورجلاه :
( اليوم نختم على أفواههم و تكلمنا أيديهم و تشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ) 65- يس
و هناك من سيكون حسيباً على نفسه يعذبها بالندم و يشد وثاقها بالحسرة . و هو الذي لا يوثق وثاقه أحد . و هناك أكابر المجرمين الجبارين الذين سوف يكذبون على الله ، و هم يواجهونه و يحلفون الكذب و هم في الموقف العظيم :
( يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم و يحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون ) 18- المجادلة
و هؤلاء هم الذين سوف يسحبون على وجوههم و يوثقون في السلاسل . و أبو حامد الغزالي يفسر هذه السلاسل بأنها سلاسل الأسباب .
- وما رأيك في كلام القرآن عن العلم الإلهي ؟ :
( إن الله عنده علم الساعة و ينزل الغيث و يعلم ما في الأرحام و ما تدرى نفس ماذا تكسب غداً و ما تدرى نفس بأي أرض تموت ) 34- لقمان
يقول القرآن إن الله اختص نفسه بهذا العلم لا يعلمه غيره :
( و عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ) 51- الأنعام
فما بالك الآن بالطبيب الذي يستطيع أن يعلم ما بالأرحام ، ويستطيع أن يتنبأ إن كان ذكراً أم أنثى . و ما بالك بالعلماء الذين أنزلوا المطر الصناعي بالأساليب الكيماوية .
- لم يتكلم القرآن عن إنزال المطر وإنما عن إنزال الغيث ، و هو المطر الغزير الكثيف الذي ينزل بكميات تكفى لتغيير مصير أمة و إغاثتها و نقلها من حال الجدب إلى حال الخصب و الرخاء . و المطر بهذه الكميات لا يمكن إنزاله بتجربة .
أما علم الله لما في الأرحام فهو علم كلي محيط و ليس فقط علماً بجنس المولود هل هو ذكر أو أنثى ، و إنما علم بمن يكون ذلك المولود و ما شأنه و ماذا سيفعل في الدنيا ، و ما تاريخه من يوم يولد إلى يوم يموت : و هو أمر لا يستطيع أن يعلمه طبيب .
- و ما حكاية كرسي الله الذي تقولون إنه وسع السموات والأرض . و عرش الله الذي يحمله ثمانية .
- إن عقلك يسع السموات والأرض و أنت البشر الذي لا تذكر . فكيف لا يسعها كرسي الله . و الأرض و الشمس و الكواكب و النجوم وا لمجرات محمولة بقوة الله في الفضاء . فكيف تعجب لحمل عرش .
- و ما هو الكرسي و ما العرش ؟
- قل لي ما الإلكترون أقل لك ما الكرسي ؟ قل لي ما الكهرباء ؟ قل لي ما الجاذبية ؟ قل لي ما الزمان ؟ إنك لا تعرف ماهية أي شيء لتسألني ما الكرسي و ما العرش ؟ إن العالم مملوء بالأسرار و هذه بعض أسراره .
- و النملة التي تكلمت في القرآن و حذرت بقية النمل من قدوم سليمان و جيشه :
( قالت نملة يأيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان و جنوده ) 18- النمل
- لو قرأت القليل عن علم الحشرات الآن لما سألت هذا السؤال . إن علم الحشرات حافل بدراسات مستفيضة عن لغة النمل و لغة النحل .
و لغة النمل الآن حقيقة مؤكدة . فما كان من الممكن أن تتوزع الوظائف في خلية من مئات الألوف و يتم التنظيم و تنقل الأوامر و التعليمات بين هذا الحشد الحاشد لولا أن هناك لغة للتفاهم ، و لا محل للعجب في أن نملة عرفت سليمان . ألم يعرف الإنسان الله ؟
- و كيف يمحو الله ما يكتب في لوح قضائه :
( يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب ) 38- الرعد
أيخطيء ربكم كما نخطيء في الحساب فنمحو و نثبت . أم يراجع نفسه كما نراجع أنفسنا ؟!
- الله يمحو السيئة بأن يلهمك بالحسنة ويقول في كتابه :
( إن الحسنات يذهبن السيئات ) 114- هود
و يقول عن عباده الصالحين : ( و أوحينا إليهم فعل الخيرات و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة ) 73- الأنبياء
و بذلك يمحو الله دون أن يمحو و هذا سر الآية 39 من سورة الرعد التي ذكرتها .
- و ما رأيك في الآية ؟
( و ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) 56- الذاريات
هل كان الله في حاجة لعبادتنا ؟!
- بل نحن المحتاجون لعبادته . أتعبد المرأة الجميلة حباً بأمر تكليف ، أم أنك تلتذ بهذا الحب و تنتشي و تسعد لتذوقك لجمالها ؟
كذلك الله و هو الأجمل من كل جميل إذا عرفت جلاله و جماله و قدره عبدته ، و وجدت في عبادتك له غاية السعادة و النشوة .
إن العبادة عندنا لا تكون إلا عن معرفة . والله لا يعبد إلا بالعلم . و معرفة الله هي ذروة المعارف كلها ، و نهاية رحلة طويلة من المعارف تبدأ منذ الميلاد و أول ما يعرف الطفل عند ميلاده هو ثدي أمه ، و تلك أول لذة ، ثم يتعرف على أمه وأبيه و عائلته و مجتمعه و بيئته ، ثم يبدأ في استغلال هذه البيئة لمنفعته ، فإذا هي ثدي آخر كبير يدر عليه الثراء و المغانم و الملذات ، فهو يخرج من الأرض الذهب و الماس ، و من البحر اللآليء ، و من الزرع الفواكه و الثمار ، و تلك هي اللذة الثانية في رحلة المعرفة .
ثم ينتقل من معرفته لبيئته الأرضية ليخرج إلى السموات و يضع رجله على القمر ، و يطلق سفائنه إلى المريخ في ملاحة نحو المجهول ليستمتع بلذة أخرى أكبر هي لذة استطلاع الكون ، ثم يرجع ذلك الملاح ليسأل نفسه . و من أنا الذي عرفت هذا كله . ليبدأ رحلة معرفة جديدة إلى نفسه . بهدف معرفة نفسه و التحكم في طاقاتها و إدارتها لصالحه و صالح الآخرين ، و تلك لذة أخرى .
ثم تكون ذروة المعارف بعد معرفة النفس هي معرفة الرب الذي خلق تلك النفس . و بهذه المعرفة الأخيرة يبلغ الإنسان ذروة السعادات ، لأنه يلتقى بالكامل المتعال الأجمل من كل جميل . تلك هي رحلة العابد على طريق العبادة . و كلها ورود و مسرات .
و إذا كانت في الحياة مشقة ، فلأن قاطف الورود لابد أن تدمي يديه الأشواك . و الطامع في ذرى اللانهاية لابد أن يكدح إليها . و لكن وصول العابد إلى معرفة ربه و انكشاف الغطاء عن عينيه . ما أروعه .
يقول الصوفي لابس الخرقة : ˝ نحن في لذة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف ˝
تلك هي لذة العبادة الحقة . و هي من نصيب العابد . و لكن الله في غنى عنها و عن العالمين . و نحن لا نعبده بأمر تكليف و لكنا نعبده لأننا عرفنا جماله و جلاله . و نحن لا نجد في عبادته ذلاً بل تحرراً و كرامة . تحرراً من كل عبوديات الدنيا . تحرراً من الشهوات و الغرائز و الأطماع و المال . و نحن نخاف الله فلا نعود نخاف أحداً بعده و لا نعود نعبأ بأحد .
خوف الله شجاعة . و عبادته حرية . و الذل له كرامة . و معرفته يقين و تلك هي العبادة .
نحن الذين نجني أرباحها و مسراتها . أما الله فهو الغني عن كل شيء . إنما خلقنا الله ليعطينا لا ليأخذ منا . خلقنا ليخلع علينا من كمالاته فهو السميع البصير ، و قد أعطانا سمعاً و بصراً و هو العليم الخبير ، و قد أعطانا العقل لنتزود من علمه ، و الحواس لنتزود من خبرته و هو يقول لعبده المقرب في الحديث القدسى : ( عبد أطعني أجعلك ربانيا تقول للشيء كن فيكون ) .
ألم يفعل هذا لعيسى عليه السلام . فكان عيسى يحي الموتى بإذنه و يخلق من الطين طيراً بإذنه و يشفى الأعمى و الأبرص بإذنه .
العبودية لله إذن هي عكس العبودية في مفهومنا . فالعبودية في مفهومنا هي أن يأخذ السيد خير العبد ، أما العبودية لله فهي على العكس ، أن يعطى السيد عبده ما لا حدود له من النعم ، و يخلع عليه ما لا نهاية من الكمالات . فحينما يقول الله : ( و ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) فمعناها الباطن ما خلقت الجن والإنس إلا لأعطيهم و أمنحهم حباً و خيراً ، و كرامة و عزة ، و أخلع عليهم ثوب التشريف و الخلافة .
فالسيد الرب غني مستغن عن عبادتنا . و نحن المحتاجون إلى هذه العبادة و الشرف ، و المواهب و الخيرات التي لا حد لها .
فالله الكريم سمح لنا أن ندخل عليه في أي وقت بلا ميعاد ، و نبقى في حضرته ما شئنا و ندعوه ما وسعنا . بمجرد أن نبسط سجادة الصلاة و نقول ˝الله أكبر˝ نصبح في حضرته نطلب منه ما نشاء .
أين هو الملك الذي نستطيع أن ندخل عليه بلا ميعاد و نلبث في حضرته ما نشاء ؟!
و في ذلك يقول مولانا العبد الصالح الشيخ محمد متولي الشعراوي في شعر جميل :
حسب نفسي عزاً إنني عبد
يحتفل بي بلا مواعيد رب
هو في قدسه الأعز و لكن
أنا ألقى متى وحين أحب
و يقول : أرونى صنعة تعرض على صانعها خمس مرات في اليوم ˝يقصد الصلوات الخمس ˝ و تتعرض للتلف !
و هذه بعض المعاني الباطنة في الآية التي أثارت شكوكك : ( و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون ) و لو تأملتها لما أثارت فيك إلا الذهول و الإعجاب .
من كتاب / حوار مع صديقي الملحد
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝
❞ وجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، أن العبد المقيم لها المتمم لأركانها وشروطها وخشوعها ، يستنير قلبه ،ويتطهر فؤاده ،ويزداد إيمانه ، وتقوى رغبته في الخير ، وتقل أو تعدم رغبته في الشر ، فبالضرورة مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه تنهى عن الفحشاء والمنكر. ❝ ⏤عبدالرحمن بن ناصر السعدي
❞ وجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، أن العبد المقيم لها المتمم لأركانها وشروطها وخشوعها ، يستنير قلبه ،ويتطهر فؤاده ،ويزداد إيمانه ، وتقوى رغبته في الخير ، وتقل أو تعدم رغبته في الشر ، فبالضرورة مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه تنهى عن الفحشاء والمنكر. ❝
❞ «ارجع »
ها نحن طلقاء الجسد لكننا سجناء الروح
وهناك من هم سجناء الجسد ولكنهم ظلقاء الروح، يسعون إلى الدعوه إلى الله وهم سجناء، يسعون إلى فعل الخيرات وهم مقيدون بين أربع جدران بين جوع وتعذيب مستمر،ألا يحزنك هذا الأمر أخي واختي فى الإسلام ليس حالهم، لكن حالنا نحن
نعم نحن
نحن الأحرار كم يقولون نحن من قِيل عنهم خير أمهٌ أُخرجتْ للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، نحن من بكى الرسول شوقاً لرؤيتنا، أحدثكم
وإياي
أرجع إلا الله فإن الوقت أوشك على النفاذ إرجع إلى الله فلن تجد لك من دون الله من ولي ولا نصير إرجع إلى الواحد الأحد إرجع إلى الله فإن كل شئ حالك إلا وجه إرجع إلى الله فإن الدينا لا تساوي عند الله جناح بعوضه إرجع إلى الله، فإن الذي تحبة إما أن تتركه، وأما أن يتركك إرجع
إلى الله وإبكي بين يديه، لا بين يدي المخلوق أتترك الخالق من أجل المخلوق ، أيعقل هذا حقاً ، إرجع وأعد ترتيب أولوياتك من جديد ، إرجع يا أخي ارجعي يا اختي لا تقولي إلا ما يرضي الله ولاتسيري إلا لفعل الطاعات ، ولا تنظري إلا لما يرضي الله ، وتسمعي إلا ما يرضى الله ، إرجع فإن ملك الموت أقرب ما يكون إليك من نفسك
أرجعوا مازال باب التوبه مفتوح أرجعوا قبل فوات {الأوان فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غيا 59 إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شيئًا 60 جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيَا 61 لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا 62 تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63)}
سوره مریم.. ❝ ⏤الاء السيد
❞«ارجع »
ها نحن طلقاء الجسد لكننا سجناء الروح
وهناك من هم سجناء الجسد ولكنهم ظلقاء الروح، يسعون إلى الدعوه إلى الله وهم سجناء، يسعون إلى فعل الخيرات وهم مقيدون بين أربع جدران بين جوع وتعذيب مستمر،ألا يحزنك هذا الأمر أخي واختي فى الإسلام ليس حالهم، لكن حالنا نحن
نعم نحن
نحن الأحرار كم يقولون نحن من قِيل عنهم خير أمهٌ أُخرجتْ للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، نحن من بكى الرسول شوقاً لرؤيتنا، أحدثكم
وإياي
أرجع إلا الله فإن الوقت أوشك على النفاذ إرجع إلى الله فلن تجد لك من دون الله من ولي ولا نصير إرجع إلى الواحد الأحد إرجع إلى الله فإن كل شئ حالك إلا وجه إرجع إلى الله فإن الدينا لا تساوي عند الله جناح بعوضه إرجع إلى الله، فإن الذي تحبة إما أن تتركه، وأما أن يتركك إرجع
إلى الله وإبكي بين يديه، لا بين يدي المخلوق أتترك الخالق من أجل المخلوق ، أيعقل هذا حقاً ، إرجع وأعد ترتيب أولوياتك من جديد ، إرجع يا أخي ارجعي يا اختي لا تقولي إلا ما يرضي الله ولاتسيري إلا لفعل الطاعات ، ولا تنظري إلا لما يرضي الله ، وتسمعي إلا ما يرضى الله ، إرجع فإن ملك الموت أقرب ما يكون إليك من نفسك