❞ مسكينة \"رينا\" لم تسلم أبدًا مِنْ أمي، لطالما عنفتها ونقدتها أمام الجميع؛ لم تكن \"رينا\" مِمَّنْ يردون الإساءة بالإساءة، ولطالما كانتْ صامتة وحزينة، ولها تلك النظرة الزجاجية، وكأنَّها ستبكي في أيّ وقتٍ, رُبَّمَا الوحيدة التي سلمتْ مِنْ أمي هي: \"نيورا\" أختنا الكبرى، والأقرب إلى \"رينا\"، ربما تخلِّي \"نيورا\" عن \"رينا\" هو ما قتلها حَقًّا،\"نيورا\" إنَّها حَقًّا ابنة أمها؛ كانت الفتاة الذهبية للعائلة، ربما في الشبه كانت الأقرب إِلَىَّ؛ ولَكِنَّها في الشخصية هي الأقربُ إلى أمي . \"رينا\" لا أعلمُ لِمَ لا أتوقفُ عن التفكير بِكِ في الفترة الأخيرةِ ؟!
هَلْ هِيَ الآنتخاباتُ، أَمِ التخرجُ، أَمِ المعلمُ \"أيروان\"، أو رُبَّمَا تلك الأقاويلُ عن تضحية العائلة بـ\"رينا\"؛ في سبيلِ فوزِ عَمِّي؛ نَعَمْ؛ فقد تزامن تخرج \"رينا\"، وظهور الطاقة السوداء لديها مع انتخابات عَمِّي؛ فمُنْذُ عشرةِ أعوامٍ كانتِ الأسرةُ في أَوَّجِ عصرِها، وكذلك تجارةُ أَبِي؛ كُنَّا نتمتعُ بمساندةِ القصرِ أيضًا، القصر الذي ابتعد عَنَّا مُنْذُ سنواتٍ طويلةٍ؛ بَعْدَ حادثةِ موت \"رينا\"!! والشيءُ الغريبُ إنَّهُ لم يبتعد؛ عندما تخرجتُ إلى الجانبِ المظلمِ, شيءٌ غريبٌ حَقًّا؛ فوقتًها كان القصرُ داعمًا للنورِ في العَلَنِ والخَفَاءِ, وأصحابُ الجانبِ المظلمِ عاشوا على أطرافِ المملكةِ في القرى البعيدة؛ مُطَارَدُون مِنْ قِبَلِ الحرسِ المَلَكِيّ؛ أو رُبَّمَا لأنَّ وَلِي العَهْدِ كان مع \"رينا\" في الأكاديميةِ وقتها؛ حَقًّا لا أعرفُ الكثيرَ مِن الأسئلةِ والقليلَ مِن الأشخاصِ الصادقينَ ؟!!
انتقيت مكان أسفل نافذة المطبخ وسط الحديقة؛ وجلستُ؛ وإِذْ بي أسمعُ صوت صراخ أمي من داخل المنزل ؛ضممت ساقي إلى صدري، وكأنني أحمي نفسي من صوتها ،أمي إنَّها حقًا ليست بذلك السوء؛ رُبَّمَا أنا أتحاملُ عليها كثيرًا؛ ففي النهايةِ هي أُمٌّ فقدت ابنتها؛ دَعَكَ مَنْ كان سببًا في فقدِها؛ ولكنها ضاعتْ إلى الأبدِ ...أُمِّي الحبيبة؛ كانت أمي ذات وجه مثلث حاد الملامح، سوداء الشعر والعينين، ربما أقربُ إلى \"رينا\" باستثناء أنَّ أمي ذات شعر دهني ناعم, لم تكن من عائلة ملكية مثل أبي؛ ولَكِنَّ جِدَّها كان تاجرًا غنيًا جدًّا؛ وهو الذي دفع بابنه إلى المعتركِ السِّيَاسِيّ؛ وهكذا أصبحتْ أمي مِنْ سيدات المجتمع؛ وتَمَكَّنَ جَدِّي مِنْ إدخالِها الأكاديمية؛ نَاهِيكَ أنَّها عند التخرجِ لَمْ تَشِعّْ بأيّ لونٍ على الإطلاقِ؛ كانتْ مِمَّنْ يُطْلَق عليهم (الخاليين)، أيّ تخلُو مِنْ أيّ طاقةٍ !!. ❝ ⏤مها آدم
❞ مسكينة ˝رينا˝ لم تسلم أبدًا مِنْ أمي، لطالما عنفتها ونقدتها أمام الجميع؛ لم تكن ˝رينا˝ مِمَّنْ يردون الإساءة بالإساءة، ولطالما كانتْ صامتة وحزينة، ولها تلك النظرة الزجاجية، وكأنَّها ستبكي في أيّ وقتٍ, رُبَّمَا الوحيدة التي سلمتْ مِنْ أمي هي: ˝نيورا˝ أختنا الكبرى، والأقرب إلى ˝رينا˝، ربما تخلِّي ˝نيورا˝ عن ˝رينا˝ هو ما قتلها حَقًّا،˝نيورا˝ إنَّها حَقًّا ابنة أمها؛ كانت الفتاة الذهبية للعائلة، ربما في الشبه كانت الأقرب إِلَىَّ؛ ولَكِنَّها في الشخصية هي الأقربُ إلى أمي . ˝رينا˝ لا أعلمُ لِمَ لا أتوقفُ عن التفكير بِكِ في الفترة الأخيرةِ ؟!
هَلْ هِيَ الآنتخاباتُ، أَمِ التخرجُ، أَمِ المعلمُ ˝أيروان˝، أو رُبَّمَا تلك الأقاويلُ عن تضحية العائلة بـ˝رينا˝؛ في سبيلِ فوزِ عَمِّي؛ نَعَمْ؛ فقد تزامن تخرج ˝رينا˝، وظهور الطاقة السوداء لديها مع انتخابات عَمِّي؛ فمُنْذُ عشرةِ أعوامٍ كانتِ الأسرةُ في أَوَّجِ عصرِها، وكذلك تجارةُ أَبِي؛ كُنَّا نتمتعُ بمساندةِ القصرِ أيضًا، القصر الذي ابتعد عَنَّا مُنْذُ سنواتٍ طويلةٍ؛ بَعْدَ حادثةِ موت ˝رينا˝!! والشيءُ الغريبُ إنَّهُ لم يبتعد؛ عندما تخرجتُ إلى الجانبِ المظلمِ, شيءٌ غريبٌ حَقًّا؛ فوقتًها كان القصرُ داعمًا للنورِ في العَلَنِ والخَفَاءِ, وأصحابُ الجانبِ المظلمِ عاشوا على أطرافِ المملكةِ في القرى البعيدة؛ مُطَارَدُون مِنْ قِبَلِ الحرسِ المَلَكِيّ؛ أو رُبَّمَا لأنَّ وَلِي العَهْدِ كان مع ˝رينا˝ في الأكاديميةِ وقتها؛ حَقًّا لا أعرفُ الكثيرَ مِن الأسئلةِ والقليلَ مِن الأشخاصِ الصادقينَ ؟!!
انتقيت مكان أسفل نافذة المطبخ وسط الحديقة؛ وجلستُ؛ وإِذْ بي أسمعُ صوت صراخ أمي من داخل المنزل ؛ضممت ساقي إلى صدري، وكأنني أحمي نفسي من صوتها ،أمي إنَّها حقًا ليست بذلك السوء؛ رُبَّمَا أنا أتحاملُ عليها كثيرًا؛ ففي النهايةِ هي أُمٌّ فقدت ابنتها؛ دَعَكَ مَنْ كان سببًا في فقدِها؛ ولكنها ضاعتْ إلى الأبدِ ..أُمِّي الحبيبة؛ كانت أمي ذات وجه مثلث حاد الملامح، سوداء الشعر والعينين، ربما أقربُ إلى ˝رينا˝ باستثناء أنَّ أمي ذات شعر دهني ناعم, لم تكن من عائلة ملكية مثل أبي؛ ولَكِنَّ جِدَّها كان تاجرًا غنيًا جدًّا؛ وهو الذي دفع بابنه إلى المعتركِ السِّيَاسِيّ؛ وهكذا أصبحتْ أمي مِنْ سيدات المجتمع؛ وتَمَكَّنَ جَدِّي مِنْ إدخالِها الأكاديمية؛ نَاهِيكَ أنَّها عند التخرجِ لَمْ تَشِعّْ بأيّ لونٍ على الإطلاقِ؛ كانتْ مِمَّنْ يُطْلَق عليهم (الخاليين)، أيّ تخلُو مِنْ أيّ طاقةٍ !!. ❝
❞ شمس حياتي
منذ أن جمعني الله بك، أضاء كوني ببريقك، فأنت شمس عالمي؛ بأشعتك الذهبية أدفأت كياني، وأزهرت حديقتي، ونشرت الأمان في أرجائها، أخذت بيدي نحو الفردوس الأعلى، واحتويتني كابنتك، منذ ذلك الحين، صرت أرى عالمي بعينيك فقط، أشعر بالأمان والسعادة بوجودك، بكَ أصبحت كفراشة تحوم في محيط كونها، تبسط جناحيها بحرية، ترقص فوق الزهور، تداعب أوراقها، وتشير بجناحيها نحو أشعتك الذهبية، تنعم بدفئها، وتستمد قوتها ما دامت تظللها، فيا شمس حياتي، لا تحجب أشعتك عن حديقتي، فبدونك ستغدو صحراءً قاحلة.
لـِ ندى العطفي
بيلا. ❝ ⏤Nada Elatfe
❞ شمس حياتي
منذ أن جمعني الله بك، أضاء كوني ببريقك، فأنت شمس عالمي؛ بأشعتك الذهبية أدفأت كياني، وأزهرت حديقتي، ونشرت الأمان في أرجائها، أخذت بيدي نحو الفردوس الأعلى، واحتويتني كابنتك، منذ ذلك الحين، صرت أرى عالمي بعينيك فقط، أشعر بالأمان والسعادة بوجودك، بكَ أصبحت كفراشة تحوم في محيط كونها، تبسط جناحيها بحرية، ترقص فوق الزهور، تداعب أوراقها، وتشير بجناحيها نحو أشعتك الذهبية، تنعم بدفئها، وتستمد قوتها ما دامت تظللها، فيا شمس حياتي، لا تحجب أشعتك عن حديقتي، فبدونك ستغدو صحراءً قاحلة.
❞ عنوان: *أمواج السلام*
في أحد أيام الصيف الهادئة، توجهت إلى شاطئ البحر لأجد فيه ملاذاً من ضوضاء المدينة وضغوط الحياة. كان البحر هادئاً، والأمواج تتلاطم بلطف كأنها تتحدث همساً. جلست على الرمال الذهبية وأطلقت العنان لأفكاري، بينما كانت الشمس تميل نحو الأفق، مرسلة أشعتها الذهبية لتنعكس على سطح الماء كلوحة فنية بديعة.
كان للهدوء الذي يعم المكان سحر خاص، فقد شعرت وكأن الزمن قد توقف، وكأنني في عالم آخر، عالم لا يعرف الضجيج ولا الاضطراب. صوت الأمواج الخفيف كان يشبه نغمة موسيقية هادئة تملأ القلب بالسكينة والراحة. وبدون أن أشعر، وجدت نفسي أستسلم لجاذبية الطبيعة وأغلق عيني، مستمتعاً بالسلام الذي يحيط بي.
البحر في هدوئه كان يعلمني أن الجمال يكمن في البساطة، وأن السعادة في اللحظات الصغيرة التي نغفل عنها في خضم حياتنا اليومية. تعلمت في ذلك اليوم أن أعطي نفسي فرصة للهدوء والتأمل، وأدركت أن البحر يحمل في أعماقه دروساً قيمة لكل من يبحث عن السلام الداخلي.
بقلم/فاطمه سامي|طوما|. ❝ ⏤"فاطمة سامي" |طوما|
❞ عنوان: *أمواج السلام*
في أحد أيام الصيف الهادئة، توجهت إلى شاطئ البحر لأجد فيه ملاذاً من ضوضاء المدينة وضغوط الحياة. كان البحر هادئاً، والأمواج تتلاطم بلطف كأنها تتحدث همساً. جلست على الرمال الذهبية وأطلقت العنان لأفكاري، بينما كانت الشمس تميل نحو الأفق، مرسلة أشعتها الذهبية لتنعكس على سطح الماء كلوحة فنية بديعة.
كان للهدوء الذي يعم المكان سحر خاص، فقد شعرت وكأن الزمن قد توقف، وكأنني في عالم آخر، عالم لا يعرف الضجيج ولا الاضطراب. صوت الأمواج الخفيف كان يشبه نغمة موسيقية هادئة تملأ القلب بالسكينة والراحة. وبدون أن أشعر، وجدت نفسي أستسلم لجاذبية الطبيعة وأغلق عيني، مستمتعاً بالسلام الذي يحيط بي.
البحر في هدوئه كان يعلمني أن الجمال يكمن في البساطة، وأن السعادة في اللحظات الصغيرة التي نغفل عنها في خضم حياتنا اليومية. تعلمت في ذلك اليوم أن أعطي نفسي فرصة للهدوء والتأمل، وأدركت أن البحر يحمل في أعماقه دروساً قيمة لكل من يبحث عن السلام الداخلي.
❞ خُضرة الحقول اليانعة .. وزرقة السماء الصافية .. وحُمرة الورود الدامية .. وصفرة الرمال الذهبية .. وكل الألوان المبهجة التي نشاهدها في الأشياء لا وجود لها أصلًا في الأشياء ..
وإنما هي اصطلاحات جهازنا العصبي وشفرته التي يترجم بها أطوال الموجات الضوئية المختلفة التي تنعكس عليه .
إنها كآلام الوخز التي نشعر بها من الإبر .. ليست هي الصورة الحقيقية للإبر .. وإنما هي صورة لتأثرنا بالإبر .
وبالمثل طعم الأشياء ورائحتها وملمسها وصلابتها وليونتها وشكلها الهندسي وحجمها، لا تقدم لنا صورة حقيقية لما نلمسه ونشمه ونذوقه، وإنما هي مجرد الطريقة التي نتأثر بها بهذه الأشياء ..
إنها ترجمة ذاتية لا وجود لها خارجنا .
كل ما نراه ونتصوره .. خيالات مترجَمة لا وجود لها في الأصل، مجرد صور رمزية للمؤثرات المختلفة صورها جهازنا العصبي بأدواته الحسية المحدودة ..
أهي أحــــلام .. ؟
هل نحن نحلم .. ولا وجود لهذا العالَم .. هل هذه الصفات تقوم في ذهننا دون أن يكون لها مقابل في الخارج .. ؟؟
البداهة والفطرة تنفي هذا الرأي .. فالعالَم الخارجي موجود .. وحواسنا تحيلنا دائمًا على شيء آخر خارجنا .. ولكن هناك فجوة بيننا وبين هذا العالَم .. حواسنا لا تستطيع أن تراه على حقيقته .. وإنما هي تترجمه دائمًا بلغة خاصة وذاتية .. وبشفرة مختلفة ..
ولو أننا كنا نحلم .. ولو أننا كنا نهذي كل منا على طريقته لما استطعنا أن نتفاهم .. ولما استطعنا أن نتفق على حقيقة موضوعية مشتركة ..
ولكننا في الحقيقة نتناول بين أيدينا تراجم حسية .. ربما ناقصة .. وربما غير صحيحة .. ولكنها تراجِم لها أصل أمامنا ..
هناك نسخة موضوعية من الحقيقة نحاول أن نغش منها على قدر الإمكان .. هناك حقيقة خارجنا ..
إننا لا نحلـــم ..
وإنما نحن سجناء حواسنا المحدودة .. وسجناء طبيعتنا العاجزة .. وما نراه يُنقَل إلينا دائمًا مشوَّهًا وناقصًا ومبتورًا نتيجة رؤيتنا الكليلة .
والنتيجة أن هناك أكثر من دنيا ..
هناك الدنيا كما هي في الحقيقة وهذه لا نعرفها .. ولا يعرفها إلا الله .
وهناك الدنيا كما يراها الصرصور .. وهي مختلفة تمامًا عن دنيانا، لأن الجهاز العصبي للصرصور مختلف تمامًا عن جهازنا .. فهو يرى الشمس يطريقة مختلفة .. وهو لا يرى الشجرة كما نراها نحن شجرة .. وهو لا يميز الألوان ..
وهناك الدنيا كما تراها دودة الإسكارس .. وهي مختلفة تمامًا عن دنيا الصرصور .. فهي دنيا كلها ظلام .. دنيا خالية من المناظر .. ليس فيها سوى إحساسات بليدة تنتقل عن طريق الجِلد ..
وهكذا كل طبقة من المخلوقات لها دنيا خاصة بها .
ومنذ لحظة الميلاد يتسلم كل مخلوق بطاقة دعوة إلى محفل من محافل هذه الدنيا .. ويجلس إلى مائدة مختلفة ليتذوّق أطعمة مختلفة .. ولذائذ وآلام مختلفة .
وكل طبقة من المخلوقات تعيش سجينة في تصوراتها .. لا تستطيع أن تصف الصور التي تراها الطبقات الأخرى ..
لا يمكننا نحن الآدميون أن نتكلم مع الطيور أو الزواحف أو الديدان أو الحشرات لنشرح لها ما نراه من الدنيا .
ولا يستطيع اصرصور أن يخاطبنا ويصف لنا العالَم الذي يعيش فيه .
وربما لو حدث هذا في يومٍ ما لأمكننا أن نصل إلى ما يشبه حجر رشيد .. ولأمكننا أن نتوصل إلى عدة شفرات، ولغات مختلفة للدنيا نضعها تحت بعضها ونفكك طلاسمها .. ونستنبط منها الحقيقة التي تحاول هذه الشفرات الرمزية أن تصفها .. ونعرف ســر هذه الدنيا .
ولكن هذا الاتصال غير ممكن .. لأننا الوحيدون في هذه الدنيا الذين نعرف اللغة .. وبقية المخلوقات عجماء ..
مــا الحــل .. ؟!
هل ننتظر حتى نسافر إلى الفضاء ونعثر على مخلوقات في المريخ تقرأ وتكتب .. ؟!
علماء الرياضة يقولون لنا أنه لا داعي لهذا الانتظار .. هناك طريقة أخرى .. طريقة صعبة ولكنها توصل إلى سكة الحقيقة ..
هذه الطريقة هي أن نضع جانبًا كل ما تقوله الحواس .. ونستعمل أساليب أخرى غير السمع والبصر والشم واللمس ..
نستعمل الحساب والأرقام .. نجرد كل المحسوسات إلى أرقام .. ومقادير ..
القائمة الطويلة المعروفة للأشعة الضوئية .. الأصفر والبرتقالي والأحمر والبنفسجي والأزرق والأخضر .. إلخ .. نجردها إلى أرقام ..
كل موجة طولها كذا .. وذبذبتها كذا ..
وكذلك كل صنوف الإشعاع .. أشعة إكس .. أشعة الراديوم .. الأشعة الكونية ..
كلها أمواج .. مثل أمواج اللاسلكي التي نسمع المذيع يقول كل يوم إنها كذا كيلو سيكل في الثانية ..
مجــرد أرقـــام .. نستطيع أن نقيسها ونحسبها ونجمعها ونطرحها .. إذًا نغمض أعيننا ونفكر بطريقة جديدة ..
وبدل أن نقول اللون الأخضر ، واللون الأحمر .. نقول كذا كيلو سيكل ثانية .
والذي أغمض عينيه وبدأ يفكر بهذه الطريقة الجديدة التي أحدَثَت انقلابًا في العلوم .. كان هو العالِم الرياضي ماكس بلانك .. الذي طلع في سنة 1900 بنظريته المعروفة في الطبيعة النظرية الكمّية .. ( Quantum Theory )
وقد بدأ من حقيقة بسيطة معروفة .. أنك إذا سخنت قضيبًا من الحديد .. فإنه في البداية يحمر، ثم يتحول إلى برتقالي، ثم أصفر، ثم أبيض متوهج ..
إذًا هناك علاقة حسابية بين الطاقة التي يشعها الحديد الساخن .. وطول أو ذبذبة الموجة الضوئية التي تنبعث منه ..
هناك معادلة ..
وبدأ يبحث عن هذه المعادلة حتى عثر عليها ..
وجد ببساطة أن الطاقة المشعة مقسومة على الذبذبة ( ن ) تساوي دائمًا كمًا ثابتًا (مثل النسبة التقريبية في الدائرة) هذا الكَم أسماه .. ثابت بلانك ( هـ ) .
والمعادلة هي : الطاقـــة = هـ X ن .
وهي معادلة تقوم على افتراض .. بأن الطاقة المشعة تنبعث في كميات متتابعة .. في دفعات .. أو حزم .. أو حبيبات من الطاقة .. أو ذرّات .
وأطلق على هذه الذرات الضوئية إسم " فوتونات " ..
وفي رسالة نال عليها أينشتين جائزة نوبل قدم دراسة وافية بالمعادلات والأرقام عن العلاقة بين هذه الفوتونات الضوئية الساقطة على لوح معدني .. وبين الكهرباء التي تتولد منه ..
وعلى أساس هذه المعادلات قامت فكرة اختراع التليفزيون فيما بعد ..
يقول أينشتين إن من الظاهرات المعروفة في المعمل أنك إذا أسقطت شعاعًا من الضوء على لوح معدني فإن عددًا من الإلكترونات تنطلق من اللوح .. ولا تتأثر سرعة انطلاق هذه الإلكترونات بشدة الضوء، فمهما خفّ الضوء ومهما ابتعد مصدره فالإلكترونات تنطلق بسرعة ثابتة .. ولكن بعدد أقل .. وإنما تزداد هذه السرعة كلما كانت الموجة الضوئية الساقطة عالية الذبذبة .. ولهذا تزيد في الأشعة البنفسجية وتقل في الحمراء .
وهو يفسر انطلاق هذه الإلكترونات بأن الضوء لا يسقط على اللوح المعدني في سيال متصل .. وإنما في حِزَم من الطاقة .. " فوتونات " وتصطدم هذه الفوتونات بالإلكترونات في اللوح المعدني كما تصدم العصا بكرات البلياردو فتطلقها حرة خارج مداراتها ..
وكلما كانت الأشعة الضوئية ذات ذبذبة عالية ( البنفسجية مثلًا ) كلما كان الفوتون يختزن طاقة أكثر .. كلما أطلق الإلكترونات بسرعة أكثر ..
وربَط هذه العلاقات في سلسلة من المعادلات الرياضية ..
وعمد التليفزيون إلى تطبيق هذه النظرية في جهاز الإرسال التليفزيوني ..
فأنت حينما تجلس أمام كاميرا التليفزيون فإنها تنقل صورتك التي هي عبارة عن نقط من الظل ونقط من النور إلى اللوح المعدني الحساس ..
ونقط النور ونقط الظل الساقطة على اللوح المعدني تطلق سيالًا من الإلكترونات يتفاوت في العدد وفي السرعة حسب الظل والنور في الصورة .. وهذه الخفقات الإلكترونية الكهربائية تنتقل إلى عمود الإرسال وتُذاع على شكل موجات مغناطيسية كهربائية إلى أجهزة الإستقبال .
وأينشتين لم يفكر حينما وضع معادلاته في اختراع التليفزيون .
وعلماء الرياضة لم يُثِر اهتمامهم في ذلك الحين ولا فيما بعد .. ظهور التليفزيون .. وإنما الذي أثارهم هو هذا الإفتراض الجديد الذي أقام عليه ماكس بلانك معادلاته في النظرية الكمّية، وأقام عليه أينشتين معادلاته في الظاهرة الضوئية الكهربائية ..
أن الضوء ينطلق في ذرّات أو فوتونات لا في أمواج متصلة .. فالضوء حتى ذلك الحين كانت طبيعته موجية .. فكيف يصبح شأنه شأن المادة .. مؤلَف من ذرات أو فوتونات .. !
وماذا تكون هذه الفوتونات .. ؟؟
هل هي كرات من الطاقة لها حيز، ولها أوضاع في المكان .. شأنها في ذلك شأن جزيئات المادة .. ؟!
وإذا كان الضوء ذرّات .. فكيف يتصرف كما لو كان أمواجًا .. ؟!
لماذا يحيد الضوء حينما يدخل من ثقب ضيق كما تحيد أمواج البحر حينما تدخل في مضيق .. ولماذا ينعطف الضوء حول شعرة رفيعة فلا يبدو لها ظل .. كما تنعطف الأمواج وتتلاحم حول عصا مرشوقة في البحر .. ؟!
وكيف نفرِّق بين المعادلات التي تحسب الضوء على أساس أن طبيعته موجية متصلة وبين المعادلات الجديدة التي تحسب الضوء على أساس أن طبيعته ذريّة متقطعة .. !
أم أن للضوء طبيعة مزدوجة .. ؟! وكيــف .. ؟؟ !!
كيف تكون الحقيقة بهذا التناقض .. ؟!
أم أنه لا توجد حقيقة واحدة ... ؟!
مقال / كل شيء ذرّات
من كتاب / أينشتين والنسبيه
للدكتور/ مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ خُضرة الحقول اليانعة . وزرقة السماء الصافية . وحُمرة الورود الدامية . وصفرة الرمال الذهبية . وكل الألوان المبهجة التي نشاهدها في الأشياء لا وجود لها أصلًا في الأشياء .
وإنما هي اصطلاحات جهازنا العصبي وشفرته التي يترجم بها أطوال الموجات الضوئية المختلفة التي تنعكس عليه .
إنها كآلام الوخز التي نشعر بها من الإبر . ليست هي الصورة الحقيقية للإبر . وإنما هي صورة لتأثرنا بالإبر .
وبالمثل طعم الأشياء ورائحتها وملمسها وصلابتها وليونتها وشكلها الهندسي وحجمها، لا تقدم لنا صورة حقيقية لما نلمسه ونشمه ونذوقه، وإنما هي مجرد الطريقة التي نتأثر بها بهذه الأشياء .
إنها ترجمة ذاتية لا وجود لها خارجنا .
كل ما نراه ونتصوره . خيالات مترجَمة لا وجود لها في الأصل، مجرد صور رمزية للمؤثرات المختلفة صورها جهازنا العصبي بأدواته الحسية المحدودة .
أهي أحــــلام . ؟
هل نحن نحلم . ولا وجود لهذا العالَم . هل هذه الصفات تقوم في ذهننا دون أن يكون لها مقابل في الخارج . ؟؟
البداهة والفطرة تنفي هذا الرأي . فالعالَم الخارجي موجود . وحواسنا تحيلنا دائمًا على شيء آخر خارجنا . ولكن هناك فجوة بيننا وبين هذا العالَم . حواسنا لا تستطيع أن تراه على حقيقته . وإنما هي تترجمه دائمًا بلغة خاصة وذاتية . وبشفرة مختلفة .
ولو أننا كنا نحلم . ولو أننا كنا نهذي كل منا على طريقته لما استطعنا أن نتفاهم . ولما استطعنا أن نتفق على حقيقة موضوعية مشتركة .
ولكننا في الحقيقة نتناول بين أيدينا تراجم حسية . ربما ناقصة . وربما غير صحيحة . ولكنها تراجِم لها أصل أمامنا .
هناك نسخة موضوعية من الحقيقة نحاول أن نغش منها على قدر الإمكان . هناك حقيقة خارجنا .
إننا لا نحلـــم .
وإنما نحن سجناء حواسنا المحدودة . وسجناء طبيعتنا العاجزة . وما نراه يُنقَل إلينا دائمًا مشوَّهًا وناقصًا ومبتورًا نتيجة رؤيتنا الكليلة .
والنتيجة أن هناك أكثر من دنيا .
هناك الدنيا كما هي في الحقيقة وهذه لا نعرفها . ولا يعرفها إلا الله .
وهناك الدنيا كما يراها الصرصور . وهي مختلفة تمامًا عن دنيانا، لأن الجهاز العصبي للصرصور مختلف تمامًا عن جهازنا . فهو يرى الشمس يطريقة مختلفة . وهو لا يرى الشجرة كما نراها نحن شجرة . وهو لا يميز الألوان .
وهناك الدنيا كما تراها دودة الإسكارس . وهي مختلفة تمامًا عن دنيا الصرصور . فهي دنيا كلها ظلام . دنيا خالية من المناظر . ليس فيها سوى إحساسات بليدة تنتقل عن طريق الجِلد .
وهكذا كل طبقة من المخلوقات لها دنيا خاصة بها .
ومنذ لحظة الميلاد يتسلم كل مخلوق بطاقة دعوة إلى محفل من محافل هذه الدنيا . ويجلس إلى مائدة مختلفة ليتذوّق أطعمة مختلفة . ولذائذ وآلام مختلفة .
وكل طبقة من المخلوقات تعيش سجينة في تصوراتها . لا تستطيع أن تصف الصور التي تراها الطبقات الأخرى .
لا يمكننا نحن الآدميون أن نتكلم مع الطيور أو الزواحف أو الديدان أو الحشرات لنشرح لها ما نراه من الدنيا .
ولا يستطيع اصرصور أن يخاطبنا ويصف لنا العالَم الذي يعيش فيه .
وربما لو حدث هذا في يومٍ ما لأمكننا أن نصل إلى ما يشبه حجر رشيد . ولأمكننا أن نتوصل إلى عدة شفرات، ولغات مختلفة للدنيا نضعها تحت بعضها ونفكك طلاسمها . ونستنبط منها الحقيقة التي تحاول هذه الشفرات الرمزية أن تصفها . ونعرف ســر هذه الدنيا .
ولكن هذا الاتصال غير ممكن . لأننا الوحيدون في هذه الدنيا الذين نعرف اللغة . وبقية المخلوقات عجماء .
مــا الحــل . ؟!
هل ننتظر حتى نسافر إلى الفضاء ونعثر على مخلوقات في المريخ تقرأ وتكتب . ؟!
علماء الرياضة يقولون لنا أنه لا داعي لهذا الانتظار . هناك طريقة أخرى . طريقة صعبة ولكنها توصل إلى سكة الحقيقة .
هذه الطريقة هي أن نضع جانبًا كل ما تقوله الحواس . ونستعمل أساليب أخرى غير السمع والبصر والشم واللمس .
نستعمل الحساب والأرقام . نجرد كل المحسوسات إلى أرقام . ومقادير .
القائمة الطويلة المعروفة للأشعة الضوئية . الأصفر والبرتقالي والأحمر والبنفسجي والأزرق والأخضر . إلخ . نجردها إلى أرقام .
كل موجة طولها كذا . وذبذبتها كذا .
وكذلك كل صنوف الإشعاع . أشعة إكس . أشعة الراديوم . الأشعة الكونية .
كلها أمواج . مثل أمواج اللاسلكي التي نسمع المذيع يقول كل يوم إنها كذا كيلو سيكل في الثانية .
مجــرد أرقـــام . نستطيع أن نقيسها ونحسبها ونجمعها ونطرحها . إذًا نغمض أعيننا ونفكر بطريقة جديدة .
وبدل أن نقول اللون الأخضر ، واللون الأحمر . نقول كذا كيلو سيكل ثانية .
والذي أغمض عينيه وبدأ يفكر بهذه الطريقة الجديدة التي أحدَثَت انقلابًا في العلوم . كان هو العالِم الرياضي ماكس بلانك . الذي طلع في سنة 1900 بنظريته المعروفة في الطبيعة النظرية الكمّية . ( Quantum Theory )
وقد بدأ من حقيقة بسيطة معروفة . أنك إذا سخنت قضيبًا من الحديد . فإنه في البداية يحمر، ثم يتحول إلى برتقالي، ثم أصفر، ثم أبيض متوهج .
إذًا هناك علاقة حسابية بين الطاقة التي يشعها الحديد الساخن . وطول أو ذبذبة الموجة الضوئية التي تنبعث منه .
هناك معادلة .
وبدأ يبحث عن هذه المعادلة حتى عثر عليها .
وجد ببساطة أن الطاقة المشعة مقسومة على الذبذبة ( ن ) تساوي دائمًا كمًا ثابتًا (مثل النسبة التقريبية في الدائرة) هذا الكَم أسماه . ثابت بلانك ( هـ ) .
والمعادلة هي : الطاقـــة = هـ X ن .
وهي معادلة تقوم على افتراض . بأن الطاقة المشعة تنبعث في كميات متتابعة . في دفعات . أو حزم . أو حبيبات من الطاقة . أو ذرّات .
وأطلق على هذه الذرات الضوئية إسم ˝ فوتونات ˝ .
وفي رسالة نال عليها أينشتين جائزة نوبل قدم دراسة وافية بالمعادلات والأرقام عن العلاقة بين هذه الفوتونات الضوئية الساقطة على لوح معدني . وبين الكهرباء التي تتولد منه .
وعلى أساس هذه المعادلات قامت فكرة اختراع التليفزيون فيما بعد .
يقول أينشتين إن من الظاهرات المعروفة في المعمل أنك إذا أسقطت شعاعًا من الضوء على لوح معدني فإن عددًا من الإلكترونات تنطلق من اللوح . ولا تتأثر سرعة انطلاق هذه الإلكترونات بشدة الضوء، فمهما خفّ الضوء ومهما ابتعد مصدره فالإلكترونات تنطلق بسرعة ثابتة . ولكن بعدد أقل . وإنما تزداد هذه السرعة كلما كانت الموجة الضوئية الساقطة عالية الذبذبة . ولهذا تزيد في الأشعة البنفسجية وتقل في الحمراء .
وهو يفسر انطلاق هذه الإلكترونات بأن الضوء لا يسقط على اللوح المعدني في سيال متصل . وإنما في حِزَم من الطاقة . ˝ فوتونات ˝ وتصطدم هذه الفوتونات بالإلكترونات في اللوح المعدني كما تصدم العصا بكرات البلياردو فتطلقها حرة خارج مداراتها .
وكلما كانت الأشعة الضوئية ذات ذبذبة عالية ( البنفسجية مثلًا ) كلما كان الفوتون يختزن طاقة أكثر . كلما أطلق الإلكترونات بسرعة أكثر .
وربَط هذه العلاقات في سلسلة من المعادلات الرياضية .
وعمد التليفزيون إلى تطبيق هذه النظرية في جهاز الإرسال التليفزيوني .
فأنت حينما تجلس أمام كاميرا التليفزيون فإنها تنقل صورتك التي هي عبارة عن نقط من الظل ونقط من النور إلى اللوح المعدني الحساس .
ونقط النور ونقط الظل الساقطة على اللوح المعدني تطلق سيالًا من الإلكترونات يتفاوت في العدد وفي السرعة حسب الظل والنور في الصورة . وهذه الخفقات الإلكترونية الكهربائية تنتقل إلى عمود الإرسال وتُذاع على شكل موجات مغناطيسية كهربائية إلى أجهزة الإستقبال .
وأينشتين لم يفكر حينما وضع معادلاته في اختراع التليفزيون .
وعلماء الرياضة لم يُثِر اهتمامهم في ذلك الحين ولا فيما بعد . ظهور التليفزيون . وإنما الذي أثارهم هو هذا الإفتراض الجديد الذي أقام عليه ماكس بلانك معادلاته في النظرية الكمّية، وأقام عليه أينشتين معادلاته في الظاهرة الضوئية الكهربائية .
أن الضوء ينطلق في ذرّات أو فوتونات لا في أمواج متصلة . فالضوء حتى ذلك الحين كانت طبيعته موجية . فكيف يصبح شأنه شأن المادة . مؤلَف من ذرات أو فوتونات . !
وماذا تكون هذه الفوتونات . ؟؟
هل هي كرات من الطاقة لها حيز، ولها أوضاع في المكان . شأنها في ذلك شأن جزيئات المادة . ؟!
وإذا كان الضوء ذرّات . فكيف يتصرف كما لو كان أمواجًا . ؟!
لماذا يحيد الضوء حينما يدخل من ثقب ضيق كما تحيد أمواج البحر حينما تدخل في مضيق . ولماذا ينعطف الضوء حول شعرة رفيعة فلا يبدو لها ظل . كما تنعطف الأمواج وتتلاحم حول عصا مرشوقة في البحر . ؟!
وكيف نفرِّق بين المعادلات التي تحسب الضوء على أساس أن طبيعته موجية متصلة وبين المعادلات الجديدة التي تحسب الضوء على أساس أن طبيعته ذريّة متقطعة . !
أم أن للضوء طبيعة مزدوجة . ؟! وكيــف . ؟؟ !!
كيف تكون الحقيقة بهذا التناقض . ؟!
أم أنه لا توجد حقيقة واحدة .. ؟!
مقال / كل شيء ذرّات
من كتاب / أينشتين والنسبيه
للدكتور/ مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝