█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ أنتِ أيضاً صحابيَّة!
تركتِ بيتكِ في مكة،
وهاجرتِ إلى المدينة تابعةً قلبكِ ودينكِ ونبيّكِ ﷺ
كلُّ شيءٍ فيكِ يشتاقُ إلى مكة،
الحنين إلى الكعبة لا يهدأ،
وتنتظرين بفارغ الصبر تلك اللحظة التي
ستكحلين فيها عينيكِ برؤيتها مجدداً!
ويُخبركِ النبيُّ ﷺ أنه قد عزمَ على فتح مكة،
فيرقصُ قلبكِ فرحاً بهذا الخبر،
ولكنَّ النبيَّ ﷺ قد طلب منكم
أن تُبقوا هذا الأمر سراً!
فالحربُ نهاية المطاف خدعة،
والذي يملكُ عنصر المفاجأة نادراً ما يُهزم!
وقد أراد النبيُّ ﷺ فتحاً بأقل الخسائر،
نمتِ تلكَ الليلة وأنت تحلمين بتلك اللحظة،
التي ستُقبّلين فيها تُراب مكة،
وستشهدين الأصنام تُداس بالأقدام،
وسترين بلالاً يصعدُ على ظهر الكعبة،
منادياً ملء حنجرته أنَّ ˝الله أكبر˝!
ولكن طارئاً قد حدث هدَّدَ كل هذا الحلم بالانهيار،
يستدعي النبيُّ ﷺ ثلاثةً من خيرة أصحابه،
علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود
في مهمة عاجلة وخطيرة،
ويأمرهم بالتوجه إلى ˝روضة خاخ˝
وهناك سيجدون امرأةً تحملُ رسالة،
عليهم إحضارها فوراً مهما كلَّفَ الأمر!
وينطلقُ الفرسان الثلاثة على جناح السرعة،
وهناك يعثرون على المرأة التي أخبرهم عنها نبيهم ﷺ،
فلم ينطقْ مرةً ﷺ عن هوىً
كانت معيَّة الله تحفُّه، والوحي يؤيده!
طلبوا من المرأة أن تعطيهم الرسالة التي تحملها،
ولكنها أنكرتْ وجودها!
فقالوا لها: إما أن تُخرجي الكتاب، أو لنضعنَّ الثياب!
فلما عرفتْ أنهم قد عزموا تفتيشها،
أخرجت الرسالة من بين ضفائر شعرها حيث خبأتها!
فأخذوا الرسالة وعادوا بها إلى النبيِّ ﷺ،
وفي المدينة يفتحُ النبيُّ ﷺ الرسالة،
فإذا بها من حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش،
يُعلمهم فيها أنَّ النبيَّ ﷺ قد عزمَ على فتح مكة!
في العلوم العسكرية يُعتبر هذا خرقاً أمنياً خطيراً،
وإن شئتِ فهذه خيانة عُظمى!
ويُبرر حاطبٌ للنبيِّ ﷺ فعلته هذه،
بأنَّ له أهلاً ضعافاً في مكة قد نالهم أذى قريش،
وأنه أراد أن يُخففوا عنهم،
وأنَّ الإيمان في قلبه كالجبال الرواسي لم يتزحزح قيد أُنملة!
ويقبلُ النبيُّ ﷺ عُذر حاطب بن أبي بلتعة،
ولكن عمر بن الخطاب الحازم في دين الله،
الشرس إذا تعلَّقَ الأمر بالإسلام،
يقولُ للنبيِّ ﷺ:
يا رسول الله، ائذنْ لي أن أضربَ عنق هذا المنافق!
فقال له النبيُّ ﷺ: لا يا عُمر،
إنه قد شهدَ بدراً، لعلَّ اللهَ اطلعَ على أهل بدر فقال:
اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم!
يا للوفاء يا رسول الله، يا للوفاء!
لم يُنسِه هذا التصرف الخاطئ ماضيَ صاحبه المشرق معه!
فلا تنسي أنتِ كلَّ معروف أُسديَ إليكِ،
عندما يقعُ خلافٌ بينكِ وبين زوجكِ،
لا تنسي تلك اللحظات الحلوة التي عشتماها معاً!
تذكري تلكَ المواقف التي طيَّبَ فيها خاطركِ،
تذكري الهدايا التي ملأ قلبكِ بها سعادة،
تذكري حنانه عليكِ يوم مرضتِ،
وتذكري مشواراً لم يكن يرغبُ فيه،
ولكنه ذهبَ لأنه يريدُ أن يُسعدكِ!
تذكري أنه إن بخلَ عليكِ مرةً،
فقد كان كريماً عليكِ مرَّاتٍ!
وإن لم يسمح له وقته باصطحابكِ إلى أهلكِ،
فقد فعلها عشرات المرات!
تذكري أنه إن غضبَ منكِ الآن،
فقد صفحَ عنكِ في غيرها!
تذكري اللقمة التي كان يضعها في فمكِ حُباً،
والكلمة التي كان يقولها لكِ شوقاً،
والحُرُّ من راعى وداد لحظة،
وقد كان نبيُّكِ لا ينسى المعروف،
فاقتدي به ولا تنسي المعروف أيضاً!
أخوكِ الذي غضبتِ منه الآن،
ألم تضحكان من قبل معاً وتبكيان معاً؟!
فلِمَ ستهون عليكِ تلكَ اللحظات الحلوة؟!
أختكِ التي حصل بينكِ وبينها خصام
ألم تكن يوماً حبَّة قلبكِ؟!
فما بالكِ تهدمين عمراً من المودة لأجل خصام عابر؟!
ابنكِ الذي قصَّر معكِ هذه المرَّة
ألم يبرَّكِ مراتٍ ومراتٍ؟!
أليس من النُّبلِ أن تهبي هذه لتلكَ؟!
حماتكِ التي أغضبتكِ الآن
ألم تكُنْ لكَ مرةً أُماً؟
أما كانتْ في صفّكِ مرَّةً؟
فلمَ تهون عليكِ العِشرة؟!
جارتكِ التي لم يُعجبكِ منها تصرفها هذه المرَّة
أما أعجبكِ تصرفها مرَّاتٍ؟!
أما أهدتكِ يوماً من طعامها؟
أما زارتكِ في مرضٍ؟
فلماذا تريدين من الناس أن يكونوا ملائكةً على الدَّوام؟!
كان نبيُّكِ ﷺ وفياً،
ولن تكوني صحابيَّةً إلا إذا كنتِ مثله!
جاءه يوماً موفدان من مسيلمة الكذاب،
فسألهما: هل تؤمنان أنه نبيٍّ؟!
فقالا: نعم!
فقال لهما: لولا أن الرُّسل لا تُقتل لقتلتكما!
كذَّباه في نبوته، واعترفا بنبوة غيره،
ومع هذا لم يخرجه غضبه من وفائه،
فإن كان المرسل الكافر لا يُقتل على كفره،
بل يؤمّنُ ويُكرم
أليس الزوج المسلم أحقُّ بالوفاء؟!
أليست الأخت والحماة والجارة والصديقة أحقُّ بالوفاء؟!
أرسلتْ قريشٌ أبا رافعٍ موفداً إلى النبيِّ ﷺ،
فلما جاء إلى المدينة دخلَ الإسلامُ إلى قلبه،
فأخبرَ النبيَّ ﷺ أنه يريدُ أن يبقى في المدينة،
فقال له النبيُّ ﷺ: إني لا أخيسُ بالعهد،
ولا أحبسُ الرُّسُلَ، ولكن ارجعْ إلى قومكَ،
فإن كان في نفسكَ الذي فيها الآن فارجِعْ!
وأنتِ أيضاً إن كنتِ صحابية فلا تخيسي بالعهد!
أنتِ عِرضُ رجلٍ فاحفظيه،
وأمان أولادكِ فالزميهم،
وسُمعة أبيكِ فحاربي لأجلها،
لا تحني رأس رجالٍ أحبوكِ وربوكِ لأجل لحظة طيش،
ولا لأجل شعور عابر،
من أمَّنكِ فأدِّي إليه أمانته!
يقول حُذيفة بن اليمان:
ما منعني أن أشهدَ بدراً إلا أني
خرجتُ أنا وأبي حسيل نريدُ النبيَّ ﷺ
فأخذنا كفار قريش، وقالوا: إنكم تريدون محمداً؟
فقلنا لهم: ما نريده، ما نريد إلا المدينة؟
فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفنَّ إلى المدينة
ولا نُقاتل معه!
فأتينا النبيَّ ﷺ وأخبرناه بالخبر
فقال: انصرفا، نفي لهم بعهدهم، ونستعينُ باللهَ عليهم!
هذا هو نبيّكِ ﷺ!
كان يفي بعهده للكافر الذي جاء لقتاله!
فإن كنتِ تريدين حيازة شرفَ أن تكوني صحابيَّة
فوفاءعهود المسلمين أولى!
فلا تنسي عهداً قطعته،
ولا معروفاً أُسديَ إليكِ،
ولا لحظةً حُلوة عشتها،
كوني وفيَّةً كما يليقُ بالصحابيَّة أن تكون! . ❝
❞ إنما الحازم من تَعلم منه نفسه الجِدَّ وحِفظ الأصول ، فإذا فسح لها في مُباح لم تتجاسر أن تتعداه فيكون معها كالمَلِك إذا مازح بعض جُنده ، فإنه لا ينبسط إليه الغُلام ، فإن إنبسط ذكر هيبة المملكة ، وكذلك المُحقق يُعلمها حظها ويستوفي منها ما عليها . ❝
❞ ˝وازرة الأعباء و وطئة الندم ˝
وزرت وازرة أعبائك فما غرك أيها المرء؟
فمابك تُحاملُ أعبائك التي حكمت عليك بالهلاك بوطئة الندم في توقيتك العسير، أم أنها روادتك قُسراً جعلتك تؤمن بأنك عبئاً ثقيلاً على من حولك كحقائب كانت مليئة بترحالك بين عوالم ذاتك، فنتاج محصلة ذلك تعري شعورك بالطمأنينة مُتلبساً بجرم أعباء الحياة، مٌنقاداً نحو غرفة بؤسك وحيداً مذعوراً، فأيها الإنسان كن كذلك القائد الحازم مُسكتاً لفاه فقدان صوابه عقب تدلي تلك الأعباء الضغينة على أكتافه، فليس كل شيئ يستحق أن نعطيه أكثر من اللازم فيُحال حالنا إلى هاوية العذاب مستدرجاً إيانا بلا رحمة.
الكاتبة/رينادا عمر . ❝
❞ إن إتخاذك قرار إختيار السلوك الحازم سيمثل بداية طريقة جديدة للحياة: طريقة للحياة تتخذ فيها قراراتك، وخياراتك دون الشعور بالذنب، إذ يكون فيها التحكم بيدك أنت، وليس بيد من حولك . ❝
❞ حقٌ على الحازم المؤمن بالله واليوم الآخر أن لايغفل عن محاسبة نفسه والتضييق عليها في حركاتها وسكناتها وخطراتها وخطواتها ، فكل نَفَس من أنفاس العمر جوهرة نفيسة لا خطر لها ، يمكن أن يشتري بها كنزا من الكنوز لا يتناهى نعيمه أبد الآباد . . ❝