❞ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)
تفسير سورة الفلق
وهي خمس آيات
و هي مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر ، ومدنية في أحد قولي ابن عباس وقتادة وهذه السورة وسورة ( الناس ) و ( الإخلاص ) : تعوذ بهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين سحرته اليهود ؛ على ما يأتي . وقيل : إن المعوذتين كان يقال لهما المقشقشتان ؛ أي تبرئان من النفاق . وقد تقدم . وزعم ابن مسعود أنهما دعاء تعوذ به ، وليستا من القرآن ؛ خالف به الإجماع من الصحابة وأهل البيت . قال ابن قتيبة : لم يكتب عبد الله بن مسعود في مصحفه المعوذتين ؛ لأنه كان يسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعوذ الحسن والحسين - رضي الله عنهما - بهما ، فقدر أنهما بمنزلة : أعيذكما بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة . قال أبو بكر الأنباري : وهذا مردود على ابن قتيبة ؛ لأن المعوذتين من كلام رب العالمين ، المعجز لجميع المخلوقين ؛ و ( أعيذكما بكلمات الله التامة ) من قول البشر بين . وكلام الخالق الذي هو آية لمحمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين ، وحجة له باقية على جميع الكافرين ، لا يلتبس بكلام الآدميين ، على مثل عبد الله بن مسعود الفصيح اللسان ، العالم باللغة ، العارف بأجناس الكلام ، وأفانين القول . وقال بعض الناس : لم يكتب عبد الله المعوذتين لأنه أمن عليهما من النسيان ، فأسقطهما وهو يحفظهما ؛ كما أسقط فاتحة الكتاب من مصحفه ، وما يشك في حفظه وإتقانه لها . فرد هذا القول على قائله ، واحتج عليه بأنه قد كتب : إذا جاء نصر الله والفتح ، و إنا أعطيناك الكوثر ، و قل هو الله أحد وهن يجرين مجرى المعوذتين في أنهن غير طوال ، والحفظ إليهن أسرع ، ونسيانهن مأمون ، وكلهن يخالف فاتحة الكتاب ؛ إذ الصلاة لا تتم إلا بقراءتها . وسبيل كل ركعة أن تكون المقدمة فيها قبل ما يقرأ من بعدها ، فإسقاط فاتحة الكتاب من المصحف ، على معنى الثقة ببقاء حفظها ، والأمن من نسيانها ، صحيح ، وليس من السور ما يجري في هذا المعنى مجراها ، ولا يسلك به طريقها . وقد مضى هذا المعنى في سورة ( الفاتحة ) . والحمد لله .
بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الفلق
روى النسائي عن عقبة بن عامر ، قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو راكب ، فوضعت يدي على قدمه ، فقلت : أقرئني سورة ( هود ) أقرئني سورة يوسف . فقال لي : ˝ لن تقرأ شيئا أبلغ عند الله من قل أعوذ برب الفلق ˝ . وعنه قال : بينا أنا أسير مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الجحفة والأبواء ، إذ غشتنا ريح مظلمة شديدة ، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ بـ أعوذ برب الفلق ، و أعوذ برب الناس ، ويقول : ˝ يا عقبة ، تعوذ بهما فما تعوذ متعوذ بمثلهما ˝ . قال : وسمعته يقرأ بهما في الصلاة . وروى النسائي عن عبد الله قال : أصابنا طش وظلمة ، فانتظرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج . ثم ذكر كلاما معناه : فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي بنا ، فقال : قل . فقلت : ما أقول ؟ قال : ˝ قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي ، وحين تصبح ثلاثا ، يكفيك كل شيء ˝ .
وعن عقبة بن عامر الجهني قال : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ˝ قل ˝ . قلت : ما أقول ؟ قال : ˝ قل : قل هو الله أحد . قل أعوذ برب الفلق . قل أعوذ برب الناس - فقرأهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قال : لم يتعوذ الناس بمثلهن ، أو لا يتعوذ الناس بمثلهن ˝ . وفي حديث ابن عباس ( قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ، هاتين السورتين ) . وفي صحيح البخاري ومسلم عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اشتكى قرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث ، كلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه ، وأمسح عنه بيده ، رجاء بركتها . النفث : النفخ ليس معه ريق .
ثبت في الصحيحين من حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سحره يهودي من يهود بني زريق ، يقال له لبيد بن الأعصم ، حتى يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء ولا يفعله ، فمكث كذلك ما شاء الله أن يمكث - في غير الصحيح : سنة - ثم قال : ˝ يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه . أتاني ملكان ، فجلس أحدهما عند رأسي ، والآخر عند رجلي ، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي : ما شأن الرجل ؟ قال : مطبوب . قال ومن طبه ؟ قال لبيد بن الأعصم . قال في ماذا ؟ قال في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر ، تحت راعوفة في بئر ذي أروان ˝ فجاء البئر واستخرجه . انتهى الصحيح .
وقال ابن عباس : ˝ أما شعرت يا عائشة أن الله تعالى أخبرني بدائي ˝ . ثم بعث عليا والزبير وعمار بن ياسر ، فنزحوا ماء تلك البئر كأنه نقاعة الحناء ، ثم رفعوا الصخرة وهي الراعوفة - صخرة تترك أسفل البئر يقوم عليها المائح ، وأخرجوا الجف ، فإذا مشاطة رأس إنسان ، وأسنان من مشط ، وإذا وتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة مغرزة بالإبر ، فأنزل الله تعالى هاتين السورتين ، وهما إحدى عشرة آية على عدد تلك العقد ، وأمر أن يتعوذ بهما ؛ فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ، ووجد النبي - صلى الله عليه وسلم - خفة ، حتى انحلت العقدة الأخيرة ، فكأنما أنشط من عقال ، وقال : ليس به بأس . وجعل جبريل يرقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول : ˝ باسم الله أرقيك ، من كل شيء يؤذيك ، من شر حاسد وعين ، والله يشفيك ˝ . فقالوا : يا رسول الله ، ألا نقتل الخبيث . فقال : ˝ أما أنا فقد شفاني الله ، وأكره أن أثير على الناس شرا ˝ . وذكر القشيري في تفسيره أنه ورد في الصحاح : أن غلاما من اليهود كان يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فدست إليه اليهود ، ولم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - . والمشاطة ( بضم الميم ) : ما يسقط من الشعر عند المشط . وأخذ عدة من أسنان مشطه ، فأعطاها اليهود ، فسحروه فيها ، وكان الذي تولى ذلك لبيد بن الأعصم اليهودي . وذكر نحو ما تقدم عن ابن عباس .
تقدم في ( البقرة ) القول في السحر وحقيقته ، وما ينشأ عنه من الآلام والمفاسد ، وحكم الساحر ؛ فلا معنى لإعادته .
قوله تعالى : الفلق اختلف فيه ؛ فقيل : سجن في جهنم ؛ قاله ابن عباس . وقال أبي بن كعب : بيت في جهنم إذا فتح صاح أهل النار من حره . وقال الحبلي أبو عبد الرحمن : هو اسم من أسماء جهنم . وقال الكلبي : واد في جهنم . وقال عبد الله بن عمر : شجرة في النار . سعيد بن جبير : جب في النار . النحاس : يقال لما اطمأن من الأرض فلق ؛ فعلى هذا يصح هذا القول . وقال جابر بن عبد الله والحسن وسعيد بن جبير أيضا ومجاهد وقتادة والقرظي وابن زيد : الفلق ، الصبح . وقاله ابن عباس . تقول العرب : هو أبين من فلق الصبح وفرق الصبح . وقال الشاعر :
يا ليلة لم أنمها بت مرتفقا أرعى النجوم إلى أن نور الفلق
وقيل : الفلق : الجبال والصخور تنفرد بالمياه ؛ أي تتشقق . وقيل : هو التفليق بين الجبال والصخور ؛ لأنها تتشقق من خوف الله - عز وجل - . قال زهير :
ما زلت أرمقهم حتى إذا هبطت أيدي الركاب بهم من راكس فلقا
الراكس : بطن الوادي . وكذلك هو في قول النابغة :
[ وعيد أبي قابوس في غير كنهه ] أتاني ودوني راكس فالضواجع
والراكس أيضا : الهادي ، وهو الثور وسط البيدر ، تدور عليه الثيران في الدياسة . وقيل : الرحم تنفلق بالحيوان . وقيل : إنه كل ما انفلق عن جميع ما خلق من الحيوان والصبح والحب والنوى ، وكل شيء من نبات وغيره ؛ قاله الحسن وغيره . قال الضحاك : الفلق الخلق كله ؛ قال :
وسوس يدعو مخلصا رب الفلق سرا وقد أون تأوين العقق
قلت : هذا القول يشهد له الاشتقاق ؛ فإن الفلق الشق . فلقت الشيء فلقا أي شققته . والتفليق مثله . يقال : فلقته فانفلق وتفلق . فكل ما انفلق عن شيء من حيوان وصبح وحب ونوى وماء فهو فلق ؛ قال الله تعالى : فالق الإصباح قال : فالق الحب والنوى . وقال ذو الرمة يصف الثور الوحشي :
حتى إذا ما انجلى عن وجهه فلق هاديه في أخريات الليل منتصب
يعني بالفلق هنا : الصبح بعينه . والفلق أيضا : المطمئن من الأرض بين الربوتين ، وجمعه : فلقان ؛ مثل خلق وخلقان ، وربما قال : كان ذلك بفالق كذا وكذا ؛ يريدون المكان المنحدر بين الربوتين ، والفلق أيضا مقطرة السجان . فأما الفلق ( بالكسر ) : فالداهية والأمر العجب ؛ تقول منه : أفلق الرجل وافتلق . وشاعر مفلق ، وقد جاء بالفلق أي بالداهية . والفلق أيضا : القضيب يشق باثنين ، فيعمل منه قوسان ، يقال لكل واحدة منهما فلق ، وقولهم : جاء بعلق فلق ؛ وهي الداهية ؛ لا يجرى [ مجرى عمر ] . يقال منه : أعلقت وأفلقت ؛ أي جئت بعلق فلق . ومر يفتلق في عدوه ؛ أي يأتي بالعجب من شدته. ❝ ⏤محمد بن عبد الوهاب
❞ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)
تفسير سورة الفلق
وهي خمس آيات
و هي مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر ، ومدنية في أحد قولي ابن عباس وقتادة وهذه السورة وسورة ( الناس ) و ( الإخلاص ) : تعوذ بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سحرته اليهود ؛ على ما يأتي . وقيل : إن المعوذتين كان يقال لهما المقشقشتان ؛ أي تبرئان من النفاق . وقد تقدم . وزعم ابن مسعود أنهما دعاء تعوذ به ، وليستا من القرآن ؛ خالف به الإجماع من الصحابة وأهل البيت . قال ابن قتيبة : لم يكتب عبد الله بن مسعود في مصحفه المعوذتين ؛ لأنه كان يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين رضي الله عنهما بهما ، فقدر أنهما بمنزلة : أعيذكما بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة . قال أبو بكر الأنباري : وهذا مردود على ابن قتيبة ؛ لأن المعوذتين من كلام رب العالمين ، المعجز لجميع المخلوقين ؛ و ( أعيذكما بكلمات الله التامة ) من قول البشر بين . وكلام الخالق الذي هو آية لمحمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ، وحجة له باقية على جميع الكافرين ، لا يلتبس بكلام الآدميين ، على مثل عبد الله بن مسعود الفصيح اللسان ، العالم باللغة ، العارف بأجناس الكلام ، وأفانين القول . وقال بعض الناس : لم يكتب عبد الله المعوذتين لأنه أمن عليهما من النسيان ، فأسقطهما وهو يحفظهما ؛ كما أسقط فاتحة الكتاب من مصحفه ، وما يشك في حفظه وإتقانه لها . فرد هذا القول على قائله ، واحتج عليه بأنه قد كتب : إذا جاء نصر الله والفتح ، و إنا أعطيناك الكوثر ، و قل هو الله أحد وهن يجرين مجرى المعوذتين في أنهن غير طوال ، والحفظ إليهن أسرع ، ونسيانهن مأمون ، وكلهن يخالف فاتحة الكتاب ؛ إذ الصلاة لا تتم إلا بقراءتها . وسبيل كل ركعة أن تكون المقدمة فيها قبل ما يقرأ من بعدها ، فإسقاط فاتحة الكتاب من المصحف ، على معنى الثقة ببقاء حفظها ، والأمن من نسيانها ، صحيح ، وليس من السور ما يجري في هذا المعنى مجراها ، ولا يسلك به طريقها . وقد مضى هذا المعنى في سورة ( الفاتحة ) . والحمد لله .
بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الفلق
روى النسائي عن عقبة بن عامر ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكب ، فوضعت يدي على قدمه ، فقلت : أقرئني سورة ( هود ) أقرئني سورة يوسف . فقال لي : ˝ لن تقرأ شيئا أبلغ عند الله من قل أعوذ برب الفلق ˝ . وعنه قال : بينا أنا أسير مع النبي صلى الله عليه وسلم بين الجحفة والأبواء ، إذ غشتنا ريح مظلمة شديدة ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ بـ أعوذ برب الفلق ، و أعوذ برب الناس ، ويقول : ˝ يا عقبة ، تعوذ بهما فما تعوذ متعوذ بمثلهما ˝ . قال : وسمعته يقرأ بهما في الصلاة . وروى النسائي عن عبد الله قال : أصابنا طش وظلمة ، فانتظرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج . ثم ذكر كلاما معناه : فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي بنا ، فقال : قل . فقلت : ما أقول ؟ قال : ˝ قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي ، وحين تصبح ثلاثا ، يكفيك كل شيء ˝ .
وعن عقبة بن عامر الجهني قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ˝ قل ˝ . قلت : ما أقول ؟ قال : ˝ قل : قل هو الله أحد . قل أعوذ برب الفلق . قل أعوذ برب الناس فقرأهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : لم يتعوذ الناس بمثلهن ، أو لا يتعوذ الناس بمثلهن ˝ . وفي حديث ابن عباس ( قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ، هاتين السورتين ) . وفي صحيح البخاري ومسلم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى قرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث ، كلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه ، وأمسح عنه بيده ، رجاء بركتها . النفث : النفخ ليس معه ريق .
ثبت في الصحيحين من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم سحره يهودي من يهود بني زريق ، يقال له لبيد بن الأعصم ، حتى يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء ولا يفعله ، فمكث كذلك ما شاء الله أن يمكث في غير الصحيح : سنة ثم قال : ˝ يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه . أتاني ملكان ، فجلس أحدهما عند رأسي ، والآخر عند رجلي ، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي : ما شأن الرجل ؟ قال : مطبوب . قال ومن طبه ؟ قال لبيد بن الأعصم . قال في ماذا ؟ قال في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر ، تحت راعوفة في بئر ذي أروان ˝ فجاء البئر واستخرجه . انتهى الصحيح .
وقال ابن عباس : ˝ أما شعرت يا عائشة أن الله تعالى أخبرني بدائي ˝ . ثم بعث عليا والزبير وعمار بن ياسر ، فنزحوا ماء تلك البئر كأنه نقاعة الحناء ، ثم رفعوا الصخرة وهي الراعوفة صخرة تترك أسفل البئر يقوم عليها المائح ، وأخرجوا الجف ، فإذا مشاطة رأس إنسان ، وأسنان من مشط ، وإذا وتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة مغرزة بالإبر ، فأنزل الله تعالى هاتين السورتين ، وهما إحدى عشرة آية على عدد تلك العقد ، وأمر أن يتعوذ بهما ؛ فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ، ووجد النبي صلى الله عليه وسلم خفة ، حتى انحلت العقدة الأخيرة ، فكأنما أنشط من عقال ، وقال : ليس به بأس . وجعل جبريل يرقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : ˝ باسم الله أرقيك ، من كل شيء يؤذيك ، من شر حاسد وعين ، والله يشفيك ˝ . فقالوا : يا رسول الله ، ألا نقتل الخبيث . فقال : ˝ أما أنا فقد شفاني الله ، وأكره أن أثير على الناس شرا ˝ . وذكر القشيري في تفسيره أنه ورد في الصحاح : أن غلاما من اليهود كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ، فدست إليه اليهود ، ولم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلى الله عليه وسلم . والمشاطة ( بضم الميم ) : ما يسقط من الشعر عند المشط . وأخذ عدة من أسنان مشطه ، فأعطاها اليهود ، فسحروه فيها ، وكان الذي تولى ذلك لبيد بن الأعصم اليهودي . وذكر نحو ما تقدم عن ابن عباس .
تقدم في ( البقرة ) القول في السحر وحقيقته ، وما ينشأ عنه من الآلام والمفاسد ، وحكم الساحر ؛ فلا معنى لإعادته .
قوله تعالى : الفلق اختلف فيه ؛ فقيل : سجن في جهنم ؛ قاله ابن عباس . وقال أبي بن كعب : بيت في جهنم إذا فتح صاح أهل النار من حره . وقال الحبلي أبو عبد الرحمن : هو اسم من أسماء جهنم . وقال الكلبي : واد في جهنم . وقال عبد الله بن عمر : شجرة في النار . سعيد بن جبير : جب في النار . النحاس : يقال لما اطمأن من الأرض فلق ؛ فعلى هذا يصح هذا القول . وقال جابر بن عبد الله والحسن وسعيد بن جبير أيضا ومجاهد وقتادة والقرظي وابن زيد : الفلق ، الصبح . وقاله ابن عباس . تقول العرب : هو أبين من فلق الصبح وفرق الصبح . وقال الشاعر :
يا ليلة لم أنمها بت مرتفقا أرعى النجوم إلى أن نور الفلق
وقيل : الفلق : الجبال والصخور تنفرد بالمياه ؛ أي تتشقق . وقيل : هو التفليق بين الجبال والصخور ؛ لأنها تتشقق من خوف الله عز وجل . قال زهير :
ما زلت أرمقهم حتى إذا هبطت أيدي الركاب بهم من راكس فلقا
الراكس : بطن الوادي . وكذلك هو في قول النابغة :
[ وعيد أبي قابوس في غير كنهه ] أتاني ودوني راكس فالضواجع
والراكس أيضا : الهادي ، وهو الثور وسط البيدر ، تدور عليه الثيران في الدياسة . وقيل : الرحم تنفلق بالحيوان . وقيل : إنه كل ما انفلق عن جميع ما خلق من الحيوان والصبح والحب والنوى ، وكل شيء من نبات وغيره ؛ قاله الحسن وغيره . قال الضحاك : الفلق الخلق كله ؛ قال :
وسوس يدعو مخلصا رب الفلق سرا وقد أون تأوين العقق
قلت : هذا القول يشهد له الاشتقاق ؛ فإن الفلق الشق . فلقت الشيء فلقا أي شققته . والتفليق مثله . يقال : فلقته فانفلق وتفلق . فكل ما انفلق عن شيء من حيوان وصبح وحب ونوى وماء فهو فلق ؛ قال الله تعالى : فالق الإصباح قال : فالق الحب والنوى . وقال ذو الرمة يصف الثور الوحشي :
حتى إذا ما انجلى عن وجهه فلق هاديه في أخريات الليل منتصب
يعني بالفلق هنا : الصبح بعينه . والفلق أيضا : المطمئن من الأرض بين الربوتين ، وجمعه : فلقان ؛ مثل خلق وخلقان ، وربما قال : كان ذلك بفالق كذا وكذا ؛ يريدون المكان المنحدر بين الربوتين ، والفلق أيضا مقطرة السجان . فأما الفلق ( بالكسر ) : فالداهية والأمر العجب ؛ تقول منه : أفلق الرجل وافتلق . وشاعر مفلق ، وقد جاء بالفلق أي بالداهية . والفلق أيضا : القضيب يشق باثنين ، فيعمل منه قوسان ، يقال لكل واحدة منهما فلق ، وقولهم : جاء بعلق فلق ؛ وهي الداهية ؛ لا يجرى [ مجرى عمر ] . يقال منه : أعلقت وأفلقت ؛ أي جئت بعلق فلق . ومر يفتلق في عدوه ؛ أي يأتي بالعجب من شدته . ❝
❞ الحجاب (الجمع: أَحْجِبَة أو حُجُب) في الإسلام هو اللباس الساتر لجميع بدن المرأة وزينتها، بما يمنع الأجانب عنها من رؤية شيء من بدنها أو زينتها التي تتزين بها، فإن كانت المرأة في بيتها فيكون الحجاب من وراء الـجُدران، وإن كانت في مواجهة رجل أجنبي عنها داخل البيت أو خارجه فيكون باللباس الشرعي، والحجاب هو أحد الفروض الواجبة على المرأة في الشريعة الإسلامية متى ما بلغت الفتاة سن التكليف أي السن الذي ترى فيه الأنثى الحيض، وتبلغ فيه مبلغ النساء. أما لغويا فيدور معنى الحجاب على السَّتر والحيلولة والمنع، وحجب الشئ أي ستره، وامرأة مُحَجَّبَة أي امرأة قد سُترت بستر. وجاء في سورة مريم في الآية 17: ﴿فاتخذت من دونهم حجابًا فارسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا﴾ أي: ˝فاتخذت من دون أهلها سترًا يسترها عنهم وعن الناس˝.
دل على وجوب الحجاب الأدلة المتعددة من القرآن والسنة، والإجماع العملي من نساء المؤمنين من عصر النبي محمد مرورًا بعصر الخلافة الراشدة وما بعدها، واستمر العمل به حتى بعد انحلال الدولة الإسلامية إلى دويلات في منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وقد انعقد عليه إجماع الأمة ولم يخالف فيه أحد من المسلمين عبر القرون سلفاً ولا خلفاً، وبذلك تواتر عمل المسلمين كافة على مر العصور وأجمعوا على أن المرأة إذا كشفت ما وجب عليها ستره، فقد ارتكبت محرماً يجب عليها التوبة إلى الله تعالى منه.
وهناك بعض الدول تمنع أو تقيد ارتداء غطاء الرأس أو ما يعرف بالحجاب في المؤسسات العامة كالجامعات والمدارس أو المؤسسات الحكومية؛ مثل فرنسا وسابقا تركيا - في عهد أتاتورك - وتونس - في عهد بورقيبة وبن علي-. بينما توجد دول ومنظمات أخرى تفرضه على مواطناتها وحتى الأجنبيات منهن مثل إيران ، وحالياً حركة طالبان في أفغانستان بعد السيطرة مجدداً عليها .
فرض الإسلام الحجاب لعدة أسباب، إذ تذكر الآية ال 59 من سورة الأحزاب الغرض من الحجاب وهو : ﴿ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾ وذلك لحماية المؤمنات وصيانتهن وإظهار عفافهن ومنع الفساق من التعرض لهن. وفي قول الله ﴿ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ فيه إشارة إلى وجود صلة بين ما تراه العين وما يتعلق به القلب ، فالعين طريق الهوى والنظر بريد الشهوة، فإذا لم تر العين لا يشتهي القلب، كما فُرض الحجاب على المرأة لأنها محل لنظر الرجال الذين أمروا أيضا في الإسلام بغض أبصارهم، ولكي لا يكون تعامل الرجل الأجنبي مع المرأة بحسب شكلها وجمالها، وإنما يكون بحسب إنسانيتها وأخلاقها وهو ما يترتب عليه حصولها على حقوقها بلا تمييز.
تتعرض العديد من النساء في بعض دول العالم إلى التمييز بسبب ارتدائهن للحجاب، مُنعت العديد منهن من ارتداء الحجاب وتعرض بعضهن للمضايقات وصلت حتى الطرد من العمل والمنع من دخول بعض الأماكن العامة والإعتداء عليهن في الشوارع، ففي حين أنه من الصعب الحصول على إحصائيات دقيقة حول هذا النوع من الحوادث، إلا أن حالات التمييز المبلغ عنها موجودة وفي ارتفاع دائم.
وقد تم اعتبار يوم 1 فبراير من كل عام ˝ اليوم العالمي للحجاب˝ حيث قامت بإطلاق هذه المبادرة الناشطة الأمريكية ˝ ناظمة خان˝ والتي بررت سبب قيامها بهذه المبادرة بقولها: «من أجل القضاء على الكراهية في العالم، يجب أن نتعلم أن نتقبل الآخرين وكل اختلافاتهم. لذا يا اخواتي عندما تخترن ارتداء الحجاب في هذا اليوم تضامنا مع النساء المسلمات فأنتن تساعدن في التصدي للتمييز الذي تتعرض له النساء المحجبات، ولكن أهم من ذلك ستعرفن أن تحت الحجاب هناك إنسان وقلب وروح مثل أي شخص آخر».
يرى الفقهاء استنادا على الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية أن هناك شروطا يجب توافرها في الحجاب، وبحسب دار الإفتاء المصرية، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية فإن شروط الحجاب هي:
أن يكون ساترًا لعورة المرأة عدا الوجه والكفين حسب قول البعض :
أجمع أئمة وفقهاء المسلمين كلهم ـ لم يشذ عنهم أحد ـ على أن ما عدا الوجه والكفين من المرأة داخل في وجوب الستر أمام الأجانب. قال الجزيري:«عورة المرأة عند الشافعية والحنابلة جميع بدنها، ولا يصح لها أن تكشف أي جزء من جسدها أمام الرجال الأجانب، إلا إذا دعت لذلك ضرورة كالطبيب المعالج، والخاطب للزواج، والشهادة أمام القضاء، والمعاملة في حالة البيع والشراء، فيجوز أن تكشف وجهها و كفيها. وعورة المرأة عند الحنفية والمالكية جميع بدن المرأة إلا الوجه والكفين، فيباح للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في الطرقات، وأمام الرجال الأجانب. ولكنهم قيدوا هذه الإباحة بشرط أمن الفتنة. أما إذا كان كشف الوجه واليدين يثير الفتنة لجمالها الطبيعي، أو لما فيهما من الزينة كالأصباغ و المساحيق التي توضع عادة للتجمل أنواع الحلي فإنه يجب سترهما».
أن يكون سميكًا غير شفاف فلا يصف ما تحته من الجسم:
لأن الغرض من الحجاب الستر، فإن لم يكن ساترا لا يسمى حجابا لأنه لا يمنع الرؤية، ولا يحجب النظر، لقوله ﷺ فيما رواه مسلم: «صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: نساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا و كذا ..» وفي رواية مسيرة خمسمائة سنة. ومعنى قوله ﷺ : ( كاسيات عاريات ) أي :كاسيات في الصورة عاريات في الحقيقة لأنهن يلبس ملابس لا تستر جسدا، ولا تخفي عورة. والغرض من اللباس الستر، فإذا لم يستر اللباس كان صاحبه عاريا. ومعنى (مميلات مائلات) : مميلات لقلوب الرجال مائلات مشيتهن يتبخترن بقصد الفتنة والإغراء. ومعنى (كأسنمة البخت) أي : يصففن شعورهن فوق رؤوسهن حتى تصبح مثل سنام الجمل.
أن يكون فضفاضًا غير ضيق ولا يصف الجسم:
وذلك للحديث السابق عن (الكاسيات العاريات) وما تفعله بعض المتحجبات من ارتداء ملابس محددة للخصر والصدر كالبلوزة والتنورة، ولو كانت طويلة، لا يفي بشروط الحجاب الصحيح.
ألا يكون الثوب فيه تشبه بملابس الرجال:
للحديث الذي رواه الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه : «لعن النبي الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل»، وقالعليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري والترمذي واللفظ له : ( لعن الله المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء ) أي المتشبهات بالرجال في أزيائهن وأشكالهن.
ألا يكون زينة في نفسه، أو مبهرجا ذا ألوان جذابة تلفت الأنظار:
لقوله تعالى: ˝ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها˝ ومعنى {ما ظهر منها} أي بدون قصد ولا تعمد، فإذا كان في ذاته زينة فلا يجوز إبداؤه، ولا يسمى حجابا، لأن الحجاب هو الذي يمنع ظهور الزينة للأجانب. ❝ ⏤صفي الرحمن المباركفوري
❞ الحجاب (الجمع: أَحْجِبَة أو حُجُب) في الإسلام هو اللباس الساتر لجميع بدن المرأة وزينتها، بما يمنع الأجانب عنها من رؤية شيء من بدنها أو زينتها التي تتزين بها، فإن كانت المرأة في بيتها فيكون الحجاب من وراء الـجُدران، وإن كانت في مواجهة رجل أجنبي عنها داخل البيت أو خارجه فيكون باللباس الشرعي، والحجاب هو أحد الفروض الواجبة على المرأة في الشريعة الإسلامية متى ما بلغت الفتاة سن التكليف أي السن الذي ترى فيه الأنثى الحيض، وتبلغ فيه مبلغ النساء. أما لغويا فيدور معنى الحجاب على السَّتر والحيلولة والمنع، وحجب الشئ أي ستره، وامرأة مُحَجَّبَة أي امرأة قد سُترت بستر. وجاء في سورة مريم في الآية 17: ﴿فاتخذت من دونهم حجابًا فارسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا﴾ أي: ˝فاتخذت من دون أهلها سترًا يسترها عنهم وعن الناس˝.
دل على وجوب الحجاب الأدلة المتعددة من القرآن والسنة، والإجماع العملي من نساء المؤمنين من عصر النبي محمد مرورًا بعصر الخلافة الراشدة وما بعدها، واستمر العمل به حتى بعد انحلال الدولة الإسلامية إلى دويلات في منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وقد انعقد عليه إجماع الأمة ولم يخالف فيه أحد من المسلمين عبر القرون سلفاً ولا خلفاً، وبذلك تواتر عمل المسلمين كافة على مر العصور وأجمعوا على أن المرأة إذا كشفت ما وجب عليها ستره، فقد ارتكبت محرماً يجب عليها التوبة إلى الله تعالى منه.
وهناك بعض الدول تمنع أو تقيد ارتداء غطاء الرأس أو ما يعرف بالحجاب في المؤسسات العامة كالجامعات والمدارس أو المؤسسات الحكومية؛ مثل فرنسا وسابقا تركيا في عهد أتاتورك وتونس في عهد بورقيبة وبن علي. بينما توجد دول ومنظمات أخرى تفرضه على مواطناتها وحتى الأجنبيات منهن مثل إيران ، وحالياً حركة طالبان في أفغانستان بعد السيطرة مجدداً عليها .
فرض الإسلام الحجاب لعدة أسباب، إذ تذكر الآية ال 59 من سورة الأحزاب الغرض من الحجاب وهو : ﴿ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾ وذلك لحماية المؤمنات وصيانتهن وإظهار عفافهن ومنع الفساق من التعرض لهن. وفي قول الله ﴿ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ فيه إشارة إلى وجود صلة بين ما تراه العين وما يتعلق به القلب ، فالعين طريق الهوى والنظر بريد الشهوة، فإذا لم تر العين لا يشتهي القلب، كما فُرض الحجاب على المرأة لأنها محل لنظر الرجال الذين أمروا أيضا في الإسلام بغض أبصارهم، ولكي لا يكون تعامل الرجل الأجنبي مع المرأة بحسب شكلها وجمالها، وإنما يكون بحسب إنسانيتها وأخلاقها وهو ما يترتب عليه حصولها على حقوقها بلا تمييز.
تتعرض العديد من النساء في بعض دول العالم إلى التمييز بسبب ارتدائهن للحجاب، مُنعت العديد منهن من ارتداء الحجاب وتعرض بعضهن للمضايقات وصلت حتى الطرد من العمل والمنع من دخول بعض الأماكن العامة والإعتداء عليهن في الشوارع، ففي حين أنه من الصعب الحصول على إحصائيات دقيقة حول هذا النوع من الحوادث، إلا أن حالات التمييز المبلغ عنها موجودة وفي ارتفاع دائم.
وقد تم اعتبار يوم 1 فبراير من كل عام ˝ اليوم العالمي للحجاب˝ حيث قامت بإطلاق هذه المبادرة الناشطة الأمريكية ˝ ناظمة خان˝ والتي بررت سبب قيامها بهذه المبادرة بقولها: «من أجل القضاء على الكراهية في العالم، يجب أن نتعلم أن نتقبل الآخرين وكل اختلافاتهم. لذا يا اخواتي عندما تخترن ارتداء الحجاب في هذا اليوم تضامنا مع النساء المسلمات فأنتن تساعدن في التصدي للتمييز الذي تتعرض له النساء المحجبات، ولكن أهم من ذلك ستعرفن أن تحت الحجاب هناك إنسان وقلب وروح مثل أي شخص آخر».
يرى الفقهاء استنادا على الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية أن هناك شروطا يجب توافرها في الحجاب، وبحسب دار الإفتاء المصرية، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية فإن شروط الحجاب هي:
أن يكون ساترًا لعورة المرأة عدا الوجه والكفين حسب قول البعض :
أجمع أئمة وفقهاء المسلمين كلهم ـ لم يشذ عنهم أحد ـ على أن ما عدا الوجه والكفين من المرأة داخل في وجوب الستر أمام الأجانب. قال الجزيري:«عورة المرأة عند الشافعية والحنابلة جميع بدنها، ولا يصح لها أن تكشف أي جزء من جسدها أمام الرجال الأجانب، إلا إذا دعت لذلك ضرورة كالطبيب المعالج، والخاطب للزواج، والشهادة أمام القضاء، والمعاملة في حالة البيع والشراء، فيجوز أن تكشف وجهها و كفيها. وعورة المرأة عند الحنفية والمالكية جميع بدن المرأة إلا الوجه والكفين، فيباح للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في الطرقات، وأمام الرجال الأجانب. ولكنهم قيدوا هذه الإباحة بشرط أمن الفتنة. أما إذا كان كشف الوجه واليدين يثير الفتنة لجمالها الطبيعي، أو لما فيهما من الزينة كالأصباغ و المساحيق التي توضع عادة للتجمل أنواع الحلي فإنه يجب سترهما».
أن يكون سميكًا غير شفاف فلا يصف ما تحته من الجسم:
لأن الغرض من الحجاب الستر، فإن لم يكن ساترا لا يسمى حجابا لأنه لا يمنع الرؤية، ولا يحجب النظر، لقوله ﷺ فيما رواه مسلم: «صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: نساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا و كذا ..» وفي رواية مسيرة خمسمائة سنة. ومعنى قوله ﷺ : ( كاسيات عاريات ) أي :كاسيات في الصورة عاريات في الحقيقة لأنهن يلبس ملابس لا تستر جسدا، ولا تخفي عورة. والغرض من اللباس الستر، فإذا لم يستر اللباس كان صاحبه عاريا. ومعنى (مميلات مائلات) : مميلات لقلوب الرجال مائلات مشيتهن يتبخترن بقصد الفتنة والإغراء. ومعنى (كأسنمة البخت) أي : يصففن شعورهن فوق رؤوسهن حتى تصبح مثل سنام الجمل.
أن يكون فضفاضًا غير ضيق ولا يصف الجسم:
وذلك للحديث السابق عن (الكاسيات العاريات) وما تفعله بعض المتحجبات من ارتداء ملابس محددة للخصر والصدر كالبلوزة والتنورة، ولو كانت طويلة، لا يفي بشروط الحجاب الصحيح.
ألا يكون الثوب فيه تشبه بملابس الرجال:
للحديث الذي رواه الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه : «لعن النبي الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل»، وقالعليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري والترمذي واللفظ له : ( لعن الله المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء ) أي المتشبهات بالرجال في أزيائهن وأشكالهن.
ألا يكون زينة في نفسه، أو مبهرجا ذا ألوان جذابة تلفت الأنظار:
لقوله تعالى: ˝ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها˝ ومعنى {ما ظهر منها} أي بدون قصد ولا تعمد، فإذا كان في ذاته زينة فلا يجوز إبداؤه، ولا يسمى حجابا، لأن الحجاب هو الذي يمنع ظهور الزينة للأجانب . ❝