❞ ليس لشِفَاءِ القُلوبِ دواءٌ قطُّ أنفع من القرآن، فإنَّه شفاؤها التَّام الكامل الذي لا يُغادر فيها سقما إلَّا أبرأه، ويحفظُ عليها صِحَّتها المُطلقة، ويحميها الحمية التَّامَّة من كُلِّ مُؤذٍ ومُضِرٍّ. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ ليس لشِفَاءِ القُلوبِ دواءٌ قطُّ أنفع من القرآن، فإنَّه شفاؤها التَّام الكامل الذي لا يُغادر فيها سقما إلَّا أبرأه، ويحفظُ عليها صِحَّتها المُطلقة، ويحميها الحمية التَّامَّة من كُلِّ مُؤذٍ ومُضِرٍّ . ❝
❞ وأما القسم الثاني وهو أن تُطلق ألفاظ الذم على من ليس من أهلها فمثلُ نهيه ﷺ عن سَبَّ الدهر ، وقال ( إنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ ) وفي حديث آخر ( يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ فَيَسُبُّ الدَّهْرَ ، وأنا الدَّهْرُ ، بِيَدِي الأَمْرُ أَقَلْبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، وفي حديث آخر ( لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُم : يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ) ، في هذا ثلاث مفاسد عظيمة ، 🔸️إحداها سَبَّه مَنْ ليس بأهل أن يُسب ، فإن الدهرَ خَلْقٌ مُسَخَّرٌ مِن خلق الله ، منقاد لأمره ، مذلل لتسخيره ، فسابه أولى بالذم والسب منه ،🔸️الثانية أن سبه متضمن للشرك ، فإنه إنما سبه لظنه أنه يضر وينفع ، وأنه ذلك ظالم قد ضر من لا يستحق الضرر ، وأعطى من لا يستحق العطاء ، ورفع من لا يستحق الرفعة ، وحرم من لا يستحق الحرمان ، وهو عند شاتميه من أظلم الظلمة ، وأشعار هؤلاء الظلمة الخونة في سبه كثيرة جداً ، وكثير من الجهال يُصرح بلعنه وتقبيحه ، 🔸️الثالثة أن السب منهم إنما يقع على من فعل هذه الأفعال التي لو اتَّبَعَ الحق فيها أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ، وإذا وقعت أهواؤهم ، حَمِدُوا الدهر ، وأثنوا عليه ، وفي حقيقة الأمر ، فرَبَّ الدهر تعالى هو المعطي المانع ، الخافِضُ الرافع ، المعز المذِلُّ ، والدهرُ ليس له من الأمر شيء ، فمسبتهم للدهر مسبة الله عز وجل ، ولهذا كانت مؤذية للرب تعالى ، كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة ، عن النبي ﷺ قال ( قالَ اللَّهُ تَعَالَى : يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وأَنَا الدَّهْرُ ) ، فساب الدهر دائر بين أمرين لا بد له من أحدهما 🔸️إما سبه لِلَّهِ ، أو الشرك به ، فإنه إذا اعتقد أن الدهر فاعل مع الله فهو مشرك ، وإن اعتقد أن الله وحده هو الذي فعل ذلك وهو يسبُّ مَن فعله ، فقد سب الله ، ومن هذا قوله ﷺ ( لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُم : تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَإِنَّهُ يَتَعاظَمُ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ البَيْتِ ، فَيَقُولُ : بِقُوَّتِي صَرَعْتُهُ ، ولَكنْ لِيَقُلْ : بِسْمِ اللَّهِ ، فَإِنَّهُ يَتَصَاغَرُ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الذَّبَابِ) ، وفي حديث آخر ( إنَّ العَبْدَ إِذَا لَعَنَ الشَّيْطَانَ يقُولُ : إِنَّكَ لَتَلْعَنُ مُلَعْناً ) ، ومثل هذا قول القائل : أخزى الله الشيطان ، وقبح الله الشيطان ، فإن ذلك كُلَّهُ يُفْرِحُه ويقول : علم ابنُ آدم أني قد نلته بقوتي ، وذلك ممَّا يُعينه على إغوائه ، ولا يُفيده شيئاً ، فأرشد النبي ﷺ من مسه شيء من الشيطان أن يذكر الله تعالى ، ويذكر اسمه ، ويستعيذ بالله منه ، فإن ذلك أنفع له ، وأغيظ للشيطان. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وأما القسم الثاني وهو أن تُطلق ألفاظ الذم على من ليس من أهلها فمثلُ نهيه ﷺ عن سَبَّ الدهر ، وقال ( إنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ ) وفي حديث آخر ( يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ فَيَسُبُّ الدَّهْرَ ، وأنا الدَّهْرُ ، بِيَدِي الأَمْرُ أَقَلْبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، وفي حديث آخر ( لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُم : يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ) ، في هذا ثلاث مفاسد عظيمة ، 🔸️إحداها سَبَّه مَنْ ليس بأهل أن يُسب ، فإن الدهرَ خَلْقٌ مُسَخَّرٌ مِن خلق الله ، منقاد لأمره ، مذلل لتسخيره ، فسابه أولى بالذم والسب منه ،🔸️الثانية أن سبه متضمن للشرك ، فإنه إنما سبه لظنه أنه يضر وينفع ، وأنه ذلك ظالم قد ضر من لا يستحق الضرر ، وأعطى من لا يستحق العطاء ، ورفع من لا يستحق الرفعة ، وحرم من لا يستحق الحرمان ، وهو عند شاتميه من أظلم الظلمة ، وأشعار هؤلاء الظلمة الخونة في سبه كثيرة جداً ، وكثير من الجهال يُصرح بلعنه وتقبيحه ، 🔸️الثالثة أن السب منهم إنما يقع على من فعل هذه الأفعال التي لو اتَّبَعَ الحق فيها أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ، وإذا وقعت أهواؤهم ، حَمِدُوا الدهر ، وأثنوا عليه ، وفي حقيقة الأمر ، فرَبَّ الدهر تعالى هو المعطي المانع ، الخافِضُ الرافع ، المعز المذِلُّ ، والدهرُ ليس له من الأمر شيء ، فمسبتهم للدهر مسبة الله عز وجل ، ولهذا كانت مؤذية للرب تعالى ، كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة ، عن النبي ﷺ قال ( قالَ اللَّهُ تَعَالَى : يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وأَنَا الدَّهْرُ ) ، فساب الدهر دائر بين أمرين لا بد له من أحدهما 🔸️إما سبه لِلَّهِ ، أو الشرك به ، فإنه إذا اعتقد أن الدهر فاعل مع الله فهو مشرك ، وإن اعتقد أن الله وحده هو الذي فعل ذلك وهو يسبُّ مَن فعله ، فقد سب الله ، ومن هذا قوله ﷺ ( لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُم : تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَإِنَّهُ يَتَعاظَمُ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ البَيْتِ ، فَيَقُولُ : بِقُوَّتِي صَرَعْتُهُ ، ولَكنْ لِيَقُلْ : بِسْمِ اللَّهِ ، فَإِنَّهُ يَتَصَاغَرُ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الذَّبَابِ) ، وفي حديث آخر ( إنَّ العَبْدَ إِذَا لَعَنَ الشَّيْطَانَ يقُولُ : إِنَّكَ لَتَلْعَنُ مُلَعْناً ) ، ومثل هذا قول القائل : أخزى الله الشيطان ، وقبح الله الشيطان ، فإن ذلك كُلَّهُ يُفْرِحُه ويقول : علم ابنُ آدم أني قد نلته بقوتي ، وذلك ممَّا يُعينه على إغوائه ، ولا يُفيده شيئاً ، فأرشد النبي ﷺ من مسه شيء من الشيطان أن يذكر الله تعالى ، ويذكر اسمه ، ويستعيذ بالله منه ، فإن ذلك أنفع له ، وأغيظ للشيطان . ❝
❞ بسم الله على حياة لا نملك منها شيء،بسم مالك القلوب ومقلبها وميسر الخطوات ومباركها وجاعل بقدرتك كل صلب لين وكل عسير يسير،بسم الله على عبدٍ لا يملك غير طاعتك وإن عصاك يومًا عاد تائبًا راجيًا قبول التوبة. اللهم أنزل سكينتك علينا وأملأ الفؤاد نورًا وأجعلنا مستخدمين لا مستبدلين أبدًا وأنفعنا وأنفع بنا يا الله. ❝ ⏤رانيا حفناوي
❞ بسم الله على حياة لا نملك منها شيء،بسم مالك القلوب ومقلبها وميسر الخطوات ومباركها وجاعل بقدرتك كل صلب لين وكل عسير يسير،بسم الله على عبدٍ لا يملك غير طاعتك وإن عصاك يومًا عاد تائبًا راجيًا قبول التوبة. اللهم أنزل سكينتك علينا وأملأ الفؤاد نورًا وأجعلنا مستخدمين لا مستبدلين أبدًا وأنفعنا وأنفع بنا يا الله . ❝
❞ أيّها الأحِبّةُ المُكابِدون إنّ حُمّال هذه الحقائق الإيمانية في الأمة اليومَ هم القليل.. وإنّ الحامل لجمرةٍ واحدٍ من جمرِ آيةٍ واحدة، يكتوي بلَهيبها، ويستهدي بنورها؛ لأنفع لنفسهِ وللنّاس -بإذن الله- من مئاتِ الحفّاظ للقرآن كاملًا، الذين استظهروهُ من غير شعورٍ منهم بحرارتهِ، ولا معاناةٍ للهيبِه، ولا مشاهدةٍ لجماله وجلاله. ❝ ⏤فريد الأنصاري
❞ أيّها الأحِبّةُ المُكابِدون إنّ حُمّال هذه الحقائق الإيمانية في الأمة اليومَ هم القليل.. وإنّ الحامل لجمرةٍ واحدٍ من جمرِ آيةٍ واحدة، يكتوي بلَهيبها، ويستهدي بنورها؛ لأنفع لنفسهِ وللنّاس بإذن الله من مئاتِ الحفّاظ للقرآن كاملًا، الذين استظهروهُ من غير شعورٍ منهم بحرارتهِ، ولا معاناةٍ للهيبِه، ولا مشاهدةٍ لجماله وجلاله . ❝
❞ روى البخاريُّ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال :
قال رجلٌ لأتصدّقنَّ بصدقةٍ، فخرج بصدقتِه
فوضعها في يدِ سارقٍ
فأصبحُوا يتحدَّثون، تُصدِّقَ على سارق !
فقال: اللهم لكَ الحمد، لأتصدّقنَّ بصدقةٍ
فخرج بصدقته فوضعها في يدي زانيةٍ
فأصبحوا يتحدَّثون: تُصدِّقَ الليلة على زانية !
فقال: اللهم لكَ الحمد، لأتصدَّقنَّ بصدقةٍ
فخرج بصدقتِه فوضعها في يدي غنِيٍّ
فأصبحوا يتحدَّثون: تُصدِّقَ على غنيٍّ !
فقال: اللهم لك الحمد، على سارقٍ، وعلى زانيةٍ، وعلى غنيٍّ !
فأُتيَ، فقيل له :
أمّا صدقتكَ على سارقٍ فلعله أن يستعفَّ عن سرقته
وأما الزَّانيةُ فلعلها أن تستعفَّ عن زناها
وأما الغنيُّ فلعله يعتبرُ فينفقُ مما أعطاه الله !
الدَّرسُ الأوَّل :
هذا هو شأنُ النَّاسِ دوماً
إذا ترفعتَ عن ردِّ الإساءة، قالوا : جبان
وإذا تصدَّقتَ، قالوا : يُرائي
إذا صاحبتَ عالماً، قالوا : يتزلَّف
وإذا صافحتَ عاصياً، قالوا : هو مثله
إذا أحسنتَ إلى زوجتك، قالوا : خروف
إن لم تُجارِهم في المعصية، قالوا : مُتزمِّت
وإن لم تجارِهم في قبول الرَّشوة، قالوا : غشيم
إن تحجبتِ، قالوا : جاهلةٌ بالموضة
وإن غطيتِ وجهكِ، قالوا : تسترُ قبحها
إن أطعتِ زوجك، قالوا : ضعيفةُ الشَّخصيةِ
فكُنْ أنتَ ولا تسمح لهم أن يُغيِّروك
ولا تتنازلْ عن مبادئك لإرضائهم
لو تأملتَ حال الناس، لوجدتَ أكثرهم ليسوا راضين عن الله
فكيفَ يرضى النَّاسُ عن الناس ؟!
الدَّرسُ الثَّاني :
خُذْ بأيدي النَّاسِ إلى الله
وتذكَّرْ أنَّ الله سبحانه لم يُرسل الرُّسلَ إلا للعُصاة من خلقه !
فلو كانوا أهل طاعةٍ ما احتاجُوا إلى الرُّسل
حتى الشَّواذ منهم أرسلَ الله لهم نبياً
والذي قال: " أنا ربكم الأعلى" ، أرسل الله له رسولاً ليقول له " قولاً ليناً "
والذين قالوا : أنَّ الأصنامَ بنات الله
أرسل لهم صفوة خلقِه عليه الصَّلاة والسَّلام
فلا تنظرْ في ذنوبِ النَّاسِ كأنكَ ربّ
وانظرْ إليهم كأنكَ عبد
وإنَّ زكاة الهداية التي حباكَ الله إياها
أن تأخذ بأيديهم إلى الله
فما كان لك أن تهتدي بقوَّتك
ولكنه سبحانه منَّ عليك
فانظرْ في أهلِ المعصيةِ كما تنظرُ في أهل البلاء
وإنَّ المرضَ أهونَ من الضَّلال
فقد يكون رفعةً في الأجر، أمَّا الضَّلالُ فعاقبته وخيمة !
الدَّرسُ الثَّالث :
صحيح أننا أُمرنا أن نحكم على الأمور بظاهرها
ولكن كُنْ أذكى من أن تخدعكَ المظاهر
هناك عصاةٌ يحبون الله ورسوله
أكثر من كثيرين من تُجّار الدِّين الذين تعرفونهم
ولكن غلبتهم شهواتُهم، وتسلَّطتْ عليهم شياطينُهم
وقد روى البخاري من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه
أن رجلاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان اسمه عبد الله وكان يُلقب حماراً
وكان خفيف الظل، يُضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكان يشرب الخمر، فجلده النبيُّ صلى الله عليه وسلم مرَّةً وأخرى
وفي الثَّالثة قال رجل من القوم : اللهم العنه، ما أكثر ما يُؤتى به
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تلعنوه، فوالله ما علمتُ إلا أنه يحب الله ورسوله !
إنَّ القلوب أسرار لا يعلمها إلا خالقها
التي لا تتحجبُ ليستْ عاهرة
والذي يسمعُ الموسيقى لا يكره القرآن
وأنا لا أدافعُ عن العصاة ولا أبررُ لهم
إني أقول فقط : خذُوا بأيديهم إلى الله !
الدَّرسُ الرَّابع :
إنْ لم نعامل النَّاسَ بأخلاقٍ ولينٍ
فنحنُ نُقدِّمُ لهم نماذج سيئة عن المُتديِّنين
عندها لن يتركُوا معاصيهم ليكونوا متديِّنين قساة
إن لم نكن نماذج يُحتذى بها
فلا نلُمْ الناس لأنهم لا يريدون أن يكونوا مثلنا
فلا تُبغّضوا الله إلى خلقه !
مصافحةٌ ممن يرتادُ المساجد لتاركِ صلاةٍ
قد تحضره إلى المسجد !
وابتسامةٌ وكلمةٌ حلوة من محجبةٍ
قد تقودُ سافرةً إلى الحجاب !
كلمةٌ حُلوةٌ من طائعٍ قد تأتي بعاصٍ إلى الله !
وإن لم يُحدث هذا صدى في النَّاسِ يكفيكَ أجرُ الدَّعوة
تصدَّقَ صاحبنا على زانيةٍ، وعلى سارقٍ، وعلى غنيٍّ
فلم يقلْ له ربُّه
لو تصدَّقتَ على عفيفةٍ كان أولى
ولو تصدَّقتَ على أمينٍ كان أجدى
ولو تصدَّقتَ على فقيرٍ كان أنفع
ولكنه أرسل له رؤيا صالحة يخبرُه فيها أنه قَبِلَ صدقته
فالزَّانيةُ علَّها تترك زناها !
والسَّارقُ علَّه يترك سرقته !
والغنيُّ علَّه يقتدي بكَ !
من كتاب : مع النبيّ
للكاتب / أدهم شرقاوي. ❝ ⏤أدهم شرقاوي
❞ روى البخاريُّ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال :
قال رجلٌ لأتصدّقنَّ بصدقةٍ، فخرج بصدقتِه
فوضعها في يدِ سارقٍ
فأصبحُوا يتحدَّثون، تُصدِّقَ على سارق !
فقال: اللهم لكَ الحمد، لأتصدّقنَّ بصدقةٍ
فخرج بصدقته فوضعها في يدي زانيةٍ
فأصبحوا يتحدَّثون: تُصدِّقَ الليلة على زانية !
فقال: اللهم لكَ الحمد، لأتصدَّقنَّ بصدقةٍ
فخرج بصدقتِه فوضعها في يدي غنِيٍّ
فأصبحوا يتحدَّثون: تُصدِّقَ على غنيٍّ !
فقال: اللهم لك الحمد، على سارقٍ، وعلى زانيةٍ، وعلى غنيٍّ !
فأُتيَ، فقيل له :
أمّا صدقتكَ على سارقٍ فلعله أن يستعفَّ عن سرقته
وأما الزَّانيةُ فلعلها أن تستعفَّ عن زناها
وأما الغنيُّ فلعله يعتبرُ فينفقُ مما أعطاه الله !
الدَّرسُ الأوَّل :
هذا هو شأنُ النَّاسِ دوماً
إذا ترفعتَ عن ردِّ الإساءة، قالوا : جبان
وإذا تصدَّقتَ، قالوا : يُرائي
إذا صاحبتَ عالماً، قالوا : يتزلَّف
وإذا صافحتَ عاصياً، قالوا : هو مثله
إذا أحسنتَ إلى زوجتك، قالوا : خروف
إن لم تُجارِهم في المعصية، قالوا : مُتزمِّت
وإن لم تجارِهم في قبول الرَّشوة، قالوا : غشيم
إن تحجبتِ، قالوا : جاهلةٌ بالموضة
وإن غطيتِ وجهكِ، قالوا : تسترُ قبحها
إن أطعتِ زوجك، قالوا : ضعيفةُ الشَّخصيةِ
فكُنْ أنتَ ولا تسمح لهم أن يُغيِّروك
ولا تتنازلْ عن مبادئك لإرضائهم
لو تأملتَ حال الناس، لوجدتَ أكثرهم ليسوا راضين عن الله
فكيفَ يرضى النَّاسُ عن الناس ؟!
الدَّرسُ الثَّاني :
خُذْ بأيدي النَّاسِ إلى الله
وتذكَّرْ أنَّ الله سبحانه لم يُرسل الرُّسلَ إلا للعُصاة من خلقه !
فلو كانوا أهل طاعةٍ ما احتاجُوا إلى الرُّسل
حتى الشَّواذ منهم أرسلَ الله لهم نبياً
والذي قال: " أنا ربكم الأعلى" ، أرسل الله له رسولاً ليقول له " قولاً ليناً "
والذين قالوا : أنَّ الأصنامَ بنات الله
أرسل لهم صفوة خلقِه عليه الصَّلاة والسَّلام
فلا تنظرْ في ذنوبِ النَّاسِ كأنكَ ربّ
وانظرْ إليهم كأنكَ عبد
وإنَّ زكاة الهداية التي حباكَ الله إياها
أن تأخذ بأيديهم إلى الله
فما كان لك أن تهتدي بقوَّتك
ولكنه سبحانه منَّ عليك
فانظرْ في أهلِ المعصيةِ كما تنظرُ في أهل البلاء
وإنَّ المرضَ أهونَ من الضَّلال
فقد يكون رفعةً في الأجر، أمَّا الضَّلالُ فعاقبته وخيمة !
الدَّرسُ الثَّالث :
صحيح أننا أُمرنا أن نحكم على الأمور بظاهرها
ولكن كُنْ أذكى من أن تخدعكَ المظاهر
هناك عصاةٌ يحبون الله ورسوله
أكثر من كثيرين من تُجّار الدِّين الذين تعرفونهم
ولكن غلبتهم شهواتُهم، وتسلَّطتْ عليهم شياطينُهم
وقد روى البخاري من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه
أن رجلاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان اسمه عبد الله وكان يُلقب حماراً
وكان خفيف الظل، يُضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكان يشرب الخمر، فجلده النبيُّ صلى الله عليه وسلم مرَّةً وأخرى
وفي الثَّالثة قال رجل من القوم : اللهم العنه، ما أكثر ما يُؤتى به
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تلعنوه، فوالله ما علمتُ إلا أنه يحب الله ورسوله !
إنَّ القلوب أسرار لا يعلمها إلا خالقها
التي لا تتحجبُ ليستْ عاهرة
والذي يسمعُ الموسيقى لا يكره القرآن
وأنا لا أدافعُ عن العصاة ولا أبررُ لهم
إني أقول فقط : خذُوا بأيديهم إلى الله !
الدَّرسُ الرَّابع :
إنْ لم نعامل النَّاسَ بأخلاقٍ ولينٍ
فنحنُ نُقدِّمُ لهم نماذج سيئة عن المُتديِّنين
عندها لن يتركُوا معاصيهم ليكونوا متديِّنين قساة
إن لم نكن نماذج يُحتذى بها
فلا نلُمْ الناس لأنهم لا يريدون أن يكونوا مثلنا
فلا تُبغّضوا الله إلى خلقه !
مصافحةٌ ممن يرتادُ المساجد لتاركِ صلاةٍ
قد تحضره إلى المسجد !
وابتسامةٌ وكلمةٌ حلوة من محجبةٍ
قد تقودُ سافرةً إلى الحجاب !
كلمةٌ حُلوةٌ من طائعٍ قد تأتي بعاصٍ إلى الله !
وإن لم يُحدث هذا صدى في النَّاسِ يكفيكَ أجرُ الدَّعوة
تصدَّقَ صاحبنا على زانيةٍ، وعلى سارقٍ، وعلى غنيٍّ
فلم يقلْ له ربُّه
لو تصدَّقتَ على عفيفةٍ كان أولى
ولو تصدَّقتَ على أمينٍ كان أجدى
ولو تصدَّقتَ على فقيرٍ كان أنفع
ولكنه أرسل له رؤيا صالحة يخبرُه فيها أنه قَبِلَ صدقته
فالزَّانيةُ علَّها تترك زناها !
والسَّارقُ علَّه يترك سرقته !
والغنيُّ علَّه يقتدي بكَ !